كاتب الموضوع :
golya
المنتدى :
روايات احلام المكتوبة
http://www.liilas.com/vb3
جلس كول إلى مائدة المطبخ في بيته الصغير المؤلف من غرفتين وراح يحدق إلى فنجان القهوة وقد فرغ نصفه. لم يستطع أن يبعد تفكيره عن الليلة الفائتة وتصرفه الجنوني. ما الذي دفعه للعودة إلى ذلك الشاطئ؟ لماذا اقترب من جين وعانقها؟
جددت الذكرى تلك المشاعر فيه، فوضع الفنجان بعنف على الطاولة كابحا الأحاسيس التي تملكته
جافاه النوم طيلة الليل وراح يشتم نفسه ويتساءل عما دهاه ليقول لجين إن عناقها بحاجة إلى التمرين، فقد كان من الروعة بحيث يمكنها أن تعطي محاضرات في هذا المجال. أحس بالذنب وأمضى ساعات يتصارع مع عقله ويتكهن بالسبب الذي جعله ينطق بكذبة كهذه. ولم يعثر على الجواب إلا قرابة الفجر...، كان ذلك golya مجرد محاولة لوضع مسافة بينه وبين امرأة مخططة، شعر بانجذاب غريب وقوي نحوها
لقد عانقها، فأرسل عناقها نارا آكلة في كل عصب من جسمه، لكنه سرعان ما تذكر حب والده لأمه، ذلك الحب الذي لا أمل منه، فشعر بالانكماش والرفض. شعر وكأنه بحار غرقت سفينته. لم يؤثر فيه عناق أي امرأة كما حدث معه اليوم... أو بالأحرى لم يؤثر فيه أي عناق إطلاقا.
لم لا تزال ذكرى جنيفر سانكروفت في ذهنه؟ ولماذا ترفض تلك المشاعر التي أحسها معها أن تتلاشى؟ كان ذلك لغزا مربكا
ولكي يبعد تفكيره عن عناق امرأة ما كان يجدر به أن ينجذب إليها، فتح الكمبيوتر المحمول وقرر أن يعمل على تحليل الجداول الخاصة بنواب الرئيس الثلاثة في شركة دالاس للمحاسبة. كان قد أنهى الجدول الأول العائد لملفين سيلز، نائب الرئيس الذي تناول العشاء معه ومع زوجته ليلة الخميس، وهو رجل ذكي وهادئ وجاد. ثم انتقل إلى جدول جنيفر سانكروفت. وكان قد دون في قائمة " المشاكل المحتملة" أنها عملية جدا، لا تثق بغرائزها ومجردة من العاطفة
مجردة من العاطفة؟ بعد ذلك العناق؟
أطلق شتيمة خافتة ما باله لا ينسى ذلك العناق!
أخذ رشفة من قهوته الباردة ثم كتب" مهووسة بمهنتها"
هل ذلك سيء؟ ما كان ليكتب ذلك عن ميلفين لو كان عازبا؟ فملفين لديه زوجة تهتم بأولاده الثلاثة بينما يعمل هو أربعين إلى ستين ساعة في الأسبوع ويسافر لحضور الاجتماعات والمؤتمرات. محا ما كتبه ودون في الخانة:" تهتم كثيرا للحيوانات"
لم يكن لذلك علاقة بالعمل ولم يدونه حتى في الخانة المناسبة ولكن منظرها على الشاطئ وهي تحمل تلك البطة المرتبكة، جعله يبتسم. لقد كانت خائفة جدا ولكنها مصممة تماما على المساعدة وهذا دليل شجاعة، وهو أمر ضروري لأي قائد صالح.
ثم كتب "تطهو الروستو بشكل ممتاز" ربما لم تقر بأنها ماهرة في الطهو وربما لم تكن تطهو كثيرا ولكن ما حضرته كان جيدا
فقد بدا من الواضح أنها تنشد الكمال في ما تفعله ولا تدعي شيئا تجهله هل هذا نقص؟ وهل عليه أن يدونه في خانة الحسنات أو خانة السيئار؟ الم يكن هو مثلها من نواح كثيرة؟
"فتاة ظريفة" استند إلى الخلف في كرسيه وراح يحدق في الكلمتين اللتين طبعهما مذا دهاه؟ وإذ غضب من نفسه لهذا التعليق الغريب غير المحترف، محاه في الحال
هل فقد صوابه؟
عليه أن يعود إلى العمل: عليه أن يقيم الإيجابيات والسلبيات، لا أن يفكر في الحب
أكمل الطبع على الكمبيوتر "ابتسامة لطيفة". تبا! ما خطبه اليوم؟ هل ابتعاده عن النساء في الفترة الأخيرة وتفاجؤه برقة عناقها قضيا على سلامة تفكيره؟
من الأفضل ألا يكون ذلك حبا. حب؟ من أين جاءته هذه الفكرة؟ ما يشعر به لا يمكن أن يكون حبا. هو لا ينوي إطلاقا أن يهب قلبه لامرأة أنانية لا تهتم سوى بمصلحتها الشخصية
لو كانت الآنسة سانكروفت تعلم أنه ج.س بارينجر العجوز، لارتمت في أحضانه في الحال، فهو يعرف كيف تتصرف أمثلها من النساء، ورغم أن فكرة وجودها في حضنه أطلقت في كيانه رعشة لم يكن يرغب فيها، الا أنه لم يكن ينوي أن يمشي على خطى والده ويقترف الخطأ الذي ارتكبه قبله
قرع على الباب سرقه من أفكاره، فنظر مجفلا إلى ساعة يده. إنها الثامنة صباحا، واليوم نهار السبت
ـ مهلا لحظة!
هتف بذلك وقد بدا انزعاجه من أفكاره المشوشة واضحا جدا. هز رأسه، محاولا تبديد مزاجه السيء، ففي النهاية لا تستحق جنيفر سانكروفت منه كل ذلك التفكير
ـ من الطارق؟
-هذه أنا!
عبس وهو يحدق إلى الباب، وبعد لحظة من التردد، أغلق جهاز الكمبيوتر وغطاه بالصحيفة ثم نهض من مكانه واجتاز الغرفة ليفتح الباب
كانت تقف هناك قلقة وقد سرحت شعرها بيدها وأقفلت الزر الأعلى من قميصها باليد الأخرى
ـ أنا في ورطة
قالت ذلك وقد بدت مضطربة
ـ يبدو أن روثي أعطت أحدهم موعدا اليوم. أتى رجل للتو وكنت لا أزال في ثياب النوم. استأذنت منه لآتي إلى هنا و...علي أن أجري المقابلة، لكن..لكن أفضل ألا أكون بمفردي
مررت يدها بعنف في شعرها، فسقط منه المشبك وعندما انحنت لتلتقطه، كان كول قد سبقها إليه، واستقاما سويا في وقفتهما ليعيد إليها المشبك بعد ذلك
ـ شكرا!
تمتمت بذلك محاولة ألا تلتقي بنظراته. فعرف أنها تتجنب عينيه، ذلك أنها حتى تلك اللحظة لم تنظر مرة إلى وجهه. ولكن هل يمكنه أن يلومها؟ فبقدر ما عذبته ملاحظاته المزعجة عن عناقها، بقدر ما طعنتها في الصميم. وهو بذلك يدين لها باعتذار
ـ علي العودة. هل ستساعدني أم لا؟
شعر بأنه نذل حقير، فأومأ موافقا:" بالطبع! سأحضر العدة
لمحة الارتياح التي غيرت ملامحها أثرت فيه أكثر مما يجب
ـ شكرا
قالت ذلك وقد نظرت أخيرا في عينيه لكن تلك اللحظة كانت سريعة فما لبثت أن استدارت وتوجهت إلى الشرفة عائدة من حيث أتت، لكنها سرعان ما نظرت مجددا إلى الخلف مترددة:" ما كنت لأطلب منك ذلك لو وجدت أمامي حلا آخر
دس يديه في جيبي بنطلونه الأماميتين وقال:" اسمعي جين.. أنا آسف وشأن التعليق الذي قلته بشأن..."
ـ من حقك أن تبدي رأيك
قاطعته لتقول ذلك بعينين قلقتين جعلتاه يشعر بأنه ابتلع زجاجا مسحوقا
ـ نعم لكن..
انغلاق الباب ورؤيتها تبتعد جعلاه يدرك بأنها لا تنوي مناقشة الموضوع. جنيفر سانكروفت امرأة فريدة ومحبطة
أطلق شتيمة خافتة، واستدار ليبحث عن عدته.
دخلت جين غرفة الجلوس لتوافي ذلك الرجل الذي زارها في وقت غير متوقع.
ـ سيد ماك دوموت. أنا آسفة، فمساعدتي اضطرت للرحيل فجأة ولم أكن أعرف أنها أعطت مواعيد خلال العطلة الأسبوعية
أدعى ماك دونيت، كيفين ماك دونيت!
صحح لها الاسم وهو ينظر من فوق كتفه إليها لم يكن يبتسم شأنه شأن كل من سبقه، وانزعاجه زاد من ثقتها بنفسها
ـ نعم سيد ماك دونيت بالطبع
جلست على الكرسي، محاولة أن تبعد تفكيرها عن كول. فالتأمل في بتصرفها الوضيع في الأمس معه كان يقضي على تماسكها
بدأت تدرك على مضض بأن ما تحبه في الرجل ليس الشيء نفسه الذي تحتاجه، وكان كول مصيبا عندما نبهها إلى أن الرجال الناجحين لن يقبلوا بمشروعها هذا ولن يوافق معها سوى أقلهم حظا ونجاحا، وهم أشخاص لم تكن لهم أي احترام
مع ذلك، كانت تأمل بأن تجد شخصا، أو ثلاثة أشخاص مناسبين وموافقين قبل مساء الثلاثاء، وهو الموعد الأخير الذي حددته للجولة الأولى من المقابلات أما أيام الأربعاء والخميس والجمعة من الأسبوع التالي، فكانت مخصصة لإجراء مقابلات معمقة مع الرجال الثلاثة الدين بلغوا التصفيات
ـ نعم، أظنني مهتم بالأمر. فأنا في الواقع أفكر في الاستقرار.
أجفلت جين عند سماع ذلك وقد كانت مستغرقة في أفكارها:" عفوا؟". رفعت جين نظرها إلى المتحدث. في البداية، شعرت بفراغ في ذهنها رافضة أن تستوعب ما قاله. بدا لها أنها لمحت في عينيه شيئا من الاهتمام، لم تره لدى الآخرين. فأحست باضطراب شديد وغثيان لم تستطع وصفه، فابتلعت ريقها بصعوبة.
انفتح الباب الأمامي فتحول نظر جين تلقائيا نحو كول الذي دخل وغلق الباب خلفه. كان عاري الصدر وعلى خصره حزام العدة. وكانت كل حركة منه تسبب باحتكاك الأدوات التي يحملها، فبدا لها رجلا قويا ينضح رجولة. شخصت نظراته لحظة إليها، فشعرت بالحرارة تغزو جسمها، ثم حول بصره إلى الرجل الجالس برفقتها
ـ آسف على التطفل!
حدق السيد ماك دونيت بكول من فوق كتفه، وأجلى صوته وبدا واضحا أنه تشنج فجأة
كانت جين منزعجة ومتألمة لما حصل في الأمس، لدرجة أنها أرادت أن تكره كول. ولكن ما أن دخل حتى وجدت صعوبة في التقاط أنفاسها. كما أن الجو المتوتر الذي ساد في الغرفة أصابها بالدوار، وكل ما أمكنها فعله هو الجلوس هناك، مشتتة الأفكار، منزعجة لضيق نفسها
ـ من.. من هذا؟
سألها ماك دونيت ذلك بصوت يشوبه القلق، فأجابته بلهجة مرتجفة:" لا تقلق كيفن! إنه فقط عامل الصيانة"
وبنظرة مكرهة نحو كول، قالت له :"تفضل لن يزعجنا"
تمنت فقط لو كان ذلك صحيحا فهو فعلا يزعجها حتى أن ملاحظته القاسية في الليلة الفائتة لم تقلل شيئا من سحره وجاذبيته
ـ نعم سيدتي
وعندما استدار كيفن مجددا نحو كول، هدده بصمت كما لو أنه يقول له حذار أن تقترب منها
ـ مرحبا!
ألقى كيفن التحية على كول الذي أومأ له مكشرا قبل أن يتجه إلى مؤخرة المنزل. وقبل أن يختفي، أضاف بوضوح:" نادني إذا احتجت لأي شيء آنسة سانكروفت"
عندما نظر كيفن مجددا إلى جين، بدا متوترا ويبدو أن اقتباس كول دور طرازان قد فعل فعله
شعرت بالأمان بفضل تمثيلية كول، فشبكت ساقيها وركزت على الرجل الجاد الجالس إزاءها
ـ اعذرني على المقاطعة ولكنني امرأة تهتم كثيرا بحسن إدارة الوقت. ولو أن رأيت شيئا يجب أن ينفذ، فإنني لا أؤجله بأي شكل، حتى ولو سبب ذلك بعض الإزعاج
أومأ ماك دونيت وقد بدا أقل توترا بعد رحيل كول:" أنت محقة"
قال ذلك ثم مال إلى الأمام ووضع يديه على ركبتيه وراح تخبرها عن عمله كمدير في مركز دالاس التجاري. سمعت جين بعض النتف من الحديث وكلمات مثل "تسويق" و "حاجات موسمية". فخشيت أن تكون قد سهت عن الموضوع، لذلك اكتفت بالابتسام http://www.liilas.com/vb3
ـ هذا مثير للاهتمام!
قالت ذلك فأزعجها أن تتذكر ما قاله كول على هذه العبارة. غير أنها نبذت تلك الذكرى من ذهنها وحاولت التركيز
ـ أخبرني عن نفسك، كيفن، عن هواياتك واهتماماتك
بادرته بهذا الطلب وهي تجاهد لكي تبقي أفكارها مركزة مع هذا الرجل فهو في النهاية لا يزال في ضيافتها ويبدو مهتما
لم يكن سيء الشكل.. طويل القامة، نحيل الجسم، وبني الشعر. أنفه رفيع وابتسامته لطيفة رغم أنها ليست مرحة، ربما بسبب اضطرابه. أشفقت جين عليه وحاولت أن تجده جذابا
كان لا يزال يتكلم عندما دق جرس الباب عريس آخر؟ تنهدت جين مكتئبة، إذ خشيت أن تكون روثي قد أعطت مواعيد طيلة النهار
مدت يدها لكيفن وسألته ن كان مهتما بالعودة مجددا من أجل مقابلة أكثر تفصيلا نهار الأربعاء القادم. وعندما وافق على اقتراحها، رافقته إلى الباب، شارحة له أن اللقاء الأخير سيستغرق وقتا أطول.
وعندما غادر، استقبلت جين الرجل الثاني، محاولة أن تبدو سعيدة. فعلى الأقل، انتقل رجل إلى مرحلة التصفيات، رغم أنها لم تكن فرحة تماما، إنه ذكي وحسن الشكل، يود الاستقرار والإنجاب ولم يكن لديه أي مشكلة في أن تكون المرأة هي المعيل الأساسي في المنزل وكل تلك النقاط كانت تعمل لصالحه.
ولكن من المؤسف أنها لم تشعر بأي انجذاب نحوه
عند الساعة الخامسة من بعد الظهر، انتهت المقابلات. ونظرا لاقتراب انتهاء المهلة، شعرت جين بالاضطراب والتعب وعدم التركيز. كان كيفن ماك دونيت، أول الذين قابلتهم اليوم،golya أفضل مرشح حتى الآن. ولكنها لسبب ما، لم تكن سعيدة كثيرا بوصول أحد إلى مرحلة التصفيات
عند رحيل آخر رجل لليوم، غادر كول المنزل. فراقبته جين يبتعد وهي تشعر بمزيج من الارتياح والكآبة، لكنها لم تشأ أن تحلل ذلك. كان الإرهاق يتملكها، فأعدت سندويشا من فضلات الروستو الذي حضرته في اليوم السابق ووقفت أمام مائدة المطبخ، تأكل بغير شهية. لاحظت أن شريط الأوبرا الفرنسية لا يزال أمام آلة التسجيل، فوضعته في الجهاز. وعندما أنهت طعامها، ملأ الصوت الأوبرا لي سكون المكان. بعد ذلك وضعت كوبها وصحنها في الجلاية الكهربائية وصعدت إلى الطبق العلوي لتستحم وتخلد إلى النوم
لكن أملها في الحصول على ليلة هانئة حالمة كان ضئيلا جدا.
