كاتب الموضوع :
..مــايــا..
المنتدى :
روايات عبير المكتوبة
الفصل الثانى
ألقت ساندى بالأغطية من فوقها ونهضت . اقتربت من النافذة وازاحت الستائر لتلقى نظرة على الخارج
كان هناك شخص ما راكعا بالقرب من شجرة الجنكة التى تخصها . استطاعت أن تلمع بفضل ضوء القمر لمعان نصل نحاس
جن جنون ساندى وهى تتذكر نصائح جائيل لندن....منتديات ليلاس
فتحت النافذة على مصراعيها :
- يا هذا !
انتصب الرجل واقفا وخرج من الحديقة مسرعا . جرت ساندى ناحية باب المدخل وأضاءت المصباح المثبت فوقه . سمعت صوت محرك سيارة تختفى فى الظلام ، تأملت لحظة شجرة الجنكة وهى فى حالة ارتباك ثم أغلقت الباب . بعد ظهر اليوم التالى كانت تمشى بخطى ثابتة . بداخل مبنى بيبينيار لندن ثبتت ناظريها على الرفوف التى وضعت فوقها المبيدات الحشرية ، برطمانات الحبوب ، الأوانى الفخارية
وما أن وصلت إلى المكتب حتى شعرت برائحة صنوبر تصل إلى أنفها . شعرت بحيرة لحظة ثم تنفست بعمق لمح جائيل بطرف عينه شخصا يدخل ولكنه كان يزن حقيبة تحوى بذور زهرة الداليا
- سأل ونظره متجه إلى باب المكتب : أية مساعدة أستطيع تقديمها؟
- سيد لندن إن شجرة الجنكة الخاصة بى قد خربت
كانت تقف أمامه سيدة شابة ذات شعر أشقر معقوص إلى الوراء بإهمال . كانت مرتدية قميصا من اللون الأصفر الباهت وسروال جينز ضيقا وصلت إليه عطر زهرة الجاردينيا برغم أنها كانت تبدو أكبر سنا من ساندى إلا أنها فى ذات الوقت كانت أصغر من أن تكون والدتها
- آنسة سميث ؟
- بالضبط
- هل أنت شقيقة ساندى
- لا لقد استيقظت ليلة أمس على صوت غريب
- مدام سميث ... نظارات سميكة ، حذاء تأهيلى سماعة طبية كان على أن أتشكك بالأمر
- ما هذا الهراء يا سيد لندن ؟
- لقد وصفك بهذا الشكل
- ليست عندى أدنى فكرة عن أى شئ تتحدث ؟ أفضل ألا أعرف
- كيف حال الجنكة ؟
- بخير حتى الساعة التاسعة من صباح هذا اليوم
كنت أقول لك
- قال جائيل معجبا : لم أر والدة طالبة تبدو صغيرة فى السن هكذا مثلك
- أنت وأخوك لستما سوى مخبولين ! هل لى أن تسمعنى لحظة ؟ لا أريد أن يلحق ضرر بتلك الجنكة
- أوه أنا لا أبدا ، أظن أنك قد تزوجت بسن الثانية عشرة
- لتكن على علم أننى لست متزوجة
- لا ؟ إن ساندى قد أخبرتنى أن زوج والدتها ...
قطع حديثه فجأة : انفجرت الشابة فى الضحك كاشفة عن أسنان ناصعة البياض
- أنا ساندى سميث
أعاد : هل أنت ساندى سميث ؟ تلك التى كانت مرتدية زى الكشافة ؟
نفحصها جائيل بدقة - إن رموشها بالفعل تكاد تبلغ طولها سنتيمترين
- كان اجتماعا للطلبة القدامى
لاحظت عيناه الصدر البارز ثم الخصر النحيل للشابة - كان المكتب يمنعه من متابعة فحصه لأبعد من ذلك
- لماذا لم تخبرينى بشئ من ذلك ؟ يا لبلاهتى
- لم يقل أحد ذلك
- لا إطلاقا
- وكنت تسخرين منى بالأمس لقد ساورنى شك عابر بشئ ما ولكن ... يا للغباء
- أتريد الحق لقد كان ذلك ممتعا
تبادلا الابتسامات لا شك فى أن بيتر يمتلك ذوقا سليما - فى الحقيقة كانت تمتلك ابتسامة مدهشة ... وعينين خضراوين واسعتين ود لو استطاع إزالة المكتب ليتمكن من لمسها
قالت بصوت عذب : شجرتى
- ماذا حدث ؟
- لقد فاجأت شخصا فى الليلة الماضية كان يحفر إلى جانب الجنكة
- أوى لا لقد وعدنى
- حاول أن توقف أخاك عند حده - ليست عندى أية نية للخروج معه - أنا عجوز بالنسبة له
- بكم عمر تكبرينه ؟
- سيد لندن
- هيا ساندى إنه أنا جائيل
- بكم عام
- هذا ليس موضوعنا - أخبره أن يترك الجنكة الخاصة بى فى سلام
- حسنا ... خمس وعشرون؟
- ما زال أمامى بضع أسابيع قبل أن أبلغ التاسعة والعشرين
- رائع
- أسمع لا تبدأ معى
غرق فى الضحك
- لا تقلقى أنا أخرج بالفعل مع فتاة ذات شعر أحمر ومن ناحية أخرى أنا رجل مشغول للغاية - ولكننى متفهم جدا نظرة بيتر .
ابتسمت من جديد وسرح هو في استطاعة هذه الابتسامة شقاء شجرة جنكة مريضة .
- أليس لديك صديق ؟ شخص ما تستطيعن الظهور به أمام بيتر ؟
- للأسف لا . أنا أيضا مشغولة للغاية .
- هل تديرين كازا جراند ؟
- نعم . إن زوج والدتى هو المالك ولكنه يتطلع حاليا لفتح مركزين جديدين للمسنين بتكساس . أسهر على سير الأمور بشكل طبيعى . أقود الأوتوبيسات ثلاث مرات أسبوعيا , اقوم بعمل أمين المكتبة . أعتنى بالحديقة , وأقوم بعمل بعض المشاوير وأنفذ الأشغال اليدوية للنزلاء .
- صاح بيتر وهو يدفع بعجلة في الردهة : جائيل , أين تقاوي الرياحين ؟ احتاج .. ساندى !
تدخل جائيل :
- احترس بيتر .
كان ذلك متأخرا جدا . صرخت ساندى والتصقت بالمكتب .
تمايلت العربة واصطدمت بجبل من الأوانى الفخارية التى انهارت محدثة ضجيجا عاليا .
- أوه . أوه . أوه ! أنا أسف .. هل جرحت ؟ دعينى أزيل الطمى عن قدميك .
-لا تلمس قدمي .
خطت خطوة إلى الوراء اصطدمت فيها بجائيل الذى كان قد لف حول المكتب .
صرخت ساندى وهي تدهس على أصابع قدميه : أوه .
احاطها جائيل بذراعيه كرد فعل طبيعى .
- علقت الشابة صارخة : هذا يسرى عليك أيضا .
ابتعدت عنه وحدقته بغضب .
- دافع جائيل عن نفسه . ولكنى لم أفعل شيئا - لقد ارتميت بنفسك على .
- اتمنى أن تكون أشجار الجنكة بحالة جيدة - بالمناسبة إن نباتات التبغ هى التى تقابل مشكلات الآن .
- بيتر , لو لم ..
- سوف أقوم بجمع ما وقع على الفور .
قال جائيل واعدا :
- سوف أمر لألقى نظرة على نباتات التبغ .
- ولكن تأكد من عدم اقترابك مني .
استدارت ساندي إلى الوراء وابتعدت بسرعة .
لمحاها تقفز داخل سيارتها وتنطلق بأقصى سرعة .
استدار جائيل نحو أخيه الذى تظاهر بالانشغال في جمع بقايا قطع الأوانى الفخارية .
- هل ذهبت إلى هناك لتخرب تلك الجنكة .
- ما هذا - هل ترانى أبلة ؟ لماذا أفعل ذلك ؟
- يبدو لى أن الإجابة على هذا السؤال معروفة . - انشغل جائيل مع زبون . بعد مرور ساعة . تحقق من أن نبات التبغ المزروع بكازا جراند ليس على ما يرام . طرق باب ساندي سميث . ما إن فتحت واستطاع أن يركز بصره في عينيها الخضراوين الواسعتين حتى شعر بسرعة نبضه تتزايد . كان شعرها المفكوك ينسدل في شلالات ذهبية فوق كتفيها .
لكى يخفى اضطربه بدأ هو الحديث بنبرة رسمية .
- صباح الخير . لقد جئت لأرى زهورك . هل تتفضلين بإعطائى مزيدا من المعلومات عن الليلة الماضية .
أستندت بكسل إلى الباب .
- كنت في فراشى وسمعت ذلك الصوت .
عند سماعه لتلك الجملة - تخيل جائيل ساندى وهى ممددى باسترخاء فوق فراشها وشعرها الحريرى مبعثر على الوسادة .
- لقد صرخت فهرب ذلك الشخص وما إن وصلت إلى الباب حتى سمعت صوت محرك سيارة تبتعد .
- لا أستطيع أن أقوم بتغيير تلك الجنكة مرة كل أسبوع .
- إن هذا الكلام يجب ان تقوله لبيتر .
- لقد قلت له ذلك بالفعل . ولكن هذا لايجدي في شئ .
هو لايهتم إطلاقا بالمال فى الجامعة يكون تقريبا - مفلسا .
بينما أنا لدى عملى الخاص , سيارة وشقة . وهو يشبهنى بقارون إن قوائم الحسابات لا تمثل بالنسبة له سوى أوراق عديمة الفائدة . اعتقد ان عليك تغيير المشتل الذى تتعاملين معه .
- أجابت : أنك تمزح ولا شك . هذه الأشجار تحمل صمانك لقد فات أوان تغيير المشتل .
كان عليك أن تنبهني أن لك أخا معتوها . لقد كنت اجهل أنه متضامن مع أشجار الجنكة .
- هو ليس معتوها . ليس كذلك . إنها المرة الأولى التى يتصرف فيها هكذا . في الواقع كان يتمتع بجاذبية لدى الفتيات .
- إذن لماذا لا يخرج معهن ؟
- إن له صديقة أو بالأصح كانت له صديقة . شقراء طويلة بعيون هي مزيج من اللونين الأخضر والرمادى . تشبهك إلى حد ما .
ولكنها سافرت لقضاء العطلة الصيفية .
- ألا تستطيع جعلها تعود ؟
- للأسف لا ، إن كيم سوف تقوم بجولة لزيارة الكاتدرئيات فى أنحاء أوروبا فضلا عن أنهما قد تشاجرا قليلا قبل سفرها وهى لن تعود قبل ثلاثة أشهر
تمتمت ساندى : ما الذى أوقعه معك ؟
- دعينى أنتظره هنا الليلة
تراجعت الفتاة خطوة إلى الوراء ودفعت الباب ببطء
- ما هذه الحكاية ؟ اثنان من المعتوهين ؟
- لا ، أريد فقط أن أضبطه متلبسا
- إذن أختبىء بين زهور الليك اكشف على نبات التبغ
إنها فى طريقها للموت - إنه يخرب كل شئ
- سوف نقوم بإستبدالها وسوف أمنع بيتر من الاقتراب منك
- أخيرا أسمع أخبارا طيبة
- سوف أختبئ بين زهور الليك . أين وضعت سيارتى - كيلا يراها
بينما كانا يتمشيان جنبا إلى جنب لاحظ أن رأس الفتاة يكاد يصل إلى كتفه . دارا حول المنزل ثم أشارت ساندى إلى مبنى عند أول الطريق
- تستطيع وضع سيارتك هناك - أمام المبنى رقم 15 - إنه الأخير قبل العيادة - إن سيد بايتون لا يمتلك سيارة - سوف أقوم بإخباره . هل فعلا سوف تختبئ بين أزهار الليك؟
- يا لها من ليلة ! ابتسم
شعر بضربات قلبه تتزايد عندما ابتسمت له بدورها
هبط الليل - تندم بمرارة لأنه لم يقترح عليها أن يقوم بعملية المراقبة من الداخل ، معها كانت الأرض رطبة
لقد نال كفايته من الجلوس تحت تلك الشجيرات وتلك الأغصان تخزه فى رقبته عند كل حركة . من بين كل المواقف الغريبة التى زج به فيها - فإن هذا الموقف يفوق الكل
كان وراءه حسابات ليتممها . وطلبيات ليطبعها . لم يتصل بـ جوان منذ أسبوع ولم يتصل مرة ثانية ليسأل عن والده
كان يتحرق شوقا لأن يسدد لكمة إلى وجه بيتر ولكن - لم يتفضل أحد بالاقتراب من الجنكة
حدقت عيناه فى النور الخفيف الذى ظهر أمامه - كان الباب قد فتح - وتحرك خيال أبيض - سمع صوتا يهمس : تعال إلى الداخل
لم يدعها ترجوه
شدت ساندى طيات ردائها المتهدل :
- لقد بدأت أشفق عليك من انتظارك هنا وحدك فى الظلام أتحب الانتظار هنا ؟
كيف ذلك
- هل أنت واثق بأن أخاك ليس لديه علم بوجودك ؟
- حتما ! هل أنت واثقة بأن أحدهم قد اقترب من شجرة الجنكة ليلة أمس ؟
- بكل تأكيد ! هل تعتقد بأنى اختلقت تلك القصة ؟
تستطيع
- لنهدأ الآن - كنت أمزح .إنى أصدق كل كلمة قلتها . من أى مكان أستطيع مراقبة الجنكة جيدا
شعرت بحمرة الخجل تقفز إلى وجنتيها
- من غرفتى - تستطيع الرؤية . إذا لم أقم بإنارة المصباح
تبعها حتى غرفتها ، كان الفراش مفتوحا
- لم أكن أتوقع زيارة هذه اليلة
- شكر لأنك ... أتيت لنجدتى لقد بدأت أتحول إلى شجرة
أشارت بأصبعها إلى النافذة
- إن الجنكة تحتها بالضبط
جلس جائيل فى الظل فوق صندوق خشبى
- هل ستجالسينى
استطاع أن يستخلص من تعبير الذهول . الذى ارتسم على وجه ساندى أنها لم تفكر قبل ذلك أبدا فى إمكان وجوده فى غرفتها
جلست على مقعد هزاز فى ضوء القمر وأرخت رداءها فوق ركبتيها
- هل أخوك دائما يكون غريبا هكذا ؟
- لا لد لقى إعجابا أكثر من الطبيعى . أعتقد أن ما يعتريه هو من تأثير رموشك
- إنه ليعذبنى أن أقوم بقصها
- أوه ! غلا هذا . إنها فى غاية الروعة هكذا
- شكرا
- أين إذن عيناك الخضروان الواسعتان .
- أعتقد إن هذا يكفى
- أنا أكرر كلماته ... أود لو يظهر . ‘ن هذا يضع نهاية لهذه التصرفات الصبيانية لماذا أنت منغمسة فى هذا العمل ؟
- أنا لست منغمسة
- حسنا . سوف أصوغ ذلك بطريقة مختلفة . لماذا تختبئين ؟ ومم تخافين
- أعتقد أنه كان على أن أتركك لتصبح شجرة
- لا ولكنه يتضمن افتراضات خاطفة .أنا أحب عملى
لماذا تدير أنت هذا المشتل ؟
ابتسم وهو يفكر فى أنها لا تهتم بحياته بقدر ما تريد تجنب سؤاله
- أعشق الحياة فى الهواء الطلق . أحب النباتات الجميلة
ثم إننى رغبت فى أن أكون رئيس نفسى
- إن مشاتل لندن لحديثة نسبيا . أليس كذلك ؟
- لقد بدأت منذ ستو عشر شهرا . قبل ذلك كنت أعمل محاسبا مع أبى
- لندن وهولمز .
- هل سمعت بها ؟
- ومن لم يسمع بها فى المنطقة . يجب أن يكون ذلك قد صحبه الكثير من التغيرات - هل رحلت بموافقة والدك ؟
- لا أجاب جائيل بصراحة ، لقد شعر بشئ من المرارة كان ينتظر أن أفلس
- لماذا ؟
- هو يأمل أن تغلق المشاتل وأن أعود إلى المحاسبة
إنها المرة الأولى التى تختلف فيها اهتماماتنا . إنك تجذبين الأسرار يا ساندى سميث
- هذا ما يقوله نزلائى . ألا تتكلم عن حياتك المهنية مع جميلتك ذات الشعر الأحمر
- جوان ؟ لا إنها لا تهتم لذلك ، هل يضايقك لو فتحت النافذة ؟ هكذا عندما يأتى بيتر أستطيع أن أقفز عليه وأمسك به . لم يأت اليوم بعد الذى يهزمنى فيه
أجابت ساندى : هيا إذن
- فى حالة لو حضر هل هناك إضاءة خارجية تستطعين إشعالها
- نعم سوف أشعلها ما إن تقفز . هل لديك إخوة وأخوات آخرون ؟
- لى أخت أصغر منى
- ألا تعمل معكم فى المشاتل ؟
- لا إن جينى محاسبة فى شركة والدى وهى تعشق ذلك
- على الأقل سيكون هناك من يحمل المشعل
- هذا لا يكفى بالنسبة لأبى . لقد كنا دائما قريبين من بعضنا بعضا . لقد سلكت خط سير مشابها له بما فى ذلك ما يتعلق بكرة القدم
منذ ولادتى وهو ينتظر اليوم الذى أتولى فيه الشركة
- أوه أنظر
وضعت يدها فوق ركبته ، هذه اللمسة الخفيفة قد أحدثت بداخله شرارة كهربائية إلى درجة أنه نسى ما قالته
- ها هو
|