الفصل الثاني
أخذت ليزا تجاهد في سبيل التخلص من التوتر الذي تملك اعصابها . لقد تأخرت ولم يكن ذنبها ان طال اجتماع المديرين عن المعتاد فلم ينفضّ قبل الخامسة ، ثم هناك حركة السير المزدحمة .
العمل بالنسبة الى كين كان يأتي في المقدمة على الدوام . بهذا اخذت ليزا تحدث نفسها . فكم من المرات تركها تنتظر الى ان ينتهي مما كان يقوم به . لقد تركها تنتظر ثلاثة اسابيع بطولها فلتدعه يتذوق شيئاً من دوائه إذن .
واذا هو انتقدها لتأخرها عن القدوم لاستقباله في المطار ، فهي ... انها ... وصدرت عنها ضحكة خشنة بعد ان ادركت انها لن تفعل شيئاً . لقد كان السبب في توترها هذا هو أنها لم تكن تعتقد بأن كين ماريوت سينتظرها . فهو حالما يدرك انها ليست في انتظاره ... كلا ، ان كين ماريوت لن ينتظرها .
كان كل شيء منحازاً لجانب واحد . فمهما فعل كين فهو الصواب على الدوام . فإذا هي تجاوزت الحد مليمتراً واحداً ، فهي مخطئة مهما كان السبب في تجاوزها ذاك . وتملك الغضب ليزا من الضعف منها ان تستمر في ذلك وعليها ان تواجه كين بجرأة فتستدير بسيارتها ومن ثم تذهب الى بيتها .
اتجهت عيناها الى الساعة أمامها ، مرة اخرى كانت السادة والدقية الثانية والعشرين . وتحركت اصابعها على عجلة القيادة بقلق وهي تنتظر فتح اشارة المرور . إن حركة السير مزدحمة دوماً مساء الجمعة وهذا يعني أنها لن تصل الى المطار قبل عشرين دقيقة اخرى .
كان من الغباء متابعة طريقها . ولكنها كانت قالت انها ستقابله في المطار ولهذا عليها ان تتابع حتى ولو لم يكن هو هناك .
وإذا هو لم يكن هناك ، فهذا يكفي وهي لن تلحق به الى شقته ابداً . انها لن تمنح كين ذلك الشعور بالرضى مرة اخرى ، فاذا كان كين يريد هذه العطلة الأسبوعية الأخيرة معها لكي يجرب المصالحة فالأفضل ان يكون في انتظارها في المطار مهما تأخرت . وبعد ، ان عذرها معها في هذا التأخير.
وسيكون في امتحان لا خلاصه . وابتسمت ساخرة .
أو ربما هو امتحان لمبلغ رغبته في ما تقدمه له من تسلية وترويح عن النفس . فبعد ثلاثة اسابيع لابد انه سيكون غاية في الارهاق هذا إذا لم يكن يخدعها بالخروج مع نساء أخريات .
وكانت تعلم جيداً أن هذا في منتهى السهولة بالنسبة لكين ماريوت . فالنساء تدور حوله ، وبإمكانه ان يحصل دوماً على من يريد بمجرد نظرة من تلك العينين الماكرتين .
ولكنهما كانا منسجمين معاً . وهو ما كان ليرضيه أي شيء أقل من التجاوب الذي يلقاه منها ، فإذا كان حريصاً على ذلك ، هذه الليلة فسينتظرها .
أخذت تفكر في أيامها الماضية معاً ، وقد استغرق إزالة الغشاء عن عينيها زمناً طويلاً .
إن علاقتهما لم تنته الى شيء ولهذا من الأفضل لها ان تسير في حياتها من دونه .
ما الذي كان قال :" حلوتي ، حبيبتي الرقيقة ليزا ."
حسناً ، لم يعد هناك بعد الآن ، كين العزيز القاسي .
أضاءت اشارة السير الخضراء .
استغرقت الرحلة الى المطار اكثر مما كانت ليزا تظن . وفي الوقت الذي وجدت فيه مكاناً توقف سيارتها فيه كانت الساعة قد بلغت السادسة والخمسين دقيقة . ومضت خمس دقائق أخرى قبل ان تدخل الى غرفة الانتظار في المطارحيث المفروض أن كين ينتظرها فيها . هذا إذا كان مايزال هناك .
جالت عيناها بحدة وانفعال بين الجموع ، وكان المطار يموج بالمسافرين مابين منظر الرحيل أو واصلٍ لتوه لقضاء عطلة نهاية الأسبوع . فإذا كان كين يراقب المدخل ، فمن المحتمل جداً ان يراها لحظة دخولها وهكذا وقفت جامدة في مكانها راجية ان يراها . ولكنها رأته قبل أن يراها .
منتديات ليلاس
وكالعادة قفز قلبها لرؤيته ثم اخذ في الخفقان بسرعة بالغة ، ولم يعد يهمها كم في حبها له من غباء وتدمير للنفس انها تحبه ولمجرد النظر اليه سرى في كيانها الدفء .
نهض كين ماريوت واقفاً بين الجموع ، فلفت انظار من حوله . نظر اليه المارون ، وقد جذبتهم شخصيته المتميزة بشيء لا يدرك كنهه . كما لوى اعناق النساء لإلقاء نظرة أخرى عليه ، كما يحصل على الدوام بالنسبة إليه. ذلك أنه عدا عن وسامته الفائقة ، كانت الرجولة تنضح منه .
النمر المخملي ... التصقت هاتان الكلمتان في ذهنها من فيلم سينمائي كانت شاهدته وكان هذا وصفاً صحيحاً لكين ماريوت .
كان شعره أسود ولامعاً كالحرير . وكانت عيناه سوداوين جذابتين يعلوهما حاجبان طويلان أسودان جذابان للغاية .