كاتب الموضوع :
Rehana
المنتدى :
روايات احلام المكتوبة
وقف يمسك بيده، متشنجاً من الألم ..لحظتئذ عرفت أنه رجل طويل، و أن له خطوة من الملامح الوسيمة. كان شعره الأسود المستقيم كثاً، أما فكه الصارم فيدل على أنه رجل حازم . قدرت أن عمره ثلاثون عاماً.. نظرت إلى ثيابه فإذا هي حسنة التفضيل، يلبسها عادة أهل المدن ولكن خشونة فيه أوحت لها بأنه رجل بري.. ربما السبب في هذا لونه الأسمر، أو الخطوط البيضاء الصغيرة بين عينيه البنيتين التي حفرها التطلع الدائم إلى الشمس.
عندما راحا يرتقيان الدرج إلى التيراس حاولت حمل حقيبة أوراقه و لكنه انتزعها منها بيده اليسرى: لست عاجزاً بالكامل.
أخيراً أدخلته إلى السيارة وهناك راقبت أساريره فعرفت أنه يتألم. كان السير خفيفاً فقادت السيارة باتجاه المستشفى. ظلَّ صامتاً وهما يسلكان طريقهما إلى الطوارئ..حيث اضطر إلى الجلوس و الانتظار. لكنه أخيراً اقتيد إلى قسم العناية على يد ممرضة.
ظلت بيني جالسة منتظرة. عرفت أنها قادرة الآن على تركه فهو بين أيد أمينة وبعد المعاينة و المعالجة بإمكانه استئجار سيارة تقله إلى حيث يشاء.. ولكن كان هناك شيء أقوى منها يبقيها ملتصقة بمقعدها.. و اعتبرت ذلك نوعاً من الهرب. نظرت إلى ساعتها عدة مرات. لاشك أنه في قسم الأشعة..ثم، وبعدما ظنت أنها باقية هنا طوال الليل، برز مجدداً ووجهه متجهم.
أخرج نظر يده اليمنى المضمدة و المعلقة إلى عنقه منها صيحة صغيرة. ولكنها همست أخيراً:" أهي مكسورة؟".
نظر إليها بغضب:" وهل هذه الجبيرة التي ترينها مزاحاً؟". كان قلبها غارقاً بالندم حتى كادت تجهش بالبكاء
ـ أنا..آسفة..جداً.
ـ يدهشني أنك هنا باقية. اعتقدتك ستختفين حالما أدخل إلى غرفة المعاينة.
مسحت سخريته بعض شفقتها عليه: بالطبع مازلت هنا. وهل توقعت أن تركك؟
ـ صدقاً لا أدري ما توقعت.
ـ أضف إلى هذا أن حقيبتك في سيارتي.. فهل اعتقدت أنني سآخذها معي..أسرقها؟
تجاهل سخريتها، وضاقت عيناه أمام مشكلة أخرى قفزت إلى تفكيره: حقيبتي..اللعنة! هل سيتكفل بيومي كله.
ـ هل من خدمة أقدمها لك؟
ماذا في حقيبة أوراقه ياترى؟ هز رأسه:" يجب التأجيل".
أصرت: قلت لك إنني سأساعدك..سأفعل أي شيء لأساعدك . هل أقلَّك إلى مكان معين؟
تعاظمت عقدة الذنب في نفسها و كأنها شعلة متوهجة.
رد عليها:" تساعدينني؟ بإمكانك وضع دائرة حول قولك هذا. انظري إليها جيداً..".
وكاد يدفع بيده المصابة في وجهها.. فنظرت إلى الجبيرة التي تبلغ أطراف أصابعه، عندئذ فقط أدركت أنه أكثر من غاضب.. إنه مشتعل غضباً..
تمتمت:" لايسعني إلا أن أكرر أسفي".
ـ هذا ما قلته سابقاً. لكنه لن يفيدني بشيء.. فلن يخرجني أسفك من الورطة التي أنا فيها الآن.
وفيما كانا يتوجهان نحو السيارة في الموقف..قالت: أيمكنني أن أقلك إلى منزلك أو إلى أي مكان تريده؟
التوى فمه قليلاً: أن تقليني إلى منزلي، يعني رحلة تقطعين فيها ستين ميلاً إلى عمق منطقة" وايراربا"..مزرعتي على بعد أميال من "ماسترتون"..ولكنني الليلة أقيم في فندق" ثاون هاوس"...هل أنت قادرة على الذهاب إلى هناك بدون أن تصطدمي بشيء؟
يتبــــــــــــع
|