كاتب الموضوع :
golya
المنتدى :
روايات احلام المكتوبة
كان الدكتور فان أليسون، المرشح الأخير، رائعا. فهو يتمتع بالعلم والذكاء وكل ما يخوله التصرف مع أي زبون تريد جين محادثته أو التأثير فيه. كما أنه يريد إنجاب الأولاد ويحب الطهو. وهو وسيم المظهر ويملك المال.
لماذا إذا شكرته على وقته وصافحته وأرسلته في طريقه؟
فأجابها صوت شرير ساخرliilas في رأسها: لأنه ممتاز وليس مناسبا
صدمها أن تسمع هذا الادعاء غير المنطقي يهمس في ذهنها. لا بد أنها مجنونة لتبعد فان أليسون! حتى أنها لم تزعج نفسها وتخضعه لامتحان العناق، ليس بسبب التجربة الرهيبة التي عانتها مع جيم إنما لأنها لم تجد الحماسة لذلك.
تسللت أفكارها مجددا إلى كول. لماذا لم تستطع أن ترى "منصب" الزوج سوى في عامل صيانة يجيد تحضير الشاي، ويتمتع بابتسامة ساحرة، تلحق به طيلة الوقت بطة مفتونة؟ ماذا حصل لخطتها؟
استندت إلى الباب الأمامي ودفنت وجهها في يديها كانت تخشى أنها تعلم، لكنها رفضت مواجهة الأمر. ألم يعلمها جنونها بطوني شيئا؟ ألم تكن تعرف أن من الجنون أن يتبع المرء قلبه بدلا من عقله؟ كول لا يتمتع بالمواصفات اللازمة لكي يكون زوجها، ولم يحصل على شهادة علمية. هو على الأرجح لا يملك golyaبذلة رسمية ولم يعقد يوما ربطة عنق
جاهدت لكي تستعيد قوتها وتستجمع أفكارها مذا ستفعل الآن؟
كانت بحاجة لإجلاء ذهنها، فقررت أن تتنزه على الشاطئ. ولن تكون بذلك تسعى وراء كول، فبعيد هرب جيم الليلة الماضية، غادر كول المنزل وافترضت جين أن لديه موعدا آخر. لذا فإن نزهتها على الشاطئ ستكون منفردة تماما.
شعرت بالعياء لفكرة أن يكون كول مع امرأة جديدة، فحاولت جاهدة أن تبعده عن تفكيرها، هو ورفيقة يومه. " فهو يجد من السهل جدا أن يبعدني عن تفكيره" هذا ما تمتمت به جين بأسى.
خرجت إلى الغرفة الخارجية وارتمت على الكرسي لكي تخلع حذاءها. وبعد أن وضعته جانبا، نزلت الدرج واتجهت إلى البوابة الحديدية. كانت تشعر بالإرهاق والتعب والإحباط. قلت لنفسها" أيتها الغبية! حصلت على المرشح المثالي لكنك تركته يرحل"
أخذت نفسا عميقا مشبعا بنسيم البحر وحاولت جاهدة ألا تبكي. شتمت نفسها لأنها فقدت التركيز كليا وشتمت كول لأنه زعزع ثقتها بنفسها وتدخل في مشروعها. لو لم يكن هنا، ولو لم تلتق به أبدا، لكانت الآن مع فان أليسون في تلك اللحظة بالذات، تخطط لزفافها.
بين فان الرجل الذي تحتاجه، وكول الرجل الذي تريده، وجدت جين نفسها ممزقة مدمّرة. وكانت مرهقة جدا، وغصت في الرمل واحتضنت ركبتيها وهي تحدق إلى البحر.
الخميس القادم موعدها مع ج.س بارينجر العظيم. ولكي تقدم له زوجها، عليها أن تجد أحدا في الحال. وسوف يكون عليها أن تجد أحدا قبل صباح الاثنين وإلا فإنها تحتاج إلى معجزة لكي تكون متزوجة بحلول ليلة الخميس
سمعت صوتا لم تسمعه من قليل. فرفعت رأسها ونظرت إلى مصدر الصوت، وأجفلت عند رؤيتها أحدا يخرج من الماء وأحست بأنها رأت هذا المشهد من قبل. إنه كول! ولكنه هذه المرة يرتدي ثوب السباحة الأسود، لحسن الحظ.
تفاجأت لأنه لم يخرج الليلة وشعرت بموجة من الارتياح. كرهت نفسها لإحساسها هذا، لكنها لم تستطع أن تلجم فرحتها.
كانت سعيدة جدا، بل مبتهجة لأنه لم يكن بصحبة امرأة أخرى. كاد يدوسها قبل أن يلحظ وجودها وقد عرفت ذلك من الطريقة التي توقف بها فجأة على بعد خطوتين منها
ـ كدت أدوسك!
وعندما نظرت إليه، تمنت لو أن ضوء القمر لا يظهر وسامته بهذا الشكل.
ـ ماذا تفعلين هنا؟
كانت كتفاه العريضتان تتحركان من كل نفس يأخذه، مظهرتين الجهد الذي بذله خلال السباحة. أخفضت ناظرها إلى الرمل وقالت:" شعرت فقط برغبة..."
لم تعرف كيف تنهي جملتها، فهو لا يهتم لمشاكلها وهي لديها ما يكفي من عزة النفس.
ـ شعرت فقط برغبة في الجلوس
ـ لا بد أن ثمة خطب ما، أليسliilas كذلك؟
لم تحبذ قدرته على الضرب على الوتر الحساس، لكنها اكتفت بالقول:" كل شيء على ما يرام. وإذا كنت جالسة في الظلام فلأنني أرغب بذلك. هل لديك مشكلة؟"
لم يجب على الفور لكنه لم يرحل كذلك:" فهمت"
أجفلت عندما جلس إلى جانبها وسألها:" إذا؟ ماذا نتج عن هذه المغامرة الطائشة؟ أفترض أنك مخطوبة الآن وهذه طريقتك في الإحتفال"
لم يكن مزاجها يسمح لها بتحمل هذه السخرية، فكذبت عليه:" نعم. نحن الباردات نحتفل بخطوبتنا بهذه الطريقة"
نظر إليها بتشكك:" ومن هو سعيد الحظ؟ الطويل النحيل أو المهووس أو البشوش؟"
نظرت إليه وخدّها لا يزال مستندا إلى ركبتيها:" لمعلوماتك، البشوش كما تسميه، طبيب ساحر وفاتن و...ممتاز
لم تستطع أن تبقي عينيها شاخصتين إليه مدة طويلة، فأشاحت بنظراتها وراحت تحدق إلى البحر
ـ إذا البشوش هو سعيد الحظ!
لماذا عليه أن يتدخل في كل هذا؟
ـ هذا ليس من شأنك!
كان صوت الأمواج المتكسرة وحده المسموع في لحظة الصمت الطويلة تلك، التي تبعت كلامها.
ـ لم أنت محبطة هكذا؟ لقد أحرزت نجاحا باهرا ويُفترض أن تهزئي بي وتفرحي لأنك ربحت الرهان
رمقته بنظرة سريعة، محاولة إخفاء يأسها عن نظراته المتفحصة
كانت تعابيره مظلمة وشعرت بأنها لمحت تعاطفا في عينيه.
تملكها فجأة الارتباك العاطفي نفسه الذي شعرت به خلالا الأسبوعين الماضيين، وإذ لم تعد قادرة على الكذب أو الاختباء وراء قناع من القوة، هزت رأسها وقالت بصوت مرتجف:" لم أختر أيا منهم"
شعرت بالإهانة، فمسحت بقفا يديها الدموع التي كادت تنسكب من عينيها، وأضافت بسرعة رافضة أن تدعه يسبر أغمار يأسها:" لكنني لم أستسلم بعد"
حاولت السيطرة على أعصابها، فأزالت الارتجاف من صوتها، إلا أنها لم تستطع النظر في عينيه.
ـ أنا واثقة من نفسي وأكيدة من أنني سأبلغ هدفي
ـ لست أفهم. إذا كان الطبيب ممتازا إلى هذا الحد، فما الذي جعلك ترفض'ينه؟
هزت رأسها، عاجزة عن صياغة جملة أو التكلم من دون أن تتلعثم.
ـ وجدتِ استغلال شخص آخر لمصالح شخصية أصعب مما توقعتِ؟
ـ لم أكن أنوي استغلال أحد! وطالما أنك ترفض فهم ذلك، فأنا لا أنوي أن أشرح لك شيئا.
في الواقع، إنها تفضل الموت على أن تعترف له بأن انجذابها إليه لعب دورا كبيرا في عرقلة مشروعها.
ـ إذا كنت تظنين أنه ما زال بإمكانك إيجاد زوج، فماذا تنوين أن تفعلي؟ التسول على الطرقات؟
رغم أن شجاعتها وثقتها بنفسها ممزقتان أشلاء، إلا أن سخريته جعلتها تستشيط غيظا:" إن كان علي أن أفعل ذلك، فسوف أفعله!"
راح يحدق إليها بصمت، فوجدت ذلك مخيفا ومثيرا في آن.
راقبها من دون أن يرف له جفن، فراعها أن تكون محط انتباهه إلى هذه الدرجة. استحواذها على اهتمام هذا الرجل غمرها بوهج غريب لم تشهده يوما.
هذا الاكتشاف أخافها رغم أنها رفضت الاستسلام لهذا الشعور.
حدقت إليه، مستدفئة بنظراته التي رأت فيهما مجددا لمحة تعاطف. وشعرت بالارتياح رغم أن ما لمحته قد يكون مجرد خدعة من الضوء الخافت. غريب كم أن رفقته الصامتة استطاعت أن تهدئها رغم أنها مغتاظة منه!
لامست فكرة غريبة ذهنها كما يلامس النسيم سطح المياه، وبالكاد استطاعت استيعابها. مرت الثواني والدقائق وعينا كول شاخصتان تماما إليها، فشعرت بفيض من الشجاعة يسري داخلها.
ـ هل تتزوج بي كول؟
ذهلت للهدوء الذي طرحت به السؤال. فبدا لها وكأنها فكرت جيدا بالمسألة ووجدتها معقولة تماما. ومع أنها لم تفكر بها مطلقا وتعرف أنها مستحيلة، إلا أن هذه الحقيقة لم تكن كافية لتلجم لسانها.
بقي صدى عرض الزواج الذي تقدمت به عالقا في الجو بينهما في وطأة الصمت المطبق. لم تستطع جين حتى أن تسمع صوت المياه، لشدة تركيزها على كول. ورغم أنها تعرف جوابه مسبقا ورأيه بها وبمشروعها الدنيء ذك، إلا أنها كانت مفعمة بالأمل والتوقع، أشبه بفتاة صغيرة تنتظر من أبيها أن يسمح لها بالذهاب إلى السيرك
طرفت عيناه، كمن صعق بما سمع لتوه وعلا العبوس جبينه.
ـ أنا أؤمن بالحب آنسة سانكروفت، وإن كنت أنت لا تؤمنين به.
قالت في سرها" أخشى أنني أحبك"
لم تشأ لذلك أن يكون صحيحا ولن تجرؤ على المجاهرة بالأمر، فاكتفت بنظرة سريعة ناحيته، مقاومة تأثير عينيه الساحرتين.
مر الوقت بطيئا جدا. انتلعت جين ريقها بصعوبة، وهي تفكر في أن النجاح لا بد أن يمر بالمخاطر. فسألته:" هل تقول إنك موافق؟"
هدر البحر من حولهما، فثارت أعصاب جين التي كانت تنتظر، مستعدة لسماع رفضه. ومرت الثواني طويلة لا تنتهي فلم تستطع منع نفسها من إطلاق تلك التنهيدة اليائسة.
ـ هل تقولين إنك تحبينني؟
بدا صوته عادي، مجردا من كل حماس، كما لو أنه يظهر لها مدى تفاهة عرضها المجرد بدوره من كل عاطفة.
آخر ما كانت تريد الإقرار به، وحتى التفكير فيه، هو حبها لكول. وبقيت يقاوم هذا الاحتمال، فهو لا يشبه بشيء الرجل الذي تريده زوجا لها. إنه مجرد عامل صيانة فظ، لا مستقبل له.
الإجابة عن سؤاله يجب أن تكون "لا" مدوية! ولكن للأسف، ما تشعر به في كل مرة يدخل فيها الغرفة أو يخرج من الماء على حين غرة، أقوى بكثير من أي شعور آخر ولا يمكن أن يكون سوى الحب.
بيد أن كبرياءها منعتها من كشف هذه الحقيقة المدمرة أمام رجل لا يقدرها، سواء في مهنتها أو كامرأة.
جاهدت لكي تبدو مقنعة، محاولة الحفاظ على كبريائها وقلبها، ووضعت يدها برقة على ذراعه:" اسمع كول، أنا... أثق بك وأحترمك"
انخفض نظره إلى يدها الموضوعة على ذراعه ثم عاد مجددا إلى وجهها:" تحترمينني؟"
ابتسم لها ببرودة لم تكسر الجدار الجليدي بينهما.
ـ سامحيني لكنني لا أصدقك. لا تنسي، أنا أعرف موقفك من الإجازات العلمية والشهادات العالية. قد تكونين يائسة ولكن ما تقولينه يصعب حتى على عامل صيانة متخلف أن يصدقه. http://www.liilas.com/vb3
ـ لا، لا.
شدت على ذراعه، محاولة تصحيح ما بدر منها من سوء تفكير.
ـ الكثير من الأشخاص لا يملكون شهادات جامعية وهم فقط يهتمون بالشؤون المنزلية ويمكنهم تماما التحدث مع رجال الأعمال بشكل لائق.
ارتفع حاجباه بذهول:" أتريدينني أن أكون " ربة منزل"؟"
هب الهواء محملا بعطره الرجولي المثير ممتزجا بمياه البحر المالحة التي كانت تقطر من جسمه. واقتران الرائحة بالمشهد جعل التفكير صعبا عليها وكان عليها أن تبقى صافية الذهن لو أرادت أن تقنع كول بوظيفة الزوج التي تعرضها عليه.
كانت تدرك تماما احتقاره لها، لكنها لم تشأ التراجع، فسارعت تقول له:" لم أقصد ذلك حرفيا ولكنك بارع في الشؤون المنزلية والطهو"
ثم نطقت بفكرة خطرت لها أثناء الحديث:" أنت تريد إنجاب الأولاد، أليس كذلك؟"
شد على فكه وكأنه لم يصدق أنها سألت ما سألته أو أنها حتى جادة. وبعد لحظة صمت طويلة، أجاب:" بلى أود إنجاب الأولاد"
شعرت بقشعريرة رهيبة، رافضة التعليق على ازدرائه الواضح.
ـ أرأيت؟ يمكننا أن نشكل ثنائيا جيدا، مع الاحترام والثقة...
قطب جبينه لكنها رفضت أن تسمع منه أي إجابة سلبية
ـ لا أنوي أن أتعرض للاستغلال لمجرد أن أساعدك في التقدم في مهنتك.
أخيرا نطق بذلك ويا ليته بقي صامتا فقد شعرت جين بصخر يطبق على قلبها. ماذا كانت تظن؟ كول لن يرضى أبدا بالزواج بها.
كانت مستنزفة جدا لكي تجادله، فاكتفت بإيماءة بسيطة. وحاولت قدر المستطاع أن تزيل هذه الفكرة من رأسها. وإذ شعرت بألم في صدغيها، أسندت خدها إلى ركبتيها وحدقت إليه:" أنت لا تحترمني، أليس كذلك؟"
نظرت جين إلى كول وفي عينيها شيء من الهشاشة، وشعر بانقباض في معدته وأحس بأنه لن ينسى الحزن الذي رآه في تلك العينين، ما دام حيا.
لم يستطع سلخ ناظريه عنها، فغضب من نفسه ومنها لأنها كانت تأسره. وقاوم مشاعره الرقيقة حيالها ورغبته القوية في ضمها إلى صدره، فهو عازم على ألا يقع ضحية الحب من طرف واحد، كما حصل مع أبيه.
لكن الخوف تملكه عندما رآها تعض شفتها السفلى والدموع في عينيها. تبا! ما الذي يفعله هنا؟ لماذا يصغي إليها؟
ـ أنا لا أحترم ما تقومين به. لكنني أتصور أنك جيدة في عملك
ولم يكن ذلك عبثيا. فبعد أن التقى الليلة الماضية بنائب رئيس الشركة الثاني وزوجته وقارن سيرته الذاتية بمؤهلات جنيفر سانكروفت وجدها أهلا لمنصب الرئاسة.
أردفت بقوة:" أنا لست جيدة وحسب في عملي، بل أنا بارعة"
لم يجب بل اكتفى بالتحديق إليها، متأثرا بالشغف الذي تكنه لعملها.
ـ أنت لا تفهم لما أريد زوجا قبل المقابلة مع مالك الشركة ولكنني سأخبرك في مطلق الأحوال. إنه لأمر مهين أن يرى المرء نفسه أفضل من سواه في أمر ما ورغم ذلك يقع الاختيار على شخص آخر بدلا منه، كما حصل معي منذ سنتين عندما عُين رئيس الشركة الأخير.
مررت يدها في شعرها بحركة عنيفة وهي تتابع كلامها غضبة:" أكاد أموت عندما أرى أنهم استبعدوني بسبب أمر تافه مثل وضعي العائلي!"
لقد قرأ سيرتها الذاتية وفرع أن مؤهلاتها ممتازة، لكنها لا تعرف أنه على علم بذلك. فبصفته عامل صيانة بسيط، لن يعرف شيئا عن مؤهلاتها ولن يهتم. ولكنه ج. س بارينجر وهو مهتم ويريد سماع تفسيرها.
ـ ما الذي يجعلك تظنين أنك مؤهلة أكثر من سواك؟
أجابته بتعبير متحجر:" لقد بنت الشركة سمعتها من خلال حل القضايا المالية والضرائبية وأنا في هذا المجال أبرع من أي شخص آخر، إنه اختصاصي. وإذا ما وصلت إلى سدة الرئاسة، فيمكن للشركة أن تنصف زبائنها وتحصّل حقوقهم. إن أيا من المرشحَين الآخرين لا يملك كفاءتي وشغفي ونجاحي في قسم الإرادات الداخلية. وأخيرا، حصولي على هذا المركز سيظهر للجميع أنني حصلت على ما أستحق. من البديهي أن يقدّر المرء على إنجازاته. أليس كذلك؟"
استشف من خلال عناقها أن في داخلها شغفا كبيرا، وهو الآن يرى هذا الشغف نسفه في عينيها الواسعتين والبراقتين ويسمعه في صوتها
ـ لديك قضية مهمة. لم لا تقولين لذلك االنذل العجوز ما قلته لي الآن، بدلا من اصطياد الأزواج؟
ـ قلت لك لماذا. لقد سبق واستُبعدت من قبل وكان التبرير الوحيد أنني شابة عازبة لا يمكنني أن أغير جنسي، ولكن...
ـ هدأ هراء! إذ كنت ممتازة كما تقولين في عملك، فسوف يتم اختيارك golyaوإلا عليك أن تقومي بشيء آخر.
ـ بالطبع هذا ما كنت أقوله لك منذ البداية ولكنك رفضت أن تصدقني
ـ ماذا؟ الزواج واكتشاف الحب من خلال المصالح والأهداف المتشابهة؟
نظرت إليه بانتصار:" نعم، لقد فهمت أخيرا!"
ـ أنا لم أفهم شيئا ولا أؤمن بذلك
ـ حسنا هذه مشكلتك وهي لا تهمني. ولكن لمعلوماتك، مهنتي استحوذت على وقتي كله، أنا..أنا أحب ما أقوم به ولكن عملي لا يحول دون رغبتي في نشاء أسرة خاصة بي لذا قررت أن أجد زوجا يساعدني في الحصول على الوظيفة التي أريد ومن ثم نتمكن من أن نؤسس أسرة.. وربما أن نغرم ببعضنا.
ـ لذ فكرت في وضع إعلان بحثا عن زوج
حدقت إليه ممتعضة:" أكان من الأفضل أن أجوب الشوارع وأترك عملي وأهمل واجباتي، لكي أجد زوجا؟"
وجد سؤالها منطقيا وهذا الأمر فاجأه. لكنه كان يلعب دور محامي الشيطان
ـ ففكرت أن تستبدلي حلا متطرفا بآخر؟
ـ إن وقتي ضيق ويستلزم هذه التدابير المتطرفة. علي أن أقلب الدنيا رأسا على عقب لكي أتمكن خلال ثلاثة أسابيع من العثور على رجل مناسب والزواج به.
ـ ربما تظلمين هذا الرجل والأولاد الذين سترزقين بهم، إذا كنت غارقة إلى هذا الحد في عملك. كيف تتوعين أن تحظي بحياة شخصية؟
قطبت حاجبيها" قلت لك، من خلال تحويل الشركة إلى جو عائلي"
ـ بعبارة أخرى، سيكون لديك وقت لعائلتك ولكن ليس لإيجاد زوج بشكل طبيعي؟
ـ ما هو الطبيعي؟ ثم من يهتم إذا لم تنجح هذه الفكرة!
ـ لكنها لم تنجح
هذا التعليق صعقها وجعلها تنكمش فجأة. فأبعدت عينيها عنه وأراحت ذقنها على ركبتيها وهي تحدق إلى الظلام الدامس وبعد صمت طويل، همست قائلة:" كان بإمكانها أن تنجح"
سمع همسها وتساءل عما تقصده:" عفوا؟"
هزت رأسها:" لا شيء. لا تهتم!"
نظر إليها ولاحظ تغير تعابيرها من التحدي إلى الهزيمة وشعر بأنه المسؤول عن ذلك.
ضغطت كلتي يديها على عينيها وكأنهما تحرقانها لشدة التعب. وبعد لحظة استدارت نحوه
ـ يمكنك أن تحصل على الطلاق
قالت ذلك بهدوء بالغ، فلم يكن واثقا مما سمع
ـ ماذا؟
أخذت نفس مرتجفا وكررت:" يمكنك أن تحصل على الطلاق. أعرف أنك تولي الحب أهمية كبيرة لذا.. لن أطلب منك أن تبقى معي للأبد. أسدني فقط هذا المعروف، لفترة وجيزة ليس إلا. لن أسألك حتى أن تكف عن مواعدة نساء أخريات. لست مضطرا لإعلان زواجنا. يمكنه أن يكون فقط حبرا على ورق. وبوسعك إنهاءه متى شئت بعد يوم الخميس القادم"
ازداد صوتها إقناعا واتسعت عيناها توسلا وأما فبدتا على وشك ابتلاعه.
ـ رافقني إلى المقابلة مع ج.س بارينجر ساعدني لأظهر له أنني امرأة مستقرة ولدي زوج يحميني. دعه يرى أنني تقليدية وجيدة بما يكفي حتى بالنسبة لى عجوز متزمت.
عجوز متزمت! ماذا ستفعل عندما تعرف أنها تطلب أن تكون زوجة العجوز المتزمت؟
ـ ظننتك قلت إن هذه فرصتك الأخيرة لتؤسسي عائلة. وزواجي المؤقت بك سيحرمك مما تريدين. أليس كذلك؟
تجهم وجهها يأسا" هذا لم يكن ما خططت له، لكن الجميع يظن أنني في شهر العسل"
ثم نظرت إلى السماء:" على الأقل وأحصل على الوظيفة التي أستحق، وسأكون في مركز أفضل يخولني تأمين الظروف اللازمة للعمل وإنصاف الزبائن"
وللحظة فكر، لا بل تمنى... لكنه سرعان ما نبذ تلك الحماقة. تمنى ألا تكون من النساء اللواتي ينحدرن إلى هذا المستوى من الدناءة، فاتخذ قرارا هو على الأرجح قرار أحمق. لم يكن ذهن صافيا تماما فتلك العينين الحزينتين تؤثران على سلامة تفكيره.
ـ حسنا آنسة سانكروفت!
قال ذلك، شاعرا بأنه خارج الموضوع تماما، وكأنه ينظر إلى شخص غريب يشبهه إنما يتصرف بشكل غريب أيضا.
ـ سوف أتزوجك... على الورق فقط... ولفترة وجيزة. وسأرافقك لتقابلي ذلك النذل العجوز.
حدقت بعينين واسعتين براقتين وشملت بنظراتها ذلك الرجل المصمم على " عدم الاقتراب" منها. جالت نظراته على وجهها وعلى تينك العينين الساحرتين ثم أكملت طريقها لتشمل جسمها كله من رأسها حتى أخمص قدميها.
نهض من مكانه وقد أدرك أن من الأفضل ترك مسافة بينهما.
ـ لن أكون هنا في نهاية هذا الأسبوع.
تمتم بذلك وقد أراد إجلاء أفكاره. ربما عليه الابتعاد قليلا وتغيير الجو. ثم إذا كان ينوي الزواج بجنيفر سانكروفت وصفته "كول" فهو يحتاج إلى هوية مزيفة. صحيح أن لديه معارف كثيرين ولكن ذلك سيتطلب بعض الوقت.
ـ وافيني إلى محكمة البلدة يوم الاثنين عند الساعة الحادية عشرة.
حدقت إليه بعينيها الواسعتين الآسرتين وفتحت فمها لتتكلم ولكن قبل أن تنبس ببنت شفة، قال:" تبا يا امرأة! إذا شكرتني، فسأغير رأيي"
http://www.liilas.com/vb3
|