منتديات ليلاس

منتديات ليلاس (https://www.liilas.com/vb3/)
-   روايات عبير المكتوبة (https://www.liilas.com/vb3/f449/)
-   -   65 - الرهان الخاسر _ آن ميثر _ دار الكتاب العربى ( كاملة ) (https://www.liilas.com/vb3/t207137.html)

سيريناد 30-09-19 06:44 PM

رد: 65 - الرهان الخاسر _ آن ميثر _ دار الكتاب العربى ( كتابة )
 
كانت راشيل ترتعد , وهي تتذكر موجة الرعب التي لفتها عندما فتحت الباب لجيمس كنغدوم ... وتعرف عليها في الحال , ورغم أنها لم تكن قد أخبرته بعد بموضوع ساره فأن الكولونيل ذاته قد تحمس وناقش قصة مديرة منزله الجميلة التي فقدت زوجها قبل أن يولد رضيعها .
ولم يضع جيمس وقتا في تقدير الموقف , بل وجد الفرصة ليتحدث مع راشيل , وليسألها عن السر وراء اختفائها , ورغم أن راشيل لم تكن ترغب في أن تتحدث إليه فإنها لم تستطع أن ترفض ذلك لأنه كان ضيف مخدومها,
وقررت أن تخبره بالحقيقة , وكان جيمس متعاطفا معها وخاصة عندما علم بمرض ساره . قال لها انه يريد زوجة وانه ينوي أن يعتزل ويخشى أن يعيش وحيدا دون صحبة امرأة , واقترح على راشيل أن تنظر في قبول الاقتراح إذا كانت تريد أن تؤمن حياتها وان تجد السبيل لشفاء سارة ...
كانت فكرة الزواج من جيمس تبدو أول الأمر كاللعنة , ولكن المزايا التي سوف تجنيها بالنسبة إلى سارة هدأت من مخاوفها .
كانت مدينة لسارة بكل ما تفعل , وكانت تفعل كل ما في طاقتها لا من اجل أن تعود سارة إلى حاله صحية طيبة فقط , ولكن لتطمئن إلى أن سارة لن تواجه الصراع نفسه من اجل الحياة كما فعلت هي من قبل , وكان جيمس هو جد الطفلة ويكن لها مشاعر فطرية
وقال إنهم سيقضون معظم السنة في بلاد اليونان , ولو سار كل شيء كما ينبغي فأن سارة ستعود في النهاية إلى انكلترا لتنتظم في الدراسة في إحدى المدارس هناك ....
وفكرت إنها سوف تنعم بكل ميزة يمكن أن يجلبها المال وهي ميزات بإمكان راشيل أن تفكر فيها بعدما قضت ابنتها سنوات حياتها الأولى في دار للأيتام , ولن تكون بحاجه إلى أن تعمل إلا إذا رغبت هي حقا في ذلك , فكيف ترفض ذلك العرض ؟
*******

ونهضت راشيل من جلستها فأطفأت التليفزيون, ودخلت غرفة نومها . كان هناك باب يوصل غرفتها بغرفة سارة تركته نصف مفتوح واتجهت إلى فتحة الباب وأخذت تنصت باهتمام , كانت سارة تتنفس بهدوء مما يعني أنها بدأت تشفي من معاناة ذلك اليوم .
وعلى غير ما تنتظر , نامت سارة نوما هادئا , واستيقظت على صوت غير عادي جاء من همهمة المرور على الطريق العام على بعد ياردات قليلة من المبنى حيث يقيم . وكانت شمس آذار/مارس تنفذ من خلال الستائر , وحدثت راشيل نفسها بالتفاؤل واعتبرت ذلك بشير خير.
واستطاعت أن تسمع أصواتا على ما يبدو تحاول أن تستطلع غرفة نومها بدون أن توقظ أمها , وقالت وهي تنظر بعينين طار فتين :
" آنت كسولة , فلقد استيقظت قبلك بساعات .."
ونظرت راشيل بطريقة آلية الى ساعتها , ثم استرخت عندما رأت أن الساعة لا تزال الثامنة ونصف وقالت:
" هل نمت جيدا ياعزيزتي ؟"
" انه فراش وثير يا أمي , هل سيكون لي فراش مثل هذا عندما تذهب لنعيش مع ذلك الرجل ؟"
ورغم أن جيمس طلب إليها أن تناديه بكلمة عمي أصرت على أن تسميه ذلك الرجل مما سبب لراشيل بعض الضيق وإجابتها راشيل في اختصار :
" اعتقد انك ستجدين في الحياة في الخارج شيئا جديدا .. والآن اذهبي واغتسلي بينما أقوم أنا بإعداد ملابسك للذهاب إلى المستشفى ."
وبدأت سارة تنهض من الفراش ببطء وسألت بقلق :
" لن اضطر إلى البقاء في المستشفى اليوم , أليس كذلك ؟"
وهزت راشيل رأسها وقالت :
" لا , انك اليوم ذاهبة فقط ليراك الدكتور لوريمر , تذكرين الدكتور لوريمر , أليس كذلك ؟ قابلته أخر مرة كنا في لندن ؟"
" عندما كنا نقيم في الفندق الكبير ؟"
وابتسمت راشيل ابتسامه خافته , وقالت :
" تماما , والآن هيا , اغتسلي !"
ودق جرس الهاتف , وأحست راشيل بأعصابها تتوتر , وهي ترفع السماعة , كان المتحدث هو سكرتيرة جيمس وطمأنتها راشيل أن كل شيء على ما يرام , وشكرتها لما تحملته من اجلهما وأجابت السكرتيرة في أدب :
"حسنا يا سيدة غليمور , انه واجبي ."

سيريناد 30-09-19 06:45 PM

رد: 65 - الرهان الخاسر _ آن ميثر _ دار الكتاب العربى ( كتابة )
 

وأحست راشيل أن السكرتيرة لم تكن راضيه أبدا على الوضع , وخرجا إلى المستشفى بعد الإفطار .
كان الدكتور لوريمر , الجراح المكلف بحاله سارة رجلا في اوائل الاربعينات من عمره يتمتع بمظهر يبعث الثقة في مرضاه , وكان يهتم بطريقة خاصة بالأطفال وأدركت سارة ذلك من زيارتها الأولى .
ورغم أنها لم تقابله إلا مره واحده من قبل سمحت له أن يفحصها دون أن تبدي أي اعتراض ولم يستغرق الفحص وقتا طويلا وقدمت راشيل للطبيب فيما بعد سائر الوثائق اللازمة
بينما كانت سارة تلعب مع هيلفا دميتها , واتخذت الترتيبات اللازمة لتدخل سارة المستشفى , وأحست راشيل بارتياح كبير عندما انتهت المهمة .
وحضر جيمس إلى الشقة مرة ثانية تلك الأمسية وأخذت سارة تتحدث عن زيارتها إلى المستشفى وعن الدكتور لوريمر بلطفه ورقته , وأحست راشيل بارتياح لوجود الطفلة مما ساعد على تحاشي وجودهما على ولو لفترة ومع ذلك كان على سارة أن تذهب في النهاية إلى مخدعها , وعندما رجعت راشيل لتجالس ضيفها
في غرفة الجلوس كان يبدو عليها الارتياح التام وساعدها على الجلوس في كرسي مريح , وقدم إليها كأسا من الشراب , وقال :
" ألا ترين أن سارة تشعر بالاستقرار تماما , لن يكون الأمر صعبا كما نتصور !"
وخطر لراشيل الأمر ليس كذلك تماما بالنسبة إلى سارة ولكنها مع ذلك قالت :
" الأطفال يتكيفون سريعا , وهذه إحدى ميزات صغر السن ."
وطقطق جيمس لسانه كعلامة على عدم الموافقة وقال :
" انك تتحدثين كأنك في أواسط العمر , إنني أعجب بشبابك ! ومن يدري فربما لا تزال أمامنا الفرصة ليكون لنا لأطفال نحبهم سويا ."
وتصلبت راشيل بعض الشيء ولم تكن تستطيع أن تتحمل الموقف , وقالت بارتباك :
" اوه , لا ادري" .
ولم يكن جيمس ينصت إليها وواصل الكلام
"سأتغيب حوالي عشرة أيام , ولعل ذلك يكون وقتا كافيا تعتاد فيه سارة على ظروفها الجديدة , ليس هنا فقط , وإنما في المستشفى كذلك , وعندما أعود يمكن أن نتحدث عن ذلك اطمئني فجميع الترتيبات اللازمة قيد التحضير ."
وأومأت راشيل برأسها وقالت :
" اعرف , فقد اخبرني الدكتور لوريمر ."
" حسنا ! وسوف يحرص على أن يزودك بالإخبار أولا بأول , هل أنت مطمئنة إليه ؟"
" نعم , وعندما تنتهي العملية ؟"
" ستكون بلاد اليونان مكانا امثل للنقاهة , واسترداد الصحة ."
