-16-
لم تجبه ليزي , فتركها وأتجه نحو أنجيليكا التي استقبلته بذراعين مفتوحتين , فتشجعت ليزي ورمت نفسها علي الكنبة , ولاحظت أنهما اختفيا , فأصابها صداع قوي وفجأة سمعت صوتا ناعما يناديها أنها السيدة أدنا تيكر جارتهم القريبة .
(( الجو حار في الصالون , ما رأيك لو نتنشق الهواء النقي ؟)).
(( بكل سرور )) وابتسمت لها بوجهها الشاحب .
(( نحن ننتظر المطر بعد الحصاد )) قالت لها أدنا عندما أصبحا بالحديقة , ثم تأملتها قليلا وأضافت.
(( ليزي , لا تعلقي أهمية كبيرة علي كلام وتصرفات أنجيليكا , أن كل الرجال يغرمون بها )).
إذن أن السيدة تيكر كانت شاهدة علي ذلك المشهد , ويبدو أنها ليست الوحيدة , يا له من موقف محرج بالنسبة لليزي .
(( نعم , فهي جميلة جدا )).
(( اعذريني , مدام غراي , ولكنني أرى أن الجمال ليس هو بالظاهر فالشخصية هي الأهم )).
وفجأة بدا القلق علي وجه أدنا , وأمسكت ليزي بيدها , وحاولت أن تعود بها نحو المنزل.
(( يجب أن نعود , لقد بدأت اشعر بالبرد )).
وبالطبع ألتفت ليزي إلي الخلف لترى ما الذي أربك أدنا لهذه الدرجة , وتجمد الدم في عروقها , لقد كان جوناثان و أنجيليكا علي بعد أمتار في الظلام , وسمعت ضحكة أنجيليكا الوقحة , وأبدت أدنا طيبة كبيرة , ورافقتها نحو المنزل , وأدخلتها إلي الصالون المنفرد , وحملت لها كأسا من الكونياك لكي يستعيد وجهها لونه , وبعد قليل توقفت ليزي عن الارتجاف .
(( لا يجب أن تكوني بهذه الحالة , ليزي فأن مغامرات أنجيليكا لن تدوم طويلا , وزوجي أيضا لم ينجح في مقاومة أغرائها )).
(( آوه , أنا آسفة )).
(( لحسن الحظ , أنه أكتشف حقيقتها بسرعة , ونحن نتصرف وكأن شيئا لم يكن , ونقبل دعوتها دائما)).
(( بالنسبة لجوناثان )) وتنهدت ليزي (( الواقع مختلف , فهي قد وضعت في رأسها أنها ستتزوجه ما أن تصبح حرة , وزوجها يحبها , و أنا لن أكون هنا , لكي أرى إذا كان جيمز بيلي لا يزال حيا ... لقد تحسنت حالي , اطمئني أدنا , سأبقى هنا قليلا )).
(( هل أنتي متأكدة ؟)).
(( بالتأكيد , وشكرا للاطفتك )).
وعندما خرجت أدنا , أجهشت ليزي بالبكاء , جوناثان و أنجيليكا , فهي تعرف مدى علاقتهما , ولكن رؤيتهما هكذا كان كالضربة القاتلة , فإذا كانت ليزي تحب حقا زوجها , ألا يجب عليها أن ترد له حريته ؟ ولكن هل تتخلى عنه أنجيليكا كما تفعل بكل عشاقها ؟ لا يجب الاعتماد علي هذه الفكرة , فجأة فتح الباب الغرفة ودخل جوناثان .
(( أخبرتني أدنا تيكر أنكي لست علي ما يرام )).
تراجعت ليزي خطوة للوراء , ولم تكن تملك الشجاعة للنظر في وجهه مباشرة , ففهم جوناثان كل شيء .
(( ليزي ... أنتي رأيتنا , أليس كذلك ؟ ولكن الأمر ليس كما تتصورين يا عزيزتي ...)).
(( أنا لست عمياء , جوناثان )).
(( ليز , أنتي تعرفينها , معها هي لا داعي للخوف , كما وانك دفعتني حتى النهاية )).
(( للحقيقة هذا ليس مهما )).
(( نعم , بالنسبة لكي , طبعا ... هذا صحيح , لقد نسيت , فأنا أعرف مشاعرك نحوي , وزواجنا ليس زواج حب كما هو زواج أختك , أليس كذلك ؟)).
أحست ليزي بالدوار واتكأت علي المدفأة .
(( يبدو أن أنجيليكا تحبني , علي كل حال , فهي مخلصة لي , فكري بحياتها مع هذا العاجز , وهي جميلة جدا ...)).
أحست ليزي بأنه سيغمى عليها , وامتلأ جبينها بالعرق البارد .
(( كفى جوناثان كفي )).
(( نعم , هي جميلة كالملاك , وهي لا تتردد في الإعلان عن عواطفها ... كما تفعل العفيفات أمثالك ...))
وقبل أن ينهي كلامه لاحظ أنها ستقع علي الأرض , فأسرع نحوها وأمسك ذراعيها , وقبلها محاولا تهدئتها .منتديات ليلاس
(( أعدني إلي المنزل )) قالت له ثم أغمي عليها فورا .
في الصباح , شعرت ليزي بالتحسن , وأدركت أن جوناثان بدل لها ملابسها ووضعها في السرير , وتذكرت أنه كان يبلل جبينها بفوطة رطبة في الليل , فرمت رأسها من جديد علي الوسادة ...
وعندما نهضت وقفت قليلا أمام النافذة , وكانت السماء صافية , فبدلت ملابسها , وقررت أن تقول لجوناثان أنها فهمته و طالما أنه يحب أنجيليكا لدرجة الجنون , لن تقف في وجه مستقبلهما .
ولكن ما أن دخلت غرفة الطعام حتى نسيت كل شيء أمام نظرات زوجها الحنونة , وكان يبدو وكأنه لم ينم طوال الليل .
(( صباح الخير )) قالت له بهدوء.
(( هل أنتي بخير الآن ؟)).
(( نعم , أنا بأفضل حال )) أجابته مبتسمة ثم تناولا فطورهما بصمت , وجوناثان يراقبها مفكرا , وترددت ليزي في التلميح له بشأن أنجيليكا , وزوجها يبدو في مزاج جيد و فلا ضرورة لإفساد نهاره.
و تفاجأت ميري عندما رأتها قد غادرت الفراش .
(( لقد كنت محمومة , سيدة غراي , وكان سيدي قلقا جدا عليك)).
(( انتبهي علي نفسك , اليوم ليزي لا يجب أن تمرضي )) قال لها جوناثان ثم نهض .
وفكرت ليزي أنه بعد أن اطمأن عليها سيعود لرؤية عشيقته , ولكن بعد تناول الفطور عادت الحرارة إليها , فنامت ورغم النوافذ المفتوحة أحست بأنها ستختنق , وبعد الظهر حاولت القيام بنزهة في الحديقة , لكن جوناثان لاحظ تعبها , فأمرها بالبقاء في السرير.
(( سنذهب غدا إلي بيسورست لكي نستشير طبيبا )) قال لها جوناثان .
كانت متعبة جدا ولم تستطع الاعتراض , وبنفس الوقت دخلت ميري وأخبرتهما بوصول آل تيكر , فنزل جوناثان وأستقبلهما, وبعد قليل دخلت السيدة تيكر برفقة ميري .
(( أنا آسفة لأنك مريضة , يا عزيزتي ليزي )).
ابتسمت لها ليزي , وأخذت السيدتان تثرثران , وبعد دقائق سكتت أدنا , وفهمت ليزي أنها كانت مترددة في الكلام عن مشهد الأمس .
(( أنتي ... أنتي كنت مخطئة حقا عندما اعتقدت أن جوناثان و أنجيليكا هما ... أيه ... لقد لاحظت قلق زوجك و ...)).
(( أن قلقه لا يغير شيئا , فأنا آسفة لأنني تصرفت بهذا العنف )).
دعا جوناثان آل تيكر للبقاء لتناول العشاء عنده , لكنه منع ليزي من مغادرة الفراش , وشعرت ليزي ببعض التحسن بعد أن تناولت الشوربا التي أحضرتها لها ميري إلي غرفتها.