الجزء الثاني
كُنت لصدري ملاذ,
طوال الليله الماضيه كان تعلق مازن بأبيه تعلقاً غريبا , كان لا يفارقه وحتى ان اضطر يجري مسرعاً اليه على غير العاده! , " ياااه مازن اترك ابيك قليلاً ليأخذ قيلوله" خديجة تمد يدها لمازن كي يصطحبها خارج الغرفه
يُومأ راسه بكلا , " اتركيه لينام بجانبي, فانا مشتاق اليه ايضا" يغمز ابو مازن
دخلت ريانه غرفت ابيها بعد ساعه من الحوار لِتجد مازن وابيه في حاله نوم ملائكيه رائعه نادره الحدوث بين اب وابنه, " ماما ماقصه مازن اليوم ! يتصرف بغرابه"
"لا اعلم ياريانه فأنا اعجز عن فهمه في اوقات كثيره" ردت خديجه بعد ان رفعت حاجبيها ويديها , ثم استدارت لتنظف ماتبقى من بقايا الغداء
الساعه تشير الى السادسه والنصف مساءً ومازن وابيه في نوم عميق , "ماما اريد قلماً اخضر فلقد استهلكت القديم" ريانه وهي ترمي القلم القديم في مكب النفايات, " مازال ابيك نائم! مارأيك ان ننزل نتمشى ونذهب الى المكتبه بدون ازعاج الثنائي الرومانسي" ردت خديجه وقد كتمت ضحكه مجنونه , ريانه ضحكت بصوت عال بعد انا قاومت ضحكتها بيدها .,
فتحت خديجه باب الشقه لتدرك ان الوضع مستتب ومازلت الملائكه نائمه! , "ريانه أليس من الغريب ان ينام ابوك الى هذه الساعه" تنظر الى ساعتها التي تشير الى الثامنه الادقائق ,
"ءأذهب لِأُوقظهم؟" ومشت ريانه نحو الباب لتفتحه
"بابا هيا استيقظ, سننام بعد قليل لليوم التالي وانتم مازلتم في قيلولتكم" تسحب الغطاء برفق
استيقظ مازن وبصعوبه يفتح عينيه, " أووووه ! رأسي ثقيل, واحس بصداع" مازن وقد اعتدل في جلسته على السرير
"ريانه اخرجي مع مازن, دعوا ابيكم بدون ازعاج"
باب الغرفه مقفل بوجود خديجه ومحمد ," هل لك ان تستيقظ ام تريد ان تنام لغداً!" خديجه تمازحه
ازالت الغطاء عن جسده , ومسحت على جبينه مراراً , مسكت يده كعادتها في ايقاظه واخذت تفرق اصابعه غالباً ماكان يسحب يده منها وينقلب الى شقه الاخر مستديراً بظهره عنها إشارة منه ان يأخذ المزيد من الدلع
لكنه لم يفعل , دق قلب خديجه بسمفونيه مخيفه , " محمد , محمد , محمد .." في كل اسم ترتفع حدة صوتها
دخل مازن على صوت امه , قفز على السرير ونام على كتف ابيه , ودمعت عيناه حتى بلل ثوب ابيه
"مازن مابالك , ابتعد عن ابيك !" تتكلم خديجه بها غصه وكأنها تعلم ماتُخبِأه اللحظه
تدخل ريانه وعلى رأسها منشفه الاستحمام : "ماذا هناك! ماذا حدث , مازن مابك!"
رأت ابيها وهو على نفس الاستلقائه الملائِكيه , وامها تدمع مصدقه وغير مصدقه وكأنها تستحث القدر ان يلطف بها ,تمر الثواني مثقله بدموع مسموعه كدموع ريانه ودموع كتومه كدموع مازن اما خديجه فبدت بحاله هستره ماقبل العاصفه ,
"لقد رأيت ابي البارحه في المنام!" تكلم مازن وبعينيه الف عَبرَه وعَبرَه "رأيته بحاله جميله يركب ناقه ويمشي بعيداً, كنت اناديه لأركب معه لكنه لا يجيب ثم التفت الي وابتسم " عندها اجهش مازن بالبكاء حتى اختفت ملامح وجهه الانثوي من الدموع , " سألت الاستاذ عن التفسير ... " لم يستطع ان يكمل فالحزن اكبر من تلك الكلمات التي تتدافع على لسانه ,
بدأ النحيب مابين مُقلب ومُقبل ليدي محمد , اخفت ريانه وجهها بالمنشفه فلا يسمع الا بُكائها وشهقاتهاالمتتاليه , خرجت خديجه من الغرفه مسرعه لتتصل بعبدالرحمن :" الو .. ارجو ان تأتي للشقه .." لم تستطع واغلقت الهاتف
دخلت الغرفه مسرعه وكأن تلك الخطوات تقودها نحو سعير , وكأنها تريد ان تكون كذبه او كابوس لتستفيق على صوت محمد الحب الاول والاخير , الرجل الذي تركت الدنيا لاجله تنازلت عن اهلها ووطنها لاجل ان تعيش مع رجلها, عاصرت كل ألامه وفاقته وصبرت لانها كانت ترى في عينيه بريقا من الطيبه والحنيه , ترى اطفالها الصغار تيتموا امامها ,ترى مازن وقد انهكه البكاء فوضع رأسه على صدر ابيه كأنه يريد ان يذهب معه , اصبحت ترى في عينيه رجلاً يكبر امامها او بالاحرى الطفل الرجل وليد اللحظه فهو من سيهتم بها وباخته ,الطفل ذا الاحدى عشر عاماً سيصبح مسؤولاً مُكلفاً , شاهدت الطفوله تودع مازن الصغير مع روح ابيه وكأن محمد القى عليه المسؤوليه خلال القيلوله ومضى الى غير رجعه , اما ريانه فمازالت تنتحب ابيها وتتلفظ بعبارات غير مفهومه عن كراسها وهدية ابيها :" ليتني نمت معهم القيلوله .. ليتني .." , تحترق خديجه على اطفالها وعلى حبها
سكت الجميع لوهله عند دق جرس الشقه فتلك كانت فتره وجيزه لاستعاده الانفاس واللجوء الى الدموع علها تخفف لكن الدموع دائما تكون كالشخص الذي يساندك لكنه يحرقك
ذهبت خديجه بعد ان لبست حجابها لتفتح , :"ابا عبدالرحمن , محم ..." تنتحب , دخل عبدالرحمن مسرعاً ليجد صديقه ورفيقه ممدداً على السرير بلاحراك , دمعت عيناه لا للمنظر فقد كانت وضع محمد هادئ ويطمئن بالخير لكن منظر اطفاله كان مرعباً
ألا يا طير بلغه التحايا , وقبل خده عني , وقل بالله اني لست ارجو من الدنيا سواه