صاحت كارن:
" هل كنت تعتقد حقيقة أنني سأشجع علاقة بين أختي ورجل متزوج, أي رجل متزوج؟ هذا الى أن رجلا مثلك يؤثر عليها تأثيرا سيئا, أنها طائشة بما فيه الكفاية , بدون أن تزيدها طيشل بطريقتك المجنونة!".
تمتم قائلا وقد بدا غاضبا:
" صحيح! شكرا يا آنسة ستاسي , ولكن لا أعتقد أنك تعرفين مدى حب ساندرا لي , لن تستطيعي أن تفرقي ما بيننا بسهولة , ان بول يعتقد أن له اليد العليا ولكن المسألة ليست بهذه البساطة".
سألته كارن بقلق:
" ماذا تقصد؟".
وفكرت:
بالتأكيد لن تحدث ردود فعل عكسية في هذا الموضوع البغيض, وفجأة سمعت طرقا على الباب ,فعبست ورفع سيمون حاجبيه ثم قال بسخرية:
" مزيد من الزوار! ترى من القادم؟".
هزت كارن كتفيها وأطفأت سيكارتها وسارت نحو الباب لتفتحه,وفوجئت ببول يقف أمامها... بقامته الطويلة يرتدي حلة زرقاء داكنة جميلة وقميصا أبيض , وربطة عنق زرقاء , كان منظره الأنيق يتناقض مع مظهر سيمون الهزيل , وأدركت كارن أن بول كان دائما يبدو على أجمل صورة , وأكثر أناقة من أي شخص آخر مهما كانت ملابسه.
ولكن وجه بول كان باردا وهو يتطلع الى الرجل الجالس على الأريكة... كانت عيناه الداكنتان عميقتين , وشعرت كارن بالهلع من الضجر الذي بدا على وجهه , وأخيرا قال:
" حسنا ... حسنا... أنك اليوم شعبية! أم يجب أن أقول أنك شهيرة!".
ثم نظر الى روب كارن ووجهها الخالي من المساحيق, وأدركت فورا ماذا يقصد... فصاحت قائلة وهي تضم أصابعها:
" يا لها من مفاجأة!".
أجاب بول بسخرية واضحة:
" أنا واثق أنها مفاجأة فعلا, لو كنت أعرف أن لك علاقة وثيقة هكذا بسيمون لطلبت منك أن تناقشي معه موضوع ساندرا بنفسك. كنت أعتقد أنك أرفع من أن تهتمي برجل مثله".
وصاحت كارن في يأس:
" كنت... أقصد... لا يمكن أن تتصور أنه جاء الى هنا لأنني دعوته!".
أجاب بول ببرود:
" وواضح أنه يبدو وكأنه في منزله هنا! لعلك أردت أن يقطع علاقته مع ساندرا حتى لا يكون لك منافس!".
وفي هذه اللحظة قرر سيمون أن يتدخل فنهض قائلا ببطء متعمد:
" رغم أن هذا يؤلمني فأنني يجب أن أقول أن كارن لا تهتم بي... لقد قالت ذلك بصراحة وبطريقة لا تثير الشك".
تنهدت كارن بارتياح وقالت:
" أشكرك...".
ولكن وجه بول لم يتغير ... وهز كتفيه قائلا:
" في أية حال يا كارن لا بد أنك علمت أنني تحدثت مع سيمون, وأنه وافق على قطع علاقته مع ساندرا ... وفي أية حال يا سيمون ليس من الضروري أن تكون لك علاقة مع الأثنتين ... أعتقد أنك ستجد كارن كافية لسد حاجتك!".
تحركت يد كارن لتصفع وجهه عندما تفجر غضبها. ولكنه كان أسرع منها فقبض بأصابعه القوية على رسغها , وضاقت عيناه وهو ينظر الى وجهها البيضاوي الشاحب , وقال بهدوء وقسوة:
" مسكينة يا كارن... أنك لن تتعلمي أطلاقا يا حبيبتي , أليس كذلك؟".