انتهت أغاني الشريط، فبدأ مجددا وبدا أنها ضغطت على زر التكرار من دون انتباه.
وتماما كما خشيت، لم تجد إلى النوم سبيلا، لا سيما وأن تلك الموسيقى الفرنسية راحت تتكرر وتتكرر، مذكرة إياها بصوت كول. لماذا لم تستطع النزول إلى المطبخ لتطفئها؟
يوم الأحد بعد الفطور، كانت مرهقة والسواد باديا تحت عينيها. أخذت دفتر الملاحظات وراحت تراجعه، راجية أن تكون قد أغفلت عن رجل يرضى بعرضها واستوفى شروطها
وبعد ساعتين من التدقيق والتمحيص في تلك المعلومات المفصلة التي دونتها، اعترفت بأنها لم تمر مرور الكرام على أي من المتقدمين "للوظيفة" ولم تغفل عن أي منهم
أعادت الأوراق المخيبة للآمال إلى حقيبتها وقررت أن تأخذ قسطا من الراحة
كانت بحاجة إلى الراحة وللقيام بنشاطات تعيد إليها حيويتها، فلا يزال أمامها يومان كاملان من المقابلات وعليها أن تكون واعية ومرتاحة ومركزة
ـ يا رب امنحني بعض الخيارات!
تمتمت بذلك وهي تنظر إلى السماء، في الأمس، بدا لها كيفن ماك دونيت خيارا جيدا. ولكن الآن، فكرة الزواج منه ترعبها جدا، فأملت أن تكون ردة فعلها هذه نتيجة طبيعية للإرهاق الذي تعانيه وإذ اتخذت قرارها ارتدت البكيني الزهري اللون، ولو كان كول على الشاطئ، فإنه لن يستطيع أن يتجاهل تلك الآنسة الزهرية
ـ لن أدعه يسيطر على عواطفي وانفعالاتي!
خرجت من المنزل ونزلت الدرج شامخة الرأس، لم تشأ أن يرى كول في وقفتها أي لمحة خوف أو ارتباك
حاولت أن تحدد مكانه بطرف عينها لكنها لم تجده. أفضل!
واتجهت ناحية البوابة الحديدية وهي تفكر بالاسترخاء والسباحة تحت أشعة الشمس
بعد لحظات، كانت جين متمددة على بطنها تلتقط أشعة الشمس خيوطا ذهبية دافئة. أغمضت عينيها واسترسلت في الإصغاء إلى صوت الأمواج وقد تملكها النعاس، وهل هذا غريب؟ فهي لم تنم إلا لحظات متقطعة منذ جاءت إلى هذا المكان منذ أسبوع تقريبا
وذنب من هذا؟ دفنت وجهها في ذراعها، محاولة إبعاد تفكيرها عن كول وتركيزه على الشمس الدافئة وصوت المياه المنعشة
سمعت جين صوت بطة فأجفلت وتفاجأت لأنها غطت في النوم
ـ أنا آسف!
عرفت على الفور هذا الصوت الذكوري وأدركت من مصدره أن كول يقف فوقها تماما. اعتذاره الهادئ أربكها "على ماذا؟" واستدارت لتحدق إليه
ـ لقد أيقظتك البطة. رأيتك تقفزين من مكانك.
كان يرتدي ثيابا أقل من العادة، اقتصرت على سروال أسود قصير وكانت بشرته تلمع بللا، وهذا المظهر كان فعلا مثيرا للارتباك.
تسارعت خفقات قلبها، فغضبت من نفسها لتجاوبها، وفي خطوة منها للدفاع عن النفس، أغمضت عينيها واستدارت ناحية البحر.
ـ إذا رحلت أنت وبطتك، فيمكنني النوم مجددا.
ـ هل وضعت على جسمك كريما واقيا من الشمس؟
ـ بالطبع، فبغض النظر عما تظنه، أنا لست غبية
ـ بشرتك فاتحة اللون. احترسي.
ـ شكرا أمي
تعالى زعيق البطة مجددا في الهواء، فقالت جين:" أنا لا أتكلم معك أيتها البطة، بل مع تلك الإوزة الكبيرة المزعجة"
ـ إذ كنت تقصدينني أنا، فعليك أن تغيري الكلمة، لأن الإوزة أنثى وليست ذكرا.
قال ذلك بضحكة ساخرة خافتة، فلم تستطع جين كبح نفسها واستدارت ناحيته رافعة حاجبها. لقد طفح الكيل!
ـ ارحل، هيا ارحل الآن
اختفى تعبير التسلية عن وجهه:" كان عليك أن تدعيني أدهن المزيد من الكريم الواقي على ظهرك
أطلقت تنهيدة عنيفة متذمرة:" حتى لو احترق ظهري، لن أدعك تقترب وتطفئ ناره. مفهوم؟"
ـ مفهوم تماما!
قال ذلك، لكنه لم يتزحزح من مكانه
ـ أليس لديك عمل تقوم به؟
ـ إنه يوم إجازة
ـ خذ إجازتك في مكان آخر
علا صوتها طبقة كاملة وذعرت عندما اكتشفت أنها تركته يؤثر فيها مجددا. لم لا تستطيع أن تتمالك نفسها أمام هذا الرجل؟
هز كتفيه مسمرا نظراته عليها" كان من المفترض أن يكون أمس يوم إجازة أيضا"
شعرت جين بطعنة من الذنب:" كم تتقاضى في اليوم؟ سأعوض عليك يوم البارحة"
ـ لا أريد مالك آنسة سانكروفت
فصرخت في داخلها: golya ماذا تريد إذا؟ أن تثير جنوني؟
لكنها عندما سألته، اكتفت بالجزء الأول من السؤال
ـ ماذا تريد إذا؟
عندما سألته هذا شعرت بشيء من الانزعاج لما يتضمنه ذلك من تلميح ومعنى
لمع شيء في عينيه، لكن ذلك حصل بسرعة كبيرة لم تعرف ما معناه
ـ لا أريد شيئا منك، ولا شيء
ـ بل أظنك تريد شيئا. أنت تريد أن تقضي على ثقتي بنفسي
علت التكشيرة وجهه وبدا مذهولا فعلا. بينما تابعت كلامها متحدية إياه:" لن تقضي عليها أؤكد لك، ولمعلوماتك انتقل أحدهم إلى مرحلة التصفيات. وهو رجل مذهل! وهذا ليس بكل شيء فأنا أتوقع أن أعثر على رجلين آخرين قبل يوم الأربعاء
جلست منتصبة وتابعت معركة التحدي: " ما رأيك بهذا؟"
حدق إليها وكأنه يفكر في كلامها. وبعد لحظة طويلة قال:" بما أن غبيا واحدا يولد كل دقيقة، فإنني لا أستبعد عثورك على ثلاثة"
وعندما أنهى كلامه سار نحو الماء.
صدمت جين بكلامه وهدوئه وشدت على قبضتيها وهي تحدق إليه. وصرخت به وهو يغطس في المياه:" إهاناتك لا تزعجني! لا ترحل عندما أتكلم معك"
أمرته بذلك ولكنه كان قد أصبح تحت الماء، بعيدا عنها.
تهادت البطة حتى وصلت إلى طرف الماء وراحت ترفرف بجناحيها راغبة في اللحاق به.
ـ بطة غبية، كيف تحتملين البقاء بجانب نذل متعجرف كهذا؟
مررت يدها المرتبكة في شعرها ثم نهضت وأمسكت منشفتها. لقد حان الوقت لكي ترتدي ثيابها على أي حال، فآخر ما تحتاجه هو أن تحرقها الشمس فيهزأ منها أكثر.
خلال النهار، بدا لها كول في كل مكان، يقطع حبل أفكارها بينما كانت تجلس على الشرفة تراجع بعض استراتيجيات المساعدة في إجراء المقابلات.
لماذا تعذبها ذكرى عناقه إلى هذه الدرجة بينما وجده هو ناقصا ويحتاج للتمارين؟
كانت مقابلات يوم الثلاثاء على وشك أن تنتهي ومنذ غطس كول في الماء يوم الأحد، رفضت التكلم معه. ورغم أنه ظهر عدة مرات عند الباب يومي الاثنين والثلاثاء، متقمصا دور الحارس الشخصي الشرس، إلا أنها بقيت غاضبة وممتعضة
كان أداؤه مقنعا جدا بالنسبة إلى الزبائن وقد عرفت جين ذلك من شحوبهم عندما يدخل كول كأنه يدافع عن ممتلكاته الشخصية. غير أنها كانت ترى أن تحت قناع التمثيل ذلك، لم يكن حارسها الشخصي المزعوم يهتم مثقال ذرة لأمرها
يوم الاثنين، انتقل رجل آخر إلى المرحلة النهائية. كان مصور الأعراس جيم ويمر في سن جين ويحب لعبة كرة المضرب. لم تكن جين تعلم شيئا عن هذه اللعبة ولكن ربما تصبح كرة المضرب من الهوايات المحببة إليها في يوم ما
كان جيم بهي الطلعة، أشقر الشعر، بني العينين. أما ابتسامته فبدت ساخرة ولعلها مربكة بعض الشيء لكنها واثقة من أنها ستعتاد عليها
كان جيم ويمر رجلا ضخم الجثة ولكنه لا يفوقها طولا بكثير. ونظرا لعمله مع الناس، يتمتع بقدرات تواصل مذهلة وبشخصية محببة. ورغم أنه لم يتأنق في ملبسه لهذه المقابلة، إلا أنه كان مرتبا ونظيفا
إذاً في الإجمال، كان يتحلى بالمواصفات اللازمة
يوم الثلاثاء لم يكن جيدا تماما. عند الساعة الرابعة، شعرت جين بألم في رأسها، فقد شهدت يوما سيئا التقت فيه رجالا سيئين. وبدأت تفقد الأمل بالعثور على الرجل الثالث الذي كانت بحاجة ماسة إليه
عندما غدر الرجل الذي أتى عند الثالثة والنصف، أطلقت تنهيدة يائسة
سمعت هدير سيارة جديدة فعرفت أن آخر رجل لليوم وصل. أغمضت عينيها متوسلة الله أن يكون مناسبا ثم ضبطت تعابيرها لكي تبدو واثقة ومتفائلة وعندما فتحت الباب، ابتسم لها رجل طويل القامة وقوي البنية
للمرة الأولى في هذا اليوم، لم تشعر برغبة في صفق الباب في وجه الواقف أمامه. عرّفت عن نفسها واتجهت إلى الأريكة، فعرّف بدوره عن نفسه: فان أليسون، دكتور فان أليسون. طبيب تخدير في أواخر الثلاثينات من العمر وقال لجين إنه سئم تخدير الناس ويريد أن يجرب تأليف القصص
قل ممازحا:" أريد أن أبقي الناس يقظين، من باب التغيير فقط"
فوجدت جين نفسها تبتسم من كل قلبها وفي سياق المقابلة، أخبرها الدكتورأليسون أنه يهوى الطهو ويحب الأولاد ولا يمانع في أن يهتم بهم طالما أنه سيكتب قصته في المنزل. وهذا ليس كل شيء، فهو أيضا يملك ما يكفي من مال ليتقاعد باكرا ويفعل ما يحلو له حتى أنه كان متحمسا لفكرة االزواج!
بالكاد استطاعت جين أن تصدق الحظ الذي حالفها لقد عثرت أخيرا على المرشح الثالث لمرحلة التصفيات النهائية وهو رجل وسيم، أنيق ومتحضر، يتمتع بنفس الرؤية التحليلية التي تتحلى هي بها في ما تخص العلاقات
وعندما غدر عند الخامسة والنصف، شعرت جين بالارتياح وقد اطمأنت على فلسفتها ونظريتها التي تدافع عن الزواج بين أصحاب الأهداف والمصالح المشتركة. استندت إلى الباب وهي تبتسم" إذا كول؟ لا يمكنك أن تنعت دكتور أليسون بالغبي!"
*******
نهاية الفصل السابع ..
بنات سوري لو كنت تأخرت عليكم بس جاتني انفلونزآ اليومين الي راحوا ..
ورح اكتب كمان كم فصل وانزلها سوآ .. http://www.liilas.com/vb3
|