لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > روايات عبير > روايات عبير المكتوبة
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

روايات عبير المكتوبة روايات عبير المكتوبة


108 - اثنان على الطريق - مارغريت واى - روايات عبير القديمة ( كاملة )

الملخص ( أنا لست سلعة للبيع ) هكذا أجابت الشابة بروك المليونير بول كوريللي الذى

إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 09-04-09, 09:14 PM   المشاركة رقم: 1
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Nov 2008
العضوية: 103835
المشاركات: 336
الجنس ذكر
معدل التقييم: زونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدا
نقاط التقييم: 502

االدولة
البلدKuwait
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
زونار غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

المنتدى : روايات عبير المكتوبة
Newsuae2 108 - اثنان على الطريق - مارغريت واى - روايات عبير القديمة ( كاملة )

 

الملخص







( أنا لست سلعة للبيع ) هكذا أجابت الشابة بروك المليونير بول


كوريللي الذى عرض عليها الزواج انقاذا لأوضاع عائلتها المالية



المتدهورة . إلا أن أمها ليليان جن جنونها حين علمت برفضها



الزواج من أغنى أغنياء استراليا الذى يحمل مفتاح الحل بالنسبة


إلى مشاكل العائلة الاقتصادية .


قالت بروك لأمها : ( انى لا احبه فكيف أتزوجه ؟ ) قال بول


لبروك : ( تزوجينى وستقعين فيما بعد فى الحب ) وردت بروك


( كيف احب الرجل الذى اشتراني ) ولكن بول عرف كيف يصل


إلى هدفه مستعملا مختلف الوسائل والطرق المؤدية إلى قلب


بروك . اراد ترويض الهرة الشرسة . بروك لم ترم اسلحتها برغم


العذاب الذى عانته . واستمر الصراع بينهما على أشده إلى ان


حدثت الصدمة وانكشفت أمام بروك حقائق مذهلة كانت تجهلها عن


الحياة والحب والزواج .

منتديات ليلاس


ما رايكم بالملخص باشوف الردود وانزلها

 
 

 

عرض البوم صور زونار   رد مع اقتباس

قديم 09-04-09, 09:32 PM   المشاركة رقم: 2
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Mar 2009
العضوية: 134516
المشاركات: 2
الجنس أنثى
معدل التقييم: روح الطفولة عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 10

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
روح الطفولة غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : زونار المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 


من الملخص مبين انها حلوة ننتظرك على احر من الجمر وسلكت اناملك مقدما

 
 

 

عرض البوم صور روح الطفولة   رد مع اقتباس
قديم 09-04-09, 09:38 PM   المشاركة رقم: 3
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Oct 2008
العضوية: 101656
المشاركات: 70
الجنس أنثى
معدل التقييم: zoubaida عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 23

االدولة
البلدGermany
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
zoubaida غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : زونار المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 

السلام عليكم ورحمة الله وبركاتهktir hilwa yarit tkamilha موفق بإذن الله ... لك مني أجمل تحية .

 
 

 

عرض البوم صور zoubaida   رد مع اقتباس
قديم 09-04-09, 09:57 PM   المشاركة رقم: 4
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Nov 2008
العضوية: 103835
المشاركات: 336
الجنس ذكر
معدل التقييم: زونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدا
نقاط التقييم: 502

االدولة
البلدKuwait
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
زونار غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : زونار المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 

المال يتزوج المال
منتديات ليلاس

كعادتها دائما . اصمت بروك أذنيها عن كلام امها . لكن لويز ظلت منتصبة تنظر بعينين باردتين قاسيتين , فى حين راحت الأم تواصل حديثا كان قد بدأ قبل لحظات :
" ... ان أيا منكما لا تعطينى اى اعتبار . فمهما كان , أنا أمكما التى ربتكما . ومن واجبى أن أنصحكما واوجهكما ... آه لو أن الأمور تعود كما كانت فى الماضى . " ثم التفتت الى لويز قائلة : " انت الأكبر يا لويز , وانت جميلة العائلة . لذلك من واجبك أن تتزوجى باتريك فهو رجل طيب ...وثري جدا ايضا . "

انفجرت لويز منتحبة :
" كفى يا امى "

تدخلت بروك قائلة :
" ولماذا ليس كوريللى . ففى الأزمات يتجرأ الانسان على التحرش بالأسد النائم " .

ردت لويز بمرارة :
" انت مجنونة . لن استطيع التعامل معه ابدا " .

حدقت عينا بروك الخضراوان بوجه شقيقتها الناصع البياض وقالت :
" لعله من الأفضل أن تبدأى التعلم فورا . قد لا يكون هو الرجل الظريف اللطيف الذى تريده أمى من اجل ابنتها ’, لكن ثروته الكبيرة تشكل عامل جذب هاما . وعندها لن اضطر انا للعمل , ولن نضطر لبيع بيتنا وينترسويت أليس هذا هو الواقع كله يا أمى ؟ " .

صاحت السيدة ليليان هويل بحماس :
" افضل ان ابيع ملابسى قبل بيع البيت " .

افتعلت بروك ضحكة ساخرة وقالت :
" يا إلهى . ليس هناك أسوأ من هذا الوضع " .

قالت ليليان بانفعال :
" الأمور ستكون أسوأ بكثير اذا لم تتزوج احداكما الثروة الراهنة . رباه , لماذا مات بوب وتركنى فى هذه الورطة ؟ ارملة مع ابنتين عاجزتين ؟ لماذا لم انجب ابنا ذكرا يواصل رعاية أمور العائلة ؟ على الأقل امنت لكما العلم والحياة الاجتماعية اللائقة " .

ردت بروك بلا مبالاة :
" لويز هى التى قامت بذلك " .

" هذه اخبار جديدة بالنسبة لى يا آنسة . انت تغارين منى لانك لا تملكين الجمال الذى املكه " .

" اننى لأشعر بالخجل منكما . كل جهودى وتضحياتى غير المحدودة ذهبت هباء " .

تدخلت لويز بلطف :
" يجب ألا تفقدى الأمل يا امى ؟ ".

سألتها بروك بجفاء واضح :
" من الأفضل أن تراقبى نفسك أنت ايضا . فأنا اسير نحو الثلاثين بسرعة " .

ردت لويز باستنكار :
" انك فى الرابعة والعشرين ... وأنا اكبرمنك بسنتين فقط " .

" يا لحسن حظك , اذ ان لك الفرصة الأولى للزواج من كوريللي " .

اجابت لويز بتواضع التى تعرف انها جميلة جدا :
" لا يمكن ان يكون مهتما بى شخصيا " .

" الجميع يقولون انه مهتم " .

نهرت ليليان ابنتها الصغرى قائلة :
" سيكون غبيا اذا لم يهتم بها , فهو لن يجد اجمل واطيب وافضل من لويز " .
عادت بروك للحديث وهى تدرك تماما ما جرته على نفسها :
" انا هنا ايضا يا امى " .

حدقت الأم بابنتها الصغرى مطولا ثم استدارت فى مقعدها لتواجه ابنتها المفضلة . فلقد كانت لويز الاثيرة عندها , اذ انها نسخة طبق الأصل عنها عندما كانت فى مثل عمرها . ذهبية الشعر . زرقاء العينين , وفاتنة للغاية . قالت الأم :
" ليس من الطبيعى أن تبلغ فتاة ما مثل سنك . دون ان تطلب للزواج " .

" لكن يجب ان احب أولا يا أمى " .

نهرتها ليليان بعنف :
" ما هذا الكلام السخيف . انه مجرد كلام نظرى . اننى صاحبة خبرة واعرف اكثر منك . يجب ان يكون زوج المستقبل ثريا , والحب ياتى فيما بعد " .

" وماذا لو اضطررت للانتظار فترة طويلة ؟ "

ردت ليليان على ابنتها الصغرى بعنف :
" على الأقل يجب ان نظل فى الاطار المعقول . ففى الأيام الخوالى ., ما كان حتى لنعتبر وجود السيد كوريللى , لكن يظهر اننا مضطرات لاخذه بعين الاعتبار الآن " .

ترددت للحظات وهى تتأمل الماسة التى تزين اصبعها ثم تابعت تقول :
" اننى لست ضد السيد كوريللى . صحيح انه واحد منا . لكن يجب الاعتراف بانه شخص مميز نظرا للثروة الطائلة التى جمعها وهو بعد فى الثلاثين من العمر . ومن المؤسف انك ما زلت جاهلة يا بروك , واستغرب كيف انك نضجت بدون ان تتغير فيك الطفلة المشاكسة التى اعرفها تماما " .

اعترضت لويز قائلة :
" هذا غير صحيح يا امى . اذ ان نيجل نفسه يعترف بأنها جذابة جدا " .

ردت ليليان بحزم :
" انه جاهل جدا . فمن الذى يبحث عن الجاذبية فقط ؟ ان بروك لا تظهر ابدا اذا ما كانت معك ... فانت تملكين وجها ملائكيا محببا " .

واصلت لويز حديثها غير عابئة بكلام امها :
" انا احتاج اذن الى بعض مواصفات بروك . ولا اريدك ان تطلبى منى تشجيع بول كوريللى للتقرب إلى . فقد قبلت المسألة من كافة وجوهها ,. ولا اعتقد اننى قادرة على التعامل معه . فهو رجل خطير , خاصة فى الأمور العاطفية " .

تدخلت بروك بهدوء :
" هناك العشرات من الفتيات المستعدات للحلول مكانك " .

ابتسمت لويز بنعومة وقالت :
" لا شك عندى فى ذلك " .

اكتفت بروك باطلاق ضحكة مجلجلة ردا على ملاحظة شقيقتها ., الأمر الذى ازعج أمها فقالت :
" لا اتصور انك قادرة على اخذ الاموربجدية اكثر يا بروك , مع انك تملكين مواصفات مميزة " .

قالت بروك بلهجة تحد :
" هل استطيع ان اعرف هذه المميزات ؟ "

اجابتها ليليان بهدوء :
" الحقيقة ان اهتمامى كله منصب حول لويز , ولن اعطيك فرصة الهائى عن ذلك " .

ثم التفتت الى لويز قائلة :
" اخبرينى يا عزيزتى , هل دعوت السيد كوريللى الى حفلتنا " .

وعلى حين غرة تحولت لويز من انسانة لطيفة الى انسانة متوترة وقالت :
" اتصلت به هاتفيا ,. وقد يضطر للاعتذار اذا اخذته اشغاله خارج المدينة فى ذلك الوقت ".

همهمت بروك بصوت خافت :
" هكذا اذن ؟ يا له من رجل صعب . مجرد ثرى لا يفهم شيئا .. وفى الوقت نفسه ناعم بطريقة غريبة ويتكلم كلاما هادئا محببا . اعتقد انه شاب ظريف ومميز ... ومن الممكن ان تكون له علاقة بعصابات المافيا " .

ردت لويز باستنكار شديد :
" لا أبدا " .

شعرت الام ببعض الأمل لاستنكار ابنتها وقالت :
" هل انت منجذبة اليه بهذا الشكل ؟ "
ردت لويز بابتسامة شاحبة :
" إنه رجل جذاب جدا ، وليس وسيما على ما أعتقد ،لكنه فاتن وساحر .... "

قالت بروك وهى ترتشف آخر قطرة من فنجان القهوة :
" اعتقادك صحيح ،وهو يعرف مميزاته هذه . هل عندك فكرة عن كيفية حصوله على ثروته ؟ " .

فتحت لويز عينيها باستغراب :
" من شركة المقاولات التى يملكها ... وأظن أنه يملك مجموعة من الفنادق "

غطت بروك يدها بفمها وهى تضحك بسخرية ،ثم قالت :
" هكذا إذن . لا شك أن البحث المحموم عن الدولار انتهى ليحل محله البحث المحموم عن العروس . هل تريدين سماع ما تقوله كاثى بنتون عنه ؟ " .

" لا أريد سماع أى شئ . فلقد كان لطيفا معها بما فيه الكفاية ليصطحبها فى بعض النزهات " .

حدقت بروك فى وجه شقيقتها قائلة :
" ليس هذا ما سمعته : لقد زارته حتى فى يخته الرائع " .

نظرت ليليان إلى ابنتها الصغرى باشمئزاز وقالت :
" لا أعتقد أنك مهتمة به شخصيا يا آنسة ، أليس كذلك ؟ "

" إننى أحب صراحتك يا أمى ، لكننى لست من الفتيات العاجزات "

" ما هذا الكلام غير المعقول ؟ "

قالت بروك بجدية واضحة :
" لست أدرى . فالواحدة منا تدرك بمجرد النظر إليه أنه قادر على أن يرى نجوم الظهر لأية امرأة " .

ردت لويز :
" انه لطيف دائما معى شخصيا " .

ضحكت بروك وهى تمطط ذراعيها وقدميها :
" الأمر مختل هنا .دعونا ننظر إلى الإيجابيات . فعلى الرغم من ماضيه الفقير فانه الآن ثرى كبير ومؤثر " .

وافقت لويز قائلة :
" انه كذلك فعلا .وأعتقد فى بعض الأحيان أنه يعرف أكثر مما تعرفه عائلة باتريك مجتمعة " .

قاطعت بروك شقيقتها قائلة :
" لا جدال فى ذلك . فعائلة كوريلى من أصل عريق ..... ولها قصة طويلة " .

تدخلت ليليان فى الحديث :
" لا يستطيع أحد أن يسأله عن هذه القصة " .

وافقت بروك قائلة :
" من الغباء سؤاله .فرجل فى مثل نجاحه وثروته لن يكون غفورا وسهلا .ما يحتاج إليه فى هذه المرحلة الجو الاجتماعى الراقى الذى يعطيه وريثا . أنا مجرد فتاة عاملة لا أصلح لذلك . لكن لويز تصلح . وبالإضافة إلى ذلك هناك البيت والأراضى المحلقة به . هذا ما يطمح إليه ، وقد تكون المدخل الذى يعبر بواسطته إلى المجتمع الراقى "

" إنه يستطيع شراء البيت إذا أراد"

ردت بروك بحزم :
" كلا . فهو يحتاج إلى رمز رومنطيقى . والرمز هو أنت أيتها العزيزة لويز ... والبيت أيضا . أنت قادرة على القيام بدور ربة البيت بامتياز ، وبقليل من المال الذى سيضعه فى يديك ، نستطيع نحن أن نتبجح إلى حد بعيد . ولا شك أنه سيكون كريما مع أمك وشقيقتك الصغرى ،وستعود الأمور إلى ما كانت عليه أيام جدى .... والحقيقة أننى انتظر الساعة التى تتزوجينه فيها "

صاحت لويز منتحبة :
" لعله لا يريدنى "

قالت الأم وهى تحاول اعادة الثقة إلى ابنتها المفضلة :
" انه يريدك أنت . فأنت تعرفين مقدار جمالك وسحرك "

قاطعتها بروك بحدة :
" ليس اذا استمريت فى التركيز على جمالها .أنا استغرب كيف اننى لم أصب بعقدة نقص من جراء مدحك لجمالها على حسابى طيلة هذه السنوات "

اشارت لويز إلى شقيقتها بابتسامة ذات مغزى :
" كنت دائما الأذكى بيننا "

احتجت ليليان قائلة :
" وما علاقة الذكاء بموضوعنا ؟ اياك أن تظنى ان الرجل يرغب المرأة الذكية ... خاصة المرأة ذات الشعر الأحمر واللسان السليط "

اثنت بروك على كلام أمها ساخرة :
" طبعا .... طبعا .والآن حديثنا يا لويز عما ستفعلين به عندما تحصلين عليه ؟ "

صرخت لويز بانفعال :
" لا تسخرى منى ارجوك " .وراحت تردد كلمة " ارجوك " لثوان عديدة قبل أن تنتصب واقفة وتغادر الغرفة مسرعة وهى تدارى دموعا تتدفق من عينيها . همهمت بروك قائلة بهدوء :
" يا إلهى .... ما هذا ؟ "

ارتفعت حدة صوت ليليان وهى تقول :
" لقد أزعجتها بكلامك الساخر "

" هذا ما يبدو . لم أكن أظن أنها تأخذ كلامى على محمل الجد "

" انت لا تريدينها أن تحصل عليه . انت تغارين من لويز ، ولا يحتاج الأمر إلى تحليل نفسى لاكتشاف الحقيقة "

وفوجئت بروك بانها راحت تفند اتهامات أمها تفصيليا :
" هذا كلام غير معقول ويثير الضحك فى نفسى . كلا يا أمى ، أنا لا أغار من لويز . لم أشعر بالغيرة منها فى الماضى ، ولن أشعر بها مستقبلا . اننى أحبها ولا أحسدها على أى شئ اطلاقا "

ردت ليليان بعنف أشد :
" هذا ما تقولينه . انت مثل أبيك ،تتصرفين كما يحلو لك ، وتسخرين من أختك فى مختلف الظروف "

" اذا اردت ، يمكننى أن أغادر البيت لأعيش فى مكان آخر "

تضرجت وجنتا ليليان بحمرة الغضب وقالت :
" الحقيقة اننا بحاجة إلى المال الذى تدخلينه إلى البيت . لقد ضحينا سنوات من أجلك ، وجاء دورك الآن لرد الجميل إلى أمك وشقيقتك "

قالت بروك بجدية :
" من المؤسف ان لويز غير متحمسة للعثور على عمل "

قاطعتها ليليان بغضب :
" انا غير مهتمة ،وكذلك لويز . انت يجب أن تهتمى . وكما قالت شقيقك ،أليس من المفروض أن تكونى صاحبة العقل بيننا ؟ "

هزت بروك كتفيها بلا مبالاة ، فالمناقشة مع امها - كالعادة - تصيبها بالصداع الشديد :
" لا أقصد أن أثير غضبك يا أمى ، ولا أحاول ان اقترح أشياء غريبة . ان لويز قادرة على العثور على عمل ، ونحن بأشد الحاجة إلى المردود المالى .اننى أحب بيتنا أيض ، ولكن مستحيل تدبير اموره ومتطلباته اعتمادا على مرتب معلمة مدرسة فى الثانوية "

نهرت ليليان ابنتها وكأنها تبعد عن ذهنها هذا المهنة الوضيعة وقالت :
" معلمة مدرسة ثانوية ؟ لويز ستتزوج قريبا .....وسترين اننى على حق "

قاطعتها بروك بهدوء :
" واذا لم تتزوج فقدنا البيت .... والحياة التى اعتدت عليها "

قالت ليليان وكأنها لم تسمع كلام ابنتها الأخير :
"رجل .... زواج رائع جدا . ومن المفروض ان يكون كوريللى هذا صاحب الثروة الطائلة "

" ألا تهتمين بكيفية حصوله على هذه الثروة ؟ "

" طبعا لا أهتم "

ثم ترددت قليلا وكأنها أدركت متأخرة مغبة تصريحها هذا فاستدركت قائلة :
" اعنى انه ليس مجرما ، بل رجل أعمال ناجح . وكل اهتمامى هو ان ارى لويز الحبيبة سعيدة ... وابقاء البيت ضمن العائلة "

" مطالب لا تعد ولا تحصى . وكل الأخبار والحكايات عن السيد كوريللى يمكن أن تظل طى الكتمان "

أخذ وجه ليليان يحتقن بالغضب والتوتر وهى تقول :
"كلام لا معنى له . فالسيد كوريللى رجل محترم ومعتبر فعلا .وحتى ولو كان من غير عالمنا ، فعلى الانسان ان يتبع تطور الازمان . ان بيتنا وميراثنا مهددين . صحيح ان البيت قائم ، لكننى اذا بعت المزيد من الاثاث فانه سينتهى إلى مجموعة من المفروشات القديمة البالية .كم هى سعيدة ماجى سيمونز لسوء حظنا ... لقد جمعت ثروة من جراء بيع تحفنا واغراضنا الأثرية "

" تذكرى يا أمى اننا نحن الذين بحثنا عنها،فماجى معروفة بأنها أمينة وصادقة فى تعاملها المهنى وتملك مواصفات نحن بأمس الحاجة إليها . اننى اقدرها كصديقة حميمة .صحيح انها عاشت فى عائلة غنية ، لكن عندما نضب المال ،وظفت معلوماتها فى المكان المناسب .فدعينا من سيرة ماجى الآن ، فهى قد أدت خدمات جلى لنا "

ردت الأم بغضب وهى تشعر بالغيرة من تلك المرأة التى استطاعت ان تشق دربها الجديد بنجاح :
" وادت خدمات جلى لنفسها أيضا "

" هكذا تسير الأمور عادة . المهم أن ماجى لم تفتح فمها بكلمة .فقد كان من الممكن ان تنشر قصة بيعنا لاثاث البيت على كل شفة ولسان لو ان الوسيط غيرها "

هزت ليليان رأسها وقالت :
" اننى مضطرة لذلك . هل تعتقدين اننى لا أشعر برغبة فى بعض الأحيان بتحطيم المظاهر الكاذبة المحيطة بالبيت ؟ "

ارادت بروك ان تثير أمها أكثر فاجابت :
" مظاهر كاذبة ..... لكنها جيدة "

واصلت ليليان حديثها بصوت مخنوق :
" عندما أفكر بكل الأغراض التى ذهبت ؟ غرفة الصالون ، والخزائن ، وطاولة الطعام والمرايا الجدارية والمجموعة الشرقية التى جمعها بوب . انه كابوس مزعج ،كان من الممكن تلافيه لو ان اباك لم يمت "

" ربما "

شعرت بروك مرة أخرى بعمق الخسارة . فهى تفكر دائما بما كان سيحدث لو ان اباها لم يمت فى حادث سقوط عن الحصان وهى بعد فى الرابعة من عمرها . قبل ذلك كانوا يعيشون فى منزل جدها لامها السيد اشتون فى وينترسويت . كان البيت يتسع لكل الناس ، وكان عليهم ان يسهروا على صحة الجد المعتل . وعلى الرغم من ذلك استطاع ان يسهر على رعايتهم من خلال بيعه للعديد من التحف والاثريات التى يملكها ،ثم توفاه الله .حدث ذلك قبل اربع سنوات ، ومنذ ذلك الحين تقع عينا بروك على أماكن فارغة كانت قبل مدة ممتلئة بالتحف القديمة .صحيح ان البيت ما زال موجودا ، لكن مجموعة عائلة اشتون التى ترجع لاجيال عديدة باتت قائمة فى بيوت اخرى غريبة . انهم ليسوا فقراء ... ابدا .ولا يمكن ان يعرفوا الفقر طالما انهم يملكون البيت . لكن الاملاك الثابتة لا تؤمن السيولة اللازمة . وهم يعيشون هذه المدة بعد بيعهم احدى التحف البرونزية . ولا شك ان العائد المالى منه سيصرف على حفلة نهار السبت المقبل . ان الام مقامرة ماهرة ،وهى تحاول استثمار هذه الحفلة للتعويض عن كل خسائرها دفعة واحدة .

اعادها صوت الأم إلى الواقع :
" وانت يا بروك ، لا تحاولين ان تبنى علاقات صداقة مفيدة . بل يظهر انك لا تهتمين حتى بمستقبلك ، ناهيك عن مستقبلنا انا واختك "

" هل تقصدين القول اننى لست فى عجلة من امرى كى اتزوج ؟ "

ردت الام بلا مبالاة :
" لا يهمنى اذا تزوجت او عنست ، طالما انك تساعديننى لتحقيق طموحات اختك ..... فهى خلاصنا من الأزمة "

" وانت تريدين بيعها للذى يدفع سعرا أعلى ؟ "

صرخت ليليان بغضب وقالت بحدة :
"حاولى ان تتذكرى انك تخاطبين امك يا انسة .اننى احب لويز ، ولا تنسى اننى اريد لها مستقبلا افضل . انها تختلف عنك ،ولذلك فهى تحتاج إلى رعاية دائمة "

علقت بروك بلطف :
" تقصدين انها تخاف من العمل ؟ انت السبب فى موقفها هذا يا امى ! كل الناس يعملون الآن ، بل ويحبون اعمالهم ايضا "

كانت ليليان قد وقفت ،وراحت تحدق بابنتها باستغراب شديد :
" لم يستمر زواجى طويلا ، لكنك تجسدين بلير كل يوم امامى "

وقفت بروك إلى جانب أمها التى تقصرها بعدة سنتيمترات وقالت :
" يبدو انك احببته كثيرا يا امى .لم يكن يملك ثروة طائلة مثل جدى ،لكن الجميع ما زالوا يتحدثون عن قيمته كمهندس بارع ويشيرون إلى المبانى العامة والخاصة التى صممها فى حياته . اننى حزينة ان ابى لم يعش أكثر. والظاهر اننى اشبهه فى كونى احضر المزيد من المال إلى البيت عن طريق الدروس الخصوصية التى اعطيها لبعض التلاميذ . واعتقد ان أبى كان سيشجع لويز على العمل ..... فالجمال وحده لا يكفى هذه الأيام "

شحب وجه ليليان وهى ترد قائلة :
" اعتقد انه يكفى . لقد نشأت على تقليد يقول أن على البنت ان تظل فى البيت حتى تتزوج . ان لويز هى فرحتى وراحتى ، وانا مسرورة جدا برفقتها . وهنا اريد ان اذكرك انك لست مصدر التمويل الوحيد للبيت .... فما زال هناك اشياء فى البيت يمكن ان تعطينا ما يوازى مدخولك على سنوات "

" اعرف ذلك ... ومتى بعناها نكون قد فقدناها الى الابد . انا متأسفة لصراحتى ، لكننى لم أقصد اثارة غضبك . ارجوك ان تسامحينى "

" ساحاول يا بروك .المشكلة ان انانيتك تغلب على عقلك . قدتكونين عاجزة عن منافسة اختك فى جمالها .لكنك قادرة على استثمار ايجابياتك الأخرى . انا لم انس انك بحاجة إلى فستان جديد للحفلة ،فلو انك جئت وطلبت الفستان بلطف ، كما فعلت اختك لويز ،لكنك تعتقدين ان اخذ المال من امك كمن ياخذ المال من القراء واليتامى "

حاولت بروك ان تأخذ يد امها بيدها ،لكن ليليان انتزعتها بعنف . قالت بروك :
" هذا غير صحيح يا امى ، انا لا ارغب فى تحميلك اكثر مما تحملين ،طالما اننى قادرة على تدبير امورى "

" مثل ماجى سيمونز على ما اعتقد ؟ انها صاحبة الفضل فى كل تصرفاتك الواثقة ... ولا يبدو انك تشعرين بالحرج فى التحدث اليها "

وافقت بروك بهدوء :
" ان افكارنا تتفق تماما ،ان ماجى امرأة رائعة .كم اتمنى ان لا تهاجميها ابدا ، ثم تستعملينها كما تفعلين فى كل مرة "

غامت عينا ليليان خلف نظرة غاضبة وقالت :
" ليست هذه المرة الأولى التى تحدث فيها امرأة ما شقاقا فى البيت .لقد حاولت أن تؤثر عليك منذ البداية . صحيح ان بوب كان معجبا بها ، لكنها من النوع الذى يثير اعجاب كل الرجال . واذا لم اتركك الآن ، فسوف أتاخر انا ولويز عن دعوة الغداء .... وهى الدعوة الوحيدة التى تلقيتها هذا الأسبوع "
منتديات ليلاس
قالت بروك بهدوء :
" هيا اذهبا وتمتعا بنهاركما "

ردت ليليان بجفاء :
" يجب ان ترافقينا أيضا . أو انك لاترغبين فى التعرف إلى الناس المهمين ... باستثناء ماجى سيمونز طبعا ؟ "

تنهدت بروك بعمق وعادت إلى مقعدها قائلة :
" ماذا تريدان للعشاء ؟ "

" ارجوك ابتعدى عن الدجاج .... حاولى التغيير إلى أنواع أخرى "

قالت بروك بصوت خافت محاولة ان ترفه عن امها قليلا :
" سأتدبر أمرى .لكن المسألة كلها فى التوفير .... هل ترغبين ببعض السندويشات الخفيفة ؟ "

هزت ليليان يدها بلا مبالاة وغادرت الغرفة وهى تقول :
"يا لك من انسانة فاقدة للاحساس تماما "

استمرت بروك فى جلستها تتأمل الحدائق الممتدة حتى الميناء وهى تتساءل بينها وبين نفسها : " هل أنا اقدة الاحساس فعلا . هل كذار ابدو أمام اختى وأمى ؟ " .

كان الوقت ربيعا ،والازهار على مختلف انواعها لونت المروج بالوان فاقعة هادئة رصينة . ومن موقعها المطل على الغابات المجاورة ، كانت بروك تفكر بالاوضاع التى وصلت اليها العائلة . كان وينترسويت بيتا فخما ذا ماض عريق ، على الأقل فى زمن جدها .وقد ازيلت منه فى الوقت الحالى بعض المنحوتات التى كانت تزين الحدائق ،كما توقفت النافورة عن العمل فى الباحة الرئيسية

ومع انها حاولت السخرية من خسارة اثاثه ومنحوتاته ، الا انها كانت تشعر فى اعماقها بالحزن للمصير الذى آل إليه . فهذا بيتها ومسقط رأسها ، وهى تحبه وتشعر بالانتماء إليه ربما أكثر من امها ، وبالتأكيد اكثر من لويز التى تعتبره من الطراز القديم وقد عفى عليه الزمن . صحيح ان البيت قديم ، لكنه يعطى شعورا بالعظمة والجمال والاتساع ... كل التضحيات تهون من أجل الحفاظ عليه . يمكنهن ان يبعن البيت غدا اذا اردن ، لكن اولا يجب اعطاء لويز فرصتها . لقد كانت الحياة بالنسبة للشقيقة الكبرى احلاما وردية دائما ... وعما قريب سيأتى الارس الوسيم على حصانه الأبيض ليطلب يد الأميرة لويز ، وفى الوقت نفسه يعمد إلى شراء القصر والحفاظ عليه .

هل يمكن ان تتحقق هذه الأحلام ؟ وفجأة عادت صورة بول كوريللى إلى ذهن بروك بوضوح ، وتذكرت أول مرة رأته فيها . كان ذلك قبل عدة أشهر عندما انضم إلى مجموهة الأصدقاء الحميمين الذين تعرفهم ... مجرد ثرى عتيق كما تصفه ليليان مقارنة مع الأثرياء الجدد الكثيرين ، لا أحد يعرف من أين جاء بول إلى المدينة ،لكنه استطاع خلال سنوات قليلة ان يجمع الملايين وسط شائعات متضاربة حول ماضيه واعماله . البعض قال انه من أصل ارستقراطى عرق ، وآخرون يؤكدون أنه كافح بصلابة وقاتل بشجاعة لينتقل من ضواحى مدينة نابولى الايطالية الفقيرة إلى مصاف الاثرياء .

ومهما كان الأمر ، فانه صاحب شخصية جادة واثقة من نفسها وقاسية .... إلى أن يبتسم . عندها فقط يظهر سحره الاخاذ ووسامته الطاغية المتمثلة فى اسنان لؤلؤية متناقضة مع بشرة سمراء ، وعينين سوداوين لامعتين تشعران المرء بانهما تخترقان المظاهر إلى الاعماق ، ولم تكن اى امرأة قادرة على تجاوز نظراته الحادة . وفجأة شعرت بروك وكأن نسمة باردة لفحت وجهها وعنقها . فارتجفت وهى تفكر بأختها . لويز المسكينة مع كوريللى ؟ هذا غير معقو ! ان جمعهما معا اشبه بمن يريد عقد صداقة بين القطة والنمر .

ومرة أخرى تخيلت بروك كيف ستكون الاوضاع اذا تزوج ذلك الرجل القاسى من شقيقتها الجميلة الحالمة . ان كوريللى قادر على تعذيب أية امرأة ،حتى وان كانت سليلة عائلة كبيرة مثل لويز .وبروك تدرك تماما طبيعة كوريللى ،خاصة وانها تبادلت واياه العديد من الكلمات والغمزات القاسية فى المرات القليلة التى التقيا فيها .ومع انهما لا يعرفان بعضهما تماما ، الا انهما يشعران وكأنهما عدوان لدودان منذ زمن بعيد .كانت بروك تتصرف وتتكلم بالطريقة التى يكرهها كوريللى فى المرأة ... وقد أوشك ان يعلن ذلك مرارا . ومهما كان الامر ، عليه ان يعتاد على تصرفاتها وكلامها اذا كان راغبا فى مصاهرة عائلة راقية . ولا شك انه يريد ذلك بالحاح .

على الرغم من ان عائلة اشتون تعانى الآن من مصاعب عديدة الا أنها عريقة فى التاريخ والمجتمع ، ويعود زمانهما إلى أيام استعمار الانجليز لجزر الهند الغربية . وقد بنى روبرت اشتون وينترسويت على طراز بيوت عائلته فى منطقة سافوك التى تعد من أجمل مناطق بريطانيا ،ثم استورد احدث الاثاث الفرنسى والانجليزى بالاضافة إلى مئات التحف واللوحات التى كان يفخر كل نبيل باقتنائها . وخلال الحربين العالميين الأولى والثانية ، شارك شباب العائلة فى المعارك ..... كما ان خاليها جوناثان وهيو توفيا فى غينيا الجديدة وهما فى أواسط العشرينات من عمرهما . ولميتبق من العائلة الآن إلا الأم ولويز وبروك والخالة الكبيرة ملفيل .

ومن الواضح لدى الجميع ان ايا منهن لا تستطيع انقاذ وينترسويت بمفردها . فالبيت يحتاج إلى ثروة طائلة للقيام بشؤونه وصيانته . ولا شك أن لويز تتمنى الاحتفاظ به لكنها بحاجة إلى حشد من الخدم لرعاية البيت فى ظل سوء ادارتها وعدم اهتمامها .

