الفصل الأول
" جين سميث".
كانت رافعة رأسها قليلاً، شاعرة بالأحمرار يلون و جنتيها وهي تعطي هذا الأسم للممرضة التي و قفت إلى جانبيها تأخذ افادتها قبل أن يأتي الطبيب، لقد شعرت عند ذاك بسخرية ذلك الرجل الجالس بجانبها ولكنه لحسن الحظ انتظر إلى ان خرجت الممرضة لكي يعبر عن سخريته هذه.
وتساءلت عما كان سيشعر به لو انها اعطت الممرضة اسمها الكامل وهذا ما ليس في نيتها ان تفعله لسببين: الأول ان اسمها طويل ، أما السبب الثاني فهو يعتمد على ما اذا كان قد سبق و سمع باسم اسرتها من قبل، فاذا لم يكن ذلك فالاسم لن يعني له شيءاً كذلك تعلمت خلال الأسبوع الماضي ان استعمال اسمها الكامل في ظروف معينة لن يفيدها في شيء.
وكان عليها ان تعترف بأنها شعرت بشيء من الارتياح عندما اخذها مباشرة الى قسم الطورائ في مستشفى مشهور رغم انها كانت تعلم حتى قبل ان يراها الطبيب بأن ليس ثمة كسور في جسمها وانما مجرد رضوض سيئة مما كان يسبب لها كل تلك الأوجاع.
لقد شعرت بالراحة الآن بعد أن تأكدت من زوال خطر الخطف الذي خافت منه اذ على العكس كان يبدو على هذا الرجل و كأنه يريد الخلاص من مسؤوليتها بأسرع ما يمكن.
ومن خلال انوار المستشفى المتألقة بدا على هذا الرجل شبهه ببطلها ليلاس هيثكليف اكثر و ضوحاً مماظنت في البداية، فقد كان شعره بنياً قاتماً يقرب من السواد وقد انحدرت تجعداته الى ما تحت اذنيه و فوق ياقة القميص وكانت عيناه الرماديتان تشعان بالحيوية بشكل يفوق بشرته البرونزية كان وجهه قوياً قاسياً وكان مليئاً بالخطوط والأخاديد العميقة او كما قد ينطبق عليها وصف جوردان لها بالخطوط المميزة للشخصية.
كان يبدو اكبر قليلاً من سني جوردان الثلاثين وربما اواسط الثلاثنيات وبدا من سيارته القديمة الطراز الى الجاكته القديمة التي يرتديها لها شخصاً لا يهتم بالمظاهر ولكن في نفس الوقت كان ثمة جاذبية قوية تشع منه.
انه اكبر منها بخمسة عشر عاماً على الأقل ومع هذا كان من الغريب ان تشعر بالفضول يتملكها لتعرف يبدو كل شيء عنه..
لابد أنه متزوج بالطبع او ربما هو مطلق فاذا لم يكن احد الأمرين في سنه هذا فربما كان يكره النساء.. ولكن كلا، انها لا تعتقد هذا ، ذلك انه اذا كان قد بدا منه شيء من الضيق بها، فهذا لا يعني ان ضيقه ذاك يشمل جميع النساء.
تساءلت عما يمكن ان يكون عليه شكل زوجته او مطلقته ، ربما هي شقراء طويلة القامة قوية الشخصية مثله.
وطبعاً لايمكن ان يكون هو قد احتفظ بمتانة عضلاته من جراء لعبة الغولف، كما يحاول كثير من الرجال فيفشلون، ربما زوجته لم تكن تشاركه هواياته ابداً، وربما كان هذا هو السبب في طلاقهما.
ماذا حدث لي ؟ لقد افترضت ان هذا الرجل قد تزوج ثم طلق زوجته وذلك قبل ان تعرف حتى اسمه.
قالت له وهي تمد يدها اليه للتعارف مادحة باسمها هذا والذي كان جزءاً من اسمها الحقيقي:" انه اسم انكليزي لطيف ، اظن اننا لم نتعارف بعد".
التوى فمه لهذه الرسميات المفاجئة بعد كل ماحدث ، ورأت قمــر الليل في عينيه نظرة ساخرة وكأنه يراها فتاة صغيرة ، كانت ذات جسد يبدو غلامياً في بنطال الجينز هذا و الجاكته الصوفية، وكان شعرها الأحمر الداكن الذي تنزل تجعداته الثائرة الى وسطها تقريباً و قد بدأ اسوأ ما يكون ، هذا المساء من جراء الريح و المطر.
وكانت عيناها الفيروزيتان تتألقان في وجهها البيضاوي الجميل و الذي كان خالياً من اية
زينة ،اذ كان كان الشعور بالإحباط قد منعها من اتخاذ زينتها المعتادة و هي عائدة الى جوردان لشماتته المتوقعة بها بأنه سبق و حذرها مما ستلاقيه من فشل.
وبدلاً من ذلك هاهي جالسة في غرفة الانتظار في المستشفى مع رجل يبدو عليه و كأنه يهم بأن يمسك بشعرها الطويل ويلفه حول عنقها ليخنقها به.
رد عليها بجفاء و سخرية:" اسمي راف كوينلان ولم يسبق ان اهتممت قط بأصل اسمي ".
فكرت راف كوينلان..حتى اسمه كان غريباً يبعث على الاهتمام.
ولما لم يمد يده ليصافح يدها الممدودة سقطت يدها هذه الى جانبها.
وقالت له بازدراء لهذا الرفض منه:" هل تراني أخرتك عن اداء عمل ما؟".
رد عليها ببرود قائلاً:" نعم".
فهو لم يكن جافاً فقط إنما كان فظاً ايضاً.
تنفست بغضب قائلة لم ارغب في ان ان توقعني سيارتك ارضاً..".
فانفجر فيها قائلاً وعيناه الرماديتان تنفثان الغضب:" يا آنسة سميث، ان سيارتي لم توقعك ارضاً بل انه أنت التي..".
وقاطعتهما ممرضة صغيرة قائلة بحزم:" ان الطبيب سيراك الآن".
وألقت على راف نظرة استحسان وهي تدفع امامها الكرسي ذي العجلات و الذي اصر هو على احضاره حين وصلا الى غرفة الفحص، وتابعت الممرضة قائلة له:" هل عندك مانع من ان ترافق زوجتك؟".
ورفعت جين حاجبيها مستغربة وهي تتساءل عما اذا كانا يبدوان زوجين حقاً.
بدا على راف الازدارء لهذا الافتراض من الممرضة هو ايضاً أوشك ان يدلي بجواب لاذع..
منتديات ليلاس
وهنا تذكرت جوردان حين كان يدعوها بالمشاكسة فالتفتت إلى راف قائلة وهي تمنحه ابتسامة حلوة:" أود حقاً لو انك تأتي معي يا حبيبي".