الجزء الثامن
سأُصفقُ لغيابِك مهزومَاً !,
هبطت طائرة خديجه ومازن في الأردن ., أحسَت خديجة بغربه عجيبه فلم تعهد السفر لوحدها وهذه هي المره الأولى ., ترى كل البشر بوجه واحد ., الوَحشَه ., لم يكن احد بانتظارها فكان عليها ان تستقل حافله الى العراق ., خرجت مع حقائبها للحصول على سيارة اُجره ., تفاهمت على السعر وركبت مع ابنها ., كانت دموع خديجة لا تجف ., اما مازن فمن هول المُفاجأه اصابته صدمه فلم يتكلم الا اِيماءاً ., خلال الطريق تتفقد خديجة الأردن يااه تغيرت كثيراً عن زمن محمد فقد زارتها مره قبل ولادة ريانه في تلك الايام الجميله .,
يرفع السائق المسجل واذا بصوت المغني يرن في مسامع خديجة
محتاجك.. محتاجك... محتاج اشوف عيونك
محتاجك.. محتاجك... محتاج اشم هدومك
محتاج اشوفك ياضوى عيوني
قلبي وروحي عنك يسألوني
مثلي تبكي لو نسيت؟!
مثلي تسهر لو غفيت؟!
وشلون انام الليل من دونك؟!
وشلون اغفى وانا من دونك؟!
كيف ان كل من حولها يذكرها بريانه ., الاغنية تستثير عينيها ., والطفله الصغيره مع والديها تشبه ريانه ., حتى محلات الملابس تذكرها بها ., كيف ستمضي بقية الأيام بدونها وكل من حولها ينبهها ان لها ابنه هناك تنتظرها ., اتُراها كانت على صواب عندما تركتها ومضت ام كانت تلك غلطه حياتها ., كان لها وجهة نظر ان تذهب بصمت فهي لاتحب لحظات الوداع وكانت ترى ان اخبار ابنتها سيزيد الامر سوءاً فلن تتركها ولن تنعم بنوم او بطعام قبل الرحله ., كانت تعلم ان قلب الصغيره لا يحتمل ولكن نظرتها الى عيني ابنتها سجلب لها المتاعب والألم .,
استقلت الحافله الى بغداد بلد الحبايب ., تنظر الى النافذه وترى الجميع مشغول بهمه ., تضع يداً على خد بانتظار القادم ., لاتعلمين ياصغيرتي كم يؤلمني هذا الحزن الذي تئن به روحك الجميلة ., اصبري وسيأتي الفرج قريباً
تفتح عينيها لتجد الكثير من الاجهزه والاشخاص حولها ., لم تميزهم كثيراً لكن هناك من امسك يدها ., احست به مَن ياترى قد تكون امها أهو حُلم ., "الحمدالله على سلامتك يا حلوه " العم عبدالعزيز ممسكاً يدها بقوه وكأنه يوصل لها رساله انني معك للأبد
"اين مازن " ريانه بتعب بالغ
"المهم صحتك الان ., ماذا تحسين ؟!" ام سليمان بلطف
"الحمدالله ., ماذا حدث لي" ريانه لا تتذكر الكثير
"قليل من دلع البنات هذا كل ما في الأمر" أسامه مازحاً
ذهب عبدالعزيز الى الدكتور " دكتور كيف حالها ؟ نستطيع اخراجها اليوم"
الدكتور:" نعم لكن انتبهوا لنفسيتها ., كانت احتمالية الجلطه كبيره بسبب الصدمه "
عبدالعزيز علم ان على عاتقه امانه اقسم ان يصونها ويحفظها وان الاطفال دائما بأمان مع امهاتهم
خرجت ريانه ومعها اهلها رفقتها الوحيده حالياً ., خرجت وكأنها عروس تُزف فالكل فرح بها وعلب الهدايا تنتظرها في السياره ., قد تكون الاغماءه خِيرَه لريانه فاستقبال مابعد الخروج كان رائع وأمضت جزء من وقتها في فتح علب الحلويات والألعاب مع عمتها فرح ., كانت تتذكرهم كثيراً وتفتقد مازن وكانت الدموع حليفتها ., في مخيلتها الصغيره تضع اللوم على امها فلِمَ الهروب بصمت!
"امي سأذهب الى خيريه" فرح
"لا تتأخري " ام سليمان بسرعه وبدون نقاش
" منصور ., مساء الخير ., بانتظارك عند منزل خيريه الساعه السابعه " فرح تتكلم مع منصور في غرفتها
"مساء النور يا الحب ., السادسه والنصف انا بانتظارك " منصور بِتَمَكُن من تلك الفتاه
فرح :"لكن انتبه لن اتأخر اكثر من ساعه"
منصور:"ساعه ! قليل ., هِبيني اكثر" يترجى
"لا استطيع فأهلي سيسألون عني ., اتوقع ساعه مناسبه "فرح
"لن يكفيني الوقت كله لمناجاة عينيك" منصور بغزل
تلعب بخصلات شعرها :" صحيح! " بدلع وفرح
منصور شاب صديق اسامه ., رأى فرح بالصدفه وهي تنزل من السياره الى منزلها قادمه من الجامعه عندما كان منصور ينتظر اسامه في الخارج ., كان شاب وسيم حسن الهندام ومن السهل ان تعجب به الفتيات .,كذلك فرح كانت فتاه لعوب وجميلة., تكررت حادثه "الصدفه" او كما اختلقاها الاثنان فرح و منصور ., ففي احد المرات تعمدت فرح ان تفتح المجلس عنوه كي تراه ويراها وكأنها غير متعمده ., الى ان اخذ منصور من هاتف أسامه الخليوي رقم فرح ., واتصل بها ولم تمانع فرح في الاجابه مرات عده ., توطدت العلاقه كثيرا بينهما واصبحت تخرج معه من بيت خيريه صديقتها التي كانت تستتر عليها ., في هذه الفتره لم يأتي منصور لبيت اسامه الا ما ندر بعكس الأزمنه السابقه قبل ان يخرج مع اخته فكان دائم الزياره بسبب او بدون ., تدنت درجات فرح الجامعيه منذ التقته ., لكن الاثنان سعيدان بمجريات الأمور ., ووعد منصور فرح ان ياتي الى خطبتها حالما تنتهي من دراستها مُعَلِلاً ان اسامه يعرفه ولن يرد طلبه .,
ركبت فرح سيارة منصور ., وذهبا الى اللامكان فوجودهما بالقرب من بعضهما يكفيهما عن كل الأمكنه ., "نجلس في مكان جميل لنشرب القهوه؟ " يسأل منصور
"افعل مايُريحك" فرح تغيب عن وعيها وهي بقربه
في ذاك المكان مر منصور من صديق له:"اهلا منصور"
"مساء الخير مساعد" منصور بارتباك , اشار الى فرح ان تجلس على احد الطاولات
" مين اللي معك!؟" مساعد غامِزاً
منصور:"الأهل"
مساعد:"الأهل ! ليس لديك اخوات ., ممكن الوالده" باستهزاء
مساعد صديق مقرب لمنصور ., وهو عالم بحاله وانه فقير الدِين ., وكما هو الحال الطيور على أشكالها تقع ., فأيضا مساعد لديه من الطُرق المعوَجَه الشئ الكثير
"من هذا مساعد ., أيعرف ان اخي أسامه ., ماذا قلت له" ارتبكت فرح واخذ منها الخوف مَأخذ
"لا تهتمي مساعد لديه فتيات كُثر ., ويراني بعين طبعه" منصور
" أتراه عرفني؟" فرح لم ترتوي من اجابة منصور
"كيف يعرفك أجُنِنتي!., لا لم يعرفك ., وقد حبكت الموضوع ., لا عليك" منصور
"صحيح يعرف فتيات؟ وانت كم واحده تعرف" فرح وكأن لم يرها الا مساعد
"واحده هي عن كل البنات" منصور بوقاحة الغزل
وكما جرت العاده بينهما في كل خروج تنساب منهما كلمات الغزل والعذوبه وكأن لا عاشقان في الدنيا سواهما
انتهيا من احتساء القهوه وذهبا الى منزل خيريه ., تَوادع الحبيبان على امل لقاء اخر ., واتصلت فرح على السائق الذي كان مشغول ., وانتظرت وصول اسامه ., الذي ركبت معه وكأن لم يحدث شئ
"أحوال المذاكره ؟" اسامه
"الحمدالله" فرح في عينيها ألف كذبه
"مازلنا في بداية الفصل , هل هناك اختبارات؟" اسامه باستفهام
"هناك الاختبارات القصيره ., تعلم الجامعه لا تُميز بين بداية و نهايه الفصل" فرح وتدير المذياع لتُنهي الحديث
صحيح النظره ماتكفي ..
من الالام ماتشفي..
ولكن عذرنا الحاظر..
نراعي الوقت والخاطر..
صمت مطبق الى المنزل على صوت محمد عبده
"فرح ., ستنام ريانه بغرفتك حالياً" ام سليمان مستقبله فرح
كيف لفرح ان ترضى لريانه وهي على موعد مع منصور كل ليلة :"كيف تنام لدي ! انا اسهر أحيان لِأستذكر او قد لا اذهب الى الجامعه ., كيف وهناك من سيزعجني!" بتذمر بالغ
"وكيف تنام بمفردها ., انها مازالت صغيره" اسامه بضجر من عدم تحمل فرح المسؤوليه
"لتنام معك اذاً" فرح باستهزاء
"فرح ! لا ترفعي صوتك على اخيك ., ستنام أي ستنام ,. انتهى النقاش" ام سليمان بعصبيه
تداعت احلام فرح في السهر لوحدها مع معشوقها ., واصبح لريانه سرير خاص في غرفة فرح ., وكعاده المضطر اذا اراد شئ سعى الى اختراعه كما سعت فرح الى قلب غرفتها الى غرفه نوم فقط اما غرفه خديجة وأبنائها سابقاً جعلتها للاستذكار كحد قولها .,
"ريانه هيا ننام" فرح مستعجله
"ان شاء الله ., سأُرَتِب جدولي واخلد الى النوم" ريانه بتأني ., فقد بدأت الذهاب الى المدرسه
ذهبت فرح الى سريرها لتوهم ريانه انها ستنام ., خلدت ريانه الى السرير ., وبعد دقائق معدوده سمعت ريانه هاتف فرح .,
"عمه فرح الهاتف"
" أووه ماذا تريد غاده في هذه الساعه ., سأذهب لِأكلمها في الخارج" فرح
ريانه ليست صغيره فقد احست بنبره فرح البهجه وليس الاستياء ., لكن ريانه همها اكبر فهي تنتظر عودة امها لتأخذها الى حيث ذهبت .,
سأُصفقُ لغيابِكَ مهزومَاً بأَنهُ يوماً يأتي اللقَاءْ الصدفَة رُبما على ظَهرِ غيمةٍ يتآكلها الإنتِظار
أو في طَرفِ ورقةٍ شاحِبةٍ تصفعُها الريحِ في مسافَاتِ الرحيل الطَويلْ .
ورُبما نتدافَعُ مَعاً فِي مَحطةٍ يملؤُهَا الفُراقْ