كاتب الموضوع :
البرفسورة
المنتدى :
القصص المكتمله
الحلقهـ الرابــــ4ــــــعهـ0o
o0o0o0o0o
عبق أنثى يختلف
نادين
- اسكتي بئى خلينا نسمع ....
- يظهر البث انئطع يامو ..
- لا رجع البث اسكتي واسمعي منيح ... خلي هالناس يسمعوا بعد ..
- حاضر يامو ..
في المأوى الذي يحوي نادين و أمها تجلسان وبقية الجيران يستمعون للإذاعة
على الراديو ...
تبث الإذاعة الآن تقرير عن قصف صار في أراضي فلسطين المحتلة من قِبل المعتدين اليهود ...
مات فيه اثني عشر رجلاً وعدد الجرحى يتضاعف كل ساعة !!
في ساعات الفجر الأولى قدم الجيران ومعهم ( أم عبدو ) بالراديو الصغير
الذي تملكه ليسمعوا ما صار في فلسطين وكان أن اختاروا منزل أم نادين لأن الإرسال فيه جيد ...
يسمعون وهم سارحون بالحزن والأسى على حال شعبٌ كامل يحتضر ألاف المرات يومياً !!
انقطع البث فجأة ليتحرك الجيران دون أن ينطق أحدهم متوجهين إلى منازلهم ...
وأرى ( أم عبدو ) تخرج موليه دون أن تأخذ الراديو ، فتحمله غادة ابنتها وتتبعها به ....
نظرت إلى أمي التي تكونت طبقه ضبابية على عينيها حالت عني لون عينيها ونظرتهما الحالية !!
لأنها ما لبثت التفت إلي وهي ترمش بعينيها لتقع قطرات الندى برقة على خديها وتكون مسار تطول تجاويفه الداخلية ...
راودني شعور بأنها تبكي لألف سبب يختلف عن القصف الحالي في فلسطين !!
أشعر بها تبكي أبي ............
أتفعلين ذلك أماه !!!
لحظة ،
ماذا تخسر الأرملة في بداية ترملها ..
وفي كل مراحله حتى ..
أتخسر العلاقة الزوجية !!
أتخسر النفقة الملزوم بها الزوج !!
أتخسر دفئه بوجوده !
أم تفقد صوته وتصرفاته !
ماذا عن حمايته وخوفه عليها !
أي الأشياء تفقد ؟
أتخسر الحب !
أتخسر الرجل في عبقات الجدران !!
وما أهم ما تخسره بموته !!
أعرف ، تفقد الكثير .....
كما فقدت أمي بعد موت أو تطليق أبي لها !!
وكما سأخسر بفقدان عامر !!
o0o0o0o0o
...
المطر يبدأ بقطرة
' أم خالد '
صلت الفجر وقرأت سورة يس وهي تدعي ربها يرجع زوجها بالسلامة ...
وبعدين نزلت تبي تشوف خالد ...
- خـــالـــد .. خـــــــــــــــالـــــــد ... توني تاركته بالمطبخ مع احمد وين راح !!!
رجعت لغرفتها وهي تفكر أنها كانت بتقول له هو عن بطنها اللي ذابحها ، بس الظاهر خلاص راح لزوجته أسما ..
يعني اليوم من منظر بو خالد نسيت كل شي والله ، حتى ألمي .. مو بس إني أسأله عن العايلة بسوريا ...
يا بعدي يا محمد أشوفك مرة تعبان ما استحملت والله ...
يــا رب صبرني ورجعه لي سالم يـــــــا رب أنت الكريم الرحمن الرحيم ...
اندق باب غرفتها وقالت :
- ادخل ...
- هلا يما شلونك !؟
- أهلين أحمد حبيبي أنا بخير ، إلا بقولك بطني يا وليدي ذابحني كنت اليوم أبيك توديني الدكتور بس نسيت بعد ما شفت حالة أبوك ...
أحمد رد بخوف :
- شفيه بطنك يمه !!!
- ما أدري والله صار له مدة شاب علي ..
- معليه يمه أنا بشوف التحاليل وإن شاء الله ما فيك إلا العافية ...
- شحقه التحاليل أقول بطني تعورني أخاف الزايدة ، هذي تطلع
بتحاليلهم !!
- ايه يمه كل شي يطلع بهالتحاليل إن شاء الله لا تحاتين .. يمه أنا بروح أنام وبكرا بشوف تحاليلك .. تبي شي قبل لا أروح !!
- سلامتك يا ولدي روح ارتاح ..
بس وهو على باب غرفة أمه طالع جواله دق بنغمة خالد ولما رد عليه انفتحت عيونه على وسعها ولف على أمه يطالعها برعب .......
o0o0o0o0o
،،معزوفة الـــرحيل،،
هاهو الموت يزور صباحاتنا...
هاهو يسحقها بعنف..
فيختفي النور..
ويتلاشى الفرح..
وتتساقط آخر وريقات الياسمين..
لتعلن الحداد على قلوبنا المصعوقة..
موت قاسي..
يجتاح مخيلتنا..
يجتاح طفولتنا..
يجتاح حاضرنا ومستقبلنا..
موت قاسي..
يخطف تلك الضحكة المرتسمة بوقارعلى وجهٍ حنون..
يخطف تلك الملامح التي كستها الشعيرات البيضاء..
يخطفك..أبــــــي..
ويرحل بك إلى حيث اللاعودة...
ويتركني خلفك...
وقد فقدت قدرتي على إستيعاب ذالك الغياب..
لاأتخيل نهارًا لايحتويك..
سأعود لزمن الطفولة..سأقف على باب المدرسة..
فقد تعود لتأخذني..
سأتظاهربالمرض فقد تعود وتحملني للمستشفى..
سأجلس على مائدة الإفطار مبكرًا لعلي أسمع صوتك العذب حين يردد..
(ذهب الظمأ.. وابتلت العروق..وثبت الأجر بإذن الله)..
سأتظاهربالنوم فقد تعود لتوقظني للصلاة..
سأصرخ بأعلى صوتي..وأناديك..
علَّ صوتي يصلك فتركض لتمنع صراخ ألمي..
سأفعل كل شيء..
لعلك تعود..
ولكن يبدو أن صرخاتي تكسرت على أعتاب الرحيل..
ويبدو أن زمني وزمنك قد إفترقوا..
ورحلة الغياب قد بدأت تغزو قدري..
ومساحات الوجع بدأت تملأ ذاكرتي..
كيف لاوقد إجتاحتني تسونامية إفتقادك..
كيف لا وأنت من رحل..
أنت من غادر..ياسراج تفاصيلي وأيامي وذكرياتي..
لازلت أذكر أنك أخبرتني أن الوالدين بابان من
أبواب الجنة..
وهاهوأحدهم يغلق برحيلك..
أوااهٍ وكم سيترك ذاك الرحيل القاسي..
كم سيترك ذاك الموت..
صعدت روحك..ياأبي..
وصعدت معها أحلامي..وأفراحي..
وتبقى لي..روح تعزف الحزن..ألحانًا وأوجاعًا..
o0o0o0o0o
"كل نفس ذائقة الموت ..."
أحمد
.......................
-احمد ابوووي ماااااات !!
توقف قلبه عن الخفقان وحس فجأة كأن هوا الغرفة اختفى ..ناظر أمه
بنظرة هلع فقالت امه بخرعة :
-يما أحمد شفيك ؟! منو هذا ؟
تسارعت أنفاسه وطلع برا الغرفة وقال بصرخة وهو مو مصدق :
-خالد شفيك أنت شتقول؟ شقصدك بهالكلام؟
جاه صوت خالد المرتجف:
-خلاااص ياأحمد أبونااا ماااات ..صرنااا يتامي من بعـــــده
ياأحمـــد ابوي ماااااااااات ..
ساد صمت مخيف وقلبه توقف مرة ثانية ..أبوه مات ؟!!!
حس بغصة قوية بحلقه وهمس:
-مات ؟أبونا مات؟
أحمد بصوت خافت والدموع مغرقة عيونه:
-طيب أنا جايكم الحين..
سكر بسرعة من خالد ومشى للصالة وانهار جسمه على أقرب كرسي..حس بركبه ترتجف ..واهنة كأنها جلي ..والغصة بحلقه تزيد ..انهمرت الدموع من عيونه ..إنا لله وإنا إليه راجعون ..اللهم أجرني في مصيبتي واخلفلي خيرا منها ..الله يرحمه ويغمد روحه الجنة ..
فتح عيونه على صراخ وعد اللي توها طالعة من حجرتها:
-أحمد شفيـــــــــــك ؟أبوي فيه شي؟
مسح دموعه بسرعة وقال بهدوء :
-لا ما فيه شي..رجعي غرفتك ..
-أجل شفيييييييييك ؟؟!ما تقول شصاير؟
-تعبان شوية ..
-ما تشوف شر..
ابتسم لها ابتسامة أقرب للبكا فلفت بتروح لكن رجعت مرة ثانية:
-متأكد ما فيك شي؟راسك يعورك ؟تبي بندول؟
-لا مابي ..برتاح شوي ..
تفحصت وعد وجهه بشك بعدين رجعت غرفتها وبنفس اللحظة طلعت أمه تمشي
بتعب والرعب والقلق على وجهها:
-عسى ما شر يا وليدي؟شصاير أبوك صار فيه شي ؟
ناظرها أحمد بنظرة حزن ما تحتاج تفسير فصرخت أمه وهي ترتمي عليه
–تكلم يا ولدي شصار على ابوك؟لا تخش عني الله يخليك يا أحمد ..الله يخليك انطق!!