" ولكن ... المصرف ؟"
" فرنسيس ليس سيئا , يا عزيزتي , ويستطيع أن يتصرف ."
"ولكن كم يطول ذلك ؟ آنت تعرف يا جيمس انك اخبرنني ."
"أخبرتك إنني كنت أتمنى أن يحل جويل محلي ولكنه رفض وسوف يكون على فرنسيس أن يتحمل المسؤولية ألان , وإذا سار كل شيء على ما يرام فربما تؤاتيني الفرصة ليكون لي طفل على صورتي ".
كان متحجر القلب فيما يخص العمل , وكانت راشيل تعرف عنه ذلك من جويل منذ سنوات مضت , ومع ذلك كان من الصعب تماما عليها أن تتصور نفسها أما لطفل منه .
وافرغ جيمس كأسه , وصار ينظر إليها بإمعان , وقال :
" بالمناسبة , اتخذت الترتيبات كي تحضر السيدة تالبوت إلى هنا وتقيم معك خلال الفترة التي تقضيها سارة في المستشفى ."
وقطبت راشيل , وقالت :
" السيدة تالوب آه , مديرة المنزل التي تعمل في بيتك ... " وهزت رأسها واضافت " ليس ذلك ضروريا ."
" لا اتفق معك, فانا لا أحب أن تقيمي هنا وحدك عندما لا أكون متواجدا لأعني بك ."
" ولكن سارة ستقضي ليلة واحده ."
"وبرغم ذلك أفضل أن اطمئن انك لست وحيده ."
كان متصلبا لا يقبل المناقشة , ولم تجد راشيل ما ترد به , ولكنها لم تستطع أن تمنع خاطرا خطر لها حول ما إذا كان لجويل أية علاقة بهذا الاهتمام الواضح الذي يبديه برعاية شؤونها .
وفي الصباح التالي , قبل أن يطير جيمس إلى فرانكفورت اتصل براشيل هاتفيا من المطار وقال :
" نسيت أن أخبرك , يا عزيزتي , إن الآنسة كلاي ستزورك هذا الصباح لتصحبك إلى محل الأزياء الذي أخبرتك عنه ."
وكانت الآنسة كلاي تعمل سكرتيرة له , واعترضت راشيل :
" ولكنني لا أريد أي ملابس أخرى ."
"اتركي لي تقدير ذلك , وأرجو أن تسمحي لي بان أجعلك ترتدين ما يليق بمكانة أسرة كنغدوم " ولكنني لست عضوا في أسرة كنغدوم , يا جيمس ."
" سوف تصبحين كذلك عما قريب , يا راشيل . أرجو أن تستجيبي لطلبي , وإنني أتطلع إلى أن أرى التغيير عند عودتي ."
لم تعط راشيل وعدا قاطعا عندما وضعت السماعة , وكالعادة لم يكن هناك جدوى من محاولة التوضيح بأنها تفضل أن تبقى مستقلة حتى يتم الزواج , ولكن إذا صممت الآنسة كلاي أن تأخذها إلى الصالون الرمادي , فان ما بقي معها من النقود على ضآلته سوف ينفذ إذا ما حاولت أن تشتري ملابس جديدة .

سيريناد 30-09-19 06:46 PM

رد: 65 - الرهان الخاسر _ آن ميثر _ دار الكتاب العربى ( كتابة )
 
كانت ليديا كلاي امرأة في نهاية العقد الرابع من عمرها , وعملت في مؤسسة كنغدوم منذ كانت لا تزال آنسة صغيرة ولأنها كانت سكرتيرة المدير , انعكس ذلك على سلوكها الذي كان يتسم بالتحديد والتصميم .
وصلت ليديا في سيارة أجرة لتصحبهما إلى السوق , وكانت السيارة في الانتظار عندما غادرن المبنى , وكان الصالون الرمادي يقع في زقاق يتفرع من شارع ريجنت ,
ولم يكن في مظهره من الخارج مايجذب الزائر إليه , ولكن ما أن يجتاز الزائر الباب الزجاجي حتى يحس في الحال بشيء من التوقع الغامض الذي يثير الاهتمام , وكانت هناك ستائر من الشيفون الوردي والقرنفلي تحجب كل شيء
ولم تكن الملابس او الفساتين معلقة كما تعودت راشيل من قبل في المحلات اخرى .اما سارة فقد كانت تنظر حولها باهتمام وهي ترتدي سروالها الجينز وسترتها المصنوعة من الفراء ذات قلنسوة ,بينما تتدلى هليغا من يديها كالعادة , وقالت في صراحة الاطفال :
" المحل فارغ من السلع , يا ماما , هل حدثت تصفية ؟"
وانتفضت شفتا الآنسة كلاي عندما سمعت ذلك وكانت إحدى البائعات تجتاز المكان , فاخفت الآنسة كلاي شعورها بدرجة كافية وقالت :
" صباح الخير ."
"اوه صباح الخير , آنسة كلاي ."
وواصلت السكرتيرة كلامها مع البائعة بشيء من اللطف :
" الآنسة غراي هل هي موجودة .؟"
" موجودة بالفعل . سنسير في هذا الاتجاه ."
كانت راشيل تتوقع الآنسة غراي على شيء من الجمال المهيب . ولكن اريكا غراي كانت ضئيلة الجسم , وعندما ظهرت بأناقتها في بذلة رمادية محكمة على جسمها وشعرها جعلت راشيل تشعر في أعماقها أنها طويلة القامة تعزوها البراعة,
فضلا عن أن النظرة السريعة التي ألقتها على ملابس راشيل كانت مهينة لها , وحيتها بشيء من البرود وهي تقول :
" أنت إذن السيدة غيلمور ؟ اخبرني السيد كنغدوم بقدومك , أهلا بك . اسمي اريكا غراي .
ونظرت الآنسة غراي نظرة خاطفة إلى الآنسة كلاي ثم وقع بصرها على راشيل وقالت :
" هذه ابنتك يا سيده غليمور ؟"
وأومأت راشيل برأسها وأجابت :
" نعم هذه سارة ."
وتقوست شفتا اريكا الرقيقتان إلى أسفل , وقالت :
" أهلا يا سارة !"
ولكن سارة لم ترد التحية , وأخذت تحدق النظر في شيء من العناد , ولاحت اثأر بسيطة على جبين اريكا الأملس وكان من الواضح أنها أخذت بالشبه الواضح بين الطفلة وأسرة كنغدوم , ولحسن الحظ تذكرت راشيل أن جيمس كان من الأسرة ذاتها ."
وقالت اريكا وفي نبرات صوتها ما يدل على أنها تقصد توجيه أهانه مقنعه الى راشيل:
" ولكنها لا تشبهك كثيرا , أليس كذلك يا سيدة غليمور ؟"
واستجمعت راشيل كل ما بقي لديها من أثار الثقة بالنفس وقالت :
" لا يا آنسة غراي , إنها لا تشبهني , والواقع إنها تشبه جدها إلى حد كبير ."

سيريناد 30-09-19 06:48 PM

رد: 65 - الرهان الخاسر _ آن ميثر _ دار الكتاب العربى ( كتابة )
 
5 - بيت فى السحاب



كانت اريكا الشخص الوحيدالذيلم يبد دهشه لحديث جويل ,ولكنها كانت عندئذ منهمكه في اختيار الازياء المناسبه لراشيل وفقا للتعليمات التي تلقتها من جيمس كنغدوم ,وكان الامر بالنسبه اليها عملا يتطلب الانجاز ,اما الانسه كلاي فقد كانت تنظر بشيء من عدم الموافقه ,واما سارة فكانت عابسه مقطبه ,وبالنسبه لراشيل ...حسنا ,خطر لها وهي تحاول ان تستعيد رباطه جأشها ان جويل اراد ان يثيرها ,ونجح في ذلك .
والتفت جويل من اريكا الى ساره ,وقال وهو ينحني تجاهها ليقترب منها :

_وما رأيك في ملابس ماما الجديده ؟وجعدت ساره انفها ,وزمت شفتيها وحدقت في وجهه ,وابتسم ابتسامه عريضه انعكس اثرها بطريقه تثير الدهشه فيمن حوله فقد بدا اقل عمرا بكثير مما هو ,وعلق بشئ من الحده:
_هذا وجه جميل لطيف ...والان اريده ان يعبر عن الغضب والقبح .
وزمت سارة شفتيها بطريقه اكثر تشددا ,ولكن شيئا ما في ابتسامته جعلهما تتذبذبان ,وقالت :
_ابتعد عني ..انا لا احبك ..
قالت ذلك عندما لم تستطع ان تحتفظ بالتكشيره لوقت اطول ,ولم تملك الانسه كلاي الا ان تطقطق لسانها في شئ من الاستنكار .
ولاول مره نطقت راشيل ,وقالت :
_ساره ّ!
ورفع جويل بصره اليها بشئ من الاستخفاف ,وقال ساخرا :
_حسنا !حسنا !انت ذاهبه الى حفل راقص ,ياسندريلا !
وامتقع وجهها ,واستدار جويل ثانية الى الطفله ,وامسك براحة هيلغا الطليقه ,وقال :
_الا تشعرين بالملل ,وانت تجلسين هنا تتفرجين على معرض الازياء ,اعرف مكانا يباع فيه الايس كريم ,الا تفضلين ان تاتي معي لناكل حتى تنتهي ماما مهمتها ؟

وجذبت ساره هيلغا من يده وهي تقول :
_لا !
والح عليها :
_هل انت متاكده ؟انهم يبيعون الستيك المصنوع من عصير الفواكه المجمد كذلك !
وردت ساره :
_انا لا احب الستيك .
ولكن صوتها لم يكن يبدو مقنعا على الاطلاق ,وعندئذ انفجرت راشيل قائله :
_كف عن محاولة رشوتها ,ياجويل ...اجلسي ياساره ...لن نتاخر كثيرا .وبعدئذ سوف اشتري انا لك الايس كريم .ساره لاتريد ان تذهب معك ,ياجويل .
ووجه انتباهه الى ساره ,واخذ يسألها :
_حقا ياساره ! انت لا تريدين ان تذهبي معي ؟الا تحبين ان تخرجي معي للنزهه في سيارتي ؟انني احب ان ارسم لك صوره .
_صورة لي؟واخرج من جيبه ورقه مطويه من اوراق الرسم ,واشار الى سارة ان تقترب منه ,وفتح الورقه ,وترددت ساره لحظه .
ونظرت الى امها تطلب الموافقه ,ولكن راشيل لم تستطع ان تستجيب .كانت سارة مرسومه بدقه وعنايه ,ولم تكن راشيل تعرف اللعبه التي اراد ان يلعبها او مايريد ان يصل اليه .ولكنها كانت تحتقره لاستغلاله سارة بتلك الطريقه .
اما سارة فلم تكن تدري شيئا عما يدور في الخفاء ,وكانت الكراهيه التي احست بها اول الامر ,بدأت في الذبول تحت وطأة ميلها الفطري للاستطلاع واقدمت لتلقي نظره على الورقه التي كان يمسك بها ,وصاحت بدهشه :

_انها انا ...اليس كذلك ؟واومأ جويل بشيء من التسامح :
_هل تعجبك ؟وجذبت ساره الورقه من يده ,وركضت الى امها تعرض الصوره النصفيه المرسومه بالفحم والتي تبرز رأسها وكتفيها بشئ من الزهو وكان من الواضح ان جويل رسمها من الذاكره ,كان الرسم ممتاز ككل اعماله .وتوترت عضلات معدة راشيل واحتاجت الى مجهود كبير لتبدي الموافقه ,وقالت :
_انها ...انها جميله جدا ,ياحبيبتي !

واخذت سارة الصورة مرة ثانيه وصارت تقبلها وهي معجبه بها ,وقالت :

_شعري يبدو جميلا ,اليس كذلك ؟لكن كنت افضل ان اكون مبتسمه !
وعلق جويل في مرارة:
_ولكنك لم تكوني باسمه في وجهي عندما رأيتك اول مرة .
ونظرت اليه في ثبات وهي تتفحصه ,وسألته :
_لو تركتك ترسمني مرة اخرى ,هل ستجعلني ابتسم ؟وتدخلت راشيل ,وقالت :
_سارة ! السيد كنغدوم لديه اعمال كثيرة ,واعتقد ان لديه اعمالا اهم من مجرد رسم الفتيات الصغيرات .

وقال يعترض على كلامه

_على العكس ! ليس احب الى نفسي من ان ارسم سارة مرة ثانيه ,هذا اذا وافقت على ان تاتي لتناول الايس كريم معي,انا لا احب ان اكل الايس كريم وحدي .
وكزت سارة على شفتها السفلى بينما تحدثت ايريكا بلهجة بدا فيها شيء كبير من الرقه :
_كنت اعتقد كما اخبرتني ان لديك محاضرات تلقيها هذا الصباح !
وهز جويل كتفيه ,وقال :
_قررت ان اتغيب اليوم .

وصدرت عن اريكا بعض ايماءات تدل على قلقها ,وقالت :
_لاتكن مازحا ,اعتقد انك لم تحضر هنا فقط لتدعو ساره الى الايس كريم .
وضاقت حدقتا عينيه , وقال ساخرا :
_لماذا ,يا اريكا ؟هل تريدين ايس كريم انت ايضا ؟واستدارت اريكا بعيدا عنه في شيء من الاشمئزاز

سيريناد 30-09-19 06:49 PM

رد: 65 - الرهان الخاسر _ آن ميثر _ دار الكتاب العربى ( كتابة )
 

غدت سارة ممزقه بين رغبتها في ان ترضي امها وبين الاغراء, ليس فقط بتناول الايس كريم بل ايضا بان ترسم لها صوره اخرى .وهمست بصوت خفيض يمتزج بالشك :
_مامي ,هل تغضبين اذا ذهبت مع السيد كنغدوم ؟وتجنبت راشيل نظرة جويل ,وسألت بطريقه متقطعه:

_هل هذا هو ماتريدينه ؟واجابت سارة في شيء من التردد :
_لمدة قصيرة فقط ,لن اتاخر .هل اذهب ؟ورفعت عينيها الى جويل ,الذي اجاب ,وهو يهز كتفيه :
_يمكنك ان تتغيبي كما تشائين .اعرف عنوان سكنك .
كانت راشيل في موقف صعب للغايه ,وكلاهما يعرف ذلك .ودمدمت بطريقه تنقصها الكياسه _حسنا !سارة ,ارجو ان تسلكي بطريقه سليمه ,ولاداعي للثرثرة !
كانت سارة تعرف مايعنيه ذلك ,وفهمت انها لا ينبغي ان تتحدث عن مرضها وابتسمت ,ونظرت راشيل اليها .ومد جويل يده اليها فامسكت بها وخرجا سويا ,وكان الجو قد اصبح متوترا بدرجه واضحه بعدما خرجا .

وعلقت اريكا وهي تشد بقسوة سحابة رداء من المخمل :

_لم اكن ادري ان جويل يعرف ابنتك الى هذه الدرجه .
وخطت راشيل خارج الرداء ,وهزت رأسها ,وقالت في شئ من التسرع :
_هو لا يعرفها بهذه الدرجه .قابلها مرة واحدة من قبل .
وردت اريكا وفي صوتها نغمة الشك :
_ومع ذلك يرسمها من الذاكرة ,لم اكن اظن انها تبقى في ذاكرته الى هذا الحد ...بالطبع هي سوف تصبح اخته من ابيه عندما تتزوجين جيمس كنغدوم ,اليس كذلك ؟
تنشقت راشيل نفسا عميقا ,وقالت :
_اعتقد انني شاهدت قدرا لا باس به من الثياب اليوم ,هل يمكن ان ترسلي لي البذله الخضراء باللون اللوزي ,والفستان الارجواني والسترة .

_ان الاوامر التي تلقيتها تقضي تزويدك بكسوه كامله ,واعتقد انك لا تريديني ان اؤذي مشاعر السيد كنغدوم .
ونظرت راشيل الى اريكا ثم الى وجه الانسه كلاي المتخشب ,ثم عاودت النظر الى اريكا ,لم تكن ثمه فائده ترجى من تصعيد الموقف معهما ,بينما جويل هو المسؤول عن كل شيء حدث ,ثم انه اذا كانت علاقته باريكا بلغت بالفعل المبلغ الذي كانت اريكا توحي به ,فمن حقها تماما ان تعبر عن استيائها .

ونظرت حولها تبحث عن السروال والستره الصوفيه اللذين حضرت بهما وقالت

_افعلي ما تعتقدين انه الافضل .ولكن لو سمحت ,فانا تعبت اليوم .
وتبع ذلك صمت عميق استجمعت اريكا نفسها خلاله ,وقالت :
_سوف اطمئن على ان جميع الملابس المناسبه تم توليفها ,هل ارسلها الى منزل السيد كنغدوم ؟وهزت راشيل رأسها وقالت :
_لا ! لي شقتي ,سأعطيك عنوانها .والافضل ان ترسليها لي على هذا العنوان .

وردت اريكا بأدب وهدوء للمرة الثانيه :
_حسنا ياسيدة غليمور.
وسألت راشيل بشيء من الاحباط :
_هل تعرفين اين اجد سروالي وسترتي الصوفيه ؟ونظرت اريكا حولها ,ثم هزت كتفيها ,وقالت :
_انني اقترح ان تلبسي شيئا اكثر اناقه يناسب المدينه !
عندئذ حدقت راشيل ببرود ,ثم استدارت بعيدا وقالت :
_اشكرك ,ولكنني افضل ان ارتدي ملابسي لاطول فترة ممكنه .
وخرجت مع الانسه كلاي بعدما ودعتا اريكا ,ولم تستطع راشيل ان تمنع خاطرا قاسيا خطر لها بأن جيمس قصد عن عمد ان يبعث بها الى ذلك المكان لتعرف ان عاجلا او اجلا بالعلاقه بين اريكا وجويل .

كان يظن انها مازالت تحتفظ ببعض المشاعر تجاه جويل ,انها تحتفظ حقا ببعض المشاعر .ولكن ليست تلك التي تستحق ان يأرق بسببها .
واستقلت الانسه كلاي سيارة اجرة ,واخذت راشيل تتسكع في شارع ريجنت تتفرج على الواجهات ,وذكرها ذلك بأيام التلمذه ,تلك الايام التي لم تكن قد عرفت فيها جويل بعد .
لم تتمتع راشيل بطفولة سعيده ,اذ غدت يتيمه قبل ان تصل السن الذي تستطيع فيه ان تتذكر ابويها ,وتربت في احد بيوت الاطفال حيث يكون اشباع الحاجه الى المحبه والحنان تاليا لمرحلة الاهتمام بالواجبات العاديه للمعيشه .

كان لها اصدقاءها ,وكانت هناك فترات استمتعت فيها بالسعاده ,ولكنها لم تبدأ تحس بما تشعر به الفتيات في سنها عادة قبل ان تصل الى السن الذي استطاعت فيه ان تعتمد على نفسها ,ولما اعطيت لها منحه دراسيه ,استطاعت ان تجد غرفه في احد الاقسام الداخليه ,وانتظمت في كلية ماكسويل للتصميمات الفنيه والحرف وعرفت باستمرار بتذوقها للالوان .وامضت حوالي تسعة شهور في الكليه عندما جاء جويل كنغدوم لالقاء محاضرات على طلابها .
وجذبت راشيل اهتمامه من اللحظة الاولى ,في البدايه رفضت ان تكون لها به اية صله خارج الكليه ,وصممت على ذلك رغم ان الطالبات الاخريات كن يعتبرن ذلك جنونا منها ,ولكن ذات مساء وقف خارج الكليه ينتظرها وكان المطر ينهمر بشده ,ولم تجد بدا من ان توافق على ان يوصلها بسيارته الى بيتها ,ومنذ ذلك الحين صار ينتظرها كل مساء ,وسمحت له احيانا ان يصطحبها لتناول العشاء وادركت الان انها كانت على خطأ عندما ظنت ان بأمكانها ان تلهو مع رجل مثل جويل بدون ان تحترق اصابعها ,ولكن كل شئ يبدو غاية في البساطه انذاك .

كان جويل يبدو جذابا للغايه ووقعت في حبه قبل ان يمضي وقت طويل دون ان تدري ذلك ,وقال لها جويل ايضا انه يحبها ,ورغم انها كانت تعرف عندئذ انه ليس له نية الزواج ظنت انه عندما يقع ذلك الحادث السعيد فسوف تغدو زوجته .


الساعة الآن 11:24 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية