منتديات ليلاس

منتديات ليلاس (https://www.liilas.com/vb3/)
-   روايات ألحان (https://www.liilas.com/vb3/f480/)
-   -   حصري 107 - باب النعيم ( من روايات الحان المكتوبة ) (https://www.liilas.com/vb3/t208219.html)

Rehana 25-09-21 06:07 PM

رد: 107 - باب النعيم ( من روايات الحان المكتوبة )
 
اعترف ببساطة بينما استقرت يده على يد سارة .
- نعم .
دهش لأنه يحس بالسعادة وهو يطمئنها بينما هو الذي يغير قليلاً المجتمع عن طريق هداية الجرحى قبل ان يرسلهم إلى هذا العالم القاسي. وعليه فإن تلك الحركة البسيطة كانت تجلب له الراحة أكثر من المحاولات المتواضعة لتحسين الأمور . إن هذه الأميشية البسيطة والحلوة تأثرت لمعاناته وود لو قبلها لمجرد انها تقلق عليه , وحتى يكون أميناً فإنه يحب ان يقبلها وحسب . قال بصوت رقيق:
- إنني أكاد أموت جوعاً , وسأتناول إفطاري.ريحانة
خرجت سارة من احلامها .
- انت محتاج لقوة حتى تشفى وساعد لك وجبة دسمة .
حاولت ان تنهض ولكن مات منعها بضغطة من يده على يدها . قفز قلب سارة في صدرها إنها لا تذكر آخر مرة امسك أحد بيدها هكذا .
احست بشعور رائع ببهجة الوجود . انتبهت لنظرة مات القاتمة الذي حاول ان يستشف عواطفها ثم قطب وجهه وسحب يده وقالت بهدوء :
- إن يدك خالية من الندوب والخدوش.منتديات ليلاس
- إنهم يدفعون لي من أجل ان أبقى يدي ناعمتين مثل يدي الطفل.
- إن هذا يبدو غريباً عليّ . إن أغلب الرجال الذي اعرفهم هم فلاحون وهم وزوجاتهم اياديهم خشنة .منتديات ليلاس
- إن أيدي الجراحين لابد ان تكون ناعمة حتى تستطيع ان تفحص الناس .. هيا انظري.
لم تكن مطمئنة واخذت سارة تنظر إليه وهو يرفع يديه ليمسك بوجهها وهمس :
- مسرورة , إنهما رقيقتان وناعمتان .
بدأت يداه تنزلقان فوق شعرها الحريري . اغلقت سارة عينيها وهي غارقة في جو ساحر . كان الزمن قد توقف بالنسبة لسارة وهي غارقة تماماً في إحساسها بهذه اللحظة , كانت تسبح في احلامها ولا تسمع سوى حفيف أوراق الشجر وصوت ضربات قلبها وعبير الخريف الذي اخترق النافذة . ثم سمعا صوت تكسر فرع شجرة وصيحة دهشة .
صاحت وهي تنهض فزعة :
- ماذا يجري ؟
اخترق بلوسوم الحجرة كالسهم وهو ينبح وكأنه كلب سباق في وسط الحلبة .
وصل الكلب إلى النافذة وقد وضعت اصابعها في اذنيها واخذت تفحص الاغصان بعينيها , عند اسفل جذع الشجرة بدأت كومة من الأوراق . ثم وجدت سارة عينيها تلتقيان بعيني شقيقها الصغير.

نهاية الفصل

Rehana 28-09-21 08:28 PM

رد: 107 - باب النعيم ( من روايات الحان المكتوبة )
 
الفصل الثالث

- يعقوب .
صاح الصبي الصغير وهو يبتسم ابتسامة اظهرت فجوة بين أسنانه :
- مرحى يا سارة !
اخذت سارة تدعو في سرها وهي تضغط على صدرها ثم قالت :
- هل حدث سوء ؟
اجاب :
- لا اظن ذلك , هناك ثقب في سترتي.
وليثبت كلامه أشار إلى ثقب في القماش عند أعلى كوعه . وكان قميصه الأزرق يعاني ايضاً هذه الثقوب ثم تجهم وجهه وهو يكتشف البقع الدموية التي تزين ذراعه , امرته سارة :
- لا تتحرك , سأصل في الحال.
كان مات قد ترك السرير وهو يبحث باهتمام عن شيء ما . صاحت الشابة :
- ولكن ماذا تفعل ؟
- أنا طبيب وهناك جريح وسأعالجه .منتديات ليلاس
بعد هذه الكلمات فتح باب الدولاب على اتساعه واخذ يبحث داخله ما بين الثياب وهو يقول :
- ولكن اين إذن حقيبتي الطبية ؟ لا تقولي لي إن انجريد اخذتها .
لم تجب سارة , إنها لن تفلح في منعه الآن بعد أن وقف , وعلى اية حال فإن الشكوك الخطيرة ملأت رأسها , إن عليها ان تسرع لنجدة يعقوب فربما كسر جزء ما من جسده او اصيب بجرح داخلي .سارعت وبلوسوم في اعقابها وهبطت الدرج وهي تعاني فزعاً شديداً.
كان مهر الزاسي له فرو كثيف عند رقبته واقفاً امام الباب ومرت سارة امامه وهي تجري وطرفا الجيب والمريلة يتطايران في الهواء , لم يتحرك يعقوب وهو مدفون حتى عنقه وسط الأوراق الميتة وقد بدأ أقل ثقة عما كان من قبل, وامسك بذراعه ملتصقاً بجسده ويحاول في شجاعة ألا يبكي وإن تلألأت دمعتان كبيرتان على خديه وكان فمه يرتجف ويكز بكل قوة على شفته السفلى . سقطت سارة على ركبتيها بجواره وهي تقول بصوت غير ثابت :
- دعني أرى ياحبوبي الطفل .ريحانة
قال يعقوب وهو يحاول الهروب من يدي اخته :
- لست طفلاً , إنه مجرد خدش.
قال مات الذي وقف بجوارهما وهو شاحب يرتجف من هبوطه الدرج اسرع مما تسمح به حالته .
- وما رأيك لو جعلتني اكشف عليك ؟

Rehana 28-09-21 08:33 PM

رد: 107 - باب النعيم ( من روايات الحان المكتوبة )
 
استطاع ان يبتسم في بشاشة ثم انزلق على ركبتيه فوق الوسادة الأوراق الجافة بينما اخذ يعقوب يتطلع إليه بعيني واسعتين .
- من أنت ؟
- اسمي مات وأنا طبيب.
- هل أنت أمريكي ؟
- إذا كنت تقصد انني لست اميشياً فأنت على حق.
كان مات ينظر إلى الصبي الصغير ذي السنوات السبع او أكثر بشعره بلون القمح ووجهه الممتلئ بالنمش إنه فعلاً صبي محبوب خاصة بأنفه البارز للأمام .
ابتسم له يعقوب ابتسامة كانت صورة طبق الأصل من ابتسامة اخته ثم سأل :
- هل لديك بنطلون ؟
صاحت سارة :
- يعقوب , كن مؤدباً !
كانت ضربات قلبها متسارعة امام فكرة ان أخاها الطفل سقط من فوق شجرة . كانت أمها قد سقطت مريضة بعد مولد يعقوب مباشرة واعتنت بأخيها كأنه ابنها . لم يغضب مات من يعقوب واقترب منه :
- إنه شورت السباق الذي يجلب لي الحظ , أتحب ان تعرف لماذا ؟
هز الصبي رأسه الأشقر موافقاً:
- لأنني كنت ارتديه دائماً عندما كنت افوز في سباقات الجامعة .ريحانة
- ما الجامعة ؟
ترك السؤال مات بلا صوت , ثم فكر ان الآميش لا يدرسون دراسات عليا , قال شارحاً :
- إنها نوع من المدارس يذهب إليها الصبي عندما يريد ان يصبح طبيباً.منتديات ليلاس
سأله يعقوب وهو مهتم بالرياضة أكثر من التعليم :
- هل فزت في السباقات ؟
قال مات يجيبه وهو يمسك بذراعه :
- احياناً , دعنا نر ى.. إذن انت تسلقت الشجرة , أنا ايضاً كنت اتسلق الشجرة كالأبطال عندما كنت صبياً , لقد كنت احسن متسلق مع جاراتي الصغيرات , هل تفهم ماذا أعني ؟ فتاة صغيرة .منتديات ليلاس
قال يعقوب :
- سارة ايضاً تتسلق جيداً الاشجار.
قال مات وهو سعيد لأن يرى الحمرة على خديها .
- ستحكين لي عن ذلك أكثر.
انحنت وهي قلقة لتفحص الجرح .
- إنه جرح غائر.
قال مات وهو يدير عينيه مقلداً يعقوب :
- إنه مجرد خدش .. يا للبنات !
قلده يعقوب كالببغاء .
- يا للبنات ! ولكن يا سارة ليس هناك كسر .
قال مات :
- ولكنه فعلاً شج وهو مقزز؟
سأله الصبي الصغير :
- ماذا تعني شجاً ومقززاً ؟
قال مات وهو متجهم كان الحديث لا يفهمه سوى الرجال .
- اي جرح عميق ومثير للأشمئزاز .
كان الصبي الصغير سعيداً وهو ينظر إلى جرحه نظرة جديدة , وقال مكرراً كلام مات وهو يبتسم له :
- شج مقزز !

Rehana 28-09-21 08:34 PM

رد: 107 - باب النعيم ( من روايات الحان المكتوبة )
 
- فعلاً مقزز للغاية .
كتم يعقوب ضحكته قال :
- مقزز للغاية .
قال مات :
- سنقوم بتنظيفه جيداً ونضع الميركروكروم .
سأل يعقوب وقد قلت شجاعته :
- هل هو مؤلم ؟
- ليس بالنسبة لبطل مثلك ثم انك لن تحتاج إلى غرز خياطة مثلي.
أشار مات إلى ذقنه فسأله يعقوب :
- هل حدث لك هذا وانت تسقط من فوق الشجرة ؟
- لا , لقد وقع لي حادثة صغيرة اثناء عملي.منتديات ليلاس
ساعدت سارة شقيقها على النهوض ونزعت الأوراق التي التصقت بملابسه ثم اخذت قبعته الفرو ووضعتها على رأسه. ومن ناحيته اضطر مات ان يتكئ بكل ثقله على عصاه حتى يستطيع النهوض واقفاً وسأل الصبي:
- ما رأيك في أن تعد لنا سارة طعام الإفطار , بينما اعالج ذراعك؟
امرته سارة :
- اجري إلى المطبخ وانتظره هناك بعد ان تجلس امام المائدة .
عندما نفذ شقيقها الأمر استدارت نحو مات .
- هل انت بخير ؟
كذب مات :
- نعم ولكن رأسي يدور بسبب مقاطعته لنا .
نظرت إليه نظرة غضب واستدارت ثم ابتعدت وهي تحدث جلبة من احتكاك ملابسها . كان مات مذهولاً وهو يتابعها بنظراته . عادة لا تفر منه النساء . اخذ يحك رأسه بيده وهو ينظر بغيظ إلى بلوسوم الذي كان يدس انفه وسط الأوراق الميتة وكأنه يبحث عن طعام.
كان شبه القبلة التي خطفها من سارة قد شوشت تفكيره تقريباً, ولابد ان ذلك ما حدث لها ايضاً كان متعباً من التفكير في التقلبات النفسية النسائية . فبدأ يتجه إلى البيت وهو غير قادر على الاتزان في مشيته حتى أوشك ان يتعثر في الكلب الممدد أمامه.
سألت سارة أخاها يعقوب بينما مات يفرغ محتويات حقيبته الموجودة في المطبخ .
- لماذا لم تذهب إلى المدرسة ؟
قال يعقوب وهو مشغول في إعداد شواية الخبز .
- إن مدرستنا مصابة بالإنفلونزا.منتديات ليلاس
أشار له مات ان يجلس فوق المائدة وسأله :
- أليس هناك من يحل محلها ؟
اجابت سارة :
- ليس لدينا سوى مدرسة واحدة في المدرسة الآميشية .
قال مات في شبه مزاح :
- وطبعا المدرسة ليست سوى حجرة واحدة ودورة المياه في نهاية الحديقة .
ردت سارة وهي تمد ذقنها للامام في ترفع :
- طبعا .
احس مات بالضيق لتهكمه وود لو اختفى تحت الأرض. ثم وجه انتباهه نحو الصبي واخذ ينظفه بأقصى درجة من الرقة .منتديات ليلاس
اخذت سارة تدور وتلف حولهما وبدا عليها الاستعداد للتدخل عند اول بادرة ألم تصدر عن شقيقها . وفي كل مرة كان يعقوب فيها يمتعض من الألم كانت تتألم وتطلق تأوهاتها , لاحظها مات بطرف عينه وهو موزع ما بين السرور والتعاطف والتوتر .

Rehana 28-09-21 08:34 PM

رد: 107 - باب النعيم ( من روايات الحان المكتوبة )
 
قال اخيراً :
- إنني لن اقطع ذراعه واؤكد لك انني اعرف ما اصنعه , وكان ترتيبي الرابع على دفعتي في كلية الطب بجامعة مينيسوتا .
سألته في تهكم رداً على تهكمه السابق:
- الرابع على كم طالباً؟
- ظريفة جداً ! لماذا لا تجلسين قبل ان يغمى عليك او الأفضل ان تعدي لنا طعام الإفطار الموعود .
بعد أن ألقت سارة نظرة قلقة اخيرة على شقيقها قررت التقهقر وهي تمسح دموعها .
قال مات بلهجة ساخرة :
- إن الثقة التي تظهرينها نحوي تجعلني احس بالارتياح والتحسن , واطمئني وإذا فشلت في مهمتي يمكنك ان تضعي رأسي بين المطرقة والسندان , ولك الحرية في اختيار المطرقة التي تعجبك .ريحانة
اضاف بعد ذلك وهو ينظر في اتجاه يعقوب :
- يا للفتيات, إن المرء يظن انهن لم يرين شيئاً مقززاً من قبل.
قهقه الصبي وهو يحرك قدميه في الهواء من السرور اثناء إعداد سارة لطعام الإفطار . استقر مات ويعقوب امام المائدة في حديث بين الرجال . شرح يعقوب للطبيب معلوماته عن الزراعة وحكى له ان محصول الذرة كان ممتازاً وانه اشترك في الحصاد .
اخذ مات يستمع إليه في جدية وهو يوافقه بهز رأسه , اما سارة التي كانت تراقبهما في حنان احست بالعرفان نحو مات لاهتمامه الصادق بالصبي الصغير خاصة انه مهتم بالمحصول .منتديات ليلاس
عندما وضعت الطعام فوق المائدة لم تستطع ان تمنع نفسها من أن تقول لنفسها : إنه يصلح أباً ممتازاً وطيباً ولم تستطع ان تمنع الوخز اللذيذ الذي احسته في قلبها , سألت شقيقها وهي تناوله كوباً كبيراً من اللبن :
- هل أبوك يعرف أنك هنا؟
قال يعقوب وهو ينظر بلهفة إلى طبق الكعك بالشكولاتة كأنه لم يأكل من الأمس والأيام السابقة .
- نعم , لقد انتهيت من عملي وقال لي ابي ان آتي لمقابلتك .
همهمت سارة وهي لا تستطيع ان تكتم غضبها :
- آه ! نعم .
إن والدها إسحاق لم يرسل شقيقها الأصغر ليبعده عن المزرعة او ليتمتع بصحبتها وإنما ليراقبها بكل براءة , وسيسعد يعقوب بأن ينقل إليه بكل أمانة ما رآه في الأوبرج , ولن تطلب منه سارة ان يخفي أي شيء . على اية حال إنها لا تعمل هنا ما يجلب الخجل.
عندما استقرت نظراتها على مات احست بالذنب وظهرت الحمرة على خديها , لقد تبادلا قبلة وجلست بجواره على السرير وتركته يقبلها في اللحظة التي تسلق فيها يعقوب الشجرة التي أمام النافذة . سألته :
- لماذا تسلقت الشجرة ؟
رفع شقيقها إليها عينيه المستديرتين الواسعتين في براءة وفمه مليء بالكعك :
- لأنه كان هناك .
قال مات وهو يلتهم العجة بالبيض والبطاطس التي اعدتها سارة :
- لا يمكن مقاومتها !
لقد مرت قرون منذ ان تناول إفطاراً حقيقياً حيث لم يكن لديه الوقت سوى لاتهام فطيرة كرواساناو سندوتش في عجلة في المستشفى .


الساعة الآن 03:24 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية