كاتب الموضوع :
dali2000
المنتدى :
الارشيف
________________________________________
الجـــــــــــــــــزء الثالـــــــــــــــث
.................................................. .................
بعد مرور 6 أشهر ...
.
.
.
كان يلعب بفارق الكتاب الخشبي الذي نُحت عليه عبارة ( صبر جميل و الله المستعان ) و تعلو وجهه ابتسامه قلقة ..
كان عبارة عن قطعة خشبية .. كتب على الوجه الأول .. تلك العبارة المميزة .. و على الوجه الثاني رسمت وردة جميلة ..
- أكثر شي يخوفني .. ان بنتيه ما تعرفنيه يوم أظهر من السجن ..
كان يخبرهم و هم مستلقون كلن منهم في فراشه .. الساعة التي قام سيف بإحضارها و تعليقها على الجدار .. عقاربها تشير على التاسعة ..
- ليش كم عمرها ..
كان هذا سيف ..
- يوم دخلت 3 سنين يعني 7 سنين يوم بظهر .. تقول بتذكرني ؟!!
قال عبدالخالق ..
- يمكن .. عطني الفارق .. كانت ترمس ؟؟!!
رمى القطعة عليه ليضعها الآخر بين طيات الكتاب لتميز الورقة التي توقف عندها..
- هيه .. شوي .. يعني تزقر أمايا .. تقولي داب ..
و ابتسم بحنان و هو يتذكر وجه طفلته .. يرى ملامحها البريئة مرسومة على الجدار .. كم اشتاق إليها ..!!
ابتسموا الثلاثة و هم يرونه غارقا ..
- هههههههههه حووووووووووه ذياااااب .. وين وصلت ..
التفت ذياب إلى حمد ..
- وصلت العين .. آآآآه يني مشتاق لهااااااا ..
ابتسم حمد ..
- ع الاقل انته فيه أمل بنتك تعرفك .. أنا خوفيه يوم أرد تكون امايا قد نستنيه ..
و بدا الألم على وجهه ..
- ليش تنساك .. محد ينسى ضناه ..
كان هذا سيف .. الذي نظر إليه متسائلا ..
أجاب حمد بحزن ..
- الوالده يوم دخلت هنيه كانت عندها بوادر الزهايمر .. و أكثر ما يخوفنيه .. انه تمكن منها .. دوم أتخيل انيه حادر البيت .. و ألقاها تنشدنيه .. امنوه انا ..
بدا التأثر على الثلاثة .. قال عبدالخالق مواسيا ..
- ربك كريم ان شا الله ..
التفت حمد له ..
- و نعم بالله .. الا ما قلتلنا .. شوه أكثر شي يخوفك ؟؟؟!!
تمدد عبدالخالق على فراشه ..
- عندي و الله حايتين يخوفنيه .. الأولى .. إنيه ما أحصل لبنيه لي أهلها غابوا في الحادث ..
- شوه تبابها ..
- ابا استسمح منها .. اباها تحللنيه و ارتاح .. و الشي الثاني لي يخوفنيه .. و هو ان شا الله بحل مشكلته أول ما أظهر ..
ذياب و عينه على سيف الذي كان يقلب دفتر مهترئ بين يديه ..
- شوه هو ..
- أكثر شي يخوفنيه الوحدة .. ما أريد أبدا أموت و انا وحيد .. اول ما اظهر .. بدور بنت الحلال .. و بيرزقنيه ربيه ان شا الله بلعيال الصالحين .. لو بموت .. أبا حد يكون ويايه .. مابا أموت و أنا بروحيه ..
- خيييبة .. شوه هالنظرة المتشائمة ..
- ما حد يدري متى ساعته يا بو شهاب ..
- صدقت .. سيــــــــــــــــــــــــــف ؟؟!!
و توجهت الأنظار إليه ..
نظر لهم مستفسرا ..
قال ذياب ..
- شوه أكثر شي يخوفك ..
صمت سيف لبرهة .. قبل أن يقول بغموض ..
- أكثر شي يخوفنيه .. إن الكتب لي طلبتها .. ما توصل المكتبة يوم الثلاثاء ..
ابتسم عبدالخالق .. بينما بدت الحيرة على وجه حمد .. ذياب كان متأكدا الآن أن هناك شيء يثير رعب سيف .. و يرفض الافصاح عنه ..
استلقى على فراشه بهدوء ..
ستة أشهر مرت عليه هنا بعد تلك الليلة .. الحياة هنا تستمر ..!!
تشرق الشمس صباحا .. و تغيب مساءً .. لا تمنعها القضبان ..!!
و تتغير الفصول .. فيشد الصيف رحاله .. ليجرد الخريف أوراق الشجر .. و يأتي الشتاء .. ليجمد أشواقهم و الأصابع ..
ما زال مستمرا في الدورة .. يسانده سيف مشكورا ..
سيف ..
ذاك الشخص الذي ما زال لغزا له .. كأول يوم وصل فيه إلى هنا ..
سيف ..
شاعر بلا قصائد .. لم يسمع شيء من قصائده قط .. هل اللقب على سبيل المزاح .. ؟؟!!
لا .. فقد أكد له حمد أنه شاعر حقيقي .. رغم أنه لم يذكر شيء من قصائده .. بحجة أنه لا يحفظها ..!!
سيف .. رجل .. غريب حقا .. يبدو من أسرة ذات شأن .. رغم أنه لا يأتي أحدا لزيارته هنا ..
لم يره ذياب قط يستعد لزيارة .. مطلقا ..
كان قد تغير خلال الستة أشهر الفائتة .. أصبح يتحدث معه .. و يتجادلان .. يتبادلان الآراء .. و لكن .. هذا فقط ..
لم يخبره قط سبب وجوده في السجن ..
كان متأكدا أن السبب سيثير عجبه .. فسيف ليس بالرجل العادي قط .. ليس ممن يدخلون السجن .. كان رجلا مستقيما ..
و مع غموضه الشديد .. أحبه ذياب من قلبه .. فقد كان نعم المرشد و نعم الصديق .. و أصبح يشعر بالراحة أثناء جلوسه معه ..
أما عن عبدالخالق .. فهو كما هو .. انطباعه الأول عن هذا الشخص كان صادقا ..
رجل حقيقي .. و هذا يعني .. حقيقي في إخلاصه .. في أمانته .. في شرفه ..
حقيقي في حزنه .. و في احتوائه ..
لم يحلم قط .. و لم يطلب الكثير .. رجل واقعي يعيش يومه بيومه ..
هو بمثابة الأب لهم هنا .. بقوة إيمانه و إرشاده لهم .. الكل يحترمه .. حتى سيف يتلمس الحنان منه ..
هذا رجل أصبحت له بصمة في حياته .. لن تزول ..
فلم يتعلم الصبر قط كما تعلم منه ..
أمــــــــــا حمــــــــــــد ..
أخذ ذياب نفسا عميقا .. و هو يستعيد تلك الليلة الغريبة .. كانت أحداثها و ما زالت .. كالحلم ..
.
.
.
يقول بصوت مختلف تماما عن صوته الضعيف الذي يسمعونه دوما ..
كانت فيه نبرة قوة .. و ابتسامة غريبة تعلو شفتيه ..
- شكلكم ما بتودرونيه الين تعرفون السالفة .. خلاص شباب لي تبونه بيصير .. بس انتوا مسؤولين عن لي بييكم أو لي بيينيه ..
و ظل واقفا مكانه بثبات ..
لا تهزه نسائم الليل السارية ..
كانت الثقة تنضح منه .. مر بعينيه عليهم جميعا ..
الثلاثة يقفون خلف المصلى الكبير ..
الأبواب الخارجية على وشك الإغلاق ..
يختبئون خلف ستار الليل .. و لا شاهد عليهم سوى الخالق ..
و أشعة القمر الباهتة ..
عبدالخالق و قد بدا عليه التوتر ..
- حمد .. شوه السالفة ..
ابتسم مرة أخرى ..
- السالفة بتييك يا بو حميد .. ع شوه مستعيل .. الصبــــــــــــــــر .. إنته دوم توصينا بالصبر ..
زمجر سيف بقسوة ..
- ارمس اخيرلك ..
نظر إليه بثبات قبل أن يقول بهدوء ..
- أنا حمد عبيد خليفة .. نقيب في العمليات الخاصة ..
بدا وقع الصدمة جليا على الأوجه ..
- و أنا في مهمة الحين ..
و ابتسم ساخرا ينقل بصره بين الجميع ..
- و كان استمرت لو ما شافنيه بو شما ويا عبود ..
بدا عدم التصديق على وجه عبدالخالق استمر ذياب في فتح فاهه كالأحمق .. سيف الوحيد الذي استدرك الصدمة و علت ملامح وجهه الجمود .. تابع حمد ..
- كنت أروم أألف لكم قصة و تصدقونيه ..
صمت لبرهة قبل أن يقول بنبرة غريبة .. و كأنه هو ذاته يستغرب الأمر ..
- لكني ما اتعودت اكذب عليكم ..
و بدا إخلاص عميق في عينيه .. و هو يقول ..
- رغم الظروف لي جمعتنا .. إحساسي .. و مخوتيه لكم .. حقيقية .. ما لونها زيف المهمة ..
.
.
.
أخبرهم كيف أنه يدعي أمام عبود أنه مدمن .. ليزوده بالممنوعات .. حتى يصل لكشف الشبكة العاملة على تزويده ..
أخبرهم أنه في الليلة التي رآه فيها ذياب كان عبود يدس في يده الممنوعات ليدسها بين أغراض سيف .. ليوشي به ..
كان عبود يحقد على سيف بشده ..
أما حمد فقد استمر في انتحال شخصية الرجل الضعيف .. المتسرع .. الذي يجرح دون أن يقصد ..
و استمر أصدقاءه في كتمان ذاك السر .. كان الميثاق الذي يربطهم الأربعة قوي ..
شي تعدى الوصف ..
و عجزت أنا .. رسم حدوده بأحرفي على الورق .. !!
.
.
كانوا على أبواب الرحمة الآن ..
فشهر رمضان الكريم على الأبواب ..
سيكون بعد عدة أيام ..
لم يتخيل قط .. كيف سيكون و هو بعيدا عن داره .. أهله ..
لم يتخيله قط دون اجتماعهم على الفطور بعد أن تصر والدته يوميا على حسنا و زوجها بأن يفطروا في بيتها ..
لم يتخيله دون اللقيمات .. و الخنفروش .. و الشوربة المميزة .. و الساقو ..
لم يتخيله دون التراويح في مسجدهم المقابل بيتهم ..
دون الجلسة المعتادة بعد الصلاة تحت شجرة الليمون في - الحوش -..
لم يتخيله .. !!
كيف سيكون ..؟؟!
.
.
يعلم أن موعد لقائهم اقترب ..
و لم يدري إذا كان سيرى ابنته في أيام الزيارة أثناء العيد ..
كان عيسى يزوره وقت الزيارة كل شهرين مرة .. يزوده بالأخبار.. و بما يحتاج إليه ..
و ابتسم .. و هو ينظر مجددا لصورة صغيرته .. التي طلب من عيسى إحضارها ..
علقها على أحد جدران الزنزانة .. ليصبح و يمسي عليها ..
اعذري أباك يا صغيرة ..
اعذريه و ألقي اللوم على الشوق الجامح الذي يسكن جوفه ..
على المسافات التي تفصل بينكما ..
على أخطائه ..
على الجريمة التي ارتكبها ..
و ستتحملين أنت مستقبلا تبعاتها .. حين سيشار إليك بابنة السجين ..
اعذريه ..
و القي اللوم على القضبان و الجدران ..
و على كل لحظة تمر دون أن يجمعكما القدر فيها ..
و على أيام عمرك التي ستمضي .. و ستكبرين فيها ..
و لن أرك أثنائها ..
و على النسائم التي تصطدم بالجدران و ترتد .. فلا توصل إلي رائحتك الحلوة ..
اعذري أباك يا صغيرة ..
فقد اقترف ذنبا ..
و علق صورتك الطاهرة .. على جدران زنزانة بائسة ..
و لكنه لم يفعل ذلك إلا لتكوني قربه .. في مكان أصبح يألفه ..
انظري .. هذا عمك سيف .. ناديه بالشاعر .. و هذا عمك عبدالخالق .. الصبور ..
و هذا حمد .. نعم صغيرتي هذا حمد بلا ألقب .. لا .. لا يمكنك مناداته بعمي .. فهذا قلب طفل .. سكن جسد رجل ..
حمد سيلعب معك ذات يوم ..
لاحت ابتسامة بعيدة على شفتاه ..
نعم .. صغيرتي ..
ذات يوم سنعلب معا جميعنا .. حتى عيسى سيلعب معنا ..
.
.
.
تلك أفكار ذياب كل ليلة .. و كل لحظة تقع عيناه على صورة صغيرته ..
عذرا صغيرتي ..
عذرا ..
.
.
.
فأباك لم يكن أبدا ..
سوى بشر ..
.
.
و البشر يخطئون ..!!
.................................................. .............................................
كانت نافذة شرفتها العملاقة مفتوحة على مصراعيها ..
و النسائم الباردة تحرك الستائر الرقيقة ..
بينما جلست هي في الظلام على كرسيها الهزاز ..
تهزه ببطء و تململ ..
فيروز تصدح في المكان كالعادة ..
و كأن صوتها هو العلامة الفارقة لهذه الغرفة ..
.
.
بإيام الصيف .. و إيام الشتي ..
و الرصيف بحيرة ..
و الشارع غريق ..
تجي هيدي البنت .. من بيتا العتيق ..
و يقلها انطريني ..
و تنطر ع الطريق ..
و يروح و ينساها ..
و تذبل بالشتي ..!!
.
.
مسحت دمعة تسللت على خدها ..
تشعر بوحدة رهيبة ..
تغزو روحها المرهفة ..
تحرق ..
تقتل ..
تغتصب ..
و تحطم بداخلها كل ما هو جميل ..
كان الاكتئاب يتفاقم بشدة في نفسها ..
و قد أصبحت منطوية كثيرا على ذاتها ..
تشعر بأن أحاسيسها ممزقة ..
هو الفراغ يخلق كل تلك الكآبة في داخلها ..
حتى صديقتها المقربة .. حاولت جاهدة إخراجها مما هي فيه .. دون فائدة ..
الفراغ قاتل ..
قاتل ..
و تلت دمعتها اليتيمة تلك ..
دمعات ..
و تنهدت بحزن ..
حتى لا تعلم مصدر تلك التعاسة ..
تشعر بأنها حزينة ..
رغم أن شيئا لم يحدث ..
عجبا ..!!
أيأتي الحزن هكذا بلا أسباب ..؟؟!!
نظرت لدفترها الكئيب الذي أصبح يزخر الآن بآهاتها و الدموع ..
أشفقت عليه ..
و فتحته ببطء ..
تصطدم عيناها بعبارات كانت قد خطتها بالأمس فقط ..
.
.
وحشة تستوطن الأعماق
تستحث الروح على التمرد
والانسلاخ من قيد الصمت
ترفرف بعيدا
تاركة إياي والخواء
على شفا حفرة من بكاء
ذلك البكاء الذي استعصى
على حلكة الحزن
ولفظت مرارته الأعماق
ما عادت العروق تستسيغ
نكهته
بكاء فارغ إلا نشيج
يتردد صداه أنين
أفتش في خطوط يدي
عن سبب تسرب الحب
عن سبب يقنع هذا القلب
بالكف عن الضجيج
يهز أضلعي بكلتا يديه
وينتحب في عويل
ويلوذ بركن قصى
يراجع صور الذكرى
لا اخفي عليك يا قلبي
لا شيء يزاحمني الباب
سوى ظلي المثقل بالأرق
ولا احد
يشاطرني الوحشة
إلا هذا الظل البائس
سواده يعكس حدة الضوء
وهذا الضوء هو احتراق
أشواقي
قليلا و سيخفت الضوء
ويتطاير الرماد
فقط ضجيج الوقت
وطنين الضجر
يوقظ الهموم
لترقص حول
نيران الحنين
احضن أضلعي
وانحني على وجعي
أتابع صراع عقارب الوقت
على الافتراق
غريب أمرها
بقدر ما تلهث لتصل
تفترق في ثانية
تماما
مثلنا...!!! *
.
.
قطع تدفق خواطرها صوت طرقات على الباب ..
- حمدووووووووووووه .. حمدوووووووووووووه ..
لتطوي صفحات الدفتر الصامتة ..
و بسرعة تمسح تلك الدموع و تختبئ خلف قناع الابتسامة الهادئ ..
الخادع ..!!
- لحظة محمد ..
تضيء النور .. و تمسح وجهه .. ثم تتوجه و تفتح لباب ..
كان متساندا عليه ففتحته كاملا .. و سلمت عليه .. و تنحت ليتمكن من الدخول ..
و لكنه كان ينظر للأسفل و على وجهه تركيز ..
.
.
مرئت الغريبة ..
عطتني رسالة .. كتبها حبيبي ..
بالدمع الحزين ..
فتحت الرسالة ..
حروفا ضايعين ..
و مرئت إيام و غربتنا سنين ..
و حروف الرسالة ..
محيها الشتي ..!!
حبيتك .. بالصيف ..
حبيتك .. بالشتي ..
نطرتك .. بالصيف .. و نطرتك بالشتي ..
و عيونك الصيف .. و عيوني الشتي ..
ملقانا يا حبيبي ..
خلف الصيف و خلف الشتي ..
.
.
- الله .. هاي فيروز ؟؟!!
- هيه ..
مرر بصره على جميع أرجاء الغرفة ..
- عايشة الجو الحبيبة ..ما شاء الله ..
و توجه للكرسي الهزاز ليلقي بجسده عليه ..
- بندي الباب حمدوه أبا ارمسج ..
أغلق الباب .. و قربت كرسي الزينة من كرسيه .. لتجلس قبالته ..
- لبيه ..
نظر لأعماق عينيها .. و كأنما يسعى لاختراق روحها .. و سبر أغوار الحزن الذي يسكن تلك العينين الحزينتين ..
- لبيتي حاية .. حمدوه .. أنا أدري إنيه .. ابتعد هالفترة شوي يوم نقلونيه بوظبي .. بس و الله وايد أحاتيكم ..
ابتسامة باهته على شفتيها و هي تجيب ..
- عادي محمد .. خالي سعيد ما يقصر ..
أمعن النظر في وجهها ..
- هيه خالي ما يقصر .. بس كل لي يسويه ما ظهرج من لي انتي فيه ..
تحولت لموقع الدافع مباشرة ..
- شوه لي أنا فيه .. الحمد الله ما فينيه شي ..
- حمدووه .. تتحرينيه ما احس باللي فيج .. و الله إنيه متضايق من لي انتي فيه .. و وايد أحاتيج .. خبرينيه حمدوووه شوه لي فخاطرج .. شوه لي خلاج كذيه واايد منطوية ع عمرج .. و معاد تظهرين شرات قبل .. أمايا تقول إنها ماتشوفج .. و عذابه الحين أخس عنج .. يا في الجامعة .. يا فحجرتاا .. شوه سالفتكن ؟؟!!
فهمنيه .. الوحدة منكن غادية عصعص .. و العيشة ما تطب ثمها ..
ثم تحول صوته للهمس الحزين ..
- تغيرتن .. عذابة أم لسانين غادية هادية و ما ترمس الا بالمفيد .. و انتي محد يشوفج .. سلطان يقول انج ما تدرسينه .. و أمايا بروحها في البيت . بلاكن .. ها .. ؟؟!!
ترقرقت دمعة في مقلتيها الصافيتين .. قبل أن تنهمر على وجنتها .. كقطرة مطر ..
ذعر لرؤيتها .. فمد أنامله ليلتقط تلك الدمعة بينها ..
- حمدوه حبيبتي .. بلاج الغالية .. خبرينيه .. شوه مضيقج .. أنا خوج .. و ما با شي يكدرج ..
تلت تلك الدمعة .. سيل .. يتدفق .. و تفاقم بداخلها .. شعور مؤلم برثاء النفس .. شعرت بأنها بحاجة للبكاء ..
فبكت بصوت عالي ..
التفت ذراعه القوية .. ليحتضنها بحنان فائق .. ذراعه التي ستصد عنها كل أذى .. ستحميها ..
سيمدها .. و يسندها .. هي أخته .. و ليس لها سواه ..
كانت تبكي بحرارة .. و تشهق ..
لم يعلم كيف شعر بذلك ..
و لكنه كان متأكدا .. أن جل ما تريده الآن ..
هو كتف لتفرغ عليه همومها ..
.
.
و هو هنا الآن ..
.
.
إليك الأمان .. يا أختي ..
فأنا عنك ..
.
.
أنا عنك ..
.................................................. ..........................
تجلس تحت شجرة الليمون الأثيرية .. و تمدد رجليها ..
- شموووه .. لاااااااااااااااااااااااااا .. يا ويلج منيه .. لا تخلينيه أنش من مكانيه ..
فتنهرها أمها ..
- بلاج ع البنية .. خليها تلعب ..
- شوه تلعب الله يهديج يا اميه .. هاي بتوصخ عمرها .. و انا ما فينيه شدة أبدللها ..
و أشارت إلى بطنها المنتفخ .. بوهن ..
- خليها .. سوراتمي بتبدل لها ..
- أمايا الماي وصخ .. أخييييييييييييييييه .. شمووووووووووه يا الفص تعااااالي ..
- هههههههههههههههههههه يعلنيه أفداها .. ما عليها منج .. ما سوت لج سالفة ..
بدا التذمر على وجه حسنا و هي تراقب ابنة أخيها .. تخوض غمار الماء الذي تسرب قليلا عن الزراعة ..
- كله من محيي الدين .. لو ما نسى الهوز مبطل ..
سمعت صوت أحدهم قادم .. فطوت رجليها و اعتدلت في جلستها و ردت الغطاء على وجهها..
- هووووووووووود هووووووووووود ..
- هدااااااااا اقرب ..
دخل زوجها و يتبعه رجل بمثل طوله و لو كن أعرض منه قليلا ..
- قريب .. السلام عليكم و الرحمه ..
ردت المرأتين ..
- و عليكم السلام و الرحمه .. حييا الله من يا ..
- يحييج و يبقيج ..
أشار عيسى للرجل ..
- تفضل سلطان ..
تقدم الرجل ليسلم على أم ذياب .. و يجلس مقابل حسنا ..
- زاد فضلك .. شحالج عمووه ..
- يسرك الحال ابوية .. انته شحالك .. و شحال عربانك و تواليك .. ربهم بخير ..
- بخير و نعمة .. ما يشكون باس .. ام سلطان شحالج ..
ردت حسنا بتكبر ..
- اووووونه ام سلطان .. خخخخخخخخ .. بتبطي السااع و الله ما سميتبك ..
- بنشوف يوم بتيبينه ولي العهد .. بيسمونه سلطان .. و امررة خوية ما بيرد الشور من صوبج ..
عيسى الذي جلس بالقرب من عمته ..
- لااا اسمحلي بو مييد .. لو المعزبة ما تبا سلطان .. خلاص .. ما بسميه .. و لو تباه محماس بن قدر بن خف البعير .. تااااااااااام ..
حسنا باشمئزاز ..
- اخييييييييييييييييييييه شوه هالاسم ..
- ههههههههههه عيبج .. هذا اسم ولي العهد القادم ان شا الله ..
قبل أن ترد حسنا .. أمرتها أمها ..
- حسنا .. قومي قربي القهوة للشباب ..
- ان شا الله فديتج ..
و نهضت حسنا بجهد جهيد من مكانها .. نظر لها زوجها بحنان ..
- فديتاااا أم بطنين و الله ..
- خخخخخخخخخ كان فيك خير .. خل عنك التفدي .. كان فيك خير .. تعال شله بدالي ..
- اقول صدق ما تنعطين ويه .. روحي هاتي القهوة ..
مدت شفتيها بغضب .. بينما ضحك سلطان عليها .. قبل أن يلتف لأمها ..
- ها عموه .. علومج ..
- علوم الخير و الله .. ما به علم .. و من صوبك ..
- أبدا ..
- ها توظفت و الا بعدك ..
- هيه نعم ..
- وين ؟؟!!
- في توام ..
- هيه .. زين عيل .. و الله و غديت دكتور .. ما شا الله عليك .. الله يحفظك ..
- هذيك شما بنت ذياب ..
- وين ..؟؟!!
- لي تلعب بالماي ..
- هيه .. و العثرة .. بتظهر خاري .. شمووووووووه .. تعالي .. تعالي ..
.................................................. ......................................
نظر إليها متفهما ..
- الحين هذا لي مضيقج ..
هزت رأسها بالإيجاب ..
تنهد ..
- حمده .. انتي تعرفين إنه موضوع الشغل صعب .. هب بس صعب .. الا مستحيل ..
بدا صوتها مبحوحا إثر بكائها ..
- ادري محمد .. و الله أدري .. و أنا هب يالسة أطالب بإنيه أشتغل .. لأنه حتى لو وافقتوا .. وين بتشغلنيه شهادة الاعدادية .. و أنا دراسة ما فيه شدة أكملها .. عسب كذيه مالي الا البيت الين رب العالمين يفرجها ..
- انزين يوم انتي تعرفين هالشي زين .. ليش حاكرة عمرج في الحجرة ؟؟!! .. الحبسة ما بتغير شي .. و انتي تعرفين هالشي زين ..
- و الله يا محمد .. الشيطان .. أضيق .. و بعدين كلما يلست ويا أمايا .. رمستنيه عن فلانه و علانه .. وحدة عرست .. و وحدة انخطبت .. و وحدة مربية ..
مدت يديها أمامها بقلة حيله ..
- أنا شوه ذنبيه .. هذا النصيب .. و محد بيده يرده .. و أنا نصيبيه الله العالم وين مكتوب .. مالي الا الصبر ..
و نظرت لأخيها .. رفع رأسه .. و لاح له أمل بعيد خلف عينيها ..
مد يده ليمسك بيدها .. و يشدها بين قبضته ..
- حمده .. لا تخلين اليأس يتسرب لنفسج .. و لا تشكين فعمرج .. خلج قوية .. شرات ما تعودناج ..
و نظر لها بقوة ..
ضاعت في أمان أخيها ..
إبتسم لها .. يزرع في روحها التائهة الاطمئنان .. بادلته الإبتسامة .. بأخرى مليئة بالأمل ..
لا يمكننا الإستغناء أبدا عن دعم من نحب لنا ..
مطلقا .. ليس بالإمكان ..
.
.
.
- الحين لو سمحتي .. يمكن تسيرين تشوفين .. سر اعتزال الفنانة عذابة ممارسة الخقة و الغلاسة و الإزعاج ..
ضربته على كتفه ..
- حرااااام عليك .. احلف إنك ما اشتقت لها ..
- هههههههههه وااايد و الله .. بسير و بشوفها .. بس محمد ..
نظر لها بحنان ..
- لبيه ..
- لبيت حاي فديتك .. لو ماشي أشغال .. باكر اباك توصلنيه ..
- ويـن ؟؟!!
نظرت له بقوة تواجهه هو الآخر ..
- بيت عمتيه ..
نظر لها مستفسرا .. ليس لهم أية عمات ..؟؟!!
- أي عمة ..
- عمتيه أم ذياب ..
ارتعش خافقة لولهة .. و اختلج رموش عيناه في وله .. حاول مداراته .. و لكن كيف ؟؟!!
- خييييبة .. من وين عمتج ..
- عمته .. يدها العود .. اخو يدنا العود .. يعني عمتنا من بعيد ..
- و العثرة تبا تتلصق في الحرمة .. مادرت شوه تسوي ..
- ههههههههههههههههههههههههههههههههه .. مالت عليك .. بتودينيه ..
تنهد بقوة .. و كأنه يكابد شيئا رابضا في داخله ..
- بوصلج ..
.
.
متى ترحمنا أيامنا ..
و تلهي الذكرى عن أذيتنا ..
لنرى أشواقنا .. مع الأحزان ..
تشد الرحيل ..
إلى الأبد ..
.
.
ليتنا لا نحزن أبـدا ..
.................................................. .................................
* خاطرة وحشة تستوطن الأعماق .. للمبدعة سلوة الخاطر
.
.
.
.
.
.
تتمــــــــــــــــــــــة
و تنسرق اللحظات ببطء ..
ماضية إلى اللاعودة ..
حيث تسكن ..
أحلام لا تتحقق ..
و أشواق لا تروى ..
أرواح هائمة ..
أجساد فانية ..
و مشاعر لا تجد لها صدى ..
و كلمــــــات ..!!
.
.
.
و نعود .. لنكمل ما بدأنا ..
.
.
.................................................. .............................
أنفها المحمر و دموعها التي بللت وجهها الجميل .. كانت تدل على مدى تأثرها ..
- هذا كل شي ..
كانت شقيقتها تنظر إليها بهدوء .. و استمر الصمت لبرهة قبل أن تقول ..
- عذابة .. أنا متأكدة .. إنج تعرفين .. لي حسيتيبه هب حب ..
ثارت أختها الصغيرة ..
- شوه هب حب .. بلى حب .. أحبه ..
و عادت للبكاء من جديد ..
- و الله أحبه حمدووه ..
عادت هي تكرر بصرامة ..
- لا .. ما تحبينه ..
- و انتي شدراج بلي فخاطريه ..
- ماعرف لي فخاطرج عذوووب .. بس الحب هب .. هذا حليوو و كشيخ .. و حركات .. و عيبنيه .. خلاص حبيته ..
- أنا ما قلـ ..
- خلينيه أخلص رمستيه .. الحب شي أكبر و أسمى من هالشي .. و ما ينبنى على الأشياء المادية و المظاهر.. و الا بينتهي في اللحظة لي تزول فيها ..
و نظرت لها بحنان ..
- عذووووبة .. انتي ما حبيتي مبارك .. عيبج هيه .. انجذبتي له يمكن .. بس الحب .. لا .. حبيبتي .. الحب شي وااايد كبير و مفهومة يتعدى كلمات الأغاني .. و الروايات لي تقرأينها و تتحرينيه مادري بها ..
بدا الذنب على وجه الأخرى على الفور ..
- الحب شي يولد ويا العشرة .. و يباله أيام و الانسان يسعاله و يغذيه .. انتي متى يلستي ويا مبارك و عرفتيه .. ها؟؟!! .. نحن مبارك من خلق ما نعرفه .. عذوووب لي انتي كنتي عايشتنه وهم .. بس وهم .. و اعجاب .. تقرأين من هالروايات لي بلا معنى .. و تحسين بالإثارة و تبين هالشي يصير وياج .. و تدورين الحب .. و يوم ما تلقينه تتوهمين انج لقيتيه ..
نظرت أختها بمزيج من عدم الموافقة و الاستنكار ..
- لا تطالعينيه كذيه .. انتي اصلا ما عندج سالفة .. حاكرة عمرج فالحجرة لن ولد خالتج بيملك .. ما تخيلتج أبدا ضعيفة كذيه .. دوم الحياة تستمر عذابي .. لا تضيعين وقتج أبدا ع الشي لي يروح بلا رده ..
و مالت عليها بتفهم ..
- اسمعي بقولج .. الحين انتي ضيعتي وااايد وقت و انتي تتحرين .. اسمعيني تتحرين انج تحبين مبارك .. الحين مبارك عايش حياته و بيعرس .. ما امتحن منج .. و انتي هنيه.. بتيلسين و تضيعين وقتج .. و الأيام لي تروح .. ما بترد يا عذابي .. ها شو رايج ؟؟!! .. تبين عمرج يروح و انتي تتحسرين ع واحد ما درى وين راسج ..
- لا ..
و لكن حمده هزت رأسها برفض ...
- هاي اللا ما تسوي شي ..
قالت بيأس ..
- انزين شوه تبيني أسوي ..
ابتسمت ..
- ماباج انتي تسوين شي .. أبا عذابة ختيه تسوي .. أباها ترد .. ابا اشوفااا .. ابا عذابة القوية الخقاقة .. الملسونة .. المرحة ..
و بحنان أضافت ..
- ابا عذابة أم قلب أبيض .. اشتقنا لها و الله ..
ترقرقت دمعة في عينها ..
- و الله احبج حمدوووه .. بس بعده قلبيه يعورنيه ..
- انزين تراج ما بتظهرين من الحالة لي انتي فيها الا اذا حاولتي .. اسمعي .. شرايج تسيرين وياية باكر ..
- وين ..
- عند حسنووه .. نشوف علوم كرشتها ..
- ههههههههههههههههههههههههههههههههه
.
.
.
ليته ينسى ..
كما ستنسين أنتِ ..
.................................................. .......................................
كان يجلس في القاعة التعليمية على جهاز الكمبيوتر ..
القاعة المتواضعة .. التي زينها سيف بخط عبدالخالق .. و تفنن في خط عبارات جميله .. على جدرانها ..
سبحان الله و بحمده .. سبحان الله العظيم ..
اطلب العلم من المهد إلى اللحد ..
اطلب العلم و لو كان في الصين ..
اللهم لا اله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين ..
و البصمة المميزة التي تركها هنا ..
هي ..
( صبر جميل و الله المستعان )
.
.
جلس على جهازه يتابع البث المباشر لأحدى المحاضرات ..
رغم أن عينه كانت تتوجه بين الحين و الآخر للرجل الذي يجلس على الجهاز الذي يبعد عنه بطاولتين .. كان هذا سيف .. و يبدو عليه التركيز الشديد .. يبدو أنه يقرأ شيئا على جهازه .. فقد كانت الانفعالات العديدة على غفلة منه تجد طريقها لوجه .. فرأى شبح ابتسامة تارة .. و تارة أخرى يرى الاستياء يكسيه ..
و يكاد يقسم أنه رأى ما يشبه الحنان على سحنته ..
كان متأكدا .. فقد بدا سيف مختلفا في تلك اللحظة .. جدا مختلف ..
انتهت المحاضرة و هم ذياب بالوقوف .. و لكنه فضل انتظار سيف .. أراد أن ينهي هذا الغموض الذي يلف هذا الصديق .. انه لا يعلم شيئا عنه غير انه في الثانية و الثلاثين و اسمه سيف ..!!
الآن يغلق سيف الجهاز .. و ينهض عن الكرسي ليتوجه إلى مكتبه في الطرف الأقصى من القاعة ..
انتظره ذياب حتى استقر على مقعده .. فأغلق الجهاز هو الآخر .. نظر إلى ساعته .. الثامنة و النصف صباحا ..
لديه نصف ساعة قبل أن يتوجب عليه الذهاب إلى الورشة ..
سيغتنم الفرصة الآن ..
نهض من على كرسيه .. و تقدم نحو سيف الذي جلس يدقق في مجموعة من الأوراق ..
- ايلس ذياب ..
قال ذلك دون أن يرفع عينه عن الورقة التي أمامه .. فجلس الآخر على المقعد المقابل للمكتب ..
- كيف الدورة بو شما .. رب ماشي اعاقات ..
- لا الحمد الله ماشيه ويايه تمام ..
- زين و الله .. وايد ناس صعب عليها التعلم عن بعد ..
و نظر له و شيء من الفخر في صوته ..
- بس انته ما لقيت أي مشاكل ما شاء الله عليك ..
عم الصمت بعد كلماته الأخيرة .. التي لم يعقب ذياب عليها ..
.
.
لحظات هادئة ..
لا وقع للكلمات فيها ..
.
.
و عندما أصبح الصمت بينهما له دوي الصراخ ..
قطعه ذياب بسرعة يلقي سؤاله قبل أن يتردد ..
- بو هناد عنديه سؤال لو سمحت ..
رفع سيف رأسه عن الأوراق ..
- خذ راحتك بو شما اسأل .. بس لا تطول .. تراك مشغول ..
بلع ذياب ريقه ..
- انته شوه دخلك السجن .. أقصد أنا مرة تخبرتك و قلتلي حرمة .. بس أنا أبا أعرف شوه السالفة بالضبط ..
.
.
هدوء
.
.
نظر إليه سيف متأملا ..
متألما ..
.
.
سارع ذياب يتابع ..
- قول فضول .. أو أي شي .. بس أبا أعرف شوه يدخل ريال شراتك .. ما يبين إنه يخطي ع حد السجن .. ابا أعرف الريال لي وياية من 8 شهور تقريبا .. شوه سالفته .. شوه لي ورا سكوته ؟؟!!
مازال سيف ينظر له بثبات .. و مازال ذاك الألم يلوح في عينيه ..
- متأكد بو شما تبا تعرف ..
- هيه
ابتسم بمرارة ..
- فالك طيب .. أولا خلنيه أقولك إسميه الكامل شرايك ؟؟!! .. اسميه سيف بن سلطان آلـ .......
اتسعت عيناه بصدمة شديدة .. كادت توقعه من على كرسيه .. يا للهول .. ما الذي يفعله إذا هنا ..
- شيــــــــــــــــــــــــــــــــــــخ ؟؟؟؟؟؟؟؟؟!!!!!!!!!!
مازالت إبتسامته المرة مرسومة على الشفاه ..
- انصدمت صح ؟؟!! .. هيه شيخ ولد شيخ .. و لا يكون عندك شك أبدا إن القانون ما يمشي على الصغير قبل الكبير .. و الغني قبل الفقير .. المقامات و لا شي يا بو شما .. كل شي في ميزان أعمالنا ..
بدا له في تلك اللحظة شبيها بعبدالخالق ..
- أنا يطولي بعمرك يوم دخلت السجن كان عمري 25 سنه .. شاب في بداية حياتيه .. تونيه متخرج من كلية سانت هرست البريطانية العسكرية الملكية .. بمرتبة الشرف .. خاطب بنت عميه و عرسنا بعد 6 شهور ..
صمت قليلا قبل أن يضيف ..
- و كنت شاعر ..
و ابتسم و كأنما راودته ذكرى تلك الأيام الماضية ..
- إنزين شوه لي صار ؟؟!!
.
.
مرة أخرى وقع الهدوء ..
قبل أن يسرد الحكاية ..
.
.
- مرة كنت ظاهر من صلاة الظهر و كنت متأخر شوي في المسيد .. يعني العرب كلها راحت بيوتها .. و ما بقى غيري أنا و إمام المسيد و كم ريال .. و يوم ظهرت .. شفت صبي يربع في الشارع و هو يصارخ .. تروعت .. مادريت شوه بلاه و زاقرت عليه .. شوي و هو ياي يربع صوبيه .. و يوم قرب شفت كندورة الصبي ممزورة دم ..!! و كان يصيح و ييرني من ايديه .. و ما أفهم شي من رمسته .. بس الولد كان منهار و يصيح بقوو .. خلاف سمعته يقول إن أبوه مات .. و فيه حد بيذبح أخوه.. طبعا رمسة ياهل ماصدقتاا .. بس الولد كان ميت صيااح .. قلت أسير وياه البيت أشوف شوه السالفة .. ربعت وراه .. الين وصلنا بيت قريب من المسيد و قبل لا أحدر .. لقيت بنية ..
و أغمض عينيه يتذكر ..
- آآآ .. عمرها يمكن ما بين 19 أو 20 .. يوم شافتنيه ويا الياهل .. قربت منيه و هي تربع .. البنية بعد كان في كندورتاا دم .. و كانت تصيح .. و صاحت بي تقول .. إن أبوها إنذبح .. و إنهم بيذبحوون خوهااا .. مادري .. ما صدقت .. بس شفت البنية قبضت طرف كندورتيه .. و قالت ..
( دخيلك إلحق ع خوية لا ينفدونه .. تكفاا ) .. في هاذيك اللحظة .. سودت الدنيا في عيونيه .. البنية تنخانيه يا بو شماا .. و خوهاا بيلحقوونه أبووها .. عفدت داخل البيت .. و حصلت ريال عود .. شايب يا ذياب .. الشيب مازر لحيته .. و ما تشوف منها إلا بياضها .. طايح في القاع .. و الدم حوله .. يصب منه صب ..!! رفعت راسيه .. شفت أربع رياييل .. ثلاثة منهم شردوا يوم شافونيه .. و الرابع كان ميود ولد عمره 18 سنه .. و في إيده فرد ..
دريت إنه يبا يذبحه شرات ما ذبح أبوه .. عفدت عليه من ورا .. و سحبته من كندورته .. و هات و هاك .. اشده و يشدنيه .. و شليت الفرد من ايده .. و نحن متقابضين .. التوى الفرد في ايديه .. و انطلقت رصاصة حطت فصدره ..
سكت ... و بهدوء عجيب .. و قد استقرت راحتيه على سطح المكتب ..
- قتلته ..
بدا شاردا للحظة و هو يقول ..
- بس .. هاي السالفة .. قتلت ريال قتل ولد عمه عشان الفلوس .. و بغى يقتل ولده .. ربك ستر حرمته ما كانت في البيت و لا ولده العود .. و الا كان لحقوهم ايااه .. ثبتت التهمة .. و خذت عقوبة مخففة لأنيه كنت في حالة الدفاع عن النفس .. بس القتل قتل .. و إزهاق نفس حرمه رب العالمين ..
لحظات قبل أن يضيف
- حكموا عليه 20 سنه ..
و نظر لذياب بقوة ..
- أنا هب نادم ع لي سويته .. لو ما فزعت للصبي .. كان هو ميت الحين ..
كان ذياب قد فقد في تلك اللحظة كل الكلمات ..
جميعها تاهت
.. أين التعبير ؟؟!! .. ماذا يقول .. ؟؟!!
أي نبل وضع هذا الرجل خلف الأسوار .. !!
رجل استغاثت به فتاة لا يربطها به أي شيء .. لم يرها من قبل .. و لكنها أملت به خيرا .. فأبى إلا أن يلبي ندائها ..
أي أحرف لها أن تصور شعوره الآن ..؟؟!!
- ليش ما قد خبرتنيه من قبل ؟؟!!
- ما سألتنيه ..
لبث يلتزم الصمت دقائق ..
- تدري منوه الريال لي ضربته و سببت له إعاقة ؟؟!!
نظر سيف له .. شعر أنه سيتفوه بمهم الآن ..
- منوه ..
رفع رأسه و ابتسامه ساخرة تعلو شفتيه ..
- واحد كان ربيعيه ..
نظر سيف و شيء من الدهشة في عينيه ..
- كان ويايه في الدوام .. و عرض علي مشروع .. كانت المخاطرة وايد كبيرة .. بس أنا كنت مستعد .. دفعت تقريبا كل الفلوس لي حاطنها في البنك .. الفلوس لي ورثناها عن أبوية الله يرحمه .. قلت فخاطريه .. من سنين و هي في البنك .. ليش ما أظهرها و أشتغل بها .. نصيبي و نصيب أماية و نصيب ختيه .. كلها عطيته إياها .. كتبت شيك .. و عطيته إياه .. و ما خذت لا إثباتات .. و لا شي .. بعد كم شهر .. شفت الريال قام يتهرب مني .. ما يرد ع تيلفوناتيه .. سألت عنه و يوم واجهته .. أنكر إنيه عطيته شي .. ثمانمية و خمسين ألف يا سيف .. حقي و حق هليه .. أنكر إنيه استودعت إياها .. ماطاع ايبها أو يردها ..
و سكت و هو ينظر لسيف .. الذي أكمل القطعة المفقودة عنه ..
- و ظربته ..
- هيه .. ضربته من قهري .. شفت حق أمي و ختيه الضايع .. حلالنا يروح بسبة واحد بليا شرف و لا ضمير ..
ضربته بقب .. و تعوق في ريله ..
و أشار لقدمه اليسرى ..
- بعد الحادثة ظهر في المحكمة تقرير بإنه مصاب بإعاقة في ريله اليسرى بعد الحادث .. و إنه ما بيروم يمشي عليها مرة ثانية .. و حكم عليه بخمس سنين و ست شهور ..
و رفع رأسه لسيف .. تقابلت نظراتهما .. رغم أنه ما زال يشعر بأن وراء هذا الشاعر قصة أخرى .. لم يفصح عنها .. إلا أنه لم يسأل .. لقد أخذ كفايته لهذا اليوم .. و عليه أن يرضى بهذا ..
نظر لساعته رآها تشير للتاسعة الا خمس دقائق .. نهض من مكانه ..
- يا الله أنا بتوكل الحين ..
- الله يحفظك ..
خرج ذياب من القاعة و عينا سيف تتبعه ..
شعر سيف بأنه تكلم كثيرا ..
بالرغم من أنه لم يخبره بعد ..
بأن ابنة عمه التي كان يعشقها و على وشك الزواج به .. تخلت عنه لحظة القبض عليه .. و أنها أقدمت على الزواج بإبن عمه الآخر بعد سنة فقط ..
لم يخبره أنه شاعر .. منذ دخوله السجن .. لم يستطع كتابة بيت شعر واحد .. رغم حبه الكبير لقصائده ..
لم يخبره .. أنه رفض كل وسيلة للإتصال بأهله .. و لم يستقبل أي زيارة منهم..
و أن وسيلة الاتصال الوحيدة بالعالم الخارجي ..
هي رسائل تصله عبر البريد الإلكتروني ..
منهــــــــــــــــا ..!!
.................................................. .......................................
- هههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه بايخة
- إنزين لو بايخة ليش تضحكين .. عذابة ختج هاي خربوطية ..
ترد عذابة بسخرية ..
- خخخخخخخخخخخخخخ من زمان ..
تضربها أختها على كتفها ..
- إيه اصطلبي .. ختج العودة أنا ..
- انزين يا عمتي ذليتينيه .. عوده عوده .. خلاص ..
حسنا تضحك ..
- عقدتوهاا البنية حليلهاا ..
- حلهاا حلول .. هاي امررررررة ما تتعقد و لا توووب . بعد شوي بتشوفينهااا .. ترمسنيه و كانيه ياهل ..
- اييييه شوه حلها حلول بعد .. و تبا الاحترام .. يختي فاقد الشيء لا يعطيه ..
- عنبوووووه يا عذااابه هب لسان عليج .. سيري شوفي محبوب يا و الا لا ..
- خخخخخخ .. انزين ..
خرجت عذابة من غرفة الضيوف المخصصة للنساء .. تعبر الصالة لتخرج و ترى اذا كان السائق وصل أم لا .. بيت أم ذياب كان بيتا شعبيا حميميا .. كانت هي تعشق هذا النوع من البيوت ..
و لكن في طريقها .. حانت منها التفته للنوافذ التي تطل على - الحوش - فرأت رجلين يقفان عند الباب الخارجي و يتحدثان .. أحدهما يعطيها ظهره .. و المقابل تعرفت عليه .. فقد رأته من قبل في صور زفاف حسنا .. هذا عيسى زوجها .. كان الرجل الذي يحدثه في مثل طوله .. و لكن أعرض منه .. ابتسمت و قد تراءى لها صورة رسوم قديمة .. كادت تعود لتخبر حسنا بعدم إستطاعتها الخروج .. عندما التفت الرجل ناحية البيت .. فتوقفت مكانها .. لتنظر بدهشة و إمعان .. كان الرجل يشبه عيسى كثيرا .. جميل الملامح ..
و لكن ما أثار دهشتها .. هو جرح على جانب وجهه .. تبينته من مكانها عبر الحوش الصغير .. جرح عميق و طويل .. يمتد على طول خده .. من جانب عينه اليمنى .. إلى منتصف رقبته .. بدت الندبة كأثر لطخة شوهت لوحة جميلة .. تحركت عذابة من مكانها بسرعة .. و عادت من حيث أتت ..
- ها يا محبوب ..؟؟!!
- ما شفت .. حسنا شي رياييل في الحوش .. ما رمت أشوف ؟؟!!
نهضت حسنا بحجهد كالعادة يثقلها الحمل ..
- خلاص حبيبتي استريحي .. أنا بشوف ..
خرجت حسنا من الغرفة و توجهت إلى الخارج .. و حين وصلت إلى - الحوش - لم ترى أحدا .. ألقت نظرة على الكراج الخالي .. لابد أنهم ذهبوا .. اقتربت من الباب لترى إذا كان السائق قد وصل .. ألقت الغطاء على وجهها ..
و خرجت .. لتفاجئ بسيارة أمام الباب .. و لكن ليس السائق من يقودها ..
بل كان رجلا يقف عند مقدمتها و يبدو عليه الشرود .. عرفته .. انه شقيق حمده و عذابة .. محمد .. ظلت مكانها واقفة عند الباب .. و هو غير منتبه ..
فضلت السلام ..
- السلام عليكم و الرحمه ..
انتفض في مكانه .. و قد انتشلته من أفكاره ..
- و عليكم السلام و الرحمه ..
ثم استوعب الأمر فجأة .. إنها هي .. تقف أمامه ..
- شحالك محمد ..
و بدأت الحياة تدب في قلبه الميت منذ دهر ..
- يسرج الحال .. شحالكم انتوا .. ربكم بخير ..
- بخير يعلك الخير .. و الله فنعمة ما نشكي باس ..
أراد أن يطيل الحديث ..
- ذياب شحاله ..
بدا الحزن مع خفوت صوتها ..
- الحمدالله .. عيسى يقول إنه بخير ..
عيسى .. !!
عيسى .. نعم زوجها ..
و إهتزت الصورة أمامه .. ليدرك ما يرى .. كانت هي تقف عند الباب ..
إستطاع أن يتبين إنتفاخ بطنها ..
و مع الألم الهائل الذي جرى في عروقه .. غمره شعور بالحنان إتجاهها ..
- أهااا .. الله يعينه .. زاقري ع البنات لا هنتي .. بيأذن المغرب و نحن ما وصلنا البيت ..
- إن شاء الله ..
و استدارت لتدخل البيت .. بينما تساند بيده على مقدمة السيارة .. شعر بدمعته و قد أقبلت ..
و لكن ما أثار عجبه هو
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
الإبتسامة الرقيقة الحنون التي علت شفتيه ..
تبدو سعيدة و مرتاحة ...
و هو أيضا ..
.
.
سعيد ..
.
.
.
.
.
لسعادتها ..!!
.
.
فلتعيشي أبدا كذلك يا غالية ..
.................................................. ...............................................
وضعت القلم و عيناها تتأملان ما سكبت من أحاسيس هنا..
.
.
تهرول بي أيام العمر تسحبني من ذراعي
الممتدة بلهفة الأشواق لاحتضان أطياف الرؤى
تزرعني خطوة مرتبكة على دروب الخوف
من أشباح الفراق
تمطرني بالدمع وتسقيني.. كؤوس الألم
وتأسرني... في زنزانة الوجد أقتات الوهم
مستسلمة لقدري وبقايا حلم.....
تبعثره رياح الأسى وتجمع أوراقه أرصفة الزمن *
.
.
أرجعت رأسها إلى الخلف و هي تفكر ..
لم تغفل عن الحالة الغريبة التي كانت تحتوي أخيها ..
عندما أخبرتهن حسنا أنه في الخارج ..
علمت أنه رآها ..!!
أمسكت القلم و ظلت تنقر به سطح الطاولة الأملس ..
لم يكن لدى حسنا أي فكرة عن المشاعر التي يكنها محمد لها ..
بينما كانت هي كل حياته ..
لم تكن تراه سوى قريب بعيد عليها إحترامه ..
و شقيق صديقتها المقربة ..
بينما كانت هي له حلما بعيد المنال ..
دار في خلد حسنا سؤال معلق في الجو ..
بلا إجابة ..
.
.
.
.
.
هل سينسى ؟؟!!
.................................................. .....................
و أقبلت أيام البركة..
و الرحمه
.. شهر العطاء ..
هاهو أزف ..
.
.
.
خلف الأسوار ..
.
.
كان الوقت عصرا .. جالسون في الساحة .. و قد أصبح الجو أكثر لطفا من حر الصيف ..
أمسك استلقى حمد و وضع يده تحت رأسه ..
و استند عبدالخالق على الجدار .. بينما بدا سيف ساهما في عالم آخر ..
أما ذياب .. فقد كان الصداع يحطم جمجمته ..
كان أول يوم في شهر البركة .. و قد تقلصت ساعات العمل إلى ثانية عشر .. صباحا ..
قال حمد ..
- أحس بخمووووووووول ..
رد عبدالخالق ..
- هذا من نقص الجلوكوز في الدم ..
- اهاااا ..
و عم الصمت مجددا ..
كان كل منهم غارقا في أفكاره ..
و تسري به إلى البعيد ..ا
كانت لحظات جليلة ..
تنسرق بسرعة ..
و لا ندركها ..
إلا حين رحيلها ..!!
.
.
و لكن ذياب لم يكن صداعه شغله الشاغل ..
بل كان حلما رآه البارحة فيما يرى النائم ..
.
.
فقد رأى البارحة أبيه في الحلم .. و قد كان هو و عيسى و سيف و حمد و عبدالخالق .. يصفون الحجارة في مكان خالي .. بما يشبه منبر الإمام .. و وقف والده يؤمهم و يصلي بهم ...
ثم رأى نفسه معهم .. يجلسون في حلقة و قد أمسك أبوه إناء فيه لبن ..
ليمده لذياب .. يريد منه أن يشربه ..
و عندما مد ذياب يده ليشرب أخذ حمد الإناء ليناوله عبدالخالق .. الذي كان يجلس يمين أبيه .. و كأنما أراد حمد أن يبدأ أبوه بتقديم اللبن من يمينه .. و رفع عبدالخالق الإناء ليشرب منه ..
.
.
غريب هذا الحلم ..
.
.
و الأغرب هو دموع بللت مخدته بعد أن استيقظ ..!!
.
.
تذكر دعاءً تردده أمه إذا نهض من منامه فزعا عندما كان صغيرا ..
.
.
" أعوذ بكلمات التامات من غضبه و شر عباده و من همزات الشيطان و أن يحضرون "
.................................................. .............................
- و الله ما عندج و لا عندها سالفة ..
- أووووووووف عذابه ذليتينا عااد .. لو ما ييتي و فكيتينا من حشرتج كان أحسن .. بروحيه خايفة محمد يدري بروحتنا و الله لا يلعن فخيرنا ..
نظرت إليها شزرا ..
- حمدي ربج انيه ييت وياج .. و الا أمايا ما خلتج تسيرين ويا هالفص بروحج .. لازم رقابة عليكن انتن ..
و رفعت حاجبيها بسخرية ..
أجاب بسرعة ..
- فص فعينج إنزينه .. أنا ريال الحين لا تستهينين بي ..
- انزين يا بوووية اسكت .. الحين شوه بيفكنا من حشرته ..
- عذااابوووه .. صيامج راح يختي .. خلي لي بقي الين عقب المغرب ..
- استغفر الله .. بس الصراحة أمركن عجيب .. يعني ما حلالكن التسوق الا اليوم .. العرب تتعبد و تستغفر و انتن ترتغدن في المراكز ..
- لا اله الا الله .. قلنالج الحرمة تبا تتشرى للبيبي .. و أنا لي مأخرتنها .. كان اشترت و خلصت من زمان ..
و بعدين ما شي وقت .. شوه يضمنا إنها ما بتربي باكر؟؟!!
- انزين تيود عمرها الين عقب العيد .. خلاف يستوي خير .. هههههههههههههههههههههههههه .. و الله ..
- أعوووذ بالله منج .. انزلي انزلي .. خلينا نخلص قبل المغرب ..
- سلطووون انزل ..
- محبوب لا تسير خلك هنيه الين ما نخلص ..
- اوكيي ماما..
نزلوا جميعهم من السيارة و توجهوا إلى المدخل الرئيسي لمركز التسوق .. و قبل أن يبلغوه ارتفع رنين هاتف حمده ..
- ألووووه .. مرحبااا .. هيه وصلنا ........ بيبي شوب هااا؟؟!! .. خلااص غايته ..
و أغلقت الهاتف .. بادرت عذابة ..
- ويـــــــن ؟؟!!
- بيبي شوب ..
- خلاص يا الله ..
وصلوا للمكان المقصود في غضون عشر دقائق .. و بعد تبادل السلام ..
- يا الله حسنا لازم نخلص بسرعة .. تعرفين عندنا ما نظهر السوق بروحنا .. بس أمايا سوت استثناء عشانج ..
- و الله أدري فديتكن ..
- و الله قلبي ينتفض .. محمد خوية دوووم معسكر هنيه .. خوفي يشوفنا .. و الله ما بيحل الا ذبحنا ..
- امنوه يابكن ؟؟!!
- محبوب و انتي ..
- سلطان ..
- سلطان منوه ..
- سلطان خو ريلي عيسى ..
- لي سواا .......
و أشارت بيدها بإشارة لتقاطعها حسنا ..
- هيه هو ..
- ليش ريلج وين ؟؟!!
- قابظ زاام بيظهر قبل المغرب ..
عذابة بتململ ..
- بنات أنا مالي حاية هنيه .. بسير أنا وسلطون شومارت باخذليه نعول ..
- نعم نعم .. لا حبيبتي ما سمعت .. ان شا الله تبين ترتغدين في المول .. انتي ما يسدج التهريب لي نحن مسوينه .. استريحي الشيخة ..
- خييييييييييييبة كلتيني .. و أنا وين بسير .. هاذوه المحل ..
- حمدووه خليها تسير بترد بسرعة .. صح عذابي ..
نفخت عذابة في ضيق ..
- هيه ..
بدا الرفض الشديد على وجه حمده ..
- لا يعني لا .. ماشي ..
- حراام حمده ..
لانت بعد نظرة الترجي ..
- بسرعة .. الحين تردين .. و لا تودرين سلطان ..
- انزيــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــن ..
.
.
.
- يا الله تحرك ..
- وين ان شاء الله ..
- الهند نبيع براطا .. وين يعني محل ثاني ..
- أي محل ..
- شومارت ..
و أشارت بيدها ..
- هاذوه ..
بدا غير راغب في مرافقتها فهي لا تكف قط عن إزعاجه .. دخلا للمحل و وقف قرب طاولة الدفع بينما اندفعت هي بين صفوف الأحذية تبغي شراء ما تريد ..
مر الوقت عليه ببطء .. و بدأ يشعر بالتململ ..
أراد الخروج .. و لكنه علم أنه سيلقى عقابا شديدا لذلك ..
لذلك بقي في مكانه دون أن يتحرك .. إلى أن ............
.................................................. ........................................
و رفع بو حمدان عينيه في من حوله .. ليتابع في هدوء محبب للنفس .. أية راحة يبعثها هذا الرجل في نفوسهم ..
- للصيام فضائل عديدة, وهذه الفضائل لا تكون إلا لمن صامت بطونهم عن الطعام والشراب, ونفوسهم عن الشهوات, وجوارحهم عن الآثام والسيئات, وكان صيامهم خالصاً لله سبحانه وتعالى, ومن فضائله أن الله تعالى نسبه إلى نفسه وذلك لعظم أجر الصائم فقال جل شأنه في الحديث القدسي: "كل عمل بن آدم له إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به", والصيام جُنة من النار وجنة من الشهوات يحفظ صاحبه بإذن الله من الآثام والوقوع في الحرام, كما أنه سبيل إلى الجنة وسبب من أسباب تكفير الذنوب, جاء في صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان مكفرات لما بينهن إذا اجتنبن الكبائر", كما أن الصيام سبب من أسباب إجابة الدعاء, فقد قال صلى الله عليه وسلم: "إن للصائم عند فطره دعوة لا ترد", والصائم يوفى أجره بغير حساب حيث قال صلى الله عليه وسلم: "للصائم فرحتان يفرحهما, إذا أفطر فرح بفطره, وإذا لقي ربه فرح بصومه" .
و نظر إلى وجوههم و هو يرفع يديه و كأنما أراد إيصال مفهوم ما إليهم ..
- أَ وتعلمون من هم المحرومون في رمضان ؟؟!! قوم لم يقدروا لشهر رمضان قدره ولم يعظموا في نفوسهم فضله, صاموه عادة لا عبادة, فما نهاهم صومهم عن الآثام, وغاية همتهم فيه إمساك عن الطعام, يقضون ليلهم ساهرين في لهو ولعب وينسون ما فاتهم من أجر القيام والتعبد لله في ليالي رمضان المبارك, فأولئك هم المحرومون من فضل شهر رمضان والمغبونون في خيره, والذين لم يتحروا ليلة القدر ولم يعظموا أمرها, عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال في شهر رمضان: "فيه ليلة خير من ألف شهر, من حُرم خيرها فقد حرم".
فتداركوه جزاكم الله خيرا .. لا تضيعوا شهركم الكريم في المعاصي .. تلك أبواب الرحمة فتحت لكم على مصراعيها .. أمن تائب يريد الغفران من رب رحيم ..
.
.
.
أَ من تائب يريد الغفران من رب رحيم
أَ من تائب يريد الغفران من رب رحيم
أَ من تائب يريد الغفران من رب رحيم
.
.
اللهم إنـك عـفـو كـريـم تـحـب الـعـفـو فـاعـف عـنـي
اللهم إنـك عـفـو كـريـم تـحـب الـعـفـو فـاعـف عـنـي
اللهم إنـك عـفـو كـريـم تـحـب الـعـفـو فـاعـف عـنـي
.
.
و شعر ذياب بطمأنينة خالصة تتسلل خفية في روحه ..
.................................................. .................................................. .............
- يااا حماااار ..
نظرت إليها شقيقتها بغضب ..
- عذاابووه لا تخلينيه أبطل صياميه بسبتج ..
- شوه عايبنج لي سواه ..
- خلاص لي صار صار ..
قال سلطان بامتعاض ..
- شوه سويت .. الريال عرفنيه و زقرنيه .. تبينيه أطنشه ..
- خلاص سلطان السالفة إنتهت ..
عذابه بخصام ..
- لا حمدوووه ما انتهت .. تخيلي قال لمحمد إنه شاف خوه في المول .. و الله ليقصبنا محمد قصاب .. بيسوينااا كباب ..
- خلاص عااد لا تكبرين السالفة .. حسنا قالت بتحذره ما ييب طاري سلطان و شوفته في المول ..
- يا الفضيحة بيقول نحن نظهر من ورا هلنا ..
- لا قالت بتقوله إن سلطان عنده امتحانات و لازم ما يظهر ..
.
.
التزمت عذابة الصمت .. لم يكن ما يغيظها هو تحدث سلطان إلى الرجل ..
بل هو الاحساس المجهول بالفضول ناحية هذا الرجل ..
لقد رأته مسبقا في منزل أم ذياب ..
و قد تعرفت عليه حين كان واقفا مع أخيها يحدثه ..
هي لا ترى كل يوم رجل يحمل ندبة ..
هو شقيق عيسى إذا ؟؟!!
تعوذت عذابة من الشيطان ..
لماذا تفكر في الرجل ..
تذكرت ما قالت لها حمده عن ميلها للبحث عن أشياء غير حقيقية ..
و أوهامها ..
هل تخطط نفسها للإعجاب الآن بهذا السلطان ؟؟!!
نعم لابد أنها نفسها الأمارة بالسوء ..
فالشيطان مكبل في جهنم الآن ..!!
.................................................. ....................................
أم ذياب تجلس على طرف البساط الذي يقع تحت شجرة الليمون .. و ابنتها التي وصلت للتو و زوجها .. و حفيدتها الحبيبة ..
و قد رفض سلطان البقاء ..
رغم الحزن الذي يتآكل فؤادها إلا أن قلبها كان ينبض بالدعاء لابنها البعيد ..
اللهم إنه لك .. عبدك .. ابن عبدك .. ابن أمتك .. فكن له .. و معه .. و انصره يا رب العالمين ..
و حسنا رغم هدوئها و الإرهاق البادي على وجهها ..
كانت روحها تتوجه الآن بتذلل .. تريد من الله رحمة لأحبتها ..
.
.
و خلف الأسوار جلسوا الأربعة و معهم مجموعة من السجناء الذي يعرفونهم ..
و قد مالت الشمس للغروب ..
هنا خشعت القلوب .. ترجوا .. فرجا ..
من كل هم ..
هنا توجهت الأفئدة إلى واحدٍ أحد .. لا تطلب منه سوى رحمه .. و مغفرة ..
.
.
و خارج الأسوار مرة أخرى ..
.
.
جلسوا في صالة الطعام كلهم حول المائدة ..
يترقبون الأذان ..
حمده يتعاظم الأمل في قلبها هذه اللحظة ..
رباه ..
رحمة و فرجا قريب ..
عذابة ..
استغفر الله .. اللهم مغفرة .. و هداية يا رب العالمين ..
محمد .. سلطان .. و أمهم ..
.
.
الكـــــــــــــــــــــــــــــل يــــــــــــــــــــرتجي فــــــــــــــــــــي هـــــــــــــذه اللحظــــــــــــــــات
الأخيـــــــــــــــــــــــــرة مــــــــــــــــــــــــــــــن الصيــــــــــــــــــــــــــــــــام
.
.
ذياب
.
.
حمد
.
.
عبدالخالق
.
.
سيف
.
.
أم ذياب
.
.
حسنا
.
.
حمده
.
.
عذابه
.
.
عيسى
.
.
محمد
.
.
و قلوبٌ من كل بقاع الأرض
إهتزت ..
.
.
إنتفضت ..
.
.
مع قول المؤذن
اللـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــه أكبـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــر
.
.
و هـــــــــــــــــــي تبتهــــــــــــــــــــــــل ..!!
..
.
.
.
.
.
.
.
.
.
يتبع
.................................................. .................................................. .....
* مقطع من منتصف الشوق للمبدعة سلوة الخاطر ..
** قصة سيف مقتبسة من قصة واقعية ..!!
.
.
.
تتمـــــــــــــــــــــة
و تتالت أيام الرحمة ..
يوما وراء يوم ..
.
.
كان يضحك بأريحية على ما يقوله حمد ..
- ههههههههههههههههههههههههههههههههه ..
و يشاركه الضحك عبدالخالق و سيف .. بينما تابع حمد ..
- انزين و الله هاي ما بتصدقووونهااا ... بس صدق صارت .. يوم كان عمريه حول عشر سنين .. كان في فريقنا عيوز ساكنة فبيت بروحاا .. و كان فبيتاا شيرة نبق .. مستوي .. و ما تخلي حد يشل منه .. حتى لو كان طايح في القاع .. و يوم العيد ظهرت من بيتاا صوب حريم مسيرة ..و رحنا أنا و الصغارية لي وياية .. ثلاث أولاد و بنتين .. و عفدنا بيتاا و شلينا النبق .. و ما كفانا لي طايح .. الا قمنا نفر الحصي عليها و النبق يطيح .. و كل واحد منا يمزر ثبانه .. و فجأة ما شفنا الا العيوز حادرة علينا ..و الشردة .. عاد أنا كنت آخر واحد .. و عطيت وحدة من البنات مالي عسب تشرد .. و زختنيه العيوز و كلهم تشاردوا .. و ظربتنيه .. بعصاتاا .. و يوم ظهرت سيده رحت من حيث ما نلعب و حصلتم كلهم هناك .. و سألونيه كان فتنت عليهم قالت لا .. خلاف صديت قدا البنية لي عطيتاا النبق .. و قلت أبا مالي .. قالت انيه ما عطيتاا شي ..
انفجر الثلاثة ضاحكين .. فتابع يقول ..
- المهم انها شلت النبق كله .. مالي و مالها .. بس ما سويت لها شي .. تعرفون منوه هاي البنيه ..
علامات الاستفهام على الوجوه .. و ابتسامة فخر كبيرة على شفتي حمد ..
- أم العيال ..
انفجر الثلاثة بالضحك .. هكذا حمد دائما يفاجئهم .. و يتمكن بكل بساطة من رسم الابتسامة على شفاههم ..
- آآه و الله إنيه مشتاق لهاا .. و لعياليه ..
عبدالخالق يستفسر ..
- كم عندك يا بو شهاب .. تدري الحين نتعرف عليك من يديد ..
- خخخخخخ .. عندي ستة ..
اتسعت أعينهم ..
- ما شاء الله .. ستة ..
ربت حمد على مؤخرة رأسه و إبتسامة شقية تعلو وجهه ..
- هيه شوه تتحرون .. خلاص كبرناا يا شباب ..
ابتسم سيف لعبدالخالق ..
- الفال لك بو حميد ..
تنهد عبدالخالق بأمل .. و الابتسامة هذه المرة كانت حالمة ..
- هيييييه .. الله كريم ..
كانوا يجلسون كعادتهم كل عصر في الباحة المفتوحة .. لم يعد يصلهم عن عيد الفطر إلا أسبوع ..
سبعة أيام و سيقضي ذياب له أول عيد هنا ..
لن تكون هناك ثياب جديدة .. و زيارات متبادلة .. و الأطعمة المختلفة .. رائحة الحنا .. و رائحة العود صباح العيد ..
لن تقدم له أمه القهوة و التمر قبل أن يذهب ليصلي العيد ..
و لن يعود ليجد أحدا في انتظاره ..
.
.
سيكون هذا عيدا .. ليس كما سبقه من أعياد ..
عيدا بلا أهله ..
عيدا بلا ما اعتاده ..
عيدا بلا حرية ..
.
.
عيدا .. بلا فرحة ..!!
.
.
.
قطع حبل أفكاره صوت كالنعيق .. صوت يبعث فيه الاشمئزاز دوما كلما تسلل لأذنه ..
- شوه معتكفين شباب ..
و أطلق كالعادة ضحكة مصطنعة عالية بلا معنى .. و تدفقت معها موجه هائلة من الكراهية في عروق ذياب نحو هذا المدعو عبود السريحي ..
و بدا حمد كما اعتادوا خائفا و متوترا .. بفارق أنهم الآن كانوا يعلمون أنه يصطنع ذلك .. في استمر الثلاثة في تجاهله و كأنه لم يقل شيئا .. و لكن التعبير الذي بدا على وجه سيف أضحك ذياب .. كان سيف كمن حطت على وجهه ذبابة مزعجة ..
مما دفع عبود للقول باستهزاء غاضب..
- ايه انته - و اشار بيده ناحية سيف يريد منه أن ينظر إليه - شاعر الخريط .. ع شوه شايف عمرك .. ليكون تتحرا انك احسن عنا ..
و انتظر من سيف أن يرد عليه .. و لكنه أجابه بابتسامة باردة .. محتقرة ..
- اللهم إني صائم ..
انفجر عبود و من معه بالضحك ..
- هذا لي رمت عليه ..
بدت ابتسامة سيف الآن أكثر تشفيا و هو يقول ..
- لا أروم على أكثر من هذا .. أروم اخليهم ييرونك من كراعك للانفرادي و انت ساكت ..
و نظر بتحدي له .. و بدا على وجه عبود شر ساحق .. قبل أن يقول و كلماته تقطر حقدا ..
- لا تتحرا انيه نسيت لي استوى .. اشوفك استقويت عقب هاييك السالفة .. تراه ما يظرنيه الانفرادي .. بس أنا اعرف كيف اذوقك اياه المر و انت هنيه .. اعرف كيف أخليك تموت في كل لحظة ..
مازالت الابتسامة الباردة مرتسمة على وجه سيف ..
ابتعد عبود و من معه عن المكان .. سارع ذياب للقول ..
- شوه يقصد ؟؟!!
نظر سيف لعبدالخالق ..
- من سنتين بلغت عنه لنه حاول يخبي في القاعة مخدرات ..و انحبس عقبها ست شهور انفرادي ..
عم الهدوء لبرهة قبل أن يقطعه حمد بنبرة مرحة بدا صداها في أذني ذياب مصطنع..!!
- بو هناااد لو سمحت عطنا قصيدة عن العيد ..
ابتسم سيف و قد أدرك رغبة حمد في إلهائهم عما حدث للتو ..
- فااالك طيب .. اسمع هاي ..
.
.
العيد باكر أسعد الله ممساك
==== والله مدري وين خدٍ جلسته
وين انت ياللي عيدنا في محياك
===== كف القدر من ضيقة الخلق بسته
من يوم ما لوحت لي كف يمناك
===== لليوم دمعي بالخفا ما حبسته
ومن يوم ماذوقتني حر فرقاك
===== والياس زرعه في حياتي غرسته
شريت لي ثوبٍ علي شان لقياك
===== والثوب راحت موضته مالبسته
وشريت عطرٍ ما زهاني بلياك
===== أربع سنين بعلبته مالمسته
ودفتر قصيدٍ كل يوم يترجاك
===== مافيه يومٍ ماسهرت ودرسته *
.
.
.
كانوا يتبادلون الأحاديث ..
بينما التزم ذياب الصمت ..
كان واثقا من أن السريحي لم و لن ينسى ذلك لسيف ..
و لا ينكر أن نظرة الشر في عينيه .. بعثت الرعب في قلبه ..
ذلك الحقود سينتقم من سيف بطريقة مؤذية جدا ..
كان متأكدا من أن سيف في خطر..!!
.................................................. .........................................
وضعت يدها على قلبها الذي كان يخفق بهدوء ..
تركب السيارة مع أمها و أختها .. و أخيها الصغير ..
متجهين للمستشفى ..
لزيارتها .. كانت قد أنجبت صبيا مساء الأمس ..
و تذكرت صراخها الفرح هي و عذابة عندما اتصلت بهن أمها لإبلاغهن ..
كم فرحت لصديقتها ..
و كأن هذا الطفل خرج من أحشائها هي ..
و ترقرقت دمعتها الصافية ..
سيأتي يوما ..
لا بد أنه سيأتي ..
و ستكون هي في مكانها ..!!
.
.
.
سيأتي هذا اليوم ..!!
.................................................. ..........................
و أقبل العيد خلف الأسوار ..
و بدا كيوم عادي .. لا يختلف في السجن عن غيره سوى في صلاة العيد و وجبة الغداء التي تضمنت اللحم و تبادل المساجين لعبارات التهنئة ..
أقبل العيد ..
و شد الرحيل ..
و لم يشعر بحلوله أحد ..
.
.
.
و في تلك الليلة ..
عندما أووا إلى زنزانتهم التي أصبحت كالبيت الدافئ لهم ..
لم يتبادلوا الحديث ..
بل وضع كل واحد منهم رأسه على المخدة مشغول بأفكاره الخاصة ..
حتى عبدالخالق لم يفتح كتابه ليقرأ ..
فكر ذياب في كل شيء ..
كل شيء ..
تخيل ابنته بثوب العيد الجديد و فرحتها ..
تخيل شقيقته .. أمه الحبيبة ..
كـــــل شـيء ..
سيراهم بعد غد ..
سيروي ظمأه ..
و عندها سيكون مستعدا من جديد ..
للشوق حتى عيد قادم ..!!
.
.
و بدأ الليل في التسلل بخفية بعيدا عن الناظرين ..
مستغلا غفوتهم ..
.
.
و أصبح الفجر على الأبواب ...
.
.
و كثيرون لم يراودهم النوم في تلك الليلة
و لم يطب لهم مرقد ..
و هم بعيدون ..
.
.
و كان الفجر في طلوع ..
.
.
كم نعاني ..!!
دوما إبن آدم في شقاء ..
.
.
.................................................. ...............................
فتحت نافذة شرفتها ..
سامحة بالنسائم الباردة بالدخول .. و تجميد أطرافها .. أحلامها ..
لم تستطع هي أيضا النوم ..
كان هناك إحساس مجهول يتآكلها ..
وقفت على أعتاب شرفتها من الداخل ..
متخفية ..
لا تريد أن ترصدها الأعين ..و هي تلبس ملابس نومها ..
و قد تركت العنان لشعرها المنطلق ..
تداعبه نسائم الفجر الجريئة ..
.
.
تراءت لها كلمات خطتها ذات يوم ..
كالألحان ..
.
.
يترنم الفجر بلحن الصمت ..
و يعزف الشوق على أوتار
الحنين ..
يحمل النسيم الصدى ..
و يعود أنين ..
مثقلة الأنغام
بآهات الشجن ..
و مبللة شفاة الغناء ..
بلهجة الحزن .. !!**
.
.
ابتسمت بيأس حزين ..
و كادت دمعتها تغافلها ..
إن القنوط أخذ يتسرب لنفسها شيئا فشيئا مجددا ..
عادت لفراشها لتمسك بدفترها الأثير ..
صديق حقيقي يا دفتري ..
لا تشتكي قط من قسوتي ..
.
.
و سُكب الإحساس مجددا ..
.
.
.
.
.
.
وعذرا للبُعد الذي نُعلق على مشجبه ثقل
أحزاننا ونهرب إليه مضرجين بالحنين
ثم نشكو منه رغم تعب أقدامنا
التي اقتحمت مسافاته
وما كان الوداع سيحل بمدن اللقاء
لولا أننا رفعنا رايات الاستسلام
لجيوش الفراق
حين اقتسمنا حصاد العمر
و وبقايا الحب المستحيل
أخذت أنت كل غيمة حبلى بمطر السلوى
وأبقيت لي عواصف الذكرى
فأصبحت
مزهرة حقولك بالنسيان
ومبعثرة بساتيني بالأسى
يا صعب الغياب
بي شوق يأرجحني على حبال الأماني
ويشعلني على جمر الوجد
المتقد في قلب عاشقة
أدمنت الشوق
فما عاد يجدي
هدهدة القلب بوعد
ولا عادت تجدي حبوب الوهم
كلما هممت بالانعتاق من أسر حبك
عاودني الحنين أشد ضراوة
من مخلب شك
وأنياب ظنون
وأرداني غريبة
على سواحل وطن مجهول ***
.
.
.
لم تكن تعلم حقا .. لمن هذه الكلمات ..
أَ لفارس الورق البعيد ..
البطيء ..
الذي لم يصل ..
و الذي قد لا يصل ..!!
أم لروح أخرى ..
شعرت في تلك اللحظة بقربها منها ..
لن تعلم ..!!
.
.
شعرت بروحها غريبة مجددا ..
أي مصير ..
و أي مفاجآت ..
تخبئها لي الأيام ..
.
.
و الأقدار ..
.................................................. ...................................
بدا متأثرا بشدة ..
فسارع سيف لسؤاله ..
- شكلك متغير بو شما .. رب ما شر ..
لم يجب .. فقال حمد في قلق ..
- يمكن محد من الاهل يا للزيارة اليوم ..
تحدث ذياب بصوت مبحوح من ثقل المشاعر ..
- بلى خويي و ريل ختيه يا للزيارة بروحه .. و يقول ياه ولد .. و سموه ذياب ..
و بدت ابتسامة غريبة على شفتيه .. و شعر بالعبرة تخنقه. .
و دمعه بعيده أقبلت مسرعة ..
تبغي الخروج ..
فتداركها بعجلة ..
ليمنعها من الظهور ..
محبوسة هي خلف الجفون كما هو وراء القضبان ..
نهض عبدالخالق و احتضنه و هو يقهقه ..
- مبرووووووووووووووووووووك ما يااااااااااكم ..
تبادلوه الثلاثة بالأحضان و نظرة عطف علت وجوههم ..
ضرب حمد عبدالخالق على كتفه ..
- عقباااااااااالك ..
- ههههههههههههههههههههههه إن شا الله ..
- الله يستر لا يين البنات ع شيفتك .. أنا اشهد ان مستقبلهن ضايع ..
لكمه عبدالخالق بمحبه .. ليلف كتفه حمد ضاحكا ..
و ابتسمت عينا سيف لذياب ..
الذي شعر أنه غارق ..
لا يعلم لما ..
شعر بقبضة تشتد على كتفه .. فرأى حمد يمسكه و بيد أخرى يحضن كتف عبدالخالق ..
اقترب سيف .. ليحتوي قبضته في كفه ..
كانوا الأربعة كلهم الآن ..
ممسكين بعضهم ..
متكاتفين ..
لا يفرقهم شيئا ..
.
.
سواء دوما ..
.
.
في فرح ..
و في شدة ..!!
.................................................. ..........................................
- أوووووووووفففففف ..
نظرت لها حمده شزرا ..
- بلاج ..
عذابة و هي تمطط يديها بكسل كالهرة ..
- يختي بااكر دوااام .. ما فينيه على نشة الصبح ..
عادت حمدة بتركيزها للكتاب الذي في يدها ..
- كلن في هم ..
نظرت عذابة للسماء ..
- شكلها بتمطر حمدوووتي ..
نظرت حمدة هي الأخرى ..
- ياليت ..
- أوووه الرومنسية .. عاشقة المطر .. خخخخخخخخخخخخ
- ما برد عليج يا الياهل ..
صمتت عذابة كأنها تفكر بشيء .. قبل أن تقول ..
- آآآ حمدووه ..
لا ترفع رأسها عن الكتاب ..
- همممممم ..
- بتخبرج ..
- تخبري ..
- الريال .. لي شفناه فبيت أم ذياب يوم العيد .. لي كان شال ذياب الصغيروني ..
- بلاه ..
- هذا اخو ريل حسنا صح ؟؟!!
- صحين ..
- هو لي زقر سلطان يوم كنا في المول ..
- هيه ..
- و اسمه سلطان ..
أغلقت حمده الكتاب بقوة لتقول بحدة ..
- لا والله .. عمتيه عذابه ... ما تبين رقمه بعد ..
- عوووووووووذ بالله .. ما يرزا علينا هالكم سؤال ..
حمده بنظرة ذات مغزى ..
- و ليش تسألين إن شا الله ؟؟؟!!!
- ماشي .. بس فضووووووووووووووول .. انزين حمدوتي آخر سؤال ..
حمدة بصرامة
- لا ..
- دخيلج بس هالسؤال ..
- اففففففففففففف .. اسألي .. طفرتيبي ..
- ليش ويه كذيه .. يعني متشوه من ينب ويهه اليمين ..
حمده تتأملها ..
- حادث ..
- و ماشي عمليات تجميل ..
- حبيبتي أول شي تحمدي ربج ع النعمة لا يبلاج .. و بعدين لي تشوفينه عقب العملية يعني هو كان متشوه أكثر عن كذيه ..
صمتت عذابه .. قبل أن تقول بهدوء شديد ..
- حليله ..
حمده تنظر إليها قبل أن تقلدها بسخرية ..
- حليله .. أقول نشي نشي يالله يبأذن المغرب و نحن بعـ ....
و لم تكمل عندما شهقت و قد شعرت بقطرة تلامس وجهها .. فتصرخ بفرحه ..
- مطر .. مطر ..
و لكن سرعان ما نزلت القطرات بغزارة لتبللهن ..
فدخلن إلى الصالة راكضات يلتجئن مأمنا من البلل .. !!
.................................................. .................................
كانوا قد أعلنوا وجوب توجه الجميع لزنزاناتهم بعد العشاء ..
فتوجه ذياب و يرافقه حمد ..
كانوا يمشون في الممر الذي يقع بين الزنزانات .. عندما نم عن حمد عبارة غريبة .. تجاهلها ذياب .. قبل أن ينتبه فجأة لفحواها ..إذ قال ..
- بو شما وينه عبدالخالق من عقب الصلاة ما شفناه ..
رد ذياب ..
- مادريبه .. تلقاه يالس ويا بوحمدان .. دومه هناك عسب يتابع الحلقات ..
بدا الإستغراب على وجه حمد إذ قال ..
- هو من عقب ما سار لك الحمامات ما رد ..!!
بدا ذياب أكثر دهشة ..
- حمامات شوه ؟؟!!
- الحمامات الغربية .. خموس بو ظرس قاله إنك يالس هناك .. قال بيسير يشوفك ..
هز ذياب رأسه رفضا ..
- أنا ويا سيف كنت في القاعة .. عشان الامتحانات لي بقدمها ..
رفع حمد كتفيه بخفة قبل أن يقول ..
- هب ياهل هو .. كبر أبونا .. ما بيضيع .. بس خوفي يبندون البوابات و هو برا بيتعاقب خلاف ..
طرأت فكرة مجنونة في بال ذياب تلك اللحظة .. و لكنه سرعان ما رفضها ..
و لكــــــــــــــــــــــــــــــن ..!!
.
.
.
.
.
.
.
.
.
أنا اعرف كيف اذوقك اياه المر و انت هنيه .. اعرف كيف أخليك تموت في كل لحظة ..
أنا اعرف كيف اذوقك اياه المر و انت هنيه .. اعرف كيف أخليك تموت في كل لحظة ..
أنا اعرف كيف اذوقك اياه المر و انت هنيه .. اعرف كيف أخليك تموت في كل لحظة ..
.
.
.
.
.
.
.
.
مــــــــــــــــــــــــــاذا لـــــــــــــــــــــــو ؟؟!!
.
.
لن يحتمل قلبه الضعيف ..
لن يحتمل الأذية ..!!
.
.
أمسك بكتف حمد بقوة ..
- بو شهاب .. دور سيف و لحقونيه الحمامات الغربية ..
- شووووووووووه ؟؟؟؟؟؟!!!!!!
- لي سمعته .. بسرعة ..
- بيبندونهن البوابات عقب ثلث ساعة يا ذيااب ..
صرخ ذياب بغضب ..
- اسمعها الرمسة بسرعة ..
ثم إنطلق راكضا نحو الحمامات ..
.
.
.
كان يركض بشدة و يتعالى وقع أقدامه على الأرض ..
يصطدم بهذا و ذاك و لا يبالي ..
لهاثه يتسارع .. و صدره في هبوط و صعود ..
.
.
تتقطع الأنفاس ..
.
.
و قلبه يدق ببطء شديد مقارنة بالموقف ..
لا يجاري وقع قدميه على الأرض ..
.
.
.
.
.
ببطء .. ببطء ..
و يدور في باله ملايين الصور ..
.
.
ماذا لو ؟؟!!
.
.
كان قد وصل المنعطف الخارجي الموصل للحمامات ..
أصبح في الخارج الآن و البوابات ستغلق في أي لحظة ..
دخل الحمامات بسرعة يصرخ بإسم عبدالخالق مناديا ..
.
.
لا مجيب ..
.
.
.
.
يبحث كالمجنون في الحمامات ..
كان كالليث الجريح ..
مخاوفه تتعاظم ..
.
.
للحظات طغت على بصره صوره واحد .
.
.
صورة أبيه و هو يسقي صديقه اللبن ..!!
.
.
صدره في هبوط ..
و علو ..
أنفاسه في تسارع ..
.
.
ليس هنا ..!!
.................................................. ..................................
حمده تجلس بهدوء ..
كان المطر يقرع أعتاب نافذتها بشدة ..
بدا و كأنه غاضب من تجاهلها له ..
اقتربت من النافذة لتزيح الستائر ..
فترى المطر يغسل زجاج نافذتها ..
تلك النافذة ..
فرجتها على العالم ..
أويريد المطر أن يطهرها من كل حلم أخرق ..
و كل أمنية لم تتحقق ..
و كل ذكرى منسية ..
التصقت بهذا الزجاج في حين ارتقائها للبعيد ..
لتحجز هنا .. حتى يعلوها الغبار ..
.
.
.
شعرت برغبة شديدة في ملامسة تلك القطرات ..
أرادت أن تغرقها ..
لتخنق في داخلها كل خاطر يائس ..
يذبح روح الأمل فيها ..
.
.
.
تقدمت من النافذة الكبيرة لتفتحها ..
و تزيح غطاء شعرها متجاهله رعشة البرد التي سرت على طولها ..
أي غضب و قوة ملكتها الطبيعة ..
لتصب جامها على الجفاف المدقع منذ سنوات ..
تلك سيول ..
تروي ظمأ الأرض ..
و تروي ظمأ اليائسين ..
.
.
أفلتت شعرها من عقدته ..
و تقدمت ..
.
.
.
و ها هو المطر يسيل على جسدها ..
يغرقه ..
.
.
مدت يدها لشعرها تحركه تحت المطر ..
و كأنها تغسله ..
.
.
بينما كانت في الحقيقة ..
تحرك مشاعرها تحت المطر ..
.
.
.
المطر الذي قد يغسل ذاك القنوط ..
قد يغسله ..!!
.................................................. .........................................
كان في حيرة من أمره ..
لم يجده في المكان ..
.
.
هل كان مخطأ ؟؟!!!
خرج من الحمام يبتغي الخروج ..
ليتقدم بهدوء هذه المرة ..
.
.
لا داعٍ لإزعاج الأرض بمحاولة يائسة لمجاراة المطر ..
.
.
و لكن خطواته تجمدت ..
و ذعر شديد دب في قلبه ..
.
.
و شعر بالشلل يسري في أطرافه ..
حين اصطدمت عيناه بذاك الجسد المسجى على الأرض ..
بعيدا .. في منتصف الباحة الخارجية ..
و قطرات المطر تتساقط عليه بدوي مكتوم ..
.
.
بدت قدماه تتحركان ببطء شديد ..
و عيناه تكادان لا تتبينا الرؤية من خلال هذه الأمطار الغزيرة ..
.
.
السماء ..
تزمجر مكفهرة ..
.
.
أصبحت قدماه أسرع حركة و هو يقترب
.
.
يهرول الآن ..
يكاد يقع على وجهه ..
.
.
لا يا رب ..
أرجوك يا إلهي ..
.
.
يعدو مقتربا إلى أن وصل إلى ذاك الجسد الملقى ..
.
.
وقع على ركبتيه عند رأسه ..
كانت آثار الضرب واضحة عليه ..
الكدمات لم تغسلها مياه الأمطار ..
.
.
همس بصوت مذعور .. ينطق اسمه ..
- عبد الخالق .. ..
.
.
لا إجابة
.
.
و لا صدى ..
كرر الإسم مرات و مرات ..
.
.
أصبح الآن يهزه بقوة ..
.
.
امتدت يداه المرتعشتان تبحثان في جيوبه عن علبة الدواء ..
.
.
وجدها ..
يفتحها و يداه الغير ثابتتين تصعبان المهمة ..
انفتحت
.
.
و انزلقت ..
لتتناثر الأقراص حوله ..
التقط أحدها يحاول دسها في فمه المفتوح ..
.
.
ابلعها يا صديقي ..
أتوسل إليك ابلعها ..
.
.
و لكن القرص انزلق بخفة من فمه المفتوح ..
ليتدحرج ببطء ..
و يستقر عند قدميه ..
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
(( ودي إنيه أوقف تحت المطر .. أخليه يرشنيه .. يسيل عليه .. أباه يروي ظمايه .. يغسل كل شي راح )) ..
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
كان جسده لا يتحرك ..
مليء بالكدمات يغرقه ماء المطر ..
شعره يلتصق بجبينه المجعد ..
و وجهه الحبيب يبدو شاحبا بشدة ..
.
.
لم يرد ذياب تصديق خاطر مر بداخله ..
فراح يهزه بعنف ..
- عبـــــــــــــــــــــــــــــــدالخالـــــــــــ ــــــــــــــــــــــق .. نـــــــــــــــــــــــــــــــــــش ياللــــــــــــــــــــــــــــــــــــــه ..
نش و الا و الله ما رمسك .. و لاعادك بخويي .. خل الحركااااااااااااات عااااااااااااااد ..
.
.
بدت يداه توهنان .. و صوته يضعف ..
- عبدالخالق .. نش و الا و الله ما أحظر عرسك .. ما تقول بتعرس .. و بتييب عيال .. خلاص نش .. و الله نروح نخطب لك نحن كلنا .. بنشل حمد و سيف ويانا ..
.
.
- ما قلت بتشوف بنتيه .. و بتيوزهاا ولدك .. لا ما بيوزهاا ولدك .. ولدك ياهل ..
.
.
و بدت الدموع تحفر أخاديدها وسط وجهه ..
- ما قلت إنك تخاف تموت بروحك .. إنته هب بروحك .. أنا وياك .. لا تموووت .. دخييييييييييلك ..
.
.
.
- عبدالخالق .. حمد و سيف بيوون الحين .. نش لا تخليهم يشوفونك كذيه ...
.
.
.
و لكن لا جواب ..
.
.
سوى صدى صوته ..
.
.
و الأنفاس ..
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
(( ودي إنيه أوقف تحت المطر .. أخليه يرشنيه .. يسيل عليه .. أباه يروي ظمايه .. يغسل كل شي راح .. ((
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
شعر بأنه لا يتنفس الآن .. كجثة صديقه المسجاة أمام ناظرة ..
ذاك الرجل الذي جعل الحياة ممكنه هنا خلف هذه الأسوار ..
أصبح غير موجود الآن ..
و لم يتبقى منه سوى صورة ابتسامته المعلقة في ذهنه ..
و لم تعد الحياة ممكنه هنا بعد الآن ..!!
.
.
عبدالخالق .. لم يطب لي عيشٌ هنا إلا بدعمك ..
أناشدك بخالقك ..
إبقى .. لأبقى ..
.
.
بدت السماء كأنها تشاركه حزنه ..
متلوعه ..!!
.
.
و شعر بأن الزمن توقف للحظة و هو يصيح بأعلى صوته ..
بصراخ اهتزت لصداه جدران هذا المكان الرهيب ..
باسم لم يعد سوى ذكرى ..
لرجل كان الصبر لهم ..
.
.
صاح بصوت ظننت لولهة أن البرق ينوح معه ..
- عبــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــد الخالـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــق
.
.
و بدأ الآن يبكي بصوت عالٍ كطفل فقد أمه ..
احتضن جثة صديقه الباردة ..
يجرها الآن من تحت المطر .. يريد إيصالها للدفء ..
أنا لك يا صديقي ..
أدفئك ..
أحميك ..
لن أخذلك ..
.
.
يجرها و صوت بكائه لا يهدأ ..
إلى أن وصل إلى خلف البواب ..
ليضع صديقه أرض و يقع بجانبه ..
.
.
صوت بكاءه يعلو ..
.
.
يكاد لا يُسمع مع زمجرة الريح ..
.
.
و حزن السماء ..
.
.
الذي سيل الدموع أمطارا ..
عليه ..
.
.
على عبدالخالق ..!!
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
أي قلب فقدناه هذه الليلة ..
أي صبر يداوي هذه العلة ..
أي عقل يقوى و ينسى ..
أي روح ..
انسلت بهدوء ..
تاركة متاع الدنيا ..
غير آبهة ..
لا تطمع سوى
رضا ربها ..
.
.
تحمل على شفتيها ابتسامة آملة ..
بلقاء تحت ظلال وارف في جنة الرحمن ..
.
.
أي حزن سكن نفوسنا .. و حطم الأفئدة ..
و سيل دموع من عرفوك ..
.
.
أي جرح .. غرس بمدية الأقدار في صميم الأمل ..
.
.
.
أي ألم بعد هذا ؟؟!!
.
.
أي ألــــــــــــــــــم ..!!
* قصيدة العيد للشاعرة عابرة سبيل ..
** لحن الفجر للمتألقة سلوة الخاطر
*** الوطن المجهول للمتألقة سلوة الخاطر
|