كاتب الموضوع :
Shiningg Tears
المنتدى :
روايات عبير المكتوبة
شعرت ليزا بالتشنج في جسدها، مالذي كان السبب في كل هذه الكراهية؟ لابد ان هناك سببا، لان كين لا يفعل شيئا دون سبب.
"لقد تركت والدتي قريبة من الفقر والعوز قد امكاني ، ما جعلها تعيش دون تلك الرفاهية التي هي اهم لديها من اي شيء او شخص آخر."
هذا اذن مافعله بوالده وزوج والدته، اذ حرمهما اهم شيء لديهما، السمعة ، الثراء، الكرامة ، الزهو.
قالت محاولة جهدها الاحتفاظ بهدوئها وجمود مشاعرها مثله ، قالت تسأله:" اهو انتقام؟"
"كلا ، ليس انتقاما بل عدالة." وكان في كلمته الاخيرة عنف بالغ.
قالت له برقة :" لم يكن في ذلك شيء منها عندما كنت مرغما على الدخول الى المدرسة الداخلية، التي ارسلاني اليها ، لكي يزيحاني من الطريق."
فالتوت شفتاه ، وبدت السخرية في صوته:" عدا عن الادمان."
توتر فكه، وما لبث ان استرخى بعد ان رغم نفسه على ذلك مرة اخرى.
سألته ليزا بهدوء:" ماذا حدث عدا عن هذا؟"
"لقد قادوا شقيقتي الى الانحراف."
قال ذلك بشكل عنيف واقعي لا اثر للمشاعر فيه ، ماجعل دم ليزا يجمد في عروقها للتفكير في كل مالم يذكره بعد ، لا شك ان كين لم يقصد بكلامه ما فهمته منه.
سألته مستطلعه :" هل انضمت اليهم في ذلك ؟"
" كلا... ليس بإرادتها، كانت جينا كأرنب منوم مغناطيسيا، فهي عاجزة عن رد الاجرام بحقها، لقد عودوها هذا بمرور السنوات."
"ولكن ، الم يسيطروا عليك انت ، ياكين؟"
" كلا ، انهم لم يستطيعوا."
ماعدا الكراهية والتمرد والرغبة في النهوض من الكبوة والقضاء على الشذوذ الرغبة في التفوق هذا ما اخذت ليزا تفكر فيه ، ولكن شقيقته... ما زال عقل ليزا مجفلا من قبول هذا النوع من الوقائع التي تحدث عنها كين ، لابد انها تتخيل حقيقة ماتسمع.
سألته رغبة منها في التخفيف عن كين من هذه الصور التي يختزنها في ذاكرته:" ماذا حدث لجينا؟"
اجاب بحدق مر :" اخذ زوج والدتي الحيوان يغرر بها كل يوم عاشت فيه معهما ، اما والدي اتخذ مهنة ايجاد العذر لكل انواع البراءة بدعوة الطب النفسي فقد رفض ان يصدقنا .. رفض التدخل وابعاد جينا ، ولم تشأ والدتي ان تفقد حياة الرفاهية التي كانت تعيش فيها ، فاغمضت عينيها عما كان يجري ، كانت تعلم ولكنها لم تهتم.
اغمضت ليزا عينيها وقد شملتها رجفة ، تلك كانت الذكريات السوداء التي ارادت من كين ان يشاركها فيها ، الذكريات التي شفته من المآسي العنيفة منذ زمن طويل ، نعم لقد قرأت عن مثل هذه الامور ، في الصحف وسمعت عنها في التلفزيون ولكنها لم تتوقع قط ان تمس مثل هذه الفظائع حياتها.
لاعجب اذن في ان يحتفظ كين لنفسه بها... وتمنت لو لم تسأله ، تمنت... كلا ، من الافضل لها ان تعلم هذه الامور مهما كانت شائنة، انها تساعدها على الاقل في فهم كين.
حاولت ان تتصور كيف كان تأثير ذلك عليه، وهو يرى نفسه عاجزا عن منعه من الاستمرار ، عاجزا عن انقاذ شقيقته... غلام في الثانية او الثالثة عشرة يكافح ضد كبار مصممين على ابقاء كل شيء على ما هو عليه، والتوى قلبها عطفا على الصبي الذي حرم من طفولته.
سألته :" كيف دمرت زوج والدتك ماليا؟"
القى عليها نظرة تتألق رضاء حاقدا ، وقال :" كان لديه شركة الهندسة، فكرست نفسي لمنافسته عمليا، استأجرت كبير موظفيه وكان هذا الجزء سهلا ، فقد كان نذلا مع موظفيه كما كان في كل شيء في حياته ، ثم اخذت انافسه في كل عطاء يتقدم به ، فاقدم سعرا ارخص ، او بالاختصار دمرت اعماله ، واقدم هو على عدة اشياء حمقاء دفعة اليه الاحباط ومن ثم اعلن افلاسه ، وبعد ذلك بوقت قصير مات إثر ذبحة قلبية ، ولم اتالم لاجله."
ياله من رجل عنيف لايعرف الصفح ، سألته:" هل اعددت نفسك لذلك منذ كنت في المدرسة؟"
" نعم"
كان هذا هو السبب في ان عمله كان له الاهمية الكبرى لديه. لم يكن هو الوسيلة فقط لحياة ناحجة في العالم، وانما كل نجاح يحصل عليه كان يغزي في نفسه، دون شك ، الرضا وهو يرى تحت رحمته الرجل والمرأة اللذين اجرما في حق شقيقته وذلك بكل قسوة.
اخذ يدق بقبضته على عجلة القيادة بخفة عدة مرات وهو يقول بحزم :" العدالة... يجب ان تكون هناك عدالة."
وخيل الى ليزا ان قبضته هي مطرقة القاضي على منصة المحكمة.
وتحت هدوئه الظاهري ، كانت ليزا تحس بمشاعره العنيفة المضطرمة، وفكرت في انه ليس بامكان كل عدالة ان تبطل ما كان حدث ، انها تعاقب المجرم ، ولكنها لا تنقذ الضحية.
سألته شاعرة بالالم الهائل لهذه الفتاة التي سلبوها صباها:" لماذا لم تترك شقيقتك منزل والدتها؟"
"كانت في منتهى الضعف والاتكالية..."
" ولكنها تركت المنزل اخيرا؟" سألته ذلك بضراعة آملة ان تسمع شيئا يوحي اليها بالفرح في هذه القصة المروعة.
" نعم ، لقج ابعدتها عنهما بعد ان اصبحت كبيرت الى حد يمكنني السيطرة على اي محاولة منهما لاعادتها." قال ذلك بعنف بينما اصابعه تشتد على عجلة القيادة" وكانت قد اصبحت في حالة بالغة من التلف. تلف يدوم معها مدى حياتها وصدرت عنه آهة وكأنه يريد ان يرتاح من بعض مشاعره المكبوتة ، ثم تابع يقول :" انني افعل ما استطيعه، فأنا ارسل اليها مبلغا كل شهر لكي تشعر ببعض الاستقلال ، وهي تعلم ان بامكانها الاتصال بي كلما احتاجت شيئا ولكننا لا نتكلم مع بعضنا البعض، فقد حدثت اشيئا كثيرة جدا."
والام كثيرة ، واعباء كثيرة يحملها في الاعماق المظلمة من عقله وقلبه وروحه ، فلا عجب انه لم يضع ثقته في احد ...
ولا عجب في كونه يعيش وحيدا . ذهبت الافكار بليزا الى حياتها العائلية السهلة الخالية من المزعجات ، وملأها التقدير له لقوته في ان يصبح الرجل الذي هو عليه الان.
لم تشعر بالعطف على والدته ووالده وزوج والدته ، اذ ليس بامكانها ان تجد عذرا او تصفح عن ذلك النوع من الاثم .
وكين لن يسألها مطلقا عما اذا كانت تستحسن او لا تستحسن ما حصل ، لقد كان هو الكبرياء ولعزم والقانون ولكنه كان رجلها واذا كان كان ما قام به قد ساعدها على التخلص من اي من الالام التي ابتليا بها ، فهي لن تفكر في انتقاد عمله ، بل هي بجانبه.
قالت بلهجة حزينة :" انني اسفة يا كين."
القى عليها نظرة حذرة فيها معنى من الضعف ، ماجعلها تحدس بأنه لم يكاشف شخصا اخر بما حدثها به ، فقابلت نظراته دون ان يطرف لها جفن ، عالمة بأنه يريد ان يعلم ما اذا كان عطفها هذا صادقا ، كانت هذه الحظة هامة ، ومسألة ثقة تمتد اليها وتعود اليه .
فعادت تقول :" شكرا لانك اخبرتني بكل هذا."
قال لها بخشونة :" اريد ان تكون ذكريات عرسنا سعيدة ياليزا."
طمئنته بقولها :" وهي ستكون كذلك."
"وهذا هو السبب في انني لا اريد احدا من اهلي هناك."
|