بعد حوالى الساعة تقريبا كانت بروك تفضى بمشاعرها وافكارها لصديقتها ماجى التى قالت وهى تتأمل احدى اللوحات لراعية الأغنام :
" اننى أفهم ما تقصدين "

" مقارنة معها ، اشعر وكأننى المرأة الخارقة "

استدارت ماجى ببطء وهزت رأسها قائلة :
" ستتضح رؤيتك للأمور بمرور الوقت .... وربما كان من الضرورى وجود رجل لمساعدتك فى ذلك اذ من غير المعقول ان تكتشفى نفسك بالمقارنة مع امك وشقيقتك فقط "

" لا بد من الاعتراف بانهما محقتان فى رؤيتهما لى "

ترددت ماجى فى الاجابة وكانها تفكر ،خاصة وأنها غير مشغولة فى يوم السبت هذا . واخيرا قالت :
" اننى معجبة بك واراك جذابة ، وكذلك يراك الآخرون .لويز جميلة جدا . وهذا هو الشئ الوحيد الذى تتمتع به . أما أنت فلديك حكمة العجائز وكأنك اشرفت على تربية أجيال كاملة "

" هذا ما أعتقده شخصيا .... "

قالت ماجى وهى ترتب بعض الأوانى الاثرية فى الخزانة :
" انت لا تختلفين عن اية فتاة اخرى فى مثل سنك . انا آسفة يا عزيزتى لكننى استغرب ان يهتم السيد كوريللى بلويز وليس بك أنت "

علت الدهشة وجه بروك التى تساءلت :
" انت تمزحين بالتأكيد ؟ "

" لا يا عزيزتى .... ابدا "

ردت بروك بجدية :
" هذا غريب جدا . فأنا أجد نفسى فى مواجهته كلما التقينا ،واعتقد انه يشعر بالعداء نحوى أيضا "

قالت ماجى انطلاقا من خبرتها النسائية :
" طبعا . والسبب يكمن فى الانجذاب المتبادل "

" لا اعتقد ذلك يا ماجى . المسألة واضحة جدا ، هو لا يحبنى وانا غير مهتمة به اطلاقا . ومن الخطير جدا أن أدعه يتزوج شقيقتى "

سألتها ماجى والشكوك تملأ نفسها :
" هل أنت متأكدة من انه يريد الزواج منها ؟ "

" امى ولويز تعتقدان بانهما قادرتان على جره إلى القفص الذهبى "

" اذن فالأمر يحتاج منك إلى جد جهيد .لست أفهم لماذا لا تقولين لهما ان يذهبا إلى الجحيم .... فكون شعرك احمر لا يعنى ان تتنازلى دائما عن رأيك "

قالت بروك بحسرة :
" حسنا ، هناك الحفلة التى ستقام الأسبوع المقبل "

علقت ماجى بجفاء :
" السعر الذى حصلنا عليه ثمنا للتحفة البرونزية كان ممتازا . وآمل ان تكونى قد حصلت على حصتك . لقدبذلت جهدى من أجلك ، واستغربت حصولى على ذلك الثمن "

" اشكرك جدا يا ماجى "

حدقت المرأة الناضجة فى وجه صديقتها الصغيرة ،فرأت فيها ملامح الجمال الكامن والجاذبية الآسرة ،وليس فقط الجمال الباهت الذى تتمتع به شقيقتها لويز . لا شك ان ليليان ارتكبت خطأ جسيما عندما حاولت اقناع صغيرتها بأن الشقراوات هن فقط الجميلات والمرغوبات . فقد كان وجه بروك على الطراز الحديث وشعرها المجعد وعينيها الخضراوين اللامعتين وانفها الرقيق فوق شفتين ممتلئتين وكل ذلك مع بشرة بيضاء ناعمة .

قالت ماجى بعد صمت :
" لماذا لم تشترى لنفسك فستانا خاصا بالحفلة ؟ "

ردت بروك بهدوء :
" سوف أفعل ، لكن يجب أن ترافقينى لاعطاء الرأى .... فأنت ذات ذوق رفيع فى الملابس "

" سأجرب ان أكون معك "

استدارت ماجى ناحية النافذة وقد سرتها ملاحظة صديقتها . لم تكن هى نفسها جميلة الملامح ، لكنها تملك الذوق والبراعة والثقة بحيث جعلت الجميع يرون جاذبيتها فى كل ما تفعل .فخلف نجاحها الباهر ماسأة محزنة تتمثل فى حادث سيارة أدى إلى مقتل زوجها وابنها واصابتها هى بجروح طفيفة . ومع أن خمس عشرة سنة تفصلها عن ذلك اليوم المفجع ، إلا أنها ما زالت تشعر بفداحة الخسارة ، وترى فى بروك الابنة التى كان من الممكن ان ترزق بها لولا ان القدر شاء العكس .

قالت بسرعة وكأنها تخرج من ذكرياتها الأليمة :
" سأقول لك شيئا .يجب أن أذهب إلى ملبورن نهار الثلاثاء ، إذ أن صديقة عزيزة تريد ان ترينى بعض التحف الفضية .وهناك سأمر على محلات مارتن ليندن واختار لك شيئا خاصا ، أكرر : شيئا خاصا لك انت فقط . انا اعرف قياسك واعرف ذوقك . فلماذا يجب أن تحصل لويز دائما على الملابس الجميلة طالما ان لك قواما مثاليا رشيقا ؟ "


رفعت بروك سلة فضية صغيرة وسألت قائلة :
" من طراز عصر الملك جورج ؟"

" من منتصف ذلك العصر تقريبا .ومعها مملحة ومبهرة فضيان أيضا ، حصلت عليها من سيدة عجوز تقيم على الشاطئ الشمالى ... وقد اصبحنا صديقتين حميمتين ،وكثيرا ما أزورها لتمضية بعض الوقت معها "

هزت بروك رأسها بحزن :
" كل الفضيات التى تملكها العائلات العريقة ذهبت أدراج الرياح " . ثم ترددت وقالت :
" لا يمكن ان ادعك تشترين لى ثوبا من عند لنيدن ،فأنا أعرف اسعارها الباهظة ولا أستطيع تحملها "

ردت ماجى بحزم :
" انا استطيع . وسوف اشتريه لك حتى لو اقدمت فيما بعد على اخذه وارتدائة بنفسى . وعندها ساضطر الى اضعاف نفسى حتى اصبح رشيقة مثلك ... ولكننى اعتقد انك ستقبلينه "

التقت عينا بروك بعينى ماجى الحادتين فقالت :
" ارى انك ستغضبين اذا لم اقبله منك ؟ "

" الحقيقة يا عزيزتى ، ان بامكانك ابراز جمالك اذا حاولت . لويز جميلة جدا ، لكنها ليست الجميلة الوحيدة فى العائلة حسب رأيى المتواضع . فالبعض يعجب بالرشيقات ذوات الشعر الأحمر ،خاصة اذا ارتدين من عند مارتين ليندن ومن اختيار ماجى سيمونز ايضا "

ابتسمت بروك بخجل :
" لا بأس من التغيير فى بعض الأحيان . لكن الحفلة كلها من أجل لويز ،التى يتوقف عليها خلاصنا حسب ما تعتقد أمى "

" أنت تعرفين تماما ان هذا المنطق خاطئ يا بروك "

ردت بروك قائلة :
" امى ولويز تعيشان فى الماضى الجميل ، ربما فى العصر الفائت . ولويز تشعر بالخوف من القيام بأى عمل "

استدارت ماجى بعد ان تركت مزهرية كانت فى يدها وقالت :
" يا للغرابة .قلة من الفتيات لايعملن شيئا هذه الأيام ، وهى لا تشكو من شئ أبدا "

وافقت بروك بحماس : " انها على ما يرام . هى عاجزة فقط عن التفكير بالاعتماد على نفسها . فالزواج يبدو الحل لها ، خاصة بعد ان اقنعتها امى بان الحياة الزوجية هى العمل الطبيعى لسيدات المجتمع الراقى "

قالت ماجى بسخرية :
" لاحظت ان أمك لا تعارض عملك "

" الحقيقة انها أصيبت بالصدمة للوهلة الأولى . أنا وأنت نشعر بالاتياح للعمل ، لكن أمى ترى الأمر سخيفا وغير مقبول اجتماعيا .... ولا شئ يمكن ان يغير رأيها . فى هذا المجال لم تتغير أبدا ، فقط ضمت بول كوريللى إلى عالمها الخاص "

" انها تتعامل مع الزواج كما كانوا يفعلون فى العصور القديمة . نحن نعرف أن المال يتزوج المال ،لكن من الغريب محاولة الجمع بين لويز وكوريللى . اقصد انها فتاة هادئة بينما هو رجل ديناميكى قاس لم ار مثله فى حياتى "

قالت بروك باستغراب :
" تتحدثين عنه وكانك معجبة به ؟ "

علقت ماجى بابتسامة ساخرة :
" لم أصل إلى السن التى تمنعنى من معرفة الرجال على حقيقتهم "

أطلقت بروك صرخة استغراب قائلة :
" يا إلهى "

" لا ضرورة للاستغراب ، فأنا أعنى ما أقوله . وقد زارنى فى المحل عدة مرات من قبل "

" هل اشترى شيئا منك ؟ "

" كلا ، لكنه يعرف الأشياء الثمينة والجميلة . وعندى شعور بأنه سيشترى عندما يأتى المرة المقبلة . وحتى فى مثل سنى ، فأنا أراه جذابا ووسيما "

قالت بروك مبتسمة :
" ولماذا لا ؟ أنا أيضا أعتقد أنه جذاب . ومن ناحية أخرى ،نحن لا نعرف عنه ألا انه قادر على جمع الأموال بسرعة "

 
 

 

عرض البوم صور زونار   رد مع اقتباس
قديم 10-04-09, 11:26 AM   المشاركة رقم: 5
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Nov 2008
العضوية: 103835
المشاركات: 336
الجنس ذكر
معدل التقييم: زونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدا
نقاط التقييم: 502

االدولة
البلدKuwait
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
زونار غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : زونار المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 

سألتها ماجى بلهجة ذات معنى :
" لا أظنك تعتبرين ذلك نقيصة فيه ؟دائما هناك بداية لجمع الثروة .تأملى الشبان الذين تعرفينهم فى المنطقة ، قلة منهم يعملون حتى أوقات الحاجة .... والثروة التى يتمتعون بها جمعها اباؤهم وأجدادهم . المال يصنع المال يا عزيزتى طالما أننا نستثمره بحكمة . أما بول كوريللى فهو قصة نجاح قائمة بذاتها ..... لقد صارع ونجح . والصراع يساعد فى بناء الشخصية "
منتديات ليلاس
قالت بروك بحزن :
" قد لا يكون هو الشخص الذى أرغب فى رؤيته زوجا لشقيقتى "

اتجهت ماجى إلى احدى الخزائن وهى تقول :
" انت فى العادة كريمة جدا يا بروك . ولا شك أن هناك شيئا حول كوريللى يجعلك تخافين منه "

ردت بروك المنشغلة بتأمل بعض الخواتم الأثرية :
" لعل عناده وشخصيته القاسية هما السبب "

" انه ليس عنيدا يا عزيزتى . وانت تخطئين فى اعتبار الثقة الزائدة بالنفس والنجاح عنادا . من الطبيعى ان يعتز بنفسه وبافكاره وبعصاميته . الا تعتقدين ان الايطاليين جنس وسيم وجذاب فى الأساس ؟ "

انطلقت الكلمات من فم بروك بسرعة :
" اننى لا ارتاح اليه " ثم رفعت يدها إلى ماجى متسائلة :
" اى من هذه الخواتم تفضلين ؟ "

تمعنت ماجى فى الخواتم قائلة :
" من الصعب الحكم . اعتقد ان الخاتم الذهبى المرصع بالياقوت يليق بيدك المناسبة لعرض المجوهرات . وعلى فكرة هذا الخاتم ايطالى الصنع ،صنعه صائغ ايطالى اسمه كاستيلانى عاش فى لندن خلال عصر الملكة فيكتوريا . امس بعت قلادة من صنعه أيضا .... إنها قطعة رائعة .والآن ما رأيك فى تناول بعض الطعام "

انتزعت بروك الخواتم من أصابعها وقالت :
"لا مانع عندى .فأمى ولويز ذهبتا لتناول الغداء عند عائلة واتلينغ "

" ولماذا لا تتزوج لويز بنيجل ؟ "

نظرت بروك إلى نفسها فى مرآة الحائط وقالت :
"لا تستغربى ، فالمسألة خطيرة جدا . ذلك أن نيجل لا يستطيع مساعدتنا فى أهم نقطة وهى الحفاظ على وينترسويت .فعائلة اشتون هى التى بنت البيت قبل قرون ،وامى تريده ان يبقى فى العائلة "

ابتسمت ماجى بهدوء :
" انا لا الومها على موقفها هذا . قلة من الناس قادرون حاليا على بناء بيت مثل وينترسويت " . ثم التفتت إلى بروك قائلة :
" لكن من العار ان تعرض امك لويز للبيع لمن يدفع ثمنا أعلى "

نظرت بروك إلى صديقتها باضطراب واضح :
" امى تحبها كثيرا . والمضحك فى القصة ان لويز مستعدة للمشاركة فى مخطط الزواج .... حتى وان كان لعريس هو كوريللى نفسه .ومع انها تشعر بالخوف من هذه الخطوة ، الا انها تعتقد نفسها قطعة اثاث ثمينة فى البيت الكبير ..... معروضة للبيع ايضا "

" هذا صحيح . ولست أدرى ما رأى حركة التحرر النسائية فيها . واعتقد ان ليليان لم تسمع عن نشاطات الحركة ابدا . والحقيقة ان ذكاءها يمكنها من ابعاد أية افكار لا تريد ان تعترف بوجودها . لقد بذلت جهدى للحفاظ على اسرار عائلة اشتون ،ولكن اذا لم تتزوج احداكما رجلا ثريا وبسرعة ،فإن وينترسويت لن يصمد طويلا . اذ من الصعب أن تقيم العائلة فى بيت كبير فارغ ،وانا بصراحة لا ارغب فى رؤيتكن تفقدن المزيد من اثاثكن ثم تنتقلن إلى بيت أصغر حجما . هناك من اقدم على مثل هذه الخطوة . امى باعت بيتها بعد وفاة ابى الذى تركنا وحيدتين فى مواجهة المصاعب المالية . اننى اتعاطف مع امك فى مشاعرها ،لكنها إلى حد ما فى وضع أفضل من غيرها "

قالت بروك ببطء شديد :
" معك حق . لكننى لا اريدها ان تعاقب بسبب كونها تعيش فى عالم من الاحلام . فجدى لم يعدها لمواجهة ظروف الحياة العادية ،وهى بدورها لم تعد لويز . ان شقيقتى جميلة جدا ورائعة جدا ،لكننى لا اعتقد ان كوريللى يريدها . لقد صرفوا اموالا طائلة على الحفلة من اجله شخصيا ..... وربما لن يحضر ابدا "

ردت ماجى بحزم :
" سوف يأتى . دعينا نتفق على شئ وحيد على الأقل ، أنه رجل يحصل دائما على ما يريد

الوحش يخرج من الغابة









راحت بروك تأمل فستان السهرة الجميل الذى ارتدته خصيصا للحفلة . لم تكن قد ارتدت فى حياتها كلها فستانا مثله ، ولذلك شعرت بالارتباك من جراء المظهر الجديد الذى ظهرت فيه ، خاصة عندما وضعت المجوهرات الشرقية التى اعارتها اياها ماجى . كما وأنها سمعت نصائح صديقتها الخبيرة فاستعملت بعض الماكياج الخفيف . ..... بحيث تحولت بقدرة قادر الى قطعة جميلة وجذابة لم يكن يتوقعها الآخرون ابدا . لقد تركت المجوهرات والفستان والماكياج اثرا واضحا عليها . وادركت لأول مرة ان لها جسدا متكاملا فاتنا اذا ما وضعته فى الاطار الصحيح . دائما كانت لويز تفوقها بالذوق والاناقة .... ولكن ليس هذه الليلة . فبعد الذى صنعته ماجى ، لا يمكن لأحد ان يشك فى جمال بروك الاخاذ . كل شئ تغير حولها .قوامها الرشيق يشع فتنة ودلالا وشعرها الأحمر الفوضوى تجمع فى خصل حريرية الملمس ..... والمرآة التى تنظر إليها فى غرفة النوم تعكس شكلا لابد ان يدير رؤوس معظم الرجال .



سمعت بروك طرقا على الباب ثم رأته فى المرآة يفتح ، فالتفتت نحو شقيقتها التى دخلت مبتسمة وقالت لها :
" انك جميلة جدا "


عجزت لويز عن الجواب ، بينما راحت عيناها تقيسان بروك من أسفل إلى اعلى وكأنها تراها للمرة الأولى ، ثم وجدت الكلمات المناسبة قائلة :
" من أين لك كل هذا يا بروك ؟ "


ردت بروك بمرح :
" احد المعجبين قدمها لى "


" اتمنى ان تسمح لك امى بارتدائه .... "


انزعجت بروك من كلام اختها وقالت :
" ماذا تقصدين بكلامك ؟ "


ادارت لويز رأسها إلى الجانب الآخر :
" ليس هذا هو الطراز الذى ترتدينه اجمالا "


توقفت عن الكلام قليلا وهى تتامل الفستان والمجوهرات ثم تابعت قائلة :
" ان الفستان يبدى الكثير من فتنتك وجمالك "


فكرت بروك فى الاستمرار بلعبة القط والفأر بدون أن تفقد اعصابها ، لذلك سألت بهدوء :
" وهل يعنيها ذلك ؟ "


" انها لا تحب هذا الذوق المكشوف "


" موقف سخيف ، لقد قررت الا اخجل من نفسى ومن جمالى بعد اليوم على الاطلاق "


قالت لويز بلطف :
" لقد حذرتك سلفا ... " ثم اقتربت من شقيقتها ووقفت إلى جانبها أمام المرآة وتابعت بلطف : " كم نحن نختلف "


وجدت بروك نفسها تعلق قائلة :
" يجب ان تراقبى وزنك جيدا "


انفعلت لويز قائلة :
" يقول باتريك ان قوامى رشيق كافضل ما يكون "


" انت كذلك فعلا يا عزيزتى . ولم اقصد ان اسئ اليك "


عاد الهدوء إلى لويز وقالت :
" لا بأس عندما تنتهين من ارتداء ملابسك ، فان أمى تريد أن تراك . واعتقد انها لن تحب فستانك والطريقة التى صففت فيها شعرك .فانت تبدين مختلفة تماما "


ابتسمت بروك وسألت اختها :
"هل ترين ذلك حقا ؟ "
أجل . انت مختلفة كثيرا ... اظن ان الشعر الاحمر يعطيك سحرا خاصا "

علقت بروك بلطف :
" لعلى اريد ان احصل على شئ رائع فى الحياة .فالكل يتجاهلنى عندما اكون الى جانبك "

تخلت لويز عن جديتها للحظات قليلة ،وابتسمت لشقيقتها بدون ان تجيب . فهى تبدو رائعة وساحرة كحلم وردى انيق فى فستانها الحريرى الواسع . هذه ليست المرة الأولى التى يقارن الناس بينها وبين أختها . لكنها غير مستعدة الآن للانسحاب إلى غرفتها والتخلى عن فستانها الجديد وارتداء الزى الحريرى البنى الذى اختارته لها امها . صحيح ان اختيار امها لا يخلو من شئ ، لكن اختيار ماجى يناسبها اكثر ، وهى تثق بصديقتها اكثر من أمها فى هذا المجال .

بعد عشرين دقيقة تقريبا بدأ الضيوف يتوافدون إلى البيت ، بحيث لم يعد أمام بروك مجال لتغيير فستانها كما اقترحت امها والحت علها بعصبية وغضب .تجاهلت بروك راى امها وغادرت الغرفة بهدوء ، ثم نزلت السلم الخشبى الكبير متجهة إلى القاعة ومنها إلى المطبخ ... واخيرا الحديقة الخلفية . لقد انهت شخصيا واجباتها العائلية . ولتدع امها ولويز تقومان بمهمة استقبال الضيوف بدون ازعاج .

كان من الواضح ان أحدا من الموجودين فى المطبخ لا يشارك الأم رأيها السلبى فى مظهر بروك . التى ارتاحت لنظرات الاعجاب. فألقت نظرة اخيرة على فستانها استعدادا للمواجهة الحاسمة .فهذه الحفلة هى نقطة التحول التى ارادتها ليليان ان تكون ذروة الحفلات وختامها ايضا . الاموال التى صرفت عليها باهظة ،افضل الخدم ،اغنى الموائد ، ما لذ وطاب من طعام وشراب ،زهور من مختلف الانواع والاشكال والالوان وغيرها الكثير . وعمدت امها إلى اعادة ترتيب ديكور غرفة الاستقبال وغرفة الطعام الواسعة بحيث لا يظهر أى اثر لفقدان التحف واللوحات الثمينة .

التقت بروك فجأة بالمسؤولة عن الخدم ، وهى امرأة انيقة فى الخمسين من عمرها تقريبا ،فقالت على الفور :
" عذرا يا آنسة هويل ، لكننى لا استطيع منع نفسى عن القول انك رائعة جدا "

ابتسمت بروك بحياء وتابعت طريقها نحو الباب . ثم توقفت لتقول :
" لم اقصد ان ابدو بهذا الشكل "

قاطعتها السيدة الخمسينية باستغراب :
" وما المانع ؟ انك رائعة فعلا ، والفستان مناسب لك تماما "

شكرتها بروك بلطف :
" اشكرك كثيرا . اننى اسمع اصواتا فى الداخل ، واعتقد انه من المناسب ادخال المرطبات الآن "

وافقت مسؤولة الخدم بهزة من رأسها ،ثم نادت أحد الأشخاص الموجودين بالمطبخ واعطته التعليمات اللازمة . تركتهما بروك لشؤونهما وهى تطرد فكرة الهرب من الحفلة كلها . فالترتيبات معدة من أجل لويز ، والمدعوون كلهم من الطراز الذى ترتاح إليه سيدة البيت الكبيرة .فهم من علية القوم والعوائل العريقة ... باستثناء بول كوريللى الذى يبدو فى هذا الجو وكأنه كائن غريب هبط من الفضاء الخارجى لتوه . واخيرا وصلت بروك إلى مدخل القاعة وهى على أتم الاستعداد لكل الاحتمالات .

حلت الساعة التاسعة والنصف بدون أن يظهر بول كوريللى ، فبدأت أعصاب لويز تتوتر ، مما أثر على جمالها الهش أساسا . ومع أن باتريك لم يتركها للحظة إلا أن عينيها ظلتا معلقتين فى المدخل الكبير المطل على الحديقة الأمامية المترامية الأطراف بانتظار أن يدخل كوريللى مثل النمر كما يحلو لبروك أن تصفه . كما ظلت ليليان تتطلع نحو المدخل بين الفينة والأخرى وكأنها تريد ان تعلن بنفسها وصول نجم الحفلة بلا منازع ..... لكن كوريللى لم يظهر بعد .

لم تهتم بروك بغياب كوريللى ،بل واصلت التصرف الطبيعى فى مثل هذه المناسبة . كان البيت مناسبا للحفلات الكبيرة ، وقد توزع المدعوون على حلقات لتبادل الطرائف والأخبار والشائعات وغيرها من الثرثرات المعهودة بين أفراد الطبقات العليا من المجتمع الاسترالى العريق . كلهم يعرفون أن لويز معروضة فى المزاد العلنى ، وبالطبع لم يتركوا المناسبة تمر بدون تعليق . فأصحاب وينترسويت يعيشون الآن فى الوقت الضائع ولا شك أن المدققين من المدعوين لاحظوا غياب بعض التحف الثمينة من القاعة الرئيسية .

والغريب ان بروك وجدت نفسها محاصرة من قبل نيجل واتلينغ الذى يعتبر أحد المعجبين بلويز . فقد دعاها عدة مرات للرقص ، ولم يترك فرصة إلا واستغلها للانفراد بها والتمتع برفقتها . واخيرا انتقلا إلى الشرفة التى ازدادت سحرا فى ضوء القمر البدر فى تلك الليلة .

قال نيجل هامسا :
" اننى لا أمزح .أنت صارخة الجمال هذه الليلة ،وكأنك خارجة لتوك من مجلة للجمال والأناقة "

ابتسمت بروك :
" أنا سعيدة لأن جهدى لم يذهب سدى "

وفجأة جذبها نحوه بشدة وقال :
" بربك ، لماذا لا نغادر هذه الحفلة فورا ؟ "

نظرت إليه بحدة وتسائلت :
" غريب .كنت أعتقد انك صديق شقيقتى لويز ؟ "

" اننى سعيد بوجودى معك . دائما كنت أقول أنك جذابة وفاتنة .انت ساحرة بشكل لا يمكن ان تجاريه لويز . ولسوء الحظ ، هذه الحفلة غير مجدية ،اذ لا أعتقد ان كوريللى سيحضرها "

جاهدت بروك كى يبدو كلامها طبيعيا :
" وحتى إذا لم يحضر ؟ "

اجابها نيجل بحدة :
" عندها سنعرف ماذا فى رأس أمك "

شعرت بروك باشمئزاز من كلامه ،فابتعدت عنه قائلة :
" اسمعنى جيدا يا نيجل "

قاطعها بحركة من يده :
" اصمتى .ليس الآن " . واشار نحو عدة أشخاص استرعى انتباههم صوت بروك المرتفع ،ثم قال متابعا : " اننى آسف لما قلت . ان أحدا منا لا يلومها على مخططاتها . لكننى أعتقد أنه غير مهتم بلويز ،والسبب واضح . فهى جميلة جدا وصافية جدا لكنها لاتملك شخصية مميزة تجذب الآخرين "

واجهته بروك بغضب :
" انها مناسبة لك على ما أعتقد "

" رويدك أيتها الجميلة ، أنا لست كوريللى حتى تثورى ضدى . لقد لاحظت من قبل حدة أعصابك ،لكننى لم أكن أتصور ان الغضب جزء من شخصيتك "

هزت بروك كتفيها بلا مبالاة :
" أعتقد أن لويز لطيفة جدا ،بحيث لا يستحقها كوريللى "

وافق نيجل على كلامها :
" وأنا أعتقد ذلك أيضا .لكن الحفلة أقيمت لتحقيق التقارب بينهما . أقصد أن الحفلة رائعة ، والبيت ساحر ، والجهد الذى بذل كبير ، لكن هل يكفى ذلك للفت انتباه كوريللى وتشجيعه على امتلاك البيت ؟ " . ابتسم ساخرا قبل أن يتابع : " انت تفهمين ما أعنيه ! ويظهر لى انك تقدمين كل التضحيات من أجل العائلة "

ارادت بروك أن تغير دفة الحديث ، فقالت :
" البيوت الكبيرة تحتاج إلى جهد ضخم "

" لماذا لا تبيعونه اذن ؟ "

تنهدت بروك ببطء :
" لا نستطيع ان نرى اسم وينترسويت مرتبطا بأى اسم خارج العائلة "

رد نيجل بتنهيدة مماثلة :
" صحيح .لكن لا فائدة من أن تعلق لويز أى أمل بالنسبة لى . أنا ناجح فى أعمالى ، غير أننى لست من مستوى بيت مؤلف من أربعين غرفة على الأقل .فمثل هذه البيوت باتت خارج التاريخ الآن "

خيم الحزن على عينى بروك الخضراوين وهى تقول :
" اننى أهتم بالبيت ، وأريده أن يظل فى العائلة "

ثم لاحظت أن نيجل ما زال ملتصقا بها ، فقالت بجفاء وهى تبتعد عنه :
" لا أظن أنك ستتحول من أختى إلى ?"

أجابها بجدية :
" كنت أراقبك دائما يا بروك دون أن تلاحظينى . من السهل القاء الكلام المعسول تجاه لويز التى تحب الاطراء كثيرا .... أما أنت ،فتبدين وكأنك من عالم آخر مختلف "

تساءلت باستغراب شديد :
" لماذا يا نيجل ، لماذا ؟ "

" احتاج إلى عدة دقائق فقط لاقناعك "
كان يتكلم بنعومة وكأنهيهمس . لكن بروك صممت على الابتعاد عنه ووضع حد لاغرائه .وعندما حاول أن يداعب خدها بيده ، أبعدت رأسها بقوة قائلة :
"لا ! "

بات صوته أكثر حدة وحركاته أكثر قوة وهو يقول :
" يا لك من قطة متوحشة ........ ساحرة "

لاحظت بروك أنه يحاول أخذها إلى مكان منعزل ، فقالت :
" هيا بنا إلى الداخل "

" ألا تثقين بى ؟ "

نظرت إليه مباشرة بعينين ملؤهما التحدى :
" كلا "

" تذكرى اننى الصديق العزيز نيجل ، وليس النمر المتوحش كوريللى ؟ ألم تلاحظى طريقته فى السير وكأنه وحش هارب من الغابة ؟لا شك أنه يحوز على اعجابك ، أليس كذلك؟ "

وقفت بروك فى مكانها مندهشة بشكل لا يصدق :
" لا اظننى سمعت ما قلت بوضوح "

رفع نيجل يديه وكأنه يستغرب دهشتها ،ثم نظر إليها بتحد وقال :
" ألا يحوز اعجابك فعلا ؟ "

تحولت دهشتها إلى ثورة عارمة مدمرة :
" لم أسمع فى حياتى أسخف من هذا الكلام .... فالذى أعرفه عن السيد كوريللى اننى غير معجبة به اطلاقا "

وفى موجة الغضب العارمة ، لم تلاحظ بروك نظرات نيجل الشاردة التى راحت تحدق فى شئ ما خلفها .... وعندما استدارت بعد لحظات وجدت بول كوريللى واقفا هناك وكأنه يستمتع بالحديث الذى سمعه قبل قليل .

قال بصوته العميق :
" ارجوك اكملى حديثك ،فأن أحب أن استمع إلى رأيك المحترم "

كانت لويز تقف إلى جانبه شاحبة الوجه،فتدخلت قائلة :
" كيف يمكنك اطلاق هذه الأقوال يا بروك "

خفق قلب بروك بشدة من فعل المفاجأة ، لكنها استعادت رباطة جأشها وسلمت على كوريللى قائلة بصوت عذب :
" أنا متأكدة بأن السيد كوريللى لا يتأثر بمثل هذه العبارات "

" اننى غير مبال بالاهانات يا آنسة "

كان يتكلم بصلابة وغرور كعادته دائما . ولو أن الحادث وقع مع رجل آخر ، لشعرت بروك بالاحراج العميق . لكن بوجود كوريللى نفسه ، فان التحدى المتبادل والعداء السافر جعلاها تأخذ موقفا حازما لوضعه فى مكانه الصحيح ، حتى وان كان يبدو كوحش من غابة .

بدا على لويز الاضطراب الشديد وكاد أن يغمى عليها وهى تقول بالحاح :
" اقترح عليك الاعتذار من السيد كوريللى ، والا فإن أمك ستغضب كثيرا "

اعترضت بروك وقد زادت مشاعر التحدى والكبرياء من نفسها :
" لا أستطيع الاعتذار . ولا يمكن للسيد كوريللى ان يحصل على كل ما يريد بسهولة "

رد عليها بكسل :
" ساحصل على كل ما أريد .... "

قالت لويز والألم يعتصرها :
" يسعدنى أنك صبور يا بول . ففى بعض الأحيان ،تكون بروك غير معقولة "

همس قائلا وعيناه تتجولان فوق وجه بروك وفستانها :
" يجب أن اعترف بأن الزمن الذى كانت فيه الفتيات الصغيرات يظهرن بدون أن يتكلمن .... كان زمنا أفضل "

احست بروك بموجة عارمة من الغضب تجتاحها للحظات .كيف يمكنه ان يعتبرها فتاة صغيرة ، وكأنه يعرف كل شئ عنها ؟ قالت :
" اذا كنت راغبا فى الرقص ،فأرجو ألا تدعنا نؤخرك على ذلك ؟ "

أجابها بسخرية واضحة :
" انه لشرف عظيم لى "

وقبل أن تعى ما يجرى ، كان كوريللى يضمها إلى صدره بلطف ، ثم التفت إلى لويز قائلا :
" لا تغضبى يا عزيزتى . فشقيقتك الصغرى لا تزعجنى أبدا .فأنا أعتقد دائما أن الفتيات ذوات الشعر الأحمر يملكن ألسنة سليطة وقاسية "

سأل نيجل لويز عما إذا كانت راغبة فى الرقص ، ولما لم تعطه جوابا أمسك ذراعها بحزم وقال :
" هيا نرقص يا لويز "

سارت لويز مع نيجل وكأنها منومة مغناطيسيا ،وعيناها تتابعان بروك وكوريللى ..... تماما كما تفعل معظم عيون الحاضرين . ويبدو ان بروك كانت مستمتعة بهذا الحو ،لذلك قالت بلطف :
" هل من الضرورى أن تؤذينى لمجرد كلمة أطلقتها عرضا ولم أكن أقصدها ؟"

نظر كوريللى إليها مليا ثم قال مبتسما :
" أريد أن أؤكد لك شيئا يا آنسة . كم أتمنى لو أؤذيك فعلا ،لكننى لن أفعل ذلك الآن "

رفعت رأسها نحوه ،واغتصبت ابتسامة فى محاولة لكسر حدة التوتر :
" نحن سعيدون لانك استطعت الحضور الليلة "

" انت لا تتوقعين منى جوابا ،أليس كذلك ؟ "

كانا فى هذه الأثناء قد احتلا وسط الساحة على وقع أنغام موسيقية حالمة .

ثم قال :
" ارتاحى , أجل , هكذا أفضل . يجب ان تتعلم المرأة كيف تسلم أمرها للرجل " .

التقت عيناها الخضروان بعينيه السوداوين الحادتين وقالت :
" كم أن أفكارك ممتازة يا سيد كوريللي " .

" يسعدنى ان اراك على حقيقتك يا آنسة . فدائما كنت أعرف أى طراز من النساء أنت "

بدأت تشعر بالاضطراب من جراء وجودها إلى جانبه ، وأحست بحمرة الخجل تلون خديها ، فقالت :
" حقا أننى لا أفهمك "

رفع حاجبيه باستغراب :
" فعلا ؟ منظرك الليلة يبدو وكأنك امرأة جاءت تصطاد كل الرجال "

انفجرت غاضبة :
" بالطبع لا . وأنا أعرف تماما موقفك منى مسبقا "

تحداها بابتسامة ساخرة :
" هيا خبرينى "

" لست مضطرة لذلك ، فهذه المشاعر متبادلة عادة "

" أية مشاعر ؟ "

" دعك من هذه الأمور الآن "

رفعت عينيها إلى وجهه مباشرة ،فصدمتها الجاذبية التى يتمتع بها هذا الرجل الايطالى الوسيم .فى الماضى كانت تنظر إليه من بعيد ، اما الآن فهى وجها لوجه مع النمر النائم .

قال لها :
" يمكننى القول ان هذه المرة الأولى التى تنظرين فيها إلى مباشرة "

كانت هناك رنة سخرية فى صوته ، لذلك ردت بروك بقوة :
" هذا غريب حقا . فدائما كنت أشعر انك صديق اختى "

اجابها بلا مبالاة :
" اظن انك تصورت واتلينغ كذلك أيضا ؟ "

احتقن وجهها غضبا :
" نيجل صديق لويز "

" بدا لى أنه يريد حبك أنت "

" ستكون معجزة إذا ما تحقق الأمريا سيد كوريللى ؟ "

" حسنا وعندها لن أضطر إلى قتله "
انتظرت بروك حتى زال وقع المفاجأة عنها ،أمسك كوريللى يدها بلطف وقادها عبر السلم إلى الحديقة الخلفية بدون أن تستطيع رفع عينيها إليه أو حتى سحب يدها منه .

قال عندما وصلا إلى الحديقة :
" من المؤسف ان تكون التماثيل قد ذهبت . فالحديقة جميلة ، لكن الاهمال شوه منظرها ،خاصة الأعشاب والنباتات البرية التى نمت فى كل مكان "

اجابته بمرارة :
" لست مضطرا لإقناعى .فالحدائق واسعة ، ومن الصعب الحصول على عمال مزارعين بسعر معقول "

" معك حق طبعا "

لم تر السخرة فى عينيه ، لكنها سمعتها بوضوح فى صوته فقالت :
" لم يعد سرا كون عائلة اشتون تعيش فى ضائقة مالية خانقة "

" يظهر أننى أزعجتك بذكر هذه الأمور"

" هل كنت تتوقع منى أن أمزح ؟ "

هز رأسه الأوسد بهدوء قائلا :
" لماذا تعتقدين أننى قاسى القلب ؟ "

واصلت سيرها وهى تشعر بلسعات البرد الخفيفة :
" لقد تطلب بناء وينترسويت جهدا كبيرا ومبالغ طائلة . ولا يمكن لأحد أن يلومنا على رغبيتنا فى الحفاظ عليه "

" انت توافقين اذن على فكرة امك فى بيع ابنتها ؟ "

فاجأها السؤال بحيث لم تجد وسيلة مناسبة للتعبير عن غضبها العارم ،سوى أن ترفع كفها باتجاه خده العريض . لكن الصفعة لم تحدث ،إذ أنه أمسك يدها وهى فى الهواء واعادها إلى مكانها بحزم قائلا :
" اهدأى أيتها فتاة "

" عليك أن تنتبه للكلمات التى تقولها "

" يجب أن تتوقعى فى مثل هذه الظروف بعض الملاحظات الجارحة "

سألته بحدة :
" ولماذا حضرت إلى الحفلة ؟ "

شعرت بالخوف من ضعفها الشديد تجاهه ، خاصة وان قبضته لم تخفف الضغط عن يدها . ادارها نحوه بدون ان تبدى اعتراضا وقال :
" جئت بهدف الحديث إليك "

هزت رأسها بعنف وراحت تردد كلمة " لا " بدون وعى .

قاطعها بحزم :
" لقد صممت على هذه الخطوة منذ مدة طويلة "

" إذا كان الأمر يتعلق بلويز فعليك أن تبحثه مع أمى "

" لويز جميلة جدا ،لكنها غير مناسبة لخططى "

" مهما كانت هذه الخطط ، فلست أنوى الاستماع إليها "

" حتى إذا كنت ستتعرضين لشئ رهيب جدا ؟ "

" نحن فى بيتى ، والناس يحيطون بنا من كل جانب "

تلفتت حولها وكأنها تريد تأكيد كلامها . لكنها لاحظت أنهما بعيدان عن البيت ، ولا شئ يمنعه من القيام بأى تصرف طائش .فهذا الرجل معروف بأنه لا يتردد فى عمل كل ما يلزم لتحقيق اغراضه ..... ومع ذلك ستقاومه بكل ما أوتيت من قوة .

قطع عليها حبل أفكارها قائلا :
" اسمحى لى أن أرافقك إلى المقعد الرخامى . صحيح أنه غير مريح ، لكن من الأفضل مناقشة الشؤون العملية جالسين "

أجلسها فى المقعد وكأنها طفلة صغيرة ،ثم جلس إلى جانبها بكل أدب .
قالت بروك بلهفة فى محاولة للخروج من هذه الورطة :
" ما هو الموضوع الذى تريد التحدث فيه ؟ "

" هل أنت خائفة منى ؟ "

ردت بصوت مرتجف :
" لست خائفة "

انتظر لحظات قبل أن يقول :
" لست أعلن سرا إذ قلت ان عددا من الناس يتوقعون أن أتزوج أختك "

وافقت بجفاء :
" هذا ليس سرا "

" وهل تفكرين مثل هؤلاء الناس أيضا ؟ "

أجابته بحدة :
" على عكس معظم الناس ،فأنا لست من المعجبين بك يا سيد كوريللى . "

" الأمر غير مهم وغير ضرورى . ولعلك تعتقدين أن تصرفاتك هذه ستفقدنى أعصابى ؟ "

" قلت لك من قبل ان المشاعر متبادلة "

" أعتقد أننى أفهم موقفك , لكننى مؤدب أكثر منك " .

" من المؤسف ان لغتي الايطالية لم تعد كما كانت " .

" انك بحاجة الى مترجم يا آنسة " .

" اننى اعرف بعض الكلمات القليلة " .

قال ضاحكا :
" انها لا تكفى للتعبير عما فى نفسك " .

" معك حق .. " ثم وقفت استعدادا للرحيل , لكن يده القوية اعادتها الى مكانها بلطف .. لكن بحزم .

" دعينا ندخل فى الموضوع . انا على استعداد للحديث فى الشئ الوحيد الذي يهمك .. مستقبل البيت " .

انفجرت وقد عيل صبرها :
" ولماذا تريد اثارة هذا الموضوع ؟ "

" لو تسكتين قليلا لاخبرتك بالمزيد . من المؤسف انك غير قادرة على ضبط لسانك "

" من الطبيعى والضرورى ان نطرح الاسئلة "

أجابها بجفاء :
" ليس فى كل الاوقات . انت وانا نعرف ان امك على استعداد للمغامرة بكل شئ فى سبيل تزويج واحدة من ابنتيها الى رجل ثري يتولى الاهتمام بالبيت "

قالت باشمئزاز :
" انك تثير استيائى يا سيد كوريللى "

" دعك من هذه الكلمات يا آنسة , فانت تعرفين اننى ايطالى . من المعروف ان الزواج مسألة هامة جدا . وعلى المرء ان يفكر جيدا . لعلي اعطيت انطباعا للناس بأننى اريد الزواج من اختك الجميلة ... لكننى فى الواقع اريد ان اطلب يدك انت "

انعقد لسان بروك خوفا ودهشة . وصرخت :
" سيغمى على فورا "

أمسك رأسها بقوة واحناها الى الاماما قائلا :
" لن يغمى عليك . تنفسى ... تنفسى ... وسوف يزول الشعور سريعا "

ومن الغريب ان لمسة يده استطاعت ان تعيد اليها هدوءها . وبعد لحظات قال :
" ليس ما قلت عرضا عاطفيا يا آنسة , فقط عقد عمل بيننا ... واؤكد لك انه لن يكون سيئا الى هذا الحد "

" ارجوك تمهل قليلا يا سيد كوريللى "

قال بهدوء :
" اننى بالانتظار "

أجابت بأنفاس متقطعة :
" قد تحدث مثل هذه الامور فى ايطاليا , لكننا هنا اكثر تقدما ووعيا "

" تقصدين ان نسة الطلاق عندكم أكبر ؟ على عكس ما يعتقد الناس . نحن لسنا شعبا عاطفيا . المال بالنسبة لنا شئ مهم , ومن الافضل الزواج بمن يملك وليس بمن لا يملك . أنت أيضا مسؤولة عن عائلتك , فأمك وأختك رائعتان , لكنهما غير فاعلتين , وليس من المناسب رؤيتهما وهما تصارعان المستحيل . لويز لا تعرف كيف تتدبر أمورها , انها جميلة مثل ميدالية ذهبية يعلقها المرء فى عنقه ... فقط , اى انها للحفظ فى الخزائن المذهبة "

لم تستطع بروك الرد ., لأن الحقيقة كانت واضحة ولا يمكن تجاهلها . ولعل وجودها هو المنقذ للعائلة بأسرها . قالت :
" وكيف اختلف انا عنهما ؟"

لاحظت بروك لمعانا خاطفا فى عينيه عندما اجاب قائلا :
" أولا , انت تملكين الشجاعة والقوة .. ومن المحتمل العقل ايضا "

" شكرا لك على هذا الاطراء , اننى اؤكد ان لويز تملك عقلا مماثلا "

" لا شك فى ذلك , لكننى لم ار الكثير منه . انا اقدر دفاعك عن اختك .. بالنسبة لى الأمر مقرر سلفا "

كان يبدو واثقا من كل كلمة يقولها , وكأنه اعتاد أن يأمر فيطاع ابدا .

هبت بروك واقفة وصرخت بحدة :
" لا اريد ان اسمع المزيد . ولا استطيع ان آخذ كلامك على محمل الجد "

سألها بدون ان يبالى بتصرفاتها :
" ولماذا لا ؟ "

هدأت قليلا وأجابت :
" لعل اقتراحك يحمل حلا بالنسبة للآخرين , أما بالنسبة لى يا سيد كوريللى فأنا قادرة على العمل "

قال بلطف :
" لا شك فى ذلك . لكن اياك ان تنسى ان امك تبحث عن عريس لابنتها "

" امى ستصاب بصدمة كبيرة اذا عرفت العرض الذى قدمته لى . بل ماذا سيحدث للويز ؟ المسكينة , لماذا اعطيتها املا كاذبا منذ البداية ؟ "

رد عليها بحدة وقد بدأ صبره ينفد :
" اسئلة .. اسئلة , قد تفاجأين اذا قلت لك اننى لم اشجع اختك ابدا . فهى مجرد طفل بحاجة لمن يهدهده "

جاهدت بروك لابقاء صوتها خفيضا :
" انك رجل مستحيل . لاجلك فقط اقامت امى هذه الحفلة الغريبة "

" ايتها المسكينة , انك تحملين حبا كبيرا بين ضلوعك "

" أنا متأسفة لم افهم ما قصدت "

" انت تؤذين امك واختك ... وتؤذين نفسك ايضا . تزوجينى وستعود كل الأمور الى طبيعتها "

اغلقت عينيها والألم يعتصرها :
" قد توافق لويز فورا على هذا العرض المغرى . اما جوابى انا فهو الرفض الكامل "

وقف امامها واضعا يديه على كتفيها وهى جالسة , وقال :
" يؤسفنى اننى لا اقبل جوابا بالرفض . وانا متأكد انك ستفكرين فى الموضوع اكثر , وتوازنين الامور بعقلك الراجح . وعلى أساس اتفاقيتنا , سأعيد وينتر سويت إلى سابق عهده . فأنا أعرف التحف التى بيعت منه , واعرف اين هى الآن , لا اعدك بأن اقبل امك واختك معنا , بل سأفعل ما بوسعى لأمن لهما حياة لائقة , بحيث لاتضطر لويز لان تعرض نفسها مجددا أمام الاثرياء الطامعين بالزواج . أعرف ان امك تثور لاتفه الأسباب فى احيان كثيرة , لكننى سأكون حازما وسريعا فى الدفاع عن زوجتى "

قالت بصعوبة :
" حقا انك مثل النمر . لا اصدق انك كنت تلاحقنى طيلة هذه الفترة "

" لم يكن من الضرورى ان اخيفك باكرا ... فقد كنت اساسا ترتجفين مثل ورقة شجر فى مهب الريح "

نهضت واقفة فى مواجهته :
" ابدا لم اكن خائفة . هل تقصد انك تحبنى ؟ "

" طبعا لا ايتها الآنسة . انا لست مغفلا , والحب بالنسبة لى صعب . اننى اريد امرأة تحب البيت , وتقبل عندما يحين الوقت ان تنجب لى ابنا .. فأنا لا اريد ان اكون نهاية عائلتى "

ردت بروك فى محاولة لايذائه :
" هذا الحلم المستحيل "

ضغط كوريللى بأصابعه على كتفيها قائلا :
" لقد حصلت على ما فيه الكفاية من الثراء والدلال بحيث تشوهت شخصيتك . لعلك تقصدين اننى اعرف من أنا ... واننى لست الا ذلك الولد الفقير الذى كنته فى الماضى "

وجدت بروك نفسها تعتذر قائلة :
" انا آسفة . لم اقصد ان اكون قاسية الى هذا الحد , لكنك بادرت فى القسوة . حتى وان كانت امى تريد ان تزوج احدانا من اجل انقاذ وينترسويت , فمن الواضح اننى لايمكن ان اتزوج بدون حب ؟ اى نوع من الحب "
أجابها بجفاء :
" سوف تشعرين بالحب . فمن خلال الطريقة التى ترتجفين فيها بين يدى , استطيع القول انك تحسين شيئا نحوى . اعرف أنه من الصعب عليك الاعتراف بالحقيقة , لذلك تقفين بصمت تحدقين بى . ألست تنتظرين حدوث شئ لك ؟ ماذا تريدين من الحياة ؟ "

قالت بشراسة :
" لا أريدك انت "

" دعينى أنهى كلامى .. لاشك عندى القدرة على إيقاعك بحبى اذا اردت . بل واستطيع جعلك ترتجفين من الفرح مثل اختك تماما "

صاحت بصوت أقرب الى الزعيق :
" لا استطيع ابدا "

تابع قائلا :
" المهم . انت مجرد مخلوقة عنيدة . فتاة فى سن الحادية والعشرين كما اعتقد ؟ رفع ذقنها الى الاعلى ومضى يقول : " سوف نجرب هذا الزواج . وبالتالى يعود لك بيتك العزيز كما اردت , وتستطيع اختك وامك السفر الى حيث ما تريدان . واعتقد ان ايا منهما , مهما كان حبها لوينتر سويت , لا ترغب في البقاء بالبيت "

رفعت بروك رأسها نحو السماء :
" آه .. ساعدنى يا الهى . لا استطيع تحمل المزيد "

تقلصت عضلات وجهه وهو يقول :
" انت تتصرفين بسخافة . هل يخيفك التفكير بالزواج الى هذا الحد ؟"

ردت بعنف مماثل :
" ببساطة . انت لا تفهم هذه الامور . واعتقد يا سيد كوريللى انك انسان غريب وغير طبيعى "

أجابها بحدة :
" اسمى بول . فانت لاتعرفين مدى الصعوبة التى أواجهها عند محاولة النطق باسمك . أليس عندك اسم آخر غيره ؟ اسم اجمل واسهل على اللسان ؟ "

خرجت الكلمات من فمها نارية الوقع :
" أنا متأسفة , وطالما اننا لن نتزوج , فالمسألة غير مهمة اطلاقا "

ترددت للحظات قبل ان تتابع فى محاولة للهرب منه :
" يجب ان نعود الى الحفلة الآن . اعتقد ان الجميع لاحظوا غيابنا الطويل "

وافق بجفاء :
" صحيح تماما . اعطنى جوابك وسنعود فورا "

ردت بحزم :
" انا متأسفة يا سيد كوريللى . اننى اريد علاقة حب جارفة , وليس زواج منفعة يقرر بهدوء وتؤدة "

هذا يمكن ان يحدث . فأنت جذابة وجميلة ايضا "

خفف كوريللى ضغط أصابعه عن كتفيها , لكن نظراتهما ظلت معلقة ببعضهما عدة لحظات ... الى ان ابعدت بروك عينيها عنه هربا من اللمعان الغريب الذى يشع من عينيه .

عاد كوريللى الى الحديث بهدوء :
" من مصلحتك الزواج . فكل واحد منا يملك شيئا يريده الآخر . انت تشعرين بالتوتر والخوف الآن . وهذا سيزول بعد قليل . الزواج سيبقى البيت القديم فى العائلة , ولعله يصبح يوما ما ملكا لابنك "

قالت بصوت ضعيف :
" ابنى ... لكن ليس منك "

" عواطفك ستتغير حكما , واتعهد لك اننى لن اجبرك على شئ . وعلى كل , ليس من الضرورى ان تنجى لى وريثا قبل سنة أو سنتين على الاقل "

انفجرت بوجهه صارخة :
" اوقف هذا الكلام فورا , فأنا اسمع طنينا مرعبا فى اذنى . اننى اردك ان الزواج سيحل عددا من المشاكل , لكن الفكرة مجنونة من أساسها . بل لن يكون الزواج الا بالاسم فقط "

سألها بجفاء :
" وهل يناسبك ذلك اكثر ؟ "

" طبعا . طالما اننى اشترى واباع "
قال بنعومة :
" اقتراحى عليك لا يعتبر مهينا يا آنسة , ومن الغباء ان ترفضى . وبعيدا عن عواطف غضبك وعادتك فى الثرثرة , فانك قد تركت أثرا جيدا على . انا لا امانع فى ان تتزوجينى من أجل ثروتى , لكننى رجل أحصل على ما اريد دائما , وعندما تكونين جاهزة , ستصبحين زوجتى وشريكة حياتى , ومهما كان , فأنا أعتقد انك امرأة عاطفية ., او ستكونين كذلك عندما اعلمك الحب "

سألته بقسوة وسخرية :
" وهل انت متأكد من معرفتك للحب ؟ "

حدق فيها مطولا وقال :
" انك تمزحين بلا شك ؟ هل تريدينى ان ابدا الآن ؟ "

قالت بتهكم وهى تبتعد عنه :
" اعتقد انك قادر على كل شئ . جوابى هو الرفض يا سيد كوريللى , ولن اغير موقفى . والافضل لك ان تشترى لويز , فهى قابلة للانقياد اكثر منى "

ضحك بهدوء وكأنه يستمتع بلعبته معها , وقال :
" فكرى فى الاقتراح ايتها الطفلة المدللة . فأنا أكره ان اخسرك "

" ارجوك دعنا نعود الى البيت ؟ "

" اعتقد انك امك واختك لن ترحبا بقرار الرفض الذى اعطيتنى اياه "

همست بسرعة :
" اولا , يجب ان تتجاوزا الصدمة . فكل خطط امى كانت مركزة على لويز "

قال بقسوة :
" يؤسفنى ان لويز لا تثير اهتمامى فى هذا المجال , فأنا ابحث عن عروس , لا اكثر ولا اقل . ليس عندى رغبة بالخوض فى متاهات الحب , لكننى أكون كاذبا اذا قلت اننى غير منجذب إليك , تبدين اجمل بكثير من لويز . كما وانك تملكين العاطفة الصادقة والقدرة على الاحساس بالأخرين . ويجب ان اخبرك الآن عن شئ آخر اطلبه منك اذا وافقت على الزواج منى "

خفق قلب بروك بشدة توقعا للمفاجأة الجديدة , لكنها استدارت نحوه بهدوء قائلة :
" اى شئ آخر لن يكون اغرب من طلبك الاول "

" ربما ! " ثم حدق فى عينيها بشدة وقال : عندى ابنة اريد منك شخصيا ان تدخليها الى دوائر المجتمع الرقى "

صعقت بروك , وصرخت :
" ابنة ؟ اذن انت متزوج من قبل ؟ "

ظل كورديللى هادئا وهو يقول :
" لم اقل اننى متزوج . ابنتى هى نتيجة علاقة عابرة عرفتها فى الماضى البعيد , وهى تعيش الآن مع شقيقتى فى كينيا . ولكن ما ان نتزوج . سيصبح من الطبيعى ان احضرها الى هنا . لقد تحملت الكثير بعيدا عنى , وكنت مضطرا لذلك بسبب أعمالى الكثيرة . اما الآن , فأنا قادر على الزواج من شابة اجتماعية جميلة , وهكذا ستنضم لوسيا الينا ... وبوسعك مساعدتها كثيرا "

ادركت بروك الدور الذى يريدها ان تلعبه , فسألت :
" كم يبلغ عمر هذه الطفلة ؟ "

اجابها بدون ان يرفع عينيه عنها :
" ست عشرة سنة "

حدقت بروك فى وجهه وكأنها لا تصدق ان الشخص الذى يقف أمامها يمكن ان تكون لديه ابنة تبلغ السادسة عشرة من العمر ... وصاحت :
" غير معقول . لا اصدق ذلك ! لاشك انك كنت فتيا فى ذلك الوقت "

صحح كلامها مبتسما :
" كنت شابا .. ولم تكن تلك اول مغامرة لى مع الأسف "

اخذت بروك نفسا عميقا , متظاهرة بأنها تفكر بكلامه ثم قالت :
" لا غرابة فى انك تفكر فى الزواج وكأنه شأن عملى فقط . ولا شك بأنك لا تحمل اى اعتبار للرباط المقدس "

ضحك بخفة وقال :
" ربما افعل . فهناك نوع من النساء يستحق ان يضحى الرجل بالغالى والنفيس من اجلهن "

" واين هى هذه المرأة ؟ وهل التقيت بها من قبل ؟ "

" اتمنى صادقا لوفعلت , والأرجح ان مثل هذه المرأة غير موجودة "
" اذن اقترح عليك ان تنتظر بعد . لعلك تستطيع ان تجد من هى أفضل منى "

" على العكس . لقد سئمت من البطاقات البريدية كوسيلة اتصال وحيدة مع ابنتى . اريدها معى , تحت اشرافى المباشر . واريد ان اؤمن لها افضل حياة ممكنة "

استطاعت بروك ان تتكلم بصراحة :
" اظنك تدرك اننى لست فى السن المناسبة التى تؤهلنى للعب دور الأم , المربية "

" لكنك ستنجبين لى ابنا . فأنا لم اجاهد طيلة حياتى عبثا . لقد بلغت الخامسة والثلاثين . واريد ان استقر فى بيت وعائلة . والحقيقة ان هذه الفكرة تطاردنى بالحاح "

قالت بهدوء ولطف هذه المرة :
" اننى اقدر موقفك يا سيد كوريللى , لكن لاتطلب منى ان اشاركك فيه .
ان انوى ان افكر مليا فى ما اذا كنت راغبة فى الزواج ام لا "

اجابها بهدوء مماثل :
"تلفتى حولك ! بيتكم سيتحول الى خرائب اذا لم يتقدم منكم رجل ثرى ... وبأسرع ما يمكن . لكن تكون هناك عروض سخية دائما . ربما جاءت بعض شركات المقاولات وهدمت البيت من اساسه , لبناء شقق حديثة مكانه , ولن تكون الحياة بعد ذلك طبيعية لامك , حتى لو تزوجت اختك رجلا مناسبا لها "

قالت بروك والغضب المكتوم يعتمل فى نفسها :
" ... وهذا ما ستفعله فعلا "

" أشك فى ان يقبل عريس أختك المقبل , بقاء أمك معه "

رفعت رأسها وقد ازعجها أسلوبه التهكمى الساخر فى تناول شؤونهما العائلية الخاصة , وقالت :
" الا تخطط أنت أيضا لاجلائها عن اليت ؟ "

" لقد اخبرتك تماما ما انوى ان افعله .. فقط استمعى ولو لمرة واحدة . ستكون امك حرة فى قضاء حياتها كيفما ارادت واينما ارادت . وحرة فى زيارة بيتها القديم بين الحين و الآخر .. وأنت أيضا حرة فى اختيار الوقت المناسب الذى تريدين ان تصبحى فيه زوجتى "

" هذا الوقت لن يكون أبدا "

" حان وقت العودة الى البيت "
ودون أن يتنظر جوابها ، أخذها من ذراعها وقادها باتجاه البيت حيث الموسيقى الصاخبة تصدح ، والأضواء تنير الغرف وتلقى ظلالها على الحدائق المترامية . وكان من الواضح لبروك ان كوريللى مصمم على تنفيذ الامور كما يريد ، وانه قام فعلا على ذلك . وتذكرت كيف كان الأمر وهى بين ذراعيه تستمع إلى خططه وافكاره لمستقبلهما معا ، فشعرت بمزيج متضارب من الاثارة والتوتر واللهفة والغضب . ليس بول كوريللى الرجل المناسب لتتورط عاطفيا معه ، الم تقل هى نفسها انه من طراز الرجال الذين يجعلون المرأة تقاسى وتتألم ؟ ان مشاعره نارية مدمرة ، وان كانت اعصابه باردة وعقله عمليا " هادئا " . وبالاضافة الى ذلك هناك ابنة . والظاهر ان احدا لا يعرف هذه القصة ، حتى ولا لويز نفسها . لا شك انه من النوع المغامر ، وهو يحاول الآن ان يجرفها فى تياره العميق . وعندما وصلا إلى الشرفة ، ظهرت ليليان صدفة . فاسرعت الأم عندما رأتهما إلى أخذ ذراع كوريللى وقادته إلى الداخل بسرعة ، وهى توجه نظرات تحمل العديد من المعانى نحو ابنتها الصغرى . وكالعادة ، تركت بروك امها تتكلم كما يحلو لها بعد ان تركت ضيفها العزيز فى الداخل وخرجت إليها مجددا . فليليان تشعر بالانزعاج لان ابنتها الصغرى حاولت الاستئثار باهتمام كوريللى معظم السهرة . ولكنها تنتظر اللحظة المناسبة لتفجير غضبها .... وعندها ستجد بروك نفسها مضطرة لسرد القصة من اولها لاخرها . فكيف ستستقبل الأم قرار كوريللى بالزواج من بروك وليس لويز ؟ لا شك انها ستجد صعوبة بالغة .... ولكن هل تلوم بروك على ذلك ؟ هل تستطيع ان تفهم اسلوب الايطالى القاسى فى الحصول على ما يريد ؟

عبر القاعة الغاصة بالراقصين ، لمحت بروك وجه شقيقتها لويز . كان بول كوريللى إلى جانبها ، وهى تنظر إليه باعجاب ممزوج بالخوف . انها لا يمكن حتى ان تتخيل ان الرجل الواقف الى جانبها قد طلب يد شقيقتها قبل دقائق قليلة فقط . كل شئ من أجل لويز : الحفلات ، الورود ، والملابس الزاهية . ودائما الأم تتولى الاهتمام بشؤون الأخت الكبرى وشجونها . وبدلا من ان تقبلها بارتياح ، ها هى ترميها نحو بول كوريللى الجذاب والقاسى فى ان واحد . قد تكون بروك مضطربة وضعيفة الآن ، لكنها ستجاهد كى لا ينفرد بكوريللى مرة أخرى هذه الليلة .

فجأة أحست بيد تمسك ذراعها ، فالتفتت لتجد نيجل بجانبها وهو يقول :
" السماء وحدها انقذتك من أمك يا عزيزتى . اختارى أى شاب تريدين .... لكن اياك وكوريللى "

ابتسمت ملء شفتيها وعيناها تلتمعان ببريق غريب :
" لعله هو الذى اختارنى "

" انها الحقيقة . دائما كنت اقول ان امك واختك لم تقدراك حق قدرك . هل تهتمين بالمسكينة لويز الآن ؟ يبدو انها بحاجة لمن يقف إلى جانبها فى هذه المحنة ، فهى تنظر إليه بشكل يدعو إلى الرثاء . والآن ، حدثينى ايتها العزيزة عما دار بينك وبينه "

هزت بروك رأسها بنفاذ صبر :
" أحاديث مختلفة . ارجوك ، لا اريد ان اسمع اسم كوريللى مجددا ، فلقد سمعت ما فيه الكفاية "

قال نيجل فى محاولة لتلميع صورته :
" انه لا يستحق كل هذا الاهتمام . الم يحن موعد العشاء بعد ..... اننى جائع جدا ؟ "

وضع نيجل ذراعه حول كتفى بروك واتجه معها إلى مائدة المرطبات ، حيث قدم لها شرابا منعشا وتناول آخر لنفسه . وكم كانت دهشته كبيرة عندما شربت كأسها دفعة واحدة . فهذه هى المرة الأولى التى يراها تفعل ذلك .... والظاهر أنها بدأت تتغير بدون أن تدرى ، وفى أكثر من مجال .
لن أتزوجك !






اقتحمت ليليان غرفة بروك وبرفقتها لويز التى ظهرت على وجنتيها آثار الدموع على خلفية من الماكياج المنوع .


واجهتها بروك بالاعتراض قائلة :
" انها الساعة الواحدة بعد منتصف الليل تقريبا "



قالت لويز بتردد :
" أمى "


قاطعتها ليليان بحدة :
" اتركى الأمر لى . لن يوقفنى شئ الآن عن قول ما جئت لأقوله "


سألتها بروك باقتضاب :
" هل جئت لتقولى اننى أسات إلى سمعتى فى الحفلة ؟ "


وفجأة انفجرت لويز باكية ، فاستدارت ليليان نحوها تواسيها واجلستها فى اقرب مقعد وهى تلامس شعرها بحنو ولطف .


قالت لويز :
" ارجوك ، لا تغضبى منى يا أمى "


" لا يمكن أن أغضب منك أبدا يا حبيبتى "


تدخلت بروك قائلة دون أن تغادر سريرها :
" استمعا إلى . اننى منهكة القوى .... فهيا قولا ما تريدان قوله ما الذى جعل لويز حزينة إلى هذا الحد ؟ "


استدارت ليليان تجاه ابنتها الصغرى :
" لقد تركت انطباعا مميزا هذه الليلة يا آنسة . فالفستان كان مناسبا تماما للخطط التى وضعتها .... هذا الى جانب الاموال التى صرفتها عليه "


قالت بروك بلهجة ساخرة اعتادت على مواجهة غضب أمها بها :
" اطرقى الموضوع مباشرة يا أمى "


ردت ليليان وانفاسها تكاد تتقطع :
" الموضوع انك لا تبالين ابدا بشقيقتك . بل لا تريدينها ان تتزوج "


" ما هذا الكلام السخيف . انها سعيدة كما هى الآن "


نظرت لويز إلى شقيقتها شذرا ، فبدت وكأنها صورة مصغرة عن أمها ، وقالت :
" لماذا غادرت الحفلة انت وبول ؟ "


تنهدت بروك وكأن خنجرا طعنها فى القلب :
" الحقيقة اننى لم اذهب معه يا عزيزتى . بل هو الذى ذهب معى "


صرخت ليليان بحدة :
" وهل تريديننا ان نصدق هذا الادعاء السخيف ؟ "


جاهدت بروك كى تحافظ على اعصابها :
" انه رجل غريب للغاية . لن اشغل فكرك حوله كثيرا .... فهو قد ازعجنى جدا "


اجابتها لويز :
" دعينى اقرر ذلك بنفسى . المسألة كلها أنك تغارين منى "


قالت بروك بلا مبالاة :
" يجب ان تلام امك على ذلك يا عزيزتى ، فهى التى وضعت هذه الافكار فى راسك . ومن ناحية اخرى ، الم تلاحظى نظرات الرجال الى هذه الليلة ؟ لقد كنت جذابة ومثيرة أكثر من أى امرأة أخرى "


ردت لويز بألم :
" من الواضح ان نيجل تصرف معك على هذا الاساس "


انتفضت ليليان وهى تقول :
" لسنا هنا للحديث عن نيجل ، ولست مستعدة لاهدار وقتى واعصابى فى النقاش حوله . لقد احب لويز طوال حياته .... ومع ذلك ، هل لاحظت كيف كانت تصرفاته الليلة ؟"


" لكن بروك هى التى اثرت فيه يا أمى "

وضعت بروك يدها على فمها بعد ان داهمها التثاؤب وقالت :
" كم أتمنى لو أن السنة الجديدة تحمل لكما بعض الاحساس . لماذا لا نؤجل الحديث إلى الغد ، فكلنا متعبات الآن ؟ "

" كان من الممكن أن تكون هذه الليلة رائعة ، لكنك دمرت كل شئ سعيت إليه . لن أسامحك أبدا يا بروك "

حدقت بروك فى شقيقتها بتمعن وقالت :
" فى بعض المرات أحس وأنا معك كأننى أتعامل مع طفلة صغيرة من تلميذات المدرسة "
منتديات ليلاس
احتقن وجه لويز بالغضب وراحت يداها تهتزان بعصبية وهى تقول :
" دعونا بول خصيصا هذه الليلة . ومع ذلك هربت به بعيدا فور وصوله إلى البيت "

" لم أسر كثيرا معه أيتها العزيزة . ومهما كان ، فقد اعتقلته طيلة البقية الباقية من السهرة "

قالت ليليان بحدة :
" ما هذا الكلام ؟ تقولين اعتقلته ؟ يا لهذا العقل السخيف ! لم أرك فى حياتى على هذه الشاكلة . أنت التى سعيت خلفه .... لكنه لن يهتم بك أبدا . أنه يريد لويز ، وان كان لا يظهر اهتمامه العلنى بها "

ردت بروك وهى تأخذ مقعدا مجاورا لشقيقتها :
" إذن ، الآن عرفت لماذا طلب يدى للزواج . من الصعب تصديق ذلك ، أليس كذلك ؟ اننى اعدكما بحفظ السر عن كل الناس "

خيم صمت مطبق على كل الغرفة ... ثم أطلقت لويز صرخة ألم مكتومة ،رافقتها صرخة تساؤل من ليليان :
" ماذا تقولين ؟ "

رددت بروك كلامها بهدوء :
" لقد طلبنى للزواج "

صرخت لويز بصوت عال ،ثم غرقت فى نوبة من البكاء والنحيب .

عادت ليليان تسأل ابنتها الصغرى وعيناها تلتمعان بشكل غريب :
" ما الذى فعلته أيتها الصغيرة ؟ "

تركت بروك العنان لغضبها المكتوم قائلة :
" انتبهى لكلامك يا أمى . فأنا لا أسمح لأحد بمخاطبتى بهذا الشكل "

تحول كلام ليليان إلى ما يشبه الزعيق وهى تقول :
" لا ..... لم أعد أحتمل ! " ثم هدأت قليلا بعد أن أحست أن ابنتها تروى الحقيقة تماما ، وانها وصلت إلى نقطة اللارجوع فى توترها وغضبها . وقالت :
" أى نوع من الرجال هو ؟ "

مسحت لويز دموعها بكفها وقالت :
" إنه كابوس يا أمى "

وفجأة قالت ليليان ما لم يتوقعه أحد :
" الأفضل أن تذهبى إلى الفراش يا حبيبتى "

صرخت لويز بعصبية :
" لست فى وارد النوم الآن . يمكنه أن يطلبها للزواج ويتزوجها ساعة يشاء ..... لكنى أريد أن أعرف كيف سرقته منى ؟ "

قالت بروك بجفاء :
" صدقينى ، إننى لم أسع خلفه أبدا "

" أنت كاذبة ...... كاذبة "

رفعت بروك يدها فى وجه شقيقتها قائلة :
" راقبى كلامك أرجوك "

صرخت ليليان :
" اضبطى اعصابك يا لويز "

جمدت لويز فى كرسيها ، وقالت من بين الدموع التى لم تتوقف عن الانهمار :
" اجبريها على الاعتراف بالحقيقة يا أمى "

استدارت الأم نحو بروك وسألتها بهدوء :
" وماذا قلت له ؟"

أجابت بروك وقد نفد صبرها :
" قلت له من الأفضل أن يبحث فى مكان آخر . ولعلك تفعلين خيرا إذا قلت لابنتك الغبية هذه ان لا تجرب دموعها معى . إنه يحترمها ويقدرها وغير راغب فى الزواج منها . دعيها تنسى الموضوع برمته ،فهو رجل قاس جدا "
راحت ليليان تقطع الغرفة جيئة وذهابا ،ثم قالت :
" حسنا ...... حسنا . هل أنت متأكدة من كلامك هذا "


ردت بروك بجفاء :
" تمام التأكيد ..... تمام التأكيد "


ألحت لويز فى إثارة الموضوع مجددا :
" وما هو دورك فى هذا التغيير ؟"


قالت بروك :
" فوجئت بالعرض مثلما فوجئتما به . الحقيقة أن طلبه للزواج جزء من صفقة تجارية إذا صح التعبير "


حولت ليلان عينيها إلى النافذة وهى تقول :
" تماما مثلما توقعت . صفقة تجارية ، زواج مصلحة . نحن نمتلك البيت والاسم وهو يملك المال .ولا شك أن هذا ما يريده فى الدرجة الأولى "


قالت بروك :
" من لمعقول "


عاودت لويز نوبة النحيب والبكاء ، فاستدارت ليليان نحوها بلطف :
" من الأفضل أن تذهبى إلى النوم الآن يا عزيزتى ،فآثار التعب ستظهر عليك بوضوح فى الصباح "


ردت لويز على أمها بحدة :
" لست أفهم موقفك يا أمى . من الأكيد أنك لن تعطى بركتك لهذه الخائنة "


سارت ليليان نحو ابنتها الكبرى ووضعت ذراعها على كتفيها قائلة :
" اصمتى الآن يا عزيزتى . كان من الأفضل لو أنه طلبك للزواج لأنك أجمل عروس على وجه الأرض ..... لكنه طلب بروك بدلا منك ، وعلينا أن ننظر إلى المسألة بمنطق .وأعتقد أنك ستفهمين الموقف عندما تفكرين فيه بهدوء "


اعترضت لويز بتوتر :
" أبدا . أنت تتخلين عنى لصالح بروك "


لم تنف ليليان هذه الحقيقة :
" لقد فعلت ذلك الآن . اذهبى إلى الفراش يا حبيبتى ، وسأخبرك بكافة التفاصيل صباحا "


قاطعتها بروك :
" لا فائدة من مناقشة الموضوع مجددا . فأنا لا أريد الزواج من السيد كوريللى ،وقد أبلغته قرارى هذا . وأنت يا لويز تزوجى باتريك ..... فهو الشخص المناسب ، اللهم إلا إذا أردت البدء فى العمل "


التمعت عينا ليليان بالغضب الممزوج بالراحة :
" لن أوافق على ترتيبات وعروض السيد كوريللى إلا إذا كان ينوى العناية بأمك وأختك "


أجابتها بروك والغضب يغلى فى صدرها :
" إذا سمحت له بذلك . فلا شك أنك إنتهازية جدا يا أمى "


هزت ليليان رأسها موافقة :
" على أن أكون كذلك . هل قال أنه مستعد لإعادة إحياء وينترسويت ؟"


اعترضت بروك بضعف :
" لا فائدة حتى من ذكر المسألة . لقد صدمت بعرضه المفاجئ الغريب . على فكرة ،هل تعرفان أن عنده ابنة فى السادسة عشرة من العمر ؟ "


صرخت لويز بصوت عال دون أن تتكلم ، فى حين قالت ليليان :
" ماذا ؟ "


" جزء أخر من أموره وتصرفاته التى لا نعرف عنها شيئا "


احتقن وجه ليليان وهى تقول :
" إذن ، فهو متزوج من قبل "


تابعت بروك الكلام بدون أن تهتم بتعليق أمها :
" ...... وهو متعلق بها إلى حد الجنون "


سألت ليليان بإصرار :
" أين هى هذه الفتاة ؟ أقصد أن أحدا منا لم يرها من قبل "


" إنها تعيش فى كينيا مع شقيقته المتزوجة هناك . وفور تجهيز البيت سيحضرها للإقامة معه . ولا أعتقد لويز كانت ستستطيع الاهتمام بفتاة فى سن المراهقة "
تنهدت لويز بعمق بدون أن تجرؤ على الكلام ، وبيديها المرتجفتين جمعت أطراف ردائها ثم دفنت وجهها بين راحتيها .... فقد أصبحت الأمور أكبر من قدرتها على الاحتمال .

أما ليليان فكانت منهمكة فى تقليب المسألة على عدة وجوه :
" فى كل حال . ليس هناك ما يدعو للقلق من فتاة مراهقة . والارجح أنها فتاة خجولة بحاجة للحماية الدائمة . كما وان هناك مدارس وجامعات فى الخارج ، بل أعتقد أننا قادرات على أخذها بيننا "

نهضت بروك بنفاد صبر :
" أمى ، لقد أعطيت جوابى وانتهى الأمر "

قالت ليليان بحزم :
" سوف تتجاوزين هذا الجواب السخيف بأسرع مما تتصورين "

صرخت بروك فى وجه أمها :
" غير ممكن . حتى من أجل انقاذ البيت ، لن أربط نفسى بكوريللى هذا . وأقول لك بوضوح أنه يخيفنى "

وبدأت لهجة ليليان تميل نحو اللطف :
" شعورك بالخوف طبيعى ،فهو قد فاجأك بعرضه . ألم أقل دائما أن واحدة منكما ستنقذنا ؟ من الطبيعى أن نضع التفاصيل كلها فى وثائق يعدها المجامى . وقد ادخل ابنته الصغيرة الجديدة إلى المجتمع الأوروبى الراقى ، ولعلى أزوجها من نبيل ثرى . بحق السماء يا ابنتى ، قد نستطيع أن نقوم برحلة إلى إنجلترا ..... بل ونحتفظ بالبيت للعائلة أيضا "

تنهدت بروك بتعب :
" الاحظ أنك لم تستمعى إلى المنطق العاقل . هل تسمحين فى بالنوم الآن ، فلم أعد قادرة على إبقاء عينى مفتوحتين ؟ "

قالت ليليان بلهجة الأم الحنون :
" آسفة يا عزيزتى . هيا بنا يا لويز ،سوف أؤمن لك مستقبلا أفضل يا حبيبتى لا تقلقى ، أمك ستتولى كل شئ .لقد تذكرت الآن كل ارتباطتنا العائلية ، وربما عدنا إلى الوطن فى أول فرصة ممكنة "

ردت لويز بكسل :
" لا أريد أن أذهب "

" يجب أن تذهبى يا عزيزتى .... يجب أن تذهبى "

شدت ليليان ابنتها نحوها وكأنها تدفع طفلا صغيرا ،ثم سارت باتجاه الباب . وقبل أن تغادر الغرفة التفتت إلى بروك قائلة :
" تصبحين على خير يا حبيبتى .أنت تعرفين أنه رجل طيب جدا .أنا متأكدة من أنه سيجعلك سعيدة للغاية "

همهمت بروك وهى ترتب سريرها :
" أنت تخرفين يا أمى "

تابعت ليليان تقول :
" أبدا أبدا .أنا فخورة بك يا ابنتى .لن نضطر إلى مغادرة البيت ، ولن نضطر إلى بيع المزيد من ثرواته . أما وقد وجدت نصيبك ،فسأركز جهودى الآن على لويز . لا شك أن الايطاليين ممتازون ،لكن الرجل الإنجليزى لا ينافس "

صرخت بروك بنفاد صبر :
" هلا أطفأت الأنوار يا أمى "

ردت ليليان :
" طيعا يا عزيزتى . تذكرى أننا نقف إلى جانبك "

كانت الأم تفكر فى الزواج كمجرد عملية حسابية معقدة .عليها فقط أن تعرض السلبيات ثم الايجابيات ،وعندما تطغى الايجابيات يصبح الأمر مبتوتا به . والزواج من بول كوريللى ليس سيئا ، خاصة وأنه ينوى العناية بعائلة زوجته . سحبت بروك الغطاء حتى شعرها الأحمر ، ولجأت إلى النوم لينقذها من التفكير بمسألة الزواج من بول كوريللى .

مضى أسبوع كامل قبل أن تلتقى بروك مجددا بكوريللى .كانت فترة صعبة للغاية فى مواجهة أمها التى لجأت إلى القسوة والاهانة بعد أن فشلت فى أسلوبها العاطفى اللين . فأية أبنة مؤدبة ومطيعة يجب أن تفعل ما تأمرها أمها ... وحتى لويز كانت توافق على هذا الموقف ،وباتت مقتنعة بأن الزواج من ارستقراطى انكليزى أفضل من الزواج بايطالى غير معروف أصله وفصله .

كان يوم الاثنين هو موعد اللقاء الدورى للجهاز التعليمى بالمدرسة .وعندما خرجت بروك من القاعة بوجود سيارة لامبورغينى فخمة بموقف السيارات أمام المدرسة .
هتفت زميلتها كاى موراى وقد علتها الدهشة مثل بروك تماما :
" يا إلهى .. من هو الثرى الذى يملك هذه السيارة ؟ "

وسرعان ما ظهر صاحب السيارة مرتدية سترة بيضاء على قميص حريرى ناعم . وما ان شاهدته بروك حتى تمسكت بذراع صديقتها قائلة :
" ابقى معى ارجوك "

" طبعا يا عزيزتى ..... طبعا "

انضم إليهما باقى الأساتذة الذين وقفوا أيضا يتأملون السيارة ،فى حين خطى كوريللى المسافة الباقية القليلة نحو بروك وكاى . قال لهما :
" نهاركما سعيد "

ردت بروك باختصار :
" كيف حالك يا سيد كوريللى "

تدخلت كاى قائلة :
" اننى سعيدة جدا بلقائك يا سيد ... "

قاطعتها بروك معرفة :
" كاى ، أقدم لك السيد كوريللى ، إنه صديق ...... خاص "

ابتسم كوريللى بسخرية خفيفة عندما لاحظ تردد بروك أمام عبارة " صديق خاص " ما كاى لم تخف اعجابها الشديد بهذا الرجل المميز ، فى حين تساءلت بروك عن الأسباب التى تدفعه إلى محاولة لفت الانظار إليه ؟

قال بهدوء :
" لقد اخبرتنى أمك أنك ستتأخرين فى المدرسة ،لذلك قررت الحضور بنفسى "

قالت كاى :
" اعذرنى للتدخل : لكنك سعيد الحظ فعلا ،أننى أحب سيارتك يا سيد كوريللى ، ولا أعتقد أننى رأيت مثلها فى حياتى "

رد بنعومة :
" ما زالت الطريق فى بدايتها "

" لا شك أنك ثرى جدا . هناك تقف سيارتى الصغيرة .. "

ثم التفتت نحو بروك قائلة :
" لا أطنك سترافقيننى اليوم ؟ " وعادت تحدث كوريللى قائلة : " نحن نستعمل سيارتينا دوريا .أنا أحضر سيارتى يومى الاثنين والجمعه من كل أسبوع ، وبروك تحضر سيارتها باقى الأيام "

ابتسم وهو يجيب :
" انه اجراء اقتصادى جدا "

ولاحظت بروك على الفور تأثير ابتسامته الساحرة على صديقتها ، التى سرعان ما تخلت عن حرجها وخجلها . قالت كاى وهى تترك ذراع بروك :
" سأراك فيما بعد يا عزيزتى .... وداعا يا سيد كوريللى "

رد عليها بلطف :
" إلى اللقاء "

قالت كاى وهى تتوجه إلى سيارتها :
" إذا كان ذلك يعنى أن أراك مرة أخرى فلا مانع أبدا "

لوح كوريللى لها مودعا ،لكن بروك عادت إلى الموضوع الأساسى فورا :
" هل تكلمت مع أمى فعلا ؟ "

قال لها :
" ان صديقتك تلوح مودعة "

انتبهت بروك لنفسها ، فالتفتت تلوح لصديقتها التى عبرت بسيارتها الصغيرة الساحة الأمامية متوجهة نحو الطريق العام .... تاركة اياهما لوحدهما . واخيرا سألته :
" لماذا أنت هنا ؟ "

أخذ ذراعها بحزم وقادها باتجاه سيارته الفخمة :
" انك ترحيبن بى ولا شك "

قالت :
" بسببك عشت أسبوعا مرعبا "

نقل عينيه على وجهها وشعرها ثم قال :
" يبدو عليك بعض الشحوب فعلا . ارجوك اخبرينى عن التفاصيل ؟ "

ردت عليه بحزم :
" انك تتكلم الانجليزيه بطلاقة يا سيد كوريللى ،لكننى متأكدة أنك تفكر على الطريقة الايطالية "
علق بلطف ساحر :
" أريد ان اساعدك فقط "

فتح لها باب السيارة ، ثم أغلقه خلها واستدار ليأخذ مقعد القيادة .
وعندما استقر بهما المقام قال :
" إذا لم يكن عندك مانع ،سنعيد طرح المسألة من أولها ؟ "

" لن تحصل أية فائدة من النقاش مجددا "

ورغما عنها راحت تتأمل السيارة من الداخل ،بل تركت أصابعها تتحسس الازرار والمعدات التى لم تر مثلها من قبل . وفجأة التقط يدها قائلا :
" يجب أن تخبرينى بكل التفاصيل ، فانا رجل عاطفى فعلا "

ردت قائلة :
" اترك يدى . فرئيسة المدرسة لا تحب الايطاليين ابدا ، وقد تظهر علينا فى اية لحظة "

" لا سمح الله بذلك ؟ "

ثم اسرع بادارة محرك السيارة وانطلق بها باتجاه الطريق الرئيسى :
" انت تحبين التدريس أيتها العزيزة بروك . أليس كذلك ؟ "

" أولا ، لست العزيزة بروك . ثانيا ، انا أحب التدريس فعلا "

" قيل لى أن التدريس يفقد بهجته عندما يعتاد المرء عليه ، أى بعد عشر أو عشرين سنة "

ردت قائلة :
" الا تعتقد انه من الافضل انهاء هذا الادعاء الكاذب ؟ "

التفت اليها للحظات ثم قال :
" يجب الا تتحدثى هكذا . لقد حذرتنى امك من انك فى حالة عصبية متوترة "

" امى لا تهتم ابدا بما اعتبره انا اعتبارات اخلاقية ضرورية . انا لا استطيع الزواج من رجل لا أحبه ،وأنا متأكدة من أنك أنت نفسك لا تحبنى "

ابتسم بتهكم وهو يقول :
" تتكلمين بأسلوب مؤسف يا عزيزتى . إذا كنت تعتقدين ان عدم حبى لك غير مقبول . فيجب أن تحاولى جعل نفسك محبوبة ومقبولة "

التفتت إليه بحدة فرأت الابتسامة الساخرة على وجهه :
" الا يمكن ان تكون جديا ولو لفترة قصيرة ؟ "

" انا جاد جدا بالنسبة لك . اننى اريد الحصول عليك ، وعليك بالتالى ان تثقى بى "

القت رأسها بتعب على المسند الخلفى للمقعد وقالت :
" يا الهى .... المسألة كلها مجرد كابوس مزعج "

" ارجوك لا تقولى هذا . ليس من اللطف اطلاق الكلام القاسى "

سألته :
" هل كنت هكذا طيلة حياتك ؟ "

اجابها بلطف ، لكن بحزم أيضا :
" علمتنى تجاربى ان على الانسان السعى الدائم من اجل الحصول على ما يريد "

" ولماذا أنا ؟ "

كانت هذه الصرخة محاولة للفرار من التوتر الداخلى المتزايد . فقد ترقرقت الدموع فى عينيها الخضراوين وباتت على وشك الانهيار بفعل الضغوطات المستمرة التى تعرضت لها طيلة الاسبوع الماضى ..... لكنها لا تريد ان تدعه يعتقد بأنه يخيفها أو يؤثر عليها .

قال بصوت عميق هادئ يحمل الكثير من النعومة والرقة :
" سأقول لك لماذا؟ كل رجل يحمل تصورات معينة عن المرأة التى يمكن ان يحبها ويعيش حياته كلها معها ، عن المرأة التى يعود اليها بعد عناء النهار ، عن المرأة التى تقف إلى جانبه وتنجب له أطفاله وترعى شؤون الاسرة . ولا أظن اننى اسئ اليك إذا قلت انك المرأةالأقرب إلى هذا المثال . فانت جميلة وغنية .... ولكنك ذكية أيضا . وانت تضحكين وتسخرين ، كما لاحظت فى مناسبات عديدة . عيناك تشرقان بالتحدى والارادة . اننى انوى الاحتفاظ بك ولن اؤذيك ابدا . ويجب ان تصدقى كل كلمة قلتها"

قاطعته بغضب :
" هذا لطف بالغ منك ، ومع ذلك فأنا لست بحاجة إليك يا سيد كوريللى "
تخلى كوريللى عن لهجته اللطيفة ، وعاد إلى الصوت الآمر المتسلط :
" انت تعرفين تماما ان هذا غير صحيح ، وتعرفين انك غير قادرة على الاستمرار لوحدك ، وتعرفين ان عليك مسؤوليات كبيرة تجاه أمك وأختك ، وانك لا تريدين ان يخرج البيت من اطار العائلة "

تنهدت بأسى :
" لا فائدة من هذا الكلام .كل ما تقوله صحيح ، لكننى ارفض ان اباع واشترى . اعرف انك مشهور بالقسوة والحزم، ولكنك لن تغلبنى . وعندما اقرر الزواج سيكون ذلك من الرجل الذى أحبه ويحبنى . وما عدا ذلك مرفوض تماما "

" اذا كان الامر يريحك ويغير رأيك ، فسأجعلك تحبيننى .... وبعمق "

كان يتكلم وكأن ايقاعها فى حبه امر هو رهن قراره الخاص . نظرت بروك الى جانب وجهه ، فتأكد لها مرة أخرى انها مع رجل مكابر عنيد وقادر فعلا الحصول على ما يريد مهما كلف الأمر .

قالت وهى تغالب دموعها :
" ارجوك ، خذنى إلى البيت "

وعلى حين غرة وضع يده على خدها بنعومة قائلا :
" كان اسبوعا موجعا ، أليس كذلك ؟ "
" كلنا نندم فى بعض المرات على اشياؤ قلناها وما كان يجب ان نفعل . انا شخصيا غير راضية عن تصرفاتى ، لكننى لن اتزوج مهما رافق العرض من تهديد ووعيد "

اغلقت عينيها للحظات قبل ان تتابع :
" اننى لا اعرفك . لا اعرف عنك الا انك غنى جدا ..... "

قاطعها ساخرا :
" غنى جدا ؟ من السهل ان يبنى الانسان الثروة على اساس المال الكثير الذى يملكه . اولا شركة المقاولات ، ثم صفقة الأراضى .... وهكذا . لم يعد يهمنى شئ الآن ، فقد بنيت ثروتى وشهرتى .ينقصنى فقط تكوين العائلة والحصول على بيت رائع كبيتكم . لا ترتجفى على هذا الشكل ، ليس هناك ما يثير فى كلامى . اننى اريدك للاسباب التى ذكرتها من قبل ..... فمنذ اللحظة الأولى التى شاهدتك فيها ، أصبحت جزءا متمما لكل مخططاتى "

ردت عليه بهدوء :
" تتكلم وكأننى لا استطيع تغيير شئ فى هذه المخططات ؟ "

تحولت لهجته إلى الشدة وهو يقول :
" عملية استيلاء كما تعتقدين ! اعرف انك امرأة معاصرة وذات تفكير متفتح ..... ومتحررة لكنك فى الاساس امرأة لها احاسيس النساء القديمات . الا تؤمنين بالقدر ؟ "

" اعرف ان هناك اناسا قادرون على تغيير حياة الناس الآخرين ، لكننى لن اسمح لك بتغيير مجرى حياتى يا سيد كوريللى . لن تنومنى مغناطيسيا طالما اننى اصارعك ، وانا الصخرة التى ستتحطم عليها كل المحاولات . من المؤسف ان احاسيسك لم تأخذك إلى امرأة غيرى . مثلا كاثرين بينتون من عائلة عريقة ومحترمة ، وقد اشارت الشائعات إلى أنك مهتم بها ؟ "

قال بلهجة استنكار :
" حقا . لقد دعوتها إلى العشاء عدة مرات ، فهل يعنى هذا اننا بتنا مخطوبين ؟ "

فى هذه الأثناء لاحظت بروك انه انعطف بسيارته إلى الجهة اليسرى فاستنفرت فى مقعدها قائلة :
" انك تذهب إلى الجهة المعاكسة "

" وماذا فى ذلك ؟ "

اقلقها جوابه الساخر فقالت :
" لا أعتقد انك بصدد اختطافى ؟ "

اجابها بصوت عادى جدا :
" اريدك أن ترى المكان الذى اعيش فيه "

قالت بحدة :
" اعرف اين تسكن .... هناك فى كولومنز "

" طبعا البناء من تصميمى ...... والبناء قامت به شركتى "

اجابته :
" مكان رائع للسكن ، فلماذا تريد التغيير ؟ "
قال بدون أن يلتفت إليها :
" سبق وأجبتك على هذا السؤال ..... لا تتوترى ، لقد أبلغت أمك اننى سأدعوك إلى العشاء الليلة "

قبل أن تجيب ، القت بروك نظرة خاطفة على ملابسها التى ، وان كانت جميلة ومرتبة ، الا انها غير مناسبة لدعوة عشاء . ثم قالت :
" اننى متعبة من جراء العمل ، وليس فى ملابس مناسبة للعشاء "

اجابها بمرح :
" غير مهم . سوف نعد حفلةخاصة بنا على الشرفة "

سألته بجفاء :
" وكم ترتفع الشرفة عن الأرض ؟ "

نظر اليها وعيناه تلتمعان بشرر غريب :
" المسكن فى الطابق العلوى . واقترح عليك الا تحاولى الهرب منى بالطيران كالعصافير "

" لم تخطر لى هذه الفكرة ابدا . سوف ازور شقتك يا سيد كوريللى لازالة الحاحك فقط ، ولكننى لن ابقى للعشاء معك "

" يؤسفنى اننى لم ابلغك اننا لسنا وحدنا . هناك الخادم الأمين ، وهو صديق حميم اثق به . انه ليس شابا، لكنه محل للثقة .... ويمكنك ان تثقى به كلية يا عزيزتى "

من الواضح انه لم يقصد الاستفراد بها فى شقته ، بل هوينفذ سياسة الخطوة خطوة للوصول إلى أغراضه . ومع انها مصممة على مواجهته بشدة ، الا أنه يشعرها بالعجز الكامل. وحتى اشمئزازها منه بدأ يضمحل ، فقد اختار الليلة المناسبة لخوض معركة هى ليست على استعداد لها .

ألقت بروك رأسها على المسند الخلفى للمقعد وتنهدت بعمق .... اما بول فنظر إليها خلسة وابتسم بهدوء وخبث .

فى صبيحة اليوم التالى ، استرجعت بروك احداث سهرة الأمس ، فاكتشفت ان كوريللى لم يفعل شيئا يزعجها ... بل كان لطيفا وساحرا وجذابا . وعكس ما توقعت ، فقد أعجبتها السهرة واستمتعت بها إلى أقصى الحدود ، رغم ان اعصابها ظلت مشدودة طيلة الوقت . اما الشقة فكانت قمة فى الروعة والأناقة وحسن الترتيب ، وقد تمازجت فيها المفروشات الحديثة بالتحف القديمة فى ظل اضاءة عرف صاحبها كيف يبرز بواسطتها كل مكامن الجمال . واكتشفت ايضا ان بول كوريللى ، رجل صعب لتركيب ، ولهذا فعليها ان تكون شديدة الحذر معه لئلا تجد نفسها واقعة فى حبائله من حيث لا تدرى .

كان الخادم العجوز جيانى يروح ويجئ فى صمت وأدب ، وقد أعد لهما عشاءا ممتازا. ولاحظت بروك ان العلاقة بين الاثنين اشبه ما تكون بعلاقة اصدقاء وليس علاقة خادم بمخدومه . وكم تمنت لو انها تعرف اللغة الايطالية كى تعرف ما كان يدور من احاديث بين كوريللى وجيانى .

ظلت بروك تسترجع تفاصيل سهرة العشاء مما اضطر احدى التلميذات إلى القول بأن المعلمة سارحة فى أحلام اليقظة .

وعندها راحت تجاهد كى تركز انتباهها على ما يدور فى قاعة الصف .... لكن صورة بول كوريللى ظلت تلح عليها . وكالعادة عندما تريد نصيحة ما ، اتصلت هاتفيا بماجى واتفقتا على اللقاء فى ظهيرة اليوم التالى .

قالت ماجى وهى تأخذ مقعدها إلى جوار بروك :
" ان مود هى التى ستتولى ادارة شؤون المحل فى غيابى ، وقد باعت اليوم مجموعة كبيرة من العقود والاساور الذهبية " . وراحت تنقل عينيها على وجه صديقتها الصغيرة ، ثم قالت :
" قبل ان ينضم الينا أحد ، أخبرينى ما المسألة ؟ "

" اخبرتك قبل قليل ، لكنك كنت مشغولة بالمزاد "

اقتربت ماجى من بروك وقالت باهتمام:
" هيا خبرينى مجددا "

" لقد طلبنى بول كوريللى للزواج "

علت علامات التعجب والدهشة وجه ماجى التى صاحت :
" يا إلهى ! اعرف انه قوة لا تقاوم ، لكنكما لم تعرفا بعضكما الا منذ فترة "

قالت بروك بصوت بارد :
" انا لا اعرفه على الاطلاق . انه مجنون قوة ، أو على الاقل يعتقد بأنه يستطيع اختيار المرأة المناسبة ..... ثم ينتهى الأمر "

سألتها ماجى بجفاء :
" وكيف تقبلت أمك الموضوع ؟ "
الاسبوع الماضى كان مرعبا . اما بعد ان تناولت العشاء معه هذا الاسبوع , فهى لم تثر اى متاعب "

" وماذا عن لويز ؟"

ابتسمت بروك برقة :
" الحسد تحول الى ارتياح . فقد اكتشفت انها لا تستطيع التعامل معه "

" وهل تريدين التعامل معه ؟ "

هزت بروك رأسها بعنف ورمت ماجى بنظرة حادة :
" كلا . انه جذاب جدا عندما يريد . لكنى لا ارغب فى الزواج برجل لمجرد انه غنى وجذاب "

" من الطبيعى ! لست ادرى لماذا يلقى الحظ رحاله دائما عند الفتيات الصغيرات "

" كونى جادة يا ماجى رجاء "

انحنت ماجى نحو صديقتها وربتت على يدها بلطف :
" آسفة يا عزيزتى . ماذا سنأكل الآن ؟ يخيل الى انك خسرت بعض وزنك "

همهمت بروك وهى تقرأ لائحة الطعام :
" الجو كان مناسبا لتخفيض الوزن . لست مضطرة للعودة بسرعة إلى المدرسة فلتميذاتى يذهبن الى الرياضة بعد ظهر اليوم "

ردت ماجى وهى تقرأ اللائحة بدورها :
" اننى اعرف ذلك . كم اتمنى لو اننى مثلك لا اهتم برشاقتى . واعتقد ان على العلماء تركيز جهودهم لاكتشاف وسائل تحفظ الرشاقة بدلا من اهدار نشاطهم فى محاولات لاكتشاف الفضاء " . ثم رفعت نظرها الى بروك وتابعت :
" هل تعرفين يا عزيزتى ان البعض يعتبرك المخلوقة الاكثر حظا فى العالم ؟ انه فعلا لقطة لا تفوت "

ردت بروك :
" لاشك فى ذلك , لكننى لا امانع ابدا فى التبرع بهذا الحظ العظيم . فأنا لا اعرف شيئا عنه سوى انه رجل صعب وغريب .. وربما كان فى الواقع بربريا مرعبا "

قطع الخادم حديثهما عندما اقترب منهما لاخذ طلباتهما . وعندما ابتعد , تابعت ماجى حديثها قائلة :
" لايمكننى السماح لك بهذا الكلام ,. فهو لم يفعل ما يسئ اليك , أليس كذلك ؟ "

" ليس اكثر من طلب يدي للزواج . ولا اعتقد يا ماجى انه يعرف كيف يتقبل الجواب بالنفى . هناك شئ آخر , انه اب لفتاة "

خيم الصمت قليلا , حين كانت ماجى تنظر الى يديها , ثم قالت بعد تفكير عميق :
" العائلة تعنى أشياء كثيرة للايطاليين . اين هى الفتاة الآن ؟ "

" انها ليست فتاة , بل هى مراهقة فى السادسة عشرة , وتعيش حاليا مع عمتها فى كينيا "

تساءلت ماجى :
" يبدو انه كان صغيرا جدا عندما تزوج . اعتقد انه فى أوائل الثلاثين من العمر . أليس كذلك ؟ "

اعترفت بروك :
" فى الخامسة والثلاثين " . ثم نظرت الى صديقتها التى كانت ما تزال تحت تأثير الصدمة , واضافت تقول : " لم يخبرنى الكثير عنها , باستثناء انه لم يكن متزوجا "

علقت ماجى ببطء :
" غريب . على الأقل لم يكذب عليك . لست ادعى اننى لم أفاجأ , لكن هذه الامور ممكنة الحدوث . من الواضح انه وصى على الفتاة , او سيأخذ الوصاية قريبا , اذا كنت غير راغبة بالزواج منه فلا داعى للاهتمام بالموضوع "

" لكن امى ستغضب وتثور "

قالت ماجى :
" لا استطيع فهم امك . وعليك انت ان تواجهى الموقف معها . فى البدء كانت لويز هى صاحبة الحظ , اما وقد اختارك انت , فلا ترى امك سوى ان تتزوجيه . يا له من موقف غريب "

 
 

 

عرض البوم صور زونار   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
مارغريت واي, اثنان على الطريق, margeret way, روايات, روايات مكتوبة, روايات رومانسية, روايات عبير, روايات عبير المكتوبة, روايات عبير القديمة, عبير, عبير القديمة, wake the sleeping tiger
facebook




جديد مواضيع قسم روايات عبير المكتوبة
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 12:15 PM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية