8 - أمير الأحلام ..
( الفصل ماقبل الأخير )
تطلعت هيلين جادة إلى لورا ذالك المساء , ودفعت إليها فنجان قهوة عبر الطاولة قائلة :
- تبدين مختلفة .
ابتسمت لورا شاحبة :
- كانت الحياة كئيبة بالنسبة لي منذ سنتين , ويبدو انه أصبح لدي الآن مجموعتان من الذكريات , فالتي فقدتها أكثر حيوية من الأخيرة . وأنشط أحاسيساً .
كان واضحا أن صديقتيها تحسان بفضول شديد لمعرفة ماضيها , ولاكن إي منهما لن تسأل سؤال واحد .. ربما أتبعا لتعليمات الأخصائية النفسية .
كانت القهوة لذيذة , ساخنة , وقوية رائحتها نفاذه .. نفخت عليها لورا قليلا , ثم ارتشفت منها . وقالت بهدوء :
- أنا و سايمون متزوجان .
باد الذهول على هيلين , golya لكن كايت أطرقت ..فسألتها لورا :
- ألم تدهشي ؟
- لا .. في الواقع .. لقد بدا متملكا منذ البداية .. حتى اعتقدت أنكما مخطوبان على الأقل .
قالت هيلين بإلحاح :
- لا كن حين خضعت للفحوصات كنت ... سالمه , فما الذي حدث ! ... يا الله عذرا إن كان كلامي خاليا من اللباقة ... تجاهلي سؤالي !
تحركت كتفا لورا قليلا وردت :
- لا ..... لا بأس عليك , فبعد عقد الزواج مباشرة حدث بيننا سوء تفاهم هربت بعده . حين وصلت إلى هنا , وضعت كل الوثائق الهامة الخاصة بحياتي في خزانة المصرف وتخفيت قليلا , وغطيت شعري بوشاح وارتديت نظاره شمسيه .
- لهذا لم يستطع احد اكتشاف مكانك ... والآن .. هل ستعودين معه إلى لندن ؟.
- لست أدري .. ما كان يجب أن نتزوج أصلا .. كنت مفتونة به والفتاة تكبر عادة على مثل هذه الأمور .
- وهو .؟
الرد على سؤال كايت بسيط :
- انه لم يحبني يوما .. ولم يتظاهر حتى .. تزوجني لأنني هددته بأن ارتكب حماقة إذا لم يفعل .
هزت هيلين رأسها ساخرة :
- سمعت أشياء كثيرة في حياتي .. لكن ما أسمعة الآن هو أكثر الأشياء تنافيا مع العقل ! لا أستطيع تصور شخص متعجرف مهين مثل سايمون باركلي يبتز للقيام بما لا يريده .!!
فابتسمت لورا مجددا :
- آووه ... لديه نقاط ضعف , golyaومنها النساء الجميلات , فلسبب ما لقيت حضوه قيما تبقى له من ضمير .
- لا أظنه يحمل ضميرا !
- لقد غدا هذا من الماضي الآن . اشكره لأنه تحمل المشقة وساعدني على استعادة ذاكرتي .
وسيبقى الحال معها هكذا , مادمت سترى سايمون أو تقرأ عنه . , أصبحت القهوة دون دعم الآن في فمها وهي تتساءل كم من الوقت يحتاج المرء ليتغلب على حب ما .
فسنتان من حياة جديدة لم تغير مشاعرها نحوه إلا إلى درجة أعمق .. مع أنها لم تذكره حين رأته إلا أن مشاعرها ازدادت عقا .. ولو واجهت الوضع الماضي نفسه ثانية فلن تصرف بالطريقة ذاتها , ذالك لأنها كانت ساذجة , أنانية , فيها وقاحة الشباب . التي جعلتها تختار رجلها دون ان تدع شيئا يقف حائلا في طريقها . فقط ما شهدته , مما اعتبرته خيانة , هو ما دفعها إلى ذالك التصرف والهرب ليلة زفافها .حين امتزجت الخيانة بالكبرياء المجروحة ... ولو انه لاطفها وقدم لها بعض التفسيرات لأذعنت ربما له .
هذا ما يؤلمها الآن . لكن هل سنتان من حياة جديدة عالقة في الزمن جعلتها تنضج حتى تفهم كم خذلته ؟
فيما بعد حين كان يفتش عن طريقة ليخفف من الجرح الذي أصاب كرامتها ,
لتستطيع الإحساس بحبه .. سألته عن توضيح , لكن كبرياءه رفضتها بقسوة كما رفضته هي من قبل .
- هل أنت بخير ؟
رفعت رأسها نحو هيلين تخفي أفكارها السوداء بابتسامة :
- أجل .. أنا بخير .
- حسنا ماذا تخططين الآن .؟
- لا شيء .. لقد اتخذت لنفسي حياة جديدة , فإذا رغب في طلاق أو فسخ زواج فليكن له ما يريد .
- أليس هناك من فرصة ...!
حركت لورا شفتيها بسخرية , فصمتت هيلين عن رومانسيتها :
- بل لا أمل هناك أبدا ..
بعدما سمعت الفتاتان هذا القول الحاسم , تبدلتا النظرات قم ما عادتا خلال الأيام التالية إلى ذكر اسم سايمون ثانية .
ما أن حل صباح السبت حتى كانت لورا شاحبة مرهقة , وهذا ما لم تذكره لها أي من صديقتيها , .. لكن وبينما golyaكن يتناولن طعام الفطور سألتها هيلين :
- ماذا ستفعلين اليوم لورا ؟.
- سأنظف غرفتي , ثم سأمضي بعد الظهر في نادي التنس . فقد أجن اذا لم أمارس بعض التمرينات .
قالت كايت :
- لماذا لا تركضين ؟.. هل يلعب سايمون التنس ؟.
انتفضت لورا وسألت :
- لا ادري ..... لماذا ؟
صبت كايت بعض القهوة وردت ببرود :
- لأنه أوقف سيارته لتوه في الخارج .. وهو يبدو جهم الوجه .
قالت هيلين تهمس بعنف :
- لست مضطرة لذهاب معه .
احمر وجه لورا , وأحست للمرة الأولى منذ أيام بأنها حية . فقالت ببرود :
- لن يأكلني !
قبل سايمون القهوة التي قدمتها كايت , وهنأها على طيبتها , انتظر حتى استرخت الفتيات الثلاث ليقول برقة :
- لدي رسالة من روزماري تدعوك فيها إلى قضاء النهار معها يا لورا ... فأنا ودان ذاهبان لصيد السمك .
حدقت لورا في القهوة وهي تشعر بعيون الجميع منصبة عليها وامتدت تلك اللحظات حتى ضحك سايمون قائلا :
- احضري حقيبتك , أيتها الفتاة البلهاء !
هكذا بكل بساطة ... أدركت أنها على الرغم من توترها عندما تكون برفقته , إلا إنها تفضل أن تكون معه على أي شيء أخر .
بعد أن انطلقا بضعة أميال , قال سايمون :
- تبدين متعبة .. ألا تنامين جيدا ؟.
- أعطتني فيلستي بعض الحبوب المنومة , لا كنني لأحب تناولها .
وأدارت رأسها لتنظر إليها مباشرة و بحده .
- ... لا ما نمت جيدا ... وماذا عنك ؟.
فابتسم :
- لست استثناء ....... أما زلت تكرهيني ؟.
أحست بأن الكذب أجدى من كشف مشاعرها :
- اوووه .. اجل .
ران صمت قصير قضى عليه بقوله :
- أعتقد أنك كشفت كل شيء .. gogo فقد نظرت إلي هيلين وكأنني نوع من البكتيريا المزعجة , وكايت كان في صوتها بعض التحفظ .
- قلت لهما إننا متزوجان وأن الأمور سارت في مسار خاطئ ولم أضف شيئا .
- أتقصدين أنك تجنبت توجيه اللوم لأحد ؟ لا أكاد أصدق هذا !
- آه .. لا تكن فذر التفكير هكذا ! أنا لا ألوم أحد . لا شأن لي إذا وجدت أني أهلا لعطفهما الأمومي أو الأخوي .
غرقت في التفكير فلم تنتبه للاتجاه الذي سلكه , ولا كن بعد خمس دقائق أصبح شكها حقيقة :
- أنت كاذب ! فهذه طريق الشاطئ شقيقتك لم تدعني !
- بل دعتك .ورفضت الدعوة عنك . فنحن بحاجة لأن نكون معا بعض الوقت .
ذعرت فراحت تضربه بكلتي يديها حتى اضطر إلى التوقف , عندئذ امسك بها وهزها حتى استسلمت للبكاء , وحذرتها الخطوط البيضاء حول فمه من التمادي .
- لا تكوني حمقاء ! لن أؤذيك , أيتها البلهاء اهدئي علينا التكلم حتى نصل إلى حل بشان مستقبلنا , ولا مكان أفضل من بيت الشاطئ لأنه لن يقاطعنا احد فيه .
تريث حتى خمدت شهقات بكائها , وقال بهدوء :
- صدقيني لورا , لا أريد أن اسبب لك المزيد من التكدر أو الألم .. لكنك تعلمين انه لا يمكن ترك الأمور على ماهي عليه الآن .
هزت لورا رأسها ومسحت دموعها . http://www.liilas.com/vb3
- اعتقد أنك تخافين أن تفقدي ذاكرتك من جديد .. لكن فيليستي قالت ان هذا غير وارد .
- وهل كلمتها عني ..؟
- أجل .. إنها تعتقد أن صدمة وفاة والدك وحبك العنيف الأول , ممتزجا مع تحررك من وهم , إضافة إلى رحلة جوية مرعبة .وضربة قوية على الرأس يوم وقوعك على الدرج , مجموعة كافية لفقد الذاكرة .. لاكن مستحيل أن تتكرر .
ابتسمت عندما سمعت كلماته الجافة , لكنها لم تلي ثان استرخت في مقعدها , فحرك السيارة من جديد , وسرعان ما كانا يمران تحت ظل الأشجار باتجاه الجون الصغير القابع حالما تحت السماء .
حين خرجت لورا من السيارة , تنفست عميقا تستقبل الإحساس بهمس الأمواج , وبمداعبة النسيم الدافئ الذي كان يرفع شعرها عن جانبي وجهها .
- أتودين السباحة ؟.
- لا .. ليس بعد .
- أذن تعالي نجلس على الشرفة .
نسيت الآن رعبها ., وبدا سايمون مسترخيا .. بعد قليل قبلت زجاجة مرطبات مثلجة واستلقت على كرسي طويل متسائلة :
- كيف عرفت بمكاني سايمون .؟
- أخبرتني روزماري .. كانت تعرف فقط أنني تزوجت , وأن زواجي لم ينجح , لذالك لم يكل لديها فكرة عمن تكونين . لكنك أثرت اهتمامها , فذكرت في أحدى رسائلها وتحدثت عن فقدانك الذاكرة .. لم أصدق في البداية , وظننت انك اخترت هذه الطريقة لإعادة الاتصال . وبما انه كان لدي عطلة قررت أن أقضيها هنا , متظاهرا بالوقع في أحابيل خطتك ثم أتركك .
- وما لذي جعلك تغير رأيك هذا ؟.
- غيرته حين أدركت انك فاقدة الذاكرة . عندما التقينا من جديد عند شاطئ
الجزيرة على وجه التحديد نظرت إلي بعينين فارغتين , فيهما حيرة وقلق طفل مهدد بذكرى كابوس . وجددت أنني لأستطيع أن اكره طفلا لا ماضي له .
- ورغم ذالك لم تكن رقيقا معي .
- لا .. كان علي إقناع نفسي بأنك حقا فاقدة لذاكرة .. كنت أحاول اختبارك منذ البداية .
- يوم اصطحبتني بالطائرة ؟.
- صحيح .. كنت أعرف خوفك من الطيران , وقد أقنعتني يوم ذاك ردة فعلك أمام الطيران . كنت قلقة لا كنك لست خائفة وقد حيرني الإغماء وفوجئت بأنك حائرة أكثر مني . وعندها تأكد بأنك فاقدة لذاكرة . لذالك قابلة الدكتورة مارلو فسألتها اذا كان تطفلي يؤذيك , فوافقت على مساعدتي وأعطتني بعض الأفكار .
- كأن تتودد لي ؟.!
ابتسم دون مرح :
- قالت إن إعادة أحداث الماضي قد تحررك , وبما أن توددي اليك لم ينجح قررت استخدام المجلة التي كانت مقتنعة بأن العقدة منها .
- وقد نجحت .. لماذا لم تذهب وتتركني وشأني سايمون ؟.! لكان هذا ارحم .
- سألتني عن هذا من قبل .. وأجبتك إن ليس في قلبي رحمة . لقد كنت نصف إنسان . أن التجارب والذكريات , مهما كانت مؤلمة وقاسية تعتبر نعمة من السماء .. تذكري ما كان بيننا لورا . تذكري أوقاتنا الطيبة !
فقالت مقطوعة الأنفاس :
- إنها ذكريات مرًة ...
أجبرتها يده غير الرحمية على الاستدارة إليه :
- لقد وقعت في حبي مرتين لورا .. فلا تنكري لأنها الحقيقة لكنك لم تتعلمي درسك , ففي المرة الأولى منحتني فضائل ما كنت املكها .. و غطيتي تجاوبك معي بسلسة من العواطف الزائفة سميتها حبا .. لقد تصرفت بطريقة لا أخلاق فيها ,. أما في هذه المرة تصرفت بطريقة أفضل قليلا . فرفضتني لأنك أحسست بأن هناك شيئا خاطئا .. ربما في المرات القادمة قد تجدين الأعذار التي ترغبين بها .. لكن ذالك لن يكون معي .. سأتدبر أمر طلاقنا حالما أعود إلى لندن .
- طلاق ؟ ... ألن يكون فسخ الزواج أسهل ؟.
- أجل .. لقد عرفت بالضبط ما أريد .. لقد سببت لي مشاكل كافية . وثمة طريقة واحدة لتعويض عن ذالك .وهو أن تعطيني ما حرمتني منه منذ أكثر من سنتين .. في ذالك الوقت ضننت أن هذا يساوي قيمة حريتي منك .. فلنر إذا كنت محقا .
لقد ألمها من قبل قتل حبها له ... لكنها لم تحس قط بمثل هذا الألم الذي تحسه الآن .. إنها تشعر وكأن سكينا حاد النصال يمزق قلبها .. فمطلبه البارد هذا ليس إلا انتهاكا وحشيا لكيانها وشخصيتها ... من قبل , دفع هذا العذاب عقلها الباطني إلى محوه من حياتها وكأن ذكراه سرطان سيقتلها .
صاحت به محاولة التحرر من ذراعية القاسيتين ..
- لا ......!
قال بقسوة :
- لم لا ؟. تعرفين انك تريدينني . والله يعلم إنني أردتك وما زلت أريدك ..
- إذا .... إذا ..! أصبحت زوجتك فعليا الآن ...
صمتت تفتش عن الكلمات لتفسر ما تعني فسألها :
- ماذا ؟.
- لا أظن إنني سأعود كما كنت أبدا .
تراخت قبضته عن عنقها .. وتمتم :
- لطالما جعلت من نفسك ضحية درامية ..وربما لهذا أروق لك .!
تمسكت بصلابتها تستدعي كل مقاومة لديها لتحارب مشاعرها :..
- بل أعني ما أقول .!
- هراء حبيبتي ... أنت تؤمنين بسخافات كهذه لأنك مازلت عذراء .
أخفت عيناها تعبيرا امتزج فيه الألم بالحب ..
- هل ستتركني ؟.
ابتسم قائلا :
- لا ... تركتك مره وكدت أموت إحباطا .. ولن أعيد الكرة ثانية .. تظاهري بأنك تحبيني .
تتظاهر ..!! وعلقت أنفاسها في حنجرتها ..
كانت طيور البحر تصيح .. تنادي بصوت رتيب وتساقطت أشعة الشمس عليهما من خلال أوراق الأشجار التي بدت وكأنها قطع نقود ذهبية .
نظرت لورا إلى الرجل النائم بقربها . إنها تحبه حبا لن يموت أبدا وهاهي تعي أخيرا آن لاشيء بقي لها في الحياة . الا اذا ....! وامتدت يدها الى بطنها .. ربما تحدث المعجزة ربما تظهر معجزة الحمل الخالدة .. ربما سيكون لها سلوى صغيرة في سنواتها السوداء القادمة .
- لم نفكر في هذا ... أليس كذلك ؟.
انتفضت انه دقيق الملاحظة كالعادة . راح يراقبها بتعابير غير طبيعية . فقالت بخشونة :
- إمكانية الحمل ضعيفة .
- ومع ذالك يجب ان نقرر منذ الآن مسؤولية من سيكون .
- لست أدري ما تعني !
- كم من الوقت سيمضي حتى تعرفي ما اذا كنت حاملا ام لا ؟.
- ليس قبل شهر .. لماذا ؟!.
- لأنني لن أسمح بأن يتربى طفلي بعيدا عن أشرافي .
أحست لورا بالحرارة بسب نظرته المتملكة .
- حسنا هذا سيعطيني شهرا لأركز نفسي معك .. أتظنينه وقتا كافيا ؟.
كانت على وشك البكاء إحباطا لا كنها تمالك نفسها وسيطرت على تعابير وجهها .
فاخر ما ترغب فيه آن يقرا ما في قلبها كما يقرا ما في ذهنها .
- علينا الذهاب إلى منزلك لتوضيب حقيبة ملابس لك كما عليك ان تطلبي أجازة من رب عملك .
- جلست لورا مصدومة :
- لا أستطيع ... ليس هكذا ..كان جورج طيبا معي .! لا أستطيع التخلي عنه هكذا !
- سبق أن تخليتي عني وكنت زوجتي لا موظفة عندي .! حسبتك دوم مبادئ لكنني عرفت الان ان مبادئك لا تختلف عن سائر الناس .
- تعني الناس أمثالك ؟.
ابتعدت عنه وهي تشعر بالمرارة :
- أنا لن أذهب معك سايمون .. فلا أخالني قادرة على تحمل المريد من عقابك .
- أهكذا كان الأمر ؟.
جعلتها لهجته الباردة الساخر ترتجف .. فردة الفعل الجسدية أهون من لهجة اليأس التي فتحت فاها تحت قدميها , ودون أن تتحرك .قالت :
- ربما نت على حق لا انكر ابدا انني أردتك .. لكنني لم أكن اشير الى هذا .
- الى ماذا اذن ؟
- الى سخريتك المهينة الدائمة !
- ألست خائفة مني ؟.؟
- ليس منك بمقدار ......
وعضت على شفتها .. فأدارها برقة لتواجهه .. كان يبتسم دون أي أثر للوحشية في تعابيره التي تخيفها , بل كان في نظرته حنان وشفقة .. وقال لها بهدوء :
- بمقدار خوفك من نفسك .. أعرف هذا صدقيني . كنت خائفة مني منذ سنتين . ولم أشأ تحطيم سعادتك , لكن لم يكن لديك أحد سواي . حتى كرستين لم تكن تهتم .. ولم يكن لك أصدقاء ليساعدوك . و استطع أراك تشقين طريقا واسعا نحو الهاوية .
- لذا تزوجتني ؟!
- لذا تزوجتك .
مضت عليها سنتان لم تفكر فيه البتة بل لم تتذكر أسمه حتى , لكنه كان دائما معها . جزاء من كيانها ككل خلية في جسدها . لقد تعلمت أن تحبه وأن ترضى بكل أخطائه ونواقصه .
حب (( امير الأحلام )) الجنون انتهى , وحل مكانه ألم ومشاعر أعمق على أساس أقوى وأصلب .. ذالك الحب الأول كان عندا و أنانية , كما هو الحب الأول دائما . الا ان ما تشعر به الآن شيء مختلف راسخ لذا مجرد التفكير في أنه سيلعب دورا ليس الا .
- لا تبكي لورا .. فالله يعرف أن الدموع لا تحل شيئا . وأنا لا أستحقها .
- أنا لا أبكيك بل أبكي نفسي .
- تبكين تلك الفتاة الصغيرة البلهاء ؟ لم البكاء عليها ؟ لقد تمتعت بحياتها . كانت صغيرة جدا لا تعرف الخطر الذي توقع نفسها فيه كانت بريئة بحيث لم تتأثر بأي خطر , اعلمي انه حتى لولا ظهور كرستين في تلك اللحظة بالذات , لما دام الأمر واستمر . مع الأيام كنت ستكسبين مني خبرة و حذراً .
كانت كلماته ضربة موجعه لقلبها , فسألته :
- كم من الوقت كنت ستمهلنا وقتذاك ؟
- سنتين أو ثلاثة . فلم يكن في نيتي تركك دون أن تتعلمي بعض التمييز .
- أنت تظهر كرستين وأصدقائها كأسماك قرش و ذئاب .
- يا حبيبتي البريئة إنهم كذالك . خليط من الأثرياء والمتطفلين والمنحطين . كان لكريستين نفسها سمعة تثير الاستغراب .
- لكن هذا لم يكن يزعجك .
- كانت جميلة , ومنحطة كأصدقائها . ولم أدع يوماً أنني أفضل منهم .
نظر إليها نظرة عميقة ثم أردف :
- كانت ستفقد اهتمامها بك مع الوقت , وما إن يعرف الجميع أنك ما عدت تهمينها حتى يسعوا إليك . وما أن يعرف الجميع أنك ما عدت تهمينها حتى يسعوا إليك . وما كنت لتكوني محظوظة في الحفاظ على براءتك أكثر من أسابيع معدودة .
- كان سيكون لي رأي بهذا الصدد !
ضحك ثم قست عيناه :
- يا حلوتي .. بعض زملائها ما كان ليتورع لحظة عن فعل أي شيء قذر .. كما أن هناك وسائل أخرى لإخضاعك .. المسكرات والمخدرات . وبعده الأبتزاز لتأمين وجودك حين يريدون .
- أنا ... لا... أصدقك .
- لا ... ؟ حسنا أنك حرة في رأيك . لكن أحد الأسباب التي دفعتني للزواج منك , هو أنني رأيت نوع الانحطاط الذي كان ينتظرك .
- هكذا أذن .. وأعتقد أن علي أن أكون شاكرة لك .
- ولكن هناك أسباب أخرى دعتني لزواج منك . فأنت جميلة و تعيشين لتنفيذ وعودك , على عكس بعض النساء .
- وماذا عن كريستين ؟
أطلت في عمق عينيه نظرة قبيحة .
- أمامك طريق طويل طويل فبل أن تصلي إلى مستواها .
عندما اقترب منها دفعت كتفيه بعيداَ عنها بكل ما أوتيت من قوة , كارهه نفسها لتجاوب عاطفتها معه .لكنه بابتسامه خالية من الشفقة أمسك بها فهمست وقد ضاقت بها أنفاسها :
- سايمون أرجوك ....
- أتتوسلين لورا ؟ أحب سماع توسلاتك فهي ترضي غروري . , يا ألهي كم من الغضب تملكني ! كنت أستلقي ليالي كاملة أخطط وأعد خطط الانتقام . وكان علي أن أعرف أنك قد ألقيت نفسك الى الجحيم كذالك .
- هل أحببت كرستين ؟.
رد بصوت ضجر ( لم تكن كرستين كما تظنين أبداَ ) .
حاولت الابتعاد عن محيط ذراعية ودفء أنفاسه بالقرب من عنقها وتوتر كل عضلة وعصب في جسمها . فا اختبرت موجات متتالية من الغضب الجارف وقاومته .. وقاومت لتتحرر منه , ومن مشاعرها وضعفها .
لكنه ضحك وجعلها تذعن له .
نهاية الجزء ..
انتظروا الجزء الأخير من الرواية بعنوان (9- العطاء الأخير )
9- العطاء الأخير .
كانت الشمس تميل نحو الأفق , حين أيقظها سايمون . ودون أن تفتح عينيها تمتمت باسمه :
- هيا .. استيقظي , إذا لم أنقلك إلى البيت الآن فستأتي الممرضتان لرؤية ما حل بنعجتها الصغيرة .
- لا أظنهما تفعلان ذلك .
- ألا تظنين ؟ فلنذهب أذن للسباحة .
رفعت جفنيها ببطء :
- الآن .؟
- ولم لا ؟ فأنت بحاجة لما يوقظك , فأذا أرجعتك وأنت على هذه الحال فستعرف حارستاك فوراَ كيف أمضينا وقتنا .
- ألن يعجبك هذا ؟
فضحك :
- ياحبيبة القلب .. لقد صنفتاني من النظرة الأولى واعتبرتاني زير نساء . وهذا لا يقلقني أبداَ . لكن قد تصابين أنت بالحرج . http://www.liilas.com/vb3