كاتب الموضوع :
dali2000
المنتدى :
الارشيف
________________________________________
الجــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــزء الثامـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــن
و كـــــــــــــــــــانت ليلــــــــــــــــــــــة العمـــــــــــــــــــــــر
.
.
.
.
.
.
.
ازدحام القاعه المقامة خلف بيتهم بالطاولات المأهولة ..
و توزع الخدم بينها لخدمتها ..
و الأضواء المشعه ..
.
.
.
وقفت على منصة العروس كالحلم ..
فستانها الناصع يتألق بياضا ..
و قد رفضت أن تدخل أية ألوان غير لون النقاء هذا..
ينسدل برفق على قدها النحيل ..
و شعرها الأسود تألق على قمت رأسها كالتاج و قد نثرت عليه حبات اللؤلؤ العاجية ..
و بدا وجهها الطفولي حلو الملامح يشع سعادةً انتقلت في الجو للحضور الذي شقت الابتسامات طريقها لشفاههم ..
فيما تدور بعينيها الواسعتين عليهم ..
.
.
انظري ..
كلهم أتوا ليشاركوك فرحتك هذه الليلة ..
.
.
مشت عائدة ببطء كملكة تعود لعرشها ..
و استوت على الكرسي الفخم بعد أن خيّل للبعض بأنها لم تكن تمشي .. بل تنساب هناك ..
.
.
كانت ترتجف باقة اللوتس الأبيض في يديها ..
متوترة بعض الشيء ..
و لكن لا يخفى على الجميع فرحتها ..
.
.
هذه ليلتك عذابة
فتألقي ..
.
.
.
.
.
.
.
.
و تنظر لها تلك بشيء من الاعتزاز و الفخر ..
تقدمت الآن لتعتلي المنصة ..
لتلفت ببساطة أناقتها المميزة الأبصار ..
كانت ترتدي فستانا ناعما بلون البنفسج حين تفتحه في الربيع ..
.
.
ابتسمت بخفة لشقيقتها الجالسة بهدوء ملائكي على الكرسي الفخم ..
- ها عذووب .. مرتاحة ..
تجيب بسرعه ..
- الحمد الله ما طحت ..
- ههههههههههههههه .. تخيلي طحتي .. صدق فضيحة ..
- مالت عليج لا تفاولين .. بعدين انتي ويهج .. الاعصار العيناوي ..
- هيه لا تسبين .. اكس كيوز مي قو تو هوم لنك ع العين ما تروم ..
- يا عمتي فكينا .. صدق فاضية .. انا ميته من الخوف ..
- هههههههههههههههههههه .. تبين شي ..
- وين بتسيرين ..
- بنزل العرب تبا تشوفج .. مابا أغطي عليج ..
- أونهااا .. عيل ذلفي ..
- ههههههههههه .. ما تيوزين حتى فعرسج .. يا الله تبين شي ..
- ظمانه ..
- أييبلج عصير ..
- وين ؟؟!! هنيه ؟؟!!
- هيه ..
- لا يوم بحدر البيت هاتيه ..
- خلاص ..
.
.
.
و تركتها لتستدير عائدة ..
فتصطدم عيناها برؤية الامرأتين اللتين تسلقتا للتو المنصة ..
كانت أم سلطان المسنة ..
و الأخرى تمسك بيدها ..
.
.
توقفن في الممر الخشبي العريض ..
لتقول المرأة لحمدة باسمة ..
- مبروووك فديتج .. عقبالج ..
.
.
ترد بآلية ..
تلك تستحوذ على تفكيرها ..
- الله يبارك فيج خالووه ..
.
.
لتواصل الامرأتين طريقهما نحو العروس
.
.
و عينا حمدة تتبع تلك بألم ..
لم كل هذا .. هي لم تخطئ ..
و لو أخطأت فهي أيضا تشاركها الخطأ ..
كم يؤلمها أن تصادف صديقتها دون أن تسلم عليها أو تتبادل معها الأحاديث ..
يصعب عليها ذلك و قد اعتادت من حسنا الملازمة لسنوات ..
هل حقا يستحق الأمر هذا الجفاء و المقاطعه منها ..
.
.
تعترف بأنها تأنقت الليلة و تألقت .. بدت مختلفة تماما ..
و تلك إشارة جيدا .. فقد أهملت نفسها طوال شهور ..
أما الليلة بدت فاتنة باللون الأحمر ..
لا تعلم هل كانت تنوي أساسا أن تتأنق في العرس .. أم أن حمدة استطاعت أن تصل شيئا كابدت الكثير لأجله ..
.
.
لا يهم ..
مظهرها الرائع هذا تغيير يسرها جدا ..
.................................................. ................................................
و يجلس هو الآخر على الكرسي الكبير المميز ..
لينهض بين الفينة و الأخرى ليسلم على المباركين ..
عيسى و محمد و ذياب يجلسون بجانبه الأيمين ..
و خال عذابة سعيد و وجه الشيطان ذاك على الجانب الأيسر ..
.
.
كان متوترا و قلقا ..
لو أخبره أحد قبل ستة أشهر بأنه سيتزوج ..
لسخر منه في وجهه ..!!
و لكنه اليوم يتزوج ..
يتزوج بفتاة أعجب بها لدرجة أنه إندفع طالبا يدها ..
و لم يتوقف الأمر هنا ..
بل المرات القليلة التي رآها فيها ..
و المحادثات التي دارت بينهم عبر الهاتف ..
جعلته يزداد تعلقا بها ..
.
.
و لكن كلمات ذاك الوسواس الخناس ..
تشعل في جوفه نيران لا تخمد ..
.
.
هذا حاقد ..
نعم حاقد .. لا بد أن عذابة هي من فسخ الخطوبة .. و أراد هو الانتقام ..
و الا هل هناك رجل عاقل يتحدث بالسوء عن أهله ..
تذكر سلطان لحظة قدومه ليسلم عليه ساخرا ..
(( مبروك يا النسيب .. الله الله فيها ))
لحظتها كاد سلطان يدق عنقه ..
شد على يديه بقوة و نظرة مهلكة متوعده تغشى عينيه الحادتين ..
.
.
التين لم تغفلا عن القلق الذي غشا وجه ذاك السافل و هو يقيم بنية سلطان الضخمة ..
.
.
.
.
.
- حووووووه النسيب .. لا تروح بعيد .. بعد شوي بتشوفهاا ..
التفت سلطان ليرى أخيها الأصغر مبتسما ..
ليرد الابتسامه بأخرى كاذبة تخفي ما توارد في خاطره ..
- لا تلومني .. الشوق و ما يفعل .. سلطان لا هنت .. عطنيه قلاص ماي ..
- فالك طيب ..
و سارع سلطان لاحضار كوب ماء له ..
.
.
فيما نفض الآخر رأسه بحزم ..
هذه ليلة زفافه .. و عليه أن ينسى جميع الأمور ..
شكوكه سيتبينها عندما يلتقي بها ..
الآن عليه أن لا يفكر بما يعكر صفو ذهنه ..
حمد ربه أنه نال قسطا من الراحه .. و تمنى لو أن عذابة حذت حذوه ..
ففي تمام الثانية فجرا سيستقلان الطائرة المتوجهه لكندا ..
ليقضيا شهر عسلهما فيها .. حيث سيستقران هناك لمدة ستة أشهر لا يقطعها سوى اجازة بعد الثلاث الأولى ..
حيث سيشارك هو في الدورة الجراحية التي بعثه المستشفى من أجلها ..
كان قراره بتقديم الزواج رغم ما واجه من صعوبة موفقا ..
فالتفكير الآن بقضاء ستة أشهر في الغربة وحيدا لم يكن يطاق ..
وجودها معه سيغير الوضع تماما ..
.
.
رأى سلطان مقبلا من بعيد بكوب الماء ..
ثم مد يده المرتعشة بالكوب ..
للتناثر قطرات من الكوب ..
- تفضل الشيخ ..
عقد سلطان جبينه .. و بدلا من أن يلتقط الكوب .. أمسك معصم سلطان ليشد عليه ..
بدت الدهشة على وجه الآخر ..
- خير النسيب .. انحولت و شليت ايدي بدال الماي ..
تجاهل سلطان ما يقول .. لينظر بامعان ليده .. ثم يطلقها ..
ما زال ينظر اليها ..
.
.
يشعر سلطان الصغير بالتوتر يضطرم في صدره ..
- آآ .. الماي بو مييد ..
التفت له سلطان ينظر للحظة قبل أن يلتقط الكوب منه قائلا بصوت هادئ .. يكاد لا يسمع من هذا الزحام ..
- سلطان ..
- لبيه ..
- لبيت حاي .. عندك السكري ؟!!
.
.
شعر سلطان الصغير بقلبه يخفق في حلقه .. ليقول بتوتر فشل في اخفائه ..
- لا .. ليش ..
- ايديك ترتجف ..
ابتسم بذعر مفسرا ..
- عادي ترانيه دوم كذيه يوم أبطي من العيشة .. و الله ميت يوع .. من الريوق ماشي طب ثمي ..
نظر له سلطان بامعان ..
- سير افحص زين .. حتى وزنك أحسه هب طبيعي ..
.
.
ابتسم مازحا .. يريد تغيير الموضوع ..
- شوه بتشتغل دكتور عليه فليلة عرسك ..
.................................................. .................................................. ......
كانت الحفل على وشك الإنتهاء فقد تم ادخال عذابة للبيت ..
حيث سيلتقطون الصور ..
و بدأ الناس في مغادرة القاعه المقامه في المساحه الخالية خلف البيت ..
.
.
.
كانت تلبس عباءتها و تحمل طفلتها في يدها ..
و تمسك بهاتفها النقال ..
لا تنكر أنها و لأول مرة تترد بالاتصال في زوجها ..
لا عجب .. فقد مرت شهور لم تلامس أصابعها تلك الأرقام المتتابعه ..
.
.
ترتجف أصابعها و هي تمررها على الرقم ..
و تنفض الغبار عن الأزرار ..
.
.
قبل الارسال ..
تمسح الأرقام في تراجع ..
ستتصل بأخيها ..
.
.
مر وقت قبل أن يجيب أخيها .. يحدثها بصوت مرتفع لتسمعه ..
- الوو .. هلا أم ذيااب ..
- هلا ذياب .. وينك ..
- الحين بييب السيارة من قدام .. لو سمحتي يأم ذياب جونيور .. سيري دوري أم ذياب العودة .. لا تبطن عليه ..
.
.
قوليها الآن ..
- آآآ .. ذياب .. برايك .. أنا بخلي أمايا تظهر لك .. أنا بسير ويا عيسى خبره انيه أرقبه ..
.
.
.
سرعان ما أحبطت ..
- عيسى بيودي المعاريس المطار ..
حقا كانت خيبة أمل قوية .. بدا الاحباط يملأ صوتها و هي تقول ..
- أهاا .. خلاص دقايق و ظاهرين ..
.
.
أغلقت الهاتف .. و تنهدت ..
من أعماق قلبها تمنت لو أن عيسى رآها بزينتها هذه ..
و لكن يبدو أن وقتا طويلا سيمر قبل أن يعود الى البيت هذه الليلة ..
.
.
فكرت بأن عيسى ليس الشخص الوحيد الذي أرادته أن يرى هذا المظهر الجديد ..
و لكن تلك لم تبد أي حركة قد تدل على أن ما حدث سيتم تجاهله ..
.
.
يبدو أن حمدة أصيبت في الصميم ..
و الا لما كانت قد تعاملت معها بهذا التجاهل ..
.
.
حسناً ..
تجرعي الآن حسنا ما سقيتيهم طوال الشهور الفائتة ..!!
.................................................. .................................................. ........
كان يقف في فناء البيت مع محمد و سلطان و عيسى ..
.
.
نبضات خافقه تتسارع في جنون ..
ثواني و يصل اليها ..
.
.
عيسى يغمزه ..
- بو مييد لا تبطي عليه .. الطايره ثنتين الفير و ما بترقبك ..
نظر لأخيه دون أن يرد عليه ..
حينما قال محمد ..
- بو ذيااب خلك هنيه .. بدخل المعرس و راد لك ..
- ع راحتك ..
دخلوا الثلاثة الى الداخل تاركين عيسى في الخارج ..
.
.
تنهد و هو يبتسم بخفة ..
من يصدق اليوم زواج سلطان ..
أخيرا ..
سيجد سلطان الاستقرار ..
.
.
.
.
.
.
.
.
لم يكن واعيا لتلك العينين التين تراقبانه خفيه ..
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
أما في الداخل ..
فقد وصلول الثلاثة للمجلس الصغير ..
و توقفوا عند الباب ليدخل هو أولا ..
.
.
.
.
.
كانت هي الآن تقف استعدادا لالتقاط صورة فردية ..
مواجهه للباب ..
أطراف الفستان الواسعه مترامية حولها ..
و تطلب منها المصورة ابتسامه ..
لم يكن صعبا أن تعطيها واحدة فرغم توترها الشديد ..
و حزنها البالغ على اقتراب لحظة المضي إلى البعيد ..
الا أن الليلة كانت حلما قد تحقق ..
.
.
ها هي الآن تبتسم بحالمية ..
.
.
ليفتح الباب بهدوء ..
فتلتفت .. تريد رؤية من يقف خلفه ..
و الابتسامة ما زالت على شفتيها ..
لتصطدم عينيها بتلك العينين ..
.
.
.
.
يشعر هو بجفاف حنجرته .. و انقباض معدته ..
.
.
تتسارع نبضات قلبه ..
يحاول اسكاتها بسرعه ..
.
.
قد تفضحه ..!!
.
.
تقف هناك أمامه مباشرة ..
رغم أن الابتسامة الحلوة اختفت الآن ليحل مكانها احمرار وجهها خجلا ..
الا أن ذلك لم ينقص من روعتها شيئا ..
.
.
شعر بأن قدماه قد شلتا و هو يقف عند الباب ينظر اليها بلهفة ..
و هي تنظر للأرض و الإحراج يتآكلها ..
أراد أن يتقدم ليمد يده فيلمس تلك الفتاة الحلوة ليتأكد من أنها حقيقية ..
أراد التأكد من أن تلك الصغيرة .. ليست مجرد خيال استحضره خياله في لحظة يأس ..
فرغم تجاوزها العشرين .. و ارتدائها ذاك الفستان الأبيض المنتفخ ..
الا أنه رأى فيها للحظات طفلة تنظر الى الأرض ..
تنتظر تقييم أحدهم ..
.
.
شعر بأحدهم يدفعه بيده على ظهره ..
و تبعه صوت سلطان ساخرا ..
- يا الله ياخي .. بتم تتأملها من عند الباب ..
ابتسم باحراج .. و قد أدرك أنه قد مضى وقتا لا بأس فيه هناك ..
.
.
لا يهم ..
هذه زوجته الآن ..
لا يمكن لأحد أن يعترض على ما يفعل ..!!
لذلك يجيب بغرور ..
- ما يخصك فيها .. الحين حرمتيه .. أطالعها ع كيفيه ..
إحمر وجهها ..
و بدت رغبتها في الاختفاء جلية ..
- أووونه .. بو جسيم اسمع .. من الحين يلغي صلاحياتنا ..
ابتسم محمد ..
- خلاص .. الحين ظامن عمره .. حصل لي يبا ..
ضحك سلطان الصغير ..
- صادق و الله .. بس رفيق .. اسمع ..
ابتسم سلطان مرغما ..
- عنلااتك رفيق ..
- ههههههههههههههه .. عيل .. شوه تبا خان .. المهم .. عذابة في عيونك حطها ..
محمد يبتسم و هو ينظر له .. لم يبدأ هو يتوصية سلطان على عذابة .. و لكن شقيقه سبقه ..
- هذي ختيه الغالية .. أمانة في رقبتك .. انا تعبان فيها .. كل ما تيي البيت بنشيك عليها لو شي عظم مكسور و الا ضرس طايح .. بنردها عليك تبدلها .. ما يخصنا ..
ضحك محمد و سلطان بشدة ..
فيما نظرت له عذابة بغضب فتوجه لها ضاحكا بوهن ..
و هو يشعر بجسده يرتجف بأكمله ..
لكن احتمل .. لحظات و ترحل شقيقته الى البعيد ..
ستمر ليال طوال قبل أن يراها ..!!
.
.
وضع ذراعه حول كتفيها و هو يبتسم و يسترضيها ..
- افاااا و الله زعلت العروس .. أنا اقوول لو سوا بج شي .. اهمسي .. سلطان يا خوية .. و ثانية وحده .. تلقينيه قدامج فكندا .. أعطيه بوكس يطيره البلاد .. و نتم انا وياج نتحوط ارواحنا هناك ..
عذابة بعتب ..
- يعني ما تبا تدافع .. تبا الحواطه في كندا ..
- هههههههههههههههههههههههههه .. ما يسد انيه بخدش أصابعي الرقيقة .. و ألاكم جونقر دفاعا عنج..
عقدت جبينها ..
- لا تسب ..
فانفجر ضاحكا بارهاق و هو يحتضنها ..
- هههههههههههههههههههههههههههههههه شوه تدافعين عنه يا لي ما تخيلين ..
.
.
تدفن وجهها في صدره و هي تبتلع عبرة خنقتها حزنا لا تدري لما ..
شعرت بأنها ستشد الرحيل بعد قليل إلى الأبد ..
شعرت و كأنها تراهم لآخر مرة ..
لم تدري لم همست لسلطان .. و تمنت للحظة بأن يسمعها محمد و هي تقول ..
- أحبكـــــــــــــــــــــــــــــــــــم
.
.
.
ارتجف قلب سلطان حين سمع همسة شقيقته المكتومة ..
و شعر لحظتها بلوعه تمزق روحه ألما ..
لم يضطر قط لفراقها .. و ها هي اليوم ستتركهم ..و لن يروها الا في رمضان القادم ..
تلك التي اعتادت على مشاجرته ..
كم سيصبح البيت مملا دونها ..
رفع رأسه للأعلى و هو يمنع تدفق الدموع الى عينيه ..
و ابتلع غصة ..
و ابتسم بألم ..و هو يمسح رأسها بحنان ..
ثم انحنى ليهمس في أذنها ..
- حتى نحن نحبج ..
.
.
.
.
.
و وقف الاثنين يراقبانهما ..
شعر سلطان بقوة علاقة عذابة باخوتها ..
.
.
أما محمد .. فابتسم بهدوء ..
سترحل طفلته اليوم ..
أصبحت تحت عهدة الغير الآن ..
.................................................. .................................................. .............
تسند رأسها للزجاج النافذة بهدوء ..
كانت أمسية مرهقة جدا ..
بذلت فيها الكثير من الجهد ..
نظرت لطفلتها الراقدة بهدوء في حضنها ..
تقضي أغلب أوقاتها في النوم ..
سمعت أمها تسأل ذياب عن أجواء العرس عندهم ..
فيما يرد هو عليها بحماس ..
.
.
تغير ذياب كثيرا ..
أصبح أكثر نشاطا مذ بدأ يدير عمله الخاص ..
تحسنت نفسيته ..
و ابتسمت و هي تسمعه يعلق مازحا ..
- هاا يام ذياب .. ما شفتي حد من الغراشيب لي يستاهلني ..
ضحك أم ذياب بأريحية ..
- الحين فيه ثنتين يقاللنهن أم ذياب .. شوف عمرك منوه تطري
- هههههه .. الثنتين .. كل وحدة تدور فصوب ..
- يا الله .. لو انته صادق .. فااااالك طيب .. من باكر البس عباتيه و أخطب لك شيخة البنات ..
- ما شا الله يمييه مستعيلة ..
.
.
و تتابعت الأحاديث ..
فيما أغمضت عينيها بتعب .. و غرقت في صورته و هو يقف في فناء ذاك البيت ..
الآن تدرك كم اشتاقت اليه ..
.
.
كادت تبكي حين فكرت بأنه قد يكون فات الأوان على ذلك ..
.................................................. ..............................................
تعلقت بشقيقتها باكية ..
- حمدووووووووه .. ماريد أسافر خلاص .. ابا اتم وياكم .. احبكم و الله ..
حمدة تمسح دموعها التي تغسل خديها حزنا ..
- خلاص عذوووب .. حتى نحن نحبج .. بس الحين لازم تظهرين الوقت تأخر .. ريلج يرقبج خاري ..
استمرت عذابة في البكاء .. و شاركتها أمها ذلك ..
- خليه يسافر بروحه و لو يباني ييني هنيه ..
- عذاابة .. عيب حبيبتي .. يا الله .. أبطينا ع الريال .. أمايا دخيلج لا تزيدينها ..
.
.
تركتها عذابة لترتمي في حضن أمها ..
- أماااايااا .. مابا سير ..
مسحت الام دموعها ثم نشقت متماسكة ..
- عذاابوووه لا تفضحيناا .. اظهري لريلج .. و خلج سنعه ..
و تهدج صوتها و هي توصيها ..
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
الآن تنطلق السيارة بهم نحو المطار ..
سلطان يجلس بجانب أخيه الذي يقود السيارة ..
فيما التزمت عذابة الصمت متألمة في الخلف ..
.
.
- عذابـــــــــــــــــــــــــــة .. مبروك ..
ردت عليه بصوت خشن من البكاء ..
- الله يبارك فيك
.
.
شعر عيسى بأنها حزينة .. فأثر البكاء واضح في صوتها ..
فقال بشيء من الجدية ..
- انزين يام عيسى .. بغيت أقولج شي بيني و بينج .. ابا وصيج ع خوية .. الله الله فيه.. تراه يخاف يرقد و الليت مبند .. اعرفها حركاتكن يا الحريم يوم تستفردن بالواحد تسونله أفلام رعب ..
ابتسم سلطان ..
- شكلك مجرب يا الحبيب .. ليكون حسنا بس مذوقتنك المر ..
.
.
لو تعلم يا أخي .. أي علقم أتجرعه منذ مدة ..
.
.
- لا .. انا ........................
.
.
.
.
.
.
.
.
و ببطء استطاع عيسى جر عذابة لحديثهم ..
لم تضف الا بضع كلمات خجلى .. و لكنه استطاع إلهائها عن أحزانها .. !!
.
.
و كان هو ممتن لأخيه بشدة ..
يعلم ماذا يفعل .. لقد اعتاد منه ذلك ..
.
.
و ما زالت القابعة في الخلف تسكن فكره ..
.................................................. ............................................
كان يستلقي كالميت على سريره ..
لا يشق الظلام إلا خيوط باهتة من أضواء ملونة علقت إحتفالا بأخته ..
.
.
كان المخدر قد أخذ مفعوله بالزوال ..
و أصبح يشعر بارتعاش يده الذي أصبح يلازمه ..
و بتعب فضيع يغزو أطرافه فلا يقوى تحريك اصبع ..
.
.
تلمع الحنقه أمام عينيه و هي مرمية ..
.
.
و تلمع دمعه مرهقة أقبلت ببطء ..
لتحتل مسكنها في عينيه الذاويتين ..
لم يجد في نفسه القوة على البكاء ..!!
ما الذي يفعله بنفسه .. الأمر فضيع ..
فضيع جدا .. يقتله ببطء ..
يقتله روحا قبل الجسد ..
أحيانا يتمنى لو يكتشف أحدهم الأمر ..
و لكن سرعان ما ينزع الفكرة من داخله ..
لن يستطيع العيش بدون هذا السم ..
سيمــــــــــــــــــــــوت ..!!
لقد أصبح جزءا من جسده .. يحتاجه كحاجته الهواء ..
.
.
يعلم أنه يضيع ببطء ..
يضيع و لا يعلم بذلك أحد ..
.
.
لن يجدوه ..
لـــــــــــــــــــن يجدوه ...!!!
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
و هناك هي في زحمة الأعمال ..
كان المكان في فوضى عارمة ..
و يبذل الجميع جهدا هنا لاعادة المكان لحالته الطبيعيه ..
تأمر هذه و تلك ..
و ترتب هنا و هناك ..
عقلها يعمل بآلية رهيبة ..
.
.
و قلبها أصبح منزوٍ في أعماق الجسد ..
خائفا من أن تدهسه قسوة الحزن ..
.
.
فقدت شقيقتها من الآن ..
.
.
.
.
.
ابتلعت تعاستها ..
و ابتسمت و عبرة تلمع في زاوية العين ..
نظرت للأضواء الملونة التي علقت على بيتهم ..
.
.
عذابــــــــــة ..
كوني سعيدة ..
.................................................. ..................................................
أوقف سيارته خارج البيت ..
كان قد أوصلهما للمطار و ودعهما ..
و عاد هنا ينشد الراحه .. فقد أرهق نفسه كثيرا ..
ابتسم بمرارة .. أي راحه قد يجدها هنا ..!!
دخل الى البيت بهدوء ..
كان البيت الصغير غارقا في الظلام ..
تقدم من غرفته ..
.
.
يعلم أنها ستتظاهر بالنوم كعادتها ريثما ينام ..
كي تقضي الليلة جالسة ..
لا يعلم سببا لهذا السهد ..
لم يعد يسأل ..
لم يعد يكلف نفسه عناء تلقي ردها الصامت على أي محاولة للكلام معها ..!!
.
.
تقدم من الباب ببطء ..
ليفتحه ببطء ..
و فور دفعه للباب ..
استقبلته دفقة هواء باردة محملة برائحة حلوة ..
ذكرته بالورود ناعمه ..
استنشقها بقوة .. لتسكره الرائحة ..
شعر بها تجري في عروقه ..
.
.
تقدم للداخل ببطء ..
.
.
كاد يقع على وجهه من الصدمة ..
اتسعت عيناه بدهشة .. هل أخطأ في الغرفة ..؟!!
.
.
و قفت مكانها .. لتتقدم نحوه ..
كان ذهنه مشتتا .. هل أثر التعب فيه لدرجة أنه أصبح يهذي ..؟!!
.
.
و لكن ابتسامتها ..
و هي تمد يدها لتأخذ عنه - الغترة - ببساطة شديدة ..
و كأنها لم تنقطع عن فعل ذلك لشهور ..
تطويها بصمت ..
و عيناه تتابعها بتوجس ..
.
.
لم يستطع النطق ..
ماذا .. هل غيرت رأيها و أعادت النظر في هجرها له ..؟!!
بعثت هذه الفكرة الغضب الشديد في نفسه ..
هل تنازلت الآن ..؟!! أم أنها كانت تطويه خلف النسيان و تذكرته ؟!!
.
.
وقفت أمامه ..
ينظران لبعضهما لبرهه ..
كان الشوق يلوح خلف عينيها الجميلتين ..
.
.
و لكنه لم يرد أن يرى شيئا الآن ..
لذلك استدار يعطيها ظهره .. و تحرك من مكانه بسرعه متوجها للحمام ..
تاركا اياها واقفة خلفه ..
.
.
جلست على طرف السرير ..
بدأ الخوف يدب في قلبها .. لا يريدها ..!!
لم ينطق بكلمة منذ دخوله ..
لم يعبر عن رأيه في زينتها له ..!!
و ها هو تركها هنا لوحدها ..
.
.
دقائق و يخرج من الحمام و هو ينشف شعره بقوة من الماء ..
و بصمت لا يطاق .. توجه نحو السرير الذي تجلس عليه ..
و أطفأ النور الذي بقربه .. ليغرق المكان في الظلام ..!!
.
.
و الصمت ..
.
.
يستلقي على طرف الفراش و يدير ظهره لها ..
اشارة على رغبته في النوم ..
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
كان صوت طقطقة عقارب الساعه يصل لأذنيه ..
و صوت أنفاسها ..
.
.
يؤرقه ..
.
.
و تمر دقائق طوال لا يزور النوم جفنيه ..
.
.
و ظن أن الليل على وشك الانتهاء ..
و قد قارب الفجر ..
فلابد أنها الثالثة و النصف صباحا الآن ..
.
.
عندها سمع شهقاتها السريعه المتتالية ..
ليتجمد في مكانه بصدمة حقيقية ..
.
.
أشهر مرت و لم يرى دمعه واحدة تنزل
دمعه قد تعطيه اشارة بأنها ما زالت حية .. و ليست مجرد جسدا يعيش بلا روح ..
و ها هو يسمع نشيجها الخافت .. و هي تحاول كتم صوتها ..
أغمض عينيه بقوة .. لا يريد أن يخضع لرغبه خائنة في أن يواسيها ..
.
.
و لكــــــــــــــــــــــــــــــــــــن ..
.
.
استدار نحوها ببطء ..
و ها هو يجذبها ليحتويها بين ذراعيه ..
.
.
تنفجر الآن باكية بصوت عالٍ ..
لم يتكلم .. لم يحاول أن يهدئها ..
كان مرتاحا بأنها وجدت طريقة لإفراغ مشاعرها ..
استمر صامتا يحتويها .. سامحا لها بالبكاء ..
.
.
.
.
و شعر بهدوء يسكنه ..
طمأنينه .. لم يشعر بها منذ شهور ..
.
.
رغم أنه على ثقة بأنه ما زال هناك الكثير لاجتيازه ..!!
.................................................. .................................................. .........
يستلقي هو في الغرفة المجاورة ..
في الظلام و هو يخايل طيفا باسما مر عليه ..
.
.
أَ يا صديق .. ذكرتني هذه الأفراح بك ..
و أردت أن يكون هذا اليوم يومك ..
جعل الله لك الفردوس مستقرا .. و حور العين خير زوجا ..
.
.
.
لم يعلم لما تراوده الذكريات اليوم ..
و كأنما تكاتفت عليه لتحرمه النوم ..
.
.
ثم تذكـــــــــــــــــــــر ....................
.
.
.
.
.
.
كيف نسي أمرا مهما كهذا ..!!
.
.
انتظر لا تتسرع ..
كيف ستصل لذلك ..
.
.
سرعان ما تشرب الاحباط ..
قبل أن تلمع في ذهنه فكرة ..
.
.
نعم ..
قد يستطيع حمد مساعدتي ..!!
.................................................. .................................................. ............
.
.
.
.
.
.
.
دلفت و عينيها المرهقتين تجولان فيما حولها .. تحاول استيعاب المكان ..
تمتد الشقة الواسعة أمام ناظريها .. بسيطة .. و أنيقة ..
تريح النظر..
.
.
كان الوقت عصرا ..
و حطت الطائرة قبل قليل بعد أن استغرقت الرحلة ستة عشر ساعة ..
قطعها توقف الطائرة في لندن ..
شعرت بأنها قد تقع على وجهها من التعب ..
.
.
سرعان ما رأته يدخل البيت حاملا حقيبتين كبيرتين ..
ليخرج مجددا ثم يعود ببقية الحقائب يحملها معه سائق سيارة الأجرة ...
لينقده أجره قبل أن يغلق الباب خلفه ..
للحظات شعرت بالتعب يولي .. ليحتل مكانه خجل شديد ..
هذه أول مرة يختلي بها ..
.
.
.
.
كان هو ينظر لوجنتيها التي توردتا من البرد ..
و الارهاق البادي على عينيها الواسعتين ..
لم تنم خلال الرحلة ..
.
.
تنظر للأرض .. و يطول الصمت هنا ..
فترفع عينيها له ..
لتجد ابتسامه مطمئنه تحتل شفتيه ..
- يوعانه ..
.
.
بل تتضور جوعا ..!!
.
.
تجيب بخفوت ..
- هيه ..
- أنا بطلب عشا الين ما نتسبح و نبدل .. شرايج ..
هزت رأسها و عيناها لا تفارقان أرضية الردهة ..
مناها الآن هو أن تغتسل و تبدل تلك الملابس التي تثقلها ..
.
.
.
.
مشى الى غرفة في أقصى الصالة ..
و عيناها تتبعانه خفية ..
الى أن اختفى خلف الباب ..
.
.
تلك هي غرفتهم اذا ..
شعرت باحراج بالغ .. لن تقوى على اللحاق به ..
ستنتظره الى أن يخرج ..
.
.
.
.
.
أدارت جهاز التلفاز الذي لفت انتباهها حجمه المبالغ فيه ..
و خلعت العباءة التي ترتديها و غطاء رأسها ..
رغم دفئ الشقة النسبي .. الا أنها ما زالت تشعر بالبرد يسري في عظامها ..
تجاهلته قليلا و هي تتابع أحداث المسلسل بعين لا ترى ..
رفعت قدميها و هي تشعر بالبرد في أطرافها ..
.
.
لديها جوارب صوفية في حقيبتها أحضرتها تحسبا لهذا ..
لابد أنه الآن في الحمام .. ستأخذها ..
.
.
.
.
.
.
.
تقدمت نحو الغرفة ..
و حين وقفت بالباب ... شهقت بخفة حين رأته يقف عند طاولة الزينة ..
يوليها ظهره .. و هو يمشط شعره ..
.
.
حين سمع شهقتها الخافتة التفت بسرعه ..
.
.
.
.
عندها رأته عذابة ..
لتطلق صخة قصيرة مذعورة .. قبل أن تكتمها بيدها ..
و شعرت بشعر جسمها يقف حين سرت قشعريرة على طول ظهرها ..
.
.
ثم أغمضت عيناها بقوة .. و هي تشعر بالدوار ..
هذا المنظر الذي تراه سيسكن مخيلتها طوال العمر .. !!
.................................................. .................................................. ......
.
.
.
.
تتمــــــــــــــــــــــــــــــــة
كانت الآن تجلس بجانبه في غرفتهما بعد عودته من الخارج ..
رغم الحنان الذي أظهره بالأمس .. الا أنه التزم الصمت الآن ..
بدا باردا ينظر للأمام دون أن يلتفت اليها ..
ماذا ؟!! .. هل ينتظر منها قول شيء .؟!!
نعم .. بالتأكيد .. فلا يمكنها التراجع عن هجرها له لأشهر ببساطة لتبدي رضاها ..
لابد أن مرارة سكنت روحه طوال تلك الأيام الماضية ..
قالت بصوتها المتهدج ..
- عيسى أدري انيه أهملتك الشهور لي طافت .. و أدري بعمريه كنت نكديه و جافة وياك .. بس ..
مدت يديها بعجز ..
- عيسى مادري شوه أقولك .. ماشي يعذرنيه .. بس الظروف لي انا مريت بها هب هينه .. صدمة ان بنتيه مريظة حطمتنيه .. انا ما أعترض على القدر .. لا و الله .. الحمد الله على كل شي .. انا راضية باللي كتبه ربي لي .. بس .. مادري كيف أقولها .. انا خايفة .. دوم خايفة .. كيف بتعيش .. كيف بتكبر .. بتكون شرات البنات لي فعمرها و الا شوه .. بتسير المدرسة ..؟!! .. بتكبر .. بتعرس ؟!! و الا ربي ما بيبلغها هاليوم ..
و بدت دموعها تنحدر مجددا ..
- يوم يت شيخة .. حسيت بالصدمة .. حسيت انيه ابا أكذب الخبر .. بس بعدين تعوذت من الشيطان .. مرات تيينيه أفكار انيه السبب في هالشي .. بس استغفر .. ابا أعرف .. بنتيه بتكون كيف يوم تكبر .. بتفكر شرات البنات .. بتحلم و تتمنى شراتهن .. بتحب ؟!! .. و الا هي غير ..
.
.
ما زال صامتا ..!!
ينتظر أن تنتهي من افراغ ما في قلبها ..
.
.
- لا تلومنيه .. أنا بروحيه مادري ليش اتجاهلكم .. أحسكم انتو طبيعيين .. هب محتايين شي .. بس هي مريظة .. تعرف ان الدكتور قال ان فيه احتمال 50% تكون عندها عيوب خلقية في القلب .. أنا أحبها عيسى .. أحب بنتي .. أخاف أرقد .. أخاف تغفى عينيه و تختنق شيخة و هي راقدة .. لا تعاتبنيه لنيه أشوفكم مكتفين .. هي منوه لها .؟!! .. لا تم صاخ .. ارمس دخييييلك .. أكره سكوتك .. ادري ان كل لي قلتلك ما يغفر ليه .. بس ..
و تهدج صوتها ..
- عيسى انته ريلي و كل شي لي في الدنيا .. مابا أخسرك .. اعرف انك يمكن ما تحملتنيه و ...
.
.
و بكت بلوعه الآن و هي تقول ..
- و دورت الراحه فمكان ثاني .. بس و الله انا آسفة على كل شي .. عيسى لا تخلينيه .. و الله أحبك ..
.
.
أغمض عينيه ببطء ..
المجنونة ..
لن يستطيع أبدا تركها ..
.
.
وضع اصبعه على شفتيها يسكتها ..
عيناها الممتلئتين بالدموع .. و شهقاتها المكتومة ..
- حسنا .. حسنا .. حسناا .. اوششششش .. ماريد أسمع هاي الرمسة .. ما بودرج يا الخبلة .. خلي افكارج الهندية هاي .. بعدين حتى كل الاعذار لي قلتيها ما تتبرر لي سويتيه .. الأزمة لي عشتيها كلنا عشناها .. بس ما طنشتج انا .. شيخة بنتيه بعد .. و أحبها .. المفروض كان طاوعتينيه و رحنا لدكتور .. و الا ع الاقل خبرتينيه عن لفكار لي فداخلج .. انا ريلج و ملزوم أساعدج في هالأزمات .. بس كل لي سويتيه انج أبعدتينيه عن الموضوع .. خليتينيه أحسن وجودي و العدم واحد .. الحين المفروض انا تجاوزنا الازمة ويا بعض .. بس لي أشوفه ان كل واحد منا سرح فطريق ..
.
.
الدموع ما زالت تخط الأخاديد في وجهها ..
- آسفـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــة ..
.
.
امسك رأسها بين يديه ليقبل جبينها ..
- لاعاد تعيدينها مرة ثانية .. - و ابتسم بمكر - و الا بسير ادور الراحه فمكان ثاني ..
ظربته على كتفه بسرعه ..
- بن عروة ..
- يخطبج ..
.
.
ابتسمت و هي تنظر له ..
- الحمد الله معرسة و خالصة ..
.
.
ابتسم و هو يتنهد براحة حقيقية ..
- و محد متوهق غيري ..
.................................................. .................................................. .......
كانا يستلقيان على السرير العريض في الظلام ..
و الساعه لم تتجاوز التاسعه مساءً ..
لكنهما انتظرا وقت صلاة العشاء ليقضياها ثم يخلدا للراحه ..
طوال أمسية كان الصمت هو الصوت الوحيد بينهما ..
.
.
بعد أن رأته في الغرفة لم تستطع التفوه بحرف ..
ما زالت الصدمة تهز كيانها ..
بعد أن رأت ندبة الحريق الشنيعه التي تغطي نصف صدره القوي ..
ما زال مرآها يرسل الرعشة في أطرافها ..
.
.
اللعنه ..
ليخبرني أحدكم ما الذي حدث لهذا الرجل ..!!!
.
.
كان الأمر فضيعا ..
لابد أنها من آثار الحادث .. كندبة وجهه تلك ..
.
.
تذكرت صرختها و ردة فعله السريعه عليها ..
اذ جذب بسرعه - الفانيلة - ليلبسها ..
لم تتوقع رؤية شيء كهذا .. و لكنها ندمت على ردة فعلها التلقائية تلك ..
فقد كان واجما طوال الأمسية .. و شاركها صمتها المحرج نوعا ما ..
الآن تحتقر نفسها على ما فعلت .. لم تزد الأمور الا سوءا ..
كم كرهت تلك اللحظات و هي تمر بطيئة ..
ها هو يستلقي بجانبها .. و صوت تنفسه المنتظم .. يدل على أنه مستغرق في النوم ..
هل اعتقد أنها مشمئزة من منظره ..؟!!.. لابد أن هذه الفكرة راودته ..
فهو تجنب طوال الأمسية محادثتها .. لم يلمس حتى يديها ..
طوال الوقت يعقد ما بين حاجبيه .. و شيء من الغضب يعلو محياه ..
هل أفسدت الليلة الأولى لهما معا ..!!
.
.
شعرت بتعاسة بالغة ..
تذكرت الآن أنها تبعد ملايين الكيلومترات عن أحبتها ..
.
.
لحظات .. و يغشى فؤادها الحزن ..
للتسابق عبراتها بالنزول في الظلام ..!!
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
و لم يكن هو نائم ..!!
كان يستمع لصوتها نشيجها ..
.
.
لطالما تسائل عما ستكون ردة فعلها عليه حين ترى صدره ..!!
.
.
ابتسم في الظلام ساخرا ..
لم تخيب ظنه .. لقد أثار ذعرها بمظهره ذاك ..
يبدو أنها تفكر الآن بأي مصيبة وقعت فيها ..
هل ندمت الآن على زواجها منه ..؟!!
.
.
.
.
.
.
.
و سمع صوت يعيد في أذنيه ..
((سطحية .. ما يهمها الا المظاهر ))
.
.
لهذا تبكي ..!!
لم يعجبها ما رأت ..
شعر بالقسوة تدب في روحه .. و للحظات استلذ صوت شهقاتها الخافتة ..
إنها ترى الأمور من منظور أناني .. تشمئز من شكله ..
دون أن تعلم أي آلام عانى منها .. أي أوقات قاسية عايشها ..
.
.
.
و بدت الشكوك الآن تدور في ذهنه مجددا ..
هل وافقت شفقة عليه ..!!
.
.
كان قد تجاهل تلك الأفكار و نسيها لساعات ..
و ها هي الآن تنهشه بقوة ..
.
.
.
.
ما زالت تبكي بخفوت ..
و ما زال يستمع لها بشيء من المرارة ..
.................................................. .................................................. .........
يجلسان على طاولتهما المعتادة في المقهى و ذياب يسرد الموضوع بحرص دون أن يغفل عن التفاصيل ..
حمد ينصت باهتمام ..
- فهمتنيه يا بو شهاب .. ابا أعرف اذا تروم الاسم .. العنوان .. أي شي بيدلنيه عليهم ..
بدا عدم الفهم حتى الآن على حمد ..
- ابا أعرف أول .. ليش .. شوه تبابهم ..
تنهد ذياب .. يبدو أنه لم يدرك شيئا رغم شعوره بأن الأمر واضح ..
- الحين هات لي المعلومات و بخبرك كل شي ..
نظر حمد بتحذير ..
- بو شما .. ترا الموضوع مسؤولية .. و فيه تعدي على خصوصيات الغير و فتح ملفات .. و خرابيط واايد ..
نظر له ذياب بقوة ..
- ماشي بيردك يا حمد .. بتروملها السالفة .. ما يبالها ..
.
.
كان التصميم على وجهه مرسوما بدقة ..
يريد هذا الشيء بقوة ..
سرعان ما لان حمد و هو يقول ..
- خلاص يا ذياب .. ما يصير خاطرك الا طيب .. بس يا ليت تتكتم ع الموضوع شوي ..
ابتسم ذياب براحه شديدة ..
- ما تقصر يا التحري .. بيض الله ويهك .. اسميك بتخدمنيه .. و صدقنيه ما بتندم يوم بتعرف ليش اباها المعلومات ..
نظر حمد له بشيء من الشك ..
- أتمنى و الله ما أندم ..
.
.
.
.
و لكن ذياب كان على ثقة بأنه لن يخيب ظن حمد به ..
هذا شيء تناسوه الثلاثة ..
حمد و سيف و ذياب ..
ليطري على بال الأخير في غفلة منه ..!!
.................................................. .................................................. .....
فتحت عيناها بتكاسل .. و هي تمط اللحاف لتغطي جسدها من البرد ..
للحظات لم تعرف أين هي .. ثم تذكرت ....!!
التفتت بسرعه الى الجانب الآخر من السرير ..
لم يكن هناك ..!!
.
.
بحثت عيناها عن الساعه ..
لتجد عقاربها تشير للثانية ظهرا ..
شهقت بذهول ..
لقد نامت قرابة الأربعة عشر ساعات دون أن تشعر ..
لم تصلي الفجر و لا الظهر ..
أنزلت قدميها من على السرير .. و هي تشعر بعظامها تؤلمها ..
تتوجه للحمام ..
ستتوضأ و تقضي صلواتها ..
ثم ستخرج للصالة لابد أنه هناك ..
لمَ لم يوقظها ؟!!
.
.
فتحت باب الحمام للتقدم من المرآه و تطالعها ..
راعها منظرها المهول .. شعرها الناعم تبعثر على وجهها ..
ووجهها الشاحب يميل للصفار .. عيناها منتفختان اثر بكائها أمس ..
كان مظهرها مريعا ..
فتحت صنبور المياه ليتدفق الماء البارد ..
فترش به وجهها و هي تشهق حين لامس بشرتها ..
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
تجلس في الصالة بتململ ..
لم يكن هنا .. متأكده أنه في الخارج في مكان ما ..
تعرف أنه قضى قرابة الخمس سنوات هنا .. فقد أتم دراسته في هذا المكان ..
لا بد أن هذا هو السبب لترشيحه لهذه الدورة ..
فهو يعرف المكان جيدا
.
.
تدير عيناها في المكان ..
هل كان يسكن هنا تلك الأيام ..!!
لا .. لا تظن .. فهذه الشقة لا تناسب عازب ..
.
.
نهضت من مكانها ..
تدور في أرجاء البيت ..
توجهت أولا للمطبخ .. كانت تتضور جوعا ..
فالتوتر الذي ساد العشاء الأمس لم تستطع خلاله ابتلاع لقمة ..
.
.
خيّب جوعها منظر البراد الخالي و كأنه يسخر منها ..
أغلقته بشيء من الضيق ..
كان المطبخ خالي تماما..
تنهدت باحباط .. ستنتظر عودته ..
تناظر ساعة يدها ..
تشير للثالثة و النصف ..
أكملت جولتها في الشقة ..
هناك غرفتين اضافيتين ..
و حمام غير الحمام الموجود في غرفتهم ..
.
.
ارتمت على الأريكة ..
ماذا تفعل ..!! تشعر بالملل الشديد ..
قفزت من مكانها حين سمعت مفتاح يدور في ثقب الباب الرئيسي للشقة ..
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
أدار قبضة الباب يفتحه ..
ليدلف المكان ..
فتسقط عيناه عليها ..
كانت تقف بقرب الأريكة و هي تنظر اليه بطريقة غريبة ..
دفع الباب بيده لينغلق ببطء ..
.
.
ما زال يقف في مكانه ..
و عيناه تتركزان عليه .. لم يستطع الاشاحه بنظره ..
رغم أن أحداث الأمس تدور في ذهنه حتى الآن ..
.
.
لحظات .. و تتقدم خطواته نحوها ..
عيناه لا تفارقان وجهها ..
.
.
بدت مشدوهة .. و كأنما هي موجودة هنا جسدا فقط ..
.
.
أما الروح فغارقة ..!!! ..
.
.
وقف أمامها .. لا يفصلها عنه الا بضع انشات ..
و تلك النظرة في عيناها لا تتغير ..
فيما يحاول هو جاهدا اخماد قرعات الطبول في صدره ..
وجهها الطفولي الصافي .. تتحتضنه تلك الخصلات السوداء المتمردة ..
و عيناها الواسعتين بدت كالبحر ..
شعر بنفسه يغرق ببطء ..
.
.
ينظران لبعضهما و كأنما يلتقيان لأول مرة ..
تشعر هي و كأنها نُوّمت مغناطيسيا ..
.
.
سرعان ما كسرت دائرة السحر تلك التي طالت لثوانٍ ..
ليقول بصوت أجش و هو ينظر للجدار خلفها ..
- صباح الخير ..
.
.
شعرت بالضياع للحظات .. قبل أن تعود لأرضها .. فتجيب برقة ..
- صباح النور و السرور ..
شعر بصوتها المبحوح يتغلغل في داخله ..
.
.
تبخرت الكلمات من ذهنه .. ما الذي سيقوله الآن ..
شعر بالحيرة .. كيف لها أن تؤثر فيه بهذا الشكل .. لم تكمل اليوم معه حتى ..!!
لكنها كانت من كسر الصمت هذه المرة ..
تنظر للأرض .. لماذا لا ينظر لها ..!!
- آآآ .. سلطـــــــــــــــان ..
.
.
.
شعر باضطراب في معدته و هو يسمعها تتلفظ باسمه في خفوت ..
- لبيـــــــــــــــه ..
رفعت عيناها له ..
- أنا يوعـــــــــــــــــانه ..
.
.
.
ثم مدت يدها للأمام بما يشبه الاعتذار ..
- المطبخ فاااضي ..
بدت للحظة كتلك الطفلة التي رآها بالأمس ترتدي الفستان العاجي ..
لتنم عنه ابتسامه حنونة ..
- ما عاش اليوع يا بنت سالم .. ببدل و بنظهر ننتغدا .. خلاف بنخطف السوبرماركت ناخذ أغراض المطبخ ..
ابتسامه حلوة تراقصت على ثغرها ..
.
.
.
.
.
لتنحبس الأنفاس في صدره ..
ما الذي يحدث له ..
إنها تأسره ..!!
.................................................. .................................................. ...
كانت قد انتهت من أداء صلاة الفجر للتو ..
تطوي احساسها الممزق و السجادة ..
لتنزع غطاء رأسها الكبير .. و تلقيه على فراشها ..
تتقدم من نافذتها المفتوحه .. لتطل من خلالها للأفق ..
ما زالت حلكة الليل متسيّدة هنا ..
سرعان ما سيأتي النور متفاخرا .. ليطرد آخر أذيال الظلمة ..
ليقبل الفجر البعيد في موعده ..
فيملأ الدنيا وهجا من الأمل ..
.
.
لا تلمسه ..!!
.
.
جلست على ركبتيها بجانب النافدة ..
عيناها تنظران الى البعيد ..
يتجاوز البصر سطوح البيوت ..
فلا يرى الشوراع ..
و لا يلتقط مرأى مآذن المساجد ..
و لا تطرف زاوية العين لسيارات قلة دبت فيها الحياة ..
.
.
و تعلو على قمم الجبال المظلمة في الأفق ..
فلا يكون - حفيت - بأضواءه المتعرجة في نطاق الرؤية ..
.
.
تنظر للبعيد ..
حيث يمكن أن يكون العالم مختلف ..
.
.
للبعيد ..
حيث تكون الحياة غير الحياة ..
.
.
للبعيد ..
حيث تختلف كل الأمور ..
.
.
للبعيد ..
حيث تصبح مشاكلها بلا معنى ..
و همومها بلا قيمة ..
و أحزانها مجرد أشباح واهية لا تقع حتى ظلالها عليها ..
.
.
حيث ستتحق الأحلام ..
و تتعالى ضحكاتها ..
حيث ستنقلب حياتها رأسا على عقب ..
لتعيش ما تمنت لسنوات ..
ليتغير مجرى حياتها للأبد ..
.
.
تنظر للبعيد ..
تحاول الوصول بعينيها لأرض خيالية ..
لم يكتفشها البشر بعد ..
و لم تدنسها الأحقاد ..
و لم تلوثها قذارات العالم و دناءته ..
.
.
.
الى أرض لا تعرف لها عنوانا ..
و لا تجد لها طريقا فتصل اليها ..
.
.
الى أرض لو كان لها أن تسميها ..
لأطلقت عليها ..
.
.
أرض المصير ..!!!
.
.
.
شعرت بهدوء غريب يدب في مشاعرها فيوهن قلبها ..
يعجز عقلها عن التفكير ..
فتود لو تعيش في هذا السكون الذي عم دنياها في ساعات الصباح الأولى ..
حيث استل الفجر سكينه ليطعن بها صدر الظلمات فتغرق السماء بلونها الدامي ..
تبشر بالنصر ..
تبشر بالنور .. و يوم جديد .. قد يحمل في طياته الكثير ..!!
.
.
هدوء مريح محبب .. تتمنى لو تغرق في الى الأبد .. فلا ينتشلها منه الا الموت ..
.
.
عندها لا خسارة ..!!
.
.
فمن هدوء .. إلى هدوء ..!!
.
.
ابتسمت بحزن و هي تجلس هناك وحيدة ..
قد يكون بعض الناس رقودا الآن ..
و البعض قد هب للذهاب الى عمله ..
و البعض مشغول في حياته ..
و كل ملتهٍ في شأنه ..
في تلك اللحظة تمنت بعمق ..
لو أن أحدا في الخفاء .. مستيقظ الآن .. يفكر فيها ..
و في الحزن الذي أصاب روحها ..
.
.
لو أن أحدا يعلم فقط ما الذي يجول في خاطرها ..
و أي وحدة حملت على عاتقها ..
.
.
و دفنت رأسها بين ركبتيها .. كالساجدة ..
لماذا يرحل الأحبة معا ..
عذابة تتزوج و ترحل ..
حمدة تخاصمها و تتركها ..
محمد مشغول و يلتهي ..
وسلطان .. و أمها .. و ... و .....
الكل هنا بهمهِ .. لا أحد في الدنيا مستعد لأن يحمل على عاتقه هموم الغير ..
أفلا تكفيه همومه ..!!
.
.
لقد اشتاقت لحسنا بشدة .. فلو كانت تحادثها ..
لأخبرتها لأي مدى اشتاقت لعذابة ..
و لأي درجة أصبح البيت خاليا بعد أن رحلت ..
و كم شظية انتثر قلبها و هي تشعر بالوحدة .. بالغربة .. بعيدا عن مجال تفكير الآخرين ..
.
.
حسنا ..
احتاجك صديقتي ..
فلما تديرين لي ظهرك ؟!!
.................................................. .................................................. ..
كان يدفع عربة المشتريات .. و ترمي بداخلها كل ما تراه ضروريا ..
يتبادلان الأحاديث الخفيفة بين الفينة و الأخرى ..
و تبتسم هي براحه .. يبدو أن ما حدث البارحه بعد ردة فعلها المبالغة اثر رؤيتها لندبته قد طوي مع الليل ..
شعرت بسعادة و هي تستمع لأحاديثه الممتعه و تعليقاته ..
و تنصت هي بحدة .. لا تريد أن تمر كلمة يتفوه بها دون أن تستمع لها ..
كان مختلفا تماما عن الأمس .. فبالأمس كان ملتزما بالصمت ..
و الآن بدا ودودا و مرحا .. شعرت بأنه أراد أن يدفعها للاسترخاء بطريقة ما .. و إمتنت بشدة لذلك ..
.
.
كان يدوران في جميع أقسام السوبرماركت العملاق ..
حين أشارت للمخبوزات ..
- سلطااان .. خبز ..
.
.
يدفع العربة حيث أشارت .. و استغرقت في انتقاء الخبز الذي سيبتاعونه ..
دون أن تعي لذاك الذي يتابع تحركاتها منذ أن دخلت هذا القسم من المحل ..
رغم عبائتها السوداء و غطاء رأسها الذي يخفي شعرها ..
بدت غاية في الحلاوة .. و ابتسامتها لا تفارق شفتيها على كل تعليق يلقي به سلطان ..
.
.
.
الأدهى أن اقترب أكثر من حيث يقفان ..
و نظراته الجريئة ان لم تراها عذابة ..
فقد التقطتها عينا سلطان الحادتين ..!!
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
دفعها بشيء من القوة الى داخل السيارة ..
ما زالت مصدومة .. لا تستوعب ما الذي حدث للتو ..
هل هو مخبول .. لماذا اشتعل فجأة غضبا ..
لم يكملا تسوقهما بعد ..
قام بجرها من هناك بيد .. و بالأخرى يدفع العربة ..
جلست مكانها تتنظر أن يدخل السيارة التي استأجرها صباحا ..
كان الضيق يحتل صدرها .. لم تستسغ تصرفه الغير لائق هذا ..
فما زالت تشعر بقوة قبضته تحيط بذراعها ..
.
.
عندما استقل السيارة كان الغضب لا يزال جليا على وجهه ..
انطلق بالسيارة دون أن يتلفظ بكلمة .. و لكنها لم تحتمل هذا ..
فسألت بشيء من العتب و الضيق بيّن في صوتها ..
- سلطان ليش ظهرتنا .. بعدنا ما خلصنا ..
لم تشأ أن تحدثه الآن عن الطريقة التي أخرجهم بها .. فالغضب ما زال يلوح عليه ..
.
.
و لكن ردة فعله زلزلتها ..
اذ صرخ بقوة و هو ما زال يركز على طريقه ..
- لااا و الله .. عايبنج الحيوان و هو يناظرج .. شوي و ياكلج بعيونه ..
.
.
ارتجفت .. اذا فقد رآه .. !!
لقد تجاهلته و هي تظن أن سلطان لن يشعر ..
و لكن لم كل هذا الانفعال .. لا يستحق الأمر هذا الصراخ ..
انه يبالغ ..
التفتت له تقول بسرعه ..
- انزين و اذا هالخايس يطالع .. أنا ما يخصنيه ليش تعصب عليه ..
نظر لها لحظة .. لترى ذاك الانعكاس الغريب الذي صدمها ..
تلك نظرة احتقار .. يعود للتركيز في الطريق و كأنما يلجم نفسه ..
.
.
لم تشأ أن تسكت ..
- سلطان ..
.
.
و لكنه صرخ مجددا يقاطعها ..
- لو انتي متغشية ما طالعج ..
.
.
كان صراخه يكاد يصم أذنيها ..
يبدو أنه يفرغ غضبه الآن فيها ..
.
.
شعرت بأنها على شفير البكاء .. أهذا هو الزواج ..
لم تتم يوما معه ..
و ها هي ترى جانبا من شخصيته لم تره من قبل ..
.
.
نظرت لأسفل بشيء من الضعف ..
قبل أن ترفع رأسها و تقول ..
- زين لو سمحت ماريدك ترمسنيه بهالاسلوب .. لا تصارخ ..
.
.
يبدو و كأنها في تلك اللحظة قد مست وترا حساس .. اذ سرعان ما انفجر فيها ..
- بصااااااااااارخ ع كيفيه .. شوووه بتسكتينيه ..
.
.
.
.
.
يا للهول ..
ما الذي حدث له ..!!
.................................................. .................................................. .
كان يتناول الافطار مع أمه في مكانها الأثيري الذي تلازمه دوما ..
تحت شجرة الليمون في البيت ..
و يراقب ابنته التي استلقت على بطنها أرضا و هي تلهو بالألوان ..
و تخربش الرسومات الذي لا يبدو منها شيئا ..
- شمامي شوه ترسمي ..
رفعت رأسها عن الأوراق و هي تقول بجدية ..
- ارسم سوراتمي و ريحة شعرها ..
- ههههههههههههههه .. كيف هاي بعد .. وين ريحة شعرها ..
عقدت جبينها و كأنها لم تجد اجابة ثم قالت ..
- ارسم سوراتمي تسوي غدا .. و داابي يلعب .. بعدين تقول غدا غدا .. اهاا و بعدين داابي يي يربع يبا ياكل ..
ضحك من قلبه على هذه الصورة المتحركة ..
- و انتي وينج ..؟
بسرعه تقول ..
- انا راقده .. انا وامااه راقدين .. صح .؟
و تنظر لجدتها التي تهز رأسها باسمة ..
- صح فديتج ..
تتابع باهتمام قصتها عن الرسمة التي يبدو أنها تحولت لفيلم سينامائي ..
- و داابي بس يباا غداا .. أهاا .. و هو يلعب .. و سوراتمي تقول غدا .. غدا ..
يقول ذياب ..
- و انتي ما تبين الغدا .. اذا تبين بوعيج ..
- لااااا .. انا تريقت و شربت حليب .. صح أمااه ..
تعود الجدة لتقول بابتسامه ..
- صح فديتج ..
- و اناا ماباا غداا .. و العصر .. بعدييييين .. انا بكون يوعاانه .. و عموووه بتشتري أسكريم ..
.
.
و تتابع قصتها .. بحماس ..
تحكي حكاية خربشة خطوط لا تميز منها شيئا ..
و لكنها تعني الكثير لها ..
و ينصت لها بحب كبير ..
.
.
حين انحنت أمه نحوه لتقول بحنان ..
- ذياب فديتك ..
- لبيه ..
تقول بصوت خافت ..
- يا أمييه .. انت الحين ريال طفت الثلاثين .. و تشتغل .. و الحمد الله مقتدر .. عندك بنيه يبالها رعاية .. ما تبا تعرس ..
ابتسم بهدوء .. كان يعلم أنها ستحدثه يوما عن ذلك ..
و لكنه استغرب من تأخرها ..!!
فكر في منيره زوجتها ..
.
.
لحظات و شعر بنسائم باردة تلفح وجهه برقة ..
و ابتسامته تعتلي شفتيه ..
.
.
رحمك الله يا منيرة ..
.
.
نظر لأمه التي تنتظر ردة فعله بلهفة ..
- شوه العيوز .. طاري العرس كثر هالايام ..
- ابا افرح بك فديتك .. ماعنديه غيرك ..
.
.
نظر للأرض بهدوء ..
- الوالدة .. خلاص فالج طيب .. تبينيه أعرس .. ما عنديه مانع .. بس هب الحين .. الحين تونيه بادي في شغليه .. و المشاكل وايده و الميزانيه بعدها ما استقرت .. خلي الموضوع فترة .. و يوم تتظبط أموريه .. ما يصير خاطرج الا طيب ..
.
.
اعتدلت أمه في جلستها و أخذت فنجان قهوته بفرحه خفية ..
لتملأه من جديد ..
.
.
حسناً ..
على الأقل لم يرفض هذه المرة كما كان يفعل قبل دخوله السجن ..!!
.
.
.
عاد يسأل طفلته ..
- شمامي شوه ترسمين ..
- ارسم عميه عيسى يمط لحية عمي سيف ..
.................................................. .................................................. .
يجلس في الصالة ينظر للشاشة التلفاز المطفأ ..
كانت قد اعتكفت في غرفة النوم منذ وصولهما ..
يشعر بالضيق و الذنب لأنه قسى عليها كثيرا ..
لكن كلما تذكر نظرة ذاك الحقير لها .. شعر برغبة عارمة تدفعه للعودة و البحث عنه و تحطيم وجهه ..
كان يلتهمها بنظراته النهمة ..
.
.
شعر بشيء يشتعل في جوفه ..
أول مرة يتعرض لمثل هذا الشعور .. و كأن أحدهم يعصر فؤاده بقوة ..
لا يريد لأي أحد أن ينظر لها ..
أكثر ما يثير غضبه هو رؤيتها الأمر بلا أهمية ..
.
.
يعلم أنه قد قسى عليها كثيرا ..
و لكنه لا يزال تحت وطأة ظنون تخنقه ببطء ..
أفكار و شكوك تعذبه ..
لقد قال ذاك أنها تميل لأي رجل جميل الهيئة ..
هل رأى منها ذاك الرجل تشجيعا ..
.
.
نفض هذه الفكرة .. يستحيل أن تفعلها ..
.
.
و لكن كلمات ذاك السافل تدور في ذهنه ..
لماذا فسخت خطوبتهما ..!!
و لماذا تجنبت عذابة الحديث عنها ..!!
هل تخفي عنه شيء تخاف أن يكتشفه ..؟
شعر بأنه على وشك الانفجار .. اذا استمر على هذا النحو ..
سيصاب بالجنون ..
.
.
نهض من مكانه ليتوجه نحو الغرفة ..
لا يعرف كيف سيتصرف .. لكنه رغب بالذهاب هناك و رؤيتها ...
.
.
.
لكنه فوجئ بها ترقد على الفراش و وجهها مدفون في المخدة ..
هل هي نائمة .؟؟!!
لا يظن .. فقد قضت نصف نهارها في النوم ..
اقترب ببطء منها .. و لكن صوت تردد أنفاسها المنتظمة كان يؤكد على أنها نائمة ..
.
.
تنام على بطنها .. و أنفاسها مكتومة في المخدة ..
و بدت غير مرتاحه ..
.
.
مد يديه بهدوء .. ليقلبها ببطء .. لا يريدها أن تستيقظ ..
قلبه يقرع بقوة ..
الآن تبين وجهها الملطخ بالدموع ..
نامت و هي تبكي .. لم يمر عليها معه سوى ليلتين ..
و فيهما دفعها للبكاء ..
كره نفسه في تلك اللحظة و هو يرى وجهها المحمر ..
كانت مستغرقة في النوم ..
و قد تساقطت غرتها على جبينها ..
.
.
ركع قرب السرير .. و هو يتأملها ..
شعر بالألم .. يكره أن يكون هو سبب هذا الحزن الذي يعتلي هذا الخيال ..
نظر لنقاء جبينها الأبيض يعانقه حلكة شعرها الداكن ..
و هي تغط في نومها و كأنها لن تستيقظ أبدا ..
بدت ملائكية بمنظرها هذا ..
كالحلم ..
ليست حقيقية ..
.
.
تاه في أراضي سحرها ..
لا يجد الطريق ..
و في الأفق أغنية قديمة تتردد كان قد سمعها في مكان ما ..
.
.
.
.
You're just too good to be true.
Can't take my eyes off you.
You'd be like Heaven to touch.
I wanna hold you so much.
At long last love has arrived
And I thank God I'm alive.
You're just too good to be true.
Can't take my eyes off you.
.
.
.
.
التقط يدها الرقيقة ..
بدت كفها في راحة يده الكبيرة صغيرة جدا ..
رفعها لشفتيه .. يطبع قبلة اعتذار عليها ..
تمنى من قلبه أن تنسى قسوته عليها ..
رفع عينيه مجددا لوجهها ..
ليصطدم بعينيها تراقبه..
.
.
هل أيقظها ..؟!!
.
.
ترقرقت ألماسة غالية في مقلتها ..
و ارتجفت شفتيها ..
.
.
ما زال راكعا .. و لكنه قرب وجهه منها ليهمس قرب أذنها معتذرا ..
- أنا آسف ..
.
.
تدحرجت تلك اللؤلؤة على وجنتها ببطء ..
لتمزق قلبه لأشلاء ..
مد أنامله يلتقطها بحنان يشوبه الذنب .. ما الذي فعله ..!!
- عذابي حبيبتي .. فديتج و الله .. لا تصيحين .. الا دموعج .. تذبحنيه ..
.
.
.
تسارعت عبراتها بتتابع .. نبرة الحنان هذه جعلتها تشعر برغبة عارمة بالبكاء ..
رغم ذلك لم تغفل عن النغزة القوية في فؤادها ..
لقد ناداها .. حبيبته ..!!
.
.
هل هي كلمة لاسترضاءها .. أم أنه حقا يحبها ..؟!
.
.
اقترب الآن يضمها لصدره ..
سمحت لنفسها الضعيفة أن تتنعم باحساس الأمان الذي أغرقها ..
شعرت و كأن الهواء انقطع عنها للحظات ..
قبل أن تعود أنفاسها تترد في صدرها بعنف الآن ..
.
.
.
رغم مشاعرها المتضاربة ..
الا أنها احست بالاضطراب أنفاسه على شعرها ..
.
.
.
.
.
.
Pardon the way that I stare.
There's nothing else to compare.
The sight of you leaves me weak.
There are no words left to speak,
But if you feel like I feel,
Please let me know that it's real.
You're just too good to be true.
Can't take my eyes off you. *
.................................................. .................................................. .......
كانا يجلسان في المسجد ..
سيف ينظر له بابتسامه هادئة و يقول ..
- كل يوم يا بو حمدان واحد منكم يشل عمره و يروح .. عبدالخالق الله يرحمه .. و حمد .. و ذياب .. و الحين انت .. سبحان الله .. الزمن يمر .. و حتى لي هنيه .. بس عابرين سبيل ييون و يروحون ..
رد بو حمدان و هو يشعر بمرارة في حلقه ..
- هاي الدنيا يا سيف .. تشوف عاد .. أول ما نيي هنيه .. نحس انا أغراب .. و خايفين .. و رافضين الوضع ..
مع الوقت نتعود .. يوم يظهر واحد منا من السجن .. نشوف الدنيا غريبة .. و هب متعودين عليها ..
.
.
و تذكر سيف أول مرة رأى فيها عبد الخالق .. و شعوره المر بالذنب ..
و يوم التقاءه بحمد و غرابة أطواره ..
و كيف استقبل ثلاثتهم ذياب ..
.
.
ليلتها جمعتهم زنزانة ..
و رقد كل منهم على فراش ..
و كل منهم كان يجهل ما يحمل المستقبل ..
هل كان ليتنبأ بأن حمد هو ضابط و سيكتشف أمره ..
أو أن عبدالخالق سيقتل من قبل حفنة الحثالة ..
أو أن ذياب سيخرج بعفو قبل المدة المحددة بسنة ..
.
.
أو
أنه سيجلس هنا عند - بو حمدان - يودعه قبل رحيله و يتذكر أؤلئك الذي رحلوا بلا رجعه ..
.
.
كم هي غريبة الأيام .. تتلاعب بنا كالدمى ..
نركض خلف الدنيا لاهثين .. كل يريد تحصيل ما قد تقع يده عليه ..
.
.
دون أن نعلم أنه لكل منا قد رسم قدر ..
نمشي معه ..
و لو أخلفنا طريقه ..
.
.
يعاكسنا ..!!
.................................................. .................................................. .......
* Can't take my eyes off you / أغنية لــ Frankie Valli
.
.
تتمــــــــــــــــــــــــــــة
كان العتب واضحا ينتقل عبر القارات لأذنيها من الهاتف و صوته يقول ..
- و الله انيه زعلااان عليج .. هاي ثلاث اسابيع خطفن و ما تتصلين بي و لا تتنشدين عنيه .. و لا كنيه لي مربيج ..
شعرت بالخجل منه .. كان محقا .. فمنذ زواجها الذي مر عليه ثلاثة أسابيع لم تفكر بالاتصال به .. كانت تتصل بأمها و إخوتها فقط ..
- اسمحليه يا خالي .. أدري بعمريه مقصره .. و متلومة فيكم .. بس انشغلت واايد ..
ما زال اللوم في صوته واضحا ..
- افاا يا بنت شمسة .. تنشغلين عن هلج ..
التزمت الصمت .. محرجة .. لم تسعفها الكلمات برد .. و كأنما شعر خالها باحراجها .. قال بصوت ما زال الخصام يترك أثرا فيه ..
- ما علينا .. خبرينيه .. انتي شحالج .. و شوه مسوية ويا العرس .. - ثم قال بنبرة لم تعجبها - كيف ولد ناصر وياج ..
.
.
شعرت بالضيق يعترم صدرها .. تعلم أن خالها حتى الآن ليس راضيا عن رفضها لابنه و زواجها من سلطان .. و لكنه ملزوم على الأقل بأن يحترمه و أن لا يتحدث عنه بهذه النبرة الغير محببة أمامها .. لذا بدا الاستياء واضحا عليها ..
- الحمد الله .. أنا بخير و نعمه .. و مرتاااااااحه .. و سلطان - و تعمدت أن تضغط على أحرف اسمه - محد شراته .. حاشمنيه و مريحنيه .. و ماشي قاصر عليه ..
قابلها الصمت المطبق للحظات من الطرف الآخر .. قبل أن يعود فيقول ..
- خلاص أنا ما بطول عليج .. و انتي لا تقطعيناا ..
شعرت بأنها خدشت شيئا ما هنا .. لذلك قالت بحنان معتذر ..
- لا توصي يا خالي .. و كل اسبوع بتصل بك .. كم بو خالد عندنا نتخبر عنه ..
كان صوته لا يزال مختلفا عما تعهد ..
- يا الله .. تحملي بعمرج .. فدااعت الله ..
أصابها الاحباط ..
- الله يحفظك ..
.
.
وأعادت السماعه الى مكانه ..
لتتنهد ببؤس ..
.
.
انتفضت حين شعرت بحركة ما خلفها .. لتلتفت ..
فتراه يقف خلفها بطوله الفارع ..
رفعت بصرها للساعه المعلقة على الجدار .. و عقاربها تشير للثانية و النصف ظهرا ..
هذا موعد عودته ..
نهضت من مكانها و هي تنظر اليه بخجل لم تتخلص منه حتى الآن ..!!
و كان هو يقف في مكانه لا يبعد عنها سوى خطوات ..
و قد علت وجهه نظرة باردة ..
لم تفهم سر هذه الواجهه الجليدية .. و لكنها أربكتها ..
لتقول و ابتسامه متوترة ترتعش على شفتيها ..
- مرحبــــــــــــــا سلطان .. من متى و انته واقف .. ما حسيت بك ؟؟!!
.
.
ما زال انعكاس الثلج خلف عينيه الحادتين ..
ليرد على سؤالها بسؤال ..
- امنــــــــوه كنتـــــــــــي ترمسيــــــــــــن ؟!!
.
.
سرت على طول ظهرها قشعريرة تجهل سببها ..
الآن زال الخجل الذي راودها لحظة رؤيته .. ليحل محله قلق ..!!
- خالي سعيد ..
.
.
رأته يضغط على شفتيه بقوة ..
و هو يقف مكانه .. لا يتحرك ..
.
.
لحظات ..
و للصمت ضجيج لا يحتمل ..
فتقطعه بتوتر ..
- الغدا زاهب .. سير بدل و انا بزهب السفرة ..
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
دقائق سريعه .. و ها هي تجلس على جانبه الأيسر حول طاولة المطبخ الصغيرة يتناولان الغداء ..
تنتظر منه أن يتلفظ بحرف كي يهز السكون الذي يسود المكان ..
و لكنه كان غارقا فيه حتى أذنيه لا يرفع عينيه عن صحنه و قد بدا عليه التركيز الشديد ..
تأملته و أحاسيسها تتدافع بقوة ..
كانت الندبة لا ترى من هنا .. و بدا وجهه من هذه الزاوية وسيما رغم أن هذا قلما يهمها ..
كان يشبه أخاه بشدة .. يبدو أن جرح وجهه خدش الصورة يوما ما ..!!
.
.
كانت في الثلاث الاسابيع الماضية قد اعتادت انخراطه في لحظات صمت محيرة ..
و أحيانا واجهت غضبه الثائر على ما لا يستحق في نظرها ..
باستثناء ذلك .. كان كلامها الذي واجهت به خالها صحيحا ..
اذا تجاهلت نوبات الغضب و الصمت المطبق هذا .. لوجدت أنها حقا سعيدة معه ..
سلطان شخص مميز تعلم أنها لم تلتق مثله قبلا ..
كان رجلا في نظرها بكل ما تحمل الكلمة من معنى ..
رجل في تصرفاته .. في شهامته ..
في عطفه و رحمته ..
في قوته الصامته ..
.
.
كم يعجبها أن تتحدث معه .. تستمع اليه ..
لم يكن يملك روح الفكاهة التي رأتها في أخيه .. و لكنه يستطيع ببساطة رسم الابتسامه على شفتيها ..
أما عدا ذلك فكان حقا شيئا آخر ..
.
.
يتغلغل في داخلها ببطء ..
برقته .. و سحر اسلوبه ..
و حنانه ..
قد تمر لحظات و تختلف نظرتها اليه ..
و لكنها سرعان ما تغير رأيها ..
فهو يعاملها بعناية شديدة و محبة لم ترها من قبل ..
كانت حرارة مشاعره تلفحها رغم أنه لم يبح لها قط بحبه لها ..
و لكنها كانت على يقين أنها قد تبوأت مكانة مميزة في قلبه ..
كانت تهيم في تصرفاته .. في أدق التفاصيل التي تعكسها شخصيته ..
يزداد تعلقها به يوما بعد الآخر ..
.
.
و ها هو الآن غارق في دوامة الصمت ..
تراقبه و هو يمسك الملعقة بأصابعه القوية باحكام .. و كأنما هو على وشك القيام بجراحه ..
انه متوتر .. !! لمـــــــــــــاذا ..؟
قررت أن تكسر حاجز الصمت هذا و هي تمد يدها و تمسك بيده و تقول برقه ..
- سلطـــــــــــــــــــــــــــــان ..
انتفض تحت لمستها .. و نظر ليدها التي وضعتها على يده لبرهه قبل أن يرفع عينيه لعينيها ..
.
.
ما زال الصعيق يلمع في عينيه ..
- نعم ..
.
.
تشتتت للحظات .. ثم ..
- بلاك ..؟!!
تابع طعن الصحن بملعقته و هو يقول بلا مبالاة ..
- ماشي .. رمستي خوالج ..
تنظر لجانب وجهه الأيسر بعد أن أشاح بوجهه عنها ..
- هيه .. يسلمون عليك ..
.
.
كانت متأكدة من أنها سمعت صدى استهزاء في صوته و هو يقول ..
- الله يسلمج و يسلمهم ..
أخفضت رأسها تنظر لصحنها و هي تشعر بالتوجس ..
كان الجو مشحونا تكاد تشعر بذلك ..
لذلك قالت بهدوء ..
- خالي كان زعلان عليه لنيه من عرست ما اتصلتبهم و لا تخبرت عنهم ..
.
.
.
.
.
.
.
.
.
ارتجفت الملعقة في يده و هو لا يزال يصر على أسنانه ..
كان كتمان غيظه الآن يفوق قدرته .. ألا تكثر الحديث اليوم عن أخوالها ..؟!!
قال بهدوء ساخر ..
- شوه شكلج اشتقتي لخوالج ؟!!
شعر بالغيظ حين ابتسمت و هي تقول بحالمية ..
- وااااايد .. خواليه شرات هليه .. هم مربيناا ..
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
(( انا كنت خاطبنها قبلك و ودرتها ))
لقد قال له بأنه هو من تركها .. أَ كانت هي متمسكه به .!!
شعر بحرقه تسري داخله .. لمَ لم يفكر بذلك قبلا .. ؟!!
هو من تركها .. لذلك لم تخبره بأنها كانت مخطوبة قبلا ..
لابد أنها خائفة من شيء ما .. من أن يعرف شيئا لا يجدر به اكتشافه ..!!
.
.
أكثر ما مزق فؤاده هو الحنين الذي انساب مع كلماتها .. تشتاق لهم ..
هل تقصد بأنها تشتاق اليه ..؟!!
تشتاق لخطيبها السابق ..!!
.
.
نهض من مكانه بقوة دفع إثرها المائدة قليلا الى الأمام ..
يكاد ينفجر و هذه الفكرة تدور بخبث داخله ..
هذه الخواطر تراوده منذ تزوجها .. يشعر بأنه أصبح مهووسا بهذه الظنون ..
نظر لوجهها الحلو و الدهشة جليه عليه .
صوتها المبحوح يتساءل برقة ..
- سلطان شفيك ؟!!
.
.
ارتجف قلبه .. كاد يضرب صدره بقبضته غيظا من هذا القلب الضعيف ..
دوما يخضع لهذه البراءة ..
هل هناك ما تخفيه تحت ستار النقاء هذا ..
نهضت الآن من مكانها لتضع يدها على ذراعه و التساؤل لا زال يغشى تلك العينين الواسعتين ..
- سلطــــــــــــــــــــــــــــــان ..؟
كان يشعر بأنه على وشك الانفجار ..
لا حل سوى المواجهه .. عليه أن يفاجأها لتكشف ما تخفيه ..
ينظر الآن بإمعان لوجهها البيضاوي الصغير ..
.
.
لا يريد أن يغفل عن أي خفقه من أهدابها ..!!
.
.
ثم رمى بكلماته في وجهها بشيء من الازدراء ..
- اشتقتي لخوالج ..
كان انعكاس التردد في عينيها يجعله راغبا في التراجع ..
يعلم أن سؤاله غريب ..
و لكنها أجابت بثقة ..
- هيــــــــــــــه
.
.
- و لخــــــــــــــــــــــــــــالد ؟!!
.
.
و ارتجفت شفتاها ..
و الصدمة جلية على وجهها .. كمن تلقى لكمة على أنفه ..
زعزعتها معرفة أن سلطان على علم بخطوبتها السابقة ..
تنظر الآن اليه بعجز و نظرة الاشمئزاز على وجهه تخيفها ..
لا تعلم من أي زاوية ينظر للأمور الآن ..
.
.
مبعثرة هي ..
لا تعلم بما عليها أن ترد ..
- شـ .. شوه قصدك ......؟
ابتسم ساخرا و كأنما توقع ردة الفعل هذه ..
- شوه قصديه بعد .. خطيبج لولي .. اتخبرج ما اشتقتيله ..
نظرت اليه بحيرة ..
هل يهاجمها الآن ؟!
.
.
.
- سلطان ما فهمت شوه قصدك ..
زمجر بقسوة ..
- قصدي واضح و سؤالي ما بعيده ..ليش ما خبرتينيه انج كنتي مخطوبة هاا ..
ارتعدت من هذا الوجه الحجري ..
- ما كان فيه داعي انيه أخبرك ..
وصل اليها بخطوة و أصبح الآن يقف مواجهتها بجسده الضخم .. و هو يقول بغضب ..
- ما فيه داعي تخبرينيه .. و الا ما تبينيه أعرف لي داستنه عنيه ..
.
.
عقدت جبينها .. ماذا يقصد ..
- شوه لي داستنه عنك ..؟
أمسك بذراعها و هو يرفع صوته ..
- انتي خبرينيه ..
.
.
هي شبه ضائعه هنا .. كان يتكلم بطريقه لم تفهمها .. و احتدام غضبه غير مبرر ..
- انا ما اعرف شوه قصدك .. و اذا انته زعلان لنيه ما خبرتك بالخطوبة لوليه .. هاي كانت خطوبة عائلية و ما استمرت أكثر عن ثلاث شهور .. خلاف فسخناها و كل واحد راح فطريقه ..
.
.
لا يزال غاضبا و قبضته تشتد على ذراعها بقسوة ..
تتجاهل الألم ..
- انا مادري انته ليش معصب ..
.
.
هزها بعنف و هو يصرخ ..
- شووووه بعد ليش معصب .. حظرتج عندج علوووم و ماضي و ريلج آخر من يعلم ..
ثم خفض صوته ليقول بنبرة أرسلت القشعريرة على طول ظهرها ..
- شوه تتسترين ع شي ما تبينيه ادريبه ..
.
.
تحاول افلات ذراعها من قبضته .. و منع دموعها من أن تهل مطرا الآن ..
شعرت بالضعف الشديد ..
- سلطااان عيين خييير .. انا هب مخبيه شي عنك ..
صرخ بقوة في وجهها .. صرخة تركت أذنيها تطن بالصفير ..
- عيل ليش ما خبرتينيه عن هالحيوان لي كان خاطبنج ..
ارتجفت بخوف ..
رغم ذلك .. شعرت بأنها لم تعد تحتمل الوضع ..
كان الوضع سخيفا بحق .. و أصبح يخرج الآن عن السيطرة ..
مـــــــــــــــاذا .. ؟ هل هو غاضب من شيء و أتى ليفرغ غضبه هنا ..
- شرات ما قلتلك من قبل ما كان فيه داااعي ..
.
.
ما زال يحكم قبضته على يدها فيما تتابع ..
- انته أصلا ضايق من شي .. و لقيت هالسالفة عسب تطلع الحره فينيه ..
انكمشت بذعر حين رأت الغضب الأعمى يتطاير شرارا من عينيه ..
ثم ألقت بكلمتها الأخيرة ..
- و بعدين ولد خالي هب حيوان ..
.
.
لمَ استطردت بالكلمات الأخيرة ..؟!!
هل شعرت بحاجة لاستفزازه .. أم أنها أرادت أن تعطيه سببا حقيقيا ليغضب .؟!!
كل ما أدركته في تلك اللحظات .. هو أن كلماتها الأخيرة كانت القشة التي قصمت ظهر البعير ..
اذ جرها نحوه حتى اصطدمت بجسده .. و اعتصرت قبضته ذراعها .. فشعرت بأن الدم لم يعد يجري فيها ..
و قال هو بصوت مخيف مكبوت ..
- شوه تدافعين عنه ..؟
.
.
همست و هي تشعر بالدموع تتدافع لمقلتها ..
- سلطان .. ودرنيه .. عورتنيه ..
.
.
و لكن يبدو أن رجائها لم يكن ذا جدوى اذ أنه بدا كمن لم يسمع شيئا ..
انحدرت عبراتها الألم و الخوف على وجنتها ..
و مد أصابعه ليلمس دمعتها التي شقت طريقها على وجنتها باحتقار عميق ..
- شوه هالدموع .. اشتقتيله .. ؟
.
.
شعرت بالألم يغزو روحها ..
لا تدري لما أحست بأنها لا تعرف هذا الرجل الذي يقف أمامها ..
كانت تعض على شفتها السفلية لا تريد الانفجار بالبكاء ..
.
.
هزها بقوة مجددا ..
فارتطم وجهها بصدره ..
وهو يعيد سؤاله و قد بدا الغضب المجنون يتعاظم في وجهه ..
- اشتقتيله .. ؟
.
.
هزت رأسها نفيا برعب ..
أمسك مؤخرة عنقها بيده الأخرى محكما قبضتها ..
و همس بوحشية ..
- كذابـــــه .. تحبينـــــــــــــه ؟!!
كان يجبرها على النظر الى وجهه الذي بدا في تلك اللحظات مرعبا لها ..
شعرت و كأن مسا قد أصابه ..
لا يمكن أن يتطور الوضع لهذه الدرجة ..
قال بصوت خائف متقطع ..
- سلـ .. سلطــان ...
كاد يغمى عليها و هي تشعر بأن ذراعها تكاد تقتلع من مكانها .. يبدو أنه لم يعد يدرك مالذي يفعله ..
اذ صرخ في وجهها ..
- قووووووووووولي .. تحبينـــــــــه ؟
.
.
في تلك اللحظات راودتها فكرة غبية و هي تكاد تفقد وعيها تحت وطأة الألم ..
ألم جسدها .. و الروح ..!!
فكرت بأن تخبره ما يريد سماعه ..
سيتركها ..
الآن هو ثورة في الغضب ..
.
.
عاد ليسأل بشراسة ..
- خبرينيه ..
.
.
أغمضت عينيها و هي ترد عليه هامسة ..
- انته مينووووون ..
شعرت بقبضته تشتد على مؤخرة عنقها ..
فعادت دموعها لتسيل ..
و تناهى لمسامعها صوته و هو يقول ..
- شوه ندمتي لنج وافقتي عليّه .. حنيتي له ..
.
.
الآن أصبح كل شيء يفوق قدرتها على الاحتمال .. فبكت و هي تصرخ ..
- هيـــــــــــه .. ندمت .. ليتني ما وافقت و خذتك ..
.
.
كانت تلك غلطة فادحه ..
.
.
لا تغتفر ..
.
.
انفجر الوضع في لحظة فقط ..
اذ اختلط الألم و القسوة في صوته و هو يهمس بحقد ..
- كنت أعرف انج داسه عنيه شي .. طلعتي بعدج تحبينه ..
.
.
ترك ذراعه للحظة .. و كادت تتهاوى ..
و لكن ذهبت راحتها أدراج الرياح حين شعرت بذراعيه تلفان حولها بعنف و هو يجذبها نحوه ..
.
.
شعرت بأضلعها تكاد تطحن و هو يحتضنها بقوة و كأنما يريد انتزاع روحها ..
كأنما يريد سحقها ..
أدركت أنه غاضب جدا ..
غاضب و لن يغفر لها ما قالت ..
.
.
.
.
.
.
.
و شعر هو بأنينها الباكي مدفون في صدره ..
فيما ما زالت النيران تستعر داخله ..
و تحرق كل ما هو جميل ..
ندمت لأنها تزوجت به ..!!
اذا لما .؟!!
لما وافقت على الارتباط ..
.
.
سمع كلمتها المكتومة و هي تقول بضعف ..
- سلطـــــان حرام عليك .. ارحمني ..
.
.
لن يرحمها ..
سيعرف كيف يذيقها مر فعلتها ..
دفن وجهه في شعرها و هو يهمس بوحشية ..
- ما نسيتيه و انتي حرمتيه .. انا بعرف كيف انسيج اياه ..
.
.
.
.
.
و شعرت عذابه بروحها واهنة كشمعة تذوي في آخر لحظاتها ..
و للحظات أدركت حقيقة راعتها ..
هناك شيء ما انكسر بينهما ..
لا يمكن اصلاحه مطلقا ..!!
.................................................. ...........................................
نظر اليها و هو يشعر بالغرابة .. لم يتوقع هذه الاجابة مطلقا ..
- حمـــــــــــــــدة ؟!!
هزت رأسها بألم ..
و تساءل هو ..
- منوه حمدة ..؟!!
عقدت حاجبيها ..
- ذياب شفيك .. حمدة بنت سالم .. ربيعتيه كانت دوووم تيينا البيت ..
ما زال لا يفهم أين هي المشكلة ..
- انزين و شوه يخصها هاي حمدة بسالفة الاكتئاب لي انتي في فيه ..
تنهدت بقنوط ..
- ذياااب هاي المشكلة بكبرها .. انا الحين الحمد الله بشهادة اليميع أحسن عن قبل .. بس عندي شي يحرق فواديه .. حمدة ربيعتيه من كنا صغار و عمريه ما فارقتاا و الا استوا بينيه و بينهاا شي .. و الحين تقريبا لنا شهر ما رمسنا بعض ..
- خيبه ليش ..
.
.
أخفض رأسها بخجل ..
- آآ .. تواقعنا ..
- انزين خبرينيه شوه السالفة ...
هزت رأسها رفضا ..
- كل لي أروم أخبرك اياه ان حمدة كانت تبا تساعدنيه و انا أذيتاا .. أدري انيه جرحتاا بس و الله انا ما كنت اقصد .. يعني لحظة غضب و طيش و عقيت رمسة و ندمت عليهاا .. مالي ويه أقابلها .. و الا اتصلبها .. و هي من يومها ما رمستنيه و الا يتنيه ..
.
.
تنشق هواء الليل و هو يسترخي أكثر على عتبات المدخل البالية ..
- و ليش ما اعتذرتي لها .. بتنتهي السالفة ..
قالت بضعف ..
- أخاف تصدنيه ..
.
.
نظر لعينيها مباشرة ..
- لو كانت صدق ربيعه .. ما بتخلي هالتفاهات امبينكم .. انتي حاولي و ما بتخسرين شي صح ..
.
.
صمتت و لم تتكلم ..
ما زال الخوف من التقدم نحو حمدة يعتمر قلبها ..
تعلم أن كلماتها تلك آذت حمدة كثيرا ..
هل ستغفر لها ؟!!
هذا ما لن تعلمه الا ان حاولت ..
.................................................. ...........................................
صفقت مصراعيّ جهاز الحاسوب المحمول بقوة ..
و هي تشتم بصوت عالٍ ..
- عنلاااااااتك من كمبيووتر ..
.
.
فكرت بأن عليها اسبداله .. هذه ليست المرة الأولى ..
.
.
تنهدت و هي ترفع شعرها بضجر ..
كان كل شيء حولها مملا .. مضجرا .. بلا طعم ..
مرت ثلاثة أسابيع عليها و هي حبيسة في البيت لا تخرج منه ..
عذابة تركت مكانها فجوة لا يمكن سدها .. و أصبحت تشعر بالفراغ هنا ..
و حسنا لم تتصل بها حتى يومها ..
و لم تجد هي في نفسها الرغبة في أن تباشر اصلاح الأمور .. متأكدة بأنها لم تخطئ ..
فكرت و هي تتجاهل الشوق الملح لتلك الصديقة بأنها ضيعت الكثير من الوقت سدى ..
فكل شيء حولها يدور في دائرة مفرغه ..
ملل .. ملل .. ملل .. ملل .. ملل .. ملل .. ملل .. ملل .. ملل .. ملل ..
.
.
و ارتجفت شفتيها .. لتعض عليها بقوة تمنع نفسها من الصراخ أو البكاء ..
لقد تعبت من ذرف الدموع .. تعبت من الشكوى .. من الاهمال ..
أتتها أوقات شعرت بأنها على شفير الجنون ..
عندها أدركت أن تفكير لن يفعل سوى إمراض روحها .. لذلك إتبعت التجاهل ..
جيد حمدة .. ها هو الحل .. تجاهلي احساسك .. تجاهلي رغباتك .. تجاهلي أحبتك .. الناس .. العمر ..
.
.
و حتى نفسك ..!!
قد تعيشين عندها بلا ألم ..!!
.
.
رغم أن محمد قد انتقل الى هنا بعد زواج عذابة تلبيه لرغبة أمها ..
الا أنها نادرا ما تصادفه في البيت ..
و أمها لا بد أنها خارجة كعادتها في هذا الوقت ..
تنهدت بأسى و هي تفكر .. تشعر بأن أمها بعيدة أميال عنهم جميعا ..
هي هنا لاشباع رغباتهم و متطلباتهم .. و لكنهم لا يشعرون بقربها و لا تدري السبب ..!!
سلطان بالتأكيد مع أصدقاءه الآن .. عقدت ما بين حاجبيها في تجهم ..
حقا لا يعجبني حال هذا الفتى ..!!
.
.
نظرت ببؤس ناحية الجهاز الملقى على سريرها ..
كانت ستقضي بعض الوقت بتصفح المواقع لو لم يتعطل ..
الآن كيف ستملأ وقت فراغها هذا ..!!
لو كانت تكلم حسنا لتوجهت اليها الآن ..
أو لـ ....
.
.
.
.
.
.
لا حمدة لا تفكري مجددا بشيء ..
و لا تتذكري .. و لا يأخذنك الحنين ..
.
.
نهضت من مكانها تنفض عن رأسها أية أفكار أوشكت على مراودتها ..
و توجهت للباب تبغي الخروج من غرفتها ..
.
.
تقف في الممر بين الغرف .. الى اين ستذهب الآن .؟!!
تأففت و هي تهم بالعودة لغرفتها .. حين خطر ببالها أن تستخدم جهاز سلطان ..
.
.
تمنت أن لا تكون الحجرة موصدة .. فهو دائما يغلقها ..
تقدمت لتحرك مقبض الباب .. ليصدر تكة و ينفتح ببطء لدهشتها ..!!
دلفت الغرفة بهدوء شديد ..
.
.
غضنت أنفها بشدة حين غمرها جو الغرفة ..
.
.
الستائر المسدلة بتعب .. و الأضواء الواهنة مضاءة تكاد لا تنير شيئا ..
و رائحة نتنة تفوح في المكان ..
جالت بنظرها حولها في الغرفة .. و هي تقلب شفتيها اشمئزازا .. عدا عن الجو الخانق كان عدم الترتيب يعم المكان كله ..
توجهت للنافذة لتفتحها و هي تتعجب من أن الخادمة لا تأتي لتنظيف هذه الغرفة ..
قامت بادارة مروحة الهواء لتساعد في تبديل جو الغرفة و هي تلتقط ثيابه الملقيه باهمال على الأريكة الوثيرة .. و الأرض ..
.
.
كانت تنظف بهمة و جزء منها مسرور لأنها قد وجدت ما قد تشغل نفسها به ..
و عندما انتهت لم تكن الغرفة في أفضل حال .. ما زالت بحاجة للكثير من المسح و الكنس ..
و لكنها بدت لائقة لأن تجلس فيها ..
نظرت لطاولة القراءة الخشبية التي استقر عليها جهاز الحاسوب بهدوء ..
و قد عمت الفوضى عليها ..
تجاهلت ذلك ..
و استقرت على الكرسي و أدارت الجهاز بسرعه ..
يمكنها أن تقضي بعض الوقت هنا .. الى أن تصل أمها من جولتها اليومية في الخارج ..
ظهرت أمامها واجهة سطع المكتب ..
و قبل أن تتصفح الشبكة العنكبوتيه فكرت بالتجول في الجهاز نفسه .. قد تجد شيئا يعجبها هنا ..
برامج أو ما شابه ..
كانت تتنقل من ايقونه لأخرى ..
حتى وصلت للمستندات ..
.
.
لامس رأس السهم الأيقونة الصفراء بنعومة ..
كليك .. كليك ..
.
.
و انفتحت أمامها النافذة ..
كانت المستندات مليئة بمجلدات مختلفة ..
.
.
.
.
و تناثرت الأسماء المختلفة أمامها ..
على غرار ..
( عوافي - صور ) / ( استعراضات الـ ... ) ..
بدأت في استعراض المجلدات واحدا تلو الآخر .. كانت صور و مقاطع فيديو لاستعراضات بالسيارات و سباقات ..
و صلت في الاخير لمجلد طبع عليه ( سلطان 1 )
فتحته لتجد أن يحوي عدة مجلدات أخرى ..
فتحت الأول ..
و ..
كليك .. كليك ..
.
.
و ها هي الصور كأيقونات صغير متراصة أمامها ..
لتختار واحدة عشوائية ..
فتفتحها ..
.
.
شهقت بقوة و هي تشيح بنظرها عن الشاشة ..
ضربات قلبها تتسارع و يدها ترتجف .. ماهذا ..؟!!
أعادت بصرها للشاشة و هي تكاد تتقيأ اشمئزازا ..
تنقلت من صورة لأخرى ..
كانت كلها اباحية .. ما زالت ترتجف من قمة رأسها لأخمص قدميها بعنف ..
لماذا يحتفظ سلطان بهذه الصور ..
من أين حصل شقيقها الأصغر على هذه الفضائح ..
.
.
شعرت بالدوار ..
للحظات أرادت أن تمسحها ..
و لكن لا ..
ستواجهه بهذه الصور ..
نهضت من على الكرسي و الجهاز لا يزال مدار خلفها ..
كانت ترتعش اثر الصدمة .. الصور فظيعه ..!!
جالت بصرها فيما حولها ..
ماذا لو كان سلطان يخفي لها مفاجأة غير هذه ..؟!!
الآن تتحرك بسرعه و الغثيان لا يزال يتدافع داخلها ..
تفتح الأدراج و تنثر الملابس .. و تنبش أغراضه كلها ..
منذ لحظات كانت تجد في ترتيب الغرفة الآن لا تريد الا خرابها ..
و ها هي أمامها على عروشها ..
لم تجد شيئا آخر .. كادت تخرج بسرعه من المكان حين خطر لها التفتيش تحت السرير ..
ركعت على ركبتيها و أخفضت رأسها تدسه تحت السرير ..
رغم الظلام لكنه كان يخلو من أي شي ..
أر ادت أن ترفع رأسها حين اصطدمت قمة رأسها بشيء ما بدا أن مخفي في باطن الخشب ..
أخرجت رأسها بسرعة و مدت يدها تتلمس ببطئ .. حتى لامست أصابعها السطح الخشبي الناعم ..
ميزت الزوايا المربعة للجسم المكعب لتنتزعه من مكانه بقوة ..
فينزلق بسرعه ليصطدم أمام عينها بالأرض و ينفتح ..
.
.
صوت اصطدام الخشب المكتوم بالسجادة الفخمة ..
و تناثر محتويات الصندوق عليها ..
.
.
و ساد المكان صمت مخيف ..
.
.
ارتفعت دقات قبها المتعاقبة في أذنيها بذعر ..
دق دق .. دق دق .. دق دق .. دق دق ..
.
.
و على ضوء أشعة شمس النهار ..
تلألأت القنينة الصغيرة الشفافة و السائل الرائق بداخلها بلمع ..
و لكن ليس ذلك ما أثار ذعرها ..
.
.
.
.
كانت الحقن الملقية بقرب الصندوق قد جعلت الرعب يلجمها ..
.
.
تلك حقا مفاجأة لم تتوقعها ..!!
.................................................. .................................................. ...
يجلس خلف مكتبه بهدوء .. و قد مضت نصف ساعه على انتهاء العمل ..
و لكنه ما زال بانتظار اتصال مهم يتعلق بطلب ذياب له ..
لم يتأخر قط منذ دخوله مجال عمله هذا في الحصول على أية معلومات ..
و لكن هذه المرة كان عليه اختراق ملفات دوائر أخرى للوصول الى ما يبغي ..
.
.
لحظات و سيصل الى ما يريد .. استطاع استعمال علاقاته في المرور للوصول الى ما يريد ..
.
.
أمسك بقلم يضربه بسطح المكتب و هو يفكر بذلك الآخر القابع خلف الأسوار ..
كان قد اشتاق اليه جدا .. و لكن ما يمنعه من الوصول له هو سبب قوي ..
و ليس بامكانه الذهاب لرؤيته الا في حالتين ..
.
.
أخفض رأسه و هو يتذكر تلك الأيام التي ولت بلا رجعه ..
أيام التقى فيه هؤلاء الثلاثة الذين أصبحوا مع الوقت جزءا منه ..
حصل في السجن على أصدقاء لم يستطع الحصول عليهم في الخارج ..
و شعر رغم ابتعادهم عنه ..
أحدهم في أطراف الصحراء .. و الآخر قد غادر الدنيا .. و لم يبقى معه سوى ذياب ..
رغم ذلك كان هناك خيط خفي يربطهم ببعض .. يجعله يفكر على الدوام بهم ..
.
.
هو على يقين بأنه سيعود يوما ليلتقي بذاك البعيد ..
أما الحبيب الراحل .. فقد دعى من قلبه أن ينزل رب العالمين رحمة عليه ..
.
.
كم يفتقدهم ..
و يفتقد ذكراهم ..!!
.
.
.
قطع انسياب خواطره صوت الهاتف الحاد يشق السكون ..
فيسارع في رفعه بهدوء ..
و يتعرف على المتصل ..
- حييه بو فلاح .. بشّر ...؟!!
.................................................. ..................................................
كانت تجلس في الصالة المظلمة و هي تضم ركبتيها لصدرها ..
و تنشج بصمت ..
.
.
عقارب الساعة تجاوزت الثالثة فجرا ..
و بينما تغفو المخلوقات مستغلّة ستار الظلام للراحه ..
تجلس هي هنا ..
غريبة .. و بعيدة عن كل عزيز ..
تتذوق طعم الدموع المالح ..
و لوعة العجز ..
لتنكأ جرحا حفر في روحها ..
.
.
لا شيء مؤلم و يدفعنا للبكاء و رثاء النفس أكثر من شعورنا بأننا مظلومين ..
و كانت هي على يقين بأنه قد حكم عليها ظلما من قبله ..
لقد حطم في ثورة غضبه المجنون الكثير من الأشياء الرائعة ..
و أبرز حقائق صدمتها ..
.
.
أولها جانب شخصيته القاسي الذي واجهته مجددا اليوم ..!!
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
و هو أيضا كان السهاد من نصيبه ..
لم يغفى له جفن رغم الارهاق الذي يغزو جسده ..
مكانها الخالي بجانبه يؤرقه ..
كان انفجاره اليوم خارج سيطرته ..
أعمته مشاعره حين سمعها تقول بأنها ندمت على الزواج منه ..
رغم أنها لم تبح بحبها لذاك الا أنها لم تقتل الشك في داخله ..
.
.
و هكذا يجلس هو هنا متظاهرا بالنوم بينما هي في مكان ما من البيت تداوي جروحها في الظلمة ..
شيئ واحد كان متأكد منه .. أنه آذاها اليوم جدا .. فقد كان واضحا عليها أنها متألمة و مجروحه ..
و ضع رأسه بين كفيه و هو يشعر بأنه يكاد ينشطر من الألم ..
ذلك الشيطان دق المسمار الأول في نعش علاقته بها ..
فهل سيخضع لما زرعه من حقد في داخله ..؟!!
نهض الأفكار عنه فهو يدور في حلقه مفرغه منذ بعض الوقت .. رفع الغطاء عنه ليخرج و يرى أين هي ..
لا يهم ما الذي سيفعله أو كيف سيتصرف الآن ..
أراد أن يرى إلى أي مدى حطم روحها هذا اليوم ..
أراد أن يعلم هل بامكانه مسح اساءته لها ..
.
.
.
.
خرج من حجرة النوم بهدوء شديد ..
لا يريد اصدار صوت ..
و لكن الصمت المطبق في أرجاء البيت كشف عن صوت الشهقات المكتومة التي تأتي من زاوية الصالة ..
ليرى جسدها الصغير المتكوم على الأريكة ..
شعر بأنفاسه تعلق في حلقه .. و أنه يكاد يختنق ..
.
.
تحطم قلبه و هو يسمع صوت نشيجها الهادئ ..
يتقدم ببطء في الظلام نحوها ..
لا يريد أن يخيفها ..
لذلك همس بخفوت ..
- عذابــــــــــــــــــــــــــي ..
انتفضت بغتة قبل أن تضم نفسها أكثر بخوف و تتعالى شهقاتها ..
شعر سلطان بنصل سكين يمزق قلبه بعناية ..
إنها خائفة منه ..!!
.
.
كانت تبكي الآن بصوت مخنوق يسمعه ..
تقدم من الأريكة نحوها ببطء ..
و مد يده نحوها فرآها تنكمش أكثر ذعرا ..
انحنى عليها بهدوء ..
ليلتقطها بخفة بين ذراعيه و يحملها كأنها لا تزن شيئا ..
و هي تغطي وجهها الباكي بيديها .. و شهقاتها تتردد قرب أذنيه ..
و ضعها في الفراش برقة ..
و جلس يمسح على رأسها بحنان ..
و شعور بالألم يكاد يقتله .. ماذا فعل بهذه الطفلة ..!!
كانت تبكي بصوت عالي .. فاقترب يضمها لصدره ..
و تزداد و تيرة بكاءها ..
فيهمس بصوت أجش ..
- حبيبتي .. خلاااص لا تصيجين ..
.
.
و طبع قبلة على جبينها شعرت بها و كأنها تقتلع قلبها من مكانه ..
و صوته الحنون الخشن يتردد في أذنيها ..
- و الله انيه آسف .. سامحينيه ..
.
.
كانت متألمة و مجروحه ..
لا تعرف كيف ستعيش معه و هو لا يثق بها ..!!
رغم ذلك .. بمجرد أن ضمها لصدره القوي .. غمرها ذاك الشعور الخائن بالأمان ..
و كأنما وجدت أخيرا ما تبحث عنه ..
لتدفن وجهها في صدره باكية ..
.
.
شعرت و كأن سيناريو ما قد تكرر هنا ..
.
.
لا يمكنه أن يعتاد على ذلك ..
يؤذيها و يخدش أحاسيسها ثم يعود للاعتذار ..!!
.................................................. .................................................. ........
كان قد وصل للتو من الخارج ..
يشعر بالتعب يدب في جسده ..
أطرافه كعادتها لا تتوقف عن الارتعاش ..
لذلك هو بحاجة لأن يرتاح.. كان عليه العودة الى هنا ليختلي بنفسه ..
.
.
البيت ساكن .. هذا ما اعتاده منذ رحيل عذابة ..
على الأقل كانت تجلس هنا هي و حمدة ..
و يشعر بالحياة تدب في المكان ..
أما الآن .. حمدة لا تفارق حجرتها ..
.
.
.
.
.
.
.
.
ها هو أمام باب غرفته يدير مقبضها بلهفة ..
و في اللحظة التي فتح فيها الباب علم بأن هناك شيئا غير طبيعي ..
فالغرفة غارقة في ضوء النهار ..!!
.
.
ثم انتفض متفاجئً حين اصطدمت عيناه بمرآهما و هما يجلسان على الأريكة الوثيرة بهدوء ..
حمدة نكست رأسها لا تنظر اليه ..
بينما وقف محمد على قدميه .. و الغضب ينضح من كل خلية في جسده ..
افترب منه ببطء ..
.
.
- سلطان ..
كانت هذه نبرة غريبة من محمد ..
هل يناديه ؟!!
يستفسر .. أم ماذا ؟!!
.
.
ثم أمسك محمد يده بهدوء .. رغم الغضب الذي شعر به سلطان ينضح منه ..
الا أنه كان بالغ الهدوء ..
أمسكه من يده و قاده للأريكة و أجلسه بجانب حمده ..
كان سلطان متعجبا ..
ماذا حدث ..؟!!
هل أصيب أحدهم بمكروه ؟!!
.
.
سرعان ما أتته الاجابه و نزلت على رأسه كالصاعقة ..
حين وقع نظره على الصندوق الخشبي الذي ألقي على الطاولة أمامه باهمال ..
و كشف غطاءه المفتوح عما يحتوي ..
الآن بدأ يرتعش بعنف من الخوف ..
و صوت محمد الهادئ يدوي في الغرفة ..
- سلطان شوه هالابر ..
.
.
التزم الصمت ..
يعلم أن سكوته لن يؤذيه ..
.
.
أعاد محمد سؤاله ..
- أنا أسألك .. شوه هالابر..
.
.
لا إجابة ..!!
.
.
و للمرة الأخيرة ..
- سلطان رد عليه .. شوه هالابر ..
.
.
و عندما رددت جدران الغرفة السكون هذه المرة ..
بدا أن خيط التعقل الذي يمسك محمد نفسه به قد انقطع ..
اذ انقض على جسد سلطان النحيل ليمسكه من تلابيبه و يرفعه عن الأريكة ..
ثم يلصقه بالجدار و هو يصرخ ..
- ارمــــــــــــــــــــس .. شوووووه هالابــــــــــــــــــــــر ..
أغمض سلطان عينيه بشدة و هو يكاد يبكي من الخوف ..
حمدة قفزت من مكانها و هي تكتم بيدها صرخة كادت أن تفلت منها ..
.
.
لحظتها شعر بشيء كاللهب يرتطم بوجهه ..
كانت هذه صفعه من محمد ..
الذي قال بقوة الآن ..
- بتقوليه شوه هالابر و الا شووه ..
.
.
عليه أن يخبره ..
يعلم أنها نهاية هذه القصة ..
لقد اكتشف أمره ..
لذلك قال بصوت أشبه بالحشرجة ..
- هذا أفيـــون ...
تجمدت محمد و على الشحوب وجهه ..
لو كان هذا المنظر في موقف آخر لضحك سلطان عليه فقد بدا أشبه بالموتى ..
.
.
ردد محمد بصوت غريب ..
- مخدرات ......!!
.
.
ثم أطلقه ليتهاوى سلطان في وهن .. كان يشعر بالضعف البالغ ..
عليه أن يتعاطى الجرعه الآن .. يحتاجها ..!!
.
.
و لكن محمد كان له رأيا آخر في الموضوع ..
إذ انهال ركلا عليه و هو يصرخ بجنون ..
- مخدرااااااات .. مخدرااااااات .. يااا السباااال .. شووووه كان ناقصنك .. شوووه قاصر عليك ..
حمدة تصرخ و هي تحاول ابعاده عن أخيه .. اذ بدا أن سلطان في حالة من التعب بحيث لم يستطع حتى الدفاع عن نفسه أو المقاومة ..
فقط كان يصدر صوتا ضعيفا باكيا ..
جعل شعر رأس حمدة يقف خوفا ..
.
.
و لكنه أبعدها بيده ..ثم رفعه مجددا من على الأرض ..
و صرخ فيه بلوعه دفينة ..
- ليييييييش .. ليييييييش ياا سلطاااااااااان ..
.
.
لم يبد على سلطان أية حركة ..
فسحبه محمد بشيء من العنف ..
و أخرجه من الغرفة .. يجره جراً ..
حمدة تجري خلفه لاهثة لا تريده أن يؤذيه ..
و لكنه وصل لغرفته ليدفعه الى الداخل و يغلق الباب خلفه و يدير المفتاح ..
.
.
أصبح سلطان الآن حبيسا لحجرة محمد ..
.
.
و وقف الأخير أمامها .. و هو يصرخ ..
- لاااا تبطلين الباب الين ما ارد .. و ما ريد حد يدري بالسالفة و الا لا تلومين الا عمرج .. تسمعين ..
ارتجفت خوفا و هي تهز رأسها ..
و غادر محمد المكان ..
تاركا حمدة واقفة أمام باب حجرته ..
تستمع لبكاء أخيها الأصغر و هو يصيح متوسلا ..
.
.
.
في هذه اللحظة ..
علمت حمدة أن الحدث الذي لطالما رجته قد أتاها على طبق من ألم ..
ها هو أخوها الأصغر قد تبين أنه مدمن في غفلة منهم جميعا ..
.
.
و تدرك جيدا أن الأمور لن تعود على ما كانت عليه ..
هذا حدث سيقلب حياتها رأسا على عقب ..
و سيغير مجرى الأمور الى الأبد ..
.
.
و هوت دمعة ساخنة من مقلتها ..
تعلن ابتداء همٍ آخر عليها أن تضمه للقائمة ..!!
|