[ لفصل الثاني عشر ]
طلعت من غرفتي بعد ما تجهزت ..
و نزلت تحت ، لكني ما لقيت حد ..
بحثت باستغراب لعلي ألقاها، لكن واضح إنها ما تجهزت ..
فصعدت لها غرفتها ، و اللي من أمس ما طلعت منها ..
دقيت الباب بهدوء ، منتظرة الرد ..
لكنها ما ردت فناديت ، و أنا أرجع أطق / ليـــان .. ليــان .. يله راح نتأخر ..
لكنها ما ردت ، فطقيت بقوة أكبر لكن نفس الشي ..
شكيت إنه صار لها شي .. لكني ما أظن ..
أكيد إنه نايمة بعمق بس و ما حست ..
نزلت و ركبت السيارة مع السواق و الخدامة ..
و رحنا الجامعة ..
.
.
دخلت الكافاتيريا بخطوات واثقة و جلست على إحدى الطاولات بعد ما شريت لي قهوة ، و حاجة خفيفة أكلها لين جعت ..
و جلست على طاولة فاضية ، و فتحت الكتاب اللي معي ..
و بديت في القراءة ..
كتاب استعرته من المكتبة أمس ..
بعيد عن الدراسة ..
يمكن جاني فضول أطلع عليه بعد ما شفت عنوانه ..
كنت أقرأ المعلومات اللي فيه بكل حماس ..
و كيف لا و هو عن بعض إنجازات ذوي الاحتياجات الخاصة ..
حد عرف شي عن كفاحهم لإثبات نفسهم ..!!
عانوا الكثير ..
وخصوصًا من المجتمع الظالم ، اللي كان ينظر لهم بمنظار الناقصين ..
كنت أتعلم من صاحب الكتاب العديد من العبر ، و المواعظ ، اللي راح تساعدني في إثبات نفسي ..
مو مهم همهم أكبر من همي ..
أنا مجرد إنسان عــادي اتجيه بعض الحالات الغريبة ..
لكن هم عانوا بشكل أكبر و مختلف ..
قاطع قرائتي جلوس شخص قدامي و مفاجأته لي / هل الكتاب رائع لهذه الدرجة ، حتى تترك كل شيء و تنشغل بقرائته ..
قلت له بهدوء / يمكنك قول ذلك ..
الشاب بتساؤل / هل لديك محاضرات في هذا الوقت ؟
قلت / لا ، ليس لدي ..
سكت بتوتر من هدوئي ، بعدين قال / لم لا تأكل سيبرد طعامك ؟
جاوبت عليه / شكرًا لك سأتناوله لاحقًا ..
نهض بارتباك و قال / حسنًا أراك لاحقًا ..
" المحادثة بالإنجليزي "
كنت برجع كتابي بلا مبالاة للي صار من شوي ..
لكن فاجأني سلمان بجلوسه أمامي أيضًا / وش يبغى منك هذا ؟
قلت بلا مبالاة / كان بس يسأل عن محاضراتي ، و ليش قاعد هنا ..
سلمان / تعرفه من هو ؟
قلت / ما أعرف اسمه ، لكنه معي في كم محاضرة ..
سلمان / غريب تصرفه ..
قلت بهدوء / هذي مو أول مرة .. فلا يروح بالك بعيد ، الولد ما له نية سيئة و هذا واضح ..
سلمان / صراحة أنته إنسان عجيب أحمد ، ما شفت أحد بلا مبالاتك ..!!
أحمد ببرود / أنت تسميها لا مبالاة ، لكن أنا اسميها هدوء ..
سلمان / يله كلن له رايه ..
أحمد بمزح / تراك ما سلمت علي .. جالس بلا سلام على طول طبيت في الموضوع ..
سلمان / أوه أسفين أسفين .. السلام عليكم .. الحين شو يفكنا من لسانك ..!!
سكت عنه بلا مبالاة ، و رجعت أقرأ ..
إلا يقول / اترك هالكتاب شوي يالمثقف ، و خلنا ناكل ..
.
.
أثناء تدافع الطالبات ، و خروجنا من المحاضرة ..
قالت لي أحلام بخوف / ليان ما جت اليوم ..!! خايفة يكون صار لها شي ..
روعة / إن شاء الله لا ..
كملت سيري مع أحلام و قلت لها / اممم .. تعرفين وين ممكن ننادي خلود ؟
أحلام / ليش ؟ تبينها ..!! وتدورين عنها بعد ..!! شنو مخططة أنتي ؟
روعة بخبث / بتشوفين بس خل نعرف وينها ..
و بعد بحث مطول لقيناها ، مع شلة الفساد اللي من نوعيتها ..
أحلام / أخيرًا لقيناها .. يله رواينا شنو راح تعملين ، و هل راح يكون لي دور أو لا ..
روعة / و من متى أنا خليت لك دور من قبل !!؟
أحلام / تقريبًا .. أمم .. و لا مرة ..
روعة / عرفتِ الجواب من نفسك ..
و ناظرت موقع جلوس خلود ، و التفت لأحلام / أنتِ بس امشي معي ، كأنك تقولِ لي سالفة ، و الباقي علي ..
أحلام / تحت أمر سيادتكم ..
مشينا و وقفنا في موقع يسمح لها تلمحنا ، فانتظرناها تنتبه لنا ..
و فعلًا استأذنت من شلتها لمن لمحتنا ..
أما احنا طلعنا من الكافتيريا لجهة ما يتواجد فيها أحد عادةَ لمزيد من الحيطة و الحذر ..
أما هي فظلت تتبعنا مثل ذيلنا ..
لين حانت اللحظة ، و التفتنا لها ، و قلت / مرحبا خالد ..
طالعتني بتفاجأ كأنها ما توقعت ردة الفعل هذي بعد ما مشينا هالكثر ..
أكيد تتوقع إنه ليان خبرتنا فحنا جايين نهزئها ..
قلت بابتسامة و بدلع أتقنته / خبرتني ليان ..
كان مبين عليها أنها تحاول تخفي توترها ، لكن للأسف ما نجحت ..
لكنها قالت / زين ، شو قلتِ ؟
رد رائع ، أحسنت باختياره ، ما يفضح كونها جاهلة بحقيقة كلام ليان ..
روعة / طبعًا وافقت ، بس لي شروطي ..
خلود ببرود / و شنهو شروطك إن شاء الله ..
روعة / ما بي أحد يشوفنا مع بعض في الجامعة ..
شفت الاعتراض واضح على ملامحها ، لكني ما تركت لها فرصة تفتح فمها / يا كثر البنات اللي يقربوا لي في هالجامعة ، و أضمن لك إنه كلمة وحدة منهم لأمهم لو شافوني معك راح تسوي الهوايل ..
كانت غاضبة من الفكرة ، لكن ما عندها خيار ثاني فقالت / زين اتفقنا ..
مديت لها ورقة صغيرة / خذي هذا رقم جوالي دقي علي متى ما تبين ..
خلود و هي تناظر الرقم بابتسامة / أوكيه ..
روعة بابتسامة أوسع منها / يله بااي ..
مشيت و تركتها ، و أحلام تلحقني ..
ساذجة .. ساذجة كغيرها ، و محد يقدر يلومها ..
صدقتني بكل سهولة لأن كلامي كان مقنع ، و رقم موبايلي كان علامة الجدية ..
خلينا نشوف درجة ذكائها ..
و هل هي ساذجة مثل ما يبدو ، و إلا لا ..
.
.
كنت غاضب ..
غاضب من نفسي كيف سمحت لهم يربطوا شادو لأيام ينام مربوط في العراء ..
لكن قناع البرود و اللامبالاة اللي كنت أنتحله في وجود أمي و أبوي حتم علي هالشي ..
بس ما أقدر أغفر لنفسي ..
شادو اللي متعود على الرفاهية ينام بهالطريقة ..!!
بس لو اعترضت كنت أخذت دور المهتم و المبالي ، و هذا عكس ما أبي أكون بنظرهم ..
ربت عليه و كأني أطلب السماح ، و أرسل إشارة إني مستحيل أكررها ..
دايم .. دايم كذا أنجبر على أشياء ما أبيها بسبب أمي و أبوي ..
دايمًا هم السبب ..
ســـارة .. لحد الحين ما نا قادر أصدق اللي سويته ..
شلون اتخذت هالقرار ..!!
خســـرت ســـارة بإرادتــــي ..
لكن كان من المستحيـــل أسمح لنفسي أقبل و أتزوجـــها ..
شلون أسمح أني أربط نفسي فيها ..
هي بنــت خالتـــي ..!!
أخت أمـــــــي ..!!
رابط جديد كان راح يربطني بشكل أقوى بعائلة أمي ..
و اللي أنا من الأســاس مربــوط فيهم ..!!
لكن زواجي من سارة راح يعقد الأمور ..
لو تزوجتها ما راح تظل الأمور مثل ما هي ..
يمكن أنا ما أكرههم .. ما أحقد عليهم ..
لكني أحس بنفور شديد منهم ..
من كنت طفل اتخذت جانب مختلف عن جانب الطفل العادي ..
أعترف إنه علاقتنا ما هي طبيعية ..
لكنها ما هي علاقة عــداء ..
يمكن هو استقلال عنهم ، و كيف إني أقدر أعيش بدونهم ..
و كل هذا .. كل اللي خططت له راح يختفي لو تزوجت سارة ..
كان عندي خيارين يا إني أضحي باستقلاليتي ، أو أضحي بحب الطفولة ..
و استقلاليتي هي اللي غلبت ..
فما أن أنبأت أمي و أبوي بالخبر حتى استقلوا أول طيارة ..
ربت على شادو و أنا غير نادم لقراري لكن داخلي حزن كبير ..
لو ما كانوا أمي و أبوي كان بيدي أعمل اللي أبيه ..
و أولهم ســـارة ..
لكن في كلا الحالتين لو ما كانوا أمي و أبوي ما كنت راح أحصل عليها ..
لأني ما راح أعرفها ..
و عدم المعرفة أفضل ، لأنه لا سبيل للخسارة ..
.
.
أناظر في نافذة الشقة بتفحص ..
ليش هالعمارة بالذات ..!!
سؤال ما قدرت أعرف جوابه ..
صحيح تطل على مناظر حلوة ، بس متأكدة إنه كثير غيرها يطلوا على مثلها في الجمال ..
و هذا ما يدل على شي غير القدر ..
قدري أني ألتقي فيه لكن ليش ..!!
إيش راح يفيد لمن أشوفه من جديد غير نثر الملح على الجرح ..!!
جروح كانت مسكرة رجعت انفتحت برجعته ..
لكن هالمرة ما راح أتخذ دور الضعف ..
ليش أضعف و أخاف ..
اليوم مو مثل الأمس ..
الحين ما له حق علي مثل الأول ..
أساسًا يمكن ما يعرفني ..
ما يعرفني ..!!
هل فعلًا نساني ..!!
هل تأثيري ضعيف عليه لهالدرجة ..!!
ينساني بعد ما عشت معاه سنة من عمري أعطي و لا أخذ ..!!
بس أنتِ شو تبين يا سديم ؟
مو تبين تفتكين من شره ..!!
فلو نساك راح يكون أفضل لك .. راح ترتاحين منه عكس لو يتذكرك لليوم ..
أيه مو لازم أضعف حتى بأبسط مشاعري ..
خلني قوية و صامدة مهما التقينــا في الأيام الجايــة ..
من راح يصدق أنه هذي سديـم القبليــة لمن يشوفني الحين ..!!
اكتشفت إنه سعود معي في نفس العمارة لكن ما هزني هالشي ..
شعور رائع ..رائع ..
أحس إني أقدر أعمل أي شي ..
حرية تامة ..
.
.
كنت كعادتي أشتغل على بعض الأوراق في مكتبي ...
قطع علي دخول دلال و اللي تقول / أستاذ بدر السيد ياسر يريد يقابلك ..
بدر بابتسامة / دلال تراه ما يحتاج إذن عشان يدخل ..
دلال و احمر وجهها / آه ظنيت إنك تبي أخبرك قبل ما يدخل ..
و طلعت من المكتب بسرعة بخطوات خجلة ..
ثواني و دخل أبوي بابتسامة وقور ، فوقفت و سلمت بابتسامة مثلها ..
و جلسنا بهدوء ..
سكت أفتح له المجال في الكلام ..
لكنه سكت بدون ما يتفوه بأي كلمة ..
فقلت بهدوء / يبه فيك شي ؟
ياسر / بصراحة عندي كلام و متردد أقوله ..
بدر / قول يبه ..
ياسر / ريهام أمس كلمتني بموضوع يخصك ..
بدر بتعجب / يخصني أنا ..!!
ياسر / أيه يخصك ..
بدر / يبه ليش كل هالتوتر .. وترتني معك ، هل الموضوع خطير لهالدرجة ..
ياسر بنفي / لاا .. الموضوع عادي و طبيعي لكن ظروفنا ما تناسبه ..
بدر / قول لي شنوه الموضوع و أنا أحكم بنفسي ..
ياسر / ريهام اختارت لك بنت ..
بدر / اختارت لي ..!! قصدك ؟
ياسر / أيه ، و مصرة إنه هذا الوقت المناسب عشان تتزوج ..
بدر / من صجها هذي ..
ياسر / بدر أختك ما تقصد شي سيء ، هي بس شايفة إنه هذا الوقت المناسب عشان تخطب ، و صراحة أسبابها مقنعة ، و أنا بديت أقتنع ..
بدر بسخرية / و من إن شاء الله هالبنت اللي راح تخلينا نغير مبادئنا ، و اختارتها لي ريهام في مثل هالظروف ..
ياسر / ما قالت لي شي ، أنت أتفاهم معها ، أنا اللي علي عملته ..
أخطب ..!! و اللي قررت هي ريهام ..!!
أكيد جنت من حزنها .. أنا ملاحظ عليها تقضي أغلب وقتها في غرفة البندري ..
الحزن يخلي الإنسان يتخذ قرارات خاطئة ، و أكيد هذي وحدة من هالحالات ..
مع أنه شي طبيعي لو خطبت ، لكنه بالنسبة و بالنسبة لريهام سابقًا من المستحيلات ..
يا ترى شنو اللي يدور في راسها عشان تتخذ مثل هالقرار المصيري ..
.
.
أحلام / شرايك نروح لبيان نسألها عن ليان ؟
روعة / يمكن بيان غايبة بعد ؟
أحلام / هذا اللي أقصده .. إذا الثنتين فمعناها ظروفهم العائلية ، و إذا بس ليان .. احزري أنتِ ..
روعة / أوكيه فهمت مقصدك ، يله بس ..
انتقلنا لكفتيريا ثانية ، عرفنا من ليان إنه أختها هناك ..
دورنا بين البنات نحاول نلمحها ، لكنا ما لقيناها ، بل لقينا ريهام جالسة لوحدها ..
توجهنا لها و قلت / مرحبا ريهام .. كيفك ؟
ريهام بابتسامة ودودة / أهلين أنا الحمد لله بخير ، وين ليان عنكم ؟
أحلام / ليان غايبة ..
روعة / واضح أن التوأم غايبين ..
ريهام بنفي / لا بيان حضرت ، بس راحت تشتري شي و بترجع ..
أحلام / ما قالت لك ليش ليان غايبة ..
ريهام / لا ، ما تكلمنا في الموضوع أساسًا ..
روعة / أها .. خلاص احنا بنروح ، بس كنا بنسأل عن ليان ..
أحلام / للأسف عندنا محاضرة في هالوقت ..
روعة / نشوفك على خير ، و سلمي لنا على بيان ..
ريهام / يوصل ..
بيان جاية لوحدها ..!!
طيب ليش غابت ليان ..!!
يا رب تكون بخير و ما صار لها شي ..
.
.
كنت على أتم استعداد لهذي الخطوة ..
خطوة كان لازم أخطيها من زمـــان ، لكن ترددي الغبــي كان هو اللي يمنعني ..
لكن الحين بعد هالسنين اللي جمعت و وفرت فيها قد ما أقدر من راتبـــي الخاص ..
تأكدت من توفر رأس المال اللازم ..
دخلت مكتبه بخطوات واثقة و ثابتة ، ما يهزني شي ..
رئيسي الشايب اللي كنت أحيانًا أظنه يحن علي بسبب مهنتي الشاقة ، و ذات الراتب القليل ..
لكن اكتشفت لاحقًا إنه يظهر نفسه إنه شفقان علي ، لكنه يوكلني بالأشغال الشاقة ، و المتعبة من وراي ، و أنا كنت أظنهم رؤسائه ..
بكل ثقة و جرأة ابتسمت في وجهه لمن انتبه لوجودي ..
قال لي بلهفة مصطنعة / هلا الوليد ، أخيرًا طليت علينا ، ما صدقنا متى تمضي هالإجازة ..
ما تزحزحت ابتسامتي ، لكن في داخلي اشمئزاز من نفاقه ..
للأسف هالأصناف كثرت في مجتمعاتنا ..
قدمت له الظرف اللي أحمله بيدي ، و حطيته على المكتب ، و أنا داخلي فرحان إني أخيرًا خطيت هالخطوة ..
قلت له بهدوء / هذا طلب استقالتي ..
ألجمته الصدمة و ما قدر ينطق بحرف ..
طلعت من مكتبه غير مبالي ..
ابتسمت بانتصار .. نجحت ..
نجحت أخيرًا أعلنت استقلاليتي ..
استقلال من التسلط المحض ..
أولًا أعلنت استقلالي من تسلط أبوي ..
و الحين استقلالي من تسلط الرؤساء الظلام للشباب الكادح ..
الحين أقدر أبني نفسي بنفسي كل شي متوفر عندي ..
ما أكذب عليكم أنا مو كل فلوسي من تعبي ، إلا أغلبهم .. لأن راتبي قليل ..
ورث أمي هو اللي ساعدني ، و اللي كله تحت تصرفي ..
ما قدرت الأيادي الطفيلية توصله ..
أما راتبي فهو مجرد شي مساعد للحالات الطارئة ..
راح أقدر أعيش أمي في أحسن عيشة تتمناها أخيرًا ..
.
.
فتحت عيوني و أنصت لسكون الغرفة بلا وعي ..
تلفت حوالي أحاول ألمس شي مألوف ..
هذي مو غرفتي ..!! كيف نمت هنا ..!!
كنت أحس بدوار براسي .. أحس نفسي ثقيلة ..
نهضت و ناظرت في المرايا المعلقة ..
الكدمات خفت لكني ما اهتميت كثير غير إن الأسئلة راح توقف عنها ..
لاحظت إن عوايني محمرة و كذلك أنفي ..
أكيد من الصياح .. أذكر إني صحت أمس لين ما شبعت في هالغرفة ..
عشان كذا جاني دوار .. ما اهتميت كثير ..
رجعت ألتفت للغرفة أتأملها و أتذكر صاحبها الغايب ..
كل جزء من الغرفة يوضح شي من شخصيته و من حياته ..
بياض الجدران يدل على نقاء سريرته ..
سواد الأثاث يدل على معاناته ، و شخصيته الكتومة ..
و زرقة المفارش تدل على عزمه و قوة شخصيته ..
تمنيت لو أضاف الأصفر لأنه يدل على الأمل ..
الأمل بانطلاقة جديدة ..
كنت أتأمل الغرفة و أربطها فيه بتركيز تام ، لدرجة إني ما انتبهت إني أبكي ..
دمعي رخص ثمنه ، صار يتساقط بسهولة و هذا شي معاكس لي تمامًا ..
ما أحب أبين ضعفي للناس ، حتى أقربهم لي مع إني موقنة إنهم أقوى مني ..
القوة هي مو قوة الجسد .. هي أبعد ما يكون عن ذلك ..
القوة هي قوة النفس .. أنا أعز نفسي بجعلها قوية بتجاهل كل اللي يضعفها ..
طلعت من الغرفة بعد ما أمضيت دقائق مع نفسي ..
و توجهت بلا تفكير من غرفة الوليد إلى غرفة أم الوليد ..
الإنسانة اللي بالنسبة للكل حتى لي أنا لغز محير .. صعب حله ..
لكن أقولكم بكل صدق حبيتها .. حبيتها من كل قلبي ..
كنت أدخل غرفتها أحيانًا من دون علم أحد و أسلم عليها بطريقتي ..
من طلعتها ما دخلت هالغرفة .. لكن الحين راح أدخلها من دون صاحبتها ..
بهدوء دخلت الغرفة .. أثاثها بسيط الفخامة لكنه مريح و راقي ..
ما تعبت نفسي أتأملها .. على الفور انسدحت على السرير استنشق
عبير صاحبته ..
أم الوليد .. هذا سبب كافي يخليني أحبها ..
أكيد الغرفة و كل الأثاث مشتاقين لصاحبتهم ، مثلي أنا ..
رجعت على الخلف لراحة و استرخاء أكبر .. حابة أعيش هاللحظة بكل تفاصيلها و أتذكر أم الوليد ..
لكن فوجأت بشي قاسي تحت راسي ..
ما حسيت فيه من قبل ، لأني ما لامست المخدة " الوسادة " قبل هاللحظة ..
بهدوء رفعت المخدة ، و المخبأ بــــان ..
كان دفـتـــر جميل عليه زخرفة معطيته جمال رغم بساطته مع لونه الزهري الفاتح ..
ما كان مكتوب على غلافه شي ..
و الفضول و شوقي لصاحبة الدفتر سمح لي بأن أفتحـــه و أقرأ أول صفحة و اللي كانت تحوي ..