الجزء الأول
يالعذوبتك,
"شُكراً أبي" كلمه نطقتها ريانه لِأبيها على هدية يوم ميلادها الرابع عشر .,
"كل عام وانت الى الله اقرب" أجابها الاب .,
ماأجمل ان نرى اطفالنا يكبُروا مع السنين , تُنضِجهُم عَثراتهم في الحياه , نَشهد ضحَكَاتهم ونمسح دموع الأسى من أعينهم
"رائعه يا ريانه بفستانك الذهبي" رددتها اُمها مراراً دون ان تعي فقد كان قلبها من يحكي لا لسانها
ريانه فتاه رائعه مؤدبه ذات أربعة عشر ربيعاً , متوسطة الجمال ولكن جمال روحها يُضفي عليها رونق سيده راقيه., من اب سعودي يدعى محمد وام عراقيه تدعى خديجه ربطتهما علاقه زوجيه رائعه قبل ستة عشر عاماً عن طريق زواج الأهل ., فكان اخو خديجه عصام صديق عمل لمحمد الذي كان يملك شاحنه لنقل المؤن للعراق ونقل الرسائل لاهل العراق في السعوديه ., وكانت الحاله مستوره وتعتمد على الاجواء السياسيه والاقتصاديه
مازن يصغُر ريانه بثلاثة اعوام ,رائع الجمال به من ملامح امه خديجه وقامة ابيه السمرا, طفل منطوي نوعاً ما يُحب ان يجلس مع نفسه أغلب الأوقات, ملامحهُ الانثويه جعلت منه طفل هادئ الطباع \المزاج
"الى متى هذا الركود المالي, اطفالنا يكبرون بسرعه ومطالبهم تزيد مع اعمارهم , ريانه تريد حذاء جديد للعيد فالقديم مُهترئ, مازن طُلب منه بنطال لحفل التخرج من الابتدائي!" .,
" خديجة ياغاليه تعلمين ان الامور تزداد سوءاً هذه الايام فلا استطيع التردد على العراق, اخبرت صالح صاحب الورشه إن كان لديه شاغر ووعدني بخير" ,عيون محمد توحى بان لا سبيل الا الانتظار
اردف قائلاً:" حالياً لدينا سوق الحراج, صحيح ان اللقمه قليله لكن مستوره" صوته يتحشرج من القهر
استطرد:"خديجه لا تتذمري امام الاطفال فلا حيلة لهم وقد نؤثر عليهم سلباً"
"لا تقلق ابو مازن طالما اننا مجتمعين ., الحمدلله على الصحه ., بالمناسبه اتصلت امي تشكو من سوء الاوضاع في بغداد., فاالجو بارد والغاز غير متوفر للتدفئة., اما الكهرباء فتنقطع معظم اليوم ., غير الاوضاع السياسيه هناك ., اللهم استر" عيناها تغرق بدموع طاهره شفافه حاره من ألم الفراق
" ياغاليه, هوني عليك الله ألطف بهم ., لا نملك الا الدعاء ., ان شاء الله تتسهل الامور ونذهب مع الاطفال رحله الى بغداد"
"الله كريم" اردفت وهي تمسح دموعها بكفي محمد ., وضع يده على كتفيها إشاره منه الى الخروج من الغرفه
عبدالرحمن صديق سوداني لعائله ابو مازن, اتصل بابو مازن قُبيل الفجر:"ابو مازن , الله يرضى عليك ام مُعاذ ستلد قريباً اطلب من ام مازن مرافقتنا الى المستشفى"
ابو مازن:"خير ان شاء الله, اذهب وسنلحق بكم"
ام مازن:" والاطفال من يجلس معهم؟"
ابو مازن :"لاعليك سأوصلك ثم ارجع لهم, استعجلي يا غاليه"
في المستشفى في ردهه النساء و الولاده التقى ابو مازن مع عبدالرحمن وقد كان في حاله قلق على زوجته والطفل المرتقب
ابو مازن مازحاً:"من يراك يا ابا معاذ يتهيأ له انك تستقبل الطفل الاول وليس الخامس!"
ابو معاذ:" ياشيخ اتركها على الله, الاطفال في الشقه هل من الممكن تأخذهم عندك ؟" واعطاه مفتاح الشقه
عايشت ام مازن الام المخاض مع ام معاذ فهي تعي تماماً ماذا يعني خروج روح من روح, استغرقت ام معاذ سبع ساعات حتى وضعت مولود ذكر صرخ مستقبلاً الدنيا ,هي صرخه فرح ام حزن الله وحده اعلم بالاقدار,
" محمد الحمدالله ام معاذ انجبت صبي يشابه عبدالرحمن بدرجة كبيره"
"الحمدالله ., سأبشره فهو يحترق شوقاً"
"وانا احترق شوقاً لِأراك وأرى الاطفال"
"صحيح يالغاليه اشتقتي إلي!"
"أي والله " احمرت وجنتاها خجلاًً
رجعت خديجه لمنزلها استقبلتها ريانه بقبله وجاء مازن بخجل ليرتمي في احضان امه
"بما ان لا عشاء الليله ., سأعزمكم في مطعم يليق بمستواكم" يتكلم وهو يمسك ثوبه ويشده من الامام كَعلامة اعتزاز
نظرت اليه خديجه باستغراب فهي اعلم بالحال , أومأت بـِمِن أين لك هذا؟!
غمز لها محمد واهداها قبله بالهواء
ريانه :" صحيح ابي .,الى اين ؟! صديقاتي أخبرنني بمطعم جميل في منطقه الـ.. "
قاطعتها امها:" ريانه عزيزتي دعي الخيار لابيك فهو صاحب الفكره"
ركض مازن ليلبس حذاءه ووقف منتصباً امامهم ., عندما رأوه ضحكوا من اعماقهم
يالِعذوبة تلك العائله ! قد تبدو الأشياء عاديه وممله في بعض الاحيان اذا لم ترتبط بمن نحب كـ هم ., كـ محمد ., كـ خديجه ., علاقه رائعه رغم قسوه الظروف والحياة الماديه الصعبه .,
" سكبتَُ له دمي .. وقلتُ لأجله فداء !لرجلي ألف قبله " عباره تحكيها عينا خديجه