كاتب الموضوع :
Shiningg Tears
المنتدى :
روايات عبير المكتوبة
كان مايزال يتقدم نحوها، ورأت هي انه سيحاول اقناعها جسديا، ورأت في هذا منتهى النفاق ، فهو لايحبها. انه لم يدع مشاغله جانبا ليستقبلها كما يستقبل الرجل عروسه بعد فراق ثلاثة اسابيع، حتى ولو للحظات قليلة.
وهكذا رمقته بنظرة تحذير قاسية وهي تقول:" اياك ان تفعل ، ياكين."
قطب جبينه:" ان افعل ماذا؟" ولكنه كان يعلم ، فوقف جامدا، وعيناه السوداوان تخترقان عينيها بقوة والحاح، ملتمسا اي مشاعر ضعف فيها ،كما ظنت ليزا، كلا ليس هذه الليلة يازوجي العزيز، حدثته بذلك بصمت، وهي تشعر بأن قلبها الجريح ليس لديه القوة التي يسيطر بها على عقلها، هذه الليلة.
سألته ساخرة:" لماذا تحملت عناء المجئ الى بيتك؟ لماذا لم تسألني في الهاتف هذا الصباح؟ من المؤكد ان هذا افضل عمليا واقتصاديا."
فعبس وبدا عليه مزيج من الضيق واليأس
" ماكان هذا ليعجبك ، ياليزا؟"
" وكذلك لم يعجبني غيابك عني ثلاثة اسابيع ياكين. ولكن هذا لم يجعلك تأتي الى البيت الليلة واحدة، واظنك جئت الان لليلة واحدة، وان عليك ان تعود غدا."
"نعم ، اما بالنسبة لعدم مجيئي قبل الان، فقد شرحت لك الوضع ، ياليزا."
فأومأت :" العمل اولا، كالعادة على الدوام ، وهذا لن يتغير، اليس كذلك، لقد جئت الى البيت لاجل عملك..."
قاطعها بحزم:"بل (عملنا) ، ياليزا."
مد يده الى وجهها ، فتراجعت الى الخلف، وقد اشتعلت عيناها برفض عنيف،" اياك ان تلمسني ، ياكين، انك لم تأت الى البيت لانك اشتقت الي،فإياك ان تقدم على شيء قد انتهى، على كل حال، ولكن اذا كنت ترجو خيرا من وراء هذا الزواج ، فلا تستعجل لانه على شفا الهاوية ، مثله في ذلك عملك الغالي."
توترت ملامحه، والتمعت عيناه بكبرياء عنيفه:" ماذا يعني هذا؟ لقد طلبت منك العون، فإذا به يصبح نهاية زواجنا؟"
"لقد كنت تكره هذا، اليس كذلك؟ انك تكره ان تطلب عونا مني." وكان هذا منها اتهاما مرا.
فقال:" نعم".
"ان الزواج هو مشاركة ياكين، مشاركة في الحلو والمر."
اجاب باستياء:"اليس هذا ما افعله معك الان؟"
"هذا بداعي الضرورة فقط ، لكي تنقذ عملك ." فصاح وهو يضرب المنضدة بقبضته:" قولي (عملنا)." ثم تمالك نفسه وهو يتابع قائلا بصر نافد :" كم من المرات علي ان اقولها؟ ان هذا يؤثر على مستقبلنا ، ياليزا ، لا تهتمين بهذا الامر قدر اهتمامي به؟"
فصرخت :" نعم ، اهتم، اهتم كثيرا جدا." واغرورقت عيناها بالدموع."لقد اعطيت كلمتي تعهدا لجاك كونواي، تماما كما كنت اعطيتك كلمتي تعهدا، يوم الزفاف، ياكين، فإذا كنت لا افي بعهد واحد ، فما نفع عهودي الاخرى؟ ماذا تعني الثقه اذا لم تكن شاملة؟ كنت اظنها تعني شيئا لك، لكي يمكنك ان ثتق بي حتى ..." واختنقت الكلمات في حقلها.
فقال ضارعا:"ليزا" ثم هز رأسه وقد بان عليه العذاب.
" انني بحاجة الى ان اعلم."
فكرت ببلادة في انه سيعلم غدا، وبإمكان ذلك ان ينقذ عمله الهام للغاية.
قالت والبرودة تسري في جسمها:" عد الى ملبورن يا كين، مازال بامكانك ان تأخذ الطائرة الليلة."
لم تكن تطيق البقاء معه لحظة واحدة بعد الان، واستدارت على عقبيها متجهة نحو السلم وساقاها ترتجفان.
"ليزا..."
تجاهلت الضراعة الخشنة في صوته، لم تكن بحاجة الى مزيد من الكلمات منه، لم تكن تريدها ، فقد فهمت كل شيء الان، وهذا الفهم جعلها تشعر باشمئزاز لم تشعر بمثله في حياتها، ناداها مرة اخرى بعنف:"ليزا..."
تحركت معدتها ، كانت على وشك التقيؤ فاستطاعت بعد جهد ان تسرع في خطواتها، كان عليها ان تصعد السلم الى الحمام قبل ان يلحق بها الخزي، لقد ابت عليها كرامتها ان يراها كين في محنتها، وناداها مرة اخرى، ولكنها كانت قد وصلت الحمام امامه فدفعت الباب ثم اقفلته خلفها وقد تملكها الذعر. ثم اخذت تقيأ الى ان افرغت معدتها من كل محتوياتها.
سمعت طرقات كين على الباب وهو يناديها، ولكن مهما كان يقول، لم تستطع سماعه للدوي الذي كان في اذنيها، وكان جلدها مبللا بالعرق، وخافت ان يغمى عليها، فجلست على حافة الحوض وهي تغالب الدوار.
كان ثمة دفع عنيف للباب الى ان خلع فانفتح الباب ليدخل كين منه ووجهه اسود وجسده بأجمعه تتملكه المشاعر الصاخبة، بينما تشتت عقله.
صاح بها:" اذا لم تشائي ان المسك، فهل تظنين انني سأفعل ذلك ؟ ليس ثمة حاجة لاقفال الابواب بيننا، ولن يكون ابدا اقفال ابواب في حياتنا الزوجية، مالذي تظنينه..."
وسكت فجأة وهو يرى شحوب وجهها الهائل وترنح جسمها ، وسرعان ماتحول صراخه الغاضب الى لهجة ترتجف بالاهتمام:"ليزا ، ان مظهرك... لماذا لم تخبريني بأنك مريضة؟"
رفعت اليه عينين كئيبتين متلبدتين :"يبدو ان هذا من اعراض الحالة."
هز رأسه دون ان يفهم شيئا:" مالذي تتحدثين عنه؟"
فالتوى فمها بسخرية ، يالها من طريقة تخبره بها... دون بهجة ولا سعادة تتطلع اليها، كان الامر مجرد ايراد امر واقع.
"انني حامل."
رأته يدرك ان هذا ماكانت تريد ان تخبره به هذه الليلة، ولكن انشغاله بمشاكله لم يتح لها فرصة الافضاء اليه. وبدا على ملامحه ندم مبرح ، ربما كان حصوله على ابن هو اكثر اهمية من عمله اللعين، كما رأت ليزا ، ولكن ليست هي ، فهي ليست بذات اهمية لديه، فهي مجرد وسيلة لما يريد ، الابن والعمل، عمله ، والحياة الجديدة المشرقة التي يريدها لابنه.
تقدم وجلس بجانبها، وقد امتلات عيناه بالالم، ثم قال بصوت خافت شجي:"انني آسف، ياليزا ، لقد افسدت بشارتك هذه، اليس كذلك؟ اخبريني كيف اصلح مافعلت."
قوض هذا ماكان بقي لديها من سيطرة على نفسها، اذ كانت من الضعف بحيث اغرورقت عيناها بالدموع، لم تستطع ان تتكلم. وشعرت بغصة في حلقها وقد تلهفت كيانها الى الحب الذي كانت تريده منه.
لم ينتظر كين جوابا، فحملها بين ذراعيه بكل رقه وحنان، الى غرفتها حيث مددها برفق وحذر على الوسائد، ثم غطاها باللحاف جيدا، ثم احضر منشفة مسح بها جبهتها المبللة، وبعد ذلك صنع لها كوبا من الشاي وشجعها على ان تشربه، ثم طهى لها وجبة طعام خفيفة من العجة واحضرها اليها على صينية حيث اخذ يراقبها بقلق واهتمام وهي تبذل جهدها في الاكل.
اخذت تتأمل ساخرة وهي ترى تمريضه لها، متذكرة سخريته من تريفور ودبري الذي يقوم بمثل هذا العمل بالضبط نحو شقيقته جينا، ولكنها مالبثت ان تذكرت ان كين لم يكن بمرضها هي، وانما طفلة منها الذي في احشائها، اما هي فمجرد المرأة التي ستنجبه، ام طفلة، ولهذا عليه ان يعتني بها.
ومع ذلك فقد كان بالغ الندم، بالغ الاهتمام وكانت ليزا من لجوع الى شيء من الاهتمام منه بها ، بحيث تقبلت كل ذلك منه، حتى انها لم تعارض حين تمدد بجانبها، ومن خلال الظلمة تمتم يقول:" ليزا، انك كنت على حق ، ما كان لي ان اطلب منك خيانة ثقة اي شخص فيك، فلو لم تكوني بهذه
|