الجزء الرابع
لثغة الوفاء !,
صباح ممطر بارد بعض الشئ ., استيقظت خديجه لتوقظ ريانه ومازن فقد التحقوا بمدارس جديده كي لا تفوت عليهم السنه الدراسية .,
"مازن حبيبي هيا استيقظ" .,
" ريانه هيا ., العم اسامه في انتظاركم" .,
استيقظوا وذهب مازن الى دورة المياه ., وجلست ريانه على حافه سريرها تفرُك عيناها .,
" ماما انظري ورقه تحت الباب"
., ذهبت ريانه على عجل .,( لكم ., مع كُل الحب) !!
"ماما اقرأي المكتوب .,لكم مع كل الحب ., اتوقع انها من فرح" ريانه تتحدث
خرج مازن على عجل :"ماذا هديه ؟ لمن ؟ ماما لمن؟"
"لا اعلم ! ورقة فقط!" خديجه ومئة علامة استفهام تحوم فوقها ,
ذهبت خديجه الى الباب مباشره., فوجدت عند الورقه مُغلف ,فتحته واذا بخمسة آلاف ريال !
لم تفهم المغزى من المبلغ او مِمَن ., البست طفلاها على عجل ., وخرجت الى المطبخ وهي ترتب هندامهما لتُعد فطورهما وفي عقلها أسئلة وبين عينيها استغراب وذهول واضح ., مِمَن ياترى ! اتراه من ام سليمان لِعِلمها بجرحي عشية أمس ., ام هو .. من ابي سليمان لِعلمه بحاجتنا الماسه لهكذا مبلغ ., صحيح اننا نأكل ونشرب وننام بلا مقابل., لكن الاطفال بحاجه الى مجموعه أغراض ., وكذلك اُريد ان ادفع عن روح المرحوم محمد ., أتُراه من أحمد! كسبيل للتودد .,
على الفطور ام سليمان وفرح ., " فرح أين الجامعه اليوم!" ام سليمان تنظر الى فرح
"لا توجد محاضرات اليوم" ردت فرح بفرح
"ام سليمان ., وجدت اليوم مظروف تحت باب الغرفه ,. أتُراه من قِبَلِك؟" تتكلم خديجه بحذر
"ظرف ! لا" ردت ام سليمان
"من ابو سليمان؟" تستطرد خديجه
"لا اعتقد., لم يخبرني بشئ ., سأسئله ., لكن مابداخل الظرف؟!"
"خمسة ألاف ريال" ولا تشيح عينيها عن عيني خالتها
ردت فرح على الفور :" اِن لم يَكُن لَكِ بها حاجه ., فأنا احتاجها" تبتسم ثم تضحك
انتهى الحوار ومازالت الأسئلة تُحلق بخديجه الى عوالم لا تريدها ., خَبَأت المبلغ لحين معرفة صاحبه ., في مخيلتِها تعلم من هو المرسل ., هو من يريد الزواج بها ., يريد الاحتفاظ بأبنائِها ., بِاختصار يريد ترِكَة اخيه محمد من زوجة وأبناء ., هو أحمد لا محاله!
دخلت خديجه المطبخ مع خالتها ام سليمان لِإعداد الغداء ., "فكرتي بالموضوع!" تتكلم ام سليمان
"اي موضوع " ردت خديجه
"احمد" باصرار
ياااه لم ننتَهِ من مواضيع التطفل واللامُباله ., تتكلم خديجه مع نفسها ., " اخبرتكم بقراري ., ولا شئ بالاكراه"
تدخل فرح لِينتهي الحوار .," سأذهب اليوم عند خيريه لنتباحث في مشروع الجامعه"
ترد ام سليمان :" وبدون تأخير ., اطلبي من اسامه ان يُقلك"
يُقرع الجرس فترد فرح :"مين ., حسناً .,., أمي جارتنا ام سعد بالباب"
"افتحي مجلس الضيوف" ترد ام سليمان على عجل ., اعطت السكين لخديجه " اتمنى ان تكملي الباقي حتى ارى ماذا تريد ام سعد"
ام سعد صديقه وجاره لعائلة ام سليمان ., زوجها كان مدمن وكانت تلاقي منه انواع العذاب والهمجيه ., لكنها صبرت من اجل اطفالها ., لديها ابنتان و ثلاث شباب ., انتظرت ام سعد وكافحت من اجلهم حتى تزوجوا واستقروا ., لك تبقى الكبير سعد ., اصابه شي من الهلوسه جراء ماكان يراه من ابيه المدمن المتوفي قريباً ., تلك الهلوسه افقدته شخصيه الرجل فكان لابد من موجه معه طوال الوقت ., فهو يخاف من الظلام ولا يحب الأماكن المغلقه ., دائم التشتت والتلفُت فهو يتخيل وجود أشخاص معه يراقِبونه
"أهلا ام سعد ., حياك الله" ام سليمان تمسح اثار الماء من يديها بثوبها لتمدها الى ام سعد
ام سعد:"اهلا اهلا ., الله والنبي يحييك., أحوالكم؟"
وبعد ديباجه السلام والأخبار ., تلعثمت ام سعد في جملتها :"ام سليمان انتم اهل واحباب لعائِلَتِنا ., وأولادنا تربوا مع بعضهم لسنوات عدة ... "
ام سليمان تتسائل وتهز الرأس بالايجاب
تُكمل ام سعد:" والحمدالله بلغني الرب بكُل اولادي وبناتي وصرت أرى السنين العِجاف مع أبيهم تتبدل الى بساتين من زهور هي أبنائهم ., أحفادي ., وتَبَقَى سعد ., الله يصلحه" سكتت ام سعد
ترد ام سليمان كأنها مقاطعه:" تريدين ان اخطب له انا جاهزه ., فهو رجل ومن عائله كريمه" عَلِمت ام سليمان بمغزى ام سعد فهي تنوه على خطبه ابنتها فرح ., وهي تعلم ان سعد ليش بالرجل الكامل
ام سعد:" وحاجتنا عندكم!"
ام سليمان:"فرح مازلت تدرس ., مع الاسف طلبك ليس عندنا" ام سليمان تريد تزوييج فرح وتنتظر لحظه زفافها بفارغ الصبر ., فأي ام لا تحب رؤية ابنتها بليلتها بالاضافه إلى ان ام سليمان تريد التخلص من هذه البنت الدلوعه الكثيره الطلبات
ام سعد بابتسامه هادئه:" لا نريد فرح ., نريد ريانه" تتكلم وماتزال الابتسامه الواثقه
ام سليمان باستغراب:"هل تعلمين كم عمرها ؟ انها في الرابعه عشر !!"
تسرد ام سعد تاريخ من تزوجت وهي صغيره وكيف انها تكون مقاربه لسن ابنائها! وكيف انها وام سليمان تزوجتا وهن صغيرات واصبح لديهن عائلات بسرعه ومازال الشباب يفيض من وجوهِهن
ثم تكمل ام سعد:" لا اريد رداً الان ., سأنتظر الى الاسبوع المقبل"
وتسرد الحكايات العريقه بدون تفكير بتلك الطفله الصغيره:" اذا تمت الموافقه ستسكن لدي أنا وستكون ابنتي الثالثه., وستلاقي انواع الدلال والحريه وستكمل دراستها بدون اعتراض وسأكون اول من يساندها .,"
تكمل بأريحيه الأسطوره من تأليفها والإغراءات :"سعد رجل مؤدب وخلوق وبه حياء اِمراءه ., محبوب من قبل اخوته ., وانا احتاج لأنيس في المنزل ., "
سكتت ام سليمان بدون تكوين ادنى فكره لأم سعد سواء بالموافقه او العدم ., لكن ام سعد بنظرتها المتفائله افترضت ان السكوت علامة الرضا
"ماذا كانت تريد ام سعد ., زيارتها مُستَغرَبه ., عادةً نراها وقت المغرب!" خديجه تتكلم مع خالتها عند دخول ام سليمان المطبخ
ام سليمان:"مجرد سلام., لاشئ يُذكر" تشيح بوجهها عن خديجه لتنشغِل بقطع الخضروات ,.
اخفاء ام سليمان لخطبة ريانه عن امها خديجه امر جداً مستغرب! , لما تخفيه اِما ان تبوحَهُ لخديجه كدُعابه فريانه مازالت صغيره على ويلات الزمان ., واِما ان تُخبرها والرأي الأول لريانه والأخير لأمها خديجه
تدخل خديجة غرفتها ., وتفتح دولابها لتُخرج بين طيات ملابسها او بالأحرى بين طيات المجهول ذلك الظرف., تستند الى الدولاب وتهوي بها افكار وترفعُها افكار ., مازال مصيرها وأطفالها مجهول ., ومازال الألم في فقد الغالي مجروح ., ومازال طلب المستحيل منها منثور ., ياه خديجه ويلٌ لكِ مما تخبِأُه الأقدار .,
"يارب ., ياسميع لكل مضطر ., اللهم اِنك تعلم ضعفي وقلة حيلتي وهواني على الناس ., اللهم فك قيدي ., وسلي قلبي ., واجمعني مع اطفالي دائما على حبك ورسولك ., آمين يارب" بكل حرف تنبِس بها شفتاها تصحبها الف دمعه ., فالضعف والألم والمساومه مازالوا قائمين كالرِماح في شهورها المثقله بالتفكير,,
لثغة الوفاء له ., والحنين لكتفيه يشعل في جوفها قنديل
أتُراه ينير كل دهاليز الجسد...