كاتب الموضوع :
Rehana
المنتدى :
روايات عبير المكتوبة
فردت قمــر الليل باستياء:" تباً لك ولافتراضاتك".
سألت نفسها هل هي مكشوفة الشخصية إلى هذا الحد؟ خصوصاً أمام هذا الرجل الساخر ذي العينين الثاقبتين؟ ومع أنه لم يكن مصيباً بافترضاته تلك مئة بالمئة إلا أنها كانت كافية لأن تثير أعصابها.كانت ماتزال لا تملك أية فكرة عن هذا المكان رغم أن مظهر السيدة هوارد المحترم، بعث شيئاً من الإطمئنان إلى نفسها.
رفع راف حاجبيه يجيبها:" ولكنها افتراضات صائبة".
ردت رأسها إلى الخلف لتقول متحدية:" ومن أنت ياراف كوينلان؟".
هز كتفيه العريضتين قائلاً:" إسمي الكامل هو رافرتي كوينلان ، العمر سبعاً وثلاثين، مطلق".
ونطق بالكلمة الأخيرة بمرارة وهو يضيف:" ومسؤول عن إدارة مزرعة تستنزف نفسها ببطء وتستنزفني معها حتى الجفاف".
كان هذا عرضا بالغ الاختصار لوضعه ولكن جين استطاعت من خلاله استخلاص الكثير ، فقد انتهى زواجه نهاية سيئة بصرف النظر عما إذا كانت بدايته سعيدة أم لا، وفي هذا يفسر بعض سلوكه نحوها إنما ليس كله.
وكررت كلامه ببطء:" مسؤول عن إدارة مزرعة".
فأوما برأسه قائلاً بخشونة:" لا يمكنني بالضبط الإدعاء بملكيتي لها في الوقت الذي هي فيه مرهونة بالكامل إنها لم تكن موضع اهتمام أبي لسنوات عديدة قبل أن يقتل مع أمي في حادث طائرة منذ خمسة سنوات تاركا أمرها يتدهور إلى حالة سيئة وهكذا قررت زوجتي الحبيبة أنها لم تعد تستطيع الإقامة في منطقة هامبشاير و الجهاد في سبيل المعيشة ناهيك عن الاستمتاع بحياتها فاستولت على القليل الباقي لتسديد نفقات الطلاق وقد استطعت أن أستبقي السيدة هوارد لأنها كانت تخدم في منزلنا من قبل ولادتي أنا فهي تعتبره منزلها هي قبل أن يكون منزلي أنا".
ولم تصدق جين هذا لقد شعرت بكبرياء عنيف في حديث راف عن المزرعة التي كان يعتبرها منزله، على الأقل لقد علمت الآن أين هي ليس لأنها تعرف هامبشاير ولكنها اطمأنت إذ علمت مكانها على وجه التقريب، وإذا كانت زوجة راف قد تركته لمثل هذا السبب فهي بلا شك لم تكن تحبه وربما هذا يفسر نوع سلوكه نحوها إذ ربما اعتبرها واحدة منهن ولكنه لم يوضح ما أراده بحديثه الذي ابتدأ به منذ دقائق وقالت تسأله مقطبة جبينها:" وما صلة كل هذا في كوني أجيد الطباعة أم لا؟".
فلوى فمه قائلاً:" حسناً بما أنني مسؤول حالياً عنك".
فقالت محتجة بعنف:" إن هذا غير صحيح قطعياً إنني أنا المسؤولة عن نفسي".
إنها على الأقل تحاول أن تكون كذلك ، لقد كان حسابها في البنك صفراً ورغم كل ما حاولت إنكاره أمام هذا الرجل فقد كانت علاوة على ذلك دون سكن ، وعندما تركت منزلها لم تفكر حتى بإحضار أي من مجوهراتها التي كان بإمكانها أن تبيعها و تستفيد من ثمنها.
قال راف وكأنه يعبر عن أفكارها:" إنك لم تحسني التصرف تماماً".
فأجابت بصوت متهدج إزاء محاسبته لها:" إنني أحاول ذلك".
حدق فيها و كأنه يحس بمشاعرها ثم قال:" إننا جمعيا نفعل ذلك أيتها الصغيرة ولكنه لا يكفي".
ووافقته في داخلها بحزن كلا إنه أحياناً لايكفي ، لم تكن تحب التفكير في جوردان وهو يجلس بانتظار عودتها لتخبره أنه كان محقاً في ظنه بأنها لا يمكن أن عيش بمفردها .
قاومت دموعها وهي تقول:"إن مشكلاتك ستنقص واحدة إذا أنا رحلت من هنا حالما أجد سيارة أجرة ".
فهي لا تظن أن جوردان سيمانع في دفع اجرة السيارة فإن اثبات صدق ظنه يستحق هذه التضحية.
ضاقت عينا راف وهو يسألها:"و إلى أين تذهبين؟ هل تعودين إليه؟".
صاحت غاضبة:" لقد سبق وقلت لك أنني..".
فقاطعها ليلاس:" أخبرتني انك ستعملين عندي بالتأكيد وذلك عندما تتلاشى الأوجاع من جسدك فأنا لست من القسوة بحيث انتظر منك أن تحملي آلامك معك أثناء العمل وهذا أفضل من العودة إلى رجل يبدو بجلاء عدم رغبتك في العودة إليه".
قالت جين ببطء بعد أن استوعبت كلماته :" وماهي معلوماتك عن العمل الذي أحسنه؟".
وبدا الارتياب في صوتها وهي تعود لتقول:" وماهو نوع العمل الذي تتحدث عنه؟".
أجاب لاوياً شفتيه:" حسناً، لقد سألتك إن كان باستطاعتك الطباعة على الآلة الكاتبة ولم أقصد بهذا أن تطبخي لي طعامي، أي نوع من العمل ظننتني أقصد؟".
عمل؟ إن راف يعرض عليها عملاً في الواقع ولكن لماذا؟ إنه منذ قابلها ، لم تكن نظرته إليها و معاملته لها إلا باعتبارها شيئاً مزعجاً واعترفت بينها و بين نفسها بشيء من الحسرة ، أنها كذلك فعلاً، وهو ليس من نوع الرجال الذين يتحملون حوادث مزعجة كهذه التي حدثت الليلة الماضية تعترض حياتهم ولكنه من ناحية أخرى ليس بالرجل الذي يتنصل مما يعتبره مسؤوليته.
مسؤولية؟ ما أشد كرهها لهذه الكلمة ، ورفعت نظرها إلى راف لتسأله بحيرة:" أعمل عندك؟ هل تعني؟".
فقاطعها قائلاً:" يمكنني أن أدفع لك أجراً صغيراً ، هذا مع الغرفة و الطعام ، إذا كان هذا ما يقلقك".
وسكت وقد ضاقت عيناه باستياء ثم تابع يقول:" ربما كانت المزرعة تمر في احوال صعبة، ولكنني لم أفلس بعد".
ويبدو أنها مست منه و تراً حساساً دون قصد ولكن عرض العمل هذا كان مغرياً ، فقد كان هذا ما تتطلع إليه بالضبط
و تتمنى تحقيقه، فإن الاستقلال عن جوردان كان يعني لها الكثير، ولكن هذا لا يعني أن في نيتها أن تخبر راف عن الأمر، ونظرت إلى راف بغيظ تسأله:" ولماذا تعرض عليّ هذا العمل؟".
..Continue
|