كاتب الموضوع :
البرفسورة
المنتدى :
القصص المكتمله
تناثر عنقود العنب
'أحمـــــــد'
تردد الدكتور وقال:
-بصراحة يا أستاذ أحمد أبوك صاحي ..لكن ..
أحمد بإصرار:
-اسمح لي أقابله الموضوع مهم مرة ..
تنهد الدكتور :
-دامك قلت الموضوع ضروري بخليك تقابله الحين ..بس حاول لا ترهقه وحدك ربع ساعة ..
رمق أحمد الدكتور بنظرة باردة بعدين مشى لحد غرفة أبوه ..
وقف عند الباب ..رفع المغلف وناظره ..تردد ..أبوي تعبان مرة ..وأنا أجيله الحين أناقشه بموضوع الورث؟ وش بيقول عني ؟أني أتمنى موته عشان أتولى الأملاك ؟
لا يا أحمد لا تفكر كذا ..أبوك داري انه بيموت قريب..داري..وأنا بحاول أكون رقيق ..بس ..ناظر الأوراق مرة ثانية ..أوهووووو يلا أدخل هذي فرصتك الوحيدة قبل لا تتدهور صحته حيل ..يلا يلا أدخل ..
مد يده لمقبض الباب ..وفتحه..
حس بخنقة بصدرة لما شاف حالة أبوه المتردية ..كان غارق بين الأغطية عيونه مغمضة ..جسمه نحيـــف كأنه هيكل عظمي ..بشرته مصفرة رمادية ..الشيب زاد وصار أكبر بعشر سنين عن عمره الحقيقي ..شفايفه بيضا جافة ..كان انسان يقترب من الموت بسرعة ..
مسكين يا يبا ..فكر أحمد بأسى وهو يدخل ويجلس على كرسي جنب السرير..
ناظر الأوراق بتردد..صدق إني ما أستحي على وجهي ..جايه وهو في أسوأ حال ..يارب شسوي أكلمه بالموضوع ولا أطلع وأنسى كل شي؟
لا يا أحمد ..أبوك يمكن يموت بكرا ولا بعده ..هذي فرصتك الوحيدة عشان تغير حياتك ..وراتبك التافه اللي ما يحقق طموحاتك ..الفلوس هذي بتخليك تسوي أحلى خطوبة وأحلى عرس لحنين ..توديها أي مكان تبي بالعالم ..تشتري أسهم ..ومشاريع وأراضي ..تشتري سيارة أكشخ من الكامري القرمبع مالت التكاسي اللي عندك ..لازم أحصل الأرض وكل شي..لازم ..وتغلب الجشع على شعوره بالشفقة لأبوه..
أحمد بهدوء:
-يبا ؟
فتح الأبو عيونه بصعوبة ..كانت مصفرة وعروقها طالعة ..همس بصوت متكسر زي أغصان الشجر:
-أحمد ؟
تحرك شعور قوي بالشفقة بقلب أحمد غصبا عنه وانحنى يضم أبوه :
-ما تشوف شر يا يبا ..ليته فيني ولا فيك ..
الأب بأسى :
-أنا خلاص يا أحمد مالي مكان بهالدنيا..أنا بروح وبترككم ..بترك أمك لحالها..بترك وعودة ومرام ..ما بشوفك عريس يا أحمد ما بشوف عيالك ..
عض أحمد شفايفه وقال :
-يبا الله يخليك لا تقول هالكلام ..رحمة ربي واسعة انت ما تدري..يمكن يكتب لك عمر ما عليك من الدكاترة ..
الأب بصوت تعبان منهك:
-ما أوصيك بأمك يا أحمد ..ما أوصيك بخوانك ..خواتك محتاجينك ..وعد ومرام وسامر محتاجينك تكون لهم أبو من بعدي ..حط وعد بعيونك ..تراها صغيرة وما تفهم شي..وسامر يا أحمد ..محتاج رجال يكون قدوته ..
ابتسم أحمد وهو يربت على يد أبوه :
-يبا وش قلنا؟..مابي أسمع منك هالكلام ..
-يا ولدي المرض فيني خطير ..أنا ..(وكح بشكل مثير للشفقة ) كح كح ..المرض اللي فيني معدي ..أنا كنت حاس و..أم خالد يا أحمد ..
أحمد بحزن :
-جابها خالد تسوي تحاليل ..وان شاء الله تكون بخير ومافيها هالمرض..
الأبو بإنهاك وشحوب :
-يا ولدي الدكتور قال إني ما بعيش أكثر من يومين ..جيب البنات عندي ..أبغى أشوف وعد ..أبغى أشوف مرام مرة ثانية ..وخالد وأسماء وبناتهم ..أبغى أشوف أميرة حبيبتي ..أبغاكم ..أبغى أسلم عليكم قبل لا أروح فوق عند ربي ..
عض أحمد شفايفه والدموع غرقت عيونه ..أبوه .. يبي يودعهم؟
ياربي شسوي أفتح موضوع الوصية ولا لا؟ما قدر أبوي..
- ان شاء الله نجيبهم كلهم بعد صلاة التراويح ..أنت لا تفكر يا يبا ولا تحاتي ..إلا أقول ..يبا أنت ..(وتردد ) ..كتبت ..وصية ؟
سكت أحمد وحس أنه حقير بسؤاله ..
كح الأبو بألم وقال بصوت واهن :
-أنا كاتب وصية من زمان يا ولدي ..ليتني أموت واخليكم تعيشون بعز من بعدي ...بس أملاكي قليلة وما فكرت أدخر كفاية ..سامحوني..
-يبا الله يخليك لا تقول كذا ..أنت كنت نعم الأبو ..وعمرنا ما اشتكينا من هالناحية ..بس..يبا أنت ..يعني وصيتني أهتم بخواني ..
-مالهم بالدينا بعدي غيرك وغير خالد ..بس خالد ملتهي بعايلته ..وأنت كل اللي عندهم ..
سكت أحمد ها يفتح الموضوع؟ خاف أبوه يعايره أو يعصب عليه ..لازم يفتح الموضوع بذكاء بدون ما يحسس أبوه أنه يبي مصلحته بس ..
قال أحمد بشكل عفوي:
-يبا أنا عندي أقتراح ..يعني ..طريقة تخليني أتدبر موضوع أملاكنا كلها ..يبا وش رايك تكتب لي توكيل بالتصرف بالأملاك ؟
الأبو بدهشة :
-توكيل بالأملاك ؟!ليه مو لازم ..يعني أخوانك حقوقهم بتتوزع عليهم بالتساوي ..ماله داعي التوكيل !
ازداد الشعور بالحقارة في نفس أحمد قاعد يناقش مع أبوه الورث من بعد موته؟!
أحمد يحاول يطمن أبوه :
-يبا أنا فكرت دام شغلي له دخل بالتجارة ..أني أمسك الأملاك والأراضي والعقار وأتاجر فيها ..والأرباح أدخلها بحساب أخواني شهرياً بالتساوي..عشان وقت ما أحتاجوا يلقون .. لأنك لو ما سويت كذا بتتفتت الأملاك ..وأخواني وخواتي ما بيعرفون يتصرفون بالورث ..ما أبيهم يلعبون بفلوسهم ..
الأبو بتردد :
-يا ولدي أنا واثق فيك وخوفك على مصلحة أخوانك ..بس ..يعني ..خالد كبير وما يحتاج تتولى عنه نصيبه ..مادري..
- يبا صدقني لو عطيتني توكيل يحق لي أتصرف بالأملاك والورث كل شي بيصير تمام ..وبكون أنا المسؤول أعطي كل واحد حقه بالتساوي ..لا تخاف ولا تحاتي يا يبا ..لان لو كل واحد تصرف بنصيبه ما بيحافظ عليه ..سامر مثلا بيصرفها على خرابيط أنت تعرفه يبا لا شغل ولا مشعلة ولا نسبة ترفع الراس ولما يجي الوقت اللي يحتاج فيه فلوس ما بيلقى ..خلني أنا أحافظ على كل شي ..يمكن يبي يتزوج بالمستقبل بعد ما يكون نفسه ..ولين يجي هذاك الوقت بكون أنا استثمرت فلوسه وصارت أضعاف المبلغ اللي كانت عليه ..وخالد ملتهي على قولك بعايلته ..وأنت تعرف المشاريع الفاشلة اللي سواها ..خالد مومال تجارة .. وبيصرف نصيبه كله على ترفيه عياله وزوجته ..خلها علي يا يبا..
سكت الأبو يفكر..كلام أحمد منطقي ..هو أخوهم وله تجارب بالتجارة ومشاريع ناجحة ..وبعد أم خالد ووعد ومرام و....يحتاجون حد يمسك عنهم نصيبهم ..ومتى ما أحتاجوا يعطيهم أحمد ..وكذا بيكون كل شي تمام
الأبو بقلق:
-يا ولدي كلامك دخل مخي بصراحة ..أنا أحس بالذنب لأني ما بترك شي لأم خالد وعيالي يخليهم يعيشون براحة وما يحتاجون للغريب..وأخاف من بعدي يضيعون فلوسهم ويحتاجون ..سامر ما عنده شهادة ولا شغل ..
أحمد بخبث:
-شلون يحتاجون وانا موجود ؟صدقني يا أبوي محد منهم بيحتاج دام راسي يشم الهوا..
الأبو هز راسه بسرعة وقال :
-بتصل بجاسم يجيب الأوراق و..
قاطعه أحمد :
-يبا معاي الأوراق !
ناظره الأبو بدهشة فحمر أحمد :
-جبتهم أحتياط يعني يمكن طلبتهم ..أو شي..
قال الأبو وشحوبه يزيد :
-عطني عطني أوقع ..
بلهفة طلع أحمد الأوراق وعطاهم أبوه ..وطلع من جيب ثوبه قلم حبر ..
الأبوه بوهن :
-وين أوقع؟
قلب أحمد بالأوراق وطلع كم ورقة وأشر على مساحة فاضية :
-يبا وقع هنا ..
راقب أحمد أبوه يوقع وهو يحس برعشة أخيـــــــرا !! بس كان نفس الوقت يحس بشعور ضايقه ..شعور بالنذالة ..أبوه مصدق أنه سوى هذا عشان مصلحة أخوانه..
وقع الأبو على كم ورقة ولما أنتهى سند راسه على المخدة اللي كان شحوبه يماثل شحوبها
|