4_أفكار ليست للعرض!
رأت كارن بول ينصرف مع روث, ورأتهما يتحدثان مع فليوز وزوجته قبل أنصرافهما , ولما لم يظهرا ثانية حول مائدتهما أفترضت أنهما أنصرفا , وشعرت بعد أنصراف بول بأن المساء فقد سحره, لماذا؟ ولم تستطع معرفة السبب فلم يرقص معها, كما أن الحديث بينهما كان مشوبا بالتوتر لعلها كانت هي السبب في ذلك, ولعلها وجدت متعة في مضايقته وأزعاجه. منتديات ليلاس
كان العذر الوحيد لرحيلهما المبكر في نظرها هو أنهما أرادا أن يكونا بمفردهما! وأفزعتها الفكرة بما أثارته فيها من مشاعر مؤلمة , كانت لهما الحرية بالطبع في أن يفعلا ما يريدان , فهما سيتزوجان قريبا ويصبحان معا طوال الوقت, ولعلهما قضيا ساعات وساعات معا وحدهما! كان لا بد أن تعرف , وتعترف بأنها لا تسيطر على بول بأي حال.
أقترحت أن تعود الى بيتها بعد أن أصبح واضحا أن بول وروث قد أنصرفا , وأبدى لويس استعداده لمرافقتها , فودعت توني وأخذت معطفها واستقلت مع لويس سيارة تاكسي لأنه لم يحضر سيارته , وتمنت كارن ألا يدخل معها الشقة , فلم تكن مستعدة لأي مزيد من النقاش , ولكنه دخل وطلب مشروبا , وسألها:
" هل أنت بخير يا كارن؟".
ردت بدهشة:
" هل أنا بخير؟ بالطبع... لماذا؟".
أجاب بطريقة بليدة:
" حسنا... يبدو أنني أفسدت سهرتك . لعل ستوكر أعتبرني شخصا أحمق".
ألقت كارن بمعطفها فوق الأريكة , وصبَت كأسين ناولت أحدهما للويس قبل أن تجيب قائلة:
" أنت لم تكن بهجة الحفل بالطبع ... ولكنك لم تفسد سهرتي حقا فلا تنزعج".
" الحمدلله على ذلك... ولكنك تبدين ساهمة".
" قد أكون ضائعة الأفكار".
ونظرت الى كتفي لويس النحيلتين وجسمه الهزيل ... بعد أن رأت بول بدا لها لويس أقل من رجل! وفكرت:
أن لويس لا يستطيع أن يحمي أمرأة بقوة اذا لزم الأمر ... بالطبع في حياة لويس الخالية من الأحداث , لن تحتاج الأمر الى ذلك... ومع هذا فجميل أن تشعر المرأة بالحماية عندما تكون في صحبة رجل.
قال لويس وهو يعبس:
" أفكار؟ ما هي هذه الأفكار؟ ما الذي يشغل ذهنك؟".
قالت كارن وهي تشرب كأسها:
" أنها ليست للعرض".
" وهل ستقابلين ستوكر ثانية؟".
هزت كارن رأسها قائلة:
" لويس... أرجوك ... لا أريد جدلا ... لن أرى ستوكر ثانية ... هل يرضيك هذا؟".
وبعد أن فرغ لويس من كأسه أردفت قائلة:
" أنني مرهقة".
فعندئذ نهض وحياها وأنصرف.
ترك لويس وراءه جوا مفعما بالضيق ... كانت تعرف تماما أنه يتمنى أن يلاطفها أو يلمسها , وكانت تتمنى ألا يفعل, والواقع أنه لم يفعل, ومع ذلك ظلت تشعر بالضيق وكأنها على وشك أن تسقط في دوامة.
كان موقفه منها أشبه بنوع من الوشم , لقد أدركت من اللحظة الأولى أنه يحيها, ولكنها لم تشجعه على الأطلاق, ولعله أقنع نفسه بأنها قد تبادله الحب على مر السنين .... ألا أنها أيقنت الآن أن هذا مستحيل , لم يكن لويس بالرجل الذي تختاره زوجا حتى بدون سيطرة بول على كيانها ... كان رجلا يحب التملك ... عنيدا وأكبر منها بكثير.
أغلقت الباب خلفه وتنهدت بارتياح وهي تلقي بنفسها على الأريكة , وترتجف رغما عنها ... كانت سعيدة اشيء واحد وهو أنها رأت خطيبة بول الليلة , ومعنى هذا أنها عرفت خصمها ! أنها أمرأة جذابة جدا ... وكان يجب أن تعترف كارن بهذا... وما لبثت أن نهضت من مكانها في قلق واتجهت الى المرآة الطويلة في غرفة نومها , وراحت تتفرس في صورتها , اذا كانت روث هي فكرة الكمال في نظر بول فلا عجب أذن أنه طلق كارن. أنهما مختلفتان تماما, كان جسم روث متناسقا برقة بينما كانت كارن طويلة مكتملة الجسم ... وروث أشبه بزهرة السوسن الرقيقة , في حين أن كارن شبهت نفسها بوردة متفتحة , ترى أيتهما تصمد وتحتمل أختبار الزمن ؟ تمنت كارن أن تكون هي الصامدة ! فأن لها بنيانا قويا على الأقل.
ولكن لعل روث جعلت بول يشعر بأنه قوي ويستطيع أن يحميها , وبذلك أرضت رجولته, كانت كارن تثبت دائما أنها شخصية مستقلة , وتساءلت عما اذا كان بول يريد زوجة أكثر خنوعا , زوجة يستطيع أن يخضعها لأرادته.
وعندما تذكرت حياتهما الزوجية شعرت بغصة, كان يمكن أن يدوم زواجهما لو أن بول لم يكن حريصا على جمع المال, وتحسين شركته التي كانت قوية بالفعل , أين هي تلك المرأة التي تريد أن تقضي الأيام والليالي وحدها؟ بينما يكون زوجها مشغولا بزوجته الأخرى ... بعمله... بشركته؟ ورغم كل ذلك شعرت بأنها مستعدة أن تعود اليه الآن لو طلب ذلك.
ومر أسبوع ببطء, دفنت كارن نفسها في عملها , فهذه هي الطريقة التي تزيح بها الواقع من ذهنها , وكانت تتمنى ألا يؤثر ضيقها على عملها, واتصل بها توني ستوكر تلفونيا وشكرها على قضاء تلك الأمسية الجميلة, وتأثرت كارن من لطفه خاصة بعد أن عامله لويس بطريقة غير ودية , وأرسل لها لويس باقة من زهور الربيع مع كلمة أعتذار عما بدر منه ليلة الحفل الراقص وشعرت كارن بارتياح , وبعد مرور حوالي عشرة أيام على الحفل الراقص أنجزت كارن كل العمل المطلوب منها , وقررت الذهاب الى المكتب في صباح اليوم التالي لترى لويس, فأخرجت سيارتها القديمة من الكاراج لتقوم بنزهة , واتجهت نحو غيلدفورد , كان الطريق يثير الذكريات , فقد سلكت هذا الطريق مرات كثيرة مع بول , وشعرت كأنها سجينة تهرب لفترة , بل شعرت بالذنب من تركها لندن وراءها, وكانت جوانب الطرق والحدائق المتناثرة مفعمة بألوان الزهور المختلفة , وشعرت بغيظة لم تشعر بها منذ فترة طويلة.
ووصلت الى غيلد فورد , وهناك دخلت مقهى حيث شربت القهوة, ودخنت سيكارة , وراحت تتفرس في وجوه الشبان الذين جلسوا حول الطائرة المجاورة , ولاحظت أنهم أطالوا شعورهم, وعندما بدأوا بدورهم يتفرسون في وجهها قررت أن تنصرف , فعادت الى سيارتها وقادتها ببطء الى لندن, ولكنها سلكت الطرق الخلفية , ووجدت نفسها في الطريق المتفرع من الطريق المؤدي الى تريفاين وخفق قلبها بشدة , ترى هل قادها عقلها الباطن الى هذا الشارع عن عمد؟
ووصلت الى المنعطف وأبطأت القيادة, كانت الشوارع هادئة, وفجأة وجدت نفسها تدخل الطريق الخاص, وترددت لحظة فقط قبل أن تتجه الى أعلى التل, نحو البوابات المصنوعة من الحديد المصبوب , وأوقفت السيارة وجلست تتطلع الى الطريق , بدا المنزل كما كان تماما عندما غادرته , الدخان يتصاعد في حلقات من المدخنة , والواجهة البيضاء رائعة بلا شائبة كما كانت تماما , وتنهدت وانسلت من السيارة , وتساءلت: ترى من الذي يقيم هنا الآن؟ وهل لديهم أطفال؟ وهل هم أسرة سعيدة؟ وتمنت ذلك... كانت تتألم دائما كلما فكرت في تريفاين.
وسيطر الفضول على مشاعرها , فعبرت المدخل , ونظرت الى الطريق المؤدي الى المنزل , شعرت كأنها متآمرة وهي تتفرس في واجهة المبنى مليا , وفجأة لمحت السيارة البيضاء تقف في ناحية الفناء الأمامي , كانت مثل سيارة بول التي أوصلها بها الى بيتها يوم أن قابلته لتتحدث معه في موضوع ساندرا , وقطبت جبينها وأخرجت علبة سكائرها وأشعلت سيكارة , بالطبع لا يمكن أن تكون سيارة بول , فما الذي يأتي به الى هنا؟ الا اذا كانت الأسرة التي اشترت المنزل أسرة صديقة له! من يدري لعله في زيارة للأسرة مع روث.
ورأت أن أسلم هو أن تعود بسرعة قبل أن يضبطوها تتسلل الى المنزل , واستدارت فجأة وفي تلك اللحظة أشتبك كعب حذائها بقطعة من العشب , وبدون أي أنذار التوى رسغ قدمها على نحو مؤلم واختل توازنها وسقطت على الأرض المغطاة بالحصى , واختنقت بالبكاء , وهي تمسك برسغها بقوة وتأمل أن يزول الألم , وسالت الدموع من عينيها وعندما زال الألم قليلا جلست على الأرض , وأخذت تدلك رسغها بقوة ورفعت قدمها في وضعها الطبيعي , ولكن الرسغ كان يؤلمها بشدة حتى لم تستطع أن تتحمل لمسة أصابعها عليه.
كان منظرها يثير الضحك وهي تجلس على الأرض , وابتهلت أن يزول الألم ولو قليلا حتى تستطيع العودة الى سيارتها والى بيتها , كان رسغ قدمها اليمنى هو الذي أصيب بألتواء وبدأ يتورم ويحيطه أحمرار شوه الجلد.
وراحت تؤنب نفسها ذهنيا على أهمالها وحضورها الى هنا بسبب الفضول, وشعرت بالحرج أمام أي شخص يمتلك المنزل , اذا خرج أحد فكم ستبدو في عينيه غبية حمقاء ! أما اذا كانت روث هناك فلتساعدها السماء في هذه الحالة! ستضحك منها ملء شدقيها , أما اذا كان السكان غرباء , فسيريدون بالطبع أن يعرفوا من هي ولماذا قدمت الى هذا المكان.
ومما زاد الطين بلة أن الباب الأمامي للمنزل فتح فجأة , وارتجفت كارن قليلا ولم تنتظر لترى من الذي فتحه فأمسكت بعمود البوابة وعبثا حاولت الوقوف على قدميها , كانت ساقاها تهتزان وقدمها تؤلمها بشدة, لدرجة أنها فقدت توازنها , وسقطت على الحصى مرة أخرى, وخدشت الأحجار الحادة أصابعها , وترامى ألى أذنيها صوت رجل... يقول:
" وهو كذلك يا بنسون , سوف أخبرك الأسبوع القادم".
أنه صوت بول , وأنقطع فجأة وكأنه لمحها لتوه , ولم تجرؤ على أن ترفع نظرها بل أغلقت عينيهافي ضيق, ترى هل يعتقد أنها كانت تطارده أو شيئا من هذا القبيل ! وسمعت وقع أقدام تقترب منها , ثم شعرت بيدين تضغطان على كتفيها وتساعدانها على النهوض وتمسكها بشدة , واستدارت لتواجهه , وسمعت لهاث أنفاسه الحادة وهو يديرها لتواجهه ثم يهتف ناظرا اليها:
" كارن ... ما الذي تفعلينه هنا بحق السماء؟".
كان وجه كارن شاحبا ولكنها استطاعت أن تقول بمرح:
" أجلس القرفصاء يا حبيبي ... ألست أبدو حمقاء؟".
ظل بول ممسكا بها لحظة , وهي سعيدة... كانت تخشى أن يتركها فتنهار وتسقط على الأرض , وعندئذ سيرى قدمها حتما .
وقطب بول جبينه , كان واضحا أنه حائر , وقررت كارن أن تبذل محاولة من جانبها , فقالت والدم يصعد الى وجنتيها:
" لا بد أن أعتذر ... لقد توقفت لألقي نظرة على المنزل فانزلقت قدمي , سأنصرف الآن".
واستدارت على قدمها السليمة , وحاولت أن تصل الى سيارتها وهي تعرج على قدم واحدة , ولكن قدمها لم تتحمل ثقل جسمها فسقطت تحت قدميه على نحو مهين ! وصاح وهو يركع على ركبتيه بجانبها :
" كارن! هل أنت مريضة؟ يا ألهي.... أنظري الى رسغك!".
وشعرت بأنها حمقاء وضعيفة فقالت:
" أنه لا شيء".
وتجاهل أعتراضها فدسَ يديه تحتها وحملها بسهولة بين ذراعيه وتلاقت عيونهما لحظة , وخفق قلبها بجنون , شعرت بسعادة تغمرها وهي قريبة منه هكذا , واستدار نحو المنزل , وصعد الدرج وهو يحملها , ثم دخل المنزل , ومر أمام بنسون الذي بدا عليه الفزع وراح يتساءل عما حدث, وعندما وقع نظره عليها صاح متعجبا:
" أنها السيدة فريزر!".
حاولت كارن أن تبتسم وكأنها في حلم , وكأن كل ما حولها لا يمت بصلة الى الواقع , قالت:
" هالو بنسون .... أنني سعيدة أن أراك ثانية, كيف حال زوجتك ماغي؟".
" أنها على ما يرام يا سيدتي!".
قال بنسون هذا وهو لا يزال مذهولا من تطور الأحداث , ثم سأل بول:
" هل تريد شيئا يا سيدي؟".
أجاب بول بسرعة وهو يتوقف لحظة:
" نعم, أطلب من ماغي أن تحضر بعض الماء البارد ورباطا ضاغطا , أظن أن السيدة... أقصد الآنسة ستاسي لوت رسغها".
" أمرك يا سيدي".
قال بنسون ذلك وهرع الى القاعة , ثم الى المطبخ بعد أن أغلق الأبواب الأمامية.
وحمل بول كارن الى غرفة الجلوس , ووضعها على الأريكة , فنظرت حولها في دهشة , وتذكرت هذه الغرفة جيدا , كانت هي التي أقترحت عمل ذلك الديكور الأزرق والرمادي , ليضفي على الغرفة جوا مريحا , والجدران ما زالت مطلية بلون أزرق باهت , وقد علقت عليها لوحتان فقط أضافتا بهجة , وفوق الحائط الثالث علقت مرآة مقوسة كبيرة كادت تغطيها كلها , وفي الحائط الرابع نوافذ واسعة تطل على رواق مبلط.
ومن مكانها فوق الأريكة أستطاعت كارن أن ترى من خلال النوافذ الواسعة , العشب الممتد الذي يؤدي الى حمام السباحة وماعب التنس وراءه , وتنهدت ونظرت الى رسغها المتورم وشعرت بالدهشة , كان المنزل كما تركته تماما , ألم يقل لها بول أنه ينوي شراء منزل لروث في ساكس ويلد؟ ما لبثت أن نظرت اليه , كان واقفا وظهره ناحية المدفأة وقالت:
" آسفة اذ كنت قد أزعجتك".
أجاب:
" لا عليك, هل تريدين سيكارة؟".
كانت عيناه عميقتين لا قاع لهما , شكرته , وأخذت سيكارة ووضع بول سيكارة أخرى بين شفتيه ثم أشعلهم بالقداحة , وأعادها الى جيبه واعتدل بقامته, فسألته كارن وهي لا تستطيع السيطرة على نفسها :
" أخبرني , ألا تزال تملك هذا المنزل؟".
نفث بول دخان سيكارته ببطء من بين شفتيه , والتفت اليها وحملق فيها بحزن قائلا:
" نعم".