صاحت غاضبة وهي تجز على أسنانها:
" دعني وشأني".
قال وهو يترك ذراعها فورا:
" يسرني ذلك... لا أظن أننا سنلتقي ثانية , وداعا يا كارن".
واستدار وخرج . ووقفت كارن ترقبه وهي تدلك رسغها . كان الغضب باديا عليها, وعندما اختفى بول انقلبت على سيمون وبصقت عليه وقالت:
" أنظر ماذا فعلت... أنكم يا آل فريزر تتصورون أنكم تحكمون الأرض!".
اتسعت عينا سيمون وصاح قائلا:
" لا تلوميني . أنني لم أثر ذلك الأعصار, صحيح أن بول لم يسعده أن يراني هنا, ولكن هذا لا يهم, أنه لم يعد يعني شيئا لك وأنت لا تعنين شيئا له, فلماذا تغضبين؟".
" أخرج...حالا".
" وهو كذلك يا حبيبتي, ولكن تذكري ما قلته".
ثم أردف قائلا وهو يسير نحو الباب:
" هل تعتقدين أن الأخ بول يرضى بأن يوصلني الى المكتب اذا طلبت منه ذلك؟".
صفقت كارن الباب وراءه بدون أن ترد عليه, واستندت على الباب وهي تشعر بالغثيان! كان صباحا سيئا رغم أن الساعة لم تتجاوز الحادية عشرة بعد!
ودخلت غرفة نومها لترتدي ثيابها , وتركت دموعها تتدفق على خديها , أنها لم تجد فرصة لتخبر بول بما قاله سيمون هن ساندرا , ولا يبدو أنها ستجد الفرصة بعد الآن , وراحت تحدث نفسها... لماذا... لماذا اختار بول ذلك الصباح ليأتي ؟ أما بالنسبة لسيمون فأن غروره أقنعه بأنها مغرمة به جدا , ولا يهمها أن تقف وترى حياة أختها تنهار بدون أن تحاول أن تتدخل لتمنع ذلك... وتنهدت بعمق... لقد بدت الحياة معقدة فجأة.
تناول بول الغداء وحده في مطعم صغير قريب من الشركة, كان يشعر بالأكتئاب النفسي والقلق الجسدي, ولم يشعر بشهية لتناول الطعام فشرب ثلاثة فناجين من القهوة بدلا من وجبته المعتادة.
أن رؤية أخيه في شقة كارن ذلك الصباح هزت كل كيانه بعنف , وجعلته مضطربا مشوشا , فلعن نفسه لأنه ذهب الى هناك, ولعن نفسه أيضا لأنه كان غبيا واهتم بهذا الموضوع , كان السبب الوحيد لذهابه الى الشقة هو أن يتحدث مع كارن وحدها عما دار بينه وبين سيمون بشأن ساندرا, وقد ذهل عندما رأى أخاه هناك. لماذا كان هناك في أية حال؟ هل يمكن أن يكونا عاشقين؟
عذبت الأفكار ذهنه المتألم فحدق ساهما في سيكارته , أن سيمون لم يكن قد قضى الليل في بيته . وكارن كانت ترتدي معطفا منزليا , ما معنى هذا؟ ومرة أخرى عاد يفكر ويتساءل ... ماذا لو فكرت كارن بأن تبدأ علاقة مع سيمون ؟ ما الذي سيفعله في هذه الحالة؟ هل يمكن أن يحتمل هذا الوضع؟واذا لم يحتمله, فماذا؟ لقد أثارت مقابلة معها كل هذه الأفكار فتمنى لو لم يكن قد ألتقى بها مرة أخرى, لقد بدت حياته المتكاملة هشة وكأنها تتحول الى رمال... رمال عاطفية, وهنا هز رأسه , ترى لماذا يفكر في كارن ... لقد خطب روث ولا شك أنها ستعزيه وتسليه اذا شاء هو ذلك , ما الذي يجعله متعلقا الى هذا الحد بكارن؟