مسك أحمد أمه وهو خايف من ردة فعلها ..ياربي أصعب موقف صار لي بحياتي
..أنقل خبر موت أبوي لأمي ..ياربي شلون بقول لها ؟جرب تمهد لها
طيب؟اوهوووووووو ليش أنا أنقل لها ما أقدر أتحمل ردة فعلها ..
أحمد بصوت متكسر:
-يما ..أنتي أنسانة مؤمنة بقضاء ربي ..وعارفة أن .(تردد)..الموت حق و...
قاطعته أمه بصراخ منهار وهي تشد ثوبه بقوة :
-ليش تتكلم عن الموت ؟!اااااه يا يما لا تقولها الله يخليك لااااااااا!!
أحمد حس بخنقة :
-أمي ..عظم الله أجرك يا يما ..أبوي أنتقل للي هو أرحم مني ومنك..
انهارت أمه على الأرض فمسكها أحمد بصراخ :
-يماااااااا!!
ضمها لحضنه وهي تولول وتضرب خدها:
-بو خالد ..بوخالد يا حسرتي عليك يا بوخالد ..رحت وخليتني لحالي
..ارحم حالي يارب ..اااااااااه يا محمد ..
باس راسها :
-يما ما يجوز تسوين كذا بحالك ..الموت حق يا يما ..أبوي ارتاح من عذاب
المرض..ادعيله يا يما ..مالك غيرالدعاء ترى ينفعه ..
انفجرت الأم بالدموع وماقدر أحمد يتحمل صياحها وصاح وياها ..
-يمااااااااااا!!
صرخت وعد وهي ترتمي على أمها :
-أميييييييييي شفيك يا أمي والله قلبي حاس إنه صار شي ليه كذبت علي يا أحمد ليه ليه ؟!!
ضمت وعد امها المنهارة وقف أحمد وقال بحزم :
-وديها الحجرة ترتاح أنا لازم أروح الحين !
وطلع أحمد متجاهل صوت وعد وهي تناديه ..
طلع بخطوات متعثرة وسند جسمه على سيارته الكامري..أبوه مات خلاص
..صفحة وانطوت ..ركب سيارته وساق بسرعة والأفكار متجمدة بمخه ..حاول يتذكر شكل أبوه ماقدر ..يارب مسرع ما نسيت شكله ..
أول ما وصل المستشفى قفز من السيارة وركض على طول عند غرفة أبوه وفتح الباب ..
تجمد ..كان المنظر يوقف القلب ..سرير فاضي ..ومرتب ..
سرير كان أبوه قبل كم ساعة نايم عليه ..مشى أحمد ومرر يده على السرير ..
-لو سمحت ؟
التفت ولقى ممرضة تناظره بشفقة :
-أنت ..ولده؟
حرك راسه بألم دون ما يرد ..قالت الممرضة بتعاطف أكبر:
-عظم الله أجرك ..
-أجرنا وأجركم ..وينه ..أقدر أشوفه ؟
-أي نقلنا جثته هناك ..
أشرت فركض وكلمة وحدة تتردد في قلبه وتعذبه "نقلنا جثته " جثة
أبوه..أبوه صار مجرد جثة ..
ركض وطبعا شاف المنظر المتوقع سامر وخالد منهارين ..سامر يحاول يشوف أبوه والممرضين ماسكينه :
-صل عالنبي يا أخوي ..احنا بننقله لثلاجة الموتى ..لين يحين موعد الدفن .
وصرخ سامر:
-وخروا عني أبي أشوف أبوي ! لا تودونه الثلاجة حرام عليكم باردة عليه ..
تقدم أحمد بهدوء من سامر ..رفع سامر وجهه المحمروعيونه المتورمة ووجهه اللي الدموع مغرقته ..انحني أحمد وحضن سامر ..تردد سامر لأنه دايم كان في جفاف بينه وبين أحمد ..لكن مصابهم واحد ..واللي خسروه أبوهم كلهم
..وحضن أحمد وهو يبكي ..
حس أحمد إنه قاسي ..ليه ما يقدر يصرخ زي خالد وينهار ؟ليه ما يمزق ثوبه ويصرخ ابي أشوف أبوي؟ليه ؟هو يحب أبوه ..أكيد يحب أبوه ..بس هو من النوع اللي يتمزق داخله ..يبكي ويحترق داخله ..
مسك شعر سامر وقال :
-بس يا سامر خلاص ..لا تبكي ..لا تبكي ..
دف سامر أحمد بقسوة وقال بحقد :
-وخر عني..أبوي مات وتقول لي خلاص؟ أنت ما عندك أحساس ..ولا حتى دمعة
نزلت من عينك يالحجر؟
ناظره أحمد ببرود وقال بهدوء:
-بلى أكيد بكيت هذا أبوي ..بس الميت يتعذب لما نبكي عليه .."الميت يعذب ببكاء أهله عليه" هذا كلام الرسول..أنتوا تعذبونه لما تبكون عليه ..البكا ما بيرجعه ..
ناظر سامر أحمد بكراهية ووخر عنه ..تنهد أحمد وناظر خالد بشفقة شكله مو بوعيه .. سأل ممرضة هندية واقفة زي الناطور تتأمل خالد وسامر المنهارين :
-وينه أبوي؟
قالت الممرضة الهندية تثرثروهي تحرك راسها زي الهنود:
-هو في داكل كلاس اهنا بعد نوس ساعة ودي تلاجة ..انت يبغا سوف؟روه
داكل ..مافي يقأد واجد ..بعدين دكتور سوي جنجال ..
وأشرتله على غرفة ..دخل أحمد وحس بقشعريرة برودة ..الغرفة مظلمة وباردة ..وعلى طاولة جثة مغطية بغطا أبيض..قرب أحمد وذقنه يرتجف بالبكا وهمس وهو يرفع الغطا:
-يبا ..يبا رد علي ..بابا ..بابا ..أنا أحمد ولدك..
قالها كأنه طفل ..وأدرك بلحظة واستوعب أن أبوه راح ..وما بيرجع ..
من دون شعور انهمرت الدموع من عيونه تقطر على وجه أبوه الساكن ..كان لونه أبيض ..لمس خد أبوه ..كان بارد زي الثلج ..مع انه ما صار له مدة من فارق الحياة..
انحنى وباس راس أبوه وغطاه بهدوء..كل انسان مصيره الموت ..واحنا بنلحق أبوي ..ومرت على راسه بشكل مبهم أية كريمة "كل نفس ذائقة الموت
ونبلوكم بالشر والخير فتنة وإلينا ترجعون "..
مالك إلا الدعاء يا أحمد ..اللهم أرحم أبوي رحمة واسعة وأدخله فسيح جناتك وتغمده برحمتك.. اللهم ثبته عند السؤال ..اللهم نور له قبره ووسع مدخله وأنس وحشته ..واجعله قبره روضة من رياض الجنة لا حفرة من حفرة النار ..مسكين يا يبا ..بتروح للقبر لحالك ..يارب وسع له بقبره سبعين ذراع ..
ناظر أبوه بحزن ..صحيح مات ..بس ارتاح من عذاب مرضه ..ارتاح من هالدنيا وما فيها وراحت روحه عند ربي..
مسح دموعه وطلع ..
مسكه خالد أول ما طلع :
-أحمد ..أمي درت ؟
أحمد بأسى :
-أي درت ما قدرت أخبي عليها ..أنت دقيت علي وأنا عندها ..
-لازم نصلي عليه العصر يا أحمد ..ونبلغ الأهل والجميع ..
وخر عنه أحمد ومشى بالممر ..رن جواله بهاللحظة ..يا خوفي تكون أمي ولا مرام ولا وعد ..وشلون أبلغهم ..ماقدر ماقدر خل أحد غيري..
طلع جواله وانصدم لما لقى "حنين يتصل " ..
تردد ..هو صار له مدة يحقرها وما يرد عليها..بس حس إنه يبي يسمع أحد يواسيه ..وينسيه موت أبوه ..
رد :
-ألو؟
جاه الصوت الناعم :
-أحمــــــد؟!أخيــــــــــرا !! والله خفت عليك صار لي مدة أدق أدق بس ما ترد ..لدرجة إني اتصلت بوعد وحاولت استدرجها تقولي عن حالك ..خفت صار فيك شي يا أحمد..
أحمد بهدوء:
-ايوا صار شي..أبوي مات !
شهقت حنين بصدمة وصرخت مو مصدقة :
-أبوك مــــــــــــــــــات ؟ّّّّّّ!
سكت أحمد فقالت حنين بتعاطف حزين:
- إنا لله وإنا إليه راجعون ..عظم الله أجركم وغفر لميتكم ..
مارد أحمد فقالت بقلق:
-أحمد ؟شفيك ؟
تنهد بحرارة :
-مادري يا حنين ..أحس قلبي يتقطع داخلي ..أبي أصرخ أبي أعبر عن حزني عليه بس مو قادر أطلع اللي بداخلي ..مادري شفيني ..
-اوه أحمد يمكن من الصدمة ..
-مادري يا حنين ..خلاص مع السلامة ..
-انتظر !!
أحمد بحزم:
-لا يا حنين مافي مكالمات بيننا امسحي رقمي وأنا بمسح رقمك ..باي ..
وسكر بوجهها وحط جواله على الصامت وانهار جسمه على كرسي معدني جنب مريض ..
o0o0o0o0o
|