هزت كارن كتفيها ثم صاحت:
"ولكنك أخبرتني أنك ستشتري منزلا في ساسكس , هل غيرت رأيك؟".
رد بول بغموض:
" كلا".
ولم تفهم كارن موقفه فعادت تسأله في حيرة:
" أذن لماذا تحتاج الى هذا المنزل؟".
أجاب ببرود:
" لست أحتاج أليه ... أنني ببساطة لا أريد أن أبيعه , لا داعي لأن تشغلي نفسك بهذا الموضوع , المنزل يروق لي, وكان دائما يروق لي".
تمتمت قائلة:
"أوه...".
قضت كلماته على أية فكرة كان يمكن أن تخطر على بالها , وفجأة شعرت بألم شديد في رسغها , وكادت تطلق صيحة , ولكنها كتمتها , وعبس بول عندما رأى وجهها , وسار مسرعا نحو الباب , وقال بنفاذ صبر:
" أسرعي يا ماغي".
وصاحت كارن:
" لعلها تعد الأشياء بأسرع ما تستطيع".
فقال بحنق:
" أنها ليست سريعة بشكل كاف".
وما كاد ينتهي من كلامه حتى وصلت السيدة بنسون مسرعة ومعها ضمادات ووعاء فيه ماء بارد .
وصاحت قائلة وهي تدخل غرفة الجلوس:
"أين هي السيدة فريزر؟".
قالت كارن وهي تبتسم:
" أنا هنا يا ماغي... أنني سعيدة برؤيتك ثانية".
قالت ماغي بدون لباقة:
" يجب أن تحضري الى هنا كثيرا ... يسرنا أن نعرف أخبارك".
واقترب بول من الأريكة , وقال لماغي قبل أن تركع على ركبتيها وتضمد رسغ كارن:
" سأتولى هذا بنفسي يا ماغي... هل تستطيعين أعداد بعض الشاي؟".
" بكل سرور ... لن يستغرق هذا دقيقة , لن أتأخر يا سيدي".
أومأ بول, وانصرفت السيدة بنسون , وأغلقت الباب خلفها... وألقى بول بسيكارته في المدفأة الفارغة ورفع بنطلونه وركع بجانب الأريكة , رفع طرف ساق بنطلونها وراح يفحص الأحمرار على جلدها ... وتحسس الرسغ بأصابعه وقال بهدوء:
" ليس هناك أي كسر في العظام".
قالت كارن :
" حسنا".
" شعرت براحة وهو يلمس رسغها برقة... كانت سعيدة لأنها قريبة منه, فأنه يلمسها , أما ألم الرسغ فكان يأتي في المرتبة الثانية من حيث الأهمية , وضمد رسغها بعناية بعد أن بلل الضمادة ثم ربطها بدبوس, وانتظرت كارن أن يرفع يده من فوق قدمها . وتمنت أن تحافظ على هدوئها , ولكنه بدلا من ذلك ضم قدمها بحنان غريب , والتقت عيونهما ثم شفاههما , ونسيت كارن كل شيء الا بول بجانبها ... ثم أنتبها على صوت السيدة بنسون تحضر الشاي ,,, واعتدلت كارن في جلستها وقد احمر وجهها , وحاولت أن تسوي شعرها وهي تتساءل ... ترى فيم ستفكر السيدة بنسون وهي تضع الشاي على مائدة قريبة من الأريكة ؟ لا بد أنها لاحظت اضطرابها ولكن الخادمة المطيعة قالت:
" هل تصبين الشاي يا سيدتي؟".
أجابت كارن بسرعة:
"نعم... أشكرك... أنه يبدو لذيذا جدا".
قالت ذلك وهي تنظر الى الصينية حيث وضع أبريق الشاي وأبريق من الحليب وفناجين وأطباق وصحن مملوء بالكعك الطازج. وقالت السيدة بنسون:
" حسنا جدا يا سيدتي... يوجد شاي آخر اذا أردت".
وانصرفت بدون أن تنظر الى بول الذي كان يملأ لنفسه كأسا. وصبت كارن الشاي وهي تشعر بالدهشة والخجل والضيق لأنها أستجابت لبول , وحاولت أن تبدو طبيعية فقالت:
" هل تريد شايا؟".
استدار بول والكأس في يده وأجاب في صوت خفيض:
" لا ... شكرا".