مرحبا يا صديقااااااااااااات ليلاس
هادا اول موضوع ليا
وياربي يعجبكم
بصراحة ما اعرف مين اللي كتب الموضوع ....بس الله يعطيها العافية على مجهودها
يلا نبدأ........
توأم الروح
العدد 228
الصفحات 170
مكتبة مدبولي الصغير
دابي ماكمبر
" امي 00 هل فكرت في الزواج ثانية !"
لم تكن جوانا تفكر في الزواج000الزواج بالنسبة لها كان تجربة لم تكن تنوي تكرارها , وكذلك كان حال تانر فقد انفصل عن زوجته بعد فترة قصيرة من زواج مدمر وأيضا مثل جوانا كان يقوم وحده بتربية ابنته الوحيدة0
*********************************
كريستين ابنة جوانا ونيكول ابنة تانر كانا أعز صديقتان فبدا شيئا حتما ان يكون تانر وجوانا أصدقاء كذلك ولم يمضي وقت طويل حتى شعرا بشئ اقوى من الصداقة 000شئ كان يفضلان أن يتجاهلاه ولكن00!
" الفصل الأول
مهمة خاصة جداً
فتحت جوانا بارسونز عينيها رغماً عنها ثم رفعت رأسها من على وسادتها الناعمه ناظرة إلى المنبه الخاص بها ثم قالت:
-"كريستن لقد تجاوزت الساعة الحادية عشر!"
-"نعم اعرف ياأمي انا آسفة ولكن علي إحضار الفطائر"
-"لا عليك.......هناك البعض منها اعلى الخزانه يمكنك اخذها" اجابت جوانا بابتسامة
-"آه ....لقد كنت تخفين عني بعضها ثانية ,أي نوع من الأمهات انت يا امي"
-"لقد احتفظت بهم لحالات الطوارئ!"
-"هذا يجدي!"
التفت يداها الصغيرتان حول صدرها وجلست كريستن بنت الحادية عشر على حافة السرير مطلقة صيحة خافته صحبتها تنهيدة صغيرة وقالت :
-"يجب أن تكون فطائر مجهزة بالمنزل وعليها الشوكولاته"
-"يا لسوء الحظ انك لم تذكري الأمر سابقاً والآن تأخر الوقت عن خبز أي شئ بما في ذلك فطائر الشوكولاته"
كانت جوانا تحاول دائماً ان تكون منصفة مع كريستن بيد ان كونها تلعب دور الأم والأب فلم يكن ذلك يسيراً عليها
-"امي ..اعلم اني نسيت !" صاحت كريستن وارتفع صوتها بألأم
-"ولكن علي ان احضر الفطائر غداً هذا مهم وفي غاية الأهمية يا أمي !"
-"أقنعيني"
كانت جوانا تستخدم هذه العبارة كثيراً . ولا تريد ان تظهر بمظهر المتصلبة العنيدة , فرغم كل شئ فقد نسيت بعض الأشياء الهامة خلال الثلاثين عاماً الماضية .
-"إنه يوم مدام ايجلتون الأخير معنا , هل تذكرين يا أمي لقد حدثتك عنها وذكرت لك ان زوجها قد تم نقله وانها سوف تنتقل معه إلى دنفر , والجميع في الفصل لا يريدون لها ان تتركنا لذلك قررنا ان نقيم لها حفلاً:
-:من ..نحن ؟!"
-"نيكول وأنا !"
أجابت كريستن بسرعة فائقة واكملت :
-"فنيكول سوف تحضر الأكواب وفوط المائدة بالأضافة الى المشروبات وكان من المفروض ان احضر الفطائر المجهزة لمعلمه ممتازة كمدام ايجلتون ولكن يجب ان يكون هناك شخص ما ليرعى الحفل !"
كانت كريستن قد التقت بنيكول منذ خمسة اشهر عند بداية العام الدراسي ومنذ ذلك الوقت نمت بين الفتاتين صداقة حميمه
اعجبت جوانا بكلمات ابنتها , بالطبع يجب وجود شخص كبير وبالغ قد يرغب في المساعدة ..صمتت تستمع الى باقي كلمات ابنتها !
-" ليس لدينا احد هذا العام فالكل اما مشغول او يعمل دائماً "
-" حسناً"
تمتمت جوانا مستسلمه لرجاء أبنتها الى جانب ان مدام ايجلتون معلمه ممتازة وكانت جوانا كابنتها آسفة لترك مدام ايجلتون المدرسة
-"لا نستطيع ان نترك مدام ايجلتون , تنتقل إلى دنفر بدون ان نقدم لها شيئاً"
أطلقت كريستن هذه الكلمات مؤكدة لأمها مدى أهمية الفطائر بالنسبة لها , وعلى الرغم من موافقة جوانا الا انها كانت تشعر ان القطع المحشوة كانت كافية بما ان الساعة قد تجاوزت الحادية عشر ولكن كريستن كانت تهوى الفطائر المجهزة بالبيت
-"أمي ..؟!"
قالتها كريستن برجاء فاستجابت جوانا لرجاء عيني ابنتها البنية إنها تشبه ديفي كثيراً , وبدا وخز من الألم يتحسس طريقه الى قلب جوانا ,لقد مر على طلاقهما ست سنوات ولكن يجب ان تتغلب على الألم الفشل حتى يضمحل وينتهي , في بعض الأحيان وفي لحظات كتلك اللحظة ما زالت تتذكر كم كان جميلاً ان تكون بين ذراعيه وكم كانت تحبه حينئذٍ , وغالباً ما كانت تتذكر سذاجتها حتى تثق به تماماً ولكنها قد تغيرت كثيرا خلال هذه السنوات السته , فمنذ طلاقها قد اكتسبت استقلالها واحترامها لذاتها وخصصت لنفسها مجال للعمل في حوض كولومبيا للمدخرات والقروض والان قد قاربت عل هدفها في ان تصبح اول سيدة في منصب كبير المسؤلين عن القروض .
-" حسناً يا حبيبتي "زفرت جوانا ورجعت بخيالها الى ارض الواقع لأبنتها!
-" سأقوم بتجهيز وخبز الفطائر ولكن المرة القادمة حاولي ان تخبريني بذلك قبل ان نأوي للفراش..اتفقنا ؟!!"
أسدلت كريستن كتفيها في راحة وقالت :
-" حسناً , اني مدينة لك يا أمي !"
قاومت جوانا تلك الرغبة الجارفة لتخبر ابنتها انها تحملها الكثير , أزاحت بعيداً الغطاء الدافئ وقفزت من السرير ممسكة بثيابها وارتدتها وهي تحس ان ثوب كريستن يلاحقها مسرعاً الى المطبخ وهي على اتم الأستعداد للمساعدة
-"سأشعل الفرن وأقوم بتجهيز كل شئ "
-"حسناً"
أجابتها جوانا ومدت قدميها للبحث عن شئ ترتديه في قدميها واخذت تتفحص مكونات الخزانه عما اذا كان لديها خليط الشوكولاته فقد كانت نشك في وجود شئ ما
-"هناك مشكلة يا أمي "
صاحت كريستن عندما دخلت جوانا المطبخ المضاء . فقد وقفت كريستن اذات الحادية عشر ربيعاً فوق كرسي امام الخزانة المفتوحة اعلى المبرد واضعة قطعة من البسكويت وهزت رأسها قائلة:
-"ليس لدينا خليط الفطائر لقد كنت اخشى ذلك"
-"اعتقد انه علينا ان نبدأ من لاشئ "
اجابت كريستن باحثة عن قطعة اخرى من البسكويت
-"كلا , في الوقت المتأخر , لا عليك , سأستقل السيارة الى المتجر فهناك متجر البرستون الذي يعمل ليلاً ونهاراً وهو قريب "
قفزت كريستن من فوق الكرسي وقد أمتلأت جيوبها بقطع البسكويت وفشلت محاولاتها لأخفائها واشارت جوانا باصبعها نحو صندوق البسكويت وعلى الفور قامت كريستن بإخلاء جيوبها وعندما انتهت كريستن اتكأت جوانا الى الفراش .
-" أمي اذا كنت ستذهبين الى المتجر , فأعتقد انه من الأفضل ان آتي معك "
-"كلا يا حبيبتي , سوف انهي مهمتي على الفور ,ابقي انتي هنا"
-"حسناً"
وافقت كريستن على الفور فلم تكن الفتاة حمقاء وكان الشتاء في شرق واشنطن لا يرحم , اتجهت جوانا الى الغرفة لترتدي حذاءها واي جورب من الصوف .
صاحت كريستن وهي تتبع أمها الى الغرفة , تعلو وجهها علامات التعجب والتفكير :
-"ألم تفكري في الزواج ثانية يا أمي ؟!!"
في دهشة رفعت جوانا وجهها وتفحصت ابنتها , فقد جاء السؤال من لا شئ ولكن الأجابة جاهزة " أبداً" , فالمرة الأولى كانت تكفي ,ليس لانها كانت واحدة من الجرحى او على الأقل لم تعتبر نفسها كذلك فعلى العكس تماما كان طلاقها السبب في ان اصبحت ذكية وجذابة بالأضافة الى ان الطلاق دفعها الى النضج , فلن تنظر ثانية لرجل من اجل السعادة فقد قررت جوانا ان تبني سعادتها بساعديها ورغم كل شئ فقد فاجأها سؤال كريستن ولكن هل لسؤال كريستن مغزى .. هل كانت تعني شئ ما تقصده !!ربما شعرت ابنتها بوحشة لوجودها وحدها ..قالت لأبنتها الصغيرة :
-"ماالذي جعلك تسألين ؟"
ارتخى الفراش جلست كريستن بجوار جوانا واستطردت :
-" لست متأكدة تماماً, ولكن يمكنك ان تتزوجي مرة أخرى فما زال لديك جسم جميل "
-"أشكرك ...أعتقد"
-"اقصد انك لست كبيرة سناً ولا دميمه "
-"عندما اسمع ذلك منك يعتبر ثناء خالص وخاصة وقد تجاوزت الثلاثين "
-"انا متأكدة تمام التأكد , انك لو رغبت , فستعثرين بالطبع على رجل آخر ولكن هذه المرة ليس كأبي وانما الأفضل"
أثر ذلك على جوانا وتألمت ان تسمع ابنتها وهي تتحدث بهذه الطريقة عن ديفي ولكنها لم تتمكن من اخفاء حقيقة ديفي كيف كان انانياً وتافهاً ولا ان تخفي حقيقة عيني ديفي الحائرتين بين الجنس الآخر, وكانت كريستن تقضي معه شهر كل صيف في سياتل وقد نمت لتعرف نفسها أي واحد من الرجال كان والدها !
بعد انتهاء جوانا من معركتها مع حذائها , ارتفعت جوانا من الفراش متجهة الى الباب وفي طريقها فتحت خزانة القاعة
-"أمي !!" صاحت كريستن وعينيها تملأها الدهشه
-"ماذا ؟"
-"لا يمكنك ان تخرجي هكذا "
كانت كريستن تشير الى أمها
-"وماذا في هذا ؟"
نظرت جوانا ببراءة عينها الى رداءها واكتشفت انها قد ارتدت رداء النوم ومن فوقه المعطف فظهرت بعض ازرار رداء النوم .حسناً الأزرار تظهر ولكن جوانا كانت مهتمه براحتها اكثر من مظهرها
-"أمي قد يراك أحد "
--"لا تقلقي , ليس لدي النية في خلع المعطف"
كانت جوانا تعتزم ان تترك سيارتها امام المتجر وتدخل ثم تخرج سريعا ثم تعود سريعا في غضون اربع دقائق .
-"من المحتمل ان تقابلي احد "كررت كريستن
-"اذن ؟" اطلقت جوانا كلمتها في دهشة
-"لكن شعرك يا امي ..ألا تعتقدي انه من الأفضل ان تعقديه ؟!"
-"كريستن ..استمعي الي , لا احد سيكون بالمتجر , لأنه لن يكون هناك الا الساهرين وربما سيدتان حوامل "
-"ولكن امي , كيف سيكون الحال اذا حدث لك حادث ؟عندئذٍ سيعتقد رجل الشرطة انك غريبة الأطوار "
زفرت جوانا ثانية ثم قالت :
-"حبيبتي , أي شخص يعتبر خبز الفطائر في منتصف الليل مشكلة وانا بالفعل لدي مشكلة لذا لاتقلقي "
اخيراً وافقت كريستن وتركتها فأسرعت جوانا تحمل حقيبتها فوق كتفيها فتحت باب الخروج ثم ارتعشت اثر الهواء البارد لشهر يناير الذي التف حولها , لقد كان الجو بارداً وكان العشب ابيض مثل الثلج حتى اعتقدت انها ستتجمد ولتتفادى ذلك غطت اذنيها وفمها . كان المكيف في سيارتها الفورد التي كانت تلازمها منذ عشر سنوات يعمل سريعاً ليخرج الهواء المثلج خارج السيارة وكما خططت تركت جوانا سيارتها بالقرب من المتجر وأطفأت محرك السيارة ثم اسرعت الى داخل المتجر وكما توقعت كان المكان شبه خالي الا من شقيقتين يعملان امام المتجر لم تعطهم جوانا الا نظرة عابرة وانطلقت نحو غايتها , كانت تبحث عن خليط الفطائر وعندئذ سمعت خطوات اقدام طفلة صغيرة..
منتديات ليلاس
-"مدام بارسونز .مرحباً"
بدا الصوت الذي يناديها كأنه جرس يدوي في جنبات المتجر . ونظرت جوانا الى نفسها اعلى كتفيها "يا إلهي" لقد كانت كريستن على حق .
-"انا نيكول ..ألا تتذكريني؟"
حاولت جوانا ان ترسم الأبتسامة على وجهها وهي تلتفت لمقابلة اعز صديقات ابنتها " مرحبا " انطلق صوتها ضعيفا ورفعت يدها اليمنى لتلوح لها وهي تقول :
-"كم هو جميلا ان اراك ثانية "
-"تبدين مختلفة عندما شاهدتك اول الأمر , ظننت انك سيدة عجوز "
كانت هذه الكلمات بمثابة الطلقات التي أودت بكبرياء جوانا ,فرفعت يدها لتخفف من رباط عنقها ولكن الطفلة اكملت :
-"ماذا تفعلين هنا في هذا الوقت المتأخر؟"
أرادت الطفلة ان تعرف فتبعت جوانا الى مكان دفع الرسوم
-"لقد نسيت كريستن ان تخبرني عن امر الفطائر "
علت ضحكة نيكول فدوت في المتجر ثم قالت :
-" لقد كنت اشاهد التليفزيون عندما نسيت ايضا اني لم احضر العصائر وبعض الأشياء التي سوف نحتاجها في الحفل فطبت من ابي النزول وهو الآن ينتظرني في السيارة "
تعجبت جوانا ان والد نيكول قد سمح لها ان تظل مستيقظة لهذا الوقت المتأخر خاصة وان لديها مدرسة في الصباح الباكر كانت جوانا تعلم ان والدا نيكول ايضا منفصلين وكان والدها هو الحاضن لها .يا للطفلة المسكينة ,انى لها ان تتعلم معنى التهذيب فغالبا ما سيكون والدها احد الآباء الذين لا يعنيهم الكثير من امر اولادهم ,منغمسون في حياتهم العملي حتى ينسون اطفالهم . كيف يكون الحال ان يترك طفلة في الحادية عشر من عمرها تجول في مثل هذا الوقت من الليل , وضعت جوانا يدها الحانية فوق كتف نيكول كأنها تحاول ان تحميها من حياتها وما يشوبها من حقائق أليمة ياللطفلة المسكينة , وسارت نيكول وجوانا من بين الأبواب الأية للمتجر ولم يزعجها سوى صوت الأبواب وصوت اخر يهرول في غير صبر و رفعت جوانا عينيها لترى أمامها رجل طويل القامة يرتدي معطف داكن متجهاً نحوها ثم قال :
-"نيكول ......ما الذي أخرك ؟"
-"أبي ..دعني أٌقدم لك مدام بارسونز , والدة كريستن "
صاحت نيكول فرحة
تقدم والد نيكول بتردد وكان وجهه مقفهر بغير ابتسامة , كان والد نيكول تمام كما تصورته جوانا منذ لحظات , أنيق وسيم كما يتحتم عليه عمله تماما مثل ديفي و كان من نفس نوع الرجال الذين طالما حولت ان تتجنبهم , لقد تعرضت جوانا الى العذاب مرة وخرجت من هذه المرة وهي تعتقد انه ليس هناك علاقة تستحق ما تحملته وعانته , وكانت تريد ان تعرفه
-"تانر لوند"
بدأ والد نيكول بتعريف نفسه وهو يمد يده لجوانا ليصافحها
-"جوانا بارسونز"
امتدت يد حوانا لتصافحه ولكنها لم تتمكن من سحب يدها بسرعة كافية , واخذت عيناه تتفحص جوانا وتبادلا نظرات متعجرفة وامتد نظر تانر ليتفحص حذاء جوانا واطراف رداء النوم الذي ظهر أسفل معطفها
-"اعتقد انه قد حان الوقت لنتعارف ...ألا تعتقدين؟"
لم تكتف جوانا بأن تخفي نظرتها المتعجرفة ورفضها لطريقة تانر في أن يترك نيكول في هذا الوقت المتأخر , ظهر على وجهه شئ من الأبتسامة وأجابت قائلة :
-"اتفق معك اننا كان يجب ان نتعارف منذ وقت طويل "
بدا وكأنه قد أخطأ في ان يكون لأبنته أي صلة بشخص يرتدي هذه الثياب أو له هذا المظهر .
التفت جوانا لنيكول متسائلة :
-"ألا يعتبر هذا الوقت متأخر بالنسبة لك خاصة وأنه يجب ان تذهبين للمدرسة صباح غد"
فأجاب تانر بسرعة متناهيه :
"أين كريستن ؟ " كانت عيناه تتجول في أنحاء المتجر بحثاً عنها
-"بالمنزل" أجابت جوانا ومؤكدة انه هو المكان الوحيد الذي ينبغي ان تكون فيه بنت الحادية عشر في هذا الوقت من الليل .
-"اعتقد انها مازالت صغيرة على ان تتركيها وحدها بالنزل عندما تخرجين الى المتجر ...الا تعتقدين ذلك ؟!"
-"كلا ..على العكس تماما"
ركز تانر عيناه على جوانا في محاولة لمعرفة أي نوع هي من الأمهات كانت لتترك ابنتها في المنزل وحدها في مثل هذا الوقت وأجابته جوانا بنظرة ساخرة قائلة :
-"انه من دواعي سروري ان القاك ...سيد لوند"
-"انما السرور لي انا"
كانت جوانا على علم بمظهرها الغير منسق وشعرها الغير مصفف والذي كان يتدلى فوق كتفيها ولكن عينيها الداكنتين جميلتان ساحرتان وكانت تعلم انهما افضل ما بها واقوى سلاح لها مما دعاها الى النظر الى تانر متعمدة لتبعث من خلالهما نظرات باردة . فما كان من تانر الا ان وضع يديه فوق كتف ابنته وسحبها الى جواره بحنان وكأنه يحميها فاشتعلت جوانا غيضا مما قام به تانر فاذا كانت نيكول في حاجة الى حماية فانها الحماية تكون من والدها واحساسه بعدم المسئولية ..حسنا كان مظهرها غريب بعض الشئ ولكن لا عيب في ذلم فقد كانت تقوم بمهمة كان يجب ان تأخذ عليها جائزة الأم المثالية والطريقة التي لمح بها تانر ان جوانا لا تعتبر ام مسئولة ام كان تنويه جارح له .
-"حسنا ..علي ان اذهب ..انا سعيدة لرؤياك يا نيكول "
-"وانا ايضا مدام بارسونز " أجابت نيكول
-"سيد لوند"
-"مدام بارسونز"
انحنى كل منهما الى الآخر مودعا جوانا الى سيارتها .
وفي المرة اتالية التي دعت بها كريستن نيكول اهتمت جوانا بأن تقضي وقتاً أطول مع الفتيات فقد كانت تعلم مدى حاجة نيكول الى الشخص الذي يعطيها النصيحة الحانية الصارمة التي يحتاجها الطفل .
يا لها من طفلة مسكينة !!
الفصل الثاني
الصديقتان
خففت جوانا من قوة دفع قدميها . لماكينة خياطتها وامتدت يديها لتجذب القماش الى الناحية اسفل الأبرة ثم قطعت النسيج بفمها .
-"أمي!"
دخلت كريستن الغرفة مهرولة ورحبت بها جوانا بيد حانية حتى انتهت من عملها وظلت كريستن تحوم حولها
-"أمي ...أسرعي..انه امر هام حقاَ"
-"ماذا؟"
كان النسيج ما زال بفم جوانا فاسرعت كريستن قائلة:
-"هل لنيكول أن تقضي الليلة معنا ؟"
اندهشت جوانا فلم تكن عطلة الأسبوع وكانت كريستن على دراية كافية باللوائح فقد كان لها الحق في دعوة أصدقائها في أيام الجمعة والسبت وليلتهما فقط فتركت جوانا ما كان يشغلها وقالت:
-"اليوم...الأربعاء!"
-"انا اعلم انه الأربعاء "
راحت عيني كريستن ترتفع إلى السقف واضعة يدها على جبهتها,إنه يسمح لأبنته أن تقضي ليله من ليالي في منزل أحد أصدقائها كان احساس بعدم المسئولية التي توقعتها جوانا من تانر لويد,فقد كانت كل توقعاتها والصورة التي رسمتها له من البداية ترتسم الخط تلو الآخر ولكن نما إلى علم جوانا في ظهيرة هذا اليوم ان نيكول لن تقول لوالدها انها وكريستن سيؤديان دور في عرض المواهب الذي يقام في المدرسة فقد أبدى عدم اهتمامه بل وعدم موافقته على نشاطات ابنته . وقد شعرت جوانا بالمرارة إثر تصرف تانر حتى انها تطوعت ان تحيك زي خاص لنيكول حتى يكون لديها شئ خاص لترتديه في هذه المناسبة والآن قد بدا الأمر وكأن السيد تانر يتمنى ان تترك ابنته المنزل في الأمسيات المدرسية ..قطعت كلمات كريستن تفكيرها قائلة :
-"أمي ...اسرعي واعطني القرار فنيكول تنتظر على الهاتف "
-"حبيبتي لديك مدرسة غداَ"
نظرت إليها كريستن نظرة فاحصة فاسترسلت جوانا قائلة:
-"سوف تسهران إلى منتصف الليل وتتحدثان وفي الصباح لن تكونا قادرتان على إستيعاب دروسكما فالأجابة لا"
أصاب ذلك كريستن بالأحباط الشديد فقالت :
-"أعدك ألا نتحدث وان تكون هذه هي المرة الأخيرة من فضلك يا أمي"
أطبقت يديها متوسلة وفي عينيها نظرة رجاء وهي تقول :
-"هل سألتك شيئا قبل الآن ؟"
نظرت جوانا الى ابنتها في ذهول فقد كانت قائمة طلبات الصغيرة ليس لها نهاية
-"حسنا, لقد نسيت ولكن هذا الأمر هام جدا يا أمي من أجل نيكول"
كانت جوانا في حيرة من امرها خاصة بعد ما علمته من امر بيت نيكول ووضعها
-"انني آسفة ,كريستن ولكن غدا لديك مدرسة"
بعد خيبة الأمل التي أصابت كريستن ,اتجهت الى الهاتف قائلة:
-"الآن ستضطر نيكول لأن تقضي الليلة مع مدام واجنر وانها تكره ذلك"
-"من تكون مدام واجنر؟"
التفتت كريستن الى امها وزفرت زفرة عالية لتحصل على عطف امها
-"جليسة الأطفال!"
والدها يجعلها تقضي الليل عند جليسة الأطفال "
-"نعم ,لأنه مرتبط بلقاء عمل مع بيكي "
انفعلت جوانا اكثر مما قالت كريستن ثم قالت :
-"بيكي ..من؟"
-"شريكته في العمل!"
-"أراهن"
ارتعشت جوانا ودققت النظر في الأمر تأكدت ان تانر له حياة رديئه غير مهذبة , ان يطرد ابنته من المنزل حتى يتسنى له ان يحضر امرأة اخرى ...يالـ فظاعة الرجل....
-"ان مدام واجنر سيدة عجوز شمطاء وتجعل نيكول تتناول الأكل الصحي ولديها تليفزيون غير ملون ولا تسمح لنيكول الا بمشاهدة العروض الخاصة بالطبيعة ..ألا تكرهين ذلك؟"
كان عقل جوانا مشغول فأي طفل سيكره أن ينبذ من بيته ويطرد وان تنتقل لتقضي الليل مع عدم رحمة جليسة الأطفال فسألت:
-"كم مرة يجب على نيكول ان تقضي الليل مع مدام واجنر؟"
-"مرات عديدة"
-"كم عدد هذه المرات ؟"
-"على الأقل مرتين شهريا وفي بعض الأحيان اكثر من ذلك "
-"ياللطفلة المسكينة.المهملة"
إقشعرت جوانا لمجرد التفكير في نيكول المسكينه وما تعانيه في قضاء الليل مع مدام واجنر
-"من فضلك يا أمي..أتسمحين؟!"
مرة أخرى جلست كريستن تتوسل لأمها لتعيد التفكير
-"حسنا ولكن هذه المرة فقط !"
مرت كريستن في الغرفة ولفت ذراعيها حول رقبة امها ووضعت رأسها فوق صدر امها وقالت:
-"انك أعظم ام في الوجود"
فقالت جوانا في حنان منقطع النظير :
-"على الأقل ينبغي ان اكون"
* * *
-"بالطبع لا!"
قال تانر وهو متوتر اثناء ارتدائه لقميصه
-"لن أسمع المزيد يا نيكول ..."
-" لكن يا ابي كريستن من اعز صديقاتي"
-"صدقيني ...يا حبيبتي... لقد سعدت انك وجدت صديقة ولكني عندما اذهب في رحلات العمل أريد ان أطمئن عليك وان هناك من يرعاك ويشرف على احتياجاتك"
كل ما كان يعلمه عن والدة كريستن كان غير مشجع فقد كانت في المنزل وفي وقت متأخر من الليل في حين تخرج هي لقضاء احتياجاتها وشراء مستلزماتها وبعد كل هذا كان لديها الجرأة لتعاتبه على ان يسمح بايقاظ ابنته في هذا الوقت المتأخر بالأضافة الى ان مظهرها كان يشبه البرميل
-"أبي ..انك لا تعرف ما اعانيه مع مدام واجنر"
استمر تانر غير مكترث في حزم حقائبه ولم يكن سعيدا لترك نيكول وحدها ولكن لم يكن لديه الخيار فهو شريك ويجب عليه القيام برحلات العمل وكانت هذه الرحلات ضرورية ليتعارف على العملاء واستيعاب المعلومات التي قد تفيده وحتى يتوصل الى عما اذا كان سيفلح ام لا وكان يريد ويأمل في ان يعين مساعد له ولكن حتى الآن كانت المسئولية كاملة تقع على عاتقه, رقدت نيكول على الفراش وبدأت تسرد لوالدها مدى المعاناه:
-"اخر مرة قضيت الليل مع مدام واجنر, أدت لي طعام غريب للعشاء ,وجعلتني اشاهد برامج التليفزيون الخاصة بالنباتات والبكتيريا والعفن "
إشمئز تانر ولكنه كان يعلم ان مدام واجنر ترعى نيكول بصورة فائقة وهذا كل ما يهمه في الأمر
-"أبي هل تعلم ما سوف تتناوله كريستن على العشاء ؟
لم يكترث تانر حتى بأن يخمن فغالبا ما سيكون ايس كريم الفراولة أو الفيشار او شئ هكذا ولكنه اراد ان يعرف فسأل :
-"كلا ...ولا اريد ان اعلم"
-"انها ستتناول الكبدة الساخنة"
-"نيكول ...لقد اغلقنا باب المناقشة وستقضين الليل مع مدام واجنر"
-"والأسباجيتي والكفته والسلاطة والحليب والخبز الفرنسي. وقد ذكرت مدام بارسونز انه يمكنني ان اعاون كريستن في تجهيز الكفته ولكن حسنا ..سوف احدثها واخبرها انك لا تريد ان اقضي معها الليل في بيت تخشى الا اجد فيه الرعاية الكافية"
-"نيكول.."
-"لا تقلق يا أبي ...اني اتفهم"
شك تانر في ذلك ووضع اشيائه في الحقائب واغلق عليها ثم قالت :
-"على الأقل انني احاول ان اتفهم لماذا ترسلني الى مدام واجنر في حين ان اعز اصدقائي قد دعتني لقضاء الليل معها"
شعر تانر بنفسه وهو يضعف , فقد كانت ليلة واحدة ووالدة كريستن الغريبة لن تكون لها تأثير في مثل هذا الوقت القصير
-"الأسباجيتي والكفتة هذا هو طبقي المفضل" تمتمت نيكول في ألم وكانت هذه الأخبار جديدة بالنسبة لتانر فقد كان يتصور ان البيتزا تقع في اول القائمة
-"ولديهم تلفزيون 21بوصة...بالتحكم الآلي"
وتساءل تانر:
-"هل ستتواجد والدة كريستن طوال الليل؟"
-"بالطبع"
نظرت إليه أبنته وكأنه يسألها اذا كانت مدام بارسونز كانت تتمنى الى كائن غريب فسألها:
-"أين ستنامين؟"
-"كريستن لديها فراش مزدوج"
لمعت عيني نيكول واكملت :
-"وقد وعدنا مدام بارسونز اننا سوف ننام في تمام الساعة التاسعة وبدون كلام"
في بعض الأحيان كان تانر يشعر وكأن المسئولية الأبوية قد ثقلت كاهله وكانت هذه اللحظة واحدة من تلك اللحظات , كان عقله يقول له انه من الأفضل ابقاء نيكول مع مدام واجنر ولكنه تفهم المعاناة التي تعاني منها ابنته فقال:
-"حسناَ يا نيكول ...لك هذا..يمكنك ان تبقى عند كريستن"
أطلقت ابنته صيحة عالية تعبيراَعن فرحتها العارمة
-"ولكن هذه هي المرة الأخيرة :
-"أبي ....انك افضل أب في الوجود"
والتفت يديها حوله من فرط سعادتها
-"حسنا,حسنا,الآن عرفت انك سعيدة بقراري"
أطلق تانر ضحكة خافتة فأسرعت نيكول تقول :
-"والآن هل لنا ان نذهب؟"
-"الآن؟"
كانت نيكول دائما تحب ان تبقى بالمنزل حتى اللحظة الأخيرة
-"نعم ,فقد ذكرت مدام بارسونز انه يمكنني المساعدة في تجهيز اللحم وهل تعرف لماذا أيضا؟"
-"انها تحيك لي ولكريستن زيان متشابهان للعرض المدرسي الخاص بالمواهب"
توقف تانر..فلم يكن يعلم ان ابنته كانت في حاجة الى زي
-"أي عرض مدرسي؟"
-"أوه!"
وضعت نيكول يديها على وجهها وقالت:
-"لم اكن انوي ان اعلمك لأنه سيوافق يوم عيد الحب وانا اعلم انك لن تستطيع المجئ ولم احب ان تشعر بخيبة الأمل"
-"نيكول ..من المهم ألا تخفي عني شيئا"
-"لكن يجب ان تكون في سياتل في هذا الوقت"
كانت نيكول محقة فقد كان يكره ان يفوته مثل هذا العرض ولكن ميعاد مقابلة مبعوث التجارة الخارجية بشأن شحنة الألمنيوم المتوجهه الى اليابان قد حان .
-"أي نوع من المواهب لديك انت وكريستن ؟"
-"اننا نلقي أغنية ..هل تعرف يا أبي فريق الروك؟"
-"هذا يبدو مدهشا واختيارا موفقا ايضا خاصة في عيد الحب ربما اقنعتكما بعمل بروفة امامي قبل العرض الكبير"
اتسعت عينيها الزرقاء من فرط سعادتها وقالت :
-"انها فكرة عظيمة ... سأرتب انا وكريستن في فترة غيابك وعندما تعود سوف نطلعك عليها!"
هرولت نيكول خارج غرفته وعادت بعد دقيقتين بحقائبها وقالت:
-"أنا جاهزة في أي وقت "
لم يسع تانر الا ان يلحظ ان ابنته سعيدة اكثر من أي وقت مضى , فكلما كان يذهب بعيدا عنها كان ينتابه احساس بالذنب لتركها ولكن هذه المرة هناك اختلاف فانها سعيدة وتحس بنشوة بالغة , كانت نيكول تنتظرها بالباب عندما ذهب لأحضار حقائبه .
-" هل ستأتي لتحيي مدام بارسونز؟"
نظرت اليه نيكول مستفسرة بعد ان وصلا بسيارة ابيها المرسيدس الى كريستن وقد لاحظ تانر حتى في الضوء الخافت انه بيت قد تم طلاءه حديثاَ باللون الأبيض وبالنوافذ الخضراء ولاحظ العناية الكبيرة بالأزهار والحديقة ...... لم يكن هذا البيت الذي تخيله طبقا لما رآه من مظهر والدة كريستن .
-"أبي....هل ستأتي أم لا؟"
رددت نيكول سؤالها ثانية كان على تانر ان يتأنى في الرد فلم يكن يجب ان يقابل تلك السيدة ذات الحذاء الطويل ورداء النوم ثانية.
-"أبي"
قبل ان يتمكن تانر من الأجابة انفتح باب المنزل وخرجت منه امرأة رائعة الجمال ذات شعر أحمر ففتح تانر فمه في ذهول , كانت امرأة جميلة وكأنها جاءت من صفحات المجلات ليس من المعقول ان تكون هي جوانا بارسونز ربما قد تشبهها ولكنها ليست هي بالطبع!
اندفعت نيكول خارج السيارة ولكنها توقفت وكأنما قد نسيت شيئا ثم رجعت الى الجانب الآخر للسيارة فأنزل تانر زجاج نافذة السيارة , فدنت منه ووضعت يديها حول عنقه قائلة:
-"وداعا أبي "
-"وداعا يا حبيبتي .......لديك رقم تليفون الفندق فأعطه لمدام بارسونز"
ووضعت نيكول يدها في جيبها وقالت :
-"انه هنا ياأبي "
-"كوني فتاة جميلة"
-"سأكون "
وعندما رفع تانر وجهه رآى جوانا وقد وقفت خلف ابنتها ووضعت يديها فوق نيكول وتفقدته بعينيها الباردتين , نعم ..انها هي تلك المرأة وتلك النظرة كانت نظراتها كفيلة بأن تجمد أي شئ في منتصف شهر يوليو.
الفصل الثالث
سهرة سعيدة
-"هل ترغبين في المزيد من الأسباجيتي"
سألت جوانا نيكول للمرة الثانية
-"كلا شكراَ مدام بارسونز"
نظرت اليها كريستن وقالت دهشة :
-"أمي ....بعد ان انتهي انا ونيكول من غسيل الأطباق سنتدرب على أغنيتنا"
هزت جوانا رأسها قائلة:
-"فكرة جيدة , ولكن عليكما القيام بالواجبات المدرسية اولا"
تحولت كريستن بنظراتها الى نيكول وهي تقول :
-"انني سعيدة جدا لأنك سمحت لي مدام بارسونز بقضاء الليل هنا"
بدت نيكول ممتنة ,حملت صحنها الخالي الى مكان غسيل الأطباق ثم أكملت:
-"كان العشاء جميلا,كم حاول أبي ولكنه ليس قديرا على الطهي الممتاز فكثيرا ما نأكل اكلا جاهزا خارج المنزل"
نظرت نيكول الى مفرش الطاولة بإعجاب قائلة:
-"كريستن اخبرتني انك قد حكت هذه ايضا....انها تبدو جميلة"
-"اشكرك..ان العملية سهلة والنقوش بسيطة "
-"بالطبع!"
قالتها كريستن وهي تضع اخر قطعة من الخبز الفرنسي في فمها واكملت :
-"بالطبع لأن أمي جعلتني اصنع زوجين منه "
-"صنعت زوجين منه؟"
-"نعم .. لقد صنعنا اشياء عديدة معا منذ ان اشترينا هذا المنزل,هل لديك ادنى فكرة عن مدى غلاء الستائر ؟ قامت امي بصنع كل الستائر الخاصة في حجرتي ولهذا فكل شئ في حجرتي متناسق "
-"وهل صنعت ايضا غطاء الفراش "
-" بالطبع!"
نظرات نيكول الى جوانا أشعرتها بأن الفتاة سوف تركع على ركبتيها من فرط الأعجاب وشعرت جوانا بالرأفة جهة نيكول التي بدت كأنها تفتقد كنف ورائحة الأم ولكن كان يجب ان تعرف انها شعرت بالنشوة والفخر والتباهي الذي أظهرته ابنتها على صناعتهما.
-"ان امي تحيك لي الكثير من ملابسي"
أضافت كريستن:
-"حسبتك تعلمين ذلك"
-"كلا.... لم أكن أعلم"
-"هي الآن تلقنني , تعلمين وهذا أفضل شئ حتى يتسنى لي أن أحيك الزي الخاص بي بحلول العرض القادم"
تحول نظر كريستن من نيكول الى امها ثم رجعت ببصرها الى نيكول وقالت:
-"أراهن على أن أمي ستعلمك فن الحياكة ,ألن تفعلي يا أمي؟"
-"آه....."
-"هل ستفعلين حقا مدام بارسونز"
وافقت جوانا بأن حركت رأسها لأنها رأت نفسها في موقف عصيب فأكملت :
-"ولم لا....سوف نستمتع بالوقت ونحن نتعلم سويا"
وابتسمت ابتسامة مشجعة ولكنها تعجبت بتوتر عما اذا كانت مستعدة لمثل هذا الشئ
-"سيكون هذا عظيما"
ووضعت نيكول ذراعيها حول كتف كريستن وراحت تؤكد ثانية على ان العشاء كان ممتازا حقا فردت كريستن:
-"لقد اخبرتك أي نوع من الطهاه ...أمي"
-"هل لي ان اسألك شيئا مدام بارسونز"
-"بالطبع"
-"كما ذكرت لك , فإن أبي يبذل جهدا كبيرا ولكنه لا يعتبر طاهيا ممتازا ..فهل لي أن تعطيني وصفة مرقة الإسباجيتي"
-"بالطبع..وسأكتبها لك الليلة"
-"اشكرك..كم هو جميل ان ابقى هنا ..اتمنى لو يوافق أبي بقائي هنا كل الوقت..فأنت وكريستن تفعلون وتأكلون أشياء جميلة"
كانت لدى جوانا القدرة على تخيل انواع الطعام التي يمكن لتانر لويد ان يقدمها لأبنته , فقد كانت تعلم بالفعل أنه كثيرا ما يأكل من المحلات كثيرا ما يأكل من المحلات كثيرا ما يستخدم الأطعمة المجمدة اوانه يستخدم بعض النساء ليطهين له ....البعض مثل هذه الشخصية "بيكي" الذي يقضي معها الوقت الآن ..جاء صوت نيكول ليعيد جوانا الى رشدها فاستمعت الى حديث الصديقتان.
-"ولكن ابي يصنع تاكوز رائع فهذا تخصصه وقد ذكر لي انه يمكنني إقامة حفل بمناسبة عيد ميلادي في شهر مارس ولكنني قد أغير رأيي وأسأله ان يقدم الإسباجيتي بدلا منه هذا اذا اتبع الوصفة جيدا"
-"هل ستقيمين حفلاًَ في عيد ميلادك ؟ هذا عظيم , قالت أمي انه يمكنني دعوة اثنان من اصدقائي عشية عيد ميلادي ولكن اثنين فقط لأنها لاتتحمل التحكم في اكثر من ذلك ! "
تظاهرت جوانا وكأنها تتناول بواقي السلطة في صحنها وهي تحرك المعلقة في المرقة التي كانت ترقد اسفل الصحن ........كان هذا صحيح..كانت هناك دائما حدود لقدراتها ...فصياح وصراخ أطفال الحادية والثانية عشر ما كادت نيكول تنتهي من تنظيف المائدة كانت كريستن تملأ غسالة الأطباق وبالتعاون معا , انتهيا من عملهما في غضون دقائق معدودة .
-"حسنا يا أمي سنذهب الآن إلى غرفتي"
-"بالطبع يا حبيبتي ...هذا حسن "
وضعت جوانا البواقي في الثلاجة وتوقفت للحظات قررت فيها ان تعيد التنبيه
-"الواجبات المدرسية أولاً.....وقبل أي شئ اخر"
-"اكيد..." اجابت كريستن
-"بالطبع.."أضافت نيكول
احتفت الفتاتان ووقفت جوانا تتفقدهما ...ان صداقة نيكول كانت شيئا جميلا بالنسبة لكريستين وكانت جوانا تنوي ان تغرقهما بالحنان وبالحب وان ترعى نيكول لتعوضها حياتها غير المستقرة .
ما ان انتهت جوانا من تنظيف المطبخ حتى اتجهت الى غرفة كريستن وطرقت الباب –لأن كريستن كانت تؤكد على الخصوصية هذه الأيام ثم دخلت من الباب فوجدت الفتاتان يفترشان الفراش واضعتان كتب الهجاء فقالت:
-"هل تحتاجان الى أي مساعدة؟"
-"كلا شكرا...ياأمي"
ظلت جوانا واقفة تبحث عن سبب لتبقى وتتحدث معهما
-"لقد كنت الثالثة في الهجاء عندما كنت في سنكما"
حملقت كريستن في نيكول وقالت :
-"هذا عظيم يا امي "
-"كنت اقدر على ان اتقدم أي صبي في الهجاء "
اغلقت كريستن كتابها المدرسي وهي تقول :
-"ان مدام اندروز المعلمة الجديدة تقول ان المدرسة لن تقيم مسابقة الهجاء هذا العام"
جلست جوانا على حافة الفراش ثم قالت :
-"هل شئ سيئ للغاية أني أعلم انكم ستبلون بلاء حسنا"
-"لقد حصلت على 85درحة في الهجاء ...اني اجيده ولكني لا أعتبره مادتي المفضلة"
ومرت لحظة من الصمت في حين تفحصت الفتاتان جوانا جيدا وكأنما ينتظران جوانا لتلقى بيانا رسميا.
-"ظننت اننا سنتناول الفشار"
-"حسنا يا أمي "
نظرت كريستن إلى كتابها وأضافت :
-"أمي ....خلتك تريدين ان ننتهي من واجباتنا المدرسية "
-"نعم بالطبع"
-"حسنا..لايمكننا ان نقوم بها بينما تجلسين هنا تراقبيننا"
-"آه.....آسفة"
-"حسنا لا عليك"
-"لقد كنتما رائعتان"
عادت الفتاتان الى غرفة كريستن وتبعتهما جوانا فالتفتت كريستن الى الخلف وبدت متعجبة بأنها وجدت امها خلفهما فهمست لأمها قائلة:
-"ماذا بك الليلة؟ لست على عهدي بك منذ وصول نيكول "
-"أنا؟"
-"دائما تتبعيننا"
-"أفعل ؟"
-"أمي ...حقيقة نحن نحبك ونستمتع بوجودك ولكنني اريد ان أتحدث انا ونيكول في أمر الصبية وامور كهذه ولكننا لن نستطيع التحدث وانت تتبعيننا !"
-"بالمناسبة مدام بارسونز ان اخبرك "
بدت نيكول وكأنها لم تسمع شيئا من الحديث الذي دار بين كريستن ووالدتها وقالت:
-"لقد أخبرت والدي بشأن الذي تحيكينه لي وقد ابدى رغبته في ان يقدم لك ثمن لوقتك وتكاليفك "
-"أخبرتي والدك؟"
بدت علامات الدهشة على وجه كريستن فقالت:
-"لقد أخبرت والدك؟ لقد ظننت انك لن تخبريه لتوفري عليه الإحساس بالذنب ..آه لقد فهمت هكذا أقنعتيه بأن يتركك تقضي الليلة هنا .....فكرة عظيمة"
إكفهر وجه جوانا وهي تقول :
-"ماذا يعني ذلك؟"
تبادلت الفتاتان النظرات .."ماذا يعني ذلك؟" رددت كريستن السؤال بصوت خافت وعلمت جوانا على الفور ان ابنتها تخطط لاحد الاعيبها .
وقفت نيكول امام صديقتها وقالت :
-"إنه خطأي مدام بارسونز ,لقد كنت اريد ان اقضي الليل هنا بدلا من قضاءه مع مدام واجنر لذا فقد أخبرت ابي ان كريستن قد دعتني الى هنا "
-"أمي ....يجب ان تتفهمي الأمر....ان مدام واجنر ما كانت لتسمح لنيكول بمشاهدة أي شئ ما عدا البرامج التعليمية وانك تعلمين ان هناك برامج خاصة نحب ان نشاهدها "
-"ليس هذا بالجزء الذي اعنيه , أريد أن أعلم ماذا تعني بأن تخبري السيد لوند عن عرض المواهب لأنه سوف يشعر بالذنب "
-"آه...........هذا الجزء!"
نظرت الفتاتان كأنهما يقرران من التي سوف تأخذ دور الموضح. فبدأـ نيكول قائلة:
-"لن يكون أبي قادرا على حضور العرض لأنه سيكون مرتبط بموعد عمل في سياتل واعلم انه سوف يشعر بالألم حيال ذلك فهو يحب ان اقوم بهذه الأشياء ,فهو يعطيه مادة ليحكي لجدي عنها!"
-"يجب عليه ان يسافر كثيرا لمقابلات العمل".....تدخلت كريستن في الحديث
-"مقابلات العمل ؟"
-"مثل الليلة"....أضافت كريستن موضحة.
-"وينبغي عليه ايضا ان يسافر مع السيد بيكي فهو يمتلك نصف الشركة وأبي يمتلك النصف الآخر وقد قال انه امر يتعلق باستيراد شئ كبير ولكنني لا استمع الى هذه الأمور بالرغم من ان ابي يحب ان يشرح أدق التفاصيل حتى أعرف اين هو وماذا يفعل"
شعرت جوانا بشئ يسري في حواسها ويتسرب الى داخلها "يمتلك والدك نصف شركة ؟ " قالتها في نفسها
-"سبوكين للألومنيوم هي السبب الأول في إنتقالها من ويست فرجينيا "أكملت كريستن.
-"سبوكين للألمونيوم , والدك يمتلك نصف سبوكين للألومنيوم !؟"
كانت الشركة من اكبر الشركات في الجنوب الغربي وارتبطت نسبة كبيرة من اقتصاد الدولة بهذه الشركة , شعرت جوانا بالإعياء في جوفها م يكن والد نيكول غنيا فقط ولكنه شخصية بارزة وكانت تعتقد .....آه ياللهول.
-"إذن فوالدك خارج المدينة الليلة؟"
-"كنت تعلمين ذلك يا أمي "
نظرت كريستن الى والدتها احدى النظرات الفاحصة والتي دلت على ان كريستن قد ظنت ان ذاكرة امها قد ضعفت لتقدمها بالسن .
-"كنت ...... أظن!"
لكنها ابتلعت ما كانت تنوي ان تقوله وعندما ذكرت كريستن لاحقا ان لوند سيكون بصحبة بيكي , ظنت ان بيكي هذا امرأه ولكن بالطبع كان جون بيكي والذي اسمه معروف لدى الجميع في المدينة وتذكرت جوانا انها قد قرأت مرة ان بيكي هذا قد اتخذ له شريكا ولكنها لم تربط ....ربما قد أخطأت الحكم على تانر لوند.
إسترسلت نيكول :
-"قبل ان نأتي الى سبوكين تحدثنا انا وابي طويلا عن التغيرات والأحداث التي وقعت في حياتنا , وأعددنا قائمة بالأشياء الحسنة والأشياء السيئة التي نتصورها وكانت احدى الأشياء السيئة انه سيضطر الى السفر كثيرا حتى يعين مديرا آخر , انه لا يشعر بالراحة حين يتركني مع الغرباء, ولم نكن نعرف احدا في سبوكين غير السيد بيكي وزوجته ولكنهما قد تجاوزا الأربعين , حتى انه قد اعد مقابلة له مع مدام واجنر قبل ان اذهب لقضاء الليل عندها .
بدأت الصورة التي رسمتها جوانا لتانر تتساقط تحت قدميها فلم يكن ذلك الوالد الذي يفتقد الإحساس بالمسئولية .
-"لقد أخبرتني نيكول انك قد قابلت والدها في المتجر الليلة التي أحضرت فيها خليط الفطائر " هزت كريستن رأسها كأنها تحاول ان تلوم والدتها لأنها لم تأخذ بنصيحتها تلك الليلة.
-"لقد أخبرت والدي انك لا ترتدين ثيابك بهذه الطريقة دائما".....أضافت نيكول وأدارت وجهها ثم أكملت :
-"لكنني لا أعتقد انه صدقني حتى رآك وهو ينزلني هذه الليلة "
بدأت جوانا في النهوض والإتجاه إلى باب غرفة النوم
-"يبدو أنني ووالدك قد بدأنا على الطريق الخطأ"
قضمت نيكول شفتيها قائلة:
-"أعرف ....فلم يكن يرحب بفكرة قضائي الليلة هنا ولكنني أقنعته "
-"أمي ..... ماذا قلت للسيد لوند عندما قابلته في المتجر؟"
فأجابت جوانا :
-"لاشئ "
-"لقد سألت أبي ماذا كنت أفعل في هذا الوقت المتأخر من الليل ومن المفترض ان علي الذهاب للمدرسة في الصباح الباكر, وقد ذكر بعد ذلك ان اسلوبي لم يعجبه"
أوضحت نيكول قائلة:
-"لم تسنح لي الفرصة لأن أوضح لك اني عادة ما أدخل فراشي في التاسعة والنصف ولكن تلك الليلة كانت خاصة لأنها كانت عودة أبي من احدى رحلاته وقد تأخرت طائرته ولم أتذكر ان اخبره عن امر الحفل عندما عدنا الى البيت من عند مدام واجنر"
-"فهمت..." همست جوانا.
-"سوف تسمح الظروف بتسوية الأمور مع السيد لوند عندما يأتي مساء غد ليصطحب نيكول "قالت كريستن
بدا واضحا انها تريد من امها ان تتماشى مع والد أعز صديقاتها.
فتمتمت جوانا :
-"حسنا!".
الفصل الرابع
الــدعـــــوة
كانت جوانا تقوم بالطهي عندما هرعت كريستن اليها وقالت :
-"لقد وصل السيد لوند ليصطحب نيكول , اعتقد انه يجب ان تدعيه ونيكول لتناول العشاء وان توضحي له امر تلك الليلة "
-"آه بالطبع فقلما ندعو أصحاب الشركات للطعام!"
لم يكن هذا الطعام كفيلا بإعجاب شخصية مثل تانر لوند وقبل ان تنتزع كريستن الموافقة , هزت جوانا رأسها وأعطتها أول مبرر راودها:
-"ليس هناك طعاما يكفينا بجانب ان السيد لوند قد يكون منهكا من رحلة عمل وسيكون مشتاقا للرجوع الى بيته"
-"أراهن أنه سيكون جائعا.ونيكول تعتقد انك طاهية ماهرة و....." قاطعتها نظرة حادة من نظرات حوانا
-"ليلة أخرى يا كريستن "
نظفت جوانا يدها وزفرت زفرة عميق ووقفت ثم رفعت يدها لتتخلل خصلات شعرها ونظرت إلى نفسها في زجاج النافذة لم تكن بالغة الجمال ولكنها كانت معقولة ,ما كان احد ليظنها ملكة والأن قد حان الوقت لترفع رأسها ورسمت جوانا ابتسامة فوق شفتيها وهي تدخل غرفة المعيشة ووقف تانر متحفزا امام الباب الأمامي وكأنه في حالة استعداد قصوى للتقهقر وبدأت جوانا :
-"كيف كانت رحلتك؟"
لم يتغير ذلك التعبير الذي كان يعلو وجهه دائما وقال:
-"جيدة......شكرا"
سألته جوانا محاولة ان تنفض توترها :
-"هل لديك وقت لتناول قدح من القهوة؟"
تعجبت اذا ما كانت جهزت الأقداح الصينية للقهوة, لقد كانت مترددة عما اذا كانت تستطيع ان تصلح الخطأولكن ان تقف في الردهة لن يؤدي الى ذلك, يجب ان تجلس لفترة طويلة .
نظر تانر اليها في شك ولم تكن جوانا تعرف ما اذا كانت قادرة على توضيح الأمور ام لا فلم تكن مهمتها سهلة بعد كل الذي حدث بينهما تلك الليلة.
نظر تانر الى ساعته وهز رأسه قائلا:
-"ليس لدي الوقت للزيارة الليلة وعى اية حال اشكرك على الدعوة"
وكادت جوانا ان تطلق زفرة عالية من راحتها ولكنه سألها:
-"هل تصرفت نيكول تصرفات حسنة؟"
-"لم تكن ابد مصدرا للمشاكل ....انها طفلة عظيمة"
-"حسنا" ابتسم تانر وهو يقولها
اندفعت نيكول وكريستن الى الغرفة وبدأت كريستن :
-"هل سيبقى السيد لوند يا أمي "
-"لن يقدر....الليلة"
-"مرة أخرى" قال تانر
لم تكن نبرة أي منهما تبشر بالحماس نظرت الفتاتان الى بعضهما الآخر وهما يشعران بخيبة أمل شديدة.
-"هل انتهيت من حزم حقيبتك واخذت كل شئ يا نيكول؟"
سأ تانر نيكول ولم يحاول اخفاء رغبته في الذهاب فأجابت نيكول :
-"اعتقد ذلك"
-"لا تعتقدي...يجب ان تلقي نظرة أخرى على الحجرة"
اقترحت عليها كريستن وامسكت يد صديقتها الى الحجرة فقالت نيكول :
-"حسنا اعتقد انه يجب علي ذلك .." واختفت الفتاتان قبل ان يناديهما تانر او جوانا .
خيم السكون عليهما وودت جوانا لو تظل كذلك ولكن بما ان الفرصة قد سنحت لها فقررت ان تضع حدا لتلك المهمة السخيفة وان توضح سلوكها فقالت وقد علا وجهها الأحمرار :
-"اعتقد اني مدينة لك باعتذار"
-"اعتذار!"
-"اعتقد ...انك تتذكر.....تلك الليلة التي تقابلنا فيها لقد اعتقدت انك تفتقد الإحساس بالمسئولية لأنك سمحت لنيكول ان تظل مستيقظة الى مثل هذا الوقت المتأخر وقد أخبرتني نيكول انك كنت في رحلة عمل "
-"نعم ...حسنا , اعترف اني شعرت بنظرات الرفض و الأحتقار"
لم يكن ذلك يسيرا وبدت جوانا غير مرتاحة ودفعت نفسها لأن تنظر إليه وقالت هامسة :
-"لقد أوضحت لي نيكول الأمر ان رحلتك قد تأخرت وقد نسيت ان تذكر لك شيئا عن مستلزمات الحفل عندما جئت لأصطحابها من عند مدام واجنر وقالت انها لم تتذكر حتى وصلتم الى البيت .
إرتخى فم تانر قليلا ثم قال :
-"بما اننا نتحدث بصراحة الآن اعترف انك لم تتركي عندي انطباعا جيدا تلك اليلة "
نظرت جوانا الى أسفل وهي تقول :
-"استطيع ان اتخيل وآمل الا تعتقد انه اسلوبي المعتاد في ارتداء الملابس"
-"نعم لقد لاحظت عندما انزلت نيكول البارحة"
وقف الأثنان ينظران الى بعضهما بابتسامة صغيرة وشعرت جوانا بتحسن كبير فلم يكن ذلك سهلا عليها ولكنها شعرت بتحسن كبير على أية حال وقالت :
-"بما ان كريستن ونيكول تربطهما صداقة وطيدة , اعتقدت انه من الأفضل تسوية الأمور بيننا , فمن الأشياء التي ذكرتها نيكول عرفت انك تقوم بدورك كأب على أكمل وجه"
-"ومما قالته لي ....ينطبق عليك نفس الشئ"
-"صدقني ....ليس من السهل رعاية طفلة في هذا العمر"
فركت يديها وهي تحاول ان تبحث عن شئ لتضيفه , فهز تانر رأسه قائلا:
-"بما انك قد ذكرت هذا الموضوع , أستطيع ان امكث قليلا لتناول قدح من القهوة "
-"حسنا!"
ذهبت جوانا الى المطبخ بينما جلس تانر الى المائدة وملأت القدح بالقهوة ووضعتها أمامه فقد نما اليها انه يفضل ذلك على الأقداح الصينية .
-"كيف تتناولها؟"
-"بدون شئ شكرا"
جلست أمامه وكانت متوترة فلم تكن ترغب في ان يأخذ عنها انطباعا سيئا اخر بعدما نجحت في ازالة الأنطباع الأول ولكنها كانت قلقة ان يفسر تلك النزعة على انها اهتمام عاطفي وهذا بالطبع لم يكن في حسبانها , بالأضافة الى انهما لم يكونا في نفس المستوى الأقتصادي فهي تعمل في معهد للقروض والمدخرات وكان هو صاحب شركة كبيرة , فأخر ش تريده ان يعتقد تانر انها تسعى وراء المال .
كانت افكار جوانا تتصارع داخل عقلها وهي تبحث عن وسيلة لتخبره بكل ذلك دون ان تبدو عدوة الرجال .
-"اود ان ادفع لك .."
قال تانر وهو يقطع كل هذه الأفكار وقد كان دفتر شيكاته يرقد بجواره ونظرت اليه جوانا دون ان تفهم :"من أجل القهوة؟؟"
ولكنه نظر اليها نظرة دهشة وقال:
-"لرعايتك لنيكول "
-"كلا من فظلك ...لم تكن مصدر ازعاج على الأطلاق"
-"ماذا عن الزي الخاص بالمعرض ...من المؤكد انني مدين لك بذلك "
-"لقد كانت الأقمشة لدي منذ وقت طويل واذا كنت لم استخدمهم لنيكول لكنت تخلصت منهم"
-"لكن .... وقتك يجب ان يكون مقابل شئ"
-"كلا كان الأمر سهلا فحياكة زي واحد مثل زيان ثم انني سعيدة بذلك ...على أية حال من الؤكد انني سوف احتاج شيئا في المستقبل فإنني لست على دراية كافية بأمر السباكة والكهرباء"
لم تصدق جوانا انها ذكرت تلك الأشياء , فلم يبدو تانر أنه يقوم بهذه الأعمال .
-"أرجوك..... لا تترددي في السؤال فاذا خانني الحظ في اصلاحها سأجد لك من يقوم بها"
-"شكرا"
بعدما تحدثت قليلا مع تانر لاحظت انه لطيف ومهذب واندفعت كريستن الى المطبخ وهي تقول:
-"أمي هل سألت السيد لوند؟"
-"اسأله ..ماذا؟"
-"ان يحضر للعشاء في وقت قريب"
شعرت جوانا بالحرارة والخجل يتخللان جسدها فقد بدا وكأن الدعوة حبكة عاطفية كانت تدبرها خاصة بعد ان تدخلت نيكول قائلة:
-"ابي انا وكريستن نود ان نسمعك الأغنية الآن"
-"بكل سرور , هل تمانعين جوانا؟"
-"بالطبع لا"
-"لقد انتهت امي من صنع الأزياء مساء أمس وسنرتدي الثياب ونعود بسرعة"
في لحظة خروجهما وقفت جوانا واعادت ملء قدحها , وكانت في الحقيقة تبعث عن وسيلة لتتحدث بصراحة مع تانر بدون ان تحرج نفسها ولا ان تحرجه قالت:
-"اعتقد انه ينبغي علي توضيح شئ ......" بدأ صوتها يرتفع
-"نعم ؟" أجاب تانر مستفهما ونظراته تتبعها وهي تحوم في المطبخ , لم تستطع جوانا ان تقف في مكان واحد لفترة طويلة , فقد كانت تنتقل من القهوة الى الثلاجة وفي النهاية وقفت امام الخزانة وكتفت يديها خلف ظهرها وشهقت شهقة عميقة قبل ان تجد الشجاعة لتتكلم فقالت:
-"اعتقد انه من المهم ان اوضح سوء الفهم بيننا لأن الفتاتان أصدقاء ...عندما كانت نيكول مع كريستن كانت في ايد امينة "
أجاب تانر بأدب شديد :
-"انني ممتن لذلك"
-"لكنه يساورني شعور ان كريستن ..وربما تكون نيكول ايضا ودت لو نتعارف بشكل أقوى وافضل ....اذا كنت تدرك ما اعنيه"
ياإلهي كانت هذه حماقة !
شعرت جوانا وكأنها مبتلة ولكنها أضافت :
-"تانر انني غير مهتمة بالعلاقات العاطفية ...فلدي الكثير الذي يجري في حياتي وهو كفيل باحتوائي ولا احب ان تشعر انك مهدد بالفتيات وألاعيبهم الصغيرة ....أرجو ان تسامحني على جرأتـي ولكنني افضل ان نتحدث في ذلك بوضوح "
كانت تلفظ الكلمات بسرعة فائقة وتساءلت عما اذا كان يدرك ما تقول ...
-"فهذه الدعوة كانت فكرة كريستن وليست فكرتي ولا احب ان تعتقد ان لي أي دخل بهذه الدعوة"
-"ان دعوة على العشاء ليست بعرض للزواج!"
-"بالطبع ..! ولكنك قد تعتقد ...لا أعرف اعتقد انني لا اريدك ان تعتقد انني مهتمة بك او اسعى وراءك عاطفيا ...اي ...."
جلست الى المقعد وأرخت ظهرها ورفعت يديها لتتخلل شعرها وتبعده عن وجهها وأطلقت زفرة طويــلة قائلة:
-"إنما أزيد الأمر سوءا......أليس كذلك؟"
-"كلا ...اذا كنت استوعبتك وفهمتك ...فانك تقولين انك تحبين ان نكون أصدقاء ليس أكثر "
-"نعم..... صحيح"
فرحت جوانا بتفهمه وسعيدة بانه قد ذكر في كلمات بسيطة كل ما كانت تريد ان تقوله
-"في الحقيقة ...انني شعرت بنفس الشئ , لقد تزوجت مرة واحدة وهذا يكفي جدا!"
شعرت جوانا بنفسها منفعلة فقالت :
-"بالضبط .....وانا راضية عن حياتي بهذا اشكل ....فأنا وكريستن متقاربتين وقد انتقلنا لهذا البيت ولدينا كثير من الخطط لإعادة تزيينه ولدي عملي الخاص الذي يتقدم ...."
-"بالضبط مثلي ....فأنا مشغول بهذه الشركة وبالعلاقات واخر ما احتاجه امرأة تعقد حياتي "
-"الرجل هو اخر من اسمح له بخرق علاقتي وكريستن في هذه المرحلة"
-"كم مضى عليك وانت مطلقة ؟" سأل تانر وهو يلف يديه حول القدح.
-"ست سنوات"
-"لقد مضى علي خمس سنوات"
كان مثلها فلم يذهب الى علاقة اخرى ولم ولن يبحث عن واحدة ولاشك كانت لديه اسبابه وكانت جوانا تعرف دوافعها واسبابها .
-"أصدقاء؟" مد يده الى جوانا ليصافحها
-"وليس أكثر ..." أضافت جوانا وهي تصافحه وتبادلا الأبتسامة
********
-"بما ان السيد لوند لن يكون موجودا لحضور العرض يوم الأربعاء فهو يود ان يأخذني ونيكول لتناول العشاء بالخارج مساء يوم السبت القادم , وقد سألتني نيكول ان اطلب منك ذلك "
قالت ذلك كريستن التي دخلت فجأة بينما كانت جوانا تتصفح الصفحة الأولى للجريدة كان قد مضى اكثر من اسبوع منذ ان تحدثت مع تانر وشعرت بتحسن حيال ما قد وصلت اليه الأمور , ورجعت كريستن الى امها وقالت :
-"اعتقد انه من الأفضل لو تحدثت الى السيد لوند بنفسك يا أمي"
-"حسنا يا حبيبتي"
كانت قد انتهت من قراءة بابها المفضل عندما صاحت كريستن في هرولة :
-"السيد لوند ينتظر على الهاتف الآن يا امي ....هل ستتركينه ينتظر ....هذا غير لائق "
هرولت جوانا وهي تقول لأبنتها :
-"لماذا لم تخبريني؟!"
-"لقد فعلت .... اعتقد انك بدأت تفقدين ذاكرتك "
-"انا جوانا"
-"انا تانر .....لا تقلقي فنيكول تقول لي دائما , هل يناسبك العشاء مساء السبت القادم ؟!"
-"لا ارى مشكلة في ذلك "
-"عظيم وقد اقترحت الفتاتان المكان الذي تتحدثان عنه دائما "
-"القصر الوردي"
شعرت جوانا ان تانر يقحم نفسه في اشياء غريبة مع الفتاتان , في العام الماضي دعت حوانا كريستن لقضاء عيد ميلادها به وكان الطعام غالي جدا ......وكانت الموسيقى عالية....قالت جوانا :
-"بالمناسبة , رحبت نيكول ان تقضي الوقت هنا اثناء سفرك الأسبوع القادم"
-"هذا عظيم جدا جوانا فلم اكن اريد ان اسألك ولكن نيكول كانت تلح علي منذ المرة السابقة وكانت قلقة ان ارسلها الى مدتام واجنر"
-"سأعمل على بقائها هنا بما انها ستكون ليلة العرض"
-"هل انت متأكدة؟!"
-"بالطبع....ليس هناك مشكلة كل ما عليك ان تأتي بخا الى هنا ولا تقلق"
-"حسنا , ولا ترتدي شيئا خاصا مساء السبت"
-"مساء السبت ؟!!" صاحت جوانا متسائلة
-"نعم ....ألم تقولي منذ لحظات انك لا تمانعين في ان نتناول العشاء نحن الأربعة؟؟!"
الفصل الخامس
القصر الوردي
-"جوانا انا ممتن لك كثيرا !" قال تانر وهو يحتضن نيكول الى جواره وهي تحمل حقيبتها وعينيها تملأهما الحزن.
-"ليس هناك مشكلة يا تانر!"....ردت جوانا
احتضن ابنته بقوة واغلق عينيه لفترة وجيزة واحست جوانا بالندم الذي يعتريه , فقد كان متأثرا لأنه لن يتمكن من حضور العرض المدرسي .
ابتسمت تانر لنيكول وقال :
-"كوني فتاة طيبة يا حبيبتي"
-"سأكون!"
-"عندما اعود , اريد ان اسمع كل تفاصيل الحفل "
حاولت نيكول ان ترسم ابتسامة على وجهها فقال تانر :
-"تعرفين اني سأكون هناك ...ان استطعت "
-"اعرف يا ابي .....لا تقلق , ثم انه سيكون هناك الكثير من العروض المدرسية بعد ذلك , كنت افكر انا وكريستن فيان ننطلق بأغنيتنا اذا ابلينا بلاء حسنا كما فعلت ديزي جيلبرت"
-"ديزي من؟"
سأل تانر ورفع رأسه وكأنه ينتظر الرد من جوانا .
-"مغنية بالطبع!"
كانت جوانا لديها شرائط كثيرة اعتادت سماعها وهي في مثل عمر كريستن ولكن الآن من الصعب ان تفرض عليها ما تسمعه , وكان من الواضح ان تانر لم يكن اكثر علما من جوانا .
-"ليست مجرد مغنية يا امي"
صححت كريستن معلومات جوانا واضافت :
-"كانت شيئا خاصا ...فلقد كانت تكبرني ونيكول بشئ بسيط واذا استطاعت ان تجعل من نفسها نجمة للروك فاننا نستطيع!"
على الرغم من ان جوانا تكره ان تهدم مثل هذا التفاؤل فقد كانت تعتقد ان الفتيات قد اغفلوا نقطة هامه اذا كانوا يبحثون على الثراء والشهرة فقالت:
-"ولكن لما لا تغنون!"
-"نعم ولكن نحن نحرك شفتينا بشكل جيد"
-"هيا بنا يا نيكول !"
امسكت كريستن بحقيبة صديقتها وقالت:
-"يجب ان نتدرب من الآن !"
اختفت الفتاتان بسرعة ليتركا جوانا وتانر وحدهما فقال تانر:
-:لديك رقم هاتف الفندق ومكان الإجتماع؟"
-"سأتصل بك في حالة وجود أي مشكلة ...لا تقلق يا تانر , انا متأكدة ان الأمور ستكون بخير " واشاح تانر بوجهه الذي علاه الحزن فأسرعت جوانا وقالت :
-"تانر ....لا تشعر بالذنب !"
اتسعت عيناه في دهشة وقال :
-"هل يظهر هذا بصورة واضحة ؟!"
-"انها تظهر بصورة واضحة جدا"
وقف تانر لحظة ثم مد يده وحك وجهه وهو يقول :
-"هناك اجتماعان علي ان احضرهما شخصيا , فلقد وعدني بيكي ان يتعامل مع الأمور الأخرى ...فأنت تعلمين انني عندما شاركت في هذه الشركة ارتبطت بهذه الرحلات ولم اكن اظن ان تركي لنيكول سيكون بمثل هذه القسوة ...فقد كرهت هذا ...على الأقل كانت تكره الى ان قضت الليلة هنا معك انت وكريستن "
-"انها فتاة من نوع خاص"
-"اشكرك"
لأن تانر يفتخر بها وقد بدا واضحا انه بذل الكثير ليكون اب مثالي وشعرت جوانا بتأنيب الضمير لما قد ظنت به من قبل فقالت:
-"تانر...انصت الي " تمتمت جوانا بشفتيها ثم شهقت شهقة عميقة وهي حائرة كيف تبدأ بالحديث.
-"بخصوص يوم السبت "
-"ماذا عنه؟"
-"اعتقد انه من الأفضل ...لو انه كان مقتصرا عليك انت والأولاد"
قال تانر وهو يهز رأسه :
-"لن يكون الأمر حسنا بدونك وتذكري جوانا ...انا مدين لك , حيث انك لا تقبلين ان ادفع لك لرعايتك لنيكول فأقل ما يكون ان تقبلي دعوتي على العشاء"
-"لكن !"
-"اذا كني قلقة أن الأمر سيبدو وكأنه ميعاد غرامي ...فلا تقلقي ...فنحن نفهم بعضنا البعض"
****
-"يبدو احساس جميل ....كيف يبدو يا حبيبتي؟!"
حقا يا أمي لا اعرف ..انه رجل ...ماذا تريدين ان اقول؟!"
-"حسنا , يبدو انه سيكون هو يا جوانا !"
-"امي من فضلك , كم مرة علي ان اقول لك ...لن اتزوج ثانية !"
مرت فترة من السكون وقالت امها :
-"سنرى ...سنرى يا حبيبتي !"
عند انتهاء المكالمة التفتت جوانا الى ابنتها التي قالت:
-"الن ترتدين ثوب يا امي ؟"
نظرت كريستن الى والدتها نظرة كادت تشكك جوانا في نفسها وخصوصا انها جلست لساعات لتقرر ماذا سترتدي ...فاذا اختارت ثوب بسيط وتقليدي مثل الذي تذهب به الى المكتب ستظهر بمظهر رسمي اكثر من اللازم والأثواب الأخرى لديها هي اثواب حفلات واعتبرتها قديمة .."
-"امي ....الليلة مهمة جدا"
-"سنذهب الى القصر الوردي وليس بيت سبوكين "
-"اعلم ..ولكن السيد لوند ظريف"
قالتها كريستن ونظرت الى باقة الزهور الوردية على طاولة غرفة المعيشة , فقد اوصى تانر بهذه الزهور لتصل الى نيكول وكريستن ليلة العرض.
-"لا يمكنك ارتداء أي شئ على العشاء مع الرجل الذي ارسل لي الزهور"
-"انا متأكدة ان هذا ما يتوقعه السيد لوند
قالت جوانا ذلك بصلابة وثقة مما كانت تشعر به
-"اتعتقدين ذلك؟" كانت تأمل في ذلك وابتسمت وتمنت ان يخيب ظن ابنتها , كان عليها ان توافق كريستن ..فتانر لطيف بل اكثر من لطيف ..., فمع كل لقاء ينمو تقدير جوانا له ..لقد اتصل يوم الجمعة ليشكرها على عنايتها بنيكول والتي عادت الى البيت يوم الخميس بعد عودة والدها الذي ظل ينتظر يوم السبت بفارغ الصبر ,انه حساس ورقيق وولد مدهش بالأضافة الى انه اكثر الرجال وسامة ولكن لسوء الحظ فقد كانت لا تبحث عن زوج لأنه سيكون اول المرشحين .
دوت كلمة زوج داخل عقل جوانا دويا مخيفا كالرصاص ...لقد كانت تلوم والدتها على ذلك وما ذكرته لها جوانا كان صحيحا ....فقد انهت جوانا علاقتها بالزواج ...انهت علاقتها بالحب لقد تعلمت من ديفي مدى الصعوبة على الرجل ان يظل مخلصا لم تكن لدى جوانا النية لتعيد تلك الدروس المؤلمة بجانب انه اذا قدر لرجل ان يشغل جزء من حياتها ثانية سيكون شخص في مستواها الأجتماعي والأقتصادي ...ليس كتانر لوند لكن هذا لا يعني انها كانت تعمى عن سحر الرجال فعلى العكس تماما فقد كانت تواعدهم بيد انها وجدت نفسها تفكر في تانر لوند كثيرا وكان هذا مدعاة لقلقها...كان هذا يقلقها كثيرا كانت ابتسامتها كفيلة بالأجابة فقالت :
-"حسنا , اذا كنت تريد ذلك سأكون مستعدة انا وكريستن في تمام الساعة السادسة"
-"حسنا , اتفقنا!"
كانت جوانا تضع اللمسات الأخيرة لوجهها قبل الذهاب للعرض عندما دق جرس الهاتف
-"سأجيب الهاتف يا امي" صاحت كريستن وهي تجري بسرعة وفي هذا الوقت كانت جوانا تجوب بعينيها انحاء الغرفة وهي تفكر في امر مكالمة الهاتف ...فقد كانت المكالمة من تانر ولكنها سمعت كريستن تقول:
-"مرحبا جدتي"
ابتسمت جوانا بلطف وسعادة لأن والدتها تذكرت العرض ...كان والداها يعيشان في كولفيل وهي بلدة تقع على بعد ستة اميال شمال سبوكين وكانت تعلم انهما سيحضران العرض لولا الظروف الجوية وظروف الطريق ..لاشك كانت تتحدث لتتمنى حظا طيبا لكريستن.
-"امي انها جدتي وهي تريد محادثتك!"
انته جوانا من وضع احمر الشفاه وانطلقت الى الهاتف
-"مرحبا امي ...كم هو جميل ان اسمع صوتك"
-"ماذا في امر موعد مساء السبت ؟"
-"من قال ذلك؟"
سألت جوانا وهي متجهمة ....فقد كانت امها تقول لها منذ سنوات انه يجب عليها ان تتزوج وشعرت جوانا انها في قمة غيضها من كريستن لمجرد ان تذكر اسم تانر فاخر شئ كانت تحتاجه هو ان يبدأ ابواها الضغط عليها في هذه العلاقة واضافت والدتها :
-"لماذا ...لقد ذكرت لي كريستن كل شئ ويا حبيبتي اذا لم تمانعي يبدو انه الرجل المناسب لك ..فكلاكما ترعيان الأطفال والأطفال اصدقاء....يبدو ذلك مثاليا "
-"امي ....من فضلك ...انا لا أعلم ما ذكرته لك كريستن ولكن دعيني اوضح لك الأمر ....كل ما هنالك ان تانر يريد ان يعبر عن شكره حيال رعايتي لنيكول في غيابه ...وعشاء مساء السبت ليس موعد غرامي"
-"هل سيصحبك للعشاء "
-"انا وكريستن وابنته"
-"ما اسمه ثانية؟"
-"تانر لوند!"
استاءت جوانا , و ودت لو تغير الموضوع فقالت:
-"الم يكن الجو رديئا هذا الأسبوع .!كم اتمنى ان يأتي الربيع لقد كنت افكر في زرع بعض الأعشاب عند السور الخلفي "
-"تانر لوند!..."رددت والدتها الأسم ....افضل شئ ان تدفن هذه العلاقة ...ستخرج معه المرة فقط وستكون هذه النهاية.
-"لقد وصلوا!"
صاحت كريستن التي كانت تنظر من وراء النافذةالكبيرة, فتحت جوانا الخزانة بكل هدوء واخرجت المعطفان ظهرت وكأنها ثابتة ولكن اناملها ارتجفت ...فقد كانت ترتعش كلما تذكرت انها ستقابل تانر فتضاءل احساسها بالثقةالذي نجحت ان تكونه في اليومين الماضيين .
تقدم تانر ونيكول الى الباب الأمامي فتحت كريستن ذراعيها وامسكت بهما نيكول واسرعا الأثنتان بالقفز.
-"استطيع ان اقول اننا بصدد امسية ترفيهيه"
تمتم تانر ...كان يبدو عظيما ...اعترفت جوانا كان يبدو وسيما للغاية ذلك النوع من الرجال الذي تحلم به أي امرأة ودت جوانا لو انها محصنة ضد السيد لوند الوسيم ولكن لسوء الحظ لم تكن , فمنذ مقابلتهما السابقة , حاولت ان تتفهم متى تغيرت مشاعرها تجاهه قالت في نفسها ...كانت ارساله للزهور بأن يوصي تانر بالزهور لكريستن ونيكول كانت لمسة رقيقة , فبعد انتهاءهما من الأغنية حيا الجمهور الملئ بالأباء المعجبين وقف ناظر المدرسة السيد هوليداي وهنأهما وقدم لهما باقتين من الزهور الوردية التي قد اوصى بها تانر لعدم وجوده.
-"هل انت مستعدة؟"
سأل تانر وهو يفتح الباب لجوانا فأجابت :
-"اعتقد ذلك "
رغم ان الوقت كان مازال مبكرا الا ان عند وصولهم وجدوا صفا كبيرا خارج القصر الوردي
-"يبدو اننا سنضطر للأنتظار طويلا"قالت جوانا
-"لقد كلفت السكرتيرة بالحجز, فقد علمت انه دائما ما يكون مزدحما مساء السبت"
كان القصر الوردي تماما كما تذكره جوانا , وما ان دخلا تانر وجوانا حتى جلسا وقدمت لهما قائمة المأكولات , لم تكن الفتاتان بحاجة الى القراءة , فقد قررتا كل شئ قبل وصولهما وكانت جوانا قد قررت ايضا عند وصول القائم بالأعمال في القصر .
-"هامبرجر بالجبن وطبق الموز."قالت جوانا وهي تنظر الى الفتاتان
-"نفس الشئ هنا "قال تانر
-"قدح من القهوه ...من فضلك "
-"وانا ايضا"
فتحت جوانا حقيبتها واخرجت قطعة صغيرة من القطن فقال تانر:
-"لأي شئ هذا ؟"
كان يريد ان يعرف...وامسكت جوانا بقطعة القطن وقطعتها الى اربع قطع كرات صغيرة وأعطت تانر اثنان متهم واشارت الى اذنيها وقالت :
-"اخر مرة كنت فيها هنا ...ظل رنين الأجراس في أذني لمدة طويلة إثر الضجة"
انحنى تانر الى المنضدة ثم قال :
-"ان الصوت يعلو...أليس كذلك؟" نظرت نيكول وكريستن الى تانر وجوانا ثم قالا سويا:
-"اذا كان عاليا فقد اصبحتما متقدمان في السن!"
رفعت جوانا يدها قائلة:
-"مذنبة في الإتهام الذي وجه الي!"
ابتسم تانر مع جوانا , وشعرت جوانا ان الأبتسامة قد أدت الى اشياء غريبة داخل جوفها فضغطت بيدها فوق جوفها لقمع ما تحس به, لم تكن تعرف ماذا حل بها ولكن ايا كان فهو احساس لا يعجبها ثم وصل العشاء وكان الطعام افضل مما تذكره جوانا.
في حين كان تانر وجوانا يتبادلان بعض الملاحضات من وقت الى اخر , تبادلت الفتاتان الحديث في سعادة بالغة خلال العشاء وعندما جاءت الخادمة لتناول اخر طبق خال , اقترح تانر مشاهدة فيلم .
فصاحت نيكول :
-"فكرة عظيمة!"
ساندتها كريستن بمنتهى الحماس
-"ما رأيك جوانا؟" سألها تانر وما ان بدأت في الأعتذار قائلة ان الليلة مليئة بالعشاء حتى نظرت لتجد امامها وجهان ينظرا اليها في امل ...فلم تستطع ان تكمل ما بدأته وان تفسد عليهما فأجابت :
-"بالطبع!"
-"مذبحة تين ....يعرض الآن في سينما مال" صاحت نيكول ونظرت الى ابيها قائلة:
-"دوني روزنبيرج قد شاهده وادعى انه قد اصابه الرعب منه"
وضحكت كريستن وابدت موافقتها
ولكن بلا تردد هز تانر رأسه قائلا :
-"لا يا نيكول "
-"ابي ....لقد شاهده الجميع والسبب الوحيد في انهم يقتصرون على الكبار هو ظهور الدماء والمعارك وقد رأيت الكثير من ذلك"
-"اغلق باب المناقشة"
اجاب تانر قائلا بدون ان يرفع من صوته وقد بدت السلطة واضحة في كلماته والتي تكفي باقناع جوانا انها ستفسر دائما اذا ما حاولت معارضة تانر لوند ولكن الحقيقة انها كانت لا تتردد في ان تعارضه اذا ما شعرت بخطأه ولكنها توافقه تماما في هذه الحالة .
اقفهر وجه نيكول حتى ظنت جوانا انها ستعيد المحاولة ولكنها لم يصيبها الدهشة عندما استسلمت نيكول بدون جدال.
اختيار نوع الفيلم الذي سيشاهدونه, كان يتطلب مشاورات وكان لدى الفتاتان فكرة عن ما هو مقبول لدى تانر وجوانا , فما كان تانر وجوانا ان يسمحا لهما بالمشاهدة فيلم مقصور على الكبار حتى وان كان بسبب الدماء والمعارك.
اخيرا توصلوا الى حل وسط لمشاهدة فيلم كوميدي ووافقت الفتاتان وبعد نصف ساعة تقريبا كانوا جميعا داخل المسرح وسأل تانر :
-"هل يحب احد تناول الفيشار؟"
-"انا " اجابت كريستن اما نيكول فصاحت قائلة :"وانا ايضا, ولكن هل لنا في بعض الكوكاكولا والشيكولاته؟"
التفت تانر الى جوانا وسألها :
-"ماذا عنك؟"
-"لا شئ"
فلم تكن تدري اين ستضع الفتاتان هذا الطعام ولكنه كانت تعلم اين سيرقد الطعام "في اردافها" ففي كثير من الأحيان كانت تعتقد ان الطعام لا يمر بجوفها ولكن يتخذ طريقه مباشرة الى الأرداف
-"هل انت متأكدة"
-"بالطبع"
لحظات وعاد تانر بالفيشار اخذته الفتاتان حتى اتجهها الى القاعة فنادت عليهما جوانا :
-"انتظرا" سارت الفتاتان بدون توقف ثم وقفا وفي عينيها نظرة رعب وقالت كريستن :
-"لن تجلسي معنا ....اليس كذلك يا امي؟"
-"ولم لا؟"
كان هذا نبأ جديد لجوانا , بالطبع لقد مضى وقت طويل منذ ان اصطحبت كريستن الى فيلم ولكن كريستن كانت دائما تجلس بجوارها في الماضي.
-"من الممكن ان يرانا احد" قالت ابنتها في توضيح
-"الا يجلس احد مع والديه الان!؟" سألت جوانا في دهشة.
-"الجلوس معنا الان محرج اجتماعيا"
-"هل نذهب الان يا امي ؟"ثم توسلت اليها كريستن ...."لا احب ان تفوتني "
وقفت جوانا مبهورة فقد كانت تستمتع بالذهاب لمشاهدة الأفلام من حين لآخر ودائما ما كانت كريستن تصطحب كريستن بل وبعض اصدقائها ...حتى الليلة , فلم يعترض احد على ان تجلس بجانبه ولكن الآن تذكرت جوانا ,لم تكن كريستن تكترث بالذهاب لمشاهدة الأفلام في الشهرين الماضيين..
-"اعتقد هذا ما يحدثعندما يصلون الى الصف السادس!"
قال تانر وهو يمسك الباب لجوانا التي وقفت لحظة لترى اين تجلسا الفتاتين فقد كانت كريستن ونيكول تجلسان على بعد ثلاث صفوف من المسرح.
-"آه هذه متعة الأبوة " قال تانر معلقا وبعد ان جلسوا في مواقعهم "غير متعة الأمومة"
اندهشت جوانا لما حدث , فقد ظنت ان هناك صلة وثيقة بينها وبين ابنتها .... فكريستن لم تذكر أي شئ عن انها لاتريد الجلوس معها , كانت تعم ان الأمر يبدو عاديا....ولكنها لم تستطع ان توقف قلقها بأن هناك شئ ما يهدد الأساس الصلب الذي طالما عملت على بنائه....التفتت الى تانر وهي تحاول ان تبتسم ولكن قد بدا عليها القلق , فقال تانر :
-"ما خطبك؟!"
خانها صوتها فركت يديها ثم قالت :
-"لاشئ"
-"أهي كريستن؟"
وهزت رأسها وهي تقول :
-"لأنها رفضت ان تجلس بجوارنا"
إسترسل شعرها فوق كتفيها وهي تهز رأسها ثانية , فقال تانر :
-"لمجرد ان رغبت الفتاتان الجلوس بمفردهما ....هل هذا يضايقك ؟"
-"لا..نعم..لا أعلم بماذا أشعر , انها تكبر يا تانر واعترف ان هذا قد صدمني"
-"لقد حدث لي ذلك الأسبوع الماضي حين رأيت نيكول ترتدي نوع من البنطلونات لم اعلم انهم يصنعون للفتيات في مثل سنها"
-"يصنعون ..صدق او لا تصدق , كريستن ايضا فعلت نفس الشئ"
هز رأسه وكأنه لا يستطيع تفهم الأمر وقال :
-"ولكنها لا تزال في الحادية عشر"
-"هل حاولت كريستن ان تلصق الأظافر الصناعية ؟"
رفعت جوانا يدها لتغطي فمها ثم قالت :
-"تلك الأشياء اللاصقة انتشرت في كل مكان لأسابيع"
التف تانر في مقعده وسأل جوانا قائلا:
-"وماذا عن الماكياج؟"
-"لقد امسكت بها وهي تحاول ان تخرج من البيت خلسة في الصباح الشهر الماضي وقد وضعت ظلال العين فاقع اللون لم أر في حياتي ...تانر أقسم انها اذا وقفت على الشاطئ سيتسنى لها ان تهدي المراكب الى الميناء ....من فرط قوة اللون"
ابتسم تانر ثم بدا وكأ،ه قد شعر بالراحة فقال:
-"اذن انت تسمحين لها بوضع الماكياج؟"
-"امنع ذلك كلما استطيع حتى الآن, على الأقل يجب ان تنتظرا حتى تصل الى الصف السابع...ذلك حين سمحت لي امي ان اضع الماكياج ,لا اعتقد انه غير معقول ان تنتظر كريستن حتى ذلك الوقت"
بدت على تانر علامات الراحة وهو يقول :
-"انا سعيد لسماع ذلك...فقد داومت نيكول على ان تضع الماكياج في خلال الستة الأشهر الماضية ولم اعلم من اسألأ في ذلك الأمر , فهو ليس امرا مريحا ان اناقش تلك المسائل مع سكرتيرتي"
-"لم .....اقصد ان اتدخل"
-"لا عليك .... فلم افترق انا وكارمن ونحن على علاقة طيبة , فالآن لديها حياة جديدة ويبدو انها لاتريد أي شئ يربطها بالماضي ....ليس معنى ذلك انني القي اللوم عليها , فلقد تسبب كلا منا بتعاسة الآخر , بصراحة ...ياجوانا ان شعوري تجاه الزواج ثانية مثل شعورك تماما ...فكفاي زواج فاشل واحد"
إنطفأت الأنوار في القاعة وعلا صوت الموسيقى , فرد تانر ظهره في المقعد وارتخت جوانا ايضا وكانت سعيدة لأن الفيلم كان كوميديا, كانت مشاعرها جياشة في تلك الليلة فقد كانت تشعر انها ستنفجر في البكاء بمجرد أي شئ محزن , لقد كانت تفكر كثيرا حتى انها غفلت ما كان يضحك عليه تانر والآخرين وبدون تفكير امتدت يد جوانا لتأخذ بعض الفيشار في يد تانر وامسك تانر بالكيس بينهما وعندما امتدت يد جوانا لطلب المزيد لمست يد تانر فتمتمت جوانا وهي تخرج يدها :
-"آسفه"
-"لا عليك"
امسك بالكيس ناحيتها وامتدت يدها ثانية ولكن هذه المرة امسكت يدها يد تانر وما ان امتدت يده لتمسك يدها ..فقدت جوانا قدرتها على متابعة ما يحدث على الشاشة , تماسك الأيدي بدا وكأنه شعور يرئ فلم يقصد أي شئ , هذا ما ذكرته جوانا لنفسها , لقد كانت مشوشة ومشاعرها غير واضحة ولم تكن تعرف لماذا؟"
كانت معجبة بتانر , واعترفت جوانا مجددا , كانت معجبة به جدا ....وكانت تحب نيكول . لأول مرة منذ طلاقها ترتبط بأول رجل وكان هذا كفيل بتخوفها , لقد اصابها ذلك بالرعب فكان هذا الرجل ينتمي لعالم مختلف , بجانب انها لم تكن مستعدة طيلة ست سنوات ,كانت ينبغي ان تعطيها وقت كاف لتلتئم جراحها ولكنها كانت خائفة من نزع الضمادات .
وعندما انتهى العرض, أوصلهم تانر الى المنزل , وكانت الفتاتان قد ارهقتا ولكنهما استمرا في تبادل الحديث في المقعد الخلفي اما المقعد الأمامي فقد كانت له قصة مختلفة لم يكن لدى تانر او جوانا الكثير ليتحدثا عنه.
-"هل تأتي لتناول قدح من القهوة ؟" سألت جوانا
-"هل لنا ذلك يا ابي؟من فضلك؟ ..."رجته نيكول واسترسلت قائلة: -"فأنا وكريستن نود ان نشاهد برامج مساء السبت معا؟"
-"هل انت متأكدة؟" سأل تانر جوانا ....ولم تستطع الأجابة فلم تكن متأكدة من أي شئ حينئذ ضغطت على نفسها لتقول:
-"بالطبع , فلن يستغرق الأمر اكثر من دقيقة او اثنان لتحضير القهوة!"
-"حسنا"
اطلقت الفتاتان صيحات الفرح وتعجبت جوانا عما اذا كانا سيسأمان من صحبة احدهما الأخرى وعلى الرغم من انه لم يظهر عليهن أي علامات ولكن على حسب ما علمت انهن لم يختلفا قط.
اختفت نيكول وكريستن ما ان وصلا الى البيت وفي غضون ثوان , علا صوت التلفاز بينما تبع تانر جوانا الى المطبخ ووقف منحنيا الى الطاولة في حين كانت جوانا تقوم بتحضير القهوة , كانت قلقة وحركاتها غريبة فلأول مرة تكون بمفردها مع رجل ولكنه كان شيئا سخيفا وخاصة وان الفتاتان تحومان حولهما ....قالت جوان :
-"لقد استمتعن كثيرا....الليلة"
-"وأنا كذلك!"
بادلته الأبتسامة لكن سرعان ما أمسكت عيني تانر بعينيها وبدا الأمر وكأنها تراه لأول مرة , والتفتت لناحيته وكأنما تدرك لأول مرة كم هو طويل القامة ووسيم كم كان شعره كثيفا وداكنا وناعم, وبجهد كبير ابعدت نظره عن عينيه الزرقاوتين ورجعت الى تحضير القهوة , ولكن اناملها لم تساعدها.
-"جوانا!"
كان تانر يقف خلفها مباشرة وتبعتها فترة كبيرة من السكون قبل ان تستدير لتواجهه.
وامتدت يدا تانر لتمسك كتفيها وأكمل قائلا:
-"لقد مضى وقت طويل منذ ان جلست لأشاهد عرضا وامسكت بيد فتاة"
ظرت بعينيها بعيدا وهي تقول:
-"وانا كذلك"
-"شعرت وكأنني طفل من جديد"
-"أود ان اقبلك يا جوانا"
لم تكن تحتاج لأي تحليل لتعرف ان تقبيل تانر كان شيئا من الأفضل ان تتجنبه , وكادت ان تخبره بذلك لولا ان امتدت يداه لتمسك جسدها وجذبها ولكن يد جوانا امتدت لتحاول ان تبعده ولكن ما ان لمست يداها صدره المشعر حتى فقدتا هدفهما ففي اللحظة التي لمست فيها شفتا تانر الدافئة شفتيها حتى شعرت بإثارة لم يكن لها مثيل وارتفعت يداها لتمسك بقميصه وكأنما تشعر نفسها بالأحساس الذي طالما فقدته , فقد مر عليها وقت طويل منذ ان قبلها رجل بهذه الطريقة. اشعلت القبلة في داخلها شئ ظنت انه قد مات وقد كانت مندهشة من رجوع ذلك اليها وعندما أسقط تانر ذراعيه وتركها شعرت جوانا بوهن شديد وانها لاتقوى على الوقوف . امتدت يدها لتتحسس صدرها والذي احست في داخله بنفس عميق وقالت :
-"لا أظن انها فكرة جيدة"
إلتصقا حاجبا تانر وقال :
-"اعتقد ذلك ايضا ولكنه بدا الشئ الصحيح ....لا أعلم ماذا يحدث بيننا ....جوانا ....وذلك يشعرني بالقلق "
-"انت ؟ لقد كنت انا التي اوضحت من البداية ,انني لا اسعى الى علاقة غرامية"
-"اعلم وانا اوافقك ولكن.."
-"انا اكثر سعادة لأن كريستن ونيكول قد اصبحا اصدقاء اكثر ولكنني احب حياتي كما هي ....اشكرك"
علا وجه تانر الغضب وقال"
-"اشعر بنفس الشعور , لقد كانت مجرد قبلة وليس اقتراحا ان نعيش معا"
-"كم تمنيت لو لم تفعل ذلك يا تانر"
-"اعتذر ....ارجوك ثقي بي ...لن يتكرر ذلك"
-"من الأفضل ان تنسى الأمر برمته"
-"اوافقك تماما"
-"حسنا"
خرجا من المطبخ ولكن ليس قبل ان تجد جوانا نفسها تتعجب وتتساءل عما اذا كان من الممكن ان تنسى ما حدث ......
الفصل السادس
لقاء سري
كانت القبلة حقا شيئا صغيرا , هذا ما كانت تفكر فيه جوانا وهي تحرك القلم بين اصابعها , فقد صنعت قضية جنائية من ل شئ وقد احرجت نفسها واحرجت تانر معها
-"جوانا ....هل كان لديك الوقت لقراءة طلب قرض اوسيرن؟"
سألها مديرها ....روبن سيمسون وهو يتكأ على مكتبها فقالت:
-"آه ليس بعد"
بدا عليها علامات الحمرة من اثر الحرج والشعور بالذنب واقفهر وجه روبن وهو يحملق فيها قائلا:
-"ماذا دهاك اليوم ؟"فكلما نظرت اليك اجدك تحملقين في الحائطونظرة حائرة تائهة في عينيك؟"
-"لاشئ !" توجهت الى سلة المهملات وتناولت ملف,على الرغم من انها لم تكن تعلم أي ملف هذا بينما ظل روبن يقول لها:
-"لو لم اكن اعرفك جيدا , لقلت انك تحلمين احلام اليقضة برجل ما"
نجحت جوانا ان تبتسم ابتسامة سخرية والتي كانت تعني انكار كل شئ وقالت :
-"الرجال هم اخر من افكر فيهم"
كان هذا نصف الحقيقة فالرجال بالجمع لم تكترث بهم لكن رجل كتانر حسنا كان هذا امرا مختلفا , فعلى مر السنين كانت جوانا دائما ما تنحرف عن الطريق حت تتفادى الرجال الذين قد ينالون اعجابها . فكان هذا اكثر امنا لقد كانت تواعد بعضهم من وقت لآخر ولكن الرجال الذين من الممكن ان يقسموا ويطلق عليهم مهذبون نوع من الرجال الذين لاتشعر تجاهم بأي شئ ابعد من الصداقة البريئة فالجاذبية والسحر والحب كانت مفقودة لديها وهذا يرجع لزوجها والذي كان يمتلك الثلاثة اشياء ودمر ايمانها في احتمال حدوث علاقة ابدية او على الأقل لم يطرق أي من الثلاث خصال بابها ثانية حتى قابلت تانر .
ان تواعدها قد كان مسموحا به فكل منهما بحاجة الى ليلة يقضيها بالخارج لم يبدو انه من العدل الحرمان من السعادة لأمسية جميلة لأنها لم تكن تبحث عن زواج اخر , كانت تتواعد لكن ليس كثيرا ولكن في الست سنوات الأخيرة قد اثر فيها مثل تلك الساعات القليلة التي قادتها مع والد نيكول
-"جوانا!"
فزعت جوانا ورفعت رأسها لتجد رئيسها ما زال واقفا بجوار مكتبها فأجابت:
-"نعم"
-"ملف اوسبورن"
اغلقت عينيها لفترة وجيزة لتمحو من فكرها تانروحملق روبن في سقف الحجرة وسكتت لحظات وكأنما يصلي من اجل الصبر ثم قا:
-"اقرئيه واعيديه إلي قبل انتهاء اليوم اذا لم يكن ذلك بالكثير"
-"بالطبع" اجابت جوانا وهي تتعجب من سبب تجهم روبن.
امسكت بطلب القرض وكادت تنتهي منه قبل ان تعرف ان الأسم عليه ليس اوسبورن ....عظيم ...اذا استمر يومها هكذا يمكن ان تلقي اللوم على تانر لوند لفصلها.
عندما وصلت جوانا الى بيتها ,كانت متوترة ومتعبة فلم تكن طبيعية طوال اليوم بسبب انشغالها بالتفكير في تانر والطريقة التي قبلها بها , لقد كانت تغالي في ردة فعلها , فبالتأكيد ان احدا قد قبلها قبل الآن ينبغي ان يكون الأمر كبيرا ولكن بالفعل كان الأمر هائلا فقد عكس سلوكها وكأنها في عمر ابنتها كريستن , لقد نسيت طريقة التعامل مع الرجال فقد مضى وقت طويل منذ ان ارتبطت بأحد , لم يضع اليوم كله هباء بيد انها قررت شيئين هامين في الساعات الأخير القليلة فقد كانت تريد ان توضح الأمر وتتناقش مع ابنتها قبل ان يخرج الأمر برمته من يدها .
-"مرحبا ياحبيبتي "
-"مرحبا!"
لم تلتفت كريستن من على شاشة التليفزيون حيث كان احد المذيعين يجري حوارا مع رجل ....,كان شعره احمر اللون يتهاوى فوق رأسه ويضفي عينه اليسرى وجزء من انفه.
-"من هذا؟"
زفرت كريستن زفرة عميقة يشعلها الأعجاب والحب وقالت:
-"اتعنين انك لا تعرفينه؟! لقد احببت اللون الأحمر فقط لمدة سنة كاملة ولا تعرفين المغني الرصاص عندما تشاهدينه؟"
-"لا , لا يمكن ان اقول انني اعرفه"
-"اه امي !"
-"نحتاج ان نتحدث سويا"
اشاحت كريستن بوجهها بعيدا عن مثلها الأعلى وقالت:
-"امي هذا هام ...الا يمكن ان ننتظر؟"
زفرت جوانا ثم قالت:
-"اعتقد ذلك !"
-"حسنا "
ذهبت جوانا الى المطبخ لتفاجأ انها لم تخرج كيس اللحم من الثلاجة , كانت تفتح وتقفل الخزانة وتجري هنا وهناك بحثا عن شئ للطعام علبة من سمك التونة كانت كفيلة باعجاب كريستن فاحدى الأشياء التي كانت تميز ابنتها في سن المراهقة كانت شهيتها المفتوحة ..
مدت جوانا رأسها عند الركن وقالت :
-"هل يعجبك سمك التونة على العشاء؟"
لم تكترث كريستن بأن تنظر جهتها بل رفعت ذراعها واشارت بابهامها من جهة السجاد
-"حساء وسندويتش"
مرة اخرى اشارت كريستن بابهامها الى الأسفل
-"خس وخبز وطماطم مع شوربة الدجاج, هذا افضل ما استطيعه, اقبليه او لاتقبليه"
فصاحت كريستن :
-"اذا كان هذا العرض الأخير سأقبل ولكنني كنت اظن اننا سنتناول الهامبرجر"
-"كنا ولكنني نسيت ان اخرجها من الثلاجة"
-"حسنا موافقه"
كانت جوانا ما زالت تقوم بتحضير العشاء حين لحقت بها كريستن
-"كنت تريدين التحدث معي بصدد شئ ما!"
-"نعم!"
كانت جوانا تركز على نشر سلطة المايونيز فوق شرائح التونة في حين بذلت جهودا كثيرة لتجمع شتات افكارها وسكتت للحظات في محاولة للبحث عن طريقة لما تحتاج ان تقوله بدون ان تزيد من اهميته او تقول شيئا غير هام فعلقت كريستن :
-"لابد وان يكون شيئا كبيرا هل اتصلت بك معلمتي او شئ من هذا القبيل ؟"
-" كلا ...ايجب ان تفعل "
-" كلا البته ....فأنا طالبة متفوقة هذا العام , فأنا ونيكول نسير على اكمل وجه , ما عليك الا ان تنتظري التقرير وعندئذ سترين "
-"انني اصدقك"
فقد داومت كريستن على الحصول على الدرجات النهائية طوال العام وكانت جوانا فخورة بمدى كفاءة ابنتها
-"ما احب ان اقوله يخص نيكول ....ووالدها"
-"السيد لوند ...بالطبع انه وسيم اليس كذلك !؟"
قالت كريستن بحماس شديد في انتظار رد فعل جوانا التي ترددت في الأجابة ثم قالت وهي تأمل ان يبدو الأمر طبيعيا
-"اعتقد ذلك !"
-"اه ....امي...انه رائع"
-"حسنا ...اتفق معك ان تانر لديه شئ من ......السحر"
ابتسمت كريستن وهي فرحة بنفسها فقالت جوانا:
-"في الحقيقة انه السيد لوند الذي اريد ان احدثك عنه"
استمرت جوانا وهي تضع طبقة الطماطم فوق شرائح التوست بينما اتسعت عينا كريستن البنية وهي تستمع الى امها تقول:
-"نعم ...وددت ان اخبرك ان ...انني لا اعتقد انها فكرة صائبة لنا نحن الأربعة ان نخرج سويا "
بدا وجه كريستن وقد لاحت عليه علامات الدهشة وخيبة الأمل
-"ولم لا؟"
-"حسنا ...لأنه مشغول جدا وكذلك انا"
بدت العبارة غير مستساغة وغير معقولة ولكنه كان صعبا عليها ان تخبر ابنتها انها تخشى من انجذابها واعجابها تجاه الرجل فقالت الفتاه :
-"لأكما مشغولان ...امي ....هذا لا يبدو معقولا"
-"حسنا سأتحدث بصراحة"
تساءلت ما اذا كانت ذات الحادية عشر ربيعا تستطيع ان تفهم تعقيدات العلاقات بين الكبار فتحدثت بحذر قائلة:
-"لا ارغب في ان اعطي والد نيكول فكرة خاطئة"
انحنت كريستن الى الأمام وهي تضع رسغيها على المنضدة لتسند بهما وجهها وبدت نظراتها حادة :
-"فكرة خاطئة عن أي شئ؟"
-"عني " اجابت جوانا في غير راحة
-"عنك؟!"
رددت كريستن ذلك وهي تفكر ثم زفرت قائلة:
-"اه فهمت انك تعتقدين ان السيد لوند قد يعتقد انك تبحثين عن زوج"
اشارت جوانا بالشوكة التي كانت تمسكها بيدها:
-"احسنت"
-"ولكن امي ....اعتقد انه سيكون عظيما اذا اجتمعت ووالد نيكول , في الحقيقة كنت اتحدث انا ونيكول عن هذا اليوم , فكري في ما سيتجه هذا من مميزات من الممكن ان نصبح اسرة حقيقية وممكن ان ترزقا بمزيد من الأطفال ....لا اعلم اذا كنت قد ذكرت ذلك من قبل ولكنني اتمنى ان يكون لي اخ صغير وكذلك نيكول واذا تزوجت السيد لوند يمكن ان نقضي اجازة اسرية سعيدة ولن يكون عليك ان تعملي وذلك لأن ... لا اعلم ان كنت لاحظت ذلك ولكن السيد لوند غني جدا , يمكنك ان تمكثي بالمنزل وتقومين بخبز الفطائر وان تحيكي الملابس ومثل هذه الأشياء"
اندهشت جوانا حتى انها مكثت دقائق لتجد صوتها ثم قالت:
-"كلا ....كريستن"
شعرت جوانا بالحرج وانها لاتقوى على الوقوف , فكل هذا الوقت كانت تعتقد انها ام مثالية وانها كانت توفر لابنتها كل ما تحتاجه جسديا ونفسيا وانها كانت تعوضها غياب الأب ولكن يبدو انها لم تفعل ما يكفي فكريستن ونيكول كانتا قد خططتا لتجمعا بين جوانا وتانر.
قررت جوانا ان تتحدث مع تانر ولكنها لم تجد الفرصة مواتية حتى المساء وأوت كريستن الى فراشها او على الأقل كانت جوانا تأمل ان تكون ابنتها نائمة وطلبت رقمه وتمنت الا تجيب عليها نيكول ولحسن الحظ لم تفعل.
-"تانر ....انا جوانا " همست جوانا وهي تغطي بيديها مكان التحدث خشية ان تسمعها كريستن
-"ما الأمر؟"
-"اخشى ان تسمعني كريستن"
-"حسنا ....هل اتظاهر انك شخص اخر حتى لا تعرف نيكول؟"
-"من فضلك"
لم يعجبها نبرة الضحك في صوته وبدا انه لم يأخذ الموقف بجدية.
-"صدقني يا تانر.... ليس عندك ادنى فكرة عما اكتشفته , ان الفتاتان يخططان لزواجنا"
-"زواجنا؟"
كانت جوانا تعلم ان ذلك سوف ينتج عنه رد فعل قوي , فقال تانر :
-"متى تريدين ان نلتقي؟"
-"في اسرع وقت ممكن"
بدا وكأنه ما زال يضحك ولكنها لم تستطع ان تلومه وقالت:
-"ذكرت لي كريستن انهما سيسبحان في حمام السباحة مساء الأربعاء, ما رأيك في ان نلتقي بديني لشراب القهوة بعد ان توصل نيكول ؟"
-"في أي وقت؟"
-"في الساعة السابعة وعشر دقائق"
-"هل نضبط ساعتنا؟"
-"هذا ليس مضحكا يا تانر"
-"انني لا أضحك "
ولكنه كان يضحك بالفعل وكانت جوانا مغتاضة منه وقالت :
-"سأقابلك هناك"
-"السابعة وعشر دقائق مساء الأربعاء عند ديني سأكون هناك"
في الليلة التي تواعدا فيها وصلت جوانا الى المطعم قبل تانر وكانت قد ندمت على اقتراحها ان يلتقيا في ديني ولكن الوقت متأخر لتغيير الخطط فكان هناك احتمال وجود عملاء اخرين قد يتعرفو على تانر او جوانا وربما يصل النبأ الفتاتان فقد خانها التقدير في المرات السابقة , فلو علمت نيكول وكريستن بأمر هذه المقابلة , سيظنا ان هذا نتاج تدخلهما دخل تانر المطعم ونظر حوله ولكنه لم يجد جوانا , فخلعت نظارتها الشمسية ولوحت له بيدها .... رفع هو الآخر يده ملقيا اليها نظرة سريعة واستطاعت جوانا ان تلحظ عليه مقاومته للضحك وعندما اقترب منها قال:
-"لم ارتد الكوفية ونظارة الشمس مثلك"
-"اخشى ان يتعرف علينا احد وقد يخبر الفتاتان !"
كان هذا يحمل عندها معنى ولكن تانر بدا وكأنه غير مكترث ولكن سامحته جوانا بما انه لم يعلم مدى الصعوبات التي تواجهها فقال:
-"آه فهمت!"
ادخل يديه في معطفه ومشى خلفها وهو يصفر ثم قال :
-"هل اجلس هنا ام انك تفضلين الطاولة الأخرى؟"
-"لا تكن سخيفا "
-"لن اعلق على ذلك"
-"من فضلك, اجلس قبل ان يراك احد"
-"يراني احد؟! يا سيدتي انك ترتدين نظارة شمسية ليلا وفي الشتاء وتلبسين الكوفية حول ذقنك مثل الأسماك المهاجرة"
-"تانر ....ليس هذا وقت المزاح"
علت وجهه ابتسامة وهو يجلس الى المقعد المقابل لها وامتدت يده لتمسك قائمة المأكولات.
-"هل انت جائعة؟"
-"كلا"
كان سلوكه بدأ يضايقها فقالت:
-"سأتناول القهوة فقط"
-"في الحقيقة , لقد قامت نيكول باعداد العشاء وانا سأموت من الجوع"
عندما ظهرت الخادمة قام بطلب عشاء كامل في حين طلبت جوانا قهوة
-"حسنا ...ما الأمر يا شارلوك" سألها تانر
-"بداية ....اعتقد ان كريستن ونيكول قد شاهداك وانت تقبلني تلك الليلة"
لم يكن لديه تعليق ولكنه بدا عليه الدهشة وهو يستمع الى جوانا التي استطردت:
-"ويبدو انهما قد كانا يتحدثان ومما فهمته انهما مهتمتان بجمع شملنا ....فهمت!؟"
-"أهذا يسبب المتاعب لك؟"
-"تانر ....لقد ذكرت لي كريستن انها ونيكول كانا يتحدثان عن ان يجمعانا سويا وان نرزق بأطفال ونقضي عطلة أسرية وان امكث في البيت لأخبز الفطائر"
انتظرت ردة فعله ولكنه بدا لم يتأثر ثم سألها:
-"أي نوع من الفطائر؟"
-"تانر ...اذا كنت ستقلب ذلك الى نكته فسأرحل"
-"انا متفق معك في ذلك فهذا يعني الكثير لدى نيكول"
-"لقد عشنا انا وانت شهور بدون ان نتحدث او حتى نلتقي"
قالت جوانا وهي تتذكر انهما لم يلتقيا الا قريبا
-"ليس هناك داعي لأن نتقابل الآن , ام هناك؟"
-"لن ينفع هذا" قال تانر
-"ولم لا؟!"
-"ستقضي نيكول معك ليلة الخميس القادم الا اذا كنت تفضلين الا تفعل؟"
-"بالطبع يمكن ان تبقى"
هز تانر رأسه وقد بدت عليه علامات الأرتياح"فقال:
-"في الحقيقة انا لااعتقد انها ستقبل الرجوع الى مدام واجنر بدون احداث اشكال فضيع"
-"رعاية نيكول شئ ولكن ان نجتمع معا نحن الأربعة شئ اخر وهذا مرفوض"
هز رأسه ثانية ولكنه لم تبد عليه علامات السعادة بهذا الأقتراح
-"اعتقد ايضا انه سيكون افضل"
-"لا يجب ان نشجعهما"
امتدت يده لتمسك كوب من الماء ثم تحدث قائلا:
-"هل تعرفين يا جوانا انني افكر فيك كثيرا" توقف قليلا ليعطي جوانا ابتسامة كفيلة بأن تشعلها ثم اكمل:
-"على الرغم من ان لديك عادات غريبة في ارتداء ملابسك من حين لآخر ولكنني احترم حكمك واعتقد انني ارغب في ان اتخذك صديقة"
قررت جوانا ان تتناسى هذا التعليق الخاص بثيابها وقالت:
-"وانا ايضا احب ان اكون صديقتك"
جاء صوت جوانا حانيا فنظر اليها تانر والتقت عيناه بعينيها للحظة طويلة بدون مقاطعة قبل ان يشيح كل منهما بعيدا عن الآخر فقال:
-"اعلم انك تعتقدين ان قبلة تلك الليلة كان خطأ كبيرا وجسيما واعتقد انك على حق واعتذر ان ذلك حدث" توقف تانر قليلا وكأنه ينتظر جوانا ان تقاطعه ولكنها لم تفعل فاستمر قائلا:
-"لقد مضى وقت طويل منذ ان امسكت بيد امرأة في عرض ما او قبلتها بتلك الطريقة , كم كان جميلا ان اشعر بالبراءة والشباب ثانية"
بدأت جوانا بالرحيل ولكنه اوقفها بيده وقال:
-"حسنا ....انا آسف" لم يبدو وانه يتأسف فقالت جوانا :
-"يمكنك ان تأخذ هذه المسألة كنكته لكن انا لا اعتبرها كذلك"
-"جوانا ..نحن بالغين عاقلين ولن نسمح لزوجين من الفتيات في الحادية عشر ان يوجهانا"
-"نعم...صحيح...ولكن..."
-"منذ البداية تحدثنا بمنتهى الصراحة ولن نغير ذلك , انك لا تهتمين وليس عندك ادنى نية في الزواج مرة ثانية سواء مني او من أي رجل اخر وانا اشعر بنفس الشئ وطالما سوف نستمر هكذا فلن يكون للفتاتين أي دور"
-"الأمر اكثر من ذلك واننا نحتاج ان ننظر لألاعيبهما وخططهما من منطلق المشكلة "
-"وما هي؟"
-"تانر ....من الواضح اننا نقترف خطأ كوالدين"
-"ما الذي يجعلك تقولين ذلك ؟"
-"أليس من الواضح ؟ فكريستن ويبدو ان نيكول ايضا يريدان عائلة كاملة فكريستن تقول انها تتوق الى اب ونيكول تقول لك انها تتمنى اما"
نضبت الضحكة من عيني تانر وحل محلها قلق كبير وقال:
-"فهمت وانت تعتقدين ان ما بدأ كل هذا انهما رأونا نقبل بعضنا الآخر"
-"لا أعلم ولكنني اعرف ابنتي وعندما تريد شيئا فانها تبذل كلشئ لتحصل عليه ولا تتنازل عنه , فما ان وضعت في رأسها اننا سنكون لبعضنا سيصبح من الصعب ان تتقبل اننا لن نكون إلا اصدقاء "
-"نيكول ايضا يمكن ان تعامل الأشياء معينة بهذه الطريق"
انزلت الخادمة طلباته واعادت ملأ قدح من القهوة لجوانا التي من الجائز تكون قد حملت الموقف اكثر مما يتحمل ولكنها لم تتمالك اعصابها فقالت :
-"اعتقد انك تفكر انني ازيد من تقديري للموقف"
-"تعنين ان الفتاتان يوجهوننا؟"
-"كلا...اقصد اننا بذلنا الكثير لنصبح اباء مثاليين ومن الواضح اننا قد ارتكبنا خطأ"
-"اعترف ان هذا الجزء يقلقني"
-"انا لا امانع في ان اخبرك يا تانر انني قضيت الأسبوع الماضي في ذعر اتساءل اين فشلت , يجب ان نتفاهم في الأمر وان نتوصل لبعض القرارات الهامة "
-"ماذا تقترحين؟"
-"في البداية ...يجب ان لغي الفكرة عن الأرتباط الشخصي واعرف ان لقاءهما سيكون ضروري بما انهما اصدقاء ...لا اريد ان اضر علاقتهما"
نظرت جوانا الى قدمها , لقد كان ذلك يخيفها , كان يمكن ان تقع في غرام تانر بسهولة وهذا سيصبح اسوأ ممكن بالنسبة لها لم تكن مستعدة لهذه المجازفات ثانية , فهي تأتي من عالم مختلف , ولكن عندما تفكر وتتذكر تلك القبلة سرعان ما تبدأ ترتجف من داخلها , استرسل تانر في حديثه قائلا:
-"بطريقة ما غريبة بعض الشئ نحتاج بعضنا الآخر فنيكول تحتاج الى امرأة قوية محبة لتتفاهم معها او لتملأ مكان الأم وهي تعتقد انك مدهشة عظيمة ........اما كريستن ففي حاجة لأن تشاهد رجل يمكن ان يملأ فراغ الأب يمكن ان يقدم احتياجات أسرته فوق احتياجاته الشخصية"
-"اعتقد انه من الطبيعي لكليهما ان يحاولا ان جمعنا"
-"هذا شئ كان يجب ان نستعد لمواجهته والتعامل معه في المستقبل"
-"انت محقة"
اتفقت جوانا معه وهي متفهمة تماما ما كان يعنيه وقالت :
-"نحن نحتاج الى بعضنا البعض لنمنح اطفالنا ما ينقصهم ولكن ليس علينا ان نرتبط ببعضنا"
-"اوافقك"
ظلا ساكنان لفترة طويلة ثم صاح تانر فجأة"-"لماذا؟"
-"عرفت جوانا على الفور ما كان سؤاال تانر يعنيه وكانت لديها نفس الأسئلة عن ما حدث بينه ةبين والدة نيكول فقالت:
-"كان ديفي من اكثر الرجال سحرا ...وكنت حديثة التخرج من الجامعة فوقعت في غرامه ولم اتوقف لأفكر في الأمر ...سكتت واشاحت بوجهها وكأنها تهمس :
-"كنا مخطوبين عندما ذكرت لي اعز صديقاتي كارول ان ديفي قد حاول مغازلتها , كم كنت حمقاء فلم اصدقها وظننت انها تشعر بالغيرة اذ ان ديفي اختارني ليحبني ويتزوجني وقد كنت اخشى ان تحاول كارول أي شئ جهة ديفي فقد كنت اعلم انها تجده جذابا وكذلك كانت معظم النساء واصابني بعض الأكتئاب لأنني ظننت انها تحاول بهذه الطريقة , ووضعت كامل ثقتي في ديفي حتى انني لم احاول ان اسأله عن هذه الواقعة , بعد ان تزوجنا ازداد عدد المرات التي كان يدعي فيها ديفي انهسيعمل لوقت متأخر وعدد مرات غيابه بدون سبب ولكنني لم اسأله عن ذلك ايضا فقد كان يبني مستقبله المهني في الأراض العقارية وكنت اتفهم انه يجب عليه ان يزيد عمله لبضع ساعات وقضيت كل تلك الليال وانا اثق به حين كان يدعي انه يعمل وكنت اعتقد بكل قلبي انه كان يبذل قصارى جهده ليبني لنا حياة رغدة ...ثم علمت انه كان يقضي كل ذلك الوقت مع امرأة اخرى"
-"كيف اكتشفت؟"
-"المرة الأولى؟"
-"هل تعنين انه كانت هناك اكثر من مرة؟"
هزت جوانا رأسها وهي تكره ان يعرف تانر عدد المرات التي صفحت فيها عن ديفي وكم مرة قبلت وعادت اليه بعد توسلاته ووعوده الا يتكرر ذلك.
-"لقد عميت عن عينيهم الزائغة حتى السنتان الأولى من زواجنا . لكن ما قالوه عن ان الجهل نعمة كان صحيحا فعندما اكتشفت ذلك ..اصابني الأعياء الشديد جسديا عندما وقعت فريسة لأكاذيبه ازداد الأمر سوءا ولكنني مكثت معه وانا مؤمنة ان كل شئ سيتحسن وان الحال سيتغير في يوم ما , فقد كنت بحاجة ماسة لأن أصدقه وان اثق به حتى انني تقبلت أي شئ يذكره لي ايا كان مدى سخافة هذا الأمر, المشكلة كانت تكمن في انه كلما سامحته كلما قل احترامي لنفسي وكبريائي واصبحت مقتنعة تماما ان هذا خطأي , فبدا لي ان هناك شئ ينقصني ما دام كان يشعر بالحاجة بالسعي وراء امرأة اخرى"
-"تعلمين ان هذا ليس صحيحا , اليس كذلك ؟" كان صوت تانر رقيقا ومهتما
-"لم يكن هناك أي طلاق في عائلتي , فقد تزوج والدي منذ اربعون عاما وكل اخواتي ينعمون بزواج سعيد وانا اعتقد ان هذا هو احد الأسباب التي دفعتني لأن احاول ان اتمسك به كل هذا الوقت فلم اكن اعلم كيف اترك كل ذلك , لقد احسست بالمهانة عندما علمت بامر اخر علاقة ولكنني مكثت مكاني لفترة وانا اعتقد ان ديفي سيتغير انه يوما ما سيحدث شئ سحري ونقوم بحل كل مشاكلنا او انها ستتفي ولكنها لم تختفي , فذات يوم ولا أعلم حتى الآن ما الذي بدأ كل ذلك كل ما كنت اعلمه انني لن استطيع ان اصمد في ذلك الزواج اكثر من ذلك فقمت بحزم حقائبي واشيائي وكذلك مستلزمات كريستن وخرجت ولم اعد ابدا ولم اتمنى ان اعود"
امتدت يد تانر لتبجث عن يدها والتقت انامله بدفء حول يدها ومرت لحظات قبل ان يتحدث وعندما بدأ الكلام كان صوته حازما يشوبه قليل من الألم .....قال:
- " كنت اعتقد ان كارمن افضل امرأة في الوجود واعتقد انني وقعت في غرامها قبل ان اعرف حتى اسمها بمحض الصدفه, تقابلنا عدة سنوات بعد التخرج وعندما بدأت في صنع وبناء مستقبلي , قمت بشراء اول شركاتي لصناعة النوافذ المصنوعة من الالمنيوم في غرب فرجينا وكنت اعمل ليل نهار خلال الاسابيع الاولى الانتقاليه وكنت في مستوى رفيع , صبي صغير من البلدة يحقق شيئا وكانت هي اشهر الفتيات على الأطلاق في الجامعه والتواعد معها كان حلما وكانت قد انفصلت عن شاب قد ارتبطت به لمده سنتان0
اشاح بوجهه بعيدا عن جوانا ثم اكمل :
- " لم اتمكن من السيطرة على أي شئ بعد شهرين واعلنت كارمن انها كانت حامل , وبصراحه كنت سعيد بذلك فلم يكن هناك ادنى شك في انني سأتزوجها في ذلك الحين كنت قد وقعت في غرامها بالفعل ولم اتمكن من الرؤيه الصحيحه وبعد مرور ثمان شهور على زفافنا رزقنا بنيكول0
ترددت تانر وكانما يحاول جمع شتات فكره وقال :
- هناك بعض النساء الاتي طلقن ليصبحن امهات ولكن ليس كارمن فهي لم ترغب في ان تأخذ نيكول 0 لم ترغب في ان يكون هناك لي صلة بينهما وبين نيكول 0 كنت عندما اعود ليلا الى البيت اجد كارمن قد اهملت نيكول طوال اليوم 0 كنت اختلق الاعذار لها وتعلقت كل كل شئ والخوف الذي اراه في عيني نيكول كلما تواجدت والدتها وازداد الامر سوءا حتى ذهبت بنيكول الى والدي حتى اطمئن انها تلقى رعاية جيده هناك "
تألمت جوانا لالم تانر الذي بدا واضحا في عينيه وكانت متيقنه انه لم يتحدث عن زواجه كثيرا كما كان الحال معها ولكنه كان شيئا ضروريا اذا كانا في حاجة لتفهم بعضهما 00قال في اسى:
- " لاكون عادلا , لم اكن زوجا في الشهور الاولى , فلم يكن لدي الوقت الكافي كنت احس بنجاح كبير عندما تقابلنا ولكن لم يستمر ذلك طويلا , بدات الامر تزداد سوءا , نعم علمت انها كانت تقابل صديقها القديم سام ديلي في حين كنت احاول ان اتمسك بزواجي بها"0
- " آه00تانر 00همست جوانا "
- نيكول ابنتي 00ليس هناك ادنى شك في ولكن كارمن لم ترغب ابدا في انجاب اطفال وشعرت انها قد حوصرت في الزواج وانفصلنا عندما كانت نيكول اقل من ثلاثه سنين"
- " اعتقد ذلك , قلت ان الطلاق تم منذ خمس سنوات فقط؟"
- " صحيح ولكن الامر قد استغرق بضع سنين لكارمن حتى تأخذ وتتعرف على الشكل القانوني ولم اكن في عجلة من امري حيث انني لم تساورني النيه في الزواج ثانيه"
- " ومنذ ذلك الوقت ماذا حدث لكرمن هل تزوجت ثانيه؟"
- ظلت تعيش مع سام لبضع سنوات واخر ما سمعته انهما افترقا وانها تزوجت من لاعب بيسبول محترف"
- ط هل تشاهد نيكول والدتها ؟"
تذكرت جوانا انه قد ذكر لها ان نيكول ترى والدتها عندما يكون الوقت مناسبا 00فـأجاب تانر:
" لم ترها في الثلاث سنوات الأخيره ولكن ما يقلقني ان تظهر كارمن فجأة يوما ما وتطالب بنيكول لتعيش معها , ان نيكول لاتذكر شيئا عن هذه السنين الأولى وهذا اشكر له الله ويبدو انها قد رسمت صورة ورديه لوالدتها فهي دائما تحتفظ بصورة لكارمن في غرفة نومها "
حاول تانر تغيير مجرى الحديث فسأل:
- " كم الساعة الان ؟"
- " لقد تجاوزت الساعه الثامنه بخمس دقائق"
- " آه يا الهي !"
امسكت جوانا بحقيبة يدها وهرولت لتدفع حسابها ولكن تانر صمم على ان يدفع لها حسابها ولم ترغب جوانا في تضييع الوقت فقد كانت الفتاتان في انتظارهما 0
اتجها نعو السيارات وكانا قد وضعاها بجانب بعضهما
" جوانا ! 00نادى عليها قائلا:
" سوف انتظر بضع دقائق حتى لانصل في نفس الوقت , وحتى لايظنا الفتاتان اننا كنا سويا "
اشرقت جوانا بابتسامه شكر وقالت :
"فكرة طيبه " ويقول
" جوانا!
نظرت اليه في حيره وهو يقترب منها ويقول لا تسيئي فهم هذا "
امتدت يده لتجذبها ناحيته واحتضنها للحظات وقال :
" انني اشعر بالاسف لما فعله بك ديفي يبدو ان الرجل احمق "
في حنان شديد مرر شفتيه فوق جبهتها ثم استدار وذهب جهه سيارته واستغرقت جوانا دقائق للافاقه حتى تمكنت اخيرا من دخول سيارتها وقيادتها0