لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > قسم الارشيف والمواضيع القديمة > الارشيف
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

الارشيف يحتوي على مواضيع قديمة او مواضيع مكررة او محتوى روابط غير عاملة لقدمها


معا فوق النجوم (جوليا جيمس) راااااااااااااااائعة / كامله

معا فوق النجوم - جوليا جيمس الملخص : لم يكن المليونير الايطالي رافايللو دي فيسنتى يملك حلاً فالشركة ستطير من بين يديه تهديد أبيه واضح وصريح تزوج

 
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack (1) أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 30-11-08, 02:47 PM   1 links from elsewhere to this Post. Click to view. المشاركة رقم: 1
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس فعال جدا


البيانات
التسجيل: May 2006
العضوية: 5844
المشاركات: 413
الجنس أنثى
معدل التقييم: Lovely Rose عضو له عدد لاباس به من النقاطLovely Rose عضو له عدد لاباس به من النقاط
نقاط التقييم: 140

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
Lovely Rose غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

المنتدى : الارشيف
Thumbs up معا فوق النجوم (جوليا جيمس) راااااااااااااااائعة / كامله

 


معا فوق النجوم - جوليا جيمس

الملخص :
لم يكن المليونير الايطالي رافايللو دي فيسنتى يملك حلاً
فالشركة ستطير من بين يديه تهديد أبيه واضح وصريح تزوج و إلا أبيع الشركة !
وهكذا قطع على نفسه وعداً بأن يتزوج أول امرأة يصادفها
وصادف أن تكون ماغي خادمة منزله ..
وكيف لماغي أن ترفض تمثيل دور الزوجة لرافايللو لمدة ستة أشهر مقابل مبلغ كبير من المال و طلاق سريع !
لكن مخطط رافايللو ذهب أدراج الرياح بعد الزواج ..
فلم يعد الطلاق وارداً في تفكيره الآن ..

 
 

 

عرض البوم صور Lovely Rose  

قديم 30-11-08, 02:48 PM   المشاركة رقم: 2
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس فعال جدا


البيانات
التسجيل: May 2006
العضوية: 5844
المشاركات: 413
الجنس أنثى
معدل التقييم: Lovely Rose عضو له عدد لاباس به من النقاطLovely Rose عضو له عدد لاباس به من النقاط
نقاط التقييم: 140

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
Lovely Rose غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : Lovely Rose المنتدى : الارشيف
افتراضي

 


البداية
1 _ كوني زوجتي
_ بحق الجحيم ما الذي تعنيه بقولك إنك لن توقعي ؟
حدق رافايللو دي فيسنتى بالمرأة الجالسة وهي شقراء رائعة الجمال ذات عينين زرقاوين تنساب خصلات شعرها بحرية فوق كتفيها .
وضعت أماندا بونهام إحدى ساقيها فوق الأخرى ونظرت إليه بعينين متسعتين ثم قالت بصوت يشبه الخرخرة : من المهين يا عزيزي أن نقوم بتوقيع اتفاق كهذا قبل الزواج .
توتر فم رافايللو وقال : لكنك وافقت على بنود الاتفاق كلها وأنا تحدثت إلى محاميك بهذا الشأن فلم تراجعت الآن ؟
نظرت أماندا إليه باستياء وقالت بصوت أجش : راف عزيزي نحن لسنا بحاجة إلى ذلك الاتفاق قيل الزواج .
ظهرت على فمها الجميل ابتسامة مغرية ثم تحركت قليلاً في دعوة صريحة له ليجلس بقربها فيما راحت عيناها تتأملان الرجل الذي يقف قبالتها والذي يرتدي بذلة أنيقة تحمل اسم مصممها المشهور .
لوح رافايللو بيده في الهواء في حركة تنم عن نفاذ صبره إنه منيع ضد إغراءات أماندا وسحرها .. لقد طفح كيله منها ظهرت لكنته الإيطالية واضحة حين قال بغضب واضح : ليس لدي وقت لهذه الألاعيب أماندا وقعي على ذلك الاتفاق اللعين كما سبق واتفقنا ..
اختفت الابتسامة عن وجه أماندا وعن عينيها الزرقاوين وفجأة غدت عيناها أقسى من الحجر .
_ كلا أنت تريد الزواج بي .. فلنتزوج من دون توقيع اتفاقيات مسبقة سخيفة .
أطلق رافايللو شتيمة من بين أنفاسه كابحاً طبعه الإيطالي النزق متجنباً استخدام مفردات لا تليق بالمجتمع الراقي .
إلا أن نظرات عينيه تسلطت بقوة على المرأة التي من المفترض أن تكون عروسه العتيدة ثم قال بنبرة متأنية : أماندا عزيزتي ! أنا لم أحاول خداعك على الإطلاق أريد زوجة لمدة ستة أشهر ثم طلاقاً سريعاً غير مؤلم في المقابل سوف تحصلين أنت على حياة ملؤها الرفاهية في الستة أشهر وذلك بعد القيام بزيارة قصيرة إلى إيطاليا وسوف تخرجين من هذا الزواج بثروة صغيرة وذلك كتعويض لك بموجب اتفاقنا هذا هل تفهمين ؟
جاء صوت أماندا قاسياً وهي تقول : آه ! بالطبع فهمت هذا جيداً والآن هل يمكنك أنت أن تفهمني ؟ الوثيقة الوحيدة التي سأوقعها هي تلك التي تعطيني المال بموجبها .
تجمد رافايللو في مكانه هكذا إذن ! لقد نقضت أماندا اتفاقهما كان عليه أن يتوقع ذلك قد تكون أماندا ذات رأس فارغ إلا أنها تتميز بالجشع عندما يتعلق الأمر بالمال .
لكن لا أحد يستطيع التلاعب به .. لا أحد .. لا صديقته الجشعة ولا والده المتسلط .. لا أحد يستطيع ذلك !
فجأة غدت تعابير وجهه غير مقروءة وازداد اللون الداكن في بشرته السمراء جاءت نبرة صوته قاسية حين قال :
_ إنه أمر مؤسف حقاً !
إن اللذين يعرفون رافايللو دي فيسنتى في عالم الأعمال يدركون جيداً أنه يجدر بهم الاستسلام والتراجع ما إن يصل إلى هذه النقطة من الغضب هذا إذا كانوا ما يزالون راغبين في إبرام أي اتفاق أو صفقة معه إلا أن أماندا لا تتمتع بهذه الحكمة توهجت عيناها الزرقاوان وقالت بحدة : يبدوا لي أن لا خيار لديك عزيزي رافايللو أنت تحتاج إلى زوجة بصورة عاجلة .. حسناً ! هذا الأمر يناسبني .. لكنني لن أورط نفسي باتفاق سخيف كهذا !
هز رافايللو كتفيه بلا مبالاة وهو يستدير بعيداً عنها ثم التفت نحوها مجدداً ليقول إنه خيارك سوف اتصل بسيارة أجرة لتقلك .
ثم سار باتجاه طاولة إلى جانب الجدار والتقط هاتفه الخليوي فاندفعت أماندا نحوه قائلة : مهلاً ! انتظر دقيقة واحدة ..
لم يكترث رافايللو بكلامها وراح يطلب الرقم وهو يقول : انتهت الصفقة يا عزيزتي من الأفضل أن تجهزي نفسك للمغادرة .
أطبقت يدها بقوة على كم سترته الأنيقة وقالت : لا يمكنك أن تفعل ذلك بي .. أنت تحتاج إلي .
أبعد يده عنها وكأنه يبعد حشرة مزعجة وقال بنبرة صوت قاسية كالماس : أنت مخطئة .
ثم تغيرت نبرة صوته ليقول : جو ! اتصل بسيارة أجرة ولتكن هنا بعد عشر دقائق .
استدار متجهاً نحو الباب ذي المصراعين والذي يؤدي إلى بقية أقسام المنزل .
_ أخبرني فقط كيف ستحل مشكلة إيجاد عروس لك بسرعة ؟
بدا الصوت خلفه ساخراً ومليئاً بالقسوة فلم يكلف رافايللو نفسه عناء الالتفات إلى الوراء بل أجاب بصوت ناعم كالحرير : سوف أتزوج أول امرأة ألتقي بها .
وخرج من الغرفة ….
لوت ماغي أصابعها المتعبة داخل القفازات المطاطية وبدأت عملها في تنظيف بلاط الحمام الرخامي الفاخر متمنية أن يزول عنها ذلك الشعور بالتعب الذي يرهقها ظل بنجي مستيقظاً لمدة ساعتين الليلة الماضية .. يبدو أن لا أمل بأن يستقر بنومه تثاءبت وأبعدت بظاهر يدها خصلة شعر سقطت على جبينها قبل أن تعود لفرك البلاط بالإسفنجة التي تحملها في يدها فكرت أن استيقاظ بنجي أثناء الليل يجعله على الأقل يمضي وقته الآن نائماً وهذا أمر جيد بالنسبة لها .
علت جبينها تقطيبة وهي تفكر أنها لن تتمكن من الاستمرار في عملها هذا لوقت طويل عندما كان بنجي صغيراً جداً كان من السهل عليها أن تحمله في كرسيه الخاص أينما ذهبت وتبقيه بجانبها وهي تقوم بعملها في تنظيف المنازل الفخمة أما الآن وقد أصبح في بداية مشيه بات من الصعب عليه البقاء محتجزاً في كرسيه لوقت طويل إنه يريد الخروج ليكتشف ما حوله .. لكن هذا مستحيل في منزل كهذا حيث كل شيء بدء من السجاد إلى الأواني المطبخية باهظ الثمن .
وضعت المزيد من سائل التنظيف وراحت تفرك من جديد قبل أن تتنهد مفكرة ما هي الوظيفة التي يمكنها الحصول عليها بوجود طفل في عامه الثاني يسير أول خطواته في الحياة ؟ لا يمكنها أن تتركه برعاية حاضنة
إذ ستضطر إلى دفع كل ما تجنيه من عملها لها إن أفضل ما يمكن أن تفعله هو القيام بعمل الحاضنة هي نفسها
وهكذا يمكنها رعاية طفلها بالإضافة إلى أطفال آخرين وأن تجني فوق ذلك بعض المال لكن أي أم ستوافق على ترك طفلها لديها وهي تعيش في ذلك المكان التعيس ؟" فهي نفسها تكره أن يبقى بنجي هناك لمدة قصيرة في سريره فتحاول الخروج به من ذلك المكان ما إن تستطيع ذلك .
رقت ملامح وجهها وظهرت عليه ابتسامة لطيفة وهي تفكر في بنجي نور حياتها والشعاع الذي يحيي قلبها طفلها الذي هو أغلى ما لديها في الوجود … إنه كل ما لديها .. وهي لن تتأخر عن القيام بشيء من أجله .
سار رافايللو بخطوات واسعة وهو يشعر بالغضب عبر القاعة الفسيحة اتجه نحو الدرج العريض الذي يؤدي إلى قاعة الاستقبال الواقعة في الطابق الأرضي من المنزل المؤلف من طابقين اللعنة على أماندا التي حاولت ابتزازه واللعنة بالدرجة الأولى على والده الذي وضعه في هذا الموقف المزعج منذ البداية .
لم لا يستطيع أن يتقبل فكرة أنه من المستحيل عليه أن يقبل بالزواج من قريبته لوسيا ليغدوا ذلك الزوج الذي لطالما تاقت إليه ؟
آه ! نعم إنها تبدو جذابة إلا أن تفكيرها سخيف وهي ذات مزاج سيئ .. على الرغم من أنها تستطيع إخفاءه عن والده ما جعل ذلك الأخير يقتنع بأنها الزوجة المثالية لابنه وعندما فشل في إقناعه بهذا الزواج عن طريق إصدار الأوامر والتلميحات لجأ إلى تهديده الأخير .. سوف يبيع الشركة ! يا الله ! لقد وضعت لوسيا يدها على نقطة الضعف لديه .. إن والده يرغب برؤية أحفاد له يرثون شركة فيسنتى كي تبقى هذه الشركة في نطاق عائلي هكذا تمكنت لوسيا من اللعب ببراعة على هذا الوتر الحساس .
ما زالت الكلمات التي تلفظ بها والده ترن في أذنيه : أريدك أن تتزوج و إلا أنني سوف أبيع لا تظن أني لن أفعل لكن ……..
ثم رقت نبرة الرجل المسن ليقول بلفتة بارعة : و .. إذا قدمت لي عروسك قبل بلوغك الثلاثين من العمر سوف أنقل ملكية الشركة إليك في اليوم نفسه .
حسناً ! فكر رافايللو بعبوس سوف يفعل ذلك سوف يقدم عروسه إلى والده يوم ميلاده الثلاثين لكنها لن تكون العروس التي يفكر فيها والده فالعروس التي سيعرفه بها سوف تمنعه من تنفيذ وعيده وهذا كل ما في الأمر .
راح الغضب يعتمل في داخله مرة أخرى أماندا بونهام كانت ستبدو العروس المثالية التي يمكنه مواجهة والده بها كجزاء مناسب على إجباره إياه على الزواج لا شك أنها كانت ستسبب لوالده ارتفاعاً في ضغط الدم فهي فتاة مدللة منذ صغرها ذات شعر طويل يصل حتى خصرها ورأس فارغ لا يهمها سوى المظهر الجميل وإنفاق المال الذي تحصله من عشاقها .
لكنها أفشلت خطته وأعادته إلى البحث من جديد عن عروس يمكنها إثارة سخط والده ومسح تلك الابتسامة المتكلفة عن وجه لوسيا علا العبوس جبينه وفكر أن تنفيذ الوعيد الذي أطلقه في وجه أماندا بدا جيداً في وقته أما الآن فهو يشعر أن إيجاد عروس في غضون أسابيع لن يكون الأمر سهلاً بل إنه يشكل تحدياً حتى بالنسبة إليه .
هبط السلالم بخطوات رشيقة مستعجلة وعلى وجهه تقطيبة وما لبث أن توقف مجفلاً .. هناك طفل نائم في وسط الردهة .
مسحت ماغي الأرض للمرة الأخيرة وتطاولت إلى صندوق الذي يحتوي على مواد التنظيف لتناول علبة معطر الجو إن تنظيف الحمامات في المنازل الفخمة هو عمل ممتع على الأقل فكل ما فيها رائع ولامع ومن النوعية الممتازة بالتأكيد فكرت بجفاء أن الأغنياء يعيشون حياة مختلفة تمتماً ذلك لا يعني أنها رأت أصحاب المنزل على الإطلاق فالذين يقومون بالتنظيف لا يسمح لهم بالقدوم إلا أثناء غياب أصحاب المنازل .
رفعت غطاء علبة معطر الجو وخضتها فأصبحت جاهزة للاستعمال ..
_ ما الذي تفعلينه هنا ؟
الصوت العميق ذو النيرة الساخطة الذي أتى من خلفها جعلها تقفز مجفلة ردة فعلها هذه جعلتها تضغط على معطر الجو بقوة فاندفع السائل الأزرق اللون ليسيل على الأرض الرخامية .
أطلقت ماغي صرخة ملؤها الرعب قبل أن تبعد علبة المعطر وتبدأ بمسح الأرض بإسفنجة التنظيف .
_ أنا أتكلم معك .. أجيبيني ؟
بدا الصوت من خلفها أكثر سخطاً ما جعل ماغي تستدير بسرعة وتحدق بصاحبه .
وقف الرجل في باب الحمام وراح ينظر إليها بادلته ماغي النظر وهي ترمش بعينيها دون أن ترى شيئاً وقد تحول رعبها إلى ما يشبه الهلع من المفترض أن يكون المنزل خالياً هذا ما قالته لها مدبرة المنزل لكن من هن الواضح أن أحد سكان المنزل موجود هنا الآن وهو يبدو ساخطاً تماماً .
تمكنت من القول بصوت متهدج : أنا .. آسفة سيدي .
قالت ذلك مدركة أن عليها إظهار الخضوع أمام شخص كهذا على الرغم من أنها ليست هي المخطئة لوجودها هناك في وقت غير مناسب .
_ قيل باستطاعتي القيام بأعمال التنظيف هذا الصباح .
توتر فم الرجل قائلاً : هناك طفلاً في الردهة !
في مكان ما من دماغها أدركت ماغي أن الرجل ليس إنكليزياً ليس فقط بسبب بشرته السمراء الداكنة بل بسبب تلك النبرة التي تميز صوته إلى حد بعيد أهو إسباني ؟ أم إيطالي ؟
وقفت ماغي على قدميها بطريقة خرقاء إذ لا يمكنها البقاء راكعة على ركبتيها إلى ما لا نهاية .
_ إنه لي .
ظهر في عيني الرجل السوداوين بريق من الغضب الشديد .
_ هذا ما قدرته ما الذي يفعله هنا ؟ لا مكان للأطفال هنا !
طفل في مثل هذا السن يجدر به البقاء في المنزل في مثل هذا الوقت من اليوم أي نوع من الأمهات ه هذه المرأة ؟ من الواضح أنها عديمة المسؤولية ! ابتلعت ماغي ريقها وقالت : أنا آسفة جداً .
انحنت لتحمل الصندوق الذي يحتوي على مواد التنظيف بعد أن ألقت نظرة سريعة على أرضية الحمام لتتأكد من أنها أصبحت لامعة ونظيفة كما يجب .. بعد ذلك تمكنت من القول : سأذهب الآن يا سيدي أنا آسفة جداً لتسببي بإزعاجك .
توجهت نحو الباب فتنحى رافايللو جانباً مفسحاً المجال لها للمرور بدا لها من غير المريح أن تمر بجانبه وهو قريب منها إلى هذا الحد إنه يتمتع بجاذبية هائلة ومن الواضح أنه قد استحم من وقت قصير بينما أمضت هي الساعات في تنظيف البلاط شعرت بأنها متسخة ومتعرقة و أن رائحتها كريهة بسبب عملها لساعات طويلة خرجت بسرعة متوجهة إلى حيث يرقد بنجي في كرسيه فإذا هو ما يزال نائماً حملت كرسي الطفل وعلقته بسرعة على ذراعها .
_ انتظري !
جاء الأمر صارماً فتوقفت ماغي بصورة غريزية استدارت بعد برهة من التردد والكرسي الثقيل الوزن الذي يحمل بنجي معلق بذراعها كان الرجل يحدق إليها ما جعل ماغي تتجمد خوفاً كأنها أرنب تلاحقه الأضواء أو ظبي لمح نمراً يخرج من الأجمة فكرت بصمت : يا رباه ! النجدة ما الذي سيحصل الآن ؟
جالت نظرات رافايللو على الفتاة إنها معتدلة القوام قمحية البشرة ذات شعر بني وملامح غير مؤثرة تغضن أنفه ازدراء وهو يفكر أن رائحتها تعبق بروائح مستحضرات التنظيف لاحظ وجود بقعة من الأوساخ على خدها بدت المرأة في حوالي العشرين من العمر .
وجد نفسه يحدق إلى يديها ولاحظ أنهما تختبئان داخل القفازات المطاطية الصفراء اللون علا العبوس وجهه وعادت إلى نظراته إلى وجهها كانت الفتاة تنظر إليه وعلى وجهها ملامح الخشية والترقب .
_ ليس عليك أن تهربي وكأنك أرنب مذعور .
قال ذلك متعمداً تلطيف نبرته إلا أن ذلك لم يؤثر على تعابير وجهها الخائفة فقد ظلت مسمرة في مكانها متأهبة للخروج وهي تحمل طفلها في إحدى يديها وصندوق التنظيف في اليد الأخرى .
سار رافايللو خطوتين باتجاهها وسألها : أخبريني هل أنت متزوجة ؟
هذه المرأة عادت النبرة الفظة تميز صوته ومع أنه لم يتعمد أن يكون كذلك مطلقا! إلا أن هذا ما حصل ذلك أن جزءاً من دماغه كان يقول له بأنه رجل مجنون تماماً ما دام يفكر بما يفكر به ومع ذلك لم يتراجع رافايللو عما في ذهنه …
ظهر الارتباك في عيني الفتاة كما لو أنه سألها سؤالاً محرجاً إلا أنه عاد يلح عليها : حسناً ! .
لم يبدوا عليها أنها مستعدة للإجابة هزت المرأة رأسها إلا أن نظراتها ظلت ثابتة والارتباك ظاهر فيها تركزت نظرة رافايللو عليها بتصميم أكبر حسناً ! يبدوا أنها ليست متزوجة .. إنه لا يظن ذلك على الرغم من عدم قدرته على رؤية يديها ليتأكد من خلوهما من خاتم زواج وعلى الرغم من وجود الطفل .
لا بأس إن كان لديها طفل صغير .. مهما كانت الأم عديمة المسؤولية ! وعاد يفكر باهتمام أن وجود الطفل أمر جيد أما هي .. لا بأس بها أيضاً ومرة أخرى راحت عيناه تتفحصانها متأملتان مظهرها بأكمله ولاحظ رافايللو شدة إجفالها .
_ أود أن أقدم لك عرض عمل .
صدر عنها صوت أشبه بالتذمر هذا ما استنتجه رافايللو مع أنه فكر أن لا داعي لأن تتذمر مطلقاً سار باتجاه باب يؤدي إلى المطبخ وفتحه وأشار إليها لندخل إلى هنا .
عاد ذلك الصوت إلى حنجرتها مرة أخرى وهذه المرة تراجعت نحو الباب الرئيسي وهي تقول : علي أن أذهب .
مرة على العبوس وجه رافايللو .. في تلك اللحظة بالذات سمع صوت انغلاق أحد الأبواب في الطابق العلوي وفي اللحظة التالية أطلت أماندا وراحت تهبط السلم بقدر ما يمكنها من السرعة وبقدر ما يسمحلها كعبي حذائها العاليين و تنورتها الضيقة وما إن رأت المشهد الواضح أمامها حتى أضاءت وجهها ابتسامة شريرة وقالت بنبرة تقطر سماً عزيزي راف لماذا ؟ أول امرأة تصادفها .. سيكون الأمر صعباً عليك .
وتابعت مقلدة لكنته الإيطالية : وهذا ما حصلت عليه يا له من حظ سيئ !
أجابها الرجل بزمجرة أشبه بزمجرة نمر ما جعل شعر جسمها يقف خوفاً : نعم عزيزتي أماندا إنها مناسبة لي تماماً .
_ إنك تمزح لا بد أنك كذلك !
رمقها رافايللو بنظرة ساخرة مكتفياً برفع أحد حاجبيه الداكنين المقوسين .
_ لا بد أن سيارة الأجرة تنتظرك بالخارج عزيزتي حان وقت ذهابك .
للحظة وقفت المرأة في مكانها وهي تشعر بالذهول فيما الغضب يغلي في داخلها ثم شدت عضلات وجهها وسارت بتصميم نحو الباب الرئيسي مبعدة ماغي عن طريقها قبل أن تفتح الباب .
صاحت ماغي بحدة : انتظري !
وحاولت أن تلحق بها بسرعة .
ما الذي يدفع مالك المنزل إلى سؤالها إذا كانت متزوجة أم لا ؟ ما تفكر به ليس سبباً جيداً على الإطلاق .. ما خطر ببالها هو أمر سيئ |إلى أبعد الحدود لطالما سمعت قصصاً روتها عاملات التنظيف عن أثرياء يجبرونهن على القيام بأعمال وضيعة غير لائقة .
انفجرت المرأة الأخرى في وجهها قائلة : ابتعدي عني أيتها المخلوقة المثيرة للاشمئزاز .
حاولت ماغي بيأس أن تمسك الباب الخارجي إلا أن المرأة أبعدتها عنه بقوة وخشونة .
عاد الصوت ذو اللكنة المميزة ليقول بنبرة هازئة لا تخلو من الغضب : قلت لك أن لدي عرض عمل لك ألا يمكنك التحلي باللباقة الكافية لكي تصغي إلي ؟ إنه عرض سخي وسوف يوفر لك مبلغاً محترماً من المال .
سددت ماغي إليه نظرة ملؤها الرعب يا إلهي ! إنها على حق إنه على وشك أن يقترح عليها أمراً مشيناً .
_ كلا .. شكراً لك .. لا أريد هذا النوع من العمل .
ثم إذا صوتها أكثر حدة : أرجوك دعني أذهب .. أرجوك لقد قمت بواجبي وهذا كل شيء .
فجأة تغيرت تعابير الرجل وكأنه أدرك سبب خوفها الكبير هذا فقال بنبرة صوت جليدية : لقد أسأت فهمي ما أود اقتراحه ليس عملاً شائناً ولا يسيء إليك مطلقاً .
إليك مطلقاً .
حدقت ماغي إليه وقد بهرتها وسامته الفائقة عادت أفكارها إلى الأرض الواقع من المؤكد أن رجلاً بمثل هذه الوسامة لن يقترح على امرأة مثلها إقامة علاقة عاطفية معه بعد أن رأت نفسها من خلال عينيه المليئتين بالازدراء
شعرت بقامتها تتقلص وملأها شعور غامر بالخجل .
فجأة أحست بأن ثقل الصندوق الذي يحتوي على مواد التنظيف قد خف عنها .
_ تعالي إلى المطبخ وسوف أشرح الأمر لك .
جلست ماغي على أحد الكراسي المرتفعة الموزعة على جوانب طاولة الطعام في المطبخ وقد شعرت بأوصالها تتجمد لحسن الحظ أن بنجي ما زال نائماً في كرسيه الخاص الذي وضعته على الأرض .
قالت بنبرة مترددة : كرر ما قلته مرة أخرى .
راح الرجل يعيد ما قاله بنبرته المميزة مشدداً على كل كلمة يقولها :
_ سوف أدفع لك مبلغاً من المال قدره مائة ألف جنيه مقابل أن تتزوجي بي زواجاً شرعياً لمدة ستة أشهر وبعد هذه المدة سنقوم بإجراءات الطلاق بموجب اتفاق مبرم بيننا كل ما عليك القيام به هو أن ترافقيني إلى إيطاليا لأسباب .. قانونية وبعدئذ يمكنك العودة إلى هنا وسوف أتكفل أنا بكافة مصاريف معيشتك وبعد أن يتم الطلاق بيننا سوف تحصلين على مائة ألف جنيه لا أكثر هل فهمت الآن جيداً ؟
كلا ! هذا ما فكرت به ماغي لم أفهم شيئاً كل ما فهمته هو أنك شخص مخبول !
لكن ما بدا لها أن ليس من الحكمة في شيء أن تقول ذلك للرجل الذي يجلس قبالتها إلى الناحية الأخرى من الطاولة فهي تشعر بعدم الارتياح ويخطر لا تفهم كنهه ليس مرد ذلك فقط إلى ذلك الاقتراح الغريب الذي قدمه لها الرجل لتوه بل لأنه هو نفسه أكثر الرجال وسامة بين الذين رأتهم على الإطلاق سواء كان ذلك وجهاً لوحه أو عن طريق المجلات وبين صفحاتها .. إنه نحيف القامة ذو مظهر جذاب بسماته الإيطالية الواضحة التي تحيط به هالة من القوة تمنع ظهور الرقة في ملامحه حسناً ! إنه يتمتع بجمال رجولي أخاذ كما أن رموشه الطويلة المحيطة بعينيه ذات اللون الأسود البركاني تضفي على وسامته جاذبية خطيرة .
_ أنت لا تصدقين ما أقوله أليس كذلك ؟
حشرها سؤاله في الزاوية ولم تعرف بما عليها أن تجيبه كل ما استطاعت القيام به هو فتح فمها ثم اقفاله ثانية .
التوى فمه بابتسامة مشدودة فتغيرت تعابير وجهه شعرت ماغي بشيء ما يتفجر بداخلها لكنها لا تملك الوقت الآن لتعيره انتباهها عاد الرجل ليتحدث إليها مرة أخرى : أنا نفسي أعرف أن ما أقوله هو .. غاية في الغرابة لكن مع ذلك …
بسط يديه فوق الطاولة ما جعل ماغي تلاحظ كم هما جميلتان فهما طويلتان وهما تتميزان بالقوة على رغم من تلك الأظافر التي تمت العناية بها جيداً تابع يقول : هذا ما أفعله علي أن أجد زوجة لي في أقرب وقت ممكن وذلك لأسباب خاصة جداً .
حتى صوته لم يكن يخلو من الأناقة والجاذبية ما جعل ماغي تشعر بالخجل لافتقارها إلى تلك الجاذبية أمام هذا الرجل الذي يبدوا في منتهى الجاذبية عاد الرجل يقول موضحاً : ربما يجدر بي إيضاح نقطة هامة هذا الزواج سيكون اسمياً فقط أخبريني هل تملكين زواج سفر ؟
هزت ماغي رأسها نفياً فظهرت على وجه الرجل لمحة من الاستياء إلا أنه ما لبث أن حرك يده بلا اهتمام قائلاً : هذا لا يهم يمكن ترتيب مثل هذه الأمور بسرعة والآن ماذا بشأن والد طفلك ؟ هل ما زال موجوداً في حياتك ؟
بحق الجحيم ما الذي يمكنها أن تقوله ؟ فكرت ماغي بقول شيء ما إلا أنها فشلت فشلاً ذريعاً .
_ لا أظن ذلك .
قال رافايللو هذا وكأنه قد فهم الأمر من صمتها وعدم قدرتها على الرد عن سؤاله ثم تابع : هذا أمر جيد فهكذا لن يستطيع التدخل بمشروعنا هذا .
شملها بنظراته القاتمة وكأنه اتخذ قراراً نهائياً بهذا الأمر وعاد يقول : إذاً لست أرى أي عوائق تمنعك من الموافقة على اقتراحي .. من الواضح أنك مناسبة تماماً .
تملك الذعر ماغي إنه يتحدث عنها وكأنها ليست سوى علبة فارغة من العصير تتدحرج على الأرض عليها أن توقف هذا الهراء في الحال إنه جنون !
_ أرجوك …
توقفت قليلاً عن الكلام ثم تابعت القول : أنا لست مناسبة البتة .. حقاً .. أنا آسفة لكن علي أن أغادر الآن لأني تأخرت لدي منازل أخرى بحاجة لتنظيف .
لم يكن ذلك صحيحاً بالطبع فهذا المنزل كان الأخير لكن لا داعي لأن يعرف ذلك .
جاء صوته ناعماً كالحرير حين قال : إذا وافقت على عرضي هذا فلن تضطري إلى تنظيف المزيد من المنازل بعد اليوم بالنسبة إلى امرأة لها خلفيتك الاجتماعية ذلك سوف يوفر لك ظروف عيش مريحة تماماً إذا كنت حريصة في الإنفاق فسوف تعيشين لعدة سنوات في بحبوحة تامة مقابل ما سأدفعه لك خلال ستة أشهر من حياتك .
قفزت الكلمات إلى ذهنها ! ما الذي قاله هذا الرجل بحق الجحيم ؟ تحدث عن مائة ألف جنيه .. لا يمكن أن يكون ذلك صحيحاً إن التفكير بمثل هذا المبلغ أقوى من طاقتها مع هذا المبلغ سوف تتمكن من مغادرة لندن يمكنها أن تشتري شقة بل منزلاً صغيراً .. أن تستغني عن الدعم المالي الذي يوفره لها مكتب الشؤون الاجتماعية
أن تتوقف عن العمل .. أنم تجد الوقت الكافي لرعاية بنجي كما يجب .. يمكنها القيام بمشاريع للمستقبل .
في الجهة المقابلة من الطاولة ضاقت عينا رافايللو وهو يفكر أنها ابتلعت الطعم كما أراد تماماً بإمكانه أن يرى ذلك لقد عمل جاهداً كي يصل إلى تلك النقطة .. بذل جهداً اكثر مما كان يتصور لكنها بدأت تتجاوب أخيراً .
يا إلهي ! قد يصاب والده بذبحة قلبية عندما يعرف أن ابنه تزوج من امرأة لديها طفل في سنته الثانية وهي تعمل في تنظيف المراحيض وتبدو أقذر من مؤخرة حافلة ركاب لكن ذلك سيلقنه درساً قاسياً . .
رأت ماغي بريق الانتصار في عينيه السوداوين مما جعلها تتراجع لا بد أن تكون مجنونة لتقتنع بمجرد التفكير بما يعرضه عليها مائة ألف جنيه .. إن الأمر غير معقول إنه جنوني ! جنوني بقدر ما هي مسألة زواج امرأة مثلها من رجل مثله ..
قالت بسرعة : يجب علي الذهاب حقاً .
ووقفت على قدميها لكن يبدوا أن بحركتها هذه اصطدمت بكرسي بنجي لأن هذا الأخير استيقظ وبدأ بالبكاء انحنت ماغي وراحت تدغدغ خديه قائلة : لا بأس يا بنجي أمك هنا.
توقف الطفل عن البكاء ومد يده نحوها يتلمس وجهها وسرعان ما راح يتحرك متململاً محاولاً التملص من الأربطة التي تثبته في كرسيه .
_ انتظر يا صغيري نحن ذاهبان في الحال .
قالت ماغي له ذلك وهي ترفع الكرسي لتحملها على ذراعها ثم لوت ساقها لتحافظ على توازنها وهي تلتقط الصندوق لتحمله في يدها الأخرى ثم قالت بارتباك : سوف .. سوف أخرج الآن .
قالت ذلك للرجل الذي طلب منها لتوه الزواج به والذي ما زال جالساً إلى الجهة الأخرى من الطاولة وهو يراقبها بعينين أشبه بعيني قناص .
_ مائة ألف جنيه ! لا مزيد من التنظيف .. لا مزيد من حمل طفلك إلى هنا وهناك على هذا النحو .. إنها ليست حياة ملائمة له .
نزلت كلماته كالحجارة على مسامعها فدمرت ما تبقى من رباطة جأشها فجأة قالت بصوت أجش : هذا ليس صحيحاً لا يمكن |أن يكون كذلك إنه مجر هراء هذا الأمر برمته .
التوى فمه بتلك الابتسامة غير المرحة مرة أخرى وقال : لدي الشعور نفسه إن كان ذلك يريحك …
النبرة التي رافقت كلماته جعلتها ترتجف لكن ما الذي يمكنها قوله ؟ لا شيء يمكنها فقط غادرة المكان خرجت من ذلك المنزل كأنها خفاش يخرج من نار جهنم .
كان صوت الموسيقى يصدح عاليا ً مسبباً الارتجاج في الجدران الغرفة الصغيرة الضيقة أما ماغي فراح ضجيج الموسيقى يضج في رأسها ما سبب لها الصداع طيلة النهار وذلك منذ مغادرتها منزل ذلك الرجل المجنون .
مائة ألف جنيه .. ظلت تلك العبارة تضج في أذنيها تماماً كما يضج صوت الموسيقى الصاخبة الآتية من الشقة المجاورة مذكراً إياها بقسوة بحياتها المليئة بالفقر والكدح والمصاعب .
هل ستتمكن يوماً من الحصول على منزل يخصها وجدها ؟ لقد أدرج مجلس الولاية اسمها على لائحة الذين يحتاجون إلى مأوى خاص بهم وأثناء ذلك ستبقى ملتصقة بهذا المكان الكئيب القذر لم يكن الأمر بهذا السوء
عندما كان بنجي صغيراً لكنه الآن بات بحاجة إلى مكان أكثر اتساعاً .. إنه بحاجة إلى بيت حقيقي هذه الغرفة ليست منزلاً حقيقياً ولا يمكن اعتبارها كذلك إنها مجر مكان يأويان إليه فقط .
مع أن موظف الرعاية قد لمح لها ذات يوم قائلاً : من الصعب جداً من ان تتمكني من تربية الطفل بنفسك آنسة جونز على الرغم من المساعدة التي تتلقينها من الأفضل لك ان تتخلصي من هذا العبء وهكذا تتمكنين من الاعتناء بنفسك . هذا العبء ! وقعت الكلمة على رأسها كالصاعقة ما جعلها تقف وهي تحمل طفلها المولود حديثاً بين ذراعيها قائلة بنبرة متوترة : بنجي سيبقى معي .
من خلال الجدران المتقاربة كانت تسمع باستمرار صوت الموسيقى المرتفع . لا أحد من السكان يجرؤ على الشكوى فذلك الرجل في الشقة المجاورة شرير ومتسلط الطباع والجميع يعرف هذا على أي حال من المحتمل أن يمل مما يسمعه فيوقف هذه الموسيقى المزعجة إلا أن هذا كان يحصل مع ساعات الصباح الأولى فلا عجب إن كان بنجي لا يستطيع النوم جيداً خلال الليل .
ومع أن الساعة قد تجاوزت الثامنة مساءاً فماغي تدرك أن من الصعب أن تحمله على النوم لذا تركته يلهو بألعابه ها هو جالس في سريره القماشي بالقرب منها وهو يبدو سعيداً وهو يضع الحلقات البلاستيكية في مكانها على المخروط المخصص لها بحيث يهتف جذلاً حين يضع كلاً منها في مكانها المخصص يا لها من لعبة جيدة ! كم سرت ماغي حين وجدتها في أحد المحلات التي تقدم المساعدات الخيرية ألعاب بنجي وثيابه بالإضافة إلى ثيابها أيضاً ومجمل ممتلكاتها هي من الأسواق الخيرية ومؤسسات الإحسان .
فيما هي تلعب معه محاولة تجاهل الموسيقى الصاخبة راح ذهنها يدور ويدور وهي تفكر بذلك اللقاء الصباحي غير المتوقع والخارج عن المألوف .
هل حدث ذلك حقاً ؟ ذلك الرجل الذي يبدو صورة مثالية عن المليونير الذي تحلم به كل امرأة هل عرض عليها حقاً أن تتزوجه لمدة ستة أشهر مقابل مائة ألف جنيه ؟ ذلك هو الجنون بعينه ولا يمكن أن يكون قد حصل ..
طرقة على بابها جعلتها تجفل من سريره تطلع بنجي بتساؤل حوله عادت الطرقة مرة أخرى …
_ الآنسة جونز ؟
بدا الصوت مكتوماً وبالكاد تمكنت من سماعه بوجود ذلك الصخب الآتي من الشقة المجاورة أيكون هذا مالك المبنى ؟ من عادته أن يقوم بجولة من حين لآخر ليتفقد ملكيته فهو يجني مبلغاً مادياً جيداً من هذا المبنى ونجح في التهرب من الضرائب مشت نحو الباب باحتراس شديد لقد أضافت بنفسها سلسة حديدية من الداخل إلى قفل الباب فهي لا تشعر بالأمان في هذا المكان الذي يقطنه أمثالها من الفقراء .
ألقت ثقلها على الباب وفتحته قليلاً مبقية السلسلة مكانها استعداداً لدفعه بجسمها و اقفاله عند الحاجة إلى ذلك .
_ نعم ؟
_ أنا رافايللو دي فيسنتى تكلمنا معاً هذا الصباح أرجوك كوني لطيفة معي ودعيني أدخل .

 
 

 

عرض البوم صور Lovely Rose  
قديم 30-11-08, 02:51 PM   المشاركة رقم: 3
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس فعال جدا


البيانات
التسجيل: May 2006
العضوية: 5844
المشاركات: 413
الجنس أنثى
معدل التقييم: Lovely Rose عضو له عدد لاباس به من النقاطLovely Rose عضو له عدد لاباس به من النقاط
نقاط التقييم: 140

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
Lovely Rose غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : Lovely Rose المنتدى : الارشيف
افتراضي

 

2 _ معاً فوق السحاب

ذهولها التام هو ما دفعها لتطيعه ما إن فتحت الباب حتى شعر رافايللو بارتياب مفاجئ هل يمكنه المضي بذلك حقاً ؟ هل يمكنه أن يتزوج هذه .. هذه .. راح يبحث عن الكلمة المناسبة نعم هذه الخادمة ؟ أيفعل ذلك مهما كانت الأسباب ؟ رؤيتها مرة أخرى جعلته يدرك حالة الفاقة المزرية التي تعيشها كانت ماغي ترتدي قميصاً متهدلاً وبنطلون واسع أما شعرها البني فمضموماً إلى الوراء برباط مطاطياً وقد بدا وجهه نحيلاً وأحاطت هالات سوداء في عينيها باختصار يمكنه القول أنها أقل النساء جاذبية ممن وقعت عليهن عيناه على الإطلاق .
حسناً ! هذا ما يجعل منها مناسبة لتلك المهمة إنها النقيض لأماندا خياره الأول و الآن بدلاً من أن يصطحب معه إلى المنزل فتاة فائقة الجاذبية فارغة الرأس سوف يصطحب هذه المرأة القبيحة مع طفلها ! قد يكون ذلك أفضل بكثير إن لم يكن الأفضل على الإطلاق بالإضافة إلى ذلك فإن هذه المرأة هي بالتأكيد أكثر عوزاً للمال من أماندا خطرت له هذه الفكرة ما إن ألقى نظرة على هذا المكان السيء الذي تعيش فيه . أخيراً استقرت عيناه على الطفل الذي يجلس في سريره وينظر إليه بعينين متسعتين ذات لون بني كلون الشوكولا .
_ ماذا .. ماذا تفعل هنا ؟ وكيف .. كيف عرفت أين أسكن ؟
تمتمت الفتاة بتلك الكلمات متلعثمة وبدا واضحاً أنها في حالة من الصدمة سار رافايللو إلى الداخل وأغلق الباب خلفه فتراجعت ماغي إلى الوراء لتحول بينه وبين طفلها .
قطب رافايللو جبينه يا إلهي هل تظن أنه قد يسبب الأذى لابنها ؟
قال لها بنبرة جافة : لا داعي لان تصابي بالذعر آنسة جونز أخذت عنوانك من وكالة الاستخدام التي تعملين لديها هذا كل ما في الأمر وانتظرت طيلة النهار لآتي وأتحدث إليك ثانية لكنك لم تأتي إلى هنا إلا منذ وقت قصير أين كنت طيلة الوقت ؟
لقد جعل الأمر يبدوا وكأنها تغيبت عن المنزل دون مبرر .
قالت ماغي بنبرة مستسلمة : كنت في الخارج .
وقفت بالقرب من سرير بنجي بشكل يسمح لها بحمله والهرب به بسرعة إذا ما اضطرت إلى ذلك ثم تابعت تقول : أنا لا أمضي الكثير من الوقت هنا .
أصدر زائرها صوتاً يدل على السخرية من حنجرته ثم قال وهو ينظر حوله : هذا ما فهمته بنفسي من أين يأتي صوت الموسيقى الصاخب هذا ؟
_ من الغرفة المجاورة إنه يحب الصوت المرتفع .
_ لكنه أمر لا يمكن احتماله .
_ نعم .
وافقته ماغي وهي تفكر أنها تتحمله على الرغم من هذا وكذلك يفعل كل من في المبنى كانت ما تزال في حالة صدمة وهي تعلم ذلك .
كانت قد أوشكت على إقناع نفسها بأن ما حصل في الصباح لم يكن سوى أوهام من نسج خيالها والآن ها هو الرجل يقف إلى جانبها كأنه خارج من الحلم .
رافايللو دي فيسنتى .. راح الاسم يرن في رأسها مدغدغاً حواسها هذا الاسم يناسبه تماماً أدركت ماغي ذلك وهي تتأمل هيئته الإيطالية المهيبة التي تدل على الثراء والرجولة رمشت بأجفانها بعد ان أدركت أنها كانت تحدق بالرجل حتى كادت تلتهمه بنظراتها سار الرجل باتجاه الطاولة التي تستخدمها كطاولة طعام ولكافة الاستخدامات الأخرى أيضاً فوضع حقيبته الجلدية المليئة بالمستندات وما لبث أن أخرج منها مجموعة من المستندات .
_ لدي هنا الوثائق الضرورية أرجو منك أن تقرئيها قبل التوقيع عليها .
ابتلعت ماغي ريقها : أنا لن أوقع على أي شيء سيد فيسنتى .
_ دي فيسنتى وأنت ستصبحين السنيورا دي فيسنتى يجدر بك أن تتعلمي لفظ الاسم بصورة صحيحة .
شعرت ماغي فجأة بتعرق راحتي كفيها فمسحتهما بجانب بنطلونها .
_ حسناً سيد .. دي فيسنتى أنا .. أنا لا أظن أن بإمكاني مساعدتك حقاً .. ! إن الأمر غريب بالنسبة لي …
فتشت في أنحاء ذهنها يائسة كي تجد عبارات مناسبة لتقول له أن الأمر كله مربك بالنسبة إليها وإنها لن تقدم على مثل هذا الأمر .
ارتفع حاجباه المقوسين وردد قائلاً : غريب ؟
ثم أومأ بسرعة وتابع يقول : نعم إنه كذلك آنسة جونز لكن كما سبق وقلت لك هذا الصباح ليس لدي خيار آخر .. إن الأمر يتعلق ب‘دارة شركة الأسرة شركة فيسنتى .. لا أعتقد أن معرفة التفاصيل تهمك لكن لدي أسباب كافية تجعلني أقدم على زواج مؤقت وفق شروط محددة لكن هذا الزواج سيكون شرعي تماماً لسوء الحظ أنا مضطر على هذا الزواج المؤقت .
انفجرت ماغي قائلة : لما اخترتني أنا ؟ رجل مثلك يستطيع الفوز بأي امرأة .
تقبل رافايللو إطراءها هذا كأنه تقرير للواقع ليس أكثر .
_ فكري بعرضي هذا ليس كعرض زواج بل كوظيفة وظيفة مؤقتة آنسة جونز .
ثم غدا صوته أكثر جفاء وهو يتابع قائلاً : هذا هو الأمر الذي لم تستطع .. المرشحة السابقة لهذا الزواج تقبله .
حرك يديه بإيماءة تدل على جذوره الإيطالية بوضوح وأنهى كلامه قائلاً : إنها المرأة التي رأيتها صباحاً .
_ هل كنت على وشك الزواج منها ؟
_ نعم لكنها لسوء الحظ .. انسحبت في اللحظة الأخيرة من هنا برزت حاجتي إلى إيجاد بديلة لها فأنا مضطر إلى الزواج بأقرب وقت ممكن .
عادت ماغي تقول بإصرار: لكن لم اخترتني أنا ؟
كانت لا تزال ترى بأن عرضه مناف للعقل لكن معرفتها بأنه كان على وشك خوض هذا الزواج الغريب مع تلك الحمقاء التي رأتها تخرج من منزله بشكل عاصف جعل الأمر قابلاً للتصديق .
لكن رغم ذلك فإن اختياره لها كبديل عن تلك المرأة بقي أمراً لا يصدق فبعد كل شيء من المؤكد أن رجلاً مثله يعرف العديد من النساء الأخريات المخولات لزواج مماثل .
_ اخترتك لأن هناك فارقاً أساسياً بينك .. وبين امرأة مثلها أماندا تريد ذلك المال أما أنت …
توقف عن الكلام قليلاً ونظر نحوها وكأن عينيه تمكنتا من رؤية ما في قلبها ثم تابع يقول : أما أنت فبحاجة لهذا المال ما يجعلك أكثر واقعية تجاه المسألة .
تسمرت ماغي بمكانها أما هو فتابع كلامه بكل قسوة : أنت فعلاً بحاجة إلى ذلك المال آنسة جونز تحتاجينه بشدة لتنقذي نفسك .. وتنقذي طفلك أيضاً .
روعتها نظرات عينيه الداكنتين وبدا لها كأنه الشيطان نفسه يحاول إغرائها باغراءات تفوق طاقتها .
_ لا يمكنك متابعة العيش هنا تعرفين أنك لا تستطيعين عليك الخروج من هنا والمال سيؤمن لك هذا إنه بمثابة إنقاذ لحياتك وحياة ابنك اقبلي .. اقبلي المال الذي أعرضه عليك .
شحب وجه ماغي وتمكن رافايللو من رؤية قسماتها تتغير لقد طرح إيجابيات عرضه دون شفقة كأنه يقوم بعرض صفقة تجارية صعبة خرجت كلماته كسوط يجلد كل زاوية من منزلها البالي .
_ إنني أحمل مفتاح حياة جديدة .. مستقبل جديد .. مقابل أربع أسابيع من حياتك هذا كل ما أطلبه في المقابل تمضين شهراً برفقتي ثم تعودين حرة من جديد حرة مع مال كاف لإخراجك من هذا المكان إلى الأبد .
راح يحدق في عينيها بنظرات ثاقبة لم تستطع ماغي التفكير أو الإحساس بأي شيء بل بالكاد تمكنت من التنفس .
_أنا … أنا لا أعرف ممن أنت .. يمكنك أن تكون أي شخص ..
تلاشى صوتها قبل أن تكمل .
ارتفع ذقنه بغطرسة بدت متأصلة في جيناته وتمكنت ماغي من رؤية ذلك .
_ أنا رافايللو دي فيسنتى عائلتي من أكثر العائلات احتراماً وعراقة و أنا المدير التنفيذي لشركة فيسنتى وهي شركة تقدر بأكثر من أربع مائة مليون يورو أنا لا أضطر عادة إلى إظهار أوراقي الثبوتية للتعريف عن نفسي .
بتلعت ماغي ريقها وتمتمت قائلة : نعم حسناً ! لكني في الواقع لا أنتمي إلى هذا الوسط الاجتماعي كي تكون معروفاً لدي .
تابع رافايللو كلامه بالنبرة المتغطرسة ذاتها : إن العرض الذي أقدمه لك هو بالضبط ما حاولت تلخيصه لك ليس هناك أي نوايا خبيثة أو خدعة ما مخبأة وراء كلامي يمكنك من التأكد من ذلك من خلال التحدث مع محامي إن أردت .
وأشار بيده نحو الطاولة متابعاً : إن ما ستقرئينه في هذه الأوراق هو بالضبط ما ستحصلين عليه والآن أرجوك أخبريني ما الذي يمنعك من التوقيع على الأوراق ؟
حدقت ماغي به بشراسة وفكرت لا يمكنها الزواج برجل مثله غني ووسيم إلى هذا الحد لا يمكنها أن تتزوج من رجل يبدوا وكأنه قفز من إحدى مجلات أخبار المشاهير مهما كان سبب الزواج ومدته يبدو الأمر جنونياً وغير عقلاني .. إنه ..
سمعت ماغي صوت بكاء قطع عليها حبل أفكارها يبدو أن بنجي سئم من لعبة أحجار البناء البلاستيكية فهدم ما كان قد بناه وبدأ بالصراخ بشكل آلي اتجهت ماغي نحو السرير لترفع بنجي بين يديها فتوقف عن البكاء واستدار ليراقب ذلك الرجل الغريب الذي يقف في وسط الغرفة ضمته ماغي إلى صدرها وشعرت بدقات قلبه القوية فوق جسدها .
قال رافايللو بهدوء : مائة ألف جنيه فكري .. فكري بما ستتمكنين من القيام به بهذا المبلغ الضخم .
بدأ جسد ماغي يرتجف أرادت بيأس أن يرحل رافايللو حالاً .. أن يأخذ محفظته وحقيبة يده الغالية الثمن ويخرج قبل أن يغويها كالشيطان نفسه .
_ لن تفعلي هذا من أجلك بل من أجل طفلك .
أغمضت عيناها محاولة عدم سماع صوته الناعم المغري .
_ إذا خرجت الآن ولم أعد أبداً كيف ستتمكنين من المضي في حياتك وأنت تعلمين أنك رفضت الفرصة الوحيدة لإخراج طفلك من هذا المكان المزري إلى الأبد ؟
كان جسدها مازال يرتجف فأخذت تحتضن طفلها بقوة أكبر حتى بدأ بنجي يحتج مبدياً انزعاجه .
_ أربع أسابيع ليس أكثر .. في منزل عائلتي في إيطاليا وهو منزل محترم جداً آنسة جونز أؤكد لك ذلك .. وبعدها تصبحين حرة .
قالت بصوت مرتفع سيأتي بنجي برفقتي .
فتح رافايللو يديه وقال : بالطبع سيأتي الطفل معك .. هذا أساسي .
لم يكن عليه أن يشرح لها لما على عروسه أن تصل برفقة طفل لا والد له سحب من جيب سترته الداخلي قلماً مطلياً بالذهب رفع عنه الغطاء وقدمه إليها قائلاً : عليك فقط أن توقعي الأوراق هيا … !
لم تستطع مقاومة نبرة صوته الاستبدادية .. تحركت ببطء وكأنها تسير في نومها وأعادت بنجي إلى السرير متجاهلة بكاءه واحتجاجه المستمر تصدق أن ما يحصل حقيقي .. فكرت أنها ستستفيق وفي أي لحظة لتكتشف أنها تحلم ليس إلا .
قدم القلم إليها فأخذته وكأنها تحت تأثير مخدر نظرت نحو الطاولة حيث راح رافايللو يقلب صفحات المستند حتى وصل إلى الصفحة الأخيرة فمد إصبعه ليدلها أين توقع .
سال الحبر من القلم الذهبي فوق الورق راسماً خطوطاً منحنية مصقولة ناعمة رغم ارتجاف يدها وهي توقع بدا لون الحبر في ضوء نهاية النهار كلون الدماء وحين سلمته الأوراق وهو يقف إلى جانبها كشبح شيطاني داكن شعرت بأمواج الضعف والوهن تسري في داخلها .
ما الذي فعلته ؟ آه يا إلهي ! ما الذي فعلته ؟
لكن .. مهما كان الأمر لقد فات أوان الندم .
جلست ماغي تحدق من النافذة المكورة نحو الغيوم المضاءة بنور الشمس فيما بنجي نائم في حضنها لقد عانى الطفل من الأرق منذ إقلاع الطائرة لكنه خلد أخيراً إلى النوم .
نظرت بلمحة سريعة عبر الممر الضيق للطائرة نحو رافايللو دي فيسنتى رأته يقلب أوراقاً وضعها أمامه على الطاولة وقد بدا منشغلاً جداً لم يكن هناك أي ركاب آخرين غيرهم على متن الطائرة الخاصة الفخمة وهي تتوجه نحو أوروبا يا لها من تجربة غريبة لماغي التي لم تسافر في حياتها من قبل !
منذ ذلك المساء الذي وقعت فيه الأوراق حتى اليوم لم ترى ماغي رافايللو أبداً كلف أحد موظفيه الصغار أن يؤمن مستندات الزواج ويصطحبها لتسجيله رسمياً وإعداد جوازي سفر لها و لبنجي .
مرت مراسم الزواج بشكل سريع يدعو إلى السخرية كان عليها قول بعض الجمل في أوقات محددة وهذا ما قامت به لكنها الآن وهي تجلس محدقة نحو الغيوم لا تتذكر سوى رجل صاحب قامة طويلة يقف إلى جانبها وصوت عميق ذو لهجة غريبة يتكلم معها ومع أمين السجل وهذا كل ما في الأمر .
لكن اللحظة الوحيدة التي لم تنسها هي حين قام ذلك الرجل بإمساك يدها ووضع خاتم الزواج في إصبعها في تلك اللحظة شعرت بتيار كهربائي يسري في جسدها ربما كانت لمسة يده الباردة هي السبب ليس إلا بعد ذلك طلب منها القيام بالأمر نفسه وأدركت أنها لن تتمكن من القيام بذلك إلا بصعوبة وقد أخذت يداها ترتجفان دون إرادتها .
تدبرت ماغي هذا الأمر لكن صوت بنجي في الغرفة المجاورة حول انتباهها كلياً عن متابعة المراسم وحالما تمكنت ركضت خارجاً إلى بنجي ورفعته بين ذراعيها ثم أتى رافايللو وقال بلطف ولكن دون أي نبرة شخصية ودودة : إن كنت جاهزة فإن علينا الذهاب .
أقلتهما سيارة ليموزين إلى مطار هيثرو ولم يقل لها زوجها الجديد أي كلمة باستثناء سؤالها بالنبرة السابقة نفسها إن كانت مرتاحة وإن كانت قد حصلت على كل ما طلبته .

استنتجت ماغي أنه كان شارداً مثلها تماماً خلال المراسم

.تزايد شرودها وتعبها الذهني عمقاً وقالت لنفسها سيري مع التيار راحت تلمس شعر بنجي الحريري بيدها وهي تحدق مجدداً بالنافذة علمت أن الصدمة هي التي ساعدتها على متابعة المهمة لكن رغم لا مبالاتها وفقدانها الإحساس بالأمور كانت تشعر ببعض الإثارة فبغض النظر عن الظروف الغريبة إنها المرة الأولى التي تسافر فيها خارج البلاد .
إيطاليا ! هل هي حقاً مسافرة إلى هناك ؟ منذ أن وافقت على الزواج من رافايللو دي فيسنتى قامت بجمع أكبر عدد من الكتب لأخذها معها إلى إيطاليا أصبح الكتاب عزائها الأخير منذ أن اكتشفت أن الطريقة الوحيدة للابتعاد عن الواقع فهو يأخذها إلى أماكن سحرية حيث يوجد أشخاص رائعون ..
نظرت ماغي إلى تلك السحب المشعة حيث يمتد عالم خفي يرتفع عالياً فوق الأرض وعادت إليها ذكرياتها مع كايس تجهم وجهها فجأة فرغم أنها تشعر بالأسف على طفل هجره أهله كلياً إلا أنها ترى نفسها محظوظة مقارنة بكايس فهي كانت ضعيفة جداً ذات عظام ركيكة وعينين واهنتين بسبب المعاملة السيئة لذا أخذوها من زوج والدتها المدمن ووالدتها السيئة .
تحرك بنجي بين ذراعيها فانحنت ماغي وقبلت شعره الداكن بلطف وقلبها يفيض حباً وعطفاً رفعت بصرها مجدداً نحو النافذة وفكرت أنها أصابت بقبول هذا الزواج الغريب فمهما بدا الأمر غريباً لقد فعلت ذلك لأمر مهم جداً .. من أجل بنجي !
لأول مرة منذ أن قلب رافايللو حياتها رأساً على عقب شعرت ماغي بالهدوء والراحة .
تنعمت بتلك الراحة حتى وصلت الطائرة إلى المطار الإيطالي الذي يعج بالناس أخذ بنجي يبكي ويصرخ مجدداً حين سدت أذنيه مجدداً بسبب تغير الضغط الجوي عند الهبوط في بيزا .
ضغطت على ظهرها يد بإلحاح ولكن ليس بخشونة إنه الرجل الذي تزوجت به منذ بضع ساعات يحاول إرشادها إلى الطريق الصحيح .
_ من هنا .
شقا طريقهما خارج المطار حيث كان هناك سيارة ليموزين ضخمة في انتظارهما خلال لحظات قليلة أصبحا في داخلها وقادهما السائق نحو زحمة الطريق ..
استغرقت الرحلة أكثر من ساعة في السيارة وبعد أن قطعا الشوارع المزدحمة أصبح القسم الأخير منها رائعاً .
حدقت ماغي من النافذة لتشبع ناظريها بمناظر توسكانا الخلابة بعيداً عن ضجيج لندن وشوارعها الممطرة وبينما سارت بهم السيارة أخذت تدل بنجي الذي وضع كرسيه قرب النافذة تماماً على أشياء في الخارج وهي تنحني فوقه وقد رأت ذلك فرصة لتبعد المسافة بينها وبين الرجل الذي يحتل الجهة الثانية من السيارة الضخمة .
راقبت إشارات الطرقات المكتوبة بالإيطالية والسيارات التي تسير على الجهة الخاطئة من الطريق بالمقارنة مع لندن بعد قليل لاحظت أن السيارة بدأت بالصعود متجهة نحو الجبل كانت أشعة الشمس منتشرة فيتلك الأنحاء تغمر أشجار السرو والبيوت الحجرية التي تتناثر هنا وهناك في القرى الجبلية وحولها امتدت حقول الزيتون والعنب حيث تسرح قطعان الماعز والخراف .
أخيراً وبعد أن أصبحت الطريق ضيقة تماماً وتلاشت الزحمة تباطأت سرعة الليموزين وانعطفت لتدخل بوابة حديدية ضخمة في تلك اللحظة سمعت رافايللو يعلن ؟: ها قد وصلنا !
نظرت ماغي نجوه بشكل خاطف بدا وجهه خالي من التعابير وقد ظهر عليه التوتر ما جعلها تشعر بالتوتر أيضاً .
وكأنما رافايللو قد قرأ توتر أعصابها فتكلم فجأة : كوني هادئة ! ليس هناك ما تخافين منه بالنسبة لك هذه مجرد وظيفة أرجوك تذكري هذا .
أتراها تتخيل أم أنه فعلاً بدا متجهماً وقد ظهر الغضب في صوته ؟ نظر إليها بتجهم ثانية ما أثار قشعريرة في جسدها لكن ماغي شعرت أن غضبه ليس موجهاً نحوها هي بالذات بل كان سبب اضطراره للزواج بغض النظر عن هوية الزوجة .
وقفت السيارة أمام فيلا ضخمة تشبه قصراً كبيراً فاتسعت عينا ماغي أمام روعتها إنها فيلا ذات طابع تاريخي أصيل حجارتها القديمة تغير لونها بسبب العوامل الجوية وقد انتصب بابها الخشبي الضخم عالياً أما الطريق إليها فقد امتدت خلفها متجهة نحو الغابة والتلال القريبة .
رفعت ماغي بنجي بحذر من السيارة وحملته فوق خصرها وكان قد استيقظ منذ فترة بسبب حركة السيارة القوية وهي تجتاز الطرق الوعرة .
شعرت كأن هواء بعد الظهر الدافئ بمثابة نعمة لها بعد تعودها على هواء المكيف في الليموزين وذلك لما لفحتها حرارة الهواء كانت ترتدي فستاناً قطنياً فضفاضاً وهو الثوب الذي رأته مناسباً للرحلة رغم أن سعره لا يتجاوز الجنيهات الخمس ورغم أن طرازه يناسب امرأة في الخمسين أكثر مما يناسبها لكن ذلك لا يهم فلو كان لدى رافايللو أي اعتراض لقدم لها بديلاً عنه .
حين أصبحا بالقرب من الباب فتح الباب وخرج منه رجل كبير السن يرتدي قميصاً وسترة طويلة وفهمت ماغي أنه كبير الخدم .
رحب الخادم برافايللو ومع أنها لم تفهم كلمة مما قاله لكنها علمت أنه لم يكن يتوقع قدومه وبالتأكيد قدومها أيضاً .
تبع ذلك المزيد من العبارات الإيطالية السريعة لاحظت ماغي ردة فعل الخادم و تعابيره المصدومة حين رآها وبنجي وقد بدا غير موافق أبداً على ما حدث .
أصبح الجميع داخل المنزل الآن التفت رافايللو نحوها ليقول بصوت عادي جداً دون إبداء أي اهتمام شخصي : لا بد أنك مرهقة وكذلك الطفل أنا واثق من أنك ترغبين أن ترتاحي بعض الوقت .
أكملوا طريقهم صعوداً عبر درج ضخم نحو الطابق الثاني ولم تستطع ماغي منع نفسها من التحديق حولها بذهول تام فالمنزل من الداخل بدا جميلاً بقدر جماله من الخارج جدرانه البيضاء مزينة بالرسوم الزيتية الفخمة وأرضه من الرخام الغالي الثمن أما درابزين الدرج فمصنوع من الحديد المزخرف بدقة بدا كل شيء تاريخياً وباهظ الثمن ولا يشبه الشقق العصرية الفخمة التي كانت تقوم بتنظيفها .
لم تصدق ماغي ما كان يحدث هل ستعيش حقاً في ذلك المكان الفخم لعدة أسابيع ؟
أخذها رافايللو إلى إحدى الغرف الكبيرة ومجدداً أخذت تنظر حولها بذهول غطى معظم مساحة الغرفة سرير خشبي ضخم مزخرف بالإضافة إلى بعض المفروشات فرشت الأرض سجادة عجمية رائعة أما النافذتان الموجودتان في الغرفة فقد تدلت فوقهما ستائر سميكة تنسدل على طول الحائط …
أعلمها رافايللو بنبرته الجافة المعتادة : يمكنك الوصول إلى الحمام التابع لهذا الجناح عبر الباب هل لديك كل ما تحتاجين إليه أنت والطفل ؟ يمكن لغوسيب أن يحضر لك أي شيء تطلبينه منه .
هزت ماغي رأسها وهي تشعر بالارتباك كان الخادم قد لحق بهما إلى الأعلى وهو يحمل حقائب سفرها فكرت ماغي أن تلك الحقائب البالية لا يبدوا عليها الانتماء إلى هذا المكان مثلها تماماً ..
نظر رافايللو إلى ساعته وقال : جيد ارتاحي أنت والطفل هل تريدين بعض القهوة ؟
هزت ماغي رأسها وقالت متلعثمة : شكراً لك .
قال رافايللو مجدداً : جيد سيرشدك غوسيب إلى الأسفل بعد أن ترتاحي لبعض الوقت آه …
صمت قليلاً ثم نظر نحوها مجدداً وقال : لا داعي لتغير ملابسك .
انصرف رافايللو وانصرف غوسيب معه .
حين أصبحت ماغي وحدها عادت لتنظر إلى الغرفة مجدداً من الواضح أن عليها البقاء في هذا المكان حتى يتم استدعائها ولكنها لا تستطع أن تتذمر فالغرفة مكان فخم وجميل إلا أنها شعرت بالقلق لأن كل ما في الغرفة باهظ الثمن جداً وكثير عليها وعلى بنجي .
أما بنجي فبدا متلهفاً لينطلق مستكشفاً الغرفة وضعته ماغي أرضاً فأخذ يتحرك بسرعة محاولاً اكتشاف المحيط الجديد وسرعان ما توجه نحو السرير الكبير لم تكن مضطرة لطلب سرير للطفل فالسرير كبير جداً ويتسع لها و لبنجي معاً .
ويتسع لزوجها أيضاً !
أزاحت هذه الفكرة جانباً رافايللو دي فيسنتى لم يكن زوجها سوى في الأوراق الرسمية لا أكثر .
نزل رافايللو عبر الدرج مجدداً إلى نحو الطابق السفلي وهو متجهم الوجه لم يكن يتطلع بحماس للمواجهة القادمة لكنها كانت مواجهة أساسية ولا يمكن التهرب منها عليه أن يعلم والده مرة و إلى الأبد أنه ليس لعبة يتحكم بها وفق مزاجه .
إن الشركة فيسنتى التي أسست منذ أكثر من مائة عام للمحافظة على ثروة العائلة التي تملك الكثير من الأراضي والعقارات هي بالنسبة لوالده بكل بساطة مؤسسة تجارية تؤمن حياة الرفاهية لآل دي فيسنتى .
أما بالنسبة لرافايللو فهي أكثر من ذلك لأنه يتفهم عام الأعمال جيداً ولكي تستطيع شركة دي فيسنتى أن تصمد في القرن الواحد والعشرين عليها أن تأخذ موقعاً مهماً في التجارة العالمية بات على رافايللو أن يحارب بشدة من أجل استراتيجيته لجعل شركة فيسنتى عالمية و لإقناع والده بهذا قد يكون هو المدير التنفيذي لكن والده هو رئيس مجلس الإدارة ومالك معظم الأسهم لطالما نظر والده إليه بتذمر ورفض مطالب رافايللو بانفتاح الشركة على السوق الأوربية ورغم أن عائدات الشركة في ازدياد مستمر إلا أن رافايللو يعلم أن والده كان يفضل أن تبقى الشركة مؤسسة محلية كما كانت دائماً .
لكن رافايللو عمل بجهد ليجعل الشركة تنتشر وتتوسع وهو ليس مستعداً أن يرى تعبه يذهب سدى أو ان تذهب الشركة للغرباء ولمنع حصول ذلك كان مستعداً للقيام بأي شيء .
مشى عبر الصالة ذات الأرضية الرخامية نحو المكتبة التي سيستخدمها كمكتب له وقف أمام النافذة التي تطل على البركة المزخرفة ونافورتها الجميلة أبعد قميصه إلى الخلف ووضع يديه فوق خصره وراح ينظر إلى الخارج بعصبية . ياله من حظ سيئ إن والده خارج المنزل في الوقت الذي يريد منه أن يكون موجوداً هنا أعلمه غوسيب عند وصوله أن والده وابنة عمه قد خرجا باكراً لتناول الفطور ولن يعودا إلا في وقت متأخر من بعد ظهر اليوم .
ستكون هوية الفتاة التي أحضرها معه مفاجأة للجميع آه ! نعم بالتأكيد ستكون مفاجأة كشر رافايللو مبتسماً إنها مناسبة تماماً كما أرادها أن تكون فمع طفل يتدلى فوق خصرها وفستان رخيص فضفاض على جسدها النحيل وشعر بني مربوط إلى الخلف بدت فعلاً مناسبة تماماً .
توترت ضحكته قليلا ً سيستشيط والده غيظاً ليس لأنه أحبطه فقط بل لأنه أهان اسم العائلة بزواجه من فتاة مثل ماغي .
ابتعد عن النافذة وذهب للجلوس خلف المكتب ربما يتمكن من العمل قليلاً بينما ينتظر عودة والده فقد يلهيه ذلك عن التفكير بالمواجهة المحتمة .
تساءل رافايللو لما على الأمور أن تسير بذلك الشكل ؟ لم هذا النزاع المؤلم الغير ضروري مع والده ؟ ألم يكن بإمكانه أن يتكلم معه ببساطة من دون هذا التحدي ؟
تنهد بحسرة لقد تحدث إلى غوسيب وزوجته ماريا في الخمس عشرة سنة الماضية أكثر مما تحدث مع والده فهما من اعتنيا به خلال فترة المراهقة والبلوغ أما والده فقد اعتبره فاسقاً وحاول إجباره مرات عدة على الزواج ظهر التوتر على فمه .. لو أنه وجد أي أمل للتواصل مع والده لما قام بالزواج من هذه الفتاة بهذا الشكل مر ظل خفي أمام عينيه إنها صورة والدته المتوفاة ترتسم أمامه لقد ماتت أمه في حادث سير مروع وهو في الخامسة عشرة من عمره ما سبب هذا التنافر الشديد بينه وبين والده .
بالنسبة لوالده جعله فقدان زوجته التي كان يعشقها يتوقف عن الاهتمام بابنه الوحيد أما رافايللو فقد
كان يعلم الآن بنظرته الثلاثينية الثاقبة أن تصرفاته الطائشة خلال المراهقة السرعة في القيادة والخروج برفقة الفتيات .. كانت عبارة عن صرخة من قلبه لجذب الانتباه والمساعدة والحب من والده الذي ابتعد عنه كثيراً في الوقت الذي كان هو في حاجة ماسة إليه .
أما الآن فقد فات الأوان وأصبح الجدار الفاصل بينهما أعلى وأمتن زادت قساوة والده وكذلك قساوته ولم يعد بينهما سوى التحدي والمواجهة .
سمع رافايللو صوت سيارة تتجه إلى المرآب ما دفعه للنظر إلى الخارج تمكن من التعرف على سيارة لوسيا المكشوفة المخصصة لراكبين فقط لطالما كان من المهم لها ان تقود سيارة فخمة وترتدي ثياباً لأشهر المصممين وأن تخرج مع الأشخاص المرموقين لذا فهي تملك رغبة قاتلة بالزواج من رجل غني .
ما إن سمع أصواتاً في الصالة حتى خرج من المكتب مرغماً نفسه على إظهار الراحة والفرح .
_ قال والده : رافايللو !
_ تقدم رافايللو : بابا ! .
استغرب انريكو دي فيسنتى قدوم ولده وسأله : متى وصلت إلى المنزل ؟
أجابه باقتضاب وهو يتوجه نحو قريبته الواقفة بذهول : بعد ظهر اليوم .
أكمل بشكل رسمي : لوسيا ! .
وانحنى ليعانقها شم رائحة العطر القوي الذي تضعه ولاحظ كثافة التبرج على وجهها رغم أنها فتاة جميلة لا تحتاج إلى كل هذا التبرج وهي تعلم ذلك .
تمتمت بنبرة صوت عادية : رافايللو .. يالها من مفاجأة !
رمقته بنظرة تقييمية ردها لها رافايللو على الفور بنظرات ملطفة وأجاب باقتضاب : كما ترين لقد عاد الشاب الطائش نهاراً ممتعاً ؟
ردت لوسيا : نعم كثيراً ! اصطحبني عمي انريكو لتناول الفطور في أحد معارض فيرنز هناك معرض لفنان أعشقه .
علت فم رافايللو ابتسامة مهذبة وتمتم قائلاً : وهل يعشقك هو أيضاً ؟
تجهم وجه لوسيا على الفور وقالت : لا تهاجمني رافايللو .
هز كتفيه قليلاً فهو يدرك أن لوسيا لا تنتقي عشاقها إلا من الوسط الفني وهم شبان يخرجون معها بسبب تأثير وجودها الإيجابي على مهنتهم وهذا واحد من الأسباب الكثيرة التي جعلته يرفض الخضوع لإصرار والده على تزويجه منها ربما يكون تقليدياً في تفكيره وهذا فعلاً ما كانت تقوله لوسيا عنه بضحكة هازئة لكنه بالتأكيد يفضل أن تكون زوجته أقل اختلاطاً بالرجال منها .
تجمد رافايللو في مكانه حين استخدم كلمة زوجة فوجود فتاة إنكليزية في الحادية والعشرين من عمرها غير جميلة وغير مغرية على الإطلاق في الطابق العلوي مع طفل بدون اسم وبدون والد ومع ذلك فهي تعتبر بحسب القانون زوجته الشرعية جعله هذا يشعر بصدمة لا تصدق هل قام حقاً بهذا ؟ ما فعله ما زال يبدو غير حقيقي ومجرد وهم .
عاد والده يتكلم وبدا صوته ساخراً : هل يمكنني أن أسأل عن سبب هذه الزيارة المشرفة والمفاجأة ؟
تلألأت عينا رافايللو الداكنتين : بابا غداً عيد ميلادي الثلاثين وأنت بالتأكيد كنت تتوقع مجيئي .
ضاقت عيني انريكو دي فيسنتى وسأله : حقاً ؟
ابتسم رافايللو وتابع : و أنا ألتزم بواجباتي تعالا وانضما إلي في الشرفة أعتقد ان علينا الاحتفال قليلاً .
لاحظ رافايللو نظرات لوسيا المتفحصة وانتباهها المفاجئ للموضوع فانتقل بنظره من والده ليبادلها نظرات اللطف ابتسم بتهذيب و لمعت عيناه حالما قبل والده الدعوة إلى الشرفة .
_ لوسيا ستنضمين إلينا أنت أيضاً بالطبع .
راقب كيف علت وجهها تعابير الرضى المبطنة وهي تتحرك إلى جانبه .

 
 

 

عرض البوم صور Lovely Rose  
قديم 30-11-08, 02:55 PM   المشاركة رقم: 4
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس فعال جدا


البيانات
التسجيل: May 2006
العضوية: 5844
المشاركات: 413
الجنس أنثى
معدل التقييم: Lovely Rose عضو له عدد لاباس به من النقاطLovely Rose عضو له عدد لاباس به من النقاط
نقاط التقييم: 140

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
Lovely Rose غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : Lovely Rose المنتدى : الارشيف
افتراضي

 


3 _ امرأة في حقل ألغام
اتخذ انريكو لنفسه مقعداً بجانب الطاولة الحديدية المزخرفة التي وضعت عند آخر الشرفة المقابلة لقاعة الاستقبال الرسمية .
قال بصوت حاد وهو يوجه نظرات أكثر حدة من صوته نحو ولده : حسناً ! هل يعقل أن تكون قد عدت إلى رشدك أخيراً ؟
شعر رافايللو بضيق شديد كأن حزاماً راح يشد فوق صدره مجدداً لكنه أجاب بصوت عادي : وهل لديك شك بذلك ؟
أصدر والده صوتاً من حنجرته يدل التذمر والانزعاج وقال : أعلم أنك عنيد وأناني ولطالما كنت كذلك !
قال رافايللو بهدوء : حسناً ! لمرة واحدة سأكون الابن المثالي …
وإن كان ضمن نبرة صوته بعض السخرية إلا ان أحداً غيره لم ينتبه لذلك تابع يقول : .. ولكن أول أريد أن أتأكد أني إن فعلت ما تريد وتزوجت في عيد ميلادي الثلاثين ستعطيني الحرية المطلقة في إدارة الشركة أليس كذلك ؟
علق والده : ها .. تعلم جيداً أن الأمور ستسير على هذا النحو بالذات .
_ وهل تعدني بذلك حقاً ؟
_ بالطبع .
ابتسم رافايللو وقال بهدوء وبصوت مهذب : في هذه الحالة إذاَ عليك تقديم التهنئة لي والالتزام بالجزء المتعلق بك في الاتفاق .
تسمر والده في مكانه وتمسكت يداه بقوة بذراعي الكرسي ولم يتمكن من النطق بأي كلمة لبضع لحظات أما لوسيا _ وعلى العكس منه تماماً فقد ضحكت قليلاً وتكلمت على الفور بصوت مليء بالغزل الغاضب : يا لك من رجل شيء ! أهذه طريقتك لطلب يدي ؟ لكنني سأعاقبك على عدم لباقتك تأكد من ذلك .
ثم أطلقت ضحكتها الرنانة مجدداً والتفتت نحو والده تمازحه بغنج نسائي : أخبرني انريكو كيف سأعاقب ولدك الفظ الذي تنقصه اللباقة في التقدم لطلب يد امرأة بشكل مهذب .
مرة أخرى ضحكت قليلاً لكن بدلال أكثر هذه المرة ونظرت مجدداً نحو من اعتقدت بأنه أصبح زوج المستقبل بدت نظرة رافايللو فضولية وكان يشعر بمزيج من التوتر والراحة أشار بيده ثم قال : قبل أن نتابع أظن أن الوقت حان للاحتفال .
وعلى الفور ظهر غوسيب حاملاً صينية العصير إلى الطاولة فتمتم له رافايللو بضع كلمات لم يسمعها أحد سواه فهز غوسيب رأسه وانسحب وشغل رافايللو نفسه بملء أكواب العصير وتوزيعها .
قالت لوسيا بغضب وسخط : لقد جلب غوسيب كوباً إضافياً أظن أن الوقت قد حان ليتقاعد ويكف عن العمل .
أعطاها رافايللو كوبها وهو يقول بخفة : حين تصبحين سيدة المنزل تصرفي كما يحلو لك .
ظهرت ابتسامة رضى وافتخار خفيفة على زاوية فمها رآها رافايللو لكنه لم يعلق على الموضوع اكثر .
أخذ والده كوبه ووقف وهو يرفعه برضى شديد : سأقترح نخباً .
بدا مسروراً جداً لقرار ابنه وكذلك كانت ابنة أخيه .
_ نخب السنيورا دي فيسنتى الجديدة .
رفع رافايللو كوبه وتمتم : يا للطف ! في الوقت المناسب أيضاً .
سمع صوت شخص قادم وسرعان ما التفت رافايللو باتجاهه .
وقفت الفتاة هناك ووقف غوسيب خلفها تماماً .. شعر رافايللو بالرضى فقد بدت بالصورة التي أراد إظهارها بها وبينما التفت الجميع لينظروا إليها وقفت بفستانها البالي وشعرها المربوط إلى الوراء وفوق ذلك كله هناك طفل رضيع يبكي فوق ذراعيها .
وقف رافايللو وساعدها على التقدم نحوهم فيما بدت المرأة جامدة لا تبدي أي تفاعل على الإطلاق أمسك بيدها ليتأكد أنهما يريان خاتم الزواج قال بصوت مرتفع واضح : اسمحا لي أن أقدم لكم زوجتي سينيورا دي فيسنتى .
للحظة وبينما وقفت ماغي متجمدة متمنية لو انشقت الأرض وابتلعتها عم صمت مطبق على المكان .. وبعد ثوان قليلة ارتفع صوت صاخب ..

بدا صوت العجوز كزئير الأسد لم تفهم ماغي كلمة واحدة إلا أن الغضب الشديد والثورة في صوته سقطت كالإعصار فوق رأسها ..إلى جانبها أخذ رافايللو وهو زوجها بالمعنى القانوني يشد بقوة على ذراعها الأيسر .
علقت أنفاس ماغي في صدرها حين راح الرجل العجوز بصوت مرتفع يصرخ توقعت أن يكون هذا الرجل والد رافايللو لأنه يملك وجهاً متغطرساً وسمات مشابهة تماماً لرافايللو .
وقف الخادم صامتاً وكأن أحداً ضربه على رأسه بشيء حاد أما المرأة التي كانت تجلس قرب والد رافايللو العجوز فبدت صامتة ومذهولة تماماً .
للحظات طويلة بدت كأنها ساعات لم سمع شيء سوى صوت العجوز الإيطالي المرتفع الغاضب بعدئذ بدأ بنجي يبكي بذعر شديد .
حررت ماغي يدها من رافايللو لتتمكن من ضم ابنها بقوة فوق صدرها واستدارت لتدخل مجدداً إلى قاعة الاستقبال الفخمة ما الذي يجري بحق السماء ؟
قاطع صراخ العجوز صوت مرتفع آخر .. إنه صوت رافايللو الذي جاء صوته أكثر حدة وغضب حاولت ماغي أن تبتعد قدر المستطاع عن ذلك المكان وهي تضم بنجي إلى صدرها محاولة تهدئته لكن ذلك بدا مهمة مستحيلة .
فجأة شعرت بيد تمسك ذراعها وتنهرها بقوة اشتمت رائحة عطر نسائي قوي وسمعت صوت امرأة يوجه الكلام لها بالإيطالية ورغم أنها لم تفهم كلمة إلا أنها شعرت بالذعر .
قالت بصوت متشنج : أرجوك .. أنا لا أفهم ..
أخذت المرأة نفساً طويلاً وضاقت عيناها وهي تسألها : أنت إنكليزية ؟
وعادت تهز ذراع ماغي مجدداً : من أنت ؟ وما الذي تخططين له بالادعاء أنك زوجة رافايللو ؟
أرادت المرأة ان تدقق في خاتم ماغي فأمسكت يدها لتراه لكن ماغي أبعدتها عنها ليصبح جسدها حاجزاً بين تلك المرأة وبنجي الذي راح يبكي من الخوف ركضت بعيداً نحو الباب وعبرت القاعة الرئيسية ثم صعدت الدرج متوجهة نحو غرفة نومها وحين تأكدت أنها أصبحت بأمان أخت نفساً عميقاً من الارتياح .
كان بنجي أول من فكرت به لقد أصبح بكاؤه هستيرياً الآن وقد يتطلب منها عناء كبير كي تهدئ روعه جلست على السرير ووضعته في حجرها وراحت تهزه بلطف وحنان فتحسنت حالته تدريجياً ثم وضع إصبعه في فمه وبدأ يشعر بالراحة .
آه ! يا إلهي ! ما الذي فعلته بنفسي ؟ أرجوك .. أرجوك يا إلهي دعني أستيقظ وأرى أني مازلت في منزلي ..
لكن ذلك لم يكن حلماً كي تستيقظ منه فهي فعلاً في توسكانا متزوجة من رافايللو دي فيسنتى ويبدو أن عائلته أصيبت بالهلع حين سمعت الخبر .
سمعت صوت وقع خطوات غاضبة في الممر ثم سمعت صوت أبواب تغلق بعنف و أخيراً أغلق أحد الأبواب بعنف فاق كل ما قبله وشعرت ماغي أن المنزل اهتز بأكمله جراء ذلك .
هدأ الوضع لبعض الوقت ثم سمع صوت محرك سيارة يدور بعنف وانطلقت السيارة مسرعة ليختفي بعدها الصوت ويخيم بذلك صمت طويل في أرجاء المنزل .
فتحت ماغي حقيبة يدها وأخرجت منها تفاحة وبعض قطع البسكويت أكلها بنجي بشراهة كبيرة لكنه ظل يشعر بالجوع راحت تحاول إلهائه بأشياء أخرى لساعة أخرى تقريباً لكن جهودها ذهبت هباء حتى العصير لم ينفع معه فالطفل يحتاج إلى طعام يناسبه وإلى شرب الحليب لم تعد تملك خياراً عليها النزول للبحث عن بعض الطعام له . فتحت الباب بهدوء وقلبها يقفز خوفاً بدا المكان معتماً في الخارج فنزلت الدرج بحذر لتصل إلى الطابق الأرضي .
دخلت عبر ممر توقعت أن يوصلها إلى المطبخ وتمنت أن تجد غوسيب هناك فتحت باباً أمامها بحذر شديد وحين دخلت أدركت أنها وصلت إلى مطبخ واسع قديم الطراز في الجهة المقابلة للباب رأت موقداً كبيراً وضعت فوقه أواني الطعام أما في وسط المطبخ وضعت طاولة خشبية كبيرة غطت معظم المساحة وخلفها نافذة قديمة الطراز أيضاً وقفت امرأة كبيرة السن تنظف قدراً نحاسياً كبيراً فوق مغسلة حجرية .
وقفت ماغي عند الباب مترددة فالتفتت المرأة نحوها سألتها بنبرة غير ودودة : نعم ماذا تريدين ؟
بدا وجهها قاسياً وتعبيرها بعيداً عن الترحيب ابتلعت ماغي ريقها وقالت متلعثمة بالإيطالية : عفواً هل .. من الممكن .. ؟
أملت أن يكون لفظها للكلمات صحيحاً كما تعلمته من كتاب تعليم الإيطالية التي اشترته مؤخراً .
قاطعتها المرأة وقالت بنبرة جافة : أنا أتكلن الإنكليزية ماذا تريدين ؟
أوشكت ماغي على الهرب والابتعاد بسبب قسوة المرأة حتى بنجي شعر بتلك القسوة ما زاده تعلقاً بأمه ابتلعت ماغي ريقها مجدداً وقالت بصوت يشبه الهمس : عفواً .. هل من الممكن بعد إذنك .. أن تقدمي بعض الحليب لابني ؟
نظرت المرأة نحو ماغي بعينين ثاقبتين من تحت حاجبيها الرماديين فشعرت هذه الأخيرة بتوتر شديد .
أخذت المرأة تتفحصها وتراقب ثيابها البالية وجسدها النحيل والطفل الذي تحمله ثم عادت تنظر إلى وجه ماغي المتوتر فجأة تغيرت تعابير المرأة فوضعت القدر جانباً وعلقت ببضع كلمات إيطالية لم تفهمها ماغي قبل أن تتحرك متجهة نحوها ثم قالت : تعالي .. تعالي اجلسي هنا ؟
أمسكت ماغي بقبضة قوية وحثتها على الدخول والجلوس على أحد الكراسي حول الطاولة .
_ أنت جائعة أليس كذلك ؟
مشت المرأة نحو الموقد حيث وضع العديد من الأواني وبواسطة إحدى الملاعق الخشبية الكبيرة سكبت من إحدى الأواني صحناً من السباغيتي ثم وضعت على وجه الصحن صلصة البندورة الحمراء وحملت صحن الطعام إلى ماغي وضعت الصحن على الطاولة ثم عقدت أحد مناديل الشاي الصغيرة حول عنق بنجي كي تحمي ثيابه من الصلصة .

فتح بنجي فمه تلقائياً لرؤية الطعام تذوقت ماغي القليل من السباغيتي كي تتأكد من برودتها قبل أن يمسك بنجي بذراعها ليوجه شوكة الطعام المليئة نحو فمه .
أكل بنجي وجبة كبيرة وحالما انتهى من تناول طعامه وضعت المرأة صحناً ثانياً من السباغيتي وصلصة البندورة أمام ماغي وأخذت الطفل منها ثم قالت لها : لقد حان دورك لتناول العشاء الآن .
حملته المرأة بشكل يدل على خبرة بالأطفال ثم استدارت لتملأ له كوباً من الماء أعطته إياه ليشربه بدا بنجي سعيداً جداً بذلك وأخذ يصدر صوتاً قوياً وهو يشرب .
راحت المرأة تداعبه وتخاطبه بكلام إيطالي ودود لم تفهم منه ماغي شيئاً سوى كلمة طفل .
أحضرت المرأة ملعقة خشبية وقدمتها إلى بنجي كي يلعب بها فالتقطها بسرور ثم جلست في الكرسي المقابل لماغي وقالت : هيا ! كلي طعامك .
بدا الطعام لذيذاً جداً التهمته ماغي بشراهة تماماً كما فعل بنجي .
تركتها المرأة تكمل طعامها وهي تلهي نفسها ببنجي الذي بدا غير متضايق للتكلم معه بلغة يجهلها راقبت ماغي تلك المرأة وقد بدا بوضوح مدى خبرتها مع الأطفال ما جعلها تعرف بالضبط ما قد يسلي بنجي مثل ضرب الطاولة بالملعقة الخشبية ومحاولته الوصول إلى المملحة الموضوعة على الطاولة ليلهو بها رشفت آخر ملعقة من صلصة البندورة وتنهدت بارتياح نظرت المرأة إليها وقالت وهي تنقل بنجي من جهة إلى أخرى في حضنها : إذاً سنتكلم الآن ..
وتابعت بنبرة إنكليزية ثقيلة : هل هو ابن رافايللو ؟
ظهرت على وجه ماغي تعابير الذهول وفتحت فمها من الصدمة ما جعل ردة فعلها تريح تلك المرأة التي قالت : حسناً ! هذا أمر جيد .
ظهرت النبرة اللاذعة مجدداً في صوت المرأة التي تابعت تقول : إذاً لقد تزوج ببساطة لكي يغيظ والده يا له من غبي ! .
حدقت ماغي بها ولم تعلم ماذا تقول فهي لم تكن تملك فكرة عن الوضع الشيء الذي ستواجهه عندما تصل إلى هذا المنزل أما مدبرة المنزل فلم تبدوا مندهشة أبداً مما حدث .
علقت المرأة قائلة : هل هو مجنون ليفعل هذا بوالده ؟ دائماً تتكرر الأحداث نفسها .. يتشاجران دائماً كالرعيان يا لعنادهما … ! لكن هذا أسوأ ما حصل بينهما على الإطلاق .
قالت المرأة بضع كلمات بالإيطالية ثم تابعت تقول بالإنكليزية : حسناً ! لقد حدث ما حدث الآن لكن إن لم يكن رافايللو والد طفلك فمن هو إذن ؟
صدم ذلك السؤال القاسي ماغي .
_ همم .. قال السنيور دي فيسنتى إنه بحاجة للزواج لأسباب قانونية في عيده الثلاثين .. وأنا وافقت لأني ..
صمتت فجأة وقد شعرت بالخجل من الاعتراف بأن السبب الذي جعلها توافق على الزواج من رجل غريب هو المكسب المالي .
رمقتها المرأة بنظرات قاسية وقالت : من اجل المال أليس كذلك ؟
احمرت وجنتا ماغي ونظرت أمامها خجلاً .
_ بالمال الذي وعدني به السنيور سأشتري منزلاً صغيراً لابني .
عادت النبرة اللاذعة للمرأة لكن بدا صوتها ضعيفاً ومتعباً وهي تسألها : وأين والد طفلك ؟ لا .. لا تقولي لي .. لقد رحل أليس كذلك ؟ المسألة تتكرر دائماً الرجال لا يكترثون والفتيات غبيات .
أعطت بنجي مجدداً لماغي وأخذت الأطباق كي تغسلها ثم رمقت ماغي بنظرات داكنة تحذيرية وهي تقول : حسناً ! لم يعد هناك ما يمكنك أن تقومي به الآن لكن بعد ما فعلته من المستحيل أن يسامح والد رافايللو ابنه .
تثاءب رافايللو حين وصلت أشعة الشمس إلى سريره ما زالت كلمات والده ترن في أذنيه .. استعاد كل كلمة بغيضة تبادلاها .. تذكر غضب والده العارم وسخريته هو الشريرة حين قال إنه بفضل إصراره على تزويج ابنه تزوج هذا الابن من امرأة كانت تقوم بتنظيف حمامات الشقق لكي تعيش وهي أم بلا والد .
*******
لعشر ثوان فقط فكر أن انريكو قد يصاب بأزمة قلبية بسبب هذا الكلام لكنه بدلاً من ذلك أخذ يوجه لرافايللو كلمات الغضب والشتائم لأنه جلب العار للعائلة بسبب هذا الزواج الطائش أما لوسيا فكانت تبحث عن شخص لتنفث سمها عليه وبد هو الشخص المناسب .
أعاده حمام ساخن إلى رشده قليلاً نظر إلى ساعة يده ليكتشف أن الوقت أصبح ظهراً إنه أول يوم من عمره بعد بلوغه الثلاثين لكنه لم يشعر بالسعادة وبرغبة بالاحتفال نظر من نافذة غرفته بتشاؤم ولم يشعر بالراحة لرؤية الحدائق في الأسفل حاول التركيز على أمور مهمة عليه الذهاب إلى روما لعقد اجتماع موسع وإعلان نفسه رئيساً لمجلس الإدارة الجديد .. ثم سيبدأ بتطبيق الخطط التي وضعها للدخول إلى السوق الأمريكية و الأسترالية ..
لفتت نظره حركة في الحديقة فعاد ينظر نحو الأسفل رأى الفتاة تقوم بجولة حول المنزل مع طفلها كانت تمشي ببطء ممسكة بيد الطفل وهو يحاول السير متأرجحاً في الممر المرصوف بالحجارة يا إلهي لقد نسي أمرها تماماً ..!
ما الذي سيفعله بها الآن ؟ لقد أدت مهمتها وأمنت له الزوجة التي يريدها لمواجهة والده لم يعد بحاجة إليها الآن لكنه لن يخاطر بنظرة الرأي العام له وتوضيحه هدفه من هذا الزواج المدبر بإرسالها الآن إلى إنكلترا هز كتفيه وفكر أن يطلب من ماريا أن تبقيها بعيدة عنه وسيسمح لها بقضاء عطلة تستمتع بها في الفيلا بينما يذهب هو إلى روما .
قبل أن يستدير نحو الغرفة لمح شخصاً آخر يخرج من المنزل .. إنها لوسيا ! بدا بوضوح أنها تتجه نحو الفتاة وهي تستشيط غيظاً .
خارجاً في الحديقة شعرت ماغي بالهلع فتلك المرأة أياً تكن كانت بالأمس غاضبة من إعلان رافايللو تماماً كما كان والده وهي الآن تتوجه نحوها عن سابق تصميم راح حذاء تلك يصدر صوتاً عالياً فوق الممر المرصوف بالحجارة وهي تمشي بسرعة إلى ان وقفت مباشرة أمام ماغي ..
ضاقت عينا المرأة بغضب ملتهب فشدت ماغي بيد بنجي الذي كان ينحني لاستكشاف الحجارة ..
مهما كان ما أرادت أن تقوله تلك المرأة فقد بقي طي الكتمان إذ سرعان ما سمع صوت وقع خطوات أكثر قوة وأكثر سرعة وظهر رافايللو عند زاوية المنزل كان يرتدي هذا الصباح بذلة رمادية أنيقة نظر إلى ماغي فإذا هي تحدق إليه باستسلام وبأنفاس متقطعة .
وجه كلامه إلى لوسيا بلغة إيطاليا سريعة : عليك أن تغادري لوسيا ليس لك أي عمل هنا كما لم يكن لك يوماُ كان عليك أن تعلمي أنني لن أتزوج منك أبداً .
لمعت عينا لوسيا غضباً وقالت بالإيطالية أيضاً : إذاً لقد تزوجت بهذه الساقطة بدلاً مني انظر إليها إنها تبدو كالدجاجة الهزيلة .
نظرات الازدراء التي رمقت بها المرأة ماغي جعلت رافايللو يتوتر ألقى بنظرة خاطفة نحو ماغي وهو يقول : كفى !
شحب لونها فجأة وتمنى رافايللو ألا تكون ذكية بما يكفي لكي تدرك معنى الكلام الذي وصفتها به لوسيا لكنه لم يساوره الشك بأنها سمعت النبرة العدائية في صوت قريبته مهما كانت اللغة التي تكلمت بها أخذ نفساً عميقاً وقال : لوسيا أظن أن من الأفضل لك أن تعودي إلى شقتك في فيرنز فأنت لم تقدمي خدمة جيدة لوالدي بجعله يعتقد أنك قد تصبحين زوجة ابنه العتيدة .
ظهرت نظرات مزعجة في عيني لوسيا الداكنتين وقالت بغضب : وأنت .. هل تظن أنك قدمت خدمة لوالدك بإحضار هذه .. هذه الفتاة إلى منزله ؟ أتمنى ان تكون فخوراً بما فعلته رافايللو .
استدارت لوسيا على عقبيها ومشت مبتعدة .
تنفست ماغي الصعداء وفي ذلك الوقت كان بنجي متشبثاً بيدها وقد شعر بالخوف من الصراخ و الأجواء المشحونة التي تحيط به حملته ماغي على ذراعها وهي تهمس له فوق رأسه : لا بأس يا صغيري .. كل شيء على يرام .
لكن لم يكن كل شيء كان يسير بشكل خاطئ .. كل ما يدور في هذا المكان الجميل كان خاطئاً .
_ كان عليك أن تخبرني .
لم تعلم من أين أتت هذه الكلمات أو من أين أتتها الشجاعة لقولها لكنها قالت ما قالته وهي الآن تنظر إلى الرجل الذي ظنت أنها تزوجته لأسباب قانونية تتعلق بالأعمال فقط لكنها استنتجت أن الأمر لم يكن يتعلق بالشركة .
لا يعقل أن يكون الغضب والسخط اللذين واجهتهما منذ ظهورها على الشرفة أمس متعلقين بأسباب غير شخصية كإدارة أعمال الشركة إنها مشكلة عائلية مشكلة عاطفية بشعة ومستمرة .
_ أخبرك بماذا ؟
بدا صوته حاداً أكثر مما أراد فالحديث الذي تبادله مع لوسيا جعله يبدو قاسياً .
أجابت ماغي بقوة : لم تخبرني أني سأسير في مكان مليء بالألغام البشرية الكل غاضب لأنك تزوجت مني والدك .. تلك المرأة .. أياً تكن .. وحتى مدبرة المنزل والخادم لم أكن اعلم أن الجميع سيكونون غاضبين مني .
حاولت ماغي بيأس أن تخفي الرجفة التي ظهرت في صوتها وهي تتكلم .
أجاب رافايللو ببرودة : ليسوا غاضبين منك بل مني أنا أما الشخص الوحيد الذي أنا غاضب منه هو والدي .
أخذ نفساً عميقاً : ربما يجب أن تعرفي أنه أراد أن يزوجني من لوسيا إنها قريبة لي وتود أن تصبح السينيورة دي فيسنتى كي تتمتع بمالي لقد عملت عليه بقوة كي يقتنع بأنها الزوجة المثالية لي والأم المثالية لأحفاده الذي يتمنى الحصول عليهم قريباً أما هو فحاول إجباري على ذلك بالقوة وهدد ببيع حصته في الشركة لكنني لم أكن لأسمح بذلك لقد عملت بجهد في السنوات العشر الأخيرة كي لا أضطر أبداً للزواج من امرأة لا أريدها لذا تحديته وتزوجت قبل يوم واحد من عيد مولدي الثلاثين .
بدا صوتها جافاً جداً هذه المرة وهي تقول : من امرأة ساقطة .
تفاجأ رافايللو أيعقل أنها تعلم ما معنى الكلمة ؟ وكأنها تمكنت من فهم أفكاره فتابعت القول : أليس هذا بالضبط ما تعنيه تلك الكلمة التي استخدمتها المرأة لوصفي سيد دي فيسنتى ؟
بدأت بالسير وقد أرادت فقط أن تبتعد عنه شعرت بالصدمة لبشاعة المواقف حولها لكن رافايللو أمسك ذراعها وقال : لا تعيري لوسيا اهتمام فهي غاضبة وحزينة لقد نفست عن غضبها أمامك ليس أكثر .
_ شكراً لك لكنني أفضل ألا يهينني أحد فلا أنت ولا قريبتك تعرفان أي شيء عني أو عن ظروفي أنا وابني .
امتقع وجهه بسبب ردها القوي فقال : كونك فتاة شابة لديها طفل صغير تخلى أبوه عنه يعني على الأقل أنك كنت غير حذرة باختيار الرجل المناسب .
تصلبت تعابير وجهها وأجابت : أظن أنني كنت أقل حذراً باختيار الرجل تزوجته بالأمس سيد دي فيسنتى كان علي بالتأكيد ان أتحرى عن علاقاتك المشبوهة أيضاً .
هزت ماغي ذراعها تحررها من قبضته وأسرعت بالابتعاد عنه خلفها سمعت رافايللو يطلق شتيمة ثم سمعت خطواته تسرع ليلحق بها وحين أصبح بقربها قال بقسوة : أنا آسف لأنك تعرضت إلى هذا الموقف لكن أود ان أذكرك أني سأدفع لك مبلغاً كبيراً من المال من أجل ما تقومين به . شعرت بالإحباط حين ذكرها بذلك توقفت عن السير و أخذت تنظر إلى حذائه اللامع إنه محق عليها أن لا تنسى ذلك حتى لو لم يكن صادقاً حين أخبرها عن أسبابه التي دفعته للزواج منها .
رفعت بصرها نحوه وأجابت بعنفوان : لقد قمت بما وسعي سيد دي فيسنتى .. فعلت ما أردته تماماً ولكني لا أتوقع منك أن تسمح لأفراد عائلتك بصب جام غضبهم علي لأنهم غاضبون منك بسبب زواجك بي .
التوت شفتا رافايللو : هل تطالبين بالمزيد من المال ؟
ظهر الشحوب على وجهها بسبب سؤاله وقالت نافية : لا سيد دي فيسنتى ! أنا لا أطلب المزيد من المال أنا اطلب فقط ألا أكون عرضة لإهانات أقاربك إن لم يكن لأسباب أخرى فقل إنها تسبب الذعر لبنجي والآن إذا سمحت هل يمكنك ان تعطيني التعليمات التي علي اتباعها هذا اليوم وسأفعل ما بوسعي لتنفيذها هل تود مني أن أعود لغرفتي ؟
فاجأته للحظات ردة فعلها الغاضبة قال لها : تصرفي بحرية وافعلي ما تريدينه المنزل والحديقة تحت تصرفك أنا لست رهيباً إلى هذا الحد .. لقد عبرت لك عن أسفي الشديد لتصرفات قريبتي لكنها ستغادر قريباً وكذلك أنا لذا تصرفي وكأنك في بيتك .
مشى بعيداً تاركاً ماغي تغلي في غضبها لكن شعورها اختفى فجأة ما الذي جعلها تخوض هذا الشجار معه ؟ فالأغنياء لا يكترثون لمشاعر الناس وهي تعلم هذا جيداً بالنسبة لرافايللو فإنها مجرد أداة يستخدمها .. لقد وظفها لديه وهو يدفع لها مقابل عملها عليها ان تبقى صامتة ولا تتدخل مع أحد .. مهما حدث من شجارات حولها .
سمحت لبنجي ان ينزل إلى الأرض مجدداً وراقبته بصمت وهو يمسك بالحجارة ويرميها مجدداً على الأرض حين شعر أخيراً بالملل أمسكت يده وقالت له : هيا دعنا نعود إلى المنزل .
دارت حول المنزل تدخل من باب الخدم فهي تشعر بالراحة في ذلك المكان على الأقل إذ يبدو أن مدبرة المنزل قررت أخيراً أن تكون ودودة معها علمت ماغي في الصباح عندما نزلت إلى المطبخ لتطعم بنجي أن مدبرة المنزل تدعى ماريا وقد أظهرت ماريا لطفاً شديداً نحوهما مقارنة بالفظاظة التي تظهرها عادة وتوقعت ماغي أن ماريا تخبئ وراء فظاظتها ما إن دخلت ماغي إلى المطبخ حتى تهجت ماريا كلمات جديدة بالنسبة إليها بالكلمات الإنكليزية : حليب من أجل الطفل .
توجه بنجي نحوها بفرح معبراً عن ثقته بهذه المرأة الجديدة التي تدخل حباته حدثته ماريا بالإيطالية وأجلسته على الطاولة لتقدم له كوباً من الحليب بشراهة بدأت ماريا تكرر حليب أمامه مرات عديدة كي يتعلمها جيداً .
كرر بنجي الكلمة وراءها وهو يقول : بيب ….
ثم اخذ يراقبها وهو يسأل بكلام غير مفهوم : أيضاً ؟
فسرت ماغي لماريا ما يقصده بنجي بكلامه : يقصد أنه يريد كوباً آخر .
_ آه فهمت .
ملأت ماريا كوب بنجي بالمزيد من الحليب ونظرت إلى ماغي قائلة : إنه ولد جيد رغم أنه بلا أب .
بقيت تنظر نحو ماغي مطولاً بعينيها السوداوين ثم لان تعبيرها وأكملت : لكن من الواضح أنك تحبين ابنك كثيراً وهذا ما يجعل منك امرأة صالحة
.
اغرورقت عينا ماغي بالدموع عند سماع هذا الكلام الذي بدا قاسياً ولطيفاً في الوقت نفسه فأصدرت ماريا صوت اعتذار بحنجرتها ووضعت أمام ماغي كوباً من الحليب الذي قدمته لبنجي .
لدهشتها أمضت ماغي بقية نهار ممتع حيث قضت وقتاً طويلاً برفقة ماريا وهما تمرحان مع بنجي فقد أخرجت ألعابه من الغرفة وأنزلتها إلى المطبخ لتلعب معه عند زاوية من الطاولة الكبيرة بينما كانت ماريا تحضر الغذاء لوالد رافايللو كما قدرت .
أما لوسيا فقد غادرت المنزل كما أعلن غوسيب حين أتى ليلقي نظرة على المطبخ لبعض الوقت وحسبما استنتجت ماغي فإن لوسيا لم تكن محبوبة من موظفي الفيلا .
لقد رحل رافايللو أيضاً منطلقاً بسيارته بسرعة إلى روما ما جعل ماريا تشعر بالاستياء لمكن ماغي شعرت بالراحة طول النهار .
بعد الغذاء بدأ القسم المشوق من النهار اصطحبتها ماريا مع بنجي إلى حوض السباحة الذي يقع في حديقة مسورة بدت المياه ملتمعة تحت أشعة الشمس بشكل يغري بالسباحة فركض بنجي الذي يحب الماء نحو البركة بحماس كبير سألت ماغي ماريا بتردد : ألن يمانع السنيور دي فيسنتى أن يسبح بنجي هنا ؟
توتر فم ماريا : أنت السينيورة دي فيسنتى الآن .. ولا تقولي أن ذلك حدث بالاسم فقط .. إنه متزوج منك وأنت زوجته .. إن أردت السباحة فاسبحي .
لم تستطع ماغي المقاومة رغم ان المياه بدت باردة بعض الشيء لكن بنجي استمتع بالسباحة في الإطار المليء بالهواء الذي جعله يعوم فوق الماء ولم تخشى ماغي أن يصاب بالبرد لأن أشعة الشمس كانت قوية .
مر الوقت بسرعة وهما يستمتعان بالسباحة بهدوء لوحدهما .
بعد فترة غفا بنجي على كرسي طويل تحت مظلة كبيرة فتحها لهما غوسيب بجانب المسبح بينما جلست ماغي تتشمس قربه .
على الرغم من المشاكل التي عصفت حولها منذ وصولها إلى هذا المنزل عليها أن تنسى كل المشاحنات وتستمتع بوقتها إذ لا علاقة لها أبداً بمشاكل رافايللو دي فيسنتى وهمومه .
أمضت ماغي أمسية هادئة مع بنجي برفقة ماريا و غوسيب في المطبخ .
قالت ماريا وهي تبدو غير راضية عن تصرفات رافايللو : ذهب إلى روما ولم يعد .
وفي المساء حين استغرق بنجي في النوم في السرير الكبير شربت القهوة التي أحضرتها ماريا وقرأت لمدة ساعتين تقريباً .
قبل أن تخلد إلى النوم جلست أمام النافذة تستمتع بأجواء الليل الإيطالي إنها الليلة الثانية لها في إيطاليا فيما هي تراقب الظلام الهادئ قالت لنفسها بنعومة : أنا محظوظة أكثر مما حلمت بمجرد خوضي هذه التجربة التي لم أفكر بها أبداً .
تراءى لها في الظلام وجه ذو عينين سوداوين بشرة سمراء عظام بارزة فوق الخدين وفم منحوت .. وجه يمثل قمة الوسامة الرجولية راح قلبها يخفق بجنون .. آه ! إنه ذلك النوع من الرجال الذي الذين يسلبون ألباب النساء .
تزايد شعورها بالضعف !
إن رافايللو دي فيسنتى بعيد عن متناول يدها أكثر من لوحة قيمة معلقة على جدار متحف .
ضغطت شفتيها معاً بقوة وهزت رأسها وقد اتسعت عيناها دهشة لتفكيرها به تنشقت هواء توسكانا المنعش المحمل بعبق أشجار السرو وعطر الأشجار و ببطء وقفت على قدميها وتوجهت نحو سريرها .عليه وبد هو الشخص المناسب .
أعاده حمام ساخن إلى رشده قليلاً نظر إلى ساعة يده ليكتشف أن الوقت أصبح ظهراً إنه أول يوم من عمره بعد بلوغه الثلاثين لكنه لم يشعر بالسعادة وبرغبة بالاحتفال نظر من نافذة غرفته بتشاؤم ولم يشعر بالراحة لرؤية الحدائق في الأسفل حاول التركيز على أمور مهمة عليه الذهاب إلى روما لعقد اجتماع موسع وإعلان نفسه رئيساً لمجلس الإدارة الجديد .. ثم سيبدأ بتطبيق الخطط التي وضعها للدخول إلى السوق الأمريكية و الأسترالية ..
لفتت نظره حركة في الحديقة فعاد ينظر نحو الأسفل رأى الفتاة تقوم بجولة حول المنزل مع طفلها كانت تمشي ببطء ممسكة بيد الطفل وهو يحاول السير متأرجحاً في الممر المرصوف بالحجارة يا إلهي لقد نسي أمرها تماماً ..!
ما الذي سيفعله بها الآن ؟ لقد أدت مهمتها وأمنت له الزوجة التي يريدها لمواجهة والده لم يعد بحاجة إليها الآن لكنه لن يخاطر بنظرة الرأي العام له وتوضيحه هدفه من هذا الزواج المدبر بإرسالها الآن إلى إنكلترا هز كتفيه وفكر أن يطلب من ماريا أن تبقيها بعيدة عنه وسيسمح لها بقضاء عطلة تستمتع بها

 
 

 

عرض البوم صور Lovely Rose  
قديم 30-11-08, 02:56 PM   المشاركة رقم: 5
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس فعال جدا


البيانات
التسجيل: May 2006
العضوية: 5844
المشاركات: 413
الجنس أنثى
معدل التقييم: Lovely Rose عضو له عدد لاباس به من النقاطLovely Rose عضو له عدد لاباس به من النقاط
نقاط التقييم: 140

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
Lovely Rose غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : Lovely Rose المنتدى : الارشيف
افتراضي

 

4_ نعم إنها زوجتك

ضغط رافايللو بقوة على دواسة الوقود ليتجاوز باصاً سياحياً كان يسير ببطء شديد على الطريق السريع عليه أن يكون بمزاج جيد لقد أصبحت شركة دي فيسنتى له بالكامل لكنه لا يشعر بالفرح فهو لم يشأ أن يتواجه مع والده فكيف بأن يتواجه مع الفتاة التي أصبحت زوجته أيضاً .
كل ما أراده أن يتخطى خدعة والده ويبعد لوسيا عن طريقه وأن لا يخسر جهد حياته في شركة فيسنتى لم يخطط أبداً للاهتمام براحة امرأة وتدليل ابنها فقط لأنه تزوج منها في اليوم السابق فهي كانت تعلم ماذا تفعل حين وقعت الأوراق .
صرخ في رأسه صوت مذنب يقول : لا إنها لم تعلم .
جعله ذلك يطلق بوق السيارة بقوة ليمنع سيارة تحاول تجاوزه من اختراق خط سيره .
تابع ذلك الصوت في داخله يقول تماماً كما قالت لك .. لم تكن تعلم أنها ستواجه الانفجار الغاضب في عائلتك عند وصولها لقد اصطدمت بهذا المحيط دون أي علم بالأسباب .
راح يفكر بقسوة : نعم حسناً ! لكن لا سبب يدعوني لأشعر بالسوء نحوها فهي على الأرجح فتاة إنكليزية غير ذكية لم تفقه أي كلمة مما حكي أمامها بالأمس حتى إنها جعلت نفسها حاملاً لكي تستفيد من ما يقدمه الضمان الاجتماعي ليس أكثر وهي الآن تمضي عطلة جميلة في فيلا مليونير إيطالي فتستمتع بأشعة الشمس بالتأكيد لن يقترب والده منها .. فهو ببساطة سيحبس نفسه في مكتبته ويبدأ بالتدخين أما لوسيا فقد رحلت من المنزل وقد تأكد رافايللو من أن ماريا و غوسيب يعتنيان بماغي وطفلها .
ما لبث أن اقتنع بوجهة نظره الأخيرة ولم يعد يفكر بالموضوع ضغط على دواسة الوقود أكثر فالقيادة بسرعة تضع دائماً مشاكله وراءه وتخلصه من همومه .
لكنه استعاد همومه لحظة وصوله إلى مدخل كراج الفيلا من جديد بعد نصف ساعة تقريباً وقعت عيناه على سيارة مألوفة وفكر بغضب يا للروعة ! لقد استدعيت قوات النجدة .
لم يشعر رافايللو بالدهشة لطالما استعان والده بشقيقته كلما واجه المشاكل مع ابنه حسناً ! يمكن للعمة اليزابيث أن تقول ما تشاء في هذه المسألة وهي بالتأكيد ستفعل فهي تملك لساناً حاداً لكن أي معاتبة ستأتي متأخرة لقد تحدى والده وانتهى الأمر .
استقبله غوسيب حالما وصل إلى المدخل بدا الرجل شاحباً وعلم رافايللو أنه ليس راضياً حين راح يتكلم .
قال محاولا ً تجاهل ملاحظات هذا الرجل الذي يعرفه أكثر من والده : أرى أن عمتي وزوجها هنا ! .
_ أجل سنيور وصلا منذ ساعة وهما يجلسان مع والدك .
هز رافايللو رأسه وعلق قائلاً : حسناً ! علي أن أنتهي من هذا الأمر هل هم في المكتبة .
هز غوسيب رأسه إيجاباً فقال رافايللو : حسناً !
أكمل طريقه نحو المكتبة وما إن دخل القاعة الكبيرة أدرك على الفور أن والده كان بقوم بتعداد أخطاءه وزلاته بالتفصيل أما عمته فكانت بالتأكيد تسترجع ذكرياتها حين كانت أختها الكبرى تعتني بها في هذا المنزل أما زوجها ففقد ظهرت عليه تلك النظرة المألوفة التي تدل على شرود ذهنه أميال بعيداً عن مشاكل العائلة ما إن اقترب رافايللو حتى افتتح والده الحديث معه قائلاً : إذاً قررت أخيراً العودة إلى المنزل ! أولاً تقوم بتحطيمي ثم تتركني بمفردي لكن أي معاملة أخرى سأتوقعها سأنتظرها منك ؟
شعر رافايللو بالغضب والتوتر يسيطران عليه مجدداً وقال : كنت بحاجة إلى النزول إلى روما لطلب عقد اجتماع لمجلس الإدارة في أقرب وقت ممكن كي أعلن أني أصبحت رئيس المجلس الجديد .
أطلق والده صوتاً يدل على استهجانه وقال : لقد نحيتني جانباً فعلاً حسناً ! لكن حين تترك شركة العائلة في دمار تام بسبب طموحاتك السخيفة تذكر أنك أخذتها مني عن طريق الغدر والخيانة .
تكلم رافايللو بصوت حديدي وهو يرى لون وجه والده يتغير بشكل خطير : أنت أعطيتني كلمتك بابا قلت لي أني سأدير الشركة بنفسي لو تزوجت في عيدي الثلاثين وأنا نفذت شرطك هذا كل ما في الأمر أنا لم أعد طفلاً صغيراً الآن وما أردت فعله بي لا يغتفر إنها حياتي الآن .. ولا يحق لك أن تتحكم بها كلعبة بين يديك .
ارتفع صوته مع ازدياد غضبه فوقفت عمته بينهما ورفعت يدها قائلة : هذا يكفي رافايللو ! وأنت أـيضاً انريكو ألا يمكنكما أن تحاولا على الأقل التفاهم بطريقة حضارية ؟
قال انريكو بغضب : حضارية ؟ أتطلبين طرقاً حضارية بعد ما فعله اليزابيث ؟
تنهدت اليزابيث قليلاً ثم قالت : يدهشني انريكو أنك بعد هذه السنين لا زلت تجهل أن رافايللو عنيد مثلك تماماً بالله عليك ! من أين أحضر هذا الرأس اليابس ؟ أردت إجباره على أمر فتمرد عليك ماذا توقعت منه أن يفعل ودمك العنيد يجري في عروقه ؟ نصحتك بألا تعاند في قراراتك لو أنه أراد الزواج من لوسيا لفعل ذلك دون مساعدتك له .
نظر انريكو بتمرد نحوها بسبب هذا النقد القاسي الذي وجهته إليه لكن أخته لم تفسح المجال له للرد فقد أعطت انتباهها لرافايللو لتقول بصوت يشدد على ملاحظتها : أشكر الله أنك تملك الإحساس الذي منعك من الزواج من لوسيا وأتمنى أن تقدم ذات يوم على زواج مبني على الحب لكن عليك أولاً أن تحرر نفسك من هذا الرباط الذي وضعت نفسك فيه بالزواج الآن فأنا لا أوافق على ما فعلته رافايللو سأخبرك بصراحة أنني مازلت آمل أن تثبت للجميع ولنفسك أيضاً أنك أكثر من مجرد رجل أعمال ذي عقل راجح ووجه وسيم .
ثم تابعت بصوت حاد : عليك أن تجعل عمتك تفرح بك .
وفتحت ذراعيها باتجاهه كأنها تطالبه بالاقتراب منها فأسرع رافايللو نحوها كالمعتاد ليطبع قبلتين على وجنتيها فقالت له بمرح : نعم هذا أفضل بكثير !
على الرغم من لسانها الحاد فهو يحبها كثيراً نظرت اليزابيث في عينيه للحظة وقالت بغرابة : علينا أن نتحدث سوياً أيها الشاب الوسيم سأرسم خطة لإخراجك من هذه الورطة .. ولن تكون المرة الأولى التي أفعل فيها هذا .. ولا المرة الأخيرة .
سمحت له بالابتعاد عنها ولكنها أكملت تقول : لكن أولاً علي أن أرتاح قليلاً فالرحلة من بولينا كانت شاقة لقد عمل عمك برناردو بجهد كبير وكانت جولته الثقافية متعبة ومازال هناك الكثير من الأوراق ليكتبها كان عليك توقيت مصائبك في وقت مختلف هيا برناردو .
نادت زوجها ليلحق بها وبالكاد تمكن هذا الأخير من تبادل كلمات الترحيب مع ابن أخ زوجته ثم لحق بها وقف رافايللو للحظات متردداً وهو ينظر نحو والده .
شعر كأنه قنبلة قابلة للانفجار بأي وقت لماذا ؟ فكر بأسى .. لماذا يجب أن تحصل معارك دائمة بينهما ؟
شعر بالإحباط قليلاً فوالده بدا كشخص غريب عنه لمعت عينا انريكو غضباً حين رأى رافايللو ينظر نحوه وقال : أنت .. أنت أيضاً اخرج من هنا لا أريد أن أراك .
لم يحتج رافايللو أن يقول له والده ذلك مرة أخرى فاستدار وخرج من المكتبة على الفور .
فكر بأن يخرج للسباحة هذا ما هو بحاجة إليه الآن فالطقس دافئ والحركة الجسدية قد تفيده ستساعده السباحة على التخلص من التوتر والمشاعر المتناقضة التي تشتعل داخله بعد أن ارتدى ملابس السباحة ووضع المنشفة على كتفه وتوجه نحو البركة وقف مكانه مذهولاً …
لقد سبقه أحدهم إلى حوض السباحة في الواقع أدرك أنا شخصان قد سبقاه إلى هناك إنهما زوجته وطفلها راقبهما للحظات من خلف شجيرات الورد …
كانت ماغي تلعب مع الطفل وهي تقف في الجهة الأقل عمقاً من البركة كانت تقوم برمي بنجي في الفضاء لتعود وتتلقاه عندما يصل إلى الماء مجدداً كانت تضحك بفرح وكذلك بنجي .
تقدم رافايللو باتجاه حوض السباحة لكن ظهوره فاجأ ماغي كثيراً تجمدت في مكانها غير مكترثة لإلحاح بنجي بمتابعة اللعب معه حدقت برافايللو بذعر لاحظه بسهولة وشعر بسخط مفاجئ لا داعي لأن تنظر إليه كمصاص دماء ! سرعان ما بدأت بصعود الدرج المسبح الحجري غير مبالية بصراخ الصبي الذي طالبها بالمزيد من السباحة .
قالت ماغي معتذرة : أنا آسفة جداً لم أدرك أننا يجب ألا نسبح في هذا الوقت .
اختلج رافايللو شعور غاضب آخر ولم يعد يشعر أنها تراه مصاص دماء وحسب بالوحش فرانكشتاين أيضاً .
أعلمها وهو يضع المنشفة على أحد المقاعد : لا داعي لتذهبا ... فأنا سأسبح قليلاً فقط أكملي اللعب مع الطفل .
لكنها تابعت الخروج من البركة وهي تقول : لا ! لا ! لقد انتهينا .
نظراً لتصرفات الطفل الغاضب بسبب الخروج من الماء يمكن الاستنتاج أنهما لم ينتهيا بعد كما ادعت .
بدا صوته جافاً أكثر مما أراد إظهاره وقال : ابقيا في الماء .
لا سبب يدعو تلك الفتاة لتنظر إليه وكأنه وحش .
تمتمت الفتاة : لا حقاً !
لم تعد تحدق به بل أصبحت نظراتها مرتبكة وبدأت تمشي نحو المقعد الذي وضعت أغراضها عليه كانت تمسك الطفل من تحت ذراعيه وهو يصرخ احتجاجاً ويركل الهواء بقدميه احتجاجاً ولحظة ظن رافايللو أن الطفل سيقع على الأرض فاندفع نحوه ليمسك به في اللحظة نفسها التي انحنت فيها ماغي لتنزله على الأرض كي يصبح بأمان .
لثوان قصيرة التقت عينا رافايللو بعينيها قبل أن يبتعد من جديد مدركاً أنها لا تحتاج لمساعدته أذهله ما رآه في عينيها لقد بدت مذعورة بشدة .
وقف رافايللو وقال : ظننت أن الطفل سيقع .
وقفت ماغي في مكانها ممسكة بيد بنجي ورغم أنه كان يشدها باتجاه الماء بقوة فجأة قالت وقد اختفت نظرة الذعر في عينيها : هذا الطفل اسمه بنجي إن كان طفلاً بلا أب ذلك لا يعني أنه لا يملك اسماً أيضاً .
توتر فم رافايللو وفكر أنها تبدو نحيلة جداً وأنه كان عليها رمي الثوب الذي ترتديه للسباحة منذ زمن طويل على الأرجح أنها اشترته من متاجر الثياب البالية فهو كبير جداً عليها وقد ارتخى المطاط فيه أما ألوانه فلم تكن منسجمة مع بعضها أبداً .
وفيما هو ينظر إليها باشمئزاز تغيرت تعابير وجهه تذكر رافايللو تلك التعابير إنها نفسها التي رآها على وجهها حين رآها في لندن وقرر أنها المرأة المناسبة لغايته .
لاحظ ردة فعله أيضاً .. لقد استعاد ذلك الشعور بعدم الارتياح الذي أحس به وهما يركبان السيارة التي أقلتهم من المطار .
حسناً ! إنها ليست مذنبة بالظهور بهذا المنظر المزري فهي بالتأكيد لا تملك المال لشراء ثوب سباحة يحسن شكلها بدلاً من إضفاء القبح عليه وفي الواقع ينطبق الأمر على كافة ملابسها فهي فعلاً أكثر الملابس التي رآها في حياته بشاعة .
مرت صورة لوسيا في ذهنه بجسدها النحيل مرتدية آخر ابتكارات الموضة فهي معتادة على ارتداء ثيابها لمرات معدودة جداً قبل أن ترميها .
لكن المقارنة غير عادلة فالفتاة التي تقف أمامه تبدو كأنها آتية من كوكب آخر .
عبس وهو يتذكر المشهد حين وصفتها لوسيا بالساقطة عاد إليه شعوره بالانزعاج لكنه أصبح أقوى هذه المرة ما شأن لوسيا بحق السماء كي تصفها بذلك الوصف ؟ إنها فكرة سخيفة بل هجومية أيضاً .
وجه نظره مجدداً نحو الطفل الذي مازال يتخبط بعنف كي يعود إلى البركة حسناً ! ليس لديه والد لكن اتهام هذه المرأة بعدم المبالاة سيكون سخيفاً كاتهامها بأنها ساقطة .
( أنت لا تعرف شيئاً عني وعن ظروفي ) .. هذا ما قالته له في السابق .
عادت إلى ذهنه الاتهامات التي وجهت لها في الصباح لقد فهمت ما وصفتها به لوسيا جيداً لم يتوقع منها أن تفهم ولكنها فهمت .. وازداد انزعاجه ..
أوقفت ماغي الطفل بقرب أحد المقاعد وهي تتكلم إليه بحدة محاولة لف منشفة حوله لكنه رماها بعيداً وارتفع صراخه إلا أنها عادت ولفته بها ولفت نفسها بمنشفة أخرى ثم وقفت مكانها قليلاً .
فجأة فكر رافايللو تبدو جميلة بجسدها النحيف والسمرة التي اكتسبتها في الشمس ربما …
ربما لأن المنشفة أخفت ذلك الثوب البشع الذي ترتديه أو لأن أشعة الشمس كانت تعكس ضوء دافئاً على وجهها رأى شعرها الطويل مربوط إلى الوراء كذيل الحصان لم يدرك في السابق حتى أنها تملك شعراً طويلاً فهي دائماً تلفه على بعضه وترفعه بملقط شعر .
راقبها وهي تحمل الطفل وقد كف عن الصراخ الآن وبدأ يحدق برافايللو بعينيه السوداوين الكبيرتين هل قالت أن اسمه بنجي ؟ سيحاول أن ذلك في المرة المقبلة فقد يجعلها ذلك تكف عن التصحيح له بتلك الطريقة القاسية .
حملت ماغي أغراضها وانصرفت وهي تتمتم : عن إذنك .
لاحظ رافايللو أن الطفل .. بنجي .. كان متشبثاً بإطار العوم كأنه كنز من الذهب انتابته مشاعر الغضب والانزعاج من الواضح أن الفتاة كانت تمضي وقتاً ممتعاً مع الطفل .. بنجي ذكر نفسه بالاسم .. والآن هما يعجلان بالانسحاب لم يكن ضرورياً فوجودهما لم يكن ليزعجه طالما يبقيان بعيدين عن المسار الذي سيسبح فيه ..
حسناً لقد فات الأوان الآن بالإضافة إلى أنه لم يكن هو المذنب في رحيلهما فهي التي أصرت على الذهاب أخذ رافايللو موقعاً مناسباً على حافة البركة ثم اندفع نحو الماء ليغطس مبتعداً باتجاه الحافة الأخرى التي تبعد عشرين متراً .
بعد أربعين دقيقة كان قد قطع مسافة كيلومترين ذهاباً وإياباً شعر بالتعب لكن مزاجه أصبح جيداً كانت الشمس قد غابت الآن والظلام بدأ يغطي المكان لكن الهواء لا يزال دافئاً مشى بجانب البركة والتقط منشفته ثم نشف شعره قبل أن يلفها حول جسده .
شعر بالجوع الشديد وقرر أن يأخذ حماماً ثم يغير ملابسه وينزل لتناول بعض المقبلات أدرك أن عمته ستنقض عليه وتسمعه ثرثرتها حتى يمل لكنه بعد هذه التمارين أصبح بمزاج جيد ما يسمح له بتحملها لقد شعر بالسرور لحضورها فهي تنجح دائماً في تهدئة أعصاب أخيها لطالما قامت بهذا الدور طيلة حياتها .
إن وجود عمته وزوجها سيجعلان فترة العشاء أقل إزعاجاً سيساعدان على جعل الأمور أكثر تحضراً .
علت ابتسامة صغيرة فم رافايللو وهو يدخل إلى المنزل .
بعد عشرين دقيقة جلس على الشرفة يشرب القهوة ويراقب أشجار السرو ممتعاً نظره برؤية السهول البعيدة التي تطل عليها الفيلا سمع فجأة وقع خطوات عمته تقترب فوقف يساعدها على أخذ مكانها وعاد يجلس قربها .
بدأت تتكلم على الفور بنبرة آمرة قائلة : حسناً سنتكلم الآن .
في الطابق العلوي كانت ماغي تحمم بنجي رغم أن ذلك لم يكن ضرورياً فقد كان نظيفاً جداً من مياه البركة النقية لكن الحمام شكل إرضاء كبيراً له بعد أم حرم من متابعة اللعب في البركة أما ماغي فلم تنزعج لأنهما غادرا البركة إذ سبق وسبحا مرتين فيها منذ الصباح وقد أمضيا نهاراً هادئاً كالأمس تماماً .
لقد سبحت حين استيقظت ثم تناولت الفطور مع ماريا و غوسيب وعادت لتسبح بعدها ثم أخذت قسطاً من النوم هي و بنجي ومن ثم خرجت تستكشف الحديقة والأراضي المحيطة بالفيلا .
تابعت الاستكشاف صعوداً نحو التلة حتى وصلت إلى الغابة حين عادت إلى المنزل علمت من ماريا أن عمة رافايللو وزوجها وصلا فأخذت بنجي للاختباء في الباحة التي تضم البركة حيث سبحا للمرة الأخيرة في اليوم .
عادت تقلب الأفكار في ذاكرتها .. آه ! لما لم تأخذ بنجي وتنسحب من حوض السباحة قبل عشر دقائق
من وصول رافايللو ؟ لو كان الخجل يقتل الإنسان لماتت من الخجل وقتها ! عادت صورته تقتحم خيالها .. بدا جسده قوياً جداً بطوله الذي يبلغ ست أقدام وبشرته السمراء وعضلاته المفتولة …
شكرت الله لأنها لم تحمر خجلاً وإلا لشعرت بإحراج أكبر .. يكفي أنها تشعر بالإحراج بسبب النظرات التي يرمقها بها وكأنها خرقة مكسوة بالقذارة .
جلست القرفصاء سامحة لبنجي بإلصاق يد مليئة بالصابون على الحائط بجانب حوض الاستحمام راح الطفل ينشر الصابون حوله في كل الجهات أرجعت بيدها بضع خصلات من شعرها إلى الخلف وبينما كانت تقوم بتحريك رأسها انتبهت إلى صورتها في المرآة .
آه يا إلهي ! تبدو بشعة جداً فقميصها قديمة وواسعة لا تبرز شكل جسمها أبداً أما شعرها فبدا مشعثاً عدا عن كونه مجعداً وطويلاً أكثر من اللزوم تذكرت أنها حاولت قصه مرة عند مزين الشعر ولكنها لم تعد الكرة .
فقد اكتشفت وقتها أن الشعر الطويل لا يكلف المال أما الشعر القصير فبلى .
فكرت أن أي رجل سيراها بحالة مزرية فما بالك برجل أنيق ووسيم مثل رافايللو دي فيسنتى ! تذكرت نظراته وهو يحدق إليها بعينيه الواسعتين و رموشه الطويلة متفحصاً بنظرة تقييمية شكلها المزري فشعرت بخجل كبير .
أحست ماغي ببقعة صابون تطير لتحط على ذقنها قاطعة حبل أفكارها تلتها على الفور قهقهة بنجي ما جعلها تكف عن العبوس وتضع أفكارها المحزنة جانباً ابتسمت له بمودة وفكرت أن بنجي على الأقل لن يكترث لمظهرها الخارجي كل ما يريده منها هو الحب وهو الشيء الذي سيحصل عليه إلى الأبد .
بعد انتهاء الحمام ألبست بنجي ثياب نومه القديمة ولكن النظيفة تماماً ووضعته وسط السرير الكبير ألقى الطفل رأسه على الوسادة غامراً بيديه الدب المحشو بالقطن الذي أصبح بالياً لكنه يعشقه بقوة وجلست ماغي إلى جانبه تقرأ له في الكتاب المصور المفضل لديه بدا بنجي متعباً جداً هذه الليلة وتوقعت ماغي أن يغفو بسرعة فكرت بالنزول بعد ذلك إلى المطبخ لإعداد سندويش لها على العشاء .
بوجود ضيوف في المنزل لم تشأ أن تكون مصدر إزعاج لماريا و غوسيب بالإضافة إلى أنها ستشعر بالأمان إن حملت طعامها إلى غرفتها بعيداً عن عيون عائلة رافايللو وعن رافايللو بالذات .
********
لم يتوقع رافايللو أن يستمتع بتوجيهات عمته لكن هذا ما حصل فهي على الأقل قد تفهمت وجهة نظره على العكس من والده إلا أنها بالرغم من ذلك قالت أنه ووالده يستحقان ما يواجهانه مع بعضهما وأنهت حديثها قائلة : أنتما لا تحتملان كلاكما .
ثم أخذت نفساً عميقاً وتابعت : والآن بعد أن أوضحت وجهة نظري اذهب وأحضر زوجتك تلك إلى هنا .
كان رافايللو يرفع كوب العصير عن الطاولة فتجمد مكانه محدقاً في عمته قالت عمته : حسناً ! ما من سبب يدعوك لتبقيها مختبئة بعد الآن علي أن أراها بنفسي .
أجاب رافايللو بجفاء : إنها في غرفتها .
_ حسناً اذهب ونادها لتنزل لا يمكنها البقاء هناك طيلة فترة المساء .
وضع رافايللو كوبه على الطاولة بانزعاج وقال إنها تعتني بطفلها .
لوحت عمته بيدها على الطريقة الإيطالية قائلة : يمكن لأحد الخدم البقاء مع الصبي من الأفضل لك أن تذهب لترى إن كانت جاهزة للنزول إلى العشاء تعلم أن والدك لا يحب التأخير في موعد تقديم العشاء .
توتر فم رافايللو وبدأ يقول : أنت لا تفهمين عمتي ولكن …
لكن عمته قاطعته بصوت حاسم : ما أفهمه رافايللو أنك أهملت تلك الفتاة منذ إحضارها إلى هنا انطلقت على الفور إلى روما لأنك مهووس بأعمال تلك الشركة ولكني سأقول لك أمراً مهما كانت الأعمال في الشركة ملحة ومهما كنت متشوقاً لأخذ مكان انريكو عليك ألا تترك زوجتك في المنزل بمفردها أبداً فهذا غير عادل على الإطلاق أنا لا أكترث إن كان هذا الزواج يلائمك أم لا وإن كنتما منسجمين أم لا لكن هناك أصول عليك إتباعها وهذه أهمها : أياً تكن تلك الفتاة ومهما بدت غير مناسبة كي تكون سنيورة دي فيسنتى لقد تزوجت منها وحصل ما حصل .. إنها زوجتك الآن .
ضغط رافايللو شفتيه على بعضهما بقوة .. هذا لا ليس ما خطط له أبداً وقف بتوتر ونظر إلى تعابير عمته الآمرة ثم قال بسخرية : جيد جداً …
ثم وجد نفسه يكمل فجأة : .. لكني سأطلب منك أن تتساهلي معها قليلاً .
عاوده ذلك الشعور بعدم الارتياح إن عمته امرأة مرعبة وهي بالتأكيد ستهلك تلك المخلوقة الضعيفة التي تجلس بأمان غرفتها الآن وستنقض عليها بلسانها المؤذي .
لاحظ أن عمته توجه نحوه نظرات غريبة كأن كلامه قد فاجأها أجابت بجفاء : سوف آخذ بعين الاعتبار .. ظروفها السيئة فبالإضافة لما أخبرني به أخي عن أخلاقياتها وخلفيتها المتواضعة تكلمت مع ماريا فتوضح لي أمور عديدة عرفت أنها أم عازبة غير محظوظة كالعديدات غيرها ويبدوا أنها تمكنت من إقناع ماريا بأنها ليست فتاة سيئة وهذه مهمة ليست سهلة أبداً لذا أعترف بأني أشعر بالفضول لرؤيتها بنفسي .. حسناً ! هيا اذهب وأحضر زوجتك كي تتخلص من حديثي معك …
زوجته ! مشى رافايللو مبتعداً عن عمته دارت دارت كلماتها في ذهنه لم يكن من المفترض حدوث ذلك .. لم يخطط لجعل تلك الفتاة جزء من حياته فالزواج منها كان لوحده اقتحاماً لحياته والآن تريد عمته أن يحضرها معه للعشاء وكأنها زوجته فعلاً .
صعد درجتين في كل خطوة وحين وصل إلى باب غرفتها دق عليه بحدة .
أجفلت ماغي وكان النعاس قد بدأ يغلبها فيما هي تراقب فراشات العث تطير عبر النافذة متجهة نحو المصباح الذي أضاءته فقد وضعته بعناية على الأرض كي يعطي لها نوراً كافياً لتقرأ وفي الوقت نفسه كي لا يزعج بنجي الذي ينام بجانبها بشعاعه القوي وفيما هي تراقب الفراشات محاولة إبعادها بيدها عن المصباح كانت تشعر بالتعاطف معها لقد شبهت رافايللو بالنور الجميل الذي لا يقاوم بينما رأت نفسها بسهولة كواحدة من هذه الفراشات …
عاد الباب يطرق مجدداً فألقت نظرة سريعة متوترة نحو بنجي مخافة أن يوقظه الصوت ثم خرجت من السرير وذهبت تفتح الباب .
فتحت ماغي فمها باندهاش .. كان رافايللو يقف هناك بجاذبية تخطف الأنفاس وهو يرتدي بنطلوناً قمحي اللون وقميصاً ذات لون أزرق داكن منحته ياقتها المفتوحة نفحة لاتينية ملفتة جعلت أنفاسها تعلق في حنجرتها سألها : هل يمكنني الدخول ؟
إلا أنه لم ينتظر الجواب بل دخل إلى الغرفة وهو يلقي نظرة خاطفة نحو الطفل النائم وتابع : هل أزعجتك ؟
صرخت ماغي في داخلها قائلة : نعم ! لقد أرعبتني بدخولك إلى الغرفة وأنت تبدو كحلم كل امرأة وتسأل إن كنت قد أزعجتني ؟ وقبل فوات الأوان استجمعت قواها وقالت كاذبة : لا ! على الإطلاق .
هز رافايللو رأسه فانعكس نور المصباح المضاء على شعره فأظهره بلون قاتم جداً شعرت بأنفاسها تنخطف مجدداً .
_ العشاء سيقدم بعد وقت قصير هل يمكن أن تكوني جاهزة في الوقت المناسب ؟
حدقت فيه بذهول فتابع يقول : ستأتي إحدى الخادمات لتجلس مع الط … بنجي وإن استيقظ فسوف تناديك .
قالت ماغي بتردد وهي بالكاد تفهم ما يقوله : هو ينام إلى ما بعد منتصف الليل ثم يستيقظ .
هذا ما كان يحدث بالعادة إلا أنه في الليلتين الماضيتين لم يستيقظ حتى الصباح فقد كان يشعر بالتعب بعد هذه المغامرة الجديدة بالإضافة إلى أن توسكانا هادئة جداً بالمقارنة مع لندن جعلها نومه طوال الليل تستمتع بنوم هنيء هي أيضاً فمنذ ولادة بنجي لم تحظ بليلة من النوم المشبع شعرت أنها مرتاحة أكثر من العادة ..
بالطبع كلما فكرت ماغي بسخرية فهي الآن تعيش حياة مليئة باللهو وهذا يساعدها كثيراً على أخذ قسط من الراحة .
عاد رافايللو يتكلم وأجبرت نفسها على سماعه : جيد إذا سأتركك كي تبدلي ملابسك أرجوك أسرعي قدر المستطاع .
انتقلت نظراته لتتفحص قميصها الواسعة المتهدلة وما إن هزت ماغي رأسها إيجاباً حتى رحل مبتعداً عن الغرفة .
انضم رافايللو إلى عمته وزوجها في غرفة الجلوس ثم أتى غوسيب يزف خبراً أشعره بالارتياح أخبرهم أن انريكو يشعر بالتوعك قليلاً وقد ذهب يرتاح في غرفته وأنه لن يتناول العشاء معهم توتر فم رافايللو لكنه لم يعلق رفض والده الجلوس مع زوجة ابنه غير المرغوب فيها على الطاولة نفسها لتناول العشاء .
أما عمته فكانت أقل صبراً منه ولم تتمكن من السكوت فعلقت تقول : يا له رجل صعب ! أتمنى فقط ألا تشعر زوجتك بالإهانة .
تململ رافايللو وقد عاد الشعور بعدم الارتياح ينتابه مجدداً وفكر : إهانة ؟ لو أنها تشعر بالإهانة لأحست بذلك حين نظر إليها في لندن وقرر أنها الأداة المناسبة لانتقامه من والده …
جعله صوت الباب وهو ينفتح يستدير فجأة وكأنه نادها بأفكاره .. فقد ظهرت ماغي عند الباب بتردد وخجل .
فكر أنها تبدو كالفأر كانت ترتدي ذلك الثوب الشنيع الذي ارتدته أثناء مراسم الزواج كان الثوب ينسدل بعدم تناسق فوق ساقيها من دون خصر وبياقة واسعة غير أنيقة أما شعرها فمرفوع إلى الوراء فوق رأسها أفضل ما يمكنه قوله أنها هو أنها بدت مرتبة ونظيفة جداً .
قالت بصوت يكاد لا يسمعه أحد : مساء الخير .
توقف المشهد للحظة .. بعدئذ لاحظ رافايللو أن الاحمرار بدأ يعلو وجنتيها فمشى بضع خطوات إلى الأمام واتجه نحوها

 
 

 

عرض البوم صور Lovely Rose  
 

مواقع النشر (المفضلة)
facebook




جديد مواضيع قسم الارشيف
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


LinkBacks (?)
LinkBack to this Thread: https://www.liilas.com/vb3/t99545.html
أرسلت بواسطة For Type التاريخ
Untitled document This thread Refback 23-04-10 08:44 PM


الساعة الآن 10:22 PM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية