لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > قسم الارشيف والمواضيع القديمة > الارشيف
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

الارشيف يحتوي على مواضيع قديمة او مواضيع مكررة او محتوى روابط غير عاملة لقدمها


 
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack (1) أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 30-11-08, 02:59 PM   المشاركة رقم: 6
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس فعال جدا


البيانات
التسجيل: May 2006
العضوية: 5844
المشاركات: 413
الجنس أنثى
معدل التقييم: Lovely Rose عضو له عدد لاباس به من النقاطLovely Rose عضو له عدد لاباس به من النقاط
نقاط التقييم: 140

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
Lovely Rose غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : Lovely Rose المنتدى : الارشيف
افتراضي

 

…5 _ في قبضة التنين ..

_ تعالي لأعرفك على عمتي وزوجها .
أمسكها رافايللو من مرفقها وساعدها على التقدم بدت أعصابها مشدودة كاللوح تحت قبضته وكادت تتعثر وهي تمشي نحوهما حتى بعد ترك يدها تمكن رؤية مدى توترها وهو يقف بجانبها .
_ عمتي اليزابيث .. هذه ماغي , ماغي إنها عمتي اليزابيث كالي وزوجها البروفيسور برناردو كالي .
أحست ماغي بأنفاسها تعلق في صدرها وشعرت بالدهشة لأن رافايللو ناداها باسمها .
حنى هذه اللحظة كان واضحاً لها بشكل مؤلم أنه لم ينادها باسمها أبداً بل وجه لها الأحاديث بشكل مباشر جداً .
فتحت عيناها بقوة من الدهشة حين أدركت أنه هذا المساء قام بمناداة بنجي باسمه أيضاً ! وبالكاد صدقت ذلك حين دخلت إلى الغرفة ورأتهم جالسين توقعت انفجارات أخرى كالتي استقبلها بها والده وقريبته بالأمس لكن على العكس من ذلك راحت عمته تنظر إليها بسلام بعينيها الواسعتين .
فجأة ابتسمت لها عمته لم تكن ابتسامة كبيرة بالضبط ولم تكن دافئة جداً أيضاً بل ابتسامة اجتماعية حضارية كما ابتسم لها زوجها أيضاً لكن ابتسامته كانت أكثر دفئاً .
قال رافايللو بصوت خافت :للسف وجد والدي نفسه متعباً بعض الشيء لذا لن يحضر للعشاء أتمنى أن تعذروه .
عضت ماغي شفتها بدا من الواضح أن والده يتجنبها وكأنها مصابة بوباء ما .. حسناً ! ربما أنا مصابة حقاً بوباء ما من وجهة نظره فأنا لست زوجة ابنه المثالية آه لم بحق السماء لم يدرك رافايللو أن عليه الزواج فتاة تنتمي إلى وسطه الاجتماعي للتخلص من لوسيا ؟ ما قام به هو الزواج من أول امرأة يصادفها .. لا تزال ماغي تتذكر كلمات تلك الفتاة الشقراء بوضوح فلينظر الآن إلى الفوضى التي زج بها نفسه .. كان عليه أن يدرك ما ستكون عليه ردة فعل والده حين يرى أن ابنه تزوج من عاملة تنظيف لديها طفل تعتني به أيضاً ألم يدرك أن وجود الطفل سيجعل الوضع أكثر سوءاً .
رفعت ماغي ذقنها وهي تفكر : حسناً ! هذا أمر يخص رافايللو ووالده فهي لا تهتم لكونها تعيش من تنظيف بيوت الأغنياء وتعتني بطفل دون أب فبنجي هو حياتها إنه هدية كايس لها .. الهدية الأخيرة .
أتى غوسيب لإعلامهم أن العشاء جاهز اقترب رافايللو من ماغي أكثر ومسك ذراعها من جديد فعاد التوتر يملؤها علمت أن هذا مجرد مشهد تمثيلي أمام عمته لكنها تمنت لو انه يقف على بعد كيلومتر منها أجبرت نفسها على التخفيف من توترها ولم تفتها نظراته المنتقدة لمظهرها على الرغم من أنها كانت نظرات سريعة
جداً .
بعد وقت قصير دخلوا إلى غرفة الطعام وأخذت ماغي تمتع نظرها برؤية التحف الفضية والأغطية الحريرية شعرت بفرح كبير لجلوسها إلى طاولة الطعام الخشبية اللمعة .
سألتها عمة رافايللو بنبرة غريبة ولكن بلغة إنكليزية سليمة تماماً كلغة رافايللو : هل أعجبك الطعام ؟
وجدت ماغي نفسها تجيب بشكل تلقائي : إنه لذيذ جداً .
ابتسمت السنيورة كالي وقالت : إنه مصنوع من الأجاص المستورد وأنا لا أشجع هذا الطعام أنا أحب الأكل الإيطالي وأفضل تناول الفاكهة ففي موسمها لا يزال الوقت مبكر لنضوج الأجاص هنا أما اللحم فهو ممتاز إنه من مدينة بارما وأظنها مدينة معروفة بجبنه البارميزان في إنكلترا .
بدا من الواضح أ|ن العمة تحاول جعل ماغي أكثر ارتياح أدركت ماغي ذلك وقدرت لطفها .
تابعت السنيورة كالي حديثها وهي تركز على نقل صورة جميلة عن توسكانا لماغي :" لكن هناك أشياء كثيرة تتميز بها توسكانا وأنا واثقة أنك ستستمتعين بها كثيراً إنها تتميز بالمطبخ البسيط كطبق البستيكا آلافيدينتينا وهو مكون من اللحم المشوي على الفحم ومن لحم البط .
رفع زوجها يده وقال : لا تكوني قاسية على بارما عزيزتي فهي في النهاية تتشارك العديد من الميزات مع توسكانا .
كانت هذه المرة الأولى التي تسمع فيها ماغي ذلك البروفيسور بماغي طويلاً وكأنه يتفحص أحد تلاميذه .
علق رافايللو بقسوة : برناردو هذه الزيارة الأولى لماغي إلى إيطاليا لا أظنها ستفهم ما تعنيه …
وفي الوقت الذي تكلم فيه تقريباً كانت ماغي تقول وهي تحاول تذكر ما قرأته في الكتيب الذي أحضرته عن إيطاليا : دوقة بارما .. ماري لويز و … أرملة نابليون هي دوقة لوكا .
قال لها البروفيسور مشجعاً : جيد جداً ! عليك زيارة لوكا قريباً .. إنها جوهرة توسكانا .
أجابته ماغي : قرأت القليل عنها في الكتيب الذي أحضرته معي .. أعتقد أنه تشتهر بجدرانها أليس كذلك ؟
_ نعم بالفعل بنيت هذه الجدران في أواخر القرن الخامس عشر لمنع الأسبان من الدخول إليها وتمكنت بذلك من الحصول على الاستقلال كانت في ذلك الحين المدينة الإيطالية الوحيدة التي تتمتع بقوانين خاصة إلى جانب فينسيا استمر ذلك حتى قام نابليون بتنصيب أخته اليزا دوقة عليها وعلى توسكانا أيضاً .
علقت زوجته بجفاء : إن زوجي عالم تاريخ كما تتوقعين على الأرجح .
فاجأ ذلك ماغي كثيراً التفتت السنيورة كالي نحو زوجها وتابعت تقول : أرجوك برناردو لا تكن مملاً .
ابتسمت ماغي بخجل وهي تقول : لا يمكن للتاريخ أن يكون مملاً لا سيما تاريخ مليء بالأحداث كتاريخ إيطاليا.
كان كلامها صحيح تماماً بالنسبة للبروفيسور الذي أجاب قائلاً : و لتوسكانا التاريخ الأغنى في إيطاليا .
سألته ماغي : أي الإتروسكان .
أكد البروفيسور معلوماتها : نعم الإتروكسان .
وأخذ يستطرد في الحديث حتى وصل إلى الحضارة الرومانية القديمة التي سيطرت على البلاد قبل وقت طويل من اكتساب روما لهذه القوة والمنزلة العظيمة .
قاطعت زوجته الحديد معلقة : لطالما قدرت الإتروكسانيين فقد كانت النساء عندهم يتمتعن بحرية مذهلة كن يتناولن الطعام مع الرجال ويملكن الأراضي ويتكلمن في العلن .
خبأت ماغي ابتسامتها فقد تمكنت من معرفة السبب الذي جعل السنيورة كالي تقدر هذه التصرفات من النساء التفتت نحو رافايللو لترى إن كان يجد تعليق عمته مهماً لكنها تفاجأت حين رأت وجهه .
كان ببساطة يحدق بها وكأنها مخلوق غريب من كوكب آخر ارتبكت ماغي ورمشت عينيها بتردد هل قامت بعمل خاطئ ؟ أبعدت نظراتها مجدداً وهي تشعر بدقات قلبها تتسارع هل كانت تتصرف بشكل غير لائق ؟ هل من المفترض بها أن تصمت وألا تشارك بالحديث ؟
ثم سمعت البروفيسور يقول لرافايللو : يجب ان تشغلك زوجتك لبعض الوقت عليك أن تأخذها في جولة سياحية هناك الكثير لتراه .
عضت ماغي شفتها .. إن آخر ما يتمناه رافايللو هو التجول معها في رحلة سياحية قالت بسرعة : آه لا سيكون هذا مستحيلاً .. إن ابني الصغير ..
أجابت السنيورة كالي بهدوء : أؤكد لك أني و ماريا سيسرنا الاهتمام به في غيابك الطقس في إيطاليا هذه الفترة ملائم جداً للسباحة .
قالت ماغي تخالفها : آه ! أرجوك .. حقاً أنا لا يمكنني ترك بنجي .
عادت عمة رافايللو تقول : من الجيد له أن يحاول الشعور بالسعادة حتى وإن لم تكوني بقربه يجب ألا تقلقي لبقائه معنا ماريا تملك خبرة بالأطفال وقد أخبرتني أنه طفل رائع ولديه تربية جيدة بالنسبة لسنه .
ابتسمت العمة برقة ما جعل وجنتا ماغي تحمران خجلاً لم تعرف بما تجيب فنظرت أمامها على الطاولة وفجأة شعرت بلمسة يد خفيفة فوق يدها .
كانت تلك السنيورة كالي التي تابعت تقول : أعتقد أن الأمر كان صعباً عليك أليس كذلك ؟ فالناس دائماً يطلقون أحكاماً قاسية على الآخرين .
والتفتت نحو رافايللو الذي توتر فمه ثم قالت وهي تحاول تغير الموضوع : رافايللو اطلب من غوسيب أن يقدم الطبق الثاني .
مضى وقت العشاء بهدوء اكتشف البروفيسور خلاله وجود مستمع جيد له فأكمل خلال العشاء كلامه عن تاريخ إيطاليا وعن توسكانا بالتحديد أخذت تشعر بالارتياح أكثر خصوصاً أن رافايللو بقي صامتاً طيلة العشاء أما عمته وزوجها فقد بدا لطيفين جداً معها .
بعد العشاء طلبت السنيورة كالي من غوسيب تقديم القهوة في غرفة الجلوس عندها فقط تمكن رافايللو من طرح سؤال على ماغي كان يحيره طيلة ذلك الوقت فبعدما خرج البروفيسور وزوجته من غرفة الطعام أنذرتها نبرة صوته الخشنة بجدية سؤاله وهو يقول : أيمكنك أن تشرحي لي لما تعمل امرأة متعلمة مثلك بالعمل في تنظيف الشقق ؟
حدقت ماغي به .. كان يقف بقربها تماماً لكن هذا لم يكن سبب دهشتها الوحيدة كررت خلفه بذهول : متعلمة ؟
أوضح لها رافايللو بتحد : لديك معلومات واسعة من التاريخ ومن الواضح أنك امرأة ذكية فلماذا تعملين عاملة تنظيفات ؟
انبسط وجهها الآن وأصبحت قادرة على الإجابة على سؤاله فقالت : أنا لا أحمل أي شهادة .. لكن لطالما أحببت المطالعة وهذا كل ما في الأمر فدخول المدرسة .. كان أمراً صعباً .
فكرت ماغي ان لا داعي لجعله يمل من تفاصيل قصتها ولا ضرورة لإخباره كم كان صعباً عليها كفتاة ملجأ ان تتحمل التعليقات والضغوطات من التلاميذ الأكثر حظاً منها لوجودهم مع عائلاتهم .
تابعت قائلة : رغم أني تلقيت بعض الدورات التدريبية التي توازي التعليم الأولي .. لكنني لم أتمكن من المتابعة .
وعادت تفكر ان لا ضرورة أيضاً لتخبره أن السبب يعود إلى تزامن دراستها مع اكتشاف المرض لدى كايس .
ابتلعت ريقها وتابعت : ولكن أحد الأشياء التي أود القيام بها .. وقد أصبحت أمراً ممكناً الآن هو متابعة المزيد من الدراسة لأتمكن من الحصول على عمل أفضل حين يبدأ بنجي في الذهاب إلى المدرسة لن أعمل بدوام كامل طبعاً سأعمل فقط عند وجوده في المدرسة لأكون دائماً موجودة في المنزل لأجله .
أتى صوت عمته آمراً وهو تقول : رافايللو دع الفتاة المسكينة تأتي لتناول القهوة .
عندئذ ترك ذراعها ورافقها بتهذيب إلى غرفة الجلوس .
تفحصت اليزابيث كالي ابن أخيها وزوجته بنظرات متسلطة وأفسحت مجالاً بجانبها على الأريكة ذات القماش الحريري وقالت : تعالي واجلسي إلى جانبي ماغي رافايللو .. يود برناردو أن يدخن سيجار والتدخين هنا غير مسموح به بالتأكيد لذا أرجوك رافقه إلى الشرفة .
فكرت ماغي أنت اللطف الزائد ليس من صفات السينيورة ومرة أخرى وجدت نفسها تنظر في عيني رافايللو لكنها لم تجد فيهما نظرات التسلية بل وجدت فيهما سؤالاً صامتاً .
أخذت المرأة تسألها عن عملها وطفلها وأسباب زواجها من رافايللو لكن الموضوع الوحيد الذي لم تسأل عنه بشكل مزعج هو والد بنجي ..
قالت لماغي : تحصل هذه الأمور أحياناً ولطالما حدثت أمور متشابهة وبالتأكيد سيحصل هذا مع الكثيرات بعدك لكني بصراحة أقدر فيك جرأتك باتخاذ القرار بإبقاء الطفل معك كان من الأسهل لك لو تركته مع والده .
بقيت الكلمات في صدر ماغي تملؤها بالرعب : أبداً لم أكن لأفعل ذلك .. وزاد الرعب في داخلها حين تذكرت أن والدتها هي لم تفكر حتى باحتمال إعطائها لوالدها وبدلاً من ذلك تركتها بكل بساطة على جانب الطريق لكي تلقى حتفها .. لكنها بقيت صامدة لتعيش والآن سيستمر صمودها وتمسكها بالحياة من أجل بنجي .
رأت ماغي عبر النافذة رافايللو .. الشخص الذي تزوجته مقابل مائة ألف جنيه لكن شيئاً في داخلها أوجعها وآلمها لذا التفتت بعيداً عنه لا ! لا يمكن ان يحدث هذا .. يا لها من أفكار سخيفة وخيالية ! لا يمكن لرجل مثله أن يلتفت نحوها ولا في أحلامها .
*******
استيقظت ماغي في صباح اليوم التالي حين دخلت إحدى الخادمات إلى غرفتها وهي تحمل صينية القهوة قالت الخادمة وهي تبتسم : صباح الخير سنيورة .
ثم توجهت نحو بنجي تحدثه بالإيطالية رغم أنه كان لا يزال نائماً جلست ماغي تراقبها قليلاً ثم رشفت قهوتها والتفتت تنظر من النافذة نحو أشجار السرو التي انتشرت فوقها أشعة الشمس الساطعة .
راحت تفكر بسهرة ليلة أمس وما رافقها من مشاعر غريبة بدت عمة رافايللو وزوجها لطيفان معها كثيراً أما رافايللو فبدا مهذباً ومتحضراً أي أيضاً ! لم يبدو على السنيورة كالي أنها مستاءة لأنها تزوجت من ابن أخيها من أجل المال .
قالت لها بالأمس بطريقتها الحاسمة المعتادة : اعرف ان هذا الأمر خاطئ بالتأكيد لكني أتفهمه تماماً ولا ألومك أبداً صغيرتي .
عبست ماغي وفكرت هل يعني قولها أنها تلقي اللوم على ابن أخيها ؟ رغم أنها لم تكن تدري ما ستواجهه قبل مجيئها إلى هذه الفيلا لكنها الآن لا تحسد على وضعها أبداً .. فالجميع يتمنى لو أنها على بعد ملايين الأميال عنهم .
استيقظ بنجي وبدأت ماغي ترحب به فهو كعادته يستيقظ بنشاط ومزاج طيب ما يستدعي منها اهتماماً .
بعد ان لبسا ثيابهما حملت ماغي صينية القهوة بحذر بإحدى يديها وأمسكت يد بنجي بيدها الثانية ونزلت إلى المطبخ لتناول الفطور لكنها حين أغلقت باب غرفتها سمعت خطوات آتية من آخر الرواق .
كان والد رافايللو يمشي باتجاهها وحين رآها وقف مندهشاً أما ماغي فجمدت مكانها رغم أنها رأته لفترة قصيرة منذ ثلاث أيام لكنها عرفت أنه انريكو دي فيسنتى بدا شبيهاً برافايللو بفارق ثلاثين سنة فقط .
قست معالم وجهه حين رآها ولم تعلم ماغي ما عليها القيام به هل تقول له صباح الخير أم تصمت وتتابع طريقها ؟ أم من الأفضل لها أن تعود إلى غرفتها ؟
شعر بنجي بالتوتر فتشبث بساق والدته وهي تقف هناك حاملة صينية القهوة ولا تعلم ما عليها فعله ..
قال انريكو دي فيسنتى بصوت أجش : إذاً أنت لا تزالين هنا !
لم تجب ماغي ولم تعلم ما عليها قوله .
تابع انريكو بصوته القاسي : هل تتخيلين أن بإمكانك التصرف وكأنك في منزلك ؟ هل تتخيلين نفسك سيدة مجتمع محترمة الآن .. أنت وطفلك هذا ؟
ارتجف جسد ماغي بينما اقترب منها انريكو أكثر بشكل تهديدي وعيناه الداكنتان تحدقان إليها بقرف وكره : إذاً اعلمي أن ابني الجاهل اختارك زوجة له ليهينني فقط أراد أن ينتقم مني ويخالف إرادتي فأحضر إلى المنزل امرأة من حثالة البشر .. لقد اختارك لأنك أسوء زوجة كان من الممكن أن يحصل عليها .. بشعة جاهلة من عامة الشعب ولا تملكين قيماً أخلاقية أبداً أحضرك من أحد أحياء لندن الفقيرة .. واختارك عاملة تنظيف فقط لكي يقرفني .
شعرت ماغي أنها على وشك الإغماء سمعت ضغط دمها القوي يطرق في أذنيها أما بنجي فخبأ وجهه ببنطلونها القطني من الخوف رغم انه لم يفهم أي كلمة لكنه استطاع ان يشعر بقسوة الكلام الذي وجه لوالدته .
أصبحت نظرات ماغي ضبابية فيما تابع والد رافايللو طريقه عبر الدرج الرخامي متوجهاً نحو الصالة شعرت أن ماغي أن الصينية تهتز بين يديها أدركت أنها إذا لم تضعها من بين أصابعها المرتجفة وتتكسر على الأرض .
فجأة أخذ أحدهم الصينية من يدها وهو يقول : تعالي إلى هنا …
وأدخلها مجدداً نحو غرفتها شعرت ببنجي يؤخذ منها لبعض الوقت فيما الطفل يحتج على ذلك وبعد ان جلست على السرير أعاد ذلك الشخص بنجي إلى أحضانها وجلست هناك تملس شعر بنجي بيدها وهي غير واعية لشيء حولها .
وقف أمامها رجل طويل أسمر منعت قامته وصول الضوء إلى عينيها فأدركت أنه رافايللو دي فيسنتى الرجل الذي اختارها ليس لأنها مناسبة ومتوفرة فقط بل لأنها ستقرف والده بالتأكيد رنت كلمات والده في أذنيها مجدداً : امرأة من حثالة البشر .. إنها بنظره أفضل إساءة يمكنه أن يقدمها لوالده .
قال بصوت منخفض : ماغي …
استمرت في تمليس شعر بنجي بيدها وهي تحدق بذهول نحو السجادة على الأرض حاولت ألا تفكر ألا تشعر .. تابع رافايللو يقول : يجب ألا .. ألا تصدقي ما قاله والدي إنه غاضب مني أنا ولا ذنب لك في ذلك .
لم تستطع أن تنطق ولو بكلمة واحدة فيما راح رافايللو ويراقب تعابير وجهها أراد ان يجد الكلمات المناسبة لكنه لم يستطع لم يترك له والده مكاناً لتلطيف الأمور وعلى الرغم من ذلك استمر بالمحاولة .
_ ماغي أنا ….
رفعت ماغي رأسها فالتفتت نظراتهما معاً قالت : ليس عليك أن تقول شيئاً هذا ليس ضرورياً .
لم تبال إن كان قد بدا بعض الضعف في صوتها رفضت حتى الاعتراف بضعفها من غير الممكن أن تشعر بشيء حياله .. هذا مستحيل وقفت وهي تحمل بنجي فوق ذراعها وأطلقت نفساً فيه بعض الضعف أيضاً ثم سألت وقد بدت مسيطرة على نبرة صوتها : أرجوك أخبرني أين تود مني أن أتناول الفطور ؟ أم تفضل أن أبقى في غرفتي ؟
رغم سيطرتها على صوتها إلا أنه بدا حاداً جداً كحبل مشدود على وشك الانقطاع توتر فم رافايللو وقال : تقوم العائلة عادة بتناول الفطور على الشرفة في الأيام المشمسة .
مد يده نحوها لكنها لم تبال بها بل مشت نحو الباب إلا ان رافايللو وصل إلى الباب قبلها وفتحه من أجلها بلطف كبير فكرت ماغي أن عليه أن يوفر لطفه هذا للدوقات فبعد ما اكتشفته اليوم فهمت أن لطفه يذهب سدى معها .
لقد اختارها لسبب واحد مدروس بعناية ومخطط له أراد ان يهين والده كان يعرف بالضبط ما ستكون عليه ردة فعل والده لقد استخدمها ببرودة أعصاب لينتقم من والده .
كان الفطور مع العائلة على الشرفة آخر ما أرادته ماغي لكن شرودها وعدم اكتراثها سيساعدانها على تحمل الجلسة مشت نحو الغرفة مع رافايللو لتجد أن عمته وزوجها هناك وكذلك والده .
حالما رأى البروفيسور ماغي وقف ليلقي عليها التحية أما هي بالكاد تمكنت من هز رأسها لترد عليه أما والد رافايللو فوقف بحدة كصرير الحديد فوق الصخر وحمل فنجان قهوته قائلاً : سأكون في المكتبة علي إنجاز بعض الأمور .
ومشى مبتعداً مبدياً بوضوح عدم رغبته بمشاركتها الجلسة عادت كلماته تضج في رأسها من جديد : امرأة من حثالة البشر .. لم تجلس ماغي في الكرسي الذي كان يمسكه رافايللو لها بل فضلت الجلوس في أبعد زاوية من الطاولة في تلك اللحظات شعرت برغبة في الموت كان قلبها محطماً بألم لم تستطع البوح به .
سألتها اليزابيث كالي بصوت مرتفع قليلاً : إذاً هذا هو طفلك الصغير ! ما اسمه ؟
أجاب رافايللو وهو يجلس قبالة ماغي باسطاً منديل المائدة في حضنه : بنجي .
بدا صوته متوتراً وتساءلت ماغي عن السبب .
شغلت نفسها بإجلاس بنجي في حجرها محاولة تفادي النظر في عيون الموجودين أحضرت إحدى الخادمات زجاجة الحليب لبنجي فتلقاها بفرح ولهفة أما ماغي لم تشعر بالشهية للأكل بل أحست كأنها تجلس وراء حاجز زجاجي يفصلها عن بقية الجالسين حولها حتى حين كانوا يطرحون الأسئلة وتقوم هي بالإجابة باختصار وبصوت منخفض لم تفسح مجالاً للبدء بأحاديث شيقة كتلك التي تم تداولها البارحة أثناء العشاء .
قالت عمة رافايللو وقد لاحظت تصرفات ماغي : يبدو أنك مرهقة .
هزت ماغي رأسها توافقها دون ان تنظر في عينيها أخذت تطعم بنجي بعض الطعام الطري كانت ما تزال تشعر أن الجميع بعيدين جداً عنها لا سيما رافايللو الذي بدا لها وكأنه على بعد سنوات ضوئية منها لكنها لاحظت أنه يراقبها لم تتمكن من قراءة تعابيره فقد بدا الغموض في عينيه واعتقدت ماغي أنه على الأرجح يفكر كم تبدو قبيحة غير مهذبة وأنها تلوث أجواء منزله المعطر وكأنه يتمنى فقط لو ان بإمكانه رميها في الخارج حالاً .
فكرت ماغي باستغراب لم آلمها إلى هذا الحد أن يكون رافايللو دي فيسنتى الرجل الغريب بكل ما في الكلمة من معنى قد استخدمها عن سابق تصميم لمضايقة والده فقط ؟ لمَ يؤلمها اختياره لها لأنها امرأة من حثالة البشر ؟
هل أراد ان يرميها في وجه والده لأنها بسيطة ومن مستوى وضيع ولأنها أم عازبة تعمل في تنظيف الشقق في لندن لكي تعيش ؟
علمت ماغي في داخلها ألا ذنب لها في اتهاماته فهي لم ترتكب أي ذنب ولم تخطئ أبداً لكي تشعر بالخجل ففي النهاية على أحدهم أن يقوم بتنظيف البيوت ويبقي شقق الأغنياء مريحة ومرتبة .
لكن على الرغم من ذلك بقيت ماغي تشعر بألم كبير في أعماقها .
انتزعها من أفكارها المؤلمة صوت كرسي تحرك إلى جانبها كانت السنيورة كالي تتكلم معها فأجبرت ماغي نفسها على سماع ما تقوله . _ عزيزتي دعي بنجي يأتي معي قليلاً أخبرتني ماريا أن ابنة أختها أحضرت بعض الألعاب التي كانت لأولادها أعتقد أن هناك دراجة بثلاث عجلات والكثير من الألعاب الأخرى التي لا شك أن ابنك الصغير سيفرح بها كثيراً .
أخذت السنيورة كالي بنجي من حضن ماغي وأوقفته على الأرض ثم ابتسمت للطفل وهي تقول : هيا ! تعال لرؤية الألعاب الجديدة .
فهم بنجي كلمة ألعاب فمشى نحوها بسرور أمسكت السنيورة يد بنجي الصغيرة وأمسك البروفيسور يد ه الثانية راقبتهم ماغي وهم يشقون طريقهم باتجاه زاوية المنزل لكنها كانت ما تزال شاردة الذهن .
أثناء ذلك كان رافايللو يراقبها بدت صغيرة جداً لتتحمل مسؤولية طفل وصغيرة جداً كذلك على قبول الاتهامات القاسية التي رماها والده في وجهها .
شد قبضتي يديه بقوة يا إلهي ! لقد تعرضت للأذى بسببه بدا ذلك واضحاً جداً فالحزن والأسى اللذان ظهرا في نظرات عينيها جعلاه يشعر بالسوء إنها تنكمش على نفسها وتبعد ذاتها عن الآخرين .. ولا يمكنه لومها على ذلك .
شعوره بعدم الارتياح بالنسبة لكل ما يتعلق بها ازداد حدة ليغدو نوعاً من الشعور بالذنب وجد نفسه يتمنى بكل ما يملكه من قوة لو أنه يستطيع أن يمحو من ذهنها ذلك المشهد البشع الذي حصل أمام غرفتها ليته تمكن من إيقاف والده قبل أن يبدأ برمي تلك الاتهامات القاسية البشعة والكلمات السيئة في وجهها .
لكن اللوم يقع عليه أيضاً فبعد ظهر ذلك اليوم وفي أول لقاء لها مع والده تعمد ان يقدمها إليه بنبرة يمتزج فيها الغضب والسخرية مسبغاً عليها مختلف الصفات التي تجعلها أبعد ما تكون عن الجاذبية واللباقة تلك الصفات التي يجب أن تتحلى بها زوجته والقصد من وراء ذلك كله هو إغاظة والده وجعله يفهم معنى تصرفه هذا وكأنه يقول له : أردت أن تلوي ذراعي وتجبرني على الزواج .. حسناً ! انظر .. انظر إلى أي نوع من النساء اخترت زوجة لي .
تفجرت مشاعر الذنب في داخله مشاعر قوية وغير سارة على الإطلاق كما أحس بشيء أبعد من الشعور بالذنب شيء بدأ ينمو في داخله وهو يجلس هناك إلى طاولة الفطور يراقبها ملاحظاً انكماشها على نفسها والنظرة المليئة بالألم التي تطل من عينيها .
إنه الغضب !
بات الغضب شعوراً مألوفاً لديه خلال الأشهر الماضية مع محاولات والده التضييق عليه ودفعه قسراً للزواج من لوسيا لقد اعتاد شعوره هذا بالغضب يوماً بعد يوم إلى أن غدا الغضب جزءاً منه إلا أنه ظل مصمماً على عدم السماح لوالده بالتحكم في حياته وكأنه لعبة يديرها كيفما يشاء . نعم لقد أصبح الغضب شعوراً مألوفاً له إلا أن غضبه بدا مختلفاً هذه المرة إذ كان موجهاً نحوه هو نفسه هب واقفاً على قدميه في حركة مفاجأة .
_ تعالي !
سلخت ماغي بصرها عن المكان الذي كانت تنظر إليه حيث ذهب بنجي برفقة آل كالي لتجد أن رافايللو يقف بالقرب منها وقف هناك بطوله الفارع وهيئته الآمرة ما دفعها على الوقوف فوراً راحت تنفض فتات الخبز عن بنطلونها وما إن رفعت بصرها حتى رأت ان رافايللو يراقبها وينظر إلى ثيابها بعدم استحسان .
فكرت ماغي في سرها : نعم ثيابي زهيدة الثمن قديمة الطراز وغير أنيقة لكنني ما كنت لأختارها لولا أني مضطرة ما كنت لأرتدي هذه الثياب لو كنت أملك ما تملكه من المال ولكنني لا أملك المال .. الفقر ليس جريمة وهو لا يدعو صاحبه إلى الخجل .
تابعت تقول لنفسها : لن أطأطأ رأسي وأشعر بالخزي لأنني لست غنية .. كما أني لن أطأطأ رأسي لأني يتيمة الأبوين .
أعلن رافايللو بنبرة صوت مشدودة : اليوم سوف نذهب إلى لوكا .
اتسعت عينا ماغي فلم تتوقع ذلك مطلقاً وما لبثت أن قراره هذا على علاقة مع عشاء ليلة أمس حين راح البروفيسور يتحدث عن لوكا وألحت زوجته على ابن أخيها ان يصطحب عروسه في جولة سياحية .
قالت في صوت منخفض ونبرة خجولة : هذا ليس ضرورياً .
أجابها رافايللو : دعني أحكم على ذلك .
شعرت بالغضب يختبئ خلف كلماته ولم تتفاجأ بذلك لقد أجبرته عمته بشخصيتها المسيطرة على اصطحابها في جولة سياحية بدا واضحاً مدى انزعاجه لأنه سيضيع نهاره برفقة امرأة اختارها لأنها من حثالة البشر …..
لا يمكنني أن أترك بنجي .
وجدت ماغي نفسها عاجزة عن النظر في عينيه فأخذت تنظر هناك فخفضت بصرها قليلاً لكن ذلك لم يكن أفضل أخيراً أزاحت نظرها بعيداً عنه كلياً لكي ترتاح وأخذت تنظر نحو أشجار السرو التي تملأ الحديقة .
_ سيكون بنجي بخير هنا فعمتي وماريا ستهتمان به كثيراً وتأكدي أنه سيفرح برفقتهما .
نظر رافايللو إلى ساعته الذهبية الغالية الثمن وتابع يقول : أفضل أن ننطلق بعد نصف ساعة أرجوك كوني مستعدة لذلك .
هز رأسه وسار ليختفي داخل الفيلا .
تنهدت ماغي وفكرت بما عليها فعله .. هل تصر على موقفها وترفض الخروج معه ؟ إنها بالتأكيد تريد ذلك .. مجر التفكير أنها ستمضي وقتها برفقته هو أمر بغيض فما بالك بالخروج معه في جولة سياحية حول المدينة وهي تعلم أنه يتمنى هلاكها ؟ لماذا بحق السماء يريد الخروج معها ؟ كان يستطيع بالتأكيد أن يتذرع بالعمل كي يقنع عمته بعدم قدرته على مرافقتها إضافة إلى ذلك ومهما حاول التخفيف عنها من الصعب عليها أن تترك بنجي لوحده فهي لم تبتعد عنه مطلقاً منذ ولادته .
لكن بالرغم مما فكرت به ماغي حين ذهبت لتبحث عن بنجي وجدت أنه لا يفتقدها أبداً لقد شعر بالفرح مع ماريا وعمة رافايللو وبدا متحمساً جداً وهو يلعب على الدراجة .
أسرعت ماريا نحو ماغي وهي تقول : اذهبي الصغير سعيد جداً وهو لا يلاحظ غيابك إن رآك الآن سيتعلق بك من جديد لذا اذهبي الآن إن شعرت أنه حزين في غيابك سأتصل ب السنيور ليعيدك على الفور إلى المنزل لقد وعدني أن يفعل ذلك لكننا سنهتم جيداً بالطفل وكأنه ابننا أنا معتادة على الاهتمام بالأطفال لطالما اهتممت بأطفال كثيرين قبله هيا اذهبي !
أبعدت ماريا ماغي وعادت تحدث بنجي وكأنها تقدر شجاعته على ركوب الدراجة .
أدارت ماغي ظهرها ومشت مبتعدة .. كانت تعلم في داخلها أم من المفيد أن يبدأ بنجي بالشعور بالسعادة بعيداً عنها فحين يعودان إلى لندن ويتخذان لنفسيهما شقة خاصة يعيشان فيها سيكون الوقت ملائماً ليتعرف بنجي على مجموعة أطفال في سنه ويبدأ بالذهاب إلى الحضانة حين صعدت إلى غرفتها لكي تجهز نفسها ارتدت تنوره قطنية ذات لون كاكي ورغم أنها بدت واسعة عليها قليلاً إلا أن مجرد كونها تنوره جعلها مميزة أكثر من غيرها وارتدت معها قميصاً قطنية ذات لون أبيض حملت ناغي حقيبتها التي بدت شبه فارغة لخلوها من الأغراض التي تخص بنجي ونزلت إلى الطابق الأرضي .
وقفت في الصالة الكبيرة تتساءل عما عليها فعله الآن تمنت ألا تضطر إلى مواجهة والد رافايللو مجدداً لحسن حظها كان والده في الغرفة المجاورة وقد أُقفل الباب لكنها تأكدت من وجوده هناك لدى سماعها أغاني الأوبرا تخرج منها إنها موسيقى لفيردي …..
رغم أنها لا تمتلك جهاز ستيريو متطوراً لكنها اشترت راديو صغيراً وتعودت أن تمضي كل مساء بعد أن ينام بنجي وهي تقرأ وتستمع إلى الأخبار اليومية والبرامج العلمية وأن تستمتع بالموسيقى عبر إذاعة الموسيقى الكلاسيكية المفضلة لديها .
جعلها سماع وقع خطوات تأتي من الأعلى تستدير نحو الدرج كان رافايللو ينزل الدرج وقد بدا لها ممتلئاً بالقوة وهو يرتدي بنطلوناً قطنياً من اللون الكاكي أيضاً مع قميص بولو وقد ألقى سترته الحريرية فوق كتفه وهو يمسكها بإصبعه أما في يده الثانية فكان يحمل نظارته الشمسية وقفت ماغي وهي تحمل حقيبتها أمام صدرها تنتظر أوامره محاولة عدم التفكير بمدى وسامته ورجوليته .
_ هل أنت جاهزة ؟ جيد !
بدت نبرته حادة وغير شخصية كالمعتاد توجه نحو الباب الرئيسي ومشت ماغي خلفه تماماً بهرتها الشمس خارجاً فضاقت عيناه وراحت تلحق بخطواته وهو يشق طريقه إلى المرآب خلف الفيلا .
حين وصلا إلى المرآب وجه إليها التعليمات قائلاً : انتظريني هنا ! .
نفذت ماغي تعليماته على الفور فيما أكمل طريقه إلى السيارة لحظات وبدأ صوت السيارة يهدر كالتنين وظهرت أمامها فجأة سيارة فخمة مكشوفة إنها إحدى السيارات الرياضية الأغلى ثمناً .
أوقف رافايللو السيارة إلى جانب ماغي تماماً ثم نزل منها ليفتح لها الباب قائلاً : ادخلي … ! .
صعدت ماغي إلى السيارة وهي تشعر بالخوف وما إن استقرت في المقعد حتى انحنى رافايللو فوقها ليضع لها حزام الأمان .
تجمدت ماغي في مكانها فهو لم يقترب منها جسدياً بهذا الشكل من قبل تراجعت في جلستها إلى الخلف قدر ما استطاعت وبعد وقت قصير كان قد اتخذ مجدداً وابتعد عنها وضع نظارته السوداء وأدار المحرك مجدداً ثم أخرج السيارة نحو الطريق مسرعاً تمسكت ماغي جيداً كأنها تحاول الحفاظ على حياتها الغالية في إحدى الألعاب الخطيرة في مدينة الملاهي فيما هما يتوجهان نحو الأوتوستراد الذي يقع في وادي ريرآرنو . بشكر كل البنات الحلوات للي بيشجعوني وهو الامر الدي يدفعني للمحاولة جاهدة ان انزل باقي الاجزاء رغم ضيق الوقت فالتمسو لي العدر وسامحوني على التاخير

 
 

 

عرض البوم صور Lovely Rose  
قديم 30-11-08, 03:01 PM   المشاركة رقم: 7
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس فعال جدا


البيانات
التسجيل: May 2006
العضوية: 5844
المشاركات: 413
الجنس أنثى
معدل التقييم: Lovely Rose عضو له عدد لاباس به من النقاطLovely Rose عضو له عدد لاباس به من النقاط
نقاط التقييم: 140

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
Lovely Rose غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : Lovely Rose المنتدى : الارشيف
افتراضي

 

6 _ .. وهي امرأة أخرى !
بدت جدران لوكا التراثية مثيرة للإعجاب تماماً كما وصفها الدليل السياحة الخاص بماغي لكن رافايللو لم يقصد تلك الجدران ولا الكاتدرائية سان مارينو أو كنيسة سنترو ستوريكا القديمة ولا حتى متحف بوتشيني الذي يضم نصباً تذكارياً لأشهر أبناء لوتشيا بدلاً من ذلك وجدت ماغي نفسها تقاد إلى مبنى ضيق ذي واجهة أنيقة شعرت في تلك اللحظات بدوار قوي لكثرة ما تطاولت بعنقها في جميع الاتجاهات بذهول فأينما نظرت كانت تجد عجائب تاريخية لمدينة توسكانا القديمة حتى الكنائس والمطاعم والمقاهي بدت ذات طابع قديم جداً ما أثار إعجاب ماغي بالتصميم العمراني الإيطالي العظيم .
أشار رافايللو نحو باب المدخل وقال : تعالي .
رأت ماغي مكتب الاستقبال يشع بالأنوار تجلس خلفه امرأة أنيقة في العشرينيات من عمرها رفعت تلك المرأة نظرها عن دفتر المواعيد وهما يدخلان ثم شع وجهها .
قالت بلغة إيطالية طلقة : رافايللو !
نظرت من خلف المكتب بحماس واقتربت من رافايللو وعانقته قال لها شيئاً ما وهو يضحك وبدا واضحاً أنه يمازحها ثم بدأ بالكلام .
وقفت ماغي على بعد خطوات منهما وقد فهمت من تعابير وجه المرأة ومن النظرات التي ألقتها نحوها بين الحين والآخر فيما هي تستمع لرافايللو أنها هي بالذات موضوع تلك المحادثة .
تشبثت ماغي بشكل لا إرادي بحقيبتها وشعرت بالاحمرار يعلو وجنتيها كانت على وشك الاستدارة للتحديق عبر النافذة إلى الشارع الضيق حين أطلقت المرأة ضحكة طويلة وصفقت بيديها وهي تلتفت نحو ماغي .
قالت لها بالإنكليزية : تعالي ! تعالي ! هناك أشياء كثيرة علينا القيام بها وليس لدينا الكثير من الوقت آه لكن النتيجة ستكون مذهلة ! .
توجهت المرأة نحو رافايللو وهي تبتسم قائلة : سندع رافايللو يذهب الآن فلا حاجة لنا به هنا ولن أنتظر رأيه في ذلك أبداً .
ثم نظرت نحو رافايللو وأومأت له بيدها وهي تقول ممازحة : هيا .. هيا ارحل من هنا الآن .
تمكنت ماغي من التكلم أخيراً : أرجوك ما الذي يحدث هنا ؟
لمعت عينا المرأة السوداوان بشكل لعوب وهي ترد عليها قائلة : إنها مفاجأة !
نظرت ماغي بقلق نحو رافايللو ويداها تتشبثان ببعضهما بقوة فوق مقبض حقيبتها لم تتمكن من فهم تعابير وجهه لكنه قال بضع كلمات للمرأة الغريبة فهزت رأسها وخرجت إلى غرفة أخرى وقف ينظر إلى ماغي قليلاً بينما وقفت هي والقلق باد عليها بوضوح .
قال لها وقد بدا صوته أكثر مما أراد : لا داعي للقلق فقط ضعي نفسك بين يدي أوليفيا وستكونين بخير .
قالت بصوت مخنوق : لم أفهم بعد .
نظر نحوها للحظات طويلة هذه المرة كأنه يجد صعوبة في إيجاد الكلمات المناسبة : لو أمكنني محو ما سمعته من والدي هذا الصباح لفعلت ولكن ذلك ليس بمقدوري لذا كل ما يمكنني فعله هو إثبات العكس .
بدا وجه ماغي جامداً كالجليد كأن قناعاً وضع فوقه لكن عيناها فضحا ما تشعر به وجعلت رافايللو يرى الألم من خلالهما .
قالت بهدوء وصوت خالي من أي تعبير : لكنك لن تتمكن من إثبات عكس ما قاله والدك لأنه قال الحقيقة أليس كذلك ؟ ماذا قال ؟ إنني .. إنني أمثل أقبح إهانة تمكنت يوماً من تقديمها إليه إنني على النقيض تماماً من صورة المرأة التي كان من الممكن أن ترحب بها عائلتك كزوجة لك . ولهذا السبب بالذات تزوجتني لهذا السبب تزوجتني أنا ولم تختر امرأة من عالمك الخاص … لكي تهين والدك .
أطلق صوتاً من حنجرته كأنه يهم بالكلام لكنها تابعت كلامها : أخبرتك أن ذلك لا يهم وهو فعلاً لا يهمني فأنت تدفع لي المال من أجل ذلك ولهذا السبب لا يحق لي الاعتراض والاحتجاج .
شعر رافايللو بألم قوي في داخله وكأن سكيناً يمزق صدره قال لها : تقولين أن هذه هي الحقيقة ماغي .. لكنها ليست كذلك سبق وبرهنت لي أنها مجرد كذبة وكذلك لعمتي وزوجها و ماريا و غوسيب والآن أريد فقط إنهاء المهمة .
حدقت فيه وقالت : أي جزء تعتبره كذبة ؟ أخبرني ؟ أن بنجي ليس لديه والد ؟ أنني أرتدي ثياباً بالية ؟ أنني أعيش من تنظيف الشقق ؟ أم أنني لست المرأة المناسبة لتكون زوجتك ولا أستحق سوى أن أكون كالتراب تحت الأقدام ؟ أي جزء هو كذبة ؟
كانت ماغي تنظر إليه دون ان تبدو على وجهها أي تعابير واضحة لكن المشاعر راحت تغلي في داخله بقوة أحد تلك المشاعر كان الشعور بالغضب إنه الغضب نفسه الذي جعله يأتي بها إلى هنا وإلى جانب الغضب تملكته مشاعر أخرى إنه الشعور بالذنب ….
لم يعد يستطيع امتصاص ما كان يخفيه أكثر فقال : أنت لست أول امرأة تنجب طفلاً يتخلى عنه والده من الواضح أنك تملكين ذكاءً يخولك ان تكوني شخصاً افضل لست مذنبة بسبب أصلك الفقير المهمل تماماً مثل ابنك أما بالنسبة لمظهرك .. حسناً ! هذا ما سنتكفل بتغيره الآن .
أنهى رافايللو كلامه والتفت بعيداً عنها لم يكن يريد أن يراها وهي تنظر إليه حاملة جراحها وألمها خلف ذلك القناع الوهمي الذي يخفي مشاعرها الحقيقية .
نادى رافايللو : أوليفيا … !
دخلت أوليفيا من الغرفة الثانية تكلما بالإيطالية وقد بدا التساؤل على وجهها .. ثم قالت بالإنكليزية : إذاً لقد أصبح واضحاً ما سنقوم الآن ؟
ثم ابتسمت لماغي وقالت : جيد .. فلنبدأ الآن .
قال رافايللو لماغي : سأعود لاحقاً .
ومشى خارجاً .
حدقت ماغي به بيأس ما الذي يجدر بها أن تفعله الآن ؟ هل عليها أن تلحق به وتخبره .. ماذا ستقول له ؟ إنها تفضل العودة إلى لندن وعدم رؤيته أو رؤية أحد من أفراد عائلته أو حتى رؤية فيلا توسكانا الفخمة بعد الآن حسناً .. ! لن تتمكن من فعل هذا لقد قامت بتوقيع عقد زواج ولن تتمكن من تغيير هذا الواقع حتى يقرر رافايللو دي فيسنتى أن الوقت قد حان لتعود إلى إنكلترا وذلك بعد تأكده من عدم وجود احتمال لجعل الزواج باطلاً أو المخاطرة بإثبات أنه مجرد ضرب من ضروب الاحتيال وبذلك تعود الشركة إلى يد والده من جديد .
جلس رافايللو في المقهى ينظر نحو الساحة الخارجية التي كانت مدرجاً رومانياً منذ ألفي سنة باستثناء شراء غرض واحد فقط أمضى حتى الآن اكثر من ساعتين يتجول في المدينة زار كنائس كثيرة متجاهلاً نظرات السائحات والإيطالية على حد سواء فهو لا يبادل النساء النظرات حين يكون معكر المزاج .
لقد جعله الاندفاع والشعور بالذنب يحضر تلك الفتاة الفقيرة الهزيلة إلى صالون أوليفيا للتجميل كي يحسن مظهرها قليلاً .. وبأي شكل كان لكنه ربما لم يقدم إلى تلك الفتاة أي خدمة بجعل أوليفيا تحسين من مظهرها عبس رافايللو حين وردت تلك الفكرة في ذهنه .. ربما لا أمل في تجميل مظهرها مهما حاولت أوليفيا أن تفعل ربما لم يفعل شيئاً بإحضارها هنا سوى تعريضها للإذلال والإهانة من جديد .. ألم يقم بإهانتها بقدر كاف حتى الآن ؟
أومأ للنادل كي يحضر له فنجاناً آخر من القهوة ثم رفع جريدته مجدداً يتابع تصفحها فربما تجعله مآسي العالم ينسى شعوره بالذنب قليلاً .
بعد أربعين دقيقة رن هاتفه فمد يده إلى جيب سترته ليخرجه منها .
_ مرحباً … !
_ رافايللو لقد انتهينا سنلاقيك في المطعم .. أراك هناك .
كانت أوليفيا توجه فوراً إلى المطعم حيث سبق له أن حجز طاولة للغذاء عندما دخل وقع نظره حالاً على أوليفيا كانت تجلس أمام المنضدة قد ازدحم المكان بالناس أشارت له بيدها فتوجه مباشرة نحوها متسائلا ما الذي فعلته مع ماغي ساوره شعور بالإحباط مجدداً ربما وجدت أوليفيا أنه من المستحيل تحويل ماغي إلى فتاة جميلة وأنيقة فتركتها في الصالون بينما أتت كي تنقل إليه الأنباء السيئة .
عندما اقترب رافايللو أكثر لفتت نظره امرأة تجلس أمام المنضدة أيضاً وهي تدير ظهرها نحوه كان هناك الكثير من النساء لكن تلك الفتاة استرعت انتباهه كثيراً راقبها بعينيه مطولاً كانت تجلس باستقامة دون حراك مرتدية قميصاً من الحرير بنية اللون دون أكمام بدن طويلة القامة وشعرها متميز باللون البني الفاتح تتخله خصل شقراء وهو ينسدل كالموج الناعم فوق كتفيها وجد رافايللو نفسه يفكر كم تبدوا تلك الفتاة مثيرة للاهتمام فهي تملك شيئاً مختلفاً .
أرادها أن تستدير نحوه ليرى إن كانت جميلة فعلاً بقدر ما تبدو من الخلف لكنه تذكر فجأة ان الوقت ليس مناسباً الآن ليقدر جمال وسحر نساء أخريات لذا عاد لينظر مباشرة نحو أوليفيا راحت تراقبه وهو يقترب وعيناه مأخوذتان تماماً بتلك المرأة الجالسة بقربها ما إن وصل بالقرب من المنضدة سألها بالإيطالية : حسناً ! كيف جرت الأمور ؟
حضر رافايللو نفسه لسماع الأسوأ حين نظر نحوه ولم يجد أثراً لماغي أجابته أوليفيا بحماس : احكم بنفسك .
نظر حوله مجدداً لكنه لم يتمكن من رؤية تلك الفتاة الفقيرة التي تركها مع أوليفيا في الصباح صمم رافايللو على تجاهل الفتاة المثيرة التي تدير ظهرها نحوه .. يجب ألا تشتت ذهنه بل عليه اعتبارها كأي شخص عابر .
قالت أوليفيا : ماغي ……..
رغم محاولته التفتيش عن ماغي لم يستطع رافايللو منع نفسه من مراقبة تلك الفتاة بطرف عينه أما هي فقد اختارت تلك اللحظة بالذات لكي تستدير في جلستها نحوه لم يستطع مقاومة مشاعره فالتفت لينظر إليها .
مرت لحظة بدا فيها غير مصدق لما يراه ربما هناك خطأ ما في عينيه … ! لا بد من ذلك فالمرأة أمام البار تملك وجه ماغي .. لكنها ليست ماغي إنها امرأة مدهشة جذبت عيوناً كثيرة غير عينيه .
أخذ نفساً عميقاً وقال : يا إلهي لا أصدق ما أراه !
أطلقت أوليفيا صرخة ابتهاج لكن رافايللو تجاهلها وظل يحدق غير مصدق لما يراه إنها ماغي ! لكنها لا تبدو هي نفسها ! لقد تغيرت ملامحها كلياً الآن وقد ترك هذا التغيير أثاراً واضحة لم تعد بشرتها شاحبة وقد زالت جميع الشوائب منها كما اختفى الوهن والشحوب وظهر جمالها الحقيقي المشرق بدت عيناها أعمق وأوسع وأكثر جمالاً أما وجهها فبدا ناعماً وقد انسدل شعرها على جانبيه ونحتت وجنتاها بشكل يلفت النظر نحو عينيها الجميلتين بذهول أما فمها ….
شعر رافايللو بانقباض في معدته رؤيتها جعلته يود تمرير يده في شعرها ومعانقتها .
_ هل أحببت هذا التغيير ؟
صوت أوليفيا الممازح هو ما أعاده إلى رشده لكن تركيزه لم يدم طويلاً فقد عادت عيناه مجدداً تراقب ماغيالتي بالكاد تمكن من التعرف عليها بدت نحيفة ذات جسد جميل ولم تعد تبدو هزيلة بالنسبة إليه يا إلهي ! كيف تمكن من التفكير أنها هزيلة ؟ لقد بدت كشجرة الصفصاف مرنة ورشيقة .
لم يتمكن من إبعاد نظراته عنها أما هي فراحت تبادله النظرات وقد بدا عليها الذهول أيضاً تساءل لما تشعر بالذهول لكنه توقف سريعاً عن التفكير في ذلك وأخذ يتفحص جسدها النحيف ثم عاد لينظر إلى وجهها من جديد .
بدا رافايللو غافلاً عن كل ما حوله حين سمع أوليفيا وهي تمر بجانبهما وتقول : وداعاً رافايللو ! استمتع بوقتك ..
لكنه لم يعرها أي اهتمام .
لم يسعفه صوته تماماً فقال بتلعثم : ماغي ؟
عضت ماغي شفتها فجعلته حركتها المألوفة هذه يتأكد بأن تلك هي نفسها الفتاة الفقيرة التي استغلها بغطرسته ليصل في النهاية إلى مبتغاه فعاملها بلا مبالاة كأنها مجرد أداة مثالية تخدم هدفه لإيذاء والده .
تضاربت المشاعر بداخله بعضها كان مألوفاً لديه وبعضها الآخر بدا جديداً تماماً حتى تلك اللحظات كان أفضل شعور أحسه تجاهها هو الشفقة .. شفقة لا مبالية على تلك الفتاة القبيحة غير المحبوبة .. شفقة ممزوجة بالشعور بالذنب لأنه عرضها للقدح والذم من قبل والده وللصراخ في وجهها وتوجيه كلام قاس وجارح لها لم يشأ أن يجعلها يوماً تدرك سبب اختياره لها لم يتعمد أبداً أن يرمي الحقيقة البشعة في وجهها بهذا الشكل .
عاد ضميره يؤنبه هل ظن ان بإمكانه إعطائها المال وجعلها تقبل بهذا الإذلال وتبقى صامتة ؟ إن سماعه كلمات الإدانة التي تلفظ بها هو نفسه تجري على لسان والده جعله يدرك وللمرة الأولى كم كان متحجر الفؤاد ها قد تبين له الآن أنه كان مخطئاً وان والده كان مخطئاً يا إلهي ! كم كان على خطأ … !
تزايد إحساسه بالذنب لكن هذا الإحساس جديد عليه .. وهو يكاد يفقده صوابه .
شعرت ماغي أنها تترنح وراحت دوامة من الأفكار تدور في رأسها أفكار خشيت ان تعترف بها .. تمسكت بأكثر هذه الأفكار بساطة ووضوح ومع ذلك شعرت بالصدمة وعدم التصديق رافايللو دي فيسنتى الوسيم المتغطرس الرجل الذي يخطف الأنفاس رافايللو دي فيسنتى الذي كان منذ وقت قصير
يتهرب منها ويتجنبها كأنها مرض معدي .. ينظر إليها الآن و كأنها .. كأنها امرأة حقيقية من لحم ودم .. وكأنها امرأة جذابة تدير رؤوس الرجال .
بدا الأمر وكأنها ولدت الآن بالنسبة إليه بل كأنها لم تكن موجودة أصلاً من قبل ما جعلها تشعر بالإهانة لا تشعر بها إلا المرأة المنبوذة لم تكن بالنسبة إليها أكثر من خردة لا تستحق أن ينظر إليها أما الآن .. فكما لو أن أحدهم قام بنفض الغبار عنها وأعاد إليها بريق الحياة في نظره إنها هنا الآن أمامه .. امرأة تضج بالحياة .
هذه الفكرة أيقظت فكرة أخرى من تلك الأفكار التي جعلتها تترنح إن رافايللو دي فيسنتى يملك تأثيراً مدمراً عليها فمجرد وجوده قربها وتفحصه لها بإمعان من رأسها حتى قدميها يعني أنه اعتبرها امرأة جديرة باهتمامه جعلها ذلك تشعر كأن ألسنة من النار الملتهبة تلفحها في كل أنحاء جسدها .
بدت تلك اللحظة بلا نهاية .. بعدئذ لاحظت ماغي _ وبصورة ضبابية _ أحدهم يقف بالقرب منهما ويقدم لهما باحترام بالغ لائحتي الطعام المغلفتين بغلاف جلدي تمتم الرجل بضع كلمات جعلت رافايللو يسلخ نظراته عن ماغي ثم يأخذ منه لائحتي الطعام قائلاً لها : ماذا تودين أن تأكلي ؟
سمعت ماغي حشرجة في صوته لم تسمعها من قبل ما أرسل ارتعاشه خفيفة في عمودها الفقري .
في الواقع كان جسدها بأكمله ما زال يرتجف ليس فقط بسبب نظرات رافايللو بل إن الساعات الثلاث التي أمضتها لدى أوليفيا بدت لها تجربة فريدة من نوعها وغير عادية بالنسبة إليها فقد استسلمت ببساطة ليدي أوليفيا الخبيرتين و لحماسها وابتسامتها لتضفي على جسمها وشعرها لمسات الجمال السحرية .
لم تكن ماغي تعلم حتى بوجود هذا النوع من صالونات التجميل ! قامت مجموعة من أخصائيات التجميل بتنظيف جسمها وفركه بالكريمات كما غسلن شعرها وقصصنه وصبغته ثم صففنه في تسريحة أنيقة بعدئذ قامت أوليفيا بوضع الزينة على وجهها بعناية حتى أنها لم تصدق عينيها حين رأت صورتها في المرآة أخيراً اصطحبتها أوليفيا إلى غرفة تبديل الملابس حيث رأت مجموعة رائعة منها هناك اختارت لها ثوباً حريرياً أنيقاً وهي تقول بنعومة : ألم أقل لك إنني سأجعلك تبدين رائعة الجمال ؟ وهذا ما فعلته .
هذا ما حصل بالفعل ! شعرت ماغي أنها تسير في الهواء كما شعرت سندريلا تماماً حين قابلتها الجنية وزودتها بالثياب والزينة اللازمة لحفلة الأمير عبرت ماغي عن امتنانها التام للمرأة الأخرى التي راحت تضحك قائلة : حسناً ! والآن لنجعل رافايللو يراك وسوف يسقط فكه على الأرض من شدة اندهاشه .
شعرت ماغي بالتوتر حين اقترب رافايللو منها يعطيها قائمة الطعام وكادت يده تلمس كتفها سألها : هل تودين ان أترجم لك لائحة الطعام ؟
ابتلعت ريقها وتمكنت من همس بضع كلمات وقالت : أود .. أود أن أطلب طبقاً خفيفاً فقط .
التقت نظراتهما معاً فرأت ماغي لمعاناً ذهبياً يشع من عينيه اللتين أحاطتا بهما رموشه الكثيفة ما أعطاه مظهراً مثيراً كما تنشقت رائحة عطره الذي أعطاه سحراً رجولياً خاص شعرت بدوار في رأسها وبأنفاسها تنقطع .
عاد رافايللو واستقام في جلسته ثم ابتسم وقال : حسناً .
تغيرت تقاسيم وجهه حين ابتسم ما جعلها تشعر بالدوار مجدداً رأته يبتسم بالأمس لعمته وكذلك هذا الصباح لأوليفيا لكن هذه المرة .. هذه المرة كان يبتسم لها بشكل خاص لم تصدق أن هذا يحدث فعلاً لا بد أنها تحلم ..
لكن .. إن كان هذا حلماً فهي لم تستفق منه بعد أمسك رافايللو بمرفقها مما جعلها تشعر كأن جسدها يحترق تحت لمسة يده أحست بشيء غير عادي في داخلها كأن فراشات غير مرئية أخذت تطير حولها بينما رافقها رافايللو إلى باحة المطعم الخلفية المزينة بالزهور حيث وزعت طاولات أنيقة .
أخذت مكانها وهي تشعر بالرعب من التعثر بسبب كعبي حذائها المرتفعين اللذين لم تعتد عليهما لكنها أحسنت التصرف ولم تواجه المشاكل بل جلست خلف الطاولة وعيناها لا تريان سوى رافايللو دي فيسنتى .
للحظات وبينما تلهى رافايللو بطلب الطعام حاولت ماغي تقبل الأمور بهدوء لتقنع نفسها بأنها تحلم من يصدق أنها تجلس هنا في هذا المكان السحري مع أكثر الرجال وسامة في العالم ؟ بعد أن أنهى رافايللو طلب الطعام عاد لينضم إليها رأت أشياء في عينيه جعلت الفراشات الوهمية تطير بشكل دائري متناسق فوق
رأسها .
قال لها بينما أخذت عيناه تراقبان وجهها وشعرها : إنه أمر مذهل ! لا أعرف ما أقول .
وبسط يديه بتلك الإيماءة الإيطالية المعهودة لديه .
تحركت ماغي قليلاً في مكانها بعدم ارتياح وقالت بصوت متوتر : إنه تأثير مساحيق التجميل .. وسوى كذلك …
ردد رافايللو خلفها : سوى ذلك ؟ آه نعم ! لقد كنت أعمى .. أعمى حقاً هذا كل ما في الأمر .
ظهرت نبرة تثير الاستغراب في صوته التقت نظراتهما مجدداً فلمحت ماغي في عينيه تعابير غريبة جعلتها تشعر ..تشعر بماذا ؟ لم تتمكن من وصف مشاعرها .
عاد رافايللو ليتكلم : لقد كنت أعمى عن كل شيء والآن أسألك …
تغيرت نبرة صوته وتابع : .. أسألك إن كان بإمكانك مسامحتي لأنني كنت أعمى وأرجو أن تقبلي هديتي عربوناً للسلام بيننا .
مد يده إلى جيب سترته وأخرج علبة دائرية ملفوفة بورقة فضية اللون مربوطة بشريط ذهبي ووضعها أمامها كانت تلك العلبة ثمرة تسوقه طوال النهار .
قال بصوته المميز : هيا ! افتحيها .
أطاعته ماغي بتردد وفتحت العلبة وما إن فكت الشريط حتى ظهرت علبة مجوهرات زرقاء اللون بدأت معدتها تتقلص كأن الفراشات أصبحت تدور في داخلها .
داخل العلبة وجدت عقداً جميلاً مصنوعاً من الذهب مصمماً بإتقان حدقت فيه وعيناها ترمشان .
_ هل تقبلينه كعربون لندمي على معاملتي القاسية لك ؟
أتى صوته الهادئ منخفضاً ومتميزاً بتلك النبرة التي لم تفهمها لكنها لم تكن في حالة تسمح لها بتحليل معنى نبرته الغربية تصلبت حنجرتها وقالت : لا يمكنني قبول هذا أرجوك .. إنها أمر غير ضروري أنت تدفع لي الكثير من المال …
قطع رافايللو كلامها حين مد يده ووضعها فوق يدها ثم قال لها بحدة : لا !
جعلها صوته تنظر نحوه بخوف أما هو فتابع : لن نتكلم عن هذا الآن .
ثم غير نبرته وقال : .. إن كان العقد يعجبك ضعيه الآن أظنه مناسباً للثياب التي ترتدينها .
فكرت ماغي أنه محق ليس عليها اعتبار تلك الهدية سوى إكسسوار إضافي لثيابها فكل التغيرات التي قامت بها أوليفيا هي جزء مما يريد رافايللو تغيره فيها .
أطاعته مجدداً وأخذت العقد من العلبة بدا خفيفاً جداً وقد صنع ليلبس بشكل عملي ارتبكت أصابعها خلف رقبتها وهي تحاول وضعه وفي لحظة كان رافايللو قد وصل إليها فأزاح شعرها ومرر أصابعه لتلامس يديها وتأخذ العقد من بين أصابعها تمتم وهو يلبسها إياه : اسمحي لي …
أصبحت الفراشات بداخلها تدور بشكل جنوني وشعرت كأن الدماء تهرب من شرايينها ارتعشت أعصاب رقبتها بسبب إحساسها المرهف .. ليتها تستطيع التمسك بتلك اللحظة للأبد .. إنها تشبه الجنة !
أغمضت عينيها لتستمتع بذلك الشعور الجميل الأخاذ لكنه انتهى بسرعة وعاد رافايللو إلى مكانه ليراقب عمله الفني المميز ثم قال : اليوم سنبدأ بداية جديدة .
وأخت عيناه تشربان من جمالها كأنها شراب معتق نادر .
فكرت ماغي أن يومها يبدو شبيهاً بالحلم وان رافايللو يبدو إنساناً مختلفاً وكأنه ليس الشخص نفسه الذي لم ير فيها سوى فتاة سيرحب بها والده كزوجة له بدا لها كأن رافايللو هذا قد اختفى وظهر مكانه أكثر الرجال وسامة في العالم ليجلس أمامها ويعاملها وكأنها أميرة شعرت باندفاع محموم في أحاسيسها وحاولت بصعوبة إبقاء قدميها على الأرض ومنع الفراشات التي في داخلها من جعلها تحلق عالياً .
خلال الغذاء الذي شعرت كأنه لحظات قصيرة تنتهي بسرعة حاول رافايللو إبقاء الأحاديث عامة وغير شخصية أخبرها عن لوكا وعن توسكانا و إيطاليا .. تنوعت الأحاديث بدء من التكلم عن تاريخها وصولاً إلى العصر الحالي وعادات المجتمع المعاصر …
ورغم التوتر الشديد في بداية الأحاديث وعدم تمكنها من مبادلته الكلام بسهولة إلا أنها تبدلت كثيراً مع الوقت وأخذت تسأله بحماس تماماً كما فعلت مع زوج عمته بالأمس وتدريجياً وجدت نفسها مرتاحة وراحت تتكلم بشكل طبيعي .
حاولت تخزين هذه اللحظات كذكريات غالية كحلم لا يصدق حدوثه في حياتها الحقيقية ظلت تحس طوال الوقت كأن تياراً كهربائياً يسري في جسدها ما جعل من الصعب عليها التوقف عن التحديق بوسامته الإيطالية التي جعلته رجلاً كامل الأوصاف .
ومع انتهاء الغذاء عادت ماغي إلى العالم الواقعي .
بنجي ! ارتجف جسدها لشعورها بالذنب وبينما وضع رافايللو بطاقة اعتماده على الطاولة ليأخذها النادل قالت له ماغي : أرجوك .. هل من الممكن .. أن أتصل بماريا .. كي أطمئن على بنجي ؟
ابتسم لها وقال : بالطبع

 
 

 

عرض البوم صور Lovely Rose  
قديم 30-11-08, 03:02 PM   المشاركة رقم: 8
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس فعال جدا


البيانات
التسجيل: May 2006
العضوية: 5844
المشاركات: 413
الجنس أنثى
معدل التقييم: Lovely Rose عضو له عدد لاباس به من النقاطLovely Rose عضو له عدد لاباس به من النقاط
نقاط التقييم: 140

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
Lovely Rose غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : Lovely Rose المنتدى : الارشيف
افتراضي

 

أخرج هاتفه الخليوي وطلب رقم المنزل ثم تكلم سريعاً وأقفل الخط .
قام بنقل الأخبار لماغي فقال : تصرف بنجي بشكل ممتاز هذا الصباح فأكل فطوراَ كاملاً وهو الآن ينام بسلام
لكن ماريا تقترح أن تكوني إلى جانبه عندما يستيقظ في هذه الحالة علينا ترك الجولة الكبرى حول المدينة إلى مناسبة أخرى أما الآن فلم نتمكن من القيام سوى بجولة قصيرة ونتمشى بجانب قسم الجدران الأثرية ستكون هذه النزهة ممتعة .
اتجها خارج المطعم وبدأا المشي تحت الخيمة الخارجية التي تحمي من أشعة الشمس وتعمدت ماغي فتح حقيبة يدها لإخراج نظارتها الشمسية التي أعطتها إياها أوليفيا كان من الأسهل لها ان تنظر من خلال النظارة دون ان يتمكن أحد من رؤيتها وفيما هما يشقان طريقهما تعمد رافايللو أن يمسكها من مرفقها وأدركت ماغي فجأة بأن وجودهما معاً في هذا المكان لفت أنظار الموجودين .
بدا واضحاً ان الرجال ينظرون نحوها بإعجاب من كل الاتجاهات سواء كانوا يمرون بقربها أو يراقبونها من بعيد وهم داخل المقهى بدت نظرات الناس متفحصة لدرجة أشعرتها كأنها ترتدي ثياباً غير محتشمة وحالما شعرت بالخجل اقتربت ماغي من رافايللو بشكل عفوي غير مقصود .
نظر رافايللو نحوها وقد ظهرت ابتسامة ملتوية عند طرف فمه وقال لها : في إيطاليا لا نشعر بالخجل من إبداء إعجابنا بامرأة جميلة لا تقلقي طالما أنا بجانبك لن يتمكنوا من القيام بشيء سوى النظر إليك من بعيد .
ثم اصبح صوته اكثر جفافاً وتابع قائلاً : لكنني لا أنصحك بالتجوال بمفردك إذ ستتعرضين لبعض المضايقات .
شعرت أن وجهها يتلون خجلاً واسترجعت كلمات رافايللو في ذهنها لقد وصفني بالمرأة الجميلة !
تابعت سيرها وهي تشعر بالذهول .
أصبح السير بجانب الأسوار التاريخية أسهل إذ زاد عدد السياح والمارة فلم تعد ماغي تجذب الأنظار كالسابق
ابتعدت قليلاً عن رافايللو وتجاوب هو معها على الفور وأخذ ببساطة يجاريها في المشي .
كانت ماغي تشعر بمتعة كبيرة كلما توقف رافايللو كي يدلها ويشرح لها عن جزء مميز من الجدران التي تحيط بالمدينة .
_ لقد شيد سكان لوكا الأغنياء منازلهم الفخمة في القرن السادس عشر في الأرياف المحيطة بالمدينة والتي في أغلبها الآن مفتوحة أمام السياح ربما نذهب لرؤيتها في يوم آخر هناك الكثير لتشاهدينه في توسكانا حتى أنك ستحتارين أي مكان تختارين لزيارته .
فجأة استيقظت ماغي من حلمها الجميل وقالت : أرجوك أنا متأكدة من أنك ستنشغل كثيراً بأعمالك الخاصة .
أجابها رافايللو بتلقائية : ليس لدي عمل ملح هذه الفترة .
اجتماع مجلس الإدارة الذي سيعلن فيه رافايللو رئيساً للمجلس لن يعقد قبل الأسبوع المقبل والتأخير لن يوتر رافايللو فوالده لن يتمكن من التهرب من تطبيق الاتفاق المبرم بينهما .
شرد ذهنه قليلاً لم يشأ أن يفكر بوالده الآن تصاعد الغضب بداخله وظهرت ابتسامة غريبة على فمه فكر أنهما حين يعودان إلى المنزل سوف يجبر والده على رؤية ماغي الجديدة كي يمحو من ذهنه صورة تلك الفتاة التي رماها في وجهه منذ أيام .
نظر رافايللو نحو رأسها ذي الشعر الحريري الذي بالكاد يصل حتى كتفيه إنه لم يتمكن بعد من استيعاب التحول الذي حل بماغي .. إنه فعلاً تحول مذهل كانت تمشي إلى جانبه وقد بدت وقفتها ملفتة أما فستانها
فقد أظهرت قصته قوامها الرشيق بدا فستانها بسيطاً لكن رافايللو يعلم أن سعره ليس بالبساطة نفسها .. حسناً ! بدا الأمر كالحلم فهي ليست هزيلة لكنها ذات قوام نحيف وليست شاحبة … بل مشرقة …
بمظهرها الحالي ستتمكن من محو أي فكرة مسبقة عنها .. لذا سيجعل والده بالتأكيد يراها الآن سيجعله يعترف بذكائها وثقافتها الشخصية التي بنتها بمفردها وكذلك بمستواها المعيشي الجديد الذي قدمه لها سيجعله يرى أن كل وصف قاس وصفها به كان خاطئاً وبأن السبب الوحيد الذي جعلها تقبل بتلك المهمة الوضيعة هو خوفها على ابنها وإصرارها على الاعتناء به وتقديم كل ما بإمكانها له .
لمع العبوس في عينيه وفجأة دون تفكير بالموضوع أخذ يتكلم فقال : أخبريني عن والد بنجي .
تجمدت ماغي في مكانها وهي في منتصف مشيتها لبرهة ثم تابعت السير من جديد ظهرت القسوة في صوته مما جعلها تهلع لم يريد أن يعرف ؟ حاولت التكلم بهدوء فأجابت : ليس .. ليس من السهل علي التكلم في هذا الموضوع أتعلم ! حين كنت في الملجأ …
راحت ماغي تتكلم وهي تنظر مباشرة أمامها .
قاطعها قائلاً : أي ملجأ ؟
_ ملجأ الأطفال .. للعناية بهم .. لا أعلم ماذا تسمونه بالإيطالية .
عبس رافايللو وهو يفكر ماذا يعني ذلك ؟ هل هي يتيمة ؟ سألها : ماذا حدث لوالديك ؟
_ أنا .. أنا لا أعلم .
_ كيف ذلك .
التفتت نحوه بسرعة كان يعبس بشدة مما جعله يبدو مرعباً ألح عليها بالسؤال قائلاً : أحقاً لا تعرفين ما حدث لهما ؟
_ أنا .. أنا لا أعرف من هما والدي لقد وجدوني بعد ولادتي ببضع ساعات وفي ثيابي ورقة تقول أمي فيها أنها لا تستطيع إعالتي وقد هجرها زوجها حاولت الشرطة إيجاد المرأة التي أنجتني ولكن دون جدوى .. أنا أعتقد أن الفتيات الشابات هن اللواتي يتخلين عن أطفالهن إذ يحببن شباناً طائشين سرعان ما يتخلون عنهن فيشعرن بالرعب لذلك على الأرجح قامت أمي بالتخلص مني .
لم يقل رافايللو أي شيء فاستمرت بالسير وهي تتابع كلامها بذلك الصوت المتوتر الذي حاولت جاهدة ان تجعله يبدوا طبيعياً : إذاً هل رأيت أنا لا أعرف أمي وليس لدي أدنى فكرة عن هوية والدي إنه على الأرجح لم يعرف حتى أنها حامل …
سرت قشعريرة باردة في جسد رافايللو : لم يكن لدي أدنى فكرة عن هذا الأمر .
أجفلت ماغي حين قاطعها وشعرت بنبرته القاسية من جديد وقد ظهر فيها المزيد من الحدة هذه المرة توقفت قدماها عن الحركة مجدداً لقد تهدم الصرح الحضاري التي أظهرته على الغذاء استرقت النظر إليه قليلاً توقف رافايللو عن السير أيضاً وراح ينظر إليها لم تتمكن من رؤية عينيه اللتين كان يخفيهما وراء نظارتيه الشمسيتين إلا أنها تمكنت من رؤية فمه الذي بدا متوتراً مشدوداً .
شعرت بقلبها يهبط إلى الأرض بدا الأمر كالخروج إلى عاصفة ثلجية بعدما أزهرت زهور الربيع …
فكرت بحزن : آه ! لما لم أكتفي بقول بعض الأعذار وعدم إخباره شيئاً عن بنجي أو عني ؟ لقد أرعبته مني الآن ! وشعرت بالندم يأكلها .
قالت بصوت خافت : لقد اعتقدت أنك تعلم ذلك فقد كتب على شهادة ميلادي : الأهل مجهولون الهوية أما تاريخ ميلادي فهو أقرب تقدير تمكنت المستشفى من إعطائه لقد أخذت شهادة ميلادي من أجل تسجيل الزواج .
أجاب بتجرد : لم أنظر إليها .
عضت ماغي على شفتها بالطبع ! لم سيزعج رافايللو دي فيسنتى نفسه بالنظر إلى شهادة ميلادها ؟
تابع رافايللو الكلام وقد بدا صوته بعيداً جداً : كنت تحدثيني عن بنجي .
وبقلب يغرق من الحزن أجبرت ماغي نفسها على متابعة قصتها المؤلمة …
_ همم كنت في دار الرعاية ونشأت بيني وبين كايس صداقة قوية صداقة قربتنا من بعضنا البعض بشكل كبير حسناً .. ! بعدئذ أصبحت الأمور أكثر تعقيداً ..
ابتلعت ريقها عبر حنجرتها المشدودة مجبرة الكلمات على الخروج من فمها وهي تسترجع ذكريات الأيام الماضية تابعت القول : عندما تركنا الملجأ وبدأنا باستكشاف العالم سكنا في شقة واحدة وعندها فقط ظهرت أعراض السرطان على كايس في الفترة الأولى بدا العلاج نافعاً استمر ذلك لمدة عامين لكن السرطان عاد من جديد بشكل أقوى إلى أن خطف الموت كايس .. بعد ولادة بنجي مباشرة .
لم تستطع إكمال الكلام فعادت تهم بالمشي مجدداً لكنها لم تعد تنظر حولها نحو الأسوار شعرت بالامتنان لنظارتها السوداء لأنها أخفت دموعها .
جاء صوت رافايللو خافتاً وهو يقول : أنا أشعر بالخجل .. أشعر بالخجل من كل فكرة مسبقة أخذتها عنك أو قلتها لك .
ثم أدارها نحوه وأمسك بمرفقيها أغمضت ماغي عينيها لتمنع انهمار المزيد من الدموع شعرت أن حنجرتها تشتعل لمحاولتها القوية منع نفسها من البكاء .
شعرت بإحدى يديه تتركها ثم امسك نظارتها ورفعها عن عينيها .
_ لا نريد الدموع .. الدموع ستفسد تبرجك .
لاحظت ماغي في صوته نبرة مزاح رفعت بصرها نحوه لتحدق به وعيناها الغارقتان بالدموع لدرجة جعلتها تراه بشكل ضبابي بتهذيب كبير مرر إصبعه تحت عينيها ليلتقط دموعها قبل نزولها فوق خديها وحين وضحت أمامها الرؤية التقت نظراتهما معاً …
شعرت ماغي كأن الوقت اصبح معلقاً ولم تعد قادرة على التحرك أو حتى التنفس وكأنها مقيدة بطوق من الفولاذ .
توقف العالم حولها عن الحركة لقد اختصر العالم بنظرها برافايللو إنه الوحيد الذي بقي موجوداً بالنسبة إليها وكان ينظر إليها بعينيه الداكنتين اللتين بدت تعبيرهما غريبة غامضة .
بهدوء مرر رافايللو أصابعه بين خصل شعرها الناعم .
_ جميل جداً …
تمتم بهذه الكلمات بصوت منخفض ثم أخفض رأسه ليعانقها فأغمضت ماغي عينيها لتستمتع بعناق رائع لم تتوقعه مطلقاً من الرجل الفاتن الذي يرافقها شعرت بقوة جسده ودفئه وهو يضمها إلى صدرها برقة وهدوء .
تمنت أن يستمر هذا العناق للأبد لكن لسوء الحظ أن الأمر انتهى سريعاً .
فجأة ابتعد رافايللو عنها مما جعلها تشعر بخسارة كبيرة سرت أصداؤها في جسدها نظرت مطولاً نحوه ومشاعرها تظهر بوضوح على وجهها فيما الغموض لا يزال بادياً في عينيه أمسك رافايللو يدها وسبك ذراعها بذراعه ثم أرجع نظارتها إلى عينيها مجدداً وقال لها : : علينا العودة إلى السيارة .
عادت معه وهي تشعر بدوار في رأسها كأنها تعيش فترة أقرب إلى الحلم منها إلى الحقيقة ولم تستطع التفكير بشكل منتظم .
عم الصمت معظم فترة العودة إلى الفيلا كان رافايللو يقود السيارة بالسرعة والتركيز اللذين قاد بهما هذا الصباح لكنها هذه المرة لم تشعر بالتوتر الذي كان مسيطراً في الصباح بل بدا كأن رافايللو يستمتع بقيادة سيارته القوية أما ماغي فقد أمضت رحلة العودة وهي تجلس ملتفتة نحوه بين الحين والآخر ثم تمسك خصل شعرها بيدها كي لا يتطاير في الهواء .
راح رافايللو يلتفت نحوها بين الحين والآخر وقد علت فمه ابتسامة صغيرة وكأنه يشعر بالرضى لم تفهم ماغي مغزى تلك الابتسامة لكن ما تعرفه هو ان شيئاً ما يذوب في داخلها كلما التفت نحوها .
تمنت أن لا تنتهي هذه الرحلة على الإطلاق !
– حلم أم يقظة !
بدا رافايللو في مزاج جيد .. جيد جداً منذ أشهر عديدة ومنذ أن وجه إليه والده ذلك الإنذار المستحيل : إما الزواج وإما حرمانه من الميراث إنها المرة الأولى التي يشعر فيها بالمزاج الجيد .
جعله ذلك يدرك كم كان مزاجه سيئاً وكم طال مزاجه الكدر .
لكن ذلك كله تغير الآن فالحياة تبتسم له ثانية وهاهو يبادلها الابتسام إنه شعور جيد ورائع كأنما حملاً ثقيلاً رفع عن كتفيه .
ما إن عاد إلى الفيلا حتى تلقى بمشاعر متناقضة الأخبار من غوسيب فانريكو قد غادر إلى روما وعليهم عدم توقع عودته في وقت قريب .
اعترف لنفسه أن الأمر أكثر أهمية الآن هو أنه يشعر بالراحة وفي ظل مزاجه المتحسن الجديد فهو لا يستسيغ أي لقاء بينهما حسناً ! إذا كان والده قد ارتحل فجأة إلى شقته في روما فذلك هو خياره هذا ما فكر به رافايللو .
بدا أكثر حيوية ونشاطاً عندما استدار نحو ماغي .
_ أخبرني غوسيب أن والدي سافر إلى روما لدينا شقة هناك والآن ..
تابع بفرح : .. لما لا تذهبين لرؤية بنجي همم ؟
ابتسم لها وللمرة الثانية شعرت أن أعصابها تطير محلقة بأجنحة ملائكية .
_ علي التأكد من بريدي الإلكتروني والقيام ببضع الاتصالات الهاتفية لكنني سأنضم إليك عما قريب .
سار بخطى واسعة باتجاه المكتب وعلمت ماغي من غوسيب أن بنجي في غرفتها في الطابق العلوي صعدت إلى هناك وهي ما تزال في حالة انبهار كامل ..
أرادت أن تفكر بما يجري معها لكن بنجي بدا سعيداً جداً وقد استيقظ من قيلولته في فترة بعض الظهر فلم تحظ بوقت كاف لتعيش في أحلام اليقظة فرحته برؤيتها جعلتها تنسى كل شيء على الأقل في هذه اللحظة رفعته بين يديها وضمته إليها بقوة شاكرة جينا على عنايتها به .
استيقظ بنجي من نومه الخفيف وأصبح جاهزاً لمزاولة نشاطه ثانية فتوجهت ماغي معه إلى الطابق الأرضي .
أوقفتها ماريا في القاعة ولمعت عيناها ما إن باغتها مظهر ماغي الجديد لكنها لم تقل شيئاً بشأن ذلك بل قالت بمرح : سأحضر القهوة إلى الشرفة السنيور و السنيورة كالي هناك .
وجدت ماغي أن بنجي بات فخوراً في نفسه وهو يجلس على عجلة خشبية يستطيع دفع نفسه بسهولة عليها وفي فترة قصيرة راح يتحرك عليها ذهاباً وإياباً على الشرفة وكأنه محترف أما بالنسبة لعمة رافايللو فقد بدت اكثر انفتاحاً بشأن مظهر ماغي الجديد .
_ رائعة ! تبدين جميلة يا عزيزتي وسيسعدك أن تعلمي أن ما تبقى من ثياب لخزنتك قد وصل منذ قليل .
بدت الدهشة على ماغي فابتسمت عمة رافايللو بعتاب بسبب تعابير وجه ماغي وقالت : بالطبع ! لا يمكنك البقاء في ثوب واحد لقد شاهدت المجموعة وهي رائعة قامت جينا بترتيبها والآن تعالي واشربي فنجان قهوة وأنا سأخبرك عما قام به ولدك الصغير المرح والمحبوب هذا الصباح .
بدا من الواضح أن اليزابيث في مزاج مرح جداً وعندما وصل رافايللو إلى الشرفة نصف ساعة من ذلك استقبلته بالمرح نفسه لكن ماغي لاحظته النظرة السريعة المدققة التي رمتها بها ما إن جلس على المقعد بجانب ماغي شعرت بخديها يتوردان وبالتوتر يسيطر عليها ثانية وهي تشرب القهوة مدركة بقوة وجود رافايللو بجانبها وهو يتحدث إلى عمته وعمه .
ازداد توترها بعد مرور عشر دقائق عندما استدار رافايللو إليها وقال فجأة : حان وقت السباحة أنا متأكد أن بنجي سيسعد باللعب بالماء … هيا !
ما إن تكلم حتى أدركت ماغي مدى الصدق في دعوته من المحتمل أن الأم والطفل سيستمتعان بالسباحة لكن ما سيسعده حقاً هو رؤية ماغي في ثوب سباحة ملائم .
طارت أفكاره إلى بعد ظهر يوم البارحة عندما تفاجأ برؤيتها في ثوب سباحة بشع وفضفاض ومع ذلك لاحظ أنها تملك جسداً جميلاً لم يتوقعه قط والذي يعرفه أنها إذا ارتدت ثوب سباحة جميل وأنيق فالنتيجة ستكون أكثر جمالاً بدون أي شك .
نالت توقعاته النتيجة المرجوة فقد بدت ماغي جميلة جداً في ثوب سباحة من قطعة واحدة خوخي اللون تماماً كما تمنى فبشرتها قد تحولت إلى لون عسلي دافئ بسبب شمس توسكانا تدلى شعرها الكثيف على كتفيها وهي تمشي ببطء واثقة إلى بركة السباحة ممسكة بيد ابنها الصغير لم يستطع رافايللو إبعاد نظره عنها كيف يمكن أن تخفي هذا الجمال الطبيعي طوال الوقت ؟ شتم نفسه بسبب عماه كان حقاً أعمى بسبب شعرها الأشعث وظهرها المنحني وعدم اهتمامها المطلق بمظهرها وبسبب تلك الثياب الفظيعة الكريهة أما الآن …
مهما بلغت قيمة الفاتورة التي ستقدمها أوليفيا فإنه سيدفعها ولو تضاعفت عشر مرات فقط بسبب إحساسه بالسعادة من رؤية ماغي تسير نحوه بجمالها الطبيعي وخجلها .
بحركة رشيقة قفز إلى الماء .. برودة الماء هدأت من اضطرابه ولو إلى حين قام بالسباحة لعدة مرات برشاقة قبل أن يطفو على السطح ليجد ماغي جالسة بقلق قرب الدرج الموصل إلى الماء كان بنجي في الماء يلعب ويقذف الماء بقوة رفع رافايللو جسمه من الماء بدون أي مجهود وأمسك بكرة بنجي .
_ التقطها !
ورمى الكرة باتجاه الصبي الصغير الذي صرخ من الفرح ومشى بخطى قصيرة نحو الكرة بالسرعة التي تسمح بها ساقاه الصغيرتان والإطار المطاطي الذي يحمله ضربها فطارت بعيداً وأخذ يركض ورائها ضحكت ماغي وكذلك رافايللو الذي غطس مرة أخرى في البركة وبدأ يلاعب الطفل .
اكتشف أن تسلية الأطفال أمر سهلاً للغاية فكل ما هو مطلوب التخلي عن التكبر والانغماس تماماً في اللعبة ..
قالت ماغي محذرة : لن يشعر بالتعب قبلك .
كانت ما تزال تجلس هناك واضعة قدميها في الماء وضاغطة على ركبتيها بقوة .
ضحك رافايللو فشعرت بدفء قوي يجتاحها أما أفكارها فكانت في انبهار ودوار كامل هل يعقل أن هذا رافايللو دي فيسنتى الذي لم يرد أن ينادي بنجي باسمه والآن هو يلعب معه ودلائل الفرح بادية عليه ؟
هل يعقل ان هذا رافايللو دي فيسنتى الذي كان ينظر إليها بازدراء وهو ينظر إليها الآن وكأنه غير قادر على إبعاد عينيه عنها للحظة واحدة ؟
لا يمكنها أن تصدق ان هذا يحدث فعلاً إذا كان هذا حلماً فإنها لا تريد أن تستيقظ منه أبداً .
***********
_ إذاً إلى أين تريدين الذهاب اليوم ؟
بدا صوت رافايللو مرحباً لم لا ؟ فهو مرتاح .. مرتاح جداً فهو يشعر انه سعيد وليس لديه ما يفعله إلا أن يمتع نفسه بمباهج الحياة صحيح أن مستقبل شركة فيسنتى أصبح بين يديه وهو سيحمل مسؤولياته في وقت قريب لكن باستطاعة الانتشار الشامل والعالمي أن ينتظر أما الآن فلديه مشروع آخر عليه أن يلاحقه ويسعى إليه .. مشروع ممتع جداً .. ورمى بنظره إلى حيث مركز اهتمامه .
_ فرنزي ؟ بيزا ؟ سينيا ؟
عضت ماغي على شفتها فحاول رافايللو ألا يحدق بها سيكون هناك وقت كاف للحصول على ما يريده فالوقت طويل أمامهما أما الآن فهو يريد أن يريها جمال توسكانا يريدها أن تكون له بمفرده فقط له من دون مراقبة الجميع لهما ليس فقط عمته وزوجها بل أيضاً ماريا و غوسيب .
قالت : من فضلك لست مضطراً إلى مرافقتي حقاً !
أجاب برقة : يسعدني ذلك كل ما عليك فعله اختيار المكان ما رأيك بفونزي ؟ إنها الجوهرة الرائعة في عرش توسكانا وهي الأكثر هدوءاً وسحراً في لوكا .
ابتسمت ماغي ولكنها بقيت غير متأكدة بما ستجيبه .
_ من فضلك لا تعتقد أني لست ممتنة لكنني لا أستطيع ترك بنجي هنا فهذا ليس عدلاً له ول ماريا وحتى لعمتك .
_ إذاً سنأخذه معنا .
ليس هذا ما يريده حقاً لكنه يفهم وجهة نظرها .
أصبحت حيرتها اكبر فقالت : لا أعتقد أن مدينة مليئة بالناس هي المكان المناسب له فكيف إذا ذهبنا إلى متحف الفنون أو لرؤية نصب تذكاري .
بحركة من يده تجاهل رافايللو اعتراضها هذا وقال : الحل واضح سنذهب إلى الشاطئ .
وكأنه تلفظ بكلمة سحرية أضاءت وجه ماغي …
_ آه ! هل نستطيع الذهاب حقاً ؟ بنجي سيسعد كثيراً على الشاطئ لم يذهب يوماً إلى هناك ولا حتى أنا ..
بدا صوتها حزيناً وشيء ما في نبرة صوتها أصابته في العمق لم تذهب يوماً إلى الشاطئ !
لكنها عاشت حياة محرومة ليس فقط من الحياة المادية فهي لا تملك عائلة هل يمكن حدوث مثل هذه الأشياء ؟ شعر بغضب شديد لا عجب أن تعلقت بذلك الولد من الميتم كايس حبيبها ولا عجب أنها بحثت عن الراحة بين ذراعيه وفي سريره .
لمعت ظلال من الحزن في عينيه حتى هذا قد أخذ منها ..
أعلن بنبرة حاسمة : إذاً اتفقنا سنذهب إلى الشاطئ .
********************
فكرت ماغي بعد أن أطل بعض الظهر أن هذا اليوم هو أفضل يوم في حياتها ! حتى انه أفضل من البارحة لأن اليوم أمضته مع أحب شخصين إلى قلبها : بنجي و رافايللو بدا رافايللو كما لم تره يوماً فاتناً متعاوناً ولطيفاً بشكل مربك .
كما ان هناك شيئاً إضافياً لكنها لا تعرف ما هو إلا أنه يجعل دمها يرقص في عروقها ويجعلها تحلق في الأعالي كلما تبادلت هي و رافايللو النظرات .
فكرت أنها تعيش في حلم فقد جلست على الشاطئ في فيراجو فيما جلس بنجي بين ساقيها الممدودتين راح رافايللو يعيد بناء قلعة من الرمال ليهدمها بعد ذلك بنجي بفرحة لا توصف كانت أشعة الشمس تلمع على جذعه الذهبي عاكسة ألواناً برونزية اللون على شعره الأسود الحريري كل ما كانت تستطيع فعله هو أن تحتفظ بذكرى تلك اللحظة .
لمعت فكرة في خاطرها .. كم هي خطرة ومستحيلة هذه الفكرة المغرية ! إنها تتحدى كل منطق وحقيقة في أعمق أعماقها تمنت لو أن الحلم يغدو حقيقة أن تجلي هنا ليس مع الرجل الذي تزوجها ليهين والده وينقذ ميراثه بل مع زوجها الحقيقي ووالد طفلها .

لكنهم ليسوا عائلة حقيقية لا وجود لمثل هذه الأمور فرافايللو لطيف معها هذا كل ما في الأمر إنه يريد أن يبرهن أن الكلام المشين الذي رماها به والده كله خطأ شعرت بالسوء لأنه دفع للقيام بذلك .
آلمها كثيراً أن تعلم أن رافايللو اختارها عن عمد لأنها امرأة هامشية من الناحيتين الاجتماعية والشخصية
لكنها لا تخجل بهذا فهي ليست مسؤولة عن أصلها وبنجي هو هدية من كايس هدية ستحتفظ بها ككنز طوال حياتها لأجله ستفعل كل ما يمكنها لتبقيه سالماً وتنشئه بطريقة جيدة سواء عملت خادمة أو تزوجت من رجل غريب يحتقرها لأنها فعلت ذلك .
ومضت عيناها باتجاه رافايللو مرة ثانية لكنه لا يحتقرها الآن فهو يعمل بجهد ليكون لطيفاً معها شعرت بقلبها ينكمش في صدرها التقت نظراتها بنظراته فتوقف عن إعادة بناء القلعة ثانية وما إن طالت تلك النظرة حتى شعرت باللون الأحمر يصبغ خديها ابتسم لها ابتسم بطيئة حميمة زادت عمق على وجهها .
للحظة طويلة بقيت نظراتهما متشابكة وشعرت بالضعف بسبب الإحساس الذي تدفق بينهما .
أحس بنجي بالحيرة فاندفع إلى الأمام وسقط بكل جسمه على القلعة مدمراً إياها بالكامل .
صرخت ماغي وهي تضحك : آه بنجي ! أيها الوحش الصغير !
أبعدت نظرها عن رافايللو وهي تشعر بالراحة وبإحساس من الخسارة في الوقت نفسه ضحك رافايللو أيضاً ثم وقف على ساقيه وهو يحمل بنجي أيضاً وكأنه يؤرجحه .
قال له ساخراً : هيا أيها الوحش حان الوقت لتعلب بالماء .
مد يده إلى ماغي وبثقة كبيرة بالنفس وضعت يدها في يده شد على يدها وهو يسحبها لتنهض على قدميها وهو يقول : وأنت أيضاً .
ركض بهما إلى البحر ماغي تسير إلى جانبه على الرمال فيما بنجي ممسك بشعره ويغرق بالضحك وقعوا جميعاً
في الماء بقفزة كبيرة وبسرعة فقدت ماغي أنفاسها من الضحك عندما أخذ رافايللو يدفع بنجي في الماء ويرفعه مع قدوم كل موجة وانحسارها بينما الصبي الصغير يصرخ من شدة الفرح .
شعرت بقلبها يعتصر وهي تراقبهما رافايللو رائع جداً مع بنجي وهي لا تستطيع تصديق ذلك …
شيء ما اعتصر في داخلها مسبباً لها شعوراً مؤلماً عاودتها تلك الفكرة الخطرة المغرية ماذا إذا كان ما تشاهده حقيقة ؟ ماذا لو كانوا كما يظنهم جميع الناس على الشاطئ : عائلة ؟ ! .

 
 

 

عرض البوم صور Lovely Rose  
قديم 30-11-08, 03:03 PM   المشاركة رقم: 9
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس فعال جدا


البيانات
التسجيل: May 2006
العضوية: 5844
المشاركات: 413
الجنس أنثى
معدل التقييم: Lovely Rose عضو له عدد لاباس به من النقاطLovely Rose عضو له عدد لاباس به من النقاط
نقاط التقييم: 140

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
Lovely Rose غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : Lovely Rose المنتدى : الارشيف
افتراضي

 


أبعدت تلك الفكرة عن رأسها هذا اليوم الرائع المميز مجرد يوم للذكرى فقط يوم لن تنساه طوال حياتها .
عادوا أخيراً إلى اليابسة في آخر النهار جلست ماغي بجانب بنجي في المقعد الخلفي في صالون السيارة الأنيق وهي تحلم … ضائعة مبهورة بما تراه بينما بدا بنجي مرهقاً وهو يأكل البوظة ويهز برأسه على كرسيه الخاص .
ما إن انعطفوا إلى ناحية الشرق متوجهين نحو التلال فكرت ماغي كم هي مختلفة هذه الرحلة عن الرحلة التي قامت بها من المطار في بداية هذا الأسبوع ومنذ أربع أيام فقط !
هل رافايللو هو الشخص نفسه الآن كما في السابق ؟ ما زالت تتذكر كيف جلس في زاوية الليموزين منشغلاً تماماً في عمله ومن دون أن يعير اهتمام لها أو لبنجي .
فكرت أنهما لم يكونا موجودين بالنسبة إليه كانا مجرد شيئين يريد استعمالهما وتحريكهما كما يريد لأنه دفع ثمنهما ظهر شيء ما في عينيها فما فكرت فيه لم يتغير إنه لا زال يدفع لها لكن لماذا شعرت أن هذا يتعارض مع طريقة تصرفه معها الآن ؟ وهي تعلم أنه يعاملها بلطف لكنه اليوم بدا مستمتعاً تماماً مثلها ومثل بنجي هل هذا كله مجرد معاملة لطيفة ؟
مرة ثانية أبعدت الفكرة جانباً لا جدوى من التفكير بذلك فهي لن تفسد جمال هذا اليوم ستجلس بكل ببساطة هنا مستمرة بمراقبة الرجل الذي يقود هذه السيارة الرائعة وتختزن الذكريات …
عندما وصلوا إلى الفيلا كانت ماغي أيضاً شبه نائمة فالشمس وهواء البحر أرهقاها حملت بنجي بكسل لكنه أصر على النزول إلى الأرض وضعته على قدميه وأخذ يمشي مترنحاً إلى الباب فتح غوسيب الباب وقال شيئاً لرافايللو ثم ساعده في حمل الحقائب .
قال رافايللو وهو يرفع الحقائب من صندوق السيارة عمتي وعمي غادرا ذهبا لمواساة أبي في روما هذا ما أخبرني به غوسيب وهكذا فالمنزل كله لنا .
ابتسم لها تلك الابتسامة الحميمة التي ابتسمها على الشاطئ .
شعرت ماغي بالقشعريرة في داخلها وبإحساس من الرعب ما إن أدركت أنه لن يكون هناك وجوداً لعائلة كالي على العشاء ليلة البارحة عملا تخفيف قلقها وشدة توترها بسبب رافايللو الذي جلس على رأس الطاولة وبدا مسيطراً على المكان بحضوره القوي الليلة لن يكون هناك من يحميها إدراكها لذلك خلق لديها شعوراً غريباً .
ما إن دخلا إلى الفيلا قال رافايللو ببساطة : دعانا بعض الأصدقاء الليلة لأنهم يريدون ان يتمنوا لي ميلاداً سعيداً سيكون لديك ما يكفي من الوقت لترتاحي وتحضري نفسك وتضعي بنجي في سريره .
أول ما شعرت به هو الراحة ومن ثم على الفور وصلتها المعلومات التي قالها .
_ لا أرجوك ! لا داعي لأن تأخذني معك سأكون بألف خير هنا ..
توقف رافايللو عن السير ثم قال وملامح من الفرح بادية على وجهه : إنهم يريدون التعرف عليك وهم بالأحرى متحمسون لذلك .
عضت ماغي على شفتها وقالت بسرعة :آه .. ! هل من الحكمة ..
كان من الصعب عليها التلفظ بتلك الكلمات لكن عليها أن تقول ذلك .
نظرة غريبة وغير مفهومة بدت في عينيه للحظة ثم اختفت ليجيب بصوت رقيق : لكن زواجنا زواج حقيقي ماغي إنه شرعي حقاً وعلينا أن نتصرف على هذا الأساس بالإضافة …
شيء من المرح تخلل صوته وهو يتابع : .. ألست متحمسة لتجربي أحد فساتين السهرة من خزانتك ؟
لم تجب ماغي وشعرت بالتوتر لكن رافايللو تابع ببساطة : والآن لما لا تأخذين استراحة قصيرة ؟ دعي ماريا تمضي بعض الوقت مع بنجي وتقدم له العشاء ثم يمكن أن تحمميه وتضعيه في سريره وبعدها يمكنك أن تستعدي هيا !
توقف عند أسفل الدرج وتابع : اقترحت ماريا أن تحضر سريري القديم النقال والذي هو في مكان ما في العلية لتضعه بجانب سريرك إنها قلقة على بنجي أعتقد أنك لن ترفضي ؟
هزت ماغي رأسها وقالت : لا ! لا بالطبع لا ! هذا لطف من قبلها .
كان السرير النقال في غرفة نومها عندما وصلت إلى هناك مع بنجي إنه عمل فني متقن ويستحق اسم عائلة دي فيسنتى فهو سرير مزخرف مطلي وقد نظفته ماريا جيداً على الفور جلس بنجي فيه وكأنه ملك له مستغنياً عن سريره السابق ما جعلها تشعر بالارتياح تساءلت بقلق كم سيبقى سعيداً به إذا علم أن الحافة الخشبية المرتفعة لن تمكنه من الخروج منه بمفرده .
استحم بنجي وأصبح جاهزاً للنوم وهاهو يلعب بألعابه وبذلك يمكنها القيام بتحضير نفسها بثقة أكبر لا سيما عندما يتعلق الأمر بتصفيف شعرها عليها أن تغسله بعد قضاء النهار على الشاطئ وخشيت ألا تتمكن من تصفيفه في تسريحة أنيقة كما تم تصفيفه في صالون أوليفيا مهما يكن لقد اتبعت نصيحة المرأة ووضعت بعض المستحضرات الخاصة بالشعر عليه وجففته بوساطة مجفف الشعر الذي وجدته بالخزانة بجانب سريرها .
وضعت بعض الزينة على وجهها من تلك المستحضرات التي أرسلتها أوليفيا وجاءت النتيجة أفضل بكثير مما أملت ما إن حدقت بصورتها في المرآة وبالشعر الناعم المتهدل على كتفيها وبعينيها الواسعتين الكحليتين وفمها المرسوم بأحمر الشفاه الرائع لم تصدق أن عملية التحول هذه حقيقة .
وبينما كان بنجي غارقاً في نوم عميق معانقاً دبه القطني أخرجت ماغي فستان سهرة طويل من خزانتها الكبيرة وارتدته .
إنه فستان أسود اللون ينسدل على وركيها بثنيات ناعمة ومعلق بشريطين رفيعين على كتفيها وما إن انزلق القماش الناعم فوق رأسها واستقر على جسمها حتى شعرت بسحره الخاص سارت نحو المرأة وحدقت بمظهرها بذهول تساءلت وهي تلمس عنقها : هل هذه أنا فعلاً ؟
بدا لها هذا مستحيلاً لكن المرآة قبالتها لا يمكن أن تكذب فهي تبدو امرأة رائعة الجمال نحيلة ورشيقة القد ترتدي فستاناً أنيقاً وشعرها ناعم يلف رأسها كالغمامة وعيناها تلمعان …
لم تستطع أن تبعد عينيها عن صورتها تلك وظلت تحدق بإعجاب بنفسها طرقة خفيفة على الباب أيقظتها من أحلام اليقظة كانت تلك جينا وقد أتت لمراقبة الطفل .
قالت الفتاة وهي تنظر بإعجاب إلى مظهر ماغي : السنيور دي فيسنتى في الطابق الأرضي بانتظارك .

التقطت ماغي حقيبة يد من الساتان الأسود طبع عليها اسم المصمم وانتعلت في قدميها الحذاء الأسود ذا الأشرطة والكعبين العاليين وتوجهت إلى الطابق الأرضي بعد أن تمنت لجينا ليلة سعيدة .
بينما كانت تنزل الدرج العريض بحذر شديد وهي تسير بخطوات حذرة بسبب ضيق تنورتها وكعبي حذائها العاليين تنورتها لاحظت أن رافايللو يحدق بها .
حدقت به هي أيضاً وقد حبست أنفاسها …
إذا كانت تعتقد أن رافايللو يبدو رائعاً وهو يرتدي بذلة العمل أو الثياب العادية أو ثياب البحر فهو في البذلة الرسمية يحبس الأنفاس كانت البذلة السوداء تضم كتفيه بقوة وتنساب على جذعه مظهرة التناقض بين لونها الأسود ولون قميصه البيضاء بدا حليق الذقن شعره رطب وقد نزلت خصلة منه فوق جبينه كما بدت عظام خديه أعلى من السابق هذا ما فكرت به ماغي وهي تشعر بالانبهار مدركة أن عينيه مثبتتان عليها أيضاً ما جعلها تشعر باضطراب شديد ما إن وصلت إلى الأرض الرخامية حتى سار نحوها وقبل أن تستوعب ما الذي يفعله رفع يدها إلى فمه .
لمسة شفتيه على ظهر يدها جعلتها تشعر كأنها ستغيب عن الوعي رفع رأسه لكنه أبقى يدها في يده .
_ أنت فاتنة !
همس بذلك قد بدت نبرته من ذي قبل كل ما استطاعت ماغي فعله هو أن تحدق به وهو ممسك بيدها وقد انحبست أنفاسها .
_ تنقصك فقط زينة واحدة .. هذه !
في الوقت الذي قال فيه كلماته تلك وضع يده اليسرى داخل جيب سترته ليخرج منها عقداً فضياً مليئاً بالحبوب البيضاء اللامعة .
وما إن فتح راحة يده لم تستطع ماغي أن تمنع نفسها من الشهيق بدا العقد كنهر من الماس رائع جماله لا يصدق ترك رافايللو يدها ببساطة وأدارها ليضع العقد اللماع حول عنقها مبعداً شعرها جانباً ليتمكن من تثبيته .
قالت له بتردد : لا أستطيع أن أرتديه .. سأضيعه .
ضحك وأدارها نحوه .
أمسكت ماغي بالعقد حول عنقها طوال الطريق فيما قاد رافايللو السيارة بسرعة معتدلة .
قال وهو يبتسم لها : لا أريد أن يصبح شعرك عديم الترتيب .
نظر إلى عينيها لبرهة وتابع : سأوفر ذلك إلى وقت لا حق .
بعد ذلك مباشرة وصل إلى منعطف في الطريق فركز عينيه على القيادة ثانياً .
تساءلت ماغي هل قال لها ذلك حقاً ؟ واعتقدت أنها أساءت فهم ما سمعته لا سيما أن فكرة أخرى طرأت على بالها .
_ رافايللو .
لا تزال تشعر بالغربة عندما تلفظ اسمه فهي لا تتلفظ به بصورة طبيعية بعد على الرغم من تلك المعاملة الرقيقة واللطف اللذين يبديهما نحوها .
قالت : ماذا يجب أن أعرف عن هذه الأمسية ؟
نظر إليها مرة أخرى كانت إحدى يديه ملقاة بخفة على المقود بينما وضع يده الثانية بمهارة على معدل السرعة ليحركه وهما يلتفان حول منحنى حاد على الطريق .
_ باولو و سيليفيا تزوجا من عدة سنين لديهما صبي صغير وسيليفيا بانتظار طفل جديد لقد عرفت باولو طوال حياتي وهو يشعر بالفضول ليعرف كيف أصبحنا معاً لكن لا تقلقي .
توقف لحظة ليبدل معدل السرعة وتابع : هو يعلم لماذا تزوجت بهذه السرعة وقد سمع عن معاركي مع والدي منذ سنين .
ابتلعت ماغي غصة وقالت بقلق : إذاً هو يعلم كيف اخترتني ؟ ولأي أسباب ؟
أضافت بشجاعة : ألا .. ألا يعتقد أنه أمر غريب أن تأخذني معك إلى السهرة هذا المساء ؟
أجاب بضيق : لا !
فكرة جديدة مفاجئة وبشعة طرأت على بالها : أنت لن تأخذني إلى هناك الليلة لتخبر الجميع أين وجدتني .. هل ستفعل ؟ كجزء .. كجزء من معركتك مع والدك ؟
ظهر خوف في عينيها خوف واضح جلي هل هذا ما سيفعله رافايللو الليلة ؟ سيصحبها إلى غرفة مليئة بالغرباء ويخبرهم أنه تزوج من امرأة تعمل في تنظيف المراحيض لتعيش ؟
أطلق رافايللو شتيمة ثم سمعت أصوات إطارات السيارة أوقف رافايللو السيارة إلى جانب الطريق واستدار في مقعده .
نظرت إليه ماغي كالمصعوقة وقد اتسعت عيناها ثم راحت تحرك يديها في حضنها .. شيئاً ما تمزق في أحشائه .. لقد بدت تماماً كما هي الآن عندما خرج إلى فسحة الدرج ليسمع والده وهو ينفث سمومه في وجهها .
ثم تابع بلطف أكبر : لا ! ليس هذه المرة .
بدت نبرة السخرية في صوته وكأنه يتهم نفسه ما جعلها تشعر برجفة تجري في أعصابها .
_ هذه المرة ليست لدي هذه النية هذه المرة سآخذك معي لأني ….
توقف عن الكلام بعد ذلك وبقلق ساخر تابع : لأنني .. إن لم أفعل فإن باولو وسيليفيا سيأتيان غداً إلى الفيلا ليلقيا نظرة عليك اعتقدت أن من الأسهل للجميع أن تلتقي بهما في الحفلة حيث هناك الكثير من الناس حولك وسيكون لدينا الخيار لنغادر ساعة نشاء .
كانت لا تزال تنظر إليه وقد بدت عيناها كبيرتان والخوف يلمع فيهما رغم الضوء الخافت .
_ لا تخافي عزيزتي لن أسمح أن يصيبك أي أذى .
قال لها ذلك بنعومة ولكي يبعد تلك التعابير عن وجهها فلا تبدو مرتعبة من الأذى الذي قد يلحقه بها قام بمعانقتها . …
اعترف لنفسه بقلق أنه يقوم بشيء أراد القيام منذ أن نزلت على الدرج وبهرته بجمالها الأخاذ فهو لم يتمكن من التوقف عن النظر إليها ..
جاء عناقه ناعماً يحمل وعداً .. وعداً لها ووعداً على نفسه .
لم يكد رافايللو يلمسها حتى ذابت كالعسل بين يديه .. أغمضت عينيها لكنه سرعان ما ابتعد فتحت ماغي في عينيها ثانية ورأته ينظر إليها محدقاً في عينيها .
_ لا تخافي عزيزتي !
أدار المحرك ثانية وأعاد السيارة باتجاه الطريق من جديد متوجهاً عبر الظلام وأضواء السيارة تقطع ظلام ليل توسكانا بأنوارها المشعة .
****************
اكتشفت ماغي أن السهرة لم تكن محنة لها على الإطلاق بل على العكس كانت الفيلا التي توقفا أمامها مبنية في القرون الوسطى وهي ذات جمال أخاذ أما الطريق المؤدية إليها فمليئة بالسيارات الفخمة والرائعة ما جعل قلب ماغي يضطرب بشدة من شدة التوتر لم تستطع الدخول سيعلم الجميع أنها ليست واحدة منهم .
ما إن تصلب جسمها من الخوف حتى أحاطت ذراع قوية بكتفيها .
_ تبدين أجمل من مليون دولار وأنا سأعتني بك .
وهذا ما فعله .. لم يبتعد عنها رافايللو للحظة طوال السهرة مع أنها ليست بحاجة للحماية فباولو وسيليفيا رحبا بها بحرارة وأظهرا لطفاً حقيقياً وراء ذلك الفضول الواضح للتعرف على عروس صديقيها غير باولو غير المتوقعة لم تسمع مقلقاً من أي كان وبدا الجميع وكأنهم تقبلوها بجدية تامة .
مرت ماغي بلحظة مربكة واحدة فقط وذلك في منتصف الأمسية تقريباً عندما أسرعت سيليفيا إلى رافايللو وتمتمت كلاماً بالإيطالية على نحو سريع جمد رافايللو في مكانه للحظة بعدها قال شيئاً ما ليصرفها و ربتت سيليفيا على ذراعه برضى وفرح واختفت ثانية .
استدارت رافايللو محدثاً ماغي : لقد وصلت لوسيا لكن لا تشعري بالتوتر لن تحظى بفرصة لإهانتك .
لكن كما يبدو فإن إهانة المرأة التي خطفت زوجها العتيد أمام ناظريها لم تكن في النهاية مقصد لوسيا . عوضاً عن ذلك تقدمت نحوها وهي ترتدي فستاناً ذهبي اللون عصري الطراز اتسعت عيناها السوداوان وراحت تنظر غير مصدقة إلى ذلك التحول الذي طرأ على زوجة ابن عمها .
بدا صوتها ناعماً كالعسل لكن ماغي بقيت متوترة فضحكت لوسيا بخفة .
_ آه لا تنظري إلي هكذا فما حصل قد حصل وأنا لا أحمل لك أي ضغينة على أي حال لست أنا من يجب أن تستميليه إليك بل والد رافايللو لقد اختارني أنا لأكون زوجة ولده .

لم تجد ماغي سوء في كلامها أجاب رافايللو ببساطة ومن خلال فمه المطبق تقريباً : كان على أبي أن يعرف أنه لا يستطيع أن يلعب بحياتي لوسيا والآن أرجو أن تعذرينا إذ يجب أن نتحدث إلى الجميع .
أبعد ماغي قليلاً وعلى الفور عرفها على المزيد من أصدقائه وهؤلاء بالطبع لم يجدوا أي شيء غير لائق فيها إلا أنها قد وصلت إلى مجتمعهم فجأة وأصبحت واحدة منهم .
تابعا التجول والتحدث إلى الجميع ولم يبعد رافايللو ذراعه عنها ما جعل تأثيره مستمراً على قدرة ماغي التحدث بمنطق وحرية توقف ونظر إليها ليسألها : هل تستمتعين بوقتك ؟
هزت رأسها بصمت ثم تمكنت من القول : أصدقاؤك رائعون .
ابتسم ابتسامة كبيرة وقال : لقد أثرت إعجاب الجميع .
تلون خدا ماغي وأجابت بهدوء : كم أنت لطيف لتقول هذا .
ضحك رافايللو وقال : لطيف ؟ هل هذا ما تعتقدينه عزيزتي ؟ أعتقد أن علي إقناعك بالأمر بطريقة أخرى .
نظر إلى وجهها لاحظت في عينيه شيئاً ما جعلها تحبس أنفاسها …
ولم يمكثا بعد ذلك طويلاً بعد فترة قصيرة أصبحا في سيارة رافايللو وعندما ودعهما باولو و سيليفيا رأت على وجههما ابتسامات ذات مغزى .
تفهم رافايللو تعابير الإحراج على وجهها وما إن تحركت السيارة قال : هما يعلمان أننا عريسان جديداً ولهذا سمحا لنا أن نغادر باكراً .
_ آه .
وانشغلت بحزام المقعد لتضعه حول جسمها .
لم تستغرق الرحلة إلى المنزل وقتاً طويلاً وفكرت ماغي أن ذلك يعود إلى الإحساس بالفرح الذي تشعر به .
ما إن وصلا إلى الفيلا حتى ساعدها لتخرج من السيارة وفيما هي تسير في الممر علق كعب حذائها بالأرض وسرعان ما أحاطتها ذراع رافايللو من كتفها وكأنها تدعوها لأن تتكئ عليه سارا معاً إلى الداخل بصمت ثم سألها رافايللو : هل تريدين أن تتأكدي أن بنجي بخير ؟ أعتقد أن جينا ستسعد كثيراً لانتهاء عملها