-10-
فالتفتت ليزي وسلمت علي الطباخة و لاحظت أنها علي علم بما حدث .
(( هل نمت جديا سيد جوناثان ؟)) قالت له وكأن كلامها يحمل أكثر من معني .
(( نعم , نعم شكرا جيزي , هل أصبح رالف مستعدا ؟)).
(( نعم , أنه في الإسطبل يسرج الجياد ,لقد جاءت السيدة بيلي . أثناء غيابك , وكانت تبدو أنها تنتظر عودتك بفارغ الصبر )).
وكانت ليزي تستمع إلي كلامهما بدهشة , وتساءلت كيف يتحمل غراي تلميحات جيزي ولا يلومها بحزم ؟.
(( أنجيليكا ؟ آه , حسنا , سأزورها اليوم , إلي اللقاء آنسة بانيستر )).
(( إلي اللقاء )).
ثم بدأت ليزي جولتها علي المنزل برفقة جيزي , وكانت كل الغرف مريحة ومفروشة بأثاث قديم لكنه جميل .
(( بالطبع , عندما سيتزوج السيد غراي سيغير أثاث المنزل )).
ولاحظت ليزي اللوحات والجدران المليئة بالغبار , وكان المطبخ في خارج المنزل تجنبا للحريق و للروائح , ووجدت ليزي فيه ثلاث خادمات .
(( ايلين , دولسي , وبيتي يعملن في المطبخ , وأعتقد أن بإمكاننا مناقشة لوائح الطعام الآن , ألا إذا كان لديك شيء أخر تقومين به )).
فضحكت أحدي الخادمات , وارتبكت ليزي .
(( الوجبة الأساسية تكون هي العشاء , ويكون الغداء خفيفا , فالسيد غراي قلما يعود إلي المنزل قبل المساء , ويتناول فطورا خفيفا )) ثم قاما بجولة علي البساتين .
(( أن مزرعة آل بيلي تقع في هذا الاتجاه , وهم أقرب جيران لنا , ثم تقع مزرعة آل تيكر , ولكن غراي لا يراهم ألا نادرا )).
(( لماذا ؟)).
(( لأنهم عائلة فيها الكثير من الأطفال , والسيد غراي لا يحب الحياة العائلية,فأنت تعرفينه مثلي )).
ولاحظت ليزي عدوانية جيزي لها , أهذا لأنها فقط أخذت مكانها , أم لأنها تغار من علاقتها مع جوناثان ؟.
(( حسنا , جيزي يكفي هذا اليوم , والأهم أن نبدأ في تنظيف المنزل , لقد لاحظت أن المنزل لم ينظف منذ مدة بعيدة جدا )) ثم تركتها وعادت إلي المنزل .
كان الظلام قد حل عندما عاد جوناثان , وكانت ليزي قد غيرت ملابسها وأقفلت أزرار ثوبها حتى عنقها .
(( مساء الخير آنسة )) حياها وسكب لنفسه كأسا , وكان يبدو عليه التعب , لابد أنه كان عند بيلي , هل يحب أنجيليكا كما قالت لها الخادمة في ذلك الفندق ؟.
(( كيف كان أول يوم لكي ؟)).
(( جيد جدا , شكرا )).
فاستأذن قليلا وعاد بعد أن أغتسل وبدل ملابسه , وجلسا معا يتناولان العشاء , فتذكرت ليزي منظر الأمس , قبلاته العذبة ولمساته الناعمة , كم كانت غبية , لن تسمح لهذا أن يتكرر مرة ثانية , ولاحظت أن جوناثان يأكل بدون شهية مثلها , وبعد صمت ثقيل سألته .
(( هل تسمح لي بالعمل في الحديقة ؟ لقد لاحظت أنها مهملة )).
رفع جوناثان رأسه وكأنه كان قد نسي وجودها .
(( بالطبع , فأنتي حرة في القيام بما تريدينه )).
(( أنت طيب جدا )).
(( الطيبة ليست صفتي الأساسية , آنسة و أنا أحذرك , آه بالمناسبة لقد طلبت مني السيدة بيلي أن أخبرك أنها ستزورنا في أحد الأيام , يبدو أنها تعتقد أن المدبرة يجب أن تراقب ... إذا حضري نفسك لهذه التجربة )).
(( هل هي مخيفة ؟)) سألته بدهشة .
(( أنها ... غريبة )) أجابها ضاحكا (( و ستحكمين عليها بنفسك , وأريد أن تعلمي أن البريد ينقل يوم الاثنين , وإذا كنت ترغبين بالكتابة لأختك , ضعي رسالتك علي مكتبي قبل يوم الاثنين )).
من جديد عاد الصمت ليخيم بينهما.
(( ما بك ليزي ؟)).
(( لا شيء...)) ولاحظت نظراته الدافئة يبدو أنه معجب بثوبها وبتسريحة شعرها القديمة , لكنه يفضلها كما كانت شبه عارية بين ذراعيه , مساء أمس , فاحمر وجهها ونهضت .
(( أتهربين , مني ليزي ؟)).
لم تجبه , وأسرعت إلي غرفتها وتساءلت كيف ستمر الأيام القادمة .
واستمرت الحياة , و بالإضافة للإشراف علي المنزل اهتمت ليزي بالحديقة وزرعت فيها أنواعا مختلفة من الزهور, وقالت لها جيزي أنها لن تعيش لأنها زرعتها متأخرة عن موسمها , فتجاهلت ليزي ملاحظات الطباخة المتكررة ,وكانت مقتنعة أنها ستكف عن هذه الملاحظات مع مرور الأيام.
ورغم اهتماماتها اليومية, ألا أنها تشعر بالوحدة , خاصة وأن جوناثان لم يكن يتردد علي المنزل في النهار , وفي مواعيد العشاء كان يجيب علي أسئلتها بإيجاز عندما يتذكر وجودها.
وجاءت أنجيليكا بيلي كما وعدت وما أن رأتها ليزي قادمة علي ظهر حصانها أدركت أنها هي , وكان شعرها الطويل الأشقر يتطاير خلف ظهرها , وكانت ترتدي ثوبا أزرقا جميلا وكأنها أميرة حقيقية , تشع الحيوية من عيونها الزرقاء ونغمة صوتها الموسيقية فيها شيء من السحر , وتبدو عليها الجرأة والثقة بالنفس القوية , وليس من المدهش أن يفتن بها جوناثان .منتديات ليلاس
(( آنسة بانيستر علي ما أعتقد ؟ ولكنك رائعة ولقد أخفى جوناثان علي ذلك , هل يجعلك تخجلين كما يدعي ؟)).
(( أتريدين أن تشربي الشاي , سيدة بيلي ؟)) سألتها ليزي محاولة تغيير الموضوع .
(( بكل سرور )) قالت لها وهي تخلع قفازيها (( هل نجحت في السيطرة علي جيزي ؟ لقد بدأت تصبح مزعجة , وتمني جوناثان أن يجد موظفة أخري ... عفوا آنسة ... ولكن ضعي نفسك مكانه , هو يعتقد أنها مغرمة به , ووجودك هو أفضل حل لإعادة تنظيم الأمور دون جرح مشاعر رالف المسكين )).
(( أنتي ... أنتي تعلمين أنه سيعيدني ؟))وكانت تعتقد أنه أخذ قراره يوم زواج جان , ولكن فكرة أنه كان متفق علي ذلك مع أنجيليكا أزعجتها كثيرا .
(( آوه , جوناثان لا يخفي عني شيئا )) أجابتها مبتسمة و ظهرت أسنانها البيضاء .
(( هل زوجك مزارع أيضا ؟)).
(( نعم كان مزارعا ... وهو الآن أصبح مسنا وعاجزا , وأنتي تفهمين ...)).
فهمت ليزي بسرعة , فالسيدة بيلي رائعة وشابة ... وحرة , وبهذا الوقت دخلت ميري وهي تحمل الشاي .
(( السيد غراي لن يتأخر , سيدتي , لقد وضعت له كوبا أيضا )).
(( أين تعرفت علي جوناثان ؟)) سألتها أنجيليكا بعد ابتعاد ميري .
(( اعتقدت أنه لا يخفي شيئا عنك ... لقد التقينا علي متن الباخرة ليفياثن)) .
(( آه , جوناثان هو فاتن جدا , آنسة بانيستر وهو ينتقل من مغامرة إلي مغامرة لكنه لا يثبت علي واحدة , ويتخلص بسهولة وبسرعة من ضحاياه )).