لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > روايات احلام > روايات احلام > روايات احلام المكتوبة
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

روايات احلام المكتوبة روايات احلام المكتوبة


إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 03-07-09, 12:52 AM   المشاركة رقم: 6
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
الادارة العامة
فريق كتابة الروايات الرومانسية
عضو في فريق الترجمة
ملكة عالم الطفل


البيانات
التسجيل: May 2008
العضوية: 77546
المشاركات: 68,264
الجنس أنثى
معدل التقييم: Rehana عضو ليلاسي اصيل مبدعRehana عضو ليلاسي اصيل مبدعRehana عضو ليلاسي اصيل مبدعRehana عضو ليلاسي اصيل مبدعRehana عضو ليلاسي اصيل مبدعRehana عضو ليلاسي اصيل مبدعRehana عضو ليلاسي اصيل مبدعRehana عضو ليلاسي اصيل مبدعRehana عضو ليلاسي اصيل مبدعRehana عضو ليلاسي اصيل مبدعRehana عضو ليلاسي اصيل مبدع
نقاط التقييم: 101135

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
Rehana غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : golya المنتدى : روايات احلام المكتوبة
افتراضي

 
دعوه لزيارة موضوعي

والله برفوا عليك ..جوليا

الملخص حلوووو

وإن شـــــــــاء ابدأ في قرائتها في قريب

موفقة في كتابة البقية

تحياتي لك ..جوووجو

 
 

 

عرض البوم صور Rehana   رد مع اقتباس
قديم 03-07-09, 04:00 PM   المشاركة رقم: 7
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Aug 2008
العضوية: 90105
المشاركات: 270
الجنس أنثى
معدل التقييم: moura_baby عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 16

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
moura_baby غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : golya المنتدى : روايات احلام المكتوبة
افتراضي

 

wallahe shaklaha helwa mooot
please nazleha bsor3a

 
 

 

عرض البوم صور moura_baby   رد مع اقتباس
قديم 06-07-09, 05:34 PM   المشاركة رقم: 8
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو راقي


البيانات
التسجيل: May 2007
العضوية: 28161
المشاركات: 4,762
الجنس أنثى
معدل التقييم: golya عضو على طريق التحسين
نقاط التقييم: 56

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
golya غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : golya المنتدى : روايات احلام المكتوبة
Girl الفصل الرآبع .

 

-4-
من يحميها منه؟

http://www.liilas.com/vb3


انتهى كول من تسوية كرسيها، مستعملا هذا الوقت لاستيعاب ما قالته. عندما أعلنت أن الترقية هي لمنصب الرئاسة، أدرك الحقيقة وهي أن رب العمل لذي ما انفكت تشتمه منذ أيام لم يكن أحدا سوى الرجل الذي قدّم لها العشاء لتوّه: هو!
الآن عرف لماذا تذكر اسمها، فهي أحد نواب الرئيس في شركة المحاسبة الصغيرة يملكها والده.
وتذكر أن سكرتيرته قالت له إنها أرسلت كتبا للموظفين الثلاثة تعيّن لهم فيها المقابلات مع مالك الشركة في شهر حزيران وبالكاد بدأ يدرس السير الذاتية لهؤلاء قبل أن تظهر المناقصة، مما اضطره لإرجاء التفكير في رئاسة شركة دالاس للمحاسبة حتى وقت لاحق.فهي شركة صغيرة لكنها كانت مميزة بالنسبة لأبيه، واختيار الرئيس المناسب أمر يسحق اهتمامه.
نهض وأشار إلى الكرسي" اهدئي آنسة سانكروفت، وأنهي عشائك"
عاد إلى مكانه ونظر ناحيتها. كانت لا تزال واقفة ولونها أحمر.
زمّت شفتيها، محاولة على الأرجح أن تلجم انفعالها وبالحديث عن الانفعال، راحت الصور تتوالى في ذهنه وتظهر بشرتها الفاتحة وعينيها المشتعلتين وشعرها المنسدل على كتفيها وشفتيها المثيرتين.
فرك عينيه، محاولا إبعاد تلك الصور عن ذهنه واستقام في جلسته وعندما نظر إليها مجددا، كانت لا تزال واقفة مكانها" اجلسي بحق الله لقد تشنجت رقبتي"
كان قوله هذا صحيحا نوعا ما. طرفت بعينيها إزاء هذا الأمر لكنها لم تجلس على الفور، بل هزت كتفيها وأخذت نفسا عميقا ثم سوت تنورتها قبل أن تعود إلى مقعدها بهدوء.
رفع كأسه وحوّل نظره إلى عينيها الجميلتين" ما اسم الشركة؟"
ـ شركة دالاس للمحاسبة
وضع الكأس من يده وواجهها، مبقيا عينيه شاخصتين على ملامحها الرزينة.
لقد فهم الآن تقريبا سبب انزعاجها، فشركة دالاس للمحاسبة شهيرة بسمعتها الممتازة وتحفظها الشديد.
منصب الرئاسة أعطي دائما لرجال متزوجين مستقرين كان هذا صحيحا.
وعرف كول سبب غضبها وشعورها بالإهانة. حتى أنه فهم لما استنتجت أن شابة عازبة مثلها ليس لديها أي فرصة للحصول على هذا المنصب الرفيع.
ما لم تفهمه و أن ألبير بارينجر لم يكن عجوزا مغفلا. صحيح أن خياراته لمنصب الرئاسة كانت دائما حكرا على الرجال المتزوجين لكن السبب في ذلك يعود ربما إلى أن هؤلاء الأشخاص كانوا أفضل في حينها.
ـ شركة محاسبة؟
قال هذا أخيرا وقد قرر عدم تكرار اسم الشركة الرسمي
قرر أن يمنح نفسه بعض الوقت ليستوعب الوضع بأسره قبل أن يكشف لها عن هويته.
كان لا يزال مقتنعا بأنه من الخطأ أن تبحث عن عريس بالطريقة التي تتبعها وللسبب الذي قالته لكنه تمكن على الأقل من أن يفهم سبب محاولاتها الجاهدة.
أيا يكن الدافع ومهم استطاع أن يفهم يأسها، لا تزال بنظره امرأة تحاول استغلال رجل لكي تبني عشّها المهني.
فقال بجفاء" ما زلت مقتنعا بأن الزواج من أجل الترقية أمر خاطئ"
أشاحت نظرها عنه وأمسكت الشوكة وراحت تطعن بها قطع الخضار في طبق السلطة. ثم قالت بوجه شاحب وعينين يلمع الغضب فيهما" لا يمكنني التكلم معك، فأنت لن تفهم"
ـ حقا؟
استند إلى الخلف ونظر إليها بسخرية" وماذا لو قلت لك إن أمي استغلت والدي لتحقيق طموحها المهني؟"
نظرت إليه متشككة ثم وضعت الشوكة جانبا لكي تركز بكل قوتها عليه" أشك بذلك"
بقي يراقبها سامحا لعدائه أن يظهر على ملامحه:" عندما وَلدَت ابنه، قايضته بما يسمح لها التقدم في عملها .أخذني أبي ورباني وأحبني واعتنى بي، لكنه لم ينسها يوما"
رأى وميضا يشتعل في أعماق عينيها قبل أن يغشيهما الحزن كما لو أن كلامه أحيى فيها ذكرى أليمة، ابتلعت ريقها واستدارت قليلا وهي تومئ برأسها، وكأن ألما قديما عاودها:" أنا ... أنا آسفة لما حصل لأبيك"
مال كول في كرسيّه إلى الأمام وقد تملّكه نوع من القلق على جين:" ما الخطب؟"
_ لا شيء!
رفضت أن تواجهه واكتفت بهزّ رأسها أما هو فعلت التكشيرة وجهه وراح يتساءل عن ذاك التغيير الذي طرأ عليها إذ ل م تبد من قبل بمثل هذه الهشاشة، أثر فيه ذلك وخفف من حدة غضبه:" لقد رأيت أبي يتألم بصمت طيلة حياته بسبب امرأة أنانية"
قال ذلك هامسا وإذ لم يستطع أن يتحمل أكثر منظر ياقتها المنخفضة، تقدم منها وأمسك المنديل بإصبعه، مسدلا إياه على صدرها.
ـ لذا لا تقولي لي إنني لن أفهم، آنسة سانكروفت أنا أفهم جيداً.
نظرت إليه بعينين واسعتين ولم تستطع أن تعرف ما الذي سبب لها هذا الشعور بالانزعاج، أهو كلامه أو إدراكها بأن صدرها كان مكشوفا أمامه؟
أشاحت بنظرها بعيدا عنه"أنا .. آسفة بشأن أبيك، وآسفة لأن أمك كانت.."
ـ مجرمة باردة الأعصاب؟
أنهى الجملة عنها، فتجنبت عينيه وأمسكت الشوكة بيد مرتجفة. راح يراقبها وهي تأكل ثم تابع بصوت أجش:" عندما ... أو في حال تزوجت، فلن يكون ذلك إلاّ لسبب واحد وهو الحب العميق الصادق والمتبادل"
طرفت بعينيها عدة مرات وكأنها تحاول السيطرة على عواطفها
ـ أتمنى لك التوفيق
ألقت عليه نظرة سريعة قبل أن تنظر مجددا في صحنها"أنا لن أستغل أحدا دوافعي شريفة حقا"
راقبها وقد اختلطت عليه الأمور، كان منزعجا لإصرارها العنيد على الخطة التي رسمتها للإيقاع برجل يتزوجها ولكنه في الوقت ذاته، شعر برغبة في ضمها إلى صدره والتخفيف عنها بسبب تلك التعاسة التي لمعت في عينيها
ماذا تعنين بأنك راحلة؟
ولشدة الصدمة وعدم التصدي اللذين تملكاها، أوقعت جين الخبز المحمص على أرض المطبخ، وحدقت بدهشة إلى روثي التي كانت واقفة في الممر المؤدي إلى المطبخ وفي يدها حقيبة:
ـ لقد... لقد تلقيت مكالمة هذا الصباح، وفرض علي عمل براتب يفوق ما أتقاضاه مرتين
هزت روثي كتفيها وقد بدت خجلى من نفسها ثم تابعت قائلة:" قالوا إنهم يحتاجونني فورا وإلا وظفوا شخصا آخر"
استندت جين بوهن إلى جدار المطبخ:" عملنا معا مدة خمس سنوات. لم أكن أعلم أنك تعيسة معي"
ـ لا، لست تعيسة ولم أكن يوما كذلك، لقد أحببت العمل معك
ـ لم إذا تقدمت بطلب لوظيفة أخرى؟
هزت صاحبة الشعر الأحمر رأسها وقد بدا الارتباك عليها
ـ لم أفعل، لا أعرف من طرح اسمي ولكنني لن أرفض هذا العرض
لم تستغرب جين أن يطلب أحدهم روثي للعمل، فهي موظفة مذهلة ولم تدرك جين حتى تلك اللحظة كم تقدمت في العمل بفضل اعتمادها على روثي. لقد أخبرت مساعدتها أشياء لم تسربها إلى أحد، وخبر رحيلها وقع عليها وقع الصاعقة فهي ستفتقدها ليس فقط كمساعدة إنما أيضا كصديقة. وشعرت بنفسها تختنق لكنها تمكنت من الكلام
ـ بالطبع يريدونك، فأنت رائعة لكن.. لكن ماذا سأفعل من دونك؟
وراحت تنظر حولها، محاولة التفكير
ـ أنا أثق بك روثي وأنا بحاجة إليك، لا يمكنني أن أقابل زمرة من الرجال بمفردي!
بدا الأسف على وجه روثي، لكن فقط بقدر ما يبدو على شخص تضاعف راتبه للتوّ:"أنا حقا آسفة، أنت تعرفين أن راي واجه بعض العقبات في عمله ونحن بحاجة إلى المال"
ثم أشارت بيدها إلى الخارج:" يمكنك أن تطلبي من ذاك الشاب أن يبقى في الجوار في حال صرخت"
أغمضت جين عينيها ، غير قادرة على تصديق اقتراح مساعدتها.. أو بالأحرى مساعدتها السابقة.
ـ سيساعدني ذلك كثيرا
ـ فكري بالأمر،إنه ضخم وهو طاه ماهر كما أنه ليس منجذبا نحوك ما عساك تطلبين أكثر؟
كشرت جين، وفضلت عدم التفكير في دقة ما قالته روثي:" كيف يمكنك أن تتركيني هكذا؟"
احمر وجه روثي التي أجابت بصدق:" أنت تعرفين أنني ما كنت لأفعل هدا لو لم أكن بحاجة إلى المال"
تنهدت جين بأسى:" لا يمكنني تأمين مثل هذا الراتب لك ولكن كملازم سابق في البحرية، لا بد أنك تفهمين معنى الولاء"
بدت روثي على وشك البكاء وهي تقول:" طبعا راي والأولاد يأتون في الدرجة الأولى وولائي هو لهم قبل أي أحد"
ودت جين لو تناقشها لكنها لم تستطع. فإذا كانت الشركة بالنسبة لها عائلتها وولاءها ومحور حياتها، فهي لا تعني بالضرورة الشيء نفسه لروثي واجهت جين هذه الحقيقة المرة وانخفضت نظراتها إلى الأرض
سمعت بوق سيارة في الخارج، فعرفت أن سيارة الأجرة التي أتت تقل روثي إلى المطار قد وصلت وهذا الصوت أعادها إلى الواقع الأليم: روثي راحلة فعلا، والآن بالذات.
في تلك اللحظة أحست بمدى أنانيتها، فروثي تستحق تلك الفرصة ونظرا لما كانت جين تفعله للحصول على منصب أرقى، لا يحق لها مطلقا أن تغضب من مساعدتها لأنها تركت عملها لتقبل بمنصب أفضل، وإن يكن الأمر قد حصل فجأة.
أرغمت جين نفسها على الابتسام قائلة:" اسمعي روثي، لا تعيريني اهتماما أنت تفعلين الصواب وستكونين مجنونة لو لم تقبلي العمل"
أخذت صاحبة الشعر الأحمر نفسا عميقا، محاولة حبس دموعها، ثم اجتازت المطبخ ورمت ذراعيها حول عنق جين وقد قهرها منظر الأسى البادي على صديقتها
ـ أنا آسفة حقا!
وشدتها أكثر إلى صدرها
ـ لا تقلقي سأكون بخير
تعالى صوت الزمور مجددا، فتمتمت جين ، شاكرة لأن صوتها لم يتقطع:" من الأفضل أن تذهبي"
تبادلتا نظرة سريعة ولمعت في عيني روثي لمحة ندم لاضطرارها إلى ترك جين:"اعتني بنفسك!"
قالت روثي ذلك بكلمات ترتجف من العاطفة قبل أن تضيف أخيرا:" عديني بأن تكلمي كول"
لم تجب جين بشيء خوفا من أن يظهر يأسها، كان مجرد التفكير بطلب المساعدة من كول يخفها ولكن الوقت ليس مناسبا لمناقشة هذا الموضوع، فاكتفت بإيماءة خفيفة من رأسها وبابتسامة من شفتيها المرتجفتين
أشاحت روثي بنظرها واستدارت، وبعد لحظة كانت قد رحلت. أما جين فبقيت بلا حراك تصغي إلى الصمت، إذ لم تستطع أن تسمع صوت المياه وطيور النورس لشدة صدمتها. وعندما أفاقت من هول ما جرى. ألقت نظرة على ساعة يدها. كانت الساعة السابعة والنصف وأول موعد لليوم هو في الثامنة. مرت خمس دقائق أخرى بينما بقيت جين واقفة مكانها تحدق إلى الفراغ ودهنها معطل عن التفكير http://www.liilas.com/vb3
وعندما أيقظت نفسها أخيرا، عرفت أن عليها أن تواجه كول ففي عالم اليوم، من الجنون أن يدعو المرء أشخاصا غرباء إلى منزله، لا سيما للتكلم معهم عن مسألة حميمة مثل الزواج.
سارت نحو مائدة المطبخ وألقت بثقل جسدها على راحتيها. كانت مترددة ، كول يعرف كل شيء، هو ضخم ولن يجرؤ أحد على الاقتراب منها في حضوره وكما قالت روثي، هو غير منجذب إليها. لقد أوضح ذلك أكثر من مرة، لكن فكرة وجوده طيلة الوقت على مقربة منها، تقلقها فمنذ رأته للمرة الأولى وهو يطلي السياج، وهي دائمة التيقظ، لم يؤثر فيها أحد بمثل تلك القوة بعد طوني وهذا الأمر أخافها. إنه ليس طبعا ما تبحث عنه في شريك المستقبل فالزوج المناسب لن تجده إلا في بيئة حسنة وضمن إطار المنطق والتفكير ومن العار أن تراه في رجل مثير فقط.
أمام هذا الواقع التعيس، عزمت جين على مقاومة تلك الرعشة الخطرة التي تتملكها عندما تغوص في عينيه، وأقسمت أن تحارب كل موجة إثارة تسري في جسدها عند رؤيته.
وكم كان من حسن حظها أن يجدها غير جذابة، فبهذا يمكنها أن تطمئن على نفسها.
نظرت مجددا إلى ساعتها، كان أمامها عشرون دقيقة قبل الموعد الأول، لذا لا بد أن تستفيق من حالة الخذر هذه وتعالج الوضع، تنهدت محولة أن تقوي نفسها ثم اتجهت نحو الباب الخلفي.
لم يكن أمامها سوى أن تطلب المساعدة من كول. وصلت بسرعة إلى الكوخ وصعدت الدرج مهرولة، وبعد أن اجتازت الشرفة ذات الأرضية المكسوة بالخشب المطلي باللون الأزرق الفاتح، قرعت الباب المطلي باللون نفسه.
لم يتسن للنفس المهدئ لذي أخذته أن يعطي مفعوله، فقد انفتح الباب أمامها بسرعة. كان كول واقفا هناك بطوله الفارع وصدره العاري مرة أخرى. كان مظهره مثيرا جدا لدرجة أنه شل تفكيرها، فجاهدت لتقاوم تأثيره عليها. لم تستطع جين فهم تعابيره أو قراءتها. اعتقدت بأنه سيتفاجأ لرؤيتها عند بابه، لكن ذلك لم يبد عليه.
تجهمت تعابيره في هذا الصمت الثقيل الذي خرقه بقوله:"لا أظنك هنا لتبيعيني كتابا للطهو"
عضت شفتيها، في محاولة للحفاظ على توازنها. كان صباحها سيئا ومن الصعب عليها مواجهة جاذبيته المثيرة للاضطراب. قالت بعد ثوان طويلة:"غادرت روثي، لقد حصلت على عرض عمل لم تستطع رفضه"
لم يجب بشيء، فنظرت إليه على مضض وتابعت كلامها مترددة:" اسمع سوف أكون بمفردي هناك... مع رجال غرباء... وأظنني سوف..".
ماتت الكلمات على شفتيها، فحاولت التكلم مجددا
ـ أعني، قد أواجه بعض المتاعب إذا..
ابتلعت ريقها ثم هزت رأسها، محاولة إيجاد الكلمات المناسبة
ـ ما أحاول قوله هو أنني أعرف أنك لا تجدني جذابة على الإطلاق ولكن إذا واجهت رجلا يخالفك في هذه النقطة... قد أحتاج للمساعدة
حاولت أن تبقي نظراتها مشتبكة بعينيه، لكن الأمر لم يكن سهلا
حاولت التفكير في طريقة أخرى للتعبير عن ذلك، راجية أن يكون صوتها هادئا قدر الإمكان
ـ أنا.. أنا في الواقع..
ومررت يدها في شعرها الذي أبقته منسدلا مرة أخرى، محاولة أن تبدو أكثر أنوثة"اسمع كول.."
خافت من أن يسمع الرجفة في صوتها قبل أن يسمع ما تريده منه
ـ من دون روثي، سوف..
قاطعها فجأة:"فهمت آنسة سانكروفت، تريدين أن أجول حول المنزل وأتدخل في حال حاول أحدهم الاقتراب منك"
تناول قطعة من الخبز وهو يراقبها ثم سألها أخيرا:"أتريدين فنجانا من القهوة؟"
كانت رائحة القهوة العابقة على الشرفة أشهى بكثير من تلك التي حصرتها لكن إذا كانت عاجزة عن النظر في عينيه الآن والمحافظة على أعصابها، فكيف عساها تجلس معه لتحتسي القهوة؟
هزت رأسها، عازمة على الرحيل ما أن تحصل على إجابة منه
ـ لا... فالموعد الأول لليوم في غضون دقائق
أومأ برأسه لكنه بقي صامتا ولم تمنحها تعابير وجهه أي أمل بأن يوافق على طلبها
شعرت بالدوار ولم يستطع صوت الماء المهدئ أن يمحو انزعاجها ويبدد قلقها كما كان يفعل عادة. ولكن عليها أن تعرف رده
ـ ماذا ؟هل تقبل أم لا؟
بدت الثواني ساعات قبل أن ينطق:" ظننت أن النساء المتحررات اليوم لا يعتمدن على الرجال"
إذا، كان رده "لا"!. كان عليها أن تعرف. ها هو مجددا يذكرها بالفم الملآن بأنه غير مرحب بها وغير مرغوب فيها. وما كان رده سوى طريقة هازئة ليقول لها إنه مستعد لأي شيء لكي ترحل إذا كانت خائفة إلى هذا الحد من البقاء بمفردها
شعرت جين بالغيظ يتملكها:"الاعتماد عليك هو آخر ما كنت أفكر فيه. ولكن المسألة أن الرذاذ المؤذي للعيون نفد مني"
رفع حاجبيه متسائلا:" هل أعتبر هذه دعوة؟"
ـ عفوا؟
ـ هل قولك إن الرذاذ نفد حجة لتدعيني إلى المنزل؟
لسعتها سخريته، فبحثت عن طريقة لاذعة ترد بها عليه. لم يخطر لها أي كلام بليغ إلا أن وجهها اشتعل نارا:" أنا لن أدعوك مطلقا ولن أقبل رأسك حتى ولو قُدم لي على طبق من فضة!"
شبك ذراعيه على صدره، فتحركت عضلاته بشكل عصر قلبها. كيف تجرؤ على الانجذاب نحو هذا الفظ الوقح؟.
شعرت بالغضب من نفسها فانفجرت فيه:"إذا كنت تريد رأيي، فأنا أعتبرك فظا، ساخرا وبربريا عديم الإحساس"
لم يمنحها لذة رؤيته منزعجا من إهانتها، حتى أن تعابيره المتحفظة لم تتغير
كانت جين على شفير البكاء عندما همت بالرحيل لكنه أمسك معصمها بقبضته الحديدية:" خبرتي قليلة في الحراسة الشخصية، آنسة سانكروفت"
ثم نظر إليها من رأسها حتى أخمص قدميها قبل أن يضيف قائلا:" ولكن في حالتك، يمكنني تدبر الأمر"
فغرت فاها وكأن طعنة اخترقت صدرها. فقد عرض عليها المساعدة لأنها برأيه غير جذابة ولن يكون عليه أن يرد عنها أي معجب
أرادت أن ترفض عرضه وتقول له أن بإمكانها تدبر الأمر بنفسها، صحيح أن الرذاذ المؤدي للعيون نفد منها، ولكن يمكنها أن تضع رذاذا مبيدا للحشرات بين وسائد الأريكة. رشة واحدة كفيلة بأن تعيقه ريثما تهرب
تغلبت كبرياؤها على المنطق، فسحبت يدها من قبضته:" أفضل السير حافية القدمين على الجمر، بدلا من أن أقبل مساعدتك"
فأجاب هازلا:" حسنا، لقد أقنعتني"
كانت قد ابتعدت مسرعة عندما سمعته، ماذا قال؟ جمدت في مكانها واستدارت نحوه وهي تحدق إليه:"ماذا؟"
هز كتفيه، مبرزا عضلاته المفتولة:" هناك أشياء تحتاج للصيانة في المنزل وأنت أعقتِ عملي".
حدق إليها بعينين قاسيتين"لم أقصد الإهانة"
عرفت أنه كان يقصد ذلك. ورغم أنها ترغب في أن يرحل، إلا أن قدرتها على التفكير عادت إليها، ففضلت أن تكون آمنة على أن تندم لاحقا. استدارت وهي تتمتم:" نعم... طبعا"
مر النهار ببطء شديد، وصدق كول في كلامه، فبعد أن بدأ الموعد الأول بقليل، دخل من الباب الأمامي لكي يراه "العريس المحتمل"، فرأت جين على وجه هذا الأخير تعبير الخوف لدى رؤية كول بجثته الضخمة وصدره العاري وهو يحمل في يده العدّة.
أعلن كول حضوره وقال إنه سيكون هناك طيلة النهار ثم رمق الرجل بنظرة شرسة وكأنه يقول:سأسمّرك أرضا إذا اقتربت من السيدة
وكلما أتى مرشح جديد، كان ينصرف ليقوم ببعض الإصلاحات. وكانت الضجة التي يصدرها من الداخل خلال المقابلات تذكرها دائما بأن هناك من يحرسها
كانت مشاعر جين إزاء قرب كول منها تتأرجح بين الامتنان والاضطراب. فمن جهة، كانت ممتنة للحماية التي يؤمنها لها. ومن جهة أخرى، كانت تفقد تسلسل أفكارها في كل مرة يظهر فيها أمامها. فمجرد النظر إلى عضلاته المفتولة والرجولة التي تنضح منه ومقارنتها مع الرجل المتقدم للوظيفة المزعومة، كان ينسف مشروعها من أساسه.
شعرت بوخزه في معدتها لكنها سرعان ما ذكرت نفسها بغباء ما تفكر فيه. فركت عينيها، محاولة تبديد تلك الصورة المثيرة التي راودتها وتمتمت:"لا... لا جنيفر هذا جنون!"
ـ عفوا؟
سأل المتقدم الأخير للعمل هذا وقد بدا منزعجا
ـ إذا سألتني رأيي آ نستي، فأنت هي المجنونة
عندما عادت بأفكارها إلى الواقع، كان الرجل قد هبّ واقفا:" أنا خارج من هنا"
وقفت بدورها:" سيد..."
غاب اسمه عن ذهنها، فنظرت إلى دفترها:" سيد باول، لم أكن أتكلم معك... اعذرني أرجوك لأنني..."
ـ إنسي الأمر آنستي!
قال هذا ثم استدار حول الأريكة واتجه مسرعا نحو الباب. كان الرجل القصير والسمين كتلة من اللون البني. شعره بني وبذلته بنية وحذاؤه بنّي، حتى ربطة عنقه بنيّة
ارتاحت لرحيله أكثر مما استاءت منه، لكنها رافقته إلى الخارج لتودعه بشكل لائق
سمعت وقع خطوات تقترب في الردهة، فأغمضت عينيها بقوة. لم تكن تريد رؤيته الآن
ـ لم يستغرق ذلك طويلا
قال كول ذلك وقد بدا قريبا منها. فانتظرت لحظات لتستعيد رباطة جأشها قبل أن تقول له:" إياك"
استدارت نحوه لتريه بأنها ليست مهزومة. ولكن عندما رأته، وبخت نفسه للمرة الألف لأنها وجدته جذابا. للأسف، كان ذلك واقعا عليه التعامل معه. فوجهه وجسده أشبه بمنحوتة رخامية جميلة.
كان واقفا هناك بطوله الفارع وبنيته القوية ونظراته الشاخصة إليها. أبعدت عينيها عن تأثيره المغناطيسي المنوّم وتحققت من الساعة
ـ إنها قرابة الخامسة. كان السيد باول الموعد الأخير لليوم. يمكنك أن تنصرف.
شد كول على شفتيه وكأنه يضحك لمحاولتها تمثيل دور الرئيس والمرؤوس، فتبدد كل شعور بالسيطرة لديها لكنها حاولت أن تتمالك نفسها
أحنى كول رأسه في تحية مسرحية:" نعم سيدتي"
وتابع بلطف:" سأحضر العدة"
بقيت مستقيمة في وقفتها وأومأت له بشكل يوحي بالسلطة:"تفضل"
توجه إلى المطبخ وسرعان ما خرج، فاستندت على جدار الردهة، منهارة. كانت قد فقدت الأمل بإيجاد زوج مناسب يرضى هو أيضا بالزواج بها
بعد لحظة، سمعت الباب الخلفي ينفتح ثم يغلق مجددا. فأغمضت عينيها بارتياح. لقد غادر كول المنزل، لكنه سيعود غدا.
http://www.liilas.com/vb3
نهاية الفصل الرآبع ..


