الجزء العاشر
خوفٌ يُعانق السماء !,
تنام أعين وتفيق أخرى ., منهم من يُفكر بحبيب ليس معه كـعيني خديجه ., ومنهم من اعيته الأسئلة كـعيني ريانه ., ومنهم من يجول في انحاء الغرفه هامساً كـفرح وهاتفها ! ., فكلما ارخى الليل رموشه تسللت فرح الى غرفه المذاكره المزعومه لتلتقى بفارسها الذئب ., تتسامر معه حتى ساعات الليل المتأخره ., وبينهُما حروف مشبعه بالغث والسمين.,
حَل الصباح وفي عقل كل شخص نوايا .,
" فرح ., اسرعي فالسائق يُصلح السياره ستذهبان انتي وريانه مع اسامه " ام سليمان من اسفل عتبات السُلم .,
"ثواني ., يااه ., لما لم تخبروني بفتره ., لم أنتهي بعد" فرح تنظر الى امها من الأعلى بشعرها الغير مُرتب .,
تنزل ريانه المُهندمه ., مع حقيبتها الى الصاله لتسلم على جدِها وجدتها ., جلست بجانب عمها اسامه الذي لا يفتأ من الابتسام كلما تلاقت عيناه بعينيها .,
" لا اصدق ان ريانه بنت وفرح بنت ., انتهت ريانه قبل فرح " اسامه يتكلم ويأكل حبات الزيتون
"البنات يختلفن وريانه أميرتهم " يتحدث الجد بصوت اجش مبحوح .,
ابو سليمان يعاني من الربو المزمن ., وفي هذه الايام اصبحت النوبات تتوالى عليه تِبَاعاً ., ودواء الربو دائِماً في جيبه ., انسان طيب وعصبي في آن ., لا يوجد فارق سني كبير بينه وبين ام سليمان ., لكن الزمن اخذ منه كُل مأخذ ., فقد كان جَمَّالاً في الماضي أي يقود الجمل وعليه متاع واشخاص من والى مكه بقافله من الجِمَال ., فقد كان يغيب الشهور عن بيته وابنائه ., ولم يستقر الا عندما كبر الصبيه والفتيات ., لذا هو متعلق بأُسامه وفرح اكثر من غيرهما لانه رأهُما يكبران امام عينيه ., يحب الصغار وكثير المداعبه لهم ., نقطة ضعفه عندما لا يجد دواء الربو في جيبه ., هُنا يرجف المنزل باَكمله لصراخه مع انه لا ذنب لأي شخص بنسيانه هو ., لكنه عاش مأساه ان يواتيه الربو مُباغَته بدون دواء ,. ففي احدى الليالي استيقظ من السعال وبدأت الشعيرات الدمويه تضعف حينها فقط اكتشف ان الدواء انتهى وقد قرر قبل ان ينام انه سيجلب الدواء في الصباح ., في تلك الليله عاش بين شعرة الحياة والموت ., وايقظت ام سليمان احد الأبناء لجلب الدواء ., من تلك الليله صار لِزاماً على كل البيت ان يتفقد ذاك الدواء في جيب الكهل ابو سليمان!
" اتوقع انني اسمع الهاتف من اول مره., فلا داعي للاتصالات المتكرره!" فرح مستاءه
"وانا اتوقع انه لولا تلك الاتصالات لما نزلتي الان" اسامه بتهكم
اسامه فتى مسالم الا مع فرح فهو كثير النقاش الذي ينتهي بشجار ., وتعتبر من متعه بالحياه ان يجعل فرح مستاءه ., هي الاخرى تستمتع ايضا بتلك المشادات لانها عنيده ., لكن في الغالب تكون النتيجه عكسيه على فرح فهي عصبيه بعكس اسامه الهادئ ., اسامه كأي شاب سعودي يذهب الى الجامعه يرجع لينام ليخرج ., بالاضافه الى انه مستقيم من ناحيه الدين فلا محرمات والصلاه دائماً في وقتها في المنزل ., وذاك حديث الساعه مع امه التي دائماً ماتطارده الى المسجد .,
" مشاجرات في الصباح ., يالله صَبرني " ام سليمان وهي ترفع بعض الصحون مع الخبز الى المطبخ
اما ابو سليمان فكأن لم يحدث شئ ., يلتفت إن رأى اسامه يبتسم ببرود على فرح ابتسم هو الاخر ., وإلا يمسك جهاز التحكم للتلفاز ليستمع الى الأخبار .,
ركب الجميع في سياره اسامه الى مدرسة ريانه ثم جامعه فرح ., بعد نزول ريانه وفي طريق الجامعه رن هاتف فرح ., رأت الرقم ولم تجيب ., واتصل من جديد ولم تجيب ., " من بالهاتف! " اسامه
"خيريه ., لست بمزاج يسمح لي بالتحدث معها" فرح وهي تُعَدِل غطائها
ومر الموضوع بسلام ., لكن الجره لن تسلم في كُل مره
في غرفة فرح وريانه وخلال تواجدهما معاً قبل آذان العصر بقليل ., ترتمي فرح على سريرها وتسأل ريانه " اذا خرج لكِ المارد من ابريقه وسألك عن أمنيه ماذا تتمنين" تلعب بخصلات شعرها وتنظر الى السقف
"اتمنى ان اجد اجابات لتساؤلات تجول برأسي" ريانه وقد توقفت عن كتابه واجبها المدرسي لتجيب العمه فرح
"وانتي ., هل لديك امنيه" ريانه وكأنها متعجبه
تضحك فرح بصوت مسموع :" ريانه !., ومن ليس لديه امنيه !"
"يفترض ان تكون انتي " ريانه مُجيبه
"انا !! ولما !؟" فرح تَتَكِأ على السرير لتشاهد ريانه
"انتي جميله ., جامعيه ., لديك عائله ., ام واب ., ماذا تتمنين غير ذلك!؟" ريانه
"اتمنى ان اكون مع من احب بمنزل واحد" تبتسم فرح ليس لريانه وانما لصدى تلك الجمله التي قالتها لأنها زينت لها صوره صاحِبها
"ومن ذاك الشخص ياعمه فرح؟ " ريانه
فرح تفتح دولابها لتختار ماستلبسه الليله :" ريانه انت اصغر من ان تفهمي مااقصد"
ريانه طفله لكن كبيره وتفهم مايدور حولها ., وهي بين شاك ومُصدق لحركات العمه فرح ., لكنها تريد ان تحيا بسلام بدون ازعاجات وتدخلات
تختار فرح من ملابسها الضيق الفاتن ., " عمه فرح ., الى اين !" ريانه تتحدث
"الى خيريه سنُذاكر قليلاً " فرح
ريانه : "وكيف ترتاحين بتلك الملابس ., اتعلمين لو كنت مكانك لذهبت بملابس المنزل " تضحك
فرح : "لا ياحبيبتي يجب ان تتعلمي الذوق واللباقه ., فالملابس هي الواجِهه امام الناس"
تذهب فرح الى والدتها وتنادي من بدايه الممر لأسفل إلى غرفه الجلوس : "أمي ., أماه .."
"فرح لا تنادي من غرفتك ., تعلمين انني في الأسفل" ام سليمان مُوبخَه
فرح وكأنها لم تسمع :" سأذهب الى خيرو "
ام سليمان :" ومن خيرو هذه !"
" امي خيريه صديقتي ., سنذاكر" فرح
اسامه يلتفت اليها :" الا تلاحظين ان زياراتك لخيريه كثيره ., الحمد الله لست خيريه ., لِأَتحمل ثقل دمك!" يريد ان يبدأ مشاده جديده
"أرأيتِ امي هو من يبدأ بالكلام" فرح
ام سليمان :" لا يوجد من يُوصلك ., فالسائق ليس لديه سياره ., تركها في الصيانه"
فرح :" اسامه بدون عمل هو من سيوصِلُنِي"
اصبح لِاسامه سلطه في القضية ., :"وان اوصلتك ماذا تعطيني"
" كم تريد " لو طلب اسامه مال الدنيا من فرح لَوَهَبَته
" مممم دعيني افكر ., وقد لا اوافق ., لا اعلم " اسامه يمارس سلطته
"وكم سيستغرق تفكيرك " فرح بعصبيه
"اذهبي ربع ساعه و ارجعي " اسامه مشيحاً عن فرح
ذهبت فرح لحجرتها وبها من المأساه الشئ الكثير ., اخذت الهاتف وانتقلت الى غرفة المذاكره ., ثم رجعت ونزلت ., " هــا ., اتوقع اصبحت ربع ساعه " فرح
" حسناً لا اريد مال ., اريدك انت تأخذي ريانه معك " اسامه وقد ضرب على وتر حساس
"ماذا ريانه ., بالتأكيد لَستَ بعاقل ., كيف اخُذها سأذهب للمذاكره ., امي هل تسمعين الشروط التعجيزيه" فرح
ام سليمان توبخ اسامه:" كيف تأخذها ستلهيهُما عن المذاكره ., ثم انها صاحبة فرح وليس ريانه"
اسامه :" لِتَأخذ كتبها وتستذكر معك ., عموما هذا شرطي ., والخيار لكِ"
فرح تخرج غاضبه من الغرفه ., وتذهب الى غرفه المذاكره ., وتجري اتصالات ., وتذهب الى ريانه ., " هيا غيري ملابسك ., ستذهبين معي الى خيريه " تتكلم وكأنها تحتقر ريانه وتريد قتلها !
ريانه تحاول استيضاح الأمر :" انا اذهب معك ., لِماّ؟"
" هذا شرط الأخ اسامه " باحتقار بالغ
"لكن لا اريد الذهاب " ريانه
" اذهبي واخبريه " فرح وبدا الأمل بالظهور
تنزل ريانه لتكلم اسامه : "عمي لا اريد الذهاب الى خيريه ., لا اعرفها ثم انني استحي منها "
"لما الحياء كِلاكُن فتيات ., ثم انتي لم تخرجي منذ فتره ., وهذا وقت مناسب: اسامه يقنع ريانه
"عمي ارجوك لا اريد ولَدَي واجبات لم اُنهِها بعد " ريانه تتوسل
اسامه :" هذا شرطي ., اذاً فلتجلس فرح"
الغرض من تلك القضيه ان اسامه يريد ان يَذِل اخته قليلاً فهي لا تحتاجه دائماً وهذه فرصه جميله عليه استغلالها للحد من تمرد اخته وعنادها
عادت ريانه ادراجها ., " عمتي لا اريد الذهاب لكن عمي مُصر ., انا لا احب الذهاب ., لكن اذا كنتِ مضطره للمذاكره فسأذهب معك"
فرح بتهكم :" شكراً لتفضلك ., هيا غيري ملابسك"
تنزل الفتاتان وشتان بين ملابسهما ., بيد فرح كتاب وبيد ريانه حقيبة كتب ., ركبتا ولم ينبس احدهم ببنت شفه .,
دخلتا الى منزل خيريه ., " ماشاء الله هذه ريانه ., لم اتوقع انك بهذا الشكل" تتكلم خيريه
تبتسم ريانه :" اذاً كيف تخيلتني "
" لااعلم لكن غير ذلك" ترد خيريه
ريانه فتاه كبرت بسرعه فطولها يقارب طول فرح بالرغم من فارق السن ., لها شعر يميل الى الكستنائي ناعم وطويل الى كتِفيها ., لونها يميل الى البياض وعينيها بلون شعرها ., هادئه جداً ., مُريحه لمن ينظر لها ., لديها ابتسامه جميله ومايُجَمِلها هو تقدم انيابها الاماميه قليلاً وذاك يجعل من ابتسامتها شيئاً مختلفاً .,
وجود ريانه بنفس غرفة فرح وخيريه جعل الكثير من الغمز واللمز بالموضوع ., فالشيطان يُزَيِن ويحجب الرؤيه عن عيني فرح فلا تدرك ان ريانه تعي ماحولها ., قررت ريانه ان تفتح حقيبتها وتبدأ بحل الواجبات المدرسيه .,
" خيريه اتوقع اني سأذهب الى المكتبه لِأشتري الكتاب" فرح تبدأ بتمثيل مسرحيه
ترد خيريه مُتقِنَه الدور : " حسناً اذهبي مع السائق "
فرح : "ألن تأتي معي ؟"
خيريه :" لا سأجلس مع ريانه ., وسأساعدها على الواجبات"
ريانه :" الى اين ستذهبين عمتي ., لن اجلس هنا بدونك"
فرح :" ريانه لا تكوني طفله انتي مع خيريه .,سأشتري الكتاب واعود"
ريانه مُصِرّه :" سأذهب معك احتاج ايضاً لوازم من المكتبه"
فرح :" انا أشتريها ., ماذا تريدين"
ريانه :" اذا لم تدعيني اذهب سأتصل على عمي اسامه لِيأخُذُنِي"
ريانه كانت خائفه من الجلوس في بيت الغرباء لاسيما انها المره الأولى التى ترى خيريه ., ومن الطبيعي انها لم ترتاح لها مع حركات الاشاره بينها وبين عمتها ., اما فرح فهي تود الخروج باسرع وقت لتجلس مع الحبيب اطول وقت!
الكثير من محاولات الاقناع وكأن ريانه طفله صغيره ., والكثير من الرفض من جهة ريانه فهي لم تتربي على المكوث في بيت غريب ., منذ زمن ابيها لم تذهب الى بيت صديقاتها الا واحده عندما اتصلت الام على خديجه لتخبرها انه احتفال بنجاح ابنتها وان على خديجه ايضا الحضور .و تلك كانت المره الأولى والأخيره لها
وافقت العمه على اصطحاب ريانه ., وبدأت مسرحيه جديده ., تكلمت خيريه :" اوه., فرح .,السائق غير موجود ., لكن اخي منصور سيذهب اعتقد للمكتبه بامكانه اصطحابكما"
ريانه على الفور :" ليس ضروري عمتي ., عند خروجنا نخبر عمي اسامه ليقلنا الى المكتبه"
فرح :" مم., اعتقد ان منصور حل مناسب ., ريانه احتاج الكتاب"
ريانه :" عمتي كيف سنذهب معه ., لا نعرفه"
خيريه:" حبيبتي هو اصغر مني سناً ., اي اصغر من فرح ., فلا داعي للخوف ., ثم ان المكتبه قريبه"
مسرحيه شيطانيه تافهه من تأليف فرح واداء فرح وخيريه ومنصور .,!
ريانه تركب سيارة منصور هي وعمتها بالخلف والكثير من التمثيل ., دقات قلب ريانه متسارعه جداً فهي تعلم مدى خطوره الخطوه الجريئه., كانت تلمح نظرات منصور من المرآءه الأمامية ., ورأت مدى اريحية منصور وفرح في الحديث بالرغم من تحفظِهِما ., نزلوا الى المكتبه و كثيراً ما كانت فرح تحاول اِضلال ريانه داخل المكتبه لتقابل منصور في الجهة الأخرى مُتَحَجِجَه بالبحث عن الكتاب ., وكثيراً ايضاً التقت ريانه بمنصور في كثير من الممرات وكان يبتسم في كل مره ., خرجوا جميعهم صِفر اليدين ., فلا منصور بيده شئ ., ولا فرح بيدها الكتاب ., ولا ريانه اخذت حاجياتها.,
بغرفه النوم وفرح مستلقيه على السرير وكذلك ريانه وقبل ان تُغلِق فرح اضاءة النوم :" ريانه عديني ان لا تخبري احداً أياً كان عن ماحدث اليوم في منزل خيريه"
" أليس مافعلنا صائب على الأقل بنظرك وبنظر خيريه" ريانه وهي تعي ماتقول ومافعلت
" احياناً نفعل اشياء عاديه جداً ., لكن أهلنا لن يتفهموا ., لأن لدينا عقليه ولديهم عقليه., مثلاً ما حدث اليوم ., امر طبيعي جداً ., منصور صغير وهو كأخي لكن عندما اخبر امي فإنها ستوبخني وستجعل من لاشئ شئ., لأنها تخاف علي ., انا اتفهم ذلك لكن الأزمنه تتغير ., سيأتي يوم يا ريانه ستوبخين اطفالك على اشياء يرونها عاديه"
سكوت من جهة ريانه فهناك صراع بين الخير والشر ., صراع بين ماتربت عليه وبين مافعلته اليوم
فرح تكسر الصمت :" ريانه عديني "
ريانه :"اعدك"
فرح:" تصبحين على خير"
ريانه :" وانتي من أهل الخير"
ماحدث اليوم كان اشبه بحلم يمر على اطراف ريانه ليجعلها ترتعش ., فعلياً هي كانت ترتعش منذ ركوبها مع الرجل الغريب وحتى الآن ., تعلم بقرارة نفسها ان ماحدث خطأ غير قابل للجدال او الإقناع كما فعلت فرح معها ., لكن احست بشئ بداخلها ., نظرات منصور كانت تنم عن اعجاب ., بالتأكيد بها شئ يختلف عن باقي الفتيات والا لِما لاحقها منصور بِعينَيه كثيراً سواء داخل او خارج السياره ., شئ ما احسته ريانه والغالب الخوف والرهبه من الموقف ., "لـــكِـــن " ., تلك الكلمه لازمت ريانه خوفٌ ولكن يوجد شئ ما ., رهبه ولكن يوجد شئ ما ., كان منصور فنان فتيات استطاع رسم شئ ما بداخل ريانه اجبرها على الاستسلام له بطريقه او باخرى .,
قرأت وردها ., غطت رأسها الصغير المَلِئ .," يــالله أرجوك بحجم تفكيري الأن اجعلني اخلد الى النوم "