رد: 107 - باب النعيم ( من روايات الحان المكتوبة )
تبعته سارة بعينيها وقلبها ممزق ما بين الحب في قلبها والمرارة في نفسها , سألها مات :
- هل هو أحد اصدقائك؟ اجابت والدموع تتلألأ في مآقيها : - لا , إنه أبي .منتديات ليلاس اثناء ذهاب سارة إلى البقالة انتظرها مات في العربة ورغم تحسن حالته إلا انه كان بعيداً عن استعادة قواه الكاملة وانشطة هذا الصباح انهكته . كان ظهره مسنداً إلى ظهر الأريكة الخشبي الجاف وهو يراقب الصبية وهم يلعبون في الحديقة العامة وهو يفكر في زيارته إلى الطبيب المحلي فيليب كوزويل . إن ذلك الرجل يعتبر إهانة لمهنة الطب بصفة عامة, وخطراً داهماً على مرضاه . كان في الخمسينات من عمره قصيراً وبديناً أمرد ويدخن كالمدخنة وسأل مات خمس مرات عن الأدوية التي يتعاطاها , سواء كان لا ينصت او ان لديه مشكلة في التركيز الذهني . واثناء انتظار مات في صبر في حجرة الانتظار سمعه مات يهين إحدى مريضاته ثم يقفل السماعة في وجه اخرى متهماً إياها بإضاعة وقته وتساءل : كيف يمكن مع كل هذه الأحوال ان تكون عيادته مكتظة ؟ لابد ان هؤلاء المرضى المساكين لا يجدون طبيباً آخر يتوجهون إليه . خرجت سارة من الحانوت , وصدم من شحوب وجهها . احتار في السبب وحول ما تبادلته مع والدها .منتديات ليلاس وإن احس بأنه لا حق له في السؤال , ساعدها في ترتيب حوائجها في العربة واتخذا طريق العودة . لم تحاول سارة الثرثرة وإنما ركزت بكل قوتها على قيادة العربة والا تنطلق في النحيب , لقد كانت لأول مرة سعيدة لأنها ترتدي هذه القبعة العريضة التي تخفي عينيها . كانت تحس تماماً برغبة مات ان يسألها ولكنها لا تستطيع ولا تريد ان تعترف له . كانت العواطف التي تثيرها هي الحب والكراهية والرغبة والشعور بالواجب والخوف وكلها عواطف متضاربة ومتصارعة حتى انها آمنت بأنها لن تستطيع التغلب عليها . فجأة اخذت يدان قويتان ثابتتان اللجام من يديها وبدأتا القيادة وتوجيه اوتيس نحو الطريق العكسي الذي يؤدي إلى حقل الصويا , لقد كانا وسط الحقول والريف دون ان تكون هناك نفس واحدة على مدى البصر . وقفت العربة في هزة عنيفة . ورفع اوتيس اذنيه مصيخاً السمع ثم خفض رأسه . لم يكن يقطع السكون سوى حفيف العشب مع حركة الريح وصوت نسر عن بعد .منتديات ليلاس شد مات اللجام وربطه في العارضة ثم امسك بقبعة سارة ونزعها عنها برقة ثم جذبها نحوه وهمس في أذنها : - هيا , اطلقي العنان لدموعك وطهري نفسك وواجهي احزانك أياً كان نوعها . لم تحتج سارة إلى إلحاح , لقد انهارت آخر قلاع مقاومتها , ألقت بنفسها على صدر مات وصبت كل الدموع التي في عينيها . كانت تبكي على نفسها على المرأة التي لا تستطيع شيئاً . كانت تبكي لأنها تريد حب أبيها وتكره في نفس الوقت حاجتها اليه . وكانت تنتحب لأنها مغرمة بمات وانها لن تكون سوى ذكرى عابرة بالنسبة له .ريحانة ضمها مات دون ان يهتم بجنبيه المتالمين . كان عذابها يفوق آلامه وود لو ذهب الآن ليوجه لكمة صاعقة لأبيها , ما الذي قاله لسارة الحلوة الرقيقة والبريئة حتى يجعلها تبكي هكذا ؟ إنه يريد ان يخفف من حزنها ويحميها , بدأ نحيبها يخف , اخرج منديلاً من جيبه ومسح به دموعها وسألها : - هل أنت الآن أفضل ؟ |
رد: 107 - باب النعيم ( من روايات الحان المكتوبة )
هزت رأسها موافقة وهي تنظر إلى دموعها التي بللت قميص مات قالت له بصوت متردد :
- أنا آسفة . اسكتها بحركة من إصبعه واجبرها ان تنظر إليه . - لا تعتذري , لقد كنت في حاجة إلى الدموع ثم إن الدموع لها قيمة علاجية رائعة وافكر جدياً ان اكتب مقالاً حول هذا الموضوع في المجلة الطبية . قالت له بابتسامة مرتجفة : - حقاً ؟ - حقاً , واتدرين ماذا ؟ هزت رأسها نفياً: - اود ان اقبلك. انقطعت انفاس سارة وهي تتحرق ان يقرن القول بالفعل استسلمت لقبلاته ونسيت كل شيء , عذابها الداخلي وعائلتها المتزمتة والرحيل الذي لا مفر منه لمات , قال لها فجأة وهو يربت شعرها الحريري: - الله وحده يعلم مدى جمالك.ريحانة لقد صحبها إلى باب النعيم لأول مرة في حياتها , وتساءلت سارة وهما يستانفان العودة : ما وراء هذا الباب , أهو باب النعيم ؟ نهاية الفصل |
رد: 107 - باب النعيم ( من روايات الحان المكتوبة )
الفصل السادس
ما إن وصلا إلى ثور نوود حتى وجدت سارة عشرات المهام في انتظارها , فبعد ان حلت حصانها من العربة وعالجت خدوشه بالمراهم . افرغت حمولة المشتريات ورتبتها ثم فحصت حالة الغرف واعدت وجبة خفيفة للنزلاء الذين سيصلون . ظن مات انها تتجنبه مرة اخرى . لا شك انها فزعة مما حدث ولكنه لم يقل شيئاً وهو فزع بدوره . في الحقيقة لقد اهتز حتى اعماقه لم يكن يصدق ابداً انه سيغرم بخادمة صغيرة وبريئة مثل سارة فجأة كل قيمه انقلبت رأساً على عقب. احس بالارهاق الحقيقي فصعد إلى غرفته كي يتمدد على فراشه . وما إن وضع رأسه على الوسادة حتى استغرق في النوم . اخذ يحلم بغرفة الطوارئ في المستشفى بوجه شاب صغير قام بخياطة جرحه من سكين من حوالي شهرين . كان زعيم فرقة رذيلة كما يدل على ذلك النجمة الخماسية المرسومة على أعلى ذراعه اليسرى .منتديات ليلاس |
رد: 107 - باب النعيم ( من روايات الحان المكتوبة )
كان الزعيم ممسكاً بجانبه وهو يتقيا دماً من فمه عندما احضروه إلى المستشفى بينما اخذت فتاة مخدرة بمخدر الكراك الخطير تتطوح في الدهليز وفي الجانب الآخر من الحجرة اخرج احد افراد العصابة المنافسة مسدساً وهو يهدد بكلمات بذيئة وواضح انه احد الاتباع للعصابة المنافسة من طريقة لبسه .
انفجر العنف مرة واحدة في ضجة عالية حيث اختلط الصياح وطلقات الرصاص في إعصار لمناظر وحشية ودموية . وفجأة وجد نفسه في الحلم جالساً بجوار سارة في عربة يجرها حصان غريب الشكل وسط صمت يلف المكان .منتديات ليلاس فتح مات عينيه واخذ يتأمل السقف مدة طويلة , إن سارة هي رمز الطهر والنقاء والبراءة وهي المثال الملموس لما يجب ان يحافظ عليه من علاقة إنسانية بدلاً من تلك العلاقات التي سرعان ما تتسرب من بين اصابعه كالماء في المدينة . إن علاقات المدينة وهم , اما سارة فهي الحقيقة الحية الساطعة والرقيقة . إنه لا يرغبها كما يرغب الأخريات وتثير عنده مشاعر غير مألوفة ولا معروفة تسبب لديه آلاما في رأسه أكثر من الارتجاج الذي يعانيه . قطعت ضجة آتية من الدور الارضي حالة السكون لقد وصل العملاء . ذهب مات لينعش نفسه في الحمام ويمشط شعره وارتدي جينز وبلوفر من صالوف الموهير الأسود وبعد ان اصابه اليأس في العثور على حذائه الجلدي ارتدي حذاء رياضياً . وذهب الى الصالون الذي تأتي منه الاصوات .منتديات ليلاس كانت المجموعة التي تقف وسطها سارة تحاول في حماس ان تخدمها تشبه فرقة استعراضية مكونة من زوجين بدينين في الخمسين من عمرهما وتشكيلة كاريكاتورية من السائحين في ملابس غريبة وقد علقت في اعماق بعضهم آلات التصوير وكأنها عقود زينة ضخمة , وواحدة تشبه ملكات الجمال بشعرها الأحمر المنقوش والتي مضى عصرها , فوق رأسها ونظارة شمسية سوداء ضخمة وغير متزنة فوق طرف انفها تشبه نجمة الإغراء جين مانسفيلد وترتدي تايير كريم من موضة الخمسينات اكملته بفرو ثعلب . صاحت النجمة وهي ترمش برموشها الصناعية من تحت النظارة السوداء : - يا له من مكان ساحر ! دارت حول نفسها والتوت ومالت على سارة ثم ربتت خدها وقالت : - وأنت يا عزيزتي ... يا لك من شيء جميل ومحبوب انت اميشية حقيقية ! إن تيم سيسعد , إنه يقوم الآن بركن السيارة في المكان المناسب إنه سيجد انك رائعة ! ظلت سارة محتفظة بتعبير الموناليزا بينما احس مات بأنه يختنق من الغيظ , قالت البدينة : - هيا يا مارفن التقط لها صورة ! كان مارفن يدخن سيجارة غير مشتعلة وقال بصوت خشن كالصخر . - اسمعي يا بيجي , لقد التقطت صور الآميش طوال النهار , إنهم جميعا متشابهون وسنعود إلى البيت ولدينا مائتا صورة لشخص واحد. اتخذ وجه بيجي الذي يشبه البول دوج مظهراً رهيباً قالت : - كن لطيفاً يا مارفن نحن في الاجازة ويجب ان نتمتع .ريحانة ذهل مات وهو يرى مارفن يتراجع وينفذ الأمر في الحال فاحضر الكاميرا ذات الحجم الرهيب وابتسم ابتسامة تقدير للموقف ووقف امام سارة , وقفت بيجي بجوارها وكأنها تستعد لأن تأخذ صورة بجوار إحدى شخصيات والت ديزني في مدينة ديزني ثم جاءت ملكة الجمال الغابر لتكمل الصورة وهي تلقي بثعلبها فوق الأريكة بحركة تمثيلية . |
رد: 107 - باب النعيم ( من روايات الحان المكتوبة )
قفز بلوسوم قفزة واحدة ليمسك بذيل الثعلب ويهرب به إلى المطبخ . اطلقت ملكة الجمال صرخة حادة وسارعت وراءه , لم يفت المنظر على مات الذي اتسعت حدقتاه .
اصطدم الكلب بأعلى عقبيه بينما انحنت الملكة على شكل حدوة الحصان لتلتقط فراءها الطائر ولكزت مات في طريقها في جانبه . فقد توازنه ليسقط على ظهره على باب المطبخ وسقطت بجوراه كتلة من اللحم فوق الارض ظهر اعلاها رأس مارفن مغطى بفراء الثعلب وظهرت ملكة الجمال الباما لعام 1957 التي سقطت على بطن مارفن . ألقى بلوسوم نظرة إلى اللوحة ثم هرب من الباب الخلفي للمطبخ.منتديات ليلاس سارعت سارة لتساعده على النهوض وقالت : - أنا آسفة يا سيدة لتساعده باركر ويا سيد مورتون . نهضت المرأة وهي تترنح فوق كعبي حذائها الحادين وشعرها الأحمر ونظارتها واصابعها مدفونة في فرو الثعلب . قالت بصوت رومانسي : - من الأفضل ان اذهب لأعيد النظام إلى ملابسي وشكلي لأن تيم يكره ان يراني مشعثة . اما مارفن فقد حاول من ناحيته ان يجلس . - سأرفع ضدكم دعوى قضائية , لقد اصبت بضربة قاصمة في عنقي . قال مات الذي اقترب من سارة : - من حسن حظك انني هنا . - لماذا , هل انت محامي ؟ - لا , طبيب سأقوم بفحصك وعلاجك وارجو ألا تكون ممن يخافون من الحقن . إن احسن علاج لآلام الرقبة هو جرعة مكثفة من الكورتيزون طبعا إن العلاج مؤلم للغاية ولكن ... شحب وجه مارفن ونهرته زوجته : - كف يا مارفن إنها ليست غلطة الأميشية الصغيرة . هل كان من الواجب ان تقف في طريق ملكة جمال الرمل بالولايات المتحدة الامريكية . قاطعتهما سارة : - ما رأيكما في شراب الضيافة ؟ ابتعد الزوجان موتون نحو الصالون وهما يعترضان ويهمهمان , بينما اخذت سارة تحك جبهتها بظهر يدها وهي تكاد تسقط بجوار بوفيه المطبخ , قال مات وهو يبتسم : - حسناً! كم كان المشهد مثيراً ! - تقصد ان تقول رهيباً. - فعلاً وإن كان غريباً. انفجرت سارة في الضحك . إنها كارثة , هذه اول مرة توكل إليها انجريد الأوبرج وخمس دقائق كانت كافية لأن يغضب النزلاء ويرغبون في جرها إلى ساحة العدالة. ورغم صعوبة الموقف إلا انه لم يفتها ما انطوى عليه من فكاهة وظلت هي ومات يضحكان من صميم قلبيهما .ريحانة قل : - ما رأيك ان تشاركهم الشراب المنعش؟ - ليست لدي رغبة في ذلك ومع ذلك يجب ان نفعل . عادا إلى المجموعة الجهنمية والابتسامة على شفاههما سألت سارة : - هل يمكن ان اطرح عليك سؤالاً ؟ - نعم . - ماذا تحس الآن ؟ - سأجيبك على هذا السؤال فيما بعد .منتديات ليلاس |
الساعة الآن 07:35 AM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية