منتديات ليلاس

منتديات ليلاس (https://www.liilas.com/vb3/)
-   القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء (https://www.liilas.com/vb3/f498/)
-   -   أغداً ألقاك ؟ / بقلمي (https://www.liilas.com/vb3/t203429.html)

نغم الغروب 03-01-18 08:51 PM

رد: أغداً ألقاك ؟ / بقلمي
 
كانت يداها مشغولتان في ضفيرة مي ، أذناها مشغولتان في الاستماع إلى كلامها المتحمس ، عقلها مشغول في السباحة بعيدا ، بعيدا حين أعادتها طرقته على باب غرفتها.
ناولها هاتفها ، شيء من التهكم في صوته و هو يقول لها :
- أهنئك على ثقتك الزائدة بالدنيا و الناس ، تتركين هاتفك في أي مكان و كذلك دون رمز سري
- ربما لأني أعرف أنه لا يوجد فيه شيء مهم
- تريدين إقناعي أنه ليست لديك أسرار ؟ سألها و عيناه تبحثان عن الإجابة في تعابيرها
- أسراري لا أستأمن عليها هاتفا أو أية آلة أخرى
- إذن لديك أسرار

هزة كتف ذكرته بهزة كتف مماثلة و هي تقول له بلطف :
- لكل منا أسراره

هزة كتف قلبت عليه أوجاع الماضي ،
و أثرت فيه تماما كما كانت تؤثر فيه الأخرى ، كأن سنواته لم تعلمه أي شيء.
- حاولي فقط أن لا تنسي هاتفك من هنا فصاعدا ، قال بصوت حاول أن يكون عمليا
- أوعدك أني سأحاول ، قالتها بابتسامة خجولة صغيرة

نظر إلى ابنته و هو يواصل القول بصوت أعلى :

- و أنت يا مي حان وقت نومك و نوم ليلى الآن
- نحن نتناقش في تفاصيل حفلة عيد ميلادي يا أبي ، أجابته و هي تضم شفتيها باعتراض

هز رأسه باستسلام ثم وجه كلامه إلى المرأة التي تقف بجواره في سكون و هو ينحني نحوها :
- شيء آخر يا ليلى
صمت قليلا ثم أضاف بصوت خفيض :
- لا تقصي شعرك

- ليلى ، ليلى ، نادتها مي بإلحاح ، هل حقا ستنامين الآن ؟

- هه ؟

تنام ؟ كيف و قد ترك لها كلمتين تحتاج أسبوعين على الأقل لتفرغ من تحليلهما.

نغم الغروب 03-01-18 08:53 PM

رد: أغداً ألقاك ؟ / بقلمي
 
تنهدت بينما عيناها تسافران للمرة الثانية في ثنايا صفحة أختها الصغرى.
تحاول أن تجد شيئا يجعلها تغضب غضبا حقيقيا لا رجعة فيه
ذلك النوع من الغضب الذي يجيده الآخرون
لا كغضبها هي الذي يزول مع أول تعبير مضحك في وجه أختها
فقط لو أجد كلمة واحدة يا فرح ، هددتها في سرها
كلمة واحدة تدينك حينها تأكدي أنك سترين ليلى أخرى ، ليلى لم تَرَيْها و لم يرها أحد أبدا من قبل
و لكن للأسف أو لحسن الحظ لا شيء غير محترم في صفحتها
أو حتى في حوارها مع ذلك الشادي
حوار هادئ رسمي و بتاريخ قديم
في ماعدا ذلك كانت صفحتها كمعظم صفحات من كان في سنها
متذبذبة بين الدين و الدنيا ، بين الحزن و الفكاهة
بين كل شيء و نقيضه
موعظة روحية في المنشور الأول ، أغنية من أغاني هذه الأيام في المنشور الذي يليه
في لحظة تتحول من الزاهدة الخاشعة إلى مهووسة بآخر التصاميم
فجأة تكون ملكة ذاتها التي لا تبالي بأحد و فجأة تصبح رومانسية حالمة تفيض صفحتها بصور القلوب و الورود الحمراء
في يوم تتقمص دور المهرج الذي يَرُشُّ النكت على من يرغب و من لا يرغب
و ذات يوم آخر تصبح الأنثى الكتومة التي " دموعها تغسل قلبها منك و كن حذرا فهي ترحل بصمت ، لذلك كن حذرا"
بالفعل من يريد أن يشعر بالعجب في هذا العالم المليء بالعجب عليه أن يتابع صفحة إحدى المراهقات.

نغم الغروب 03-01-18 08:56 PM

رد: أغداً ألقاك ؟ / بقلمي
 
هزت رأسها على وقع طرقات أختها على باب غرفتها.
- هل نامت ميْ ؟
- تركتها تشاهد شيئا ما على لوحتها و لكنها ستنام قريبا ، لا تقلقي

ليست هي من تقلقني الآن ، فكرت و هي تتفحص أختها ، لم تبلغ سن القلق عليها بعد
- أغلقي الباب يا فرح و أغلقي فمك معه ، أمرتها ببرود ، أي نعم هذا بيت أكابر و لكن هذا لا يمنع الذباب من دخوله

لم يبدو على فرح أنها انتبهت للتغير في صوت أختها و هي تتجه مباشرة لخزانة الملابس تتأملها للمرة الألف.
- صبرتِ و نلتِ يا أختي ليلى ، قالتها و هي تتنهد بمبالغة
- تستطيعين أن تأخذي أي شيء يعجبك يا فرح ، قالت و قلبها يرق رغما عنها أمام الانبهار الطفولي على وجه شقيقتها
- حقا يا ليلى ، شكرا يا حبيبتي ، هل أستطيع أن آخذ معي كذلك المسبح و الحديقة

خذي كل هذا و أكثر على شرط أن تأخذي معهم أمه و أخته الصغرى و السيدة سناء.
أغمضت عينيها و هي تستجمع قوى حزمها ، آخر شيء تود أن تُعَرّض أختها له هو الاستهانة التي يعاملونها بها .
هي على الأقل جلدها أصبح سميكا بفعل التصَحُّر و عوامل الزمن أما فرح فاسمها على جسمها ، هي قطعة السكر في عائلتهم ، هي التي طالما أعادت إليهم الضحكات في أوقات نسوا فيها حتى كيف يبتسمون.
- فرح ، ما حكايتك أنت و ابن خالة ماهر ؟
- كحكاية أي شاب و أية فتاة ، أجابتها بتماسك تام و هي تنقل نظراتها بين فستانين اختارتهما أخيرا ، يتعرفان ، إذا وجدا أنهما مناسبان يكملان معا ، إذا لم يحصل نصيب يمضي كل منهما في سبيله
- لماذا لم تخبريني يا فرح ؟
- لم تسنح الفرصة
- و ما الذي تنتظره فرصتك : أن يمضي عام كامل مثلا ؟ أو ربما لأنك يا فرح تعلمين أن ما تفعلينه خطأ من الأساس
- لا يوجد أي خطأ فيم أقوم به ، أكدت بهدوء و هي تبدأ خلع سترتها لتقيس الفستان
- يكفي أن نِيَّتَك خطأ
- أصبحت تقرئين قلبي الآن يا أختي !

نغم الغروب 03-01-18 08:58 PM

رد: أغداً ألقاك ؟ / بقلمي
 
أخذت منها الفستان و أجلستها بجانبها و بدأت تكلمها بلطف :
- لماذا لم يتقدم لخطبتك يا فرح ؟ و أرجوك لا تقولي لي أنه ينتظر حتى يكون نفسه
- نتعرف أولا ثم يتقدم لخطبتي إذا وجدنا أننا متفقان
- و في عُرْفِ من هذا يا فرح ؟
- كل الأولاد و البنات يفعلون هذا يا ليلى ، قالت و هي تزفر تلك الزفرة التي لا تجيدها سوى المراهقات
- و أنت تريدين أن تفعلي مثل بنات اليوم يا فرح ، تعرفين رجلا دون معرفة أهلك و تعطين لنفسك كل المبررات لتفعلي ما تشائين ما دام ليس خطأً في عُرف جيلك

راقبتها تلجأ إلى تأمل أظافرها كما تفعل دائما حين لا يرقى الحوار إلى ما تفضل سماعه . تنهدت ليلى و التفتت إلى الحائط و بدأت تكلمه.
- ما الذي تفعلينه يا ليلى ؟
- أكلمك أو أكلم الحائط سواء ،على الأقل هو يستمع إلي في صمت و صبر.
- هل تريدين مني أن أقنعه أن يطلب يدي من أبي ؟ هل هذا ما سيرضيك يا أختي ؟
- أنا متأكدة أنه لن يفعل يا فرح ، لكن جربي لن تخسري شيئا إلا البعض من كرامتك

إزاء نظرة الاستهجان في عيني أختها الصغرى واصلت ليلى بمرارة :
- هل تعرفين كيف تصفك أخته ؟ تقول أنك لعبته الجديدة يا فرح
- عندما تتكلم ال...
- فرح !!
- لا تظلميني يا أختي كنت فقط سأقول الرخيصة
- لا يهم كيف ترينها يا فرح ، ملايينها ستغطي جميع عيوبها أما نحن ...
- أما نحن فعلينا أن نكون بلا عيوب ، صمتت قليلا ثم قالت بابتسامة واثقة : و على العموم لا تقلقي علي ، دعيها تفكر كما تشاء و تصفني بما تشاء ، أنا التي سألعب بهم جميعا في الآخر
- يا سلام !! و من أين لديك كل هذه الثقة يا أختي ، أخبريني أين يوزعونها لأني أحتاج البعض منها
- اسخري مني كما تشائين ، لكن ما لا تعرفينه أني عملة صعبة في هذا الوقت ، نعم عملة صعبة ، أكدت لها و هي تطلق شعرها و تتأمل نفسها في المرآة ، هل تعتقدين أنه من السهل أن تكون الفتاة جميلة و شريفة في هذا العالم ؟
- لا أدري يا فرح علام توحمت أمي عندما كانت حاملا بك
أكيد على أحد تلك المسلسلات التافهة

تأملتها بتمعن ثم أضافت ببرود :
- أنصحك أن لا تعيشي في العالم الافتراضي كثيرا يا فرح ، من يوم لآخر زوري الواقع قليلا ، ربما حينها يصحو عقلك من الغيبوبة التي سقط فيها
- الواقع ، التفتت إليها بعينين لامعتين ، تريدين أن تعرفي ما الذي يحصل في هذا الواقع
في هذا الواقع الذي نعيش فيه يا أختي هناك فتيات يبعن بكارتهن لمن يدفع أكثر و ليس هذا الغريب ، الغريب أن هناك من يدفع
هذا هو الواقع الذي تنصحينني بالعيش فيه
- كلا يا فرح ليس هذا هو الواقع الذي أقصده ، ما تتحدثين عنه هو واقع الناس السفلة ، الناس الذين بلا دين و بلا ضمير
أخبريني يا فرح ، هل هذا ما تنوين فعله بنفسك ، تبيعينها لمن يدفع أكثر ؟

نغم الغروب 03-01-18 09:00 PM

رد: أغداً ألقاك ؟ / بقلمي
 
تناولت الفستان ثانية و بدأت ترتديه ثم التفتت تجيبها بهدوء مستفز :
- أنا لا أبيع ، أنا أتزوج
و مهري غال
يعني يرضيك يا أختي أن يصبح الحلال أرخص من الحرام ؟
الرجال في وقتنا هذا أعينهم فارغة لذلك من واجبنا نحن أن نشجعهم على الحلال
أليس هذا أفضل من أن يدفعوا مالهم و دم قلبهم في الحرام ؟
- اسمحي لي أن أنحني أمام كل هذه التقوى و هذا الإيمان لكن أخبريني أولا هل تصدقين نفسك حقا يا فرح ؟
- طبعا ، ردت عليها دون أن تلتفت و هي تواصل الخروج من ثوب لتدخل في جوف آخر
- هل فكرت في احتمال أن يمل منك بعد فترة و يتزوج عليك أو الأدهى يتخذ عشيقة
- يتزوج أربع مائة و يصاحب ألفا ، أنا لن أحمل وزره
- و معرفتك أن زوجك يخونك شيء عادي بالنسبة لك ، شيء لا يجرح شعورك مثلا

دارت فرح دورة كاملة تتأمل حناياها و زواياها في مرآة الخزانة ثم أجابتها بابتسامة رائقة :
- كل الناس مجروحين يا أختي ، ثم هذه فائدة الزواج من رجل ثري ، هو يجرحني و أنا أداوي نفسي بنقوده

كل موقف أكتشف فيك شيئا جديدا يا شقيقتي ، فكرت و هي تتأمل أختها باستغراب. استغراب غلف كلماتها و هي تقول :
- كل هذه السنين و لم أعرف أنك تافهة إلى هذه الدرجة يا فرح

هزت أختها الصغرى كتفيها و هي تجيب بلا مبالاة :
- لو كنت سألتني لكنت أخبرتك
ثم أفهميني لماذا تريدين مني أكون شخصية عميقة ؟
هل كوني عميقة سيغير شيئا مما نراه حولنا
مجتمعنا ذاهب إلى داهية وشيكة في جميع الحالات و صدقيني أختي عمقي من عدمه لن يغير شيئا في الموضوع
بالعكس التفاهة مطلوبة جدا في هذه الأيام

و هذا بالضبط ما يمكن أن يطلق عليه الأخصائيون مصطلح "عمق التفاهة" أو "تفاهة العمق". أغمضت عينيها وهي تدلك صدغها ثم قالت بهدوء يائس :
- أنا لا أقدر عليك يا فرح ، منطقك الملتوي يسبب الصداع
لذلك أحذرك ، إن سمعت بأنك مستمرة مع ذلك الشادي ، صدقيني سأخبر أختك منى

بابتسامة متهكمة التفتت فرح إليها و هي تهز كتفيها مرة أخرى :
- أُفَضِّل أن تخبري أبي مباشرة ، على الأقل سيكون ضربا دون شتيمة

………………………………………


الساعة الآن 08:58 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية