-15-
ثم حملها و تأملها قليلا بمزيج من الحنان والسخرية , ثم انحنى فوقها ولاحظت الرغبة في عيونه , فقدمت له شفتيها , واستسلمت لعناقه , ولم يعد هناك وجود لتلك الفتاة العفيفة الخجولة , وحلت مكانها فتاة أخرى حساسة ومثيرة .
وفي الصباح أخبرها جوناثان أنهما سيعودان اليوم إلي منزلهما .
(( ما بك ليزي )).
(( أوه , لا أنا . . . يجب أذن أن نواجه كل العالم , وأنا . . . )).
(( أنتي زوجتي ليز أمام الله و أمام الجميع , ولن أسمح لأحد أن ينتقدك)).
و أثناء طريق العودة , أخذت ليزي تفكر بمنزلها الجديد , و أخيرا أصبح لها منزل خاص بها .
(( لقد وصلت رسالة لك مدام غراي )) قالت لها جيزي بعد وصولهما بقليل , وكانت الرسالة من جان تخبرها فيها بأن الأعمال مزدهرة و أن جوني أضاف جناحا جديدا للفندق , وفي المساء جلسا في الصالون , وأخذت ليزي تكتب رسالة لأختها , وجوناثان جلس يشرب الكونياك ,وما أن انتهت حتى طلب منها الجلوس إلي جانبه وشعرت بسعادة كبيرة وهو يداعب شعرها بحنان .
(( لقد أخبرني رالف أن أنجيليكا تسعي لترويج شائعات عنا)) أحست ليزي فجأة بأن الأرض تدور بها , وأخذت تتأمله , لكنه كان يثبت نظره علي نار الموقد .
(( كان يجب علي أن أتزوجك لأن زوجها بدأ يشك بوجود . . . علاقة . . .
وأردت أن أطمئنه . . . )).
فتساءلت ليزي أيحاول أن يخبرها بما كانت تشك به منذ البداية .
(( أحببت أن أخبرك بنفسي قبل أن تعلمي من الشائعات ... لقد أغرتني أنجيليكا كثيرا , ولكني رتبت كل شيء بذلك المساء عندما زرتها ... وعدت ونحن ...)).
(( حسنا ... حسنا)).
فرفع وجهها نحوه وتأمل عيونها .
(( يبدو أنكي لا تطلبي سوى تصديق هذه التافهات ليز لا تحاولي الإنكار )).
(( أنا ... أنها جميلة جدا , جوناثان )).
(( إذا أنتي عمياء , ليزي ألا تدركين أنني ... ولكن لا أنك ترفضين رؤية الحقيقة وجها لوجه )) ثم نهض ورمى كأسه في الموقد فتحطم مئات القطع , فانتفضت ليزي وأدركت أنه يحب أنجيليكا أكثر من كل شيء.
في الأسابيع الأولى , أنشغل جوناثان كثيرا في موسم الحصاد , وكان بعض الجيران يزورن ليزي لمجرد الفضول , وأكثرهم يعتقد أن جوناثان أخطأ في زواجه من مدبرة منزله.منتديات ليلاس
وزارتهم أنجيليكا ذات يوم وكانت نظرة الانتصار بادية عليها , لابد أن جوناثان أخبرها عن حقيقة مشاعره نحوها , وكانت ليزي تتألم لمجرد الفكرة أنهما يكونان في أحضان بعضهما.
وذات يوم قامت بجولة علي المنطقة مع جوناثان وكانت حرارة الشمس قوية .
(( أنهم سيبنون مدرسة , وسيكون بإمكان أولادنا الذهاب أليها , ألا إذا كنت ترغبين في أن يتعلموا في المنزل )).
لم تجبه ليزي وتساءلت كيف سيكون لديهما أولاد , وكل منهما ينام في غرفة منذ وصولهما في رحلة العسل ؟ يبدو أن أنجيليكا تسعده جيدا , وعندما التقت نظراتها بنظراته , أحمر وجهها بخجل كبير.
(( أعقد أن أفكارك الآن ليست محتشمة )) قال لها بحنان وسخرية , وبنفس المساء , زارها في غرفتها , وقضى معها ليلة بدا فيها سعيدا ومحبا , وعندما أستيقضت في الصباح , ابتسم لها بلطف , وأمسك يدها .
(( أني أشعر بنبضك , وأنا أخاف كثيرا من الحياة لأنها تبدو قصيرة , وقد تتوقف في أية لحظة )).
(( لماذا كل هذا التشاؤم ؟ )) سألته بدهشة .
فأبتسم وقبلها بحنان , فنظرت إليه مليا محاولة معرفة ما يفكر به .
(( لا تنظري إلي هكذا , يا صغيرتي , وإلا لن أذهب إلي عملي اليوم )) فاحمر وجهها عندئذ ضحك وخرج .
وبعد أسبوعين , جاءت أنجيليكا بنفسها , ودعتهما لتناول العشاء عندها .
(( جوناثان يقبل دائما دعواتي , أتمني أن ترافقيه هذه المرة )).
وفي اليوم المحدد , ارتدت ليزي ثوبها الأزرق الذي قدمه لها جوناثان .
(( تبدين رائعة , ليزي , ومنعشة كزهرة نضرة , سمعت أن رسالة وصلتك من أختك جان )).
(( نعم , وهي بخير , وتتمنى لنا السعادة )).
(( بإمكانك أن تدعيها لزيارتنا , إذا أردت , وهكذا تتأكد أنني لا أسيء معاملتك , هيا بنا الآن , كي لا نتأخر )).
وكان منزل أنجيليكا أكبر من منزل جوناثان , ولكن الحديقة تبدو مهجورة , لكنها منارة لكل أرجاء المنزل , واستقبلتهما أنجيليكا بحرارة , وكانت بكامل أناقتها , وتضحك كثيرا .
لم يكن جيمز بيلي حسنا كما كانت تدعي زوجته , أنه تقريبا في الخمسين من عمره , ولكن المرض أقعده وهذه , أليس هما في نفس الظروف؟.
وبعد العشاء جلست ليزي بقربه , وكان سعيدا بالحديث معها , ولكنه لا يتوقف عن النظر إلي زوجته , يبدو أنه لا يزال يحبها رغم عدم وفائها له.
(( أنها جميلة , أليس كذلك ؟ لقد التقيت بها في سيدني , عندما جاءت مع فرقة مسرحية , و أغرمت بها بسرعة , وكنت لا أزال بكامل صحتي , وعافيتي , أما الآن ,
فلقد اختلفت الظروف ...)).
وتساءلت ليزي , هل أحبته زوجته قبل أن يصبح أسير هذا الكرسي المتحرك ؟ أم أنها تزوجته من أجل ثروته , ووضعه الاجتماعي ؟.
(( سيدة غراي )).
(( عفوا , كنت شاردة )).
(( لقد تفاجأت كثيرا بزواج جوناثان منك , ولكنني الآن بعد أن عرفتك , فهمت أنه كان محقا , وأنتي تعلمين , أن رجلا مثله كان له ماض , ولا يمكنك أن تطلبي المستحيل , فأنا نفسي عندما تزوجت ... ولكني لا أريد أن أصدمك )).
(( آوه , أنا لا أصدم بسهولة )) أجابته ضاحكة , وأخذت تبحث عن زوجها , فرأته يشرب وهو يضحك مع سيدة شقراء , وبنفس اللحظة التقت نظراتهما وكأنه يقول لها ,(( كما ترين بإمكاني أن أفتن كل النساء , ومتى أردت )) فحاولت ليزي أن تحافظ علي هدوئها رغم النيران التي تشتعل بداخلها .
وبعد قليل أنضم جوناثان أليهما , فأسرعت ليزي ونهضت وأمسكته بذراعه وابتعدت به قليلا .
(( أتخافين أن أضربه ؟)) سألها ساخرا .
(( لا , أبدا , لكني أعلم أنكما تكرهان بعض , وليس من الضروري أن تتواجها )).
(( لقد اكتفيت من تحمل احتقاره , وإذا كان يتهمني بشيء , فليقل لي بوجهي )).
(( أرجوك جوناثان لا ترفع صوتك )).
(( أنتي أيضا ليزي , ألديك شيء تتهميني به ؟)).