*******

 
 

 

عرض البوم صور golya   رد مع اقتباس
قديم 06-07-09, 05:49 PM   المشاركة رقم: 9
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو راقي


البيانات
التسجيل: May 2007
العضوية: 28161
المشاركات: 4,762
الجنس أنثى
معدل التقييم: golya عضو على طريق التحسين
نقاط التقييم: 56

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
golya غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : golya المنتدى : روايات احلام المكتوبة
افتراضي

 

5ـ احذري يا جنيفر


كانت جين قد سئمت البقاء في المنزل، فأخذت سندويش الزبدة والمربى الذي حضّرته وسارت به على الشاطئ، حافية القدمين، محاولة ألا تسأل نفسها أين عساه كول يكون http://www.liilas.com/vb3
لم تلمحه عندما استرقت النظر إلى كوخه، فقالت في سرّها إن هذا جيد، إذ لم تكن ترغب مطلقا في أن تراه يحدق إليها مكشرا وهي تتناول طعامها، فقد يسبب لها ذلك حرقة في المعدة!
سارت على الرمال حزينة واهنة وهي تأكل طعامها الحلو المذاق. لفت انتباهها حركة على الرمل على بعد أمتار منها وعندما ركزت انتباهها، رأت بطة تصفق بجناحيها
ابتسمت جين عند رؤيتها ولكن سرعان ما تلاشت الابتسامة عن شفتيها. إذ بدا لها أن البطة في مأزق نظرا للطريقة التي تحرك بها رأسها. صاحت البطة وبدا لجين أنها لا تقوى على إغلاق منقارها
ـ يا إلهي!
قالت جين ذلك حين أدركت ما خطب البطة. فقد علقت صنارة صيد في منقار المسكينة. لم تعرف جين ماذا تفعل، فهي لم تملك يوما في منزلها حيوانا أليفا لتعرف كيف تتصرف في مثل هذا الوضع. قطعت بعض الفتات من الخبز الذي كانت تأكله ورمته للبطة
ـ كلي، لا تخافي.
تهادت البطة إلى فتات الخبز وجاهدت لتأكلها ولكن ذلك كان صعبا عليها نظرا لوجود الصنارة في منقارها فتملّك الذعر جين. المسكينة قد تموت جوعا، وإذ لم تستطع التفكير في أي شيء آخر، رمت للبطة قطعة خبز أخرى، أملا منها في أن تستطيع تلك المسكينة أن تأكلها رغم وجود الصنارة
ذهلت عندما اقتربت البطة أكثر وحاولت أن تلتقط الفتات. دنت منها جين على مهل والتقطتها، فزعت البطة مرتعبة
ـ لن أؤذيك يا صغيرتي ولكن عليّ أن أمسكك جيدا كي أتمكن من انتزاع الصنارة
ولكن لكي تمسك بالبطة، كانت بحاجة إلى يديها الاثنتين، فماذا عساها تفعل الآن؟ رفرفت البطة بين يديها، فذعرت جين ولكنها كانت مصممة على الإمساك بها:" اهدئي...اهدئي، سأفكر في شيء" وضمت البطة إلى صدرها محاولة تهدئتها بصوتها الرقيق:" لا تخافي، فأنا خائفة عن كلينا"
ـ ماذا تفعلين؟
جاء هذا الصوت الذكوري في الوقت المناسب. وللمرة الأولى تبتهج جين لسماع صوت كول. فهتفت:" آه.. الحمد لله"
ثم أشارت إلى البطة:" صنارة صيد علقت في منقارها وليس لدي ثلاث أيدٍ لأمسكها وأنزع الصنارة في الوقت نفسه"
بقي كول واقفا هناك من دون كلام، ينظر إلى طائر خائف وإلى بطلة غريبة، عديمة الخبرة مع الحيوانات بقدر ما هي مع الرجال
أخفض كول نظره إلى حزام العدة الذي يلف خصره، وسحب منه قطّعة صغيرة واقترب منها
ـ ماذا ستفعل؟
ـ امسكي البطة جيدا بينما أسحب الصنارة من منقارها
ـ حسنا!
عضت جين على شفتيها وأمسكت البطة البنية اللون بقدر ما أمكنها، راجية ألا يؤذيها وهو يسحب الصنارة. وأخيرا تمكن كول من تحرير البطة ثم وضع الصنارة التي سحبها في حزام العدة.
كانت جين لا تزال تمسك البطة فابتسم كول وهو يقول لها:" يمكنك أن تفلتيها الآن. لقد انتهت العملية"
ـ آه .. حسنا
بدّد كلامه قلقها، فأنزلت البطة إلى الرمل حيث راحت في الحال تأكل فتات الخبز
بقي كول يراقبها لحظة طويلة قال في نهايتها"لم تحظي أبدا بحيوان أليف، أليس كذلك؟"
هزت رأسها نفيا:"لا"
نظر إلى البطة ثم إلى جين مجددا:" هذا ما جعل تصرفك مع هذه المسكينة لطيفا للغاية"
نظرت إليه وقد تملكتها السعادة. برأيه، فعلت شيئا رائعا ولطيفا. وأحست برغبة تدفعها للابتسام فسألته:" أكان لديك حيوانات؟"
ـ من كل الأنواع: كلاب، عصافير، قطط وحتى أفعى
ـ أمي لديها حساسية على الوبر والريش
ثم هزت رأسها مستغربة:" لم أفكر يوما باقتناء أفعى"
أبعد نظره عنها ليراقب البطة التي كانت ترشف الماء من الوعاء. وعندما نظر إليها مجددا، ابتسم وكأنه راض عن معافاة البطة


ـ ألا تخيفكِ فكرة تربية أفعى؟

ـ ليس تماما
لم تتبدد ابتسامته بل امتدت إلى عينيه اللتين أشرقتا:"أنت تفاجئينني،آنسة سانكروفت
ثم أشار إلى الشاطئ:" كنت ذاهبا لأتمشى، يمكنك أن ترافقيني إذا أردتِ
أذهلتها دعوته ولم تعرف بماذا تفكر. ربما هو متسامح مع من يرفقون بالحيوانات. تملكها صراع داخلي وتنازعتها رغبتان: فهي من جهة تود أن تتمشى معه لكن أترى ذلك حكيم؟ يبدو أنها معجبة بكول أكثر منه بأي رجل. ألم تتعلم بعد تلك الأمثولة؟ لقد أحست بأن كول ليس مخادعا مثل طوني، لكن حتى لو كان لطيفا، فهو ليس الرجل الذي تبحث عنه.
هزت رأسها على مضض:" لدي..لدي ما أفعله. لكن شكرا"
شدّ على شفتيه ثم أومأ برأسه:"حسنا"
استدار وسار على الشاطئ بعد عدة ثوان، راح الطائر البني يتهادى في مشيته فتبعته جين بعينيها ولاحظت أنه يتبع كول. وكلما اجتاز ثلاث خطوات أو أربع، كان يزعق وكأنه يناديه.
حولت انتباهها من البطة إلى كول. كانت مشيته ممتازة تنضح رجولة فصعب عليها أن تسلخ عينيها عنه. خطر لها فجأة أنها لم تشكره على الخدمة التي أسداها إياها اليوم فوجدت أنها مدينة له. اتجهت ناحيته وعندما وصلت إلى جانب البطة التي كانت تتبعه، نظرت إليها مطولا:"كم أنت مغفلة! ألا تخجلين؟ كيف تسمحين لنفسك بأن تنجذبي إلى عينين زرقاوين وجسم جميل؟"
ـ ماذا؟
أجفلت ونظرت إليه. توقف واستدار نحوها بتعبير متسائل
أتراه سمعها؟ أملت ألا يكون قد سمعها ثم تمتمت كاذبة" كنت... أقول للبطة إن كلينا مدين لك"
لم يجبها لأنه إما لم يصدقها إما لم يشأ أن يتهمها بالكذب في وجهها
سبقت جين البطة ووصلت إلى جانب كول:"اسمع كول.."
وضعت يدها على معصمه وهي تتكلم، فحدق إليها بتعبير مستغرب
ـ شكرا على ما فعلته اليوم
حاولت أن تبتسم ولدهشتها بدت ابتسامتها طبيعية غير مفتعلة. لم تتصور أن بإمكانها أن تبتسم بشكل طبيعي خلال الاضطراب الذي تعيشه
ـ هل لي أن أدعوك على العشاء؟
أين جاءتها تلك الفكرة؟ لم يخطر لها من قبل أن تطهو له.. أقله ليس في وعيها. لقد فكرت في أن تدفع له خمسين دولارا مقابل كل يوم حراسة، ولكن العشاء؟ ماذا لديها أصلا لتحضر الطعام؟
نظرت في عينيه ورأت الشك فيهما
ـ أتريدين أن تحضري لي العشاء؟
شعرت بشيء من الخوف والترقب. ماذا لو قبل دعوتها؟ ماذا ستقدم له؟ سندويشا بزبده الفستق؟ سيكون ذلك إهانة له
ـ أنا... حسنا..
ـ ظننت أنك لا تجيدين الطهو
لسعها تعليقه هذا، سواء أكان يقصد أن يؤذيها أم لا. وفركت يديها محاولة أن تزيل عنهما تأثير بشرته
ـ أقرّ بأنني لست ماهرة ولكن أود أن أشكرك عن اليوم
أبعدت نظرها عنه وقد شعرت بالإحراج ثم أرغمت نفسها على متابعة كلامها:"... وعن يوم غد كذلك عندما تعود"
ـ أنا واثق من حسن نيتك
قال ذلك لكن جين كانت تنتظر أن يعتذر عن المجيء. كان جزء منها يأمل بأن يعتذر بينما الجزء الآخرالمتمرّد لم يشأ ذلك
ـ لا يمكنني ! لدي موعد
شعرت بوقع اعتذاره في معدتها وكأن ثورا ركلها للتو. فرغم أنها كانت تتوقع اعتذاره، إلا أنه لم يخطر له أن يكون السبب موعدا. لكنها أنبت نفسها: لم لا أيتها المرأة الغبية؟ لم لا يكون لهذا الرجل الوسيم حبيبة؟ أو صديقة؟ إذا كانت حياتك أنت عقيمة، فليس من الضروري أن تكون حياته كذلك
شبكت ذراعيها وحاولت أن تبدو طبيعية وواثقة من نفسها:"لا يهم. ربما في وقت آخر"
ـ ليس الأمر ضروريا آنسة سانكروفت
غمرها شعور بالانزعاج، ولم تشأ أن يرفض اقتراحها، فقد سمعت ما يكفي من رفض هذا الأسبوع ولم تستطع سماع المزيد
ـ بل أظنه ضروريا. ما رأيك بمساء الغد؟
حدق إليها لحظة طويلة قبل أن يمنحها ابتسامة مثيرة:" حسنا، إذا كان هذا ضروريا، فأنا أقبل الدعوة"
لم انخطفت أنفاسها؟ شعرت بالارتباك والاضطراب، فأشاحت بنظرها ناحية البحر:" جيد"
ـ طابت ليلتك إذا
لم تستطع الحراك أو النظر إليه وتخدرت كل أحاسيسها وهو يبتعد على الرمل، لكنها انتبهت إلى أن صوت البطة راح يخفت شيئا فشيئا إذ كانت تتبع بطلها.
استمرت جين تنظر إلى البحر، وهي لا تكاد تصدق ما حصل للتو.
لقد ضربت موعد عشاء مع كول. ما الذي جرى لها؟ هل الكبت وخيبة الأمل المتكررة خلال هذا الأسبوع أثرا على صحتها النفسية؟ أم أن ذلك الإطراء غير المتوقع أفسد تفكيرها؟ يا الله! لقد قال إنها لطيفة جدا فتحولت إلى غبية حمقاء. كم من مرة حذرت نفسها بألا تمضي معه أكثر مما هو ضروري؟
وجدت نفسها تحدق إليه وهو يجتاز البوابة الحديدية. انتظر قليلا ريثما تدخل البطة قبل أن يقفلها مجددا. كم هذا جميل!
ابتعدت قليلا واتجهت إلى المياه الضحلة. كانت بحاجة إلى المشي والتفكير.
غدا يوم الجمعة أي نهاية أول أسبوع من المقابلات وكانت تظن أن في مثل هذا الوقت، لا بد أن تجد مرشحا مقبولا يمكنها أن تدرس أمره.
دست يديها في جيبي تنورتها وهي تمشي في الماء. تراءى لها وجه كول فحبست أنفاسها. لم هو أفضل رجل وطئ أرض هذا المنزل منذ أسبوع؟ وهو ليس فقط أكثر الرجال الذي التقتهم إثارة للاهتمام، إنما أخبرها أيضا بما يحبه الرجال حقا لدى النساء.
ومهما تكن نصيحته مهينة والحقيقة جارحة، فهو كان يساعدها.
واليوم ساعدها لتنزيل الصنارة من منقار تلك البطة الغبية التي أغرمت به.
أو يمكنها أن تلوم طائرا فضله عليها؟ بدا لها كول مكتفيا وسعيدا بحياته وتمنت جين لو بإمكانها أن تكون مكتفية مثله. فهي دائما تكافح من أجل طموحها وهذا أمر مرهق.
كانت جين تبحث عن زوج بثقافة جيدة وأهداف مهنية تشبه أهدافها، فلماذا هي إذا منجذبة إلى كول؟ ومع من موعد كول هذا المساء؟ هل سيعود في الليلة نفسها؟
مجرد التفكير في أن هذه الأسئلة تعذبها كان يغظها. لن تفكر بالأمر! ستحضّر له العشاء مساء الغد لأنها مدينة له لا أكثر ولا أقل. فسيكون العشاء مقتضبا، أشبه بعشاء عمل. وإذا حالفها لاحظ، فسيكون قابلا للأكل.


مرّ اليوم التالي كالذي سبقه، أي بشكل مريع. صدق كول في كلامه وأتى في تمام الساعة الثامنة صباحا، بصدره العاري ومظهره الرجولي وصندوق العدة. عند الظهر، دخلت المطبخ لتشرب فنجانا من القهوة قبل أن يحين الموعد التالي فسألها إن كانت تشعر بالجوع. في الواقع، كانت تتضور جوعا فأومأت بالإيجاب وما كان منه إلا أن قدم لها صحنا يحتوي على نصف طعامه. ثم خرج من المطبخ وصعد إلى الطابق العلوي ليكمل ما بدأه من عمل.
رائع! الآن تدين له بغداء أيضا. لكن عشاء اليوم سيسدد الحساب بأكمله. ليلة أمس ذهبت إلى متجر يقع على بعد نصف ساعة من الشاطئ واشترت كل ما تحتاجه من أغراض..
وقررت أن تحضر للعشاء وجبة من بين الصنفين اللذين تجيد تحضيرهما الروستو والبطاطا المشوية مع أصابع الخضار.
وضعت الروستو في الفرن، فعبقت الرائحة اللذيذة في أرجاء المنزل، يبدو أن الرجال الذين أتوا في فترة بعد الظهر فيما الطعام في الفرن، كانوا أكثر إيجابية إزاء فكرة الزواج. فقد ظنوا على الأرجح أنها من النوع الذي يحب تحضير الطعام لشريكه.
ولكن ذلك لم يكن ضمن اللعبة التي تخطط لها. فهي إن كانت تريد شيئا من عريس المستقبل فهو أن يجيد الطهو أيضا. خطر لها وهي تخرج اللحم من الفرن أن كول يجيد الطهو.
لا جين، لا تفكري حتى بهذا!
ذكّرت نفسها بأن كول لا يناسبها من ناحية المهنة والثقافة كما أنه لا يشعر بأي انجذاب نحوها. ورغم أنها لم تسأله شيئا عن مستواه العلمي، إلا أنها كانت واثقة من أنه لم يكمل تعليمه وإلا لما اكتفى بعمله في الصيانة.
وجين تنوي أن تتزوج رجلا طموحا، مثقفا يمكنها أن تشير إليه بفخر.
كول لا يرتدي حتى قميصا! أيمكنها أن تخرج معه إلى حفلات العشاء في العمل؟ أيمكنه أن يجاري رجال الأعمال في حديث اقتصادي؟ بدا لها ذلك مستحيلا لا يمكن تصوره، فأغمضت عينها وكأنها تعتصرهما. إذا، كفّي عن التفكير فيه.

مرّ العشاء وسط جو من عدم الارتياح، أقله من ناحية جين. فكول بدا مرتاحا كالعادة، إن لم نقل إنه كان سعيدا حتى إنه قال إن الطعام جيد، محاولا ألا يبدو متفاجئا بشكل يهينها.
بينما كان يشرب، بدأت جين تشعر بوطأة الصمت المطبق، ليس لأنهما كانا يتكلمان كثيرا قبل ذلك، إنما لأنه ركّز نظراته عليها وهو يشرب.
ـ إذا...لِم لمْ تحقق أشياء كثيرة في حياتك؟
سألت ذلك ثم أجفلت فجأة. هل قالت ذلك بصوت عال؟
حبست أنفاسها وركزت على طعامها الذي بالكاد لمسته. إن لم يجب على سؤالها فهذا يعني أنها لم تطرحه وإن أجاب، فهي لن تستغرب ردة فعله.
غرزت جين قطعة من اللحم في شوكتها ووضعتها في فمها. لكنها أحست بكتلة في حلقها وخشيت أن تبتلع الطعام فتختنق به
وضعت الشوكة من يدها وهي تنتظر. بعد لحظات سيزول شكّها
وضع الكوب من يده، وسألها:" هل هذه مقابلة رسمية، آنسة سانكروفت؟" http://www.liilas.com/vb3
يا إلهي! لقد سألته بصوت عال! ما الذي انتابها لتطرح سؤالا كهذا؟
هزت رأسها نفيا ورمقته بأبرإ نظراتها:" لا.. كنت أحاول أن أفتح حديثا عاديا"
ـ لا، ليس الأمر كذلك. الحديث العادي هو: كيف كان يومك؟ وليس لِم لم تحقق أشياء أكثر في حياتك؟
كان مصيبا في كلامه، وهذا ما أزعجها. لكنها استمرت في كذبتها.
ـ أنت حرّ، يمكنك أن تعتقد ما تريده
غرزت قطعة لحم أخرى في شوكتها محاولة أن تبدو هادئة، لكنها تمنت أن تتمكن من ابتلاعها عندما يحين وقت ذلك. وبينما كانت تمضغ، خيم الصمت مجددا ولكي تعزز موقفه وكبرياءها أخبرته عما حصل معها.
ـ لقد توصلت إلى نتائج مذهلة.
وكانت تقصد بذلك أنها قابلت رجلين اليوم يتمتعان بالمواصفات المناسبة وقد بديا متحمسين لعرضها
ـ بعض الأشخاص متحمسون للغاية لعرضي وأنا واثقة جدا من أنني سأحصل على نتيجة مرضية
كانت هذه كذبة، لا بل قصة خرافية ولكنها لم تستطع فعل شيء سوى ذلك، إذ كان عليها أن تمحو تلك التكشيرة المتشككة عن وجهه.
ـ حقاً؟
كانت نظرته ثابتة، متفحصة. أومأت جين برأسها لكنها لم تستطع أن تتكلم. كان من الخطأ أن تنظر مباشرة في تلك العينين البراقتين. فقد أحست بإثارة جعلت أنفاسها تنخطف ودقات قلبها تتسارع. غير أن حسّها المنطقي صاح بها يؤنبها: احذري جنيفر! إنهما تينك العينين الآسرتين مجددا. لا تضعفي بسببهما!
جاهدت كثيرا لتتمكن من إبعاد نظرها عنه، التحديق إلى عينيه لمدة طويلة خطر، فمن الممكن جدا أن ينوّماها ويؤثرا على تفكيرها لم لا تتعلم هذا؟
جالت بنظرها على المائدة وشعرت بشيء من الضبابية أن كول قال شيئا، فنظرت إليه على مضض:" ماذا؟"
وضع شوكة طعامه بجانب صحنه فلاحظت جين أنه فارغ وتساءلت أين عساها سبحت بأفكارها وهو يأكل؟
ـ قلت ما رأيك لو نسبح قليلا؟
ـ تماما
هل هو جاد؟ فسألت، علّها تجد الخدعة التي ينوي تنفيذها "أنت وأنا؟"
كانت نظراته شاخصة إلى وجهها وكأنه يتحقق من وجود علامات الصدمة"إنه مجرد اقتراح"
ـ لكننا... أكلنا لتوّنا
ابتسم قليلا كاشفا عن أسنان ناصعة رائعة. ورغم أن الابتسامة كانت ساخرة أكثر منها ودودة، إلا أن تأثيرها عليها وعلى قدرتها على التفكير كان ساحقا
ـ لو اقترحت عليك مسابقة في السباحة، لكان من حقك أن تخشي الإصابة بتشنجات في المعدة
استند إلى الخلف في كرسيه وتابع كلامه بنظرة متحدية:" أنا أقصد اللهو في الماء ليس إلا"
ـ اللهو؟
ـ هل أنت خائفة؟
تساءلت عما إذا كان يقرأ الأفكار فهذا تماما حالها، خائفة حتى الموت
رفع حاجبيه متسائلا" هيا آنسة سانكروفت.إن كنت لا تثقين بحارسك الشخصي، فبمن تثقين؟"
تذكيره لها وأنه وجدها غير جذابة أثار جنونها. لكنها استعادت قدرتها على الكلام:"لست خائفة وأشعر برغبة في اللهو"
لكنها تذكرت متأخرة أنها لم تحضر معها ثوبا للسباحة:"آه...!"
ـ ماذا؟
هزت رأسها وأجابته."لم أحضر ثوب السباحة"
ـ جئت لتسكني في بيت صيفي على الشاطئ من دون أي نية في السباحة؟
فاكتفت بهزة من كتفيها" أنت تعرف سبب مجيئي إلى هنا وهو حتما ليس اللعب في الماء"
- آه، نعم
وقف وقال لها" أظنني رأيت ثيابا للسباحة للضيوف في إحدى خزائن الطابق العلوي، بينما كنت أصلح أحد الرفوف"
ألقى عليها نظرة شاملة ولكن تعابيره لم تكن مقروءة
ـ لا بدّ أن تجدي فيها ما يناسبك
لم تستطع قراءة نظراته، ولكن نظرا لسوابقه، فهمتها على أنها إهانة" حسنا، سأبحث في القسم الخاص بالمحتشمين المتزمتين"
زمّ شفتيه فأحست بأنه ربما يخفي التسلية التي شعر بها ولكن لما تهتم بما يفكر فيه؟
ـ حظا موفقا!
قال ذلك ثم أمسك صحنه فخُيّل لها إليها أنه سيساعدها في رفع المائدة.
ـ إيّاك!
نظر إليها وقد بدا واضحا أن عنفها أربكه فنهضت بدورها واستدارت حول الطاولة لتأخذ الصحن منه"كان هذا العشاء عربون شكر لمساعدتك لي. والآن اذهب وابدأ...باللهو"
من دون أن يجيب، تراجع قليلا إلى الخلف لكي تتمكن من المرور أمامه، حاملة الأطباق والملاعق. لمَ تتأثر هكذا بقربه منها؟
ـ في الواقع، كنت أفكر بتناول المزيد
قال هذا فأجفلت لدرجة أنها كادت توقع الصحن من يدها
ـ كنت ماذا؟
أخذ صحنه وشوكته من يدها ووضعهما مجددا على المائدة
ـ أريد المزيد إن كنت لا تمانعين، فاللحم شهي
ـ طبعا. لا أمانع.. لا أظن ذلك
ـ شكرا
مرّ بجانبها وتوجه إلى المطبخ، بينما كانت تحدق في شوكة طعامه ذاهلة: هل قال حقا إن اللحم شهي؟ وحدقت بدهشة إلى باب غرفة الطعام التي خرج منها لتوّه. شعرت بوهن يتملكها فوضعت يديها على سطح المائدة البارد. وبعد لحظات، سمعت غناءً يصدر عن آلة التسجيل. لم تتعرف إلى الموسيقى في الحال. كانت أوبرا مغناة بلغة أجنبية.
ظهر كول مجددا حاملا صحنه المملوء باللحم وبما تبقى من خضار مسلوقة ثم وضع طعامه على المائدة ونظر إليها:" هل أعيق طريقك؟"
طرفت بعينيها وقد لاحظت أنه يستند إلى الطاولة بالقرب من كرسيه، فاستقامت في وقفتها:" لا...لا"
عادت إلى مكانها مرتبكة وزاد ارتباكها عندما أمسك لها الكرسي لتجلس عليه
ـ آمل ألا تزعجك الموسيقى، فأنا أحب الألحان الفرنسية
قال ذلك وهو يأخذ مكانه، فحدقت إليه، مذهولة بما قاله:" هل هذا لحن فرنسي؟"
ـ وهو الأفضل برأيي
ـ آه!
لم تعد تعرف بما تجيب، إذ لم يكن لديها خبرة في الموسيقى، فرنسية كانت أو سوى ذلك
ـ هل هذا قرص؟
ـ نعم إنه لي أحضرت بعض الأقراص قبل مجيئك إلى هنا، لكي أستمع إليها أثناء عملي، ولكن مع المقابلات التي تجرينها...
لم يكمل كلامه لكن هزة كتفيه أوضحت قصده
ـ آه!
وماذا عساها تقول غير ذلك؟
ـ حسنا إنها موسيقى مثيرة للاهتمام
ـ ألم تعجبك؟
استندت إلى الخلف وأخذت نفسا عميقا، محاولة أن تبدو طبيعية قدر الإمكان وأن تخفي تسارع نبضاتها:"لم تقول ذلك؟"
ـ لأنك استخدمت كلمة "مثيرة للاهتمام" وهي ليست إيجابية تماما بنظري.
شحب لونها إزاء فرضيته تلك، فهي لم تفكر بما قالته بقدر ما فكّر هو
ـ لم أقصد ذلك. أظنها موسيقى جميلة
ـ هل أنت معتادة على سماع هذا النوع؟
قالت:" حسنا... أعرف أن الفرنسية لغة تحكى في فرنسا وأن هذه الموسيقى أوبرالية"
بدت ابتسامته صادقة تقريبا، يشوبها بعض الهزء عند الأطراف
ـ جيدا جدا، آنسة سانكروفت
رغم أنها لم تكن بحاجة للإقرار بجهلها من هذه الناحية، إلا أنها لم تستطع أن تصمت:" معرفتي بهذا اللحن بالذات قد يشوبها بعض الثغرات الصغيرة"
ـ حسنا لنسدّ الثغرات، عليك أن تعلمي بأنها مستندة إلى قصة لزولا. وفي هذا المشهد، يقع جندي في أيدي الألمان ويحكمون عليه بالإعدام لأنه ساعد أعداءهم الفرنسيين. وبينما هو ينتظر في رواق الموت تنفيذ الحكم، ينشد أغنية الوداع للأشجار والسماء. والمغني بصوته، يجعل من الأغنية مشهدا استثنائيا. اسمعي!
ركزت جين على الأغنية بكل ذرة من كيانها وراحت تتخيل ذلك الجندي يغني من قلبه عشية إعدامه. كم كان ذلك جميلا ومثيرا للعواطف، لا سيما بعدما عرفت القصة
ـ أعجبتني الأغنية
قالت ذلك وقد علمت أن تعليقها لم يكن على قدر تلك المعزوفة الجميلة
كانت جين تعلم الكثير عن الاقتصاد والسياسة والقضايا المعاصرة ولكن لا شيء عن الموسيقى.
شعرت بشيء من الضعف، فحولت انتباهها إلى كول وسألته:"كيف.. كيف تطور اهتمامك بالأوبرا الفرنسية؟"
تشابكت نظراتهما فأسرها بعينيه، وضع شوكته جانبا وسألها بدلا من الإجابة:" تقصدين كيف بإمكان عامل صيانة أن يعرف هذا القدر عن الأوبرا والموسيقى؟"
شعرت بوخزه ألم عند سماع تعليقه اللاذع:" أنت تظن أنني متكبرة، أليس كذلك؟"
شدّ على شفتيه وفي صمته توبيخ عنيف
ـ أظن بالأحرى أن لدينا وجهتي نظر مختلفتين
تمتمت وهي تخفض نظرها إلى صحنها
ـ لا جدل حول ذلك
رمقته بنظرة قاسية. شعره الأسود اللامع الذي نفخ به الهواء، أضفى عليه لمسة سحر رجولية، وقميصه الأبيض أبرز كتفيه العريضتين، لقد أثبت لها أنه فعلا يملك قميصا وأنه مثير بالقميص بقدر ما هو مثير من دونه
ومن تحت زجاج المائدة، استطاعت أن ترى سرواله النظيف والمكوي الذي لا يخفي شيئا من قوة ساقيه الطويلتين
رفعت عينيها مجددا إلى وجهه، فصدمتها مرة أخرى عيناه الزرقاوين المركزتان عليها ووجدتهما آسرتين جدا لا يمكن التحديق إليهما طويلا إن كانت تريد المحافظة على سلامة تفكيرها
أشاحت بنظرها بعيدا كان عليها أن ترتب أفكارها وتنظمها. حسنا، ربما يمكنه أن يلبس قميصا مرتبا عند الضرورة وربما يعرف عن الموسيقى الفرنسية أكثر منها ولكنه ليس من نوع الرجال الذين تبحث عنهم. وهذا ليس تكبرا إنما هو المنطق ليس إلا
انتهت الأغنية واستند كول إلى الخلف في كرسيه:" كان ذلك رائعا، شكرا"
فأومأت محاولة أن يبدو تعبيرها ودودا. كان ضيفا مهذبا تماما، حتى ولو أحاطت بإطرائه بعض التعليقات التي جعلتها تشعر بأنها غبية ومذنبة
ـ لم يكن ذلك شيئا كنت أدين لك بعشاء
قالت ذلك، محاولة أن تبدو مثله
ـ سأذهب لأغير ملابسي
حدقت إليه من فوق حافة كوبها. يغير ملابسه؟ عم يتكلم؟
كان اضطرابها على الأرجح باديا على وجهها، فقد أضاف مستفهما:" أنسيت؟ اقترحت عليك أن تسبحي؟"
وضعت الكوب مكانه"آه صحيح"!
بعد التفكير وجدت أنه ما كان عليها الموافقة:" في الواقع ،كول..."
ـ سأغير ملابسي
قاطعها بحزم وقد مال إلى الأمام ناحيتها، سائلا إياها:" أكنت تفكرين بالتراجع؟"
لم يعجبها تلميحه إلى أنها جبانة، فقررت أن تكذب:" لا، ليس الأمر هكذا..."
ـ جيد، إذا نلتقي بعد نصف ساعة عند الشاطئ
أرادت أن تنهض وتستمر بمناقشته حتى يصلا إلى الباب لكنه أشار إليها بأن تبقى جالسة:" يمكنني أن أخرج بنفسي"
ـ ولكن..
وصل إلى الباب في ثلاث خطوات، وبعد لحظة، كان الباب قد أغلق وكول قد اختفى. العشاء معه سبب لها الاضطراب أكثر مم سببه لها أي تدقيق حسابات قامت به يوما وفي خضم اضطرابها هذا، وافقته على "اللهو" في الماء.
فألت نفسها هامسة:" هل أنا مجنونة؟"
بعد ربع ساعة، كانت جين تحدق إلى المرآة. من بين كل أثواب السباحة الجديدة المتوفرة في الخزانة، اختارت ثوبا زهريا من قطعتين ولكنها فكرت في سرها" واجهي الأمر جين، هذا ليس مجرد ثوب سباحة، إنه ثوب سباحة فاضح جدا"
ما الذي يجري لها؟ ما الذي حدث لمنطقها وقناعتها منذ رأت عيني كول الآسرتين؟
خشيت جين أن تكون على علم بما يجري لها . لقد أوضح لها كول أنه لا يهتم لأمرها وقد جرح ذلك كبرياءها.
أخذت منشفة وخرجت من الحمام لتنزل الدرج وهي تفكر في أن الثوب الأسود ذا القطعة الواحدة أكثر حشمة
لكنها لا تريد الآن أن تفكر في ذلك فكبرياؤها مجروحة تماما

نهاية الفصل الخامس http://www.liilas.com/vb3

*****





******













 
 

 

عرض البوم صور golya   رد مع اقتباس
قديم 10-07-09, 09:26 AM   المشاركة رقم: 10
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Dec 2007
العضوية: 59662
المشاركات: 288
الجنس أنثى
معدل التقييم: فراولة2008 عضو على طريق الابداعفراولة2008 عضو على طريق الابداع
نقاط التقييم: 170

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
فراولة2008 غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : golya المنتدى : روايات احلام المكتوبة
افتراضي

 

يعطيك ألف عافية ياعمري
الرواية حليوة أنا قرأتها من قبل بس ما يمنع أقرأها مرة ثانية

 
 

 

عرض البوم صور فراولة2008   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
احلام, دار الفراشة, رينيه روزيل, روايات مكتوبة, روايات رومنسية, روايه, شمس الحب لاتحرق .
facebook




جديد مواضيع قسم روايات احلام المكتوبة
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 07:57 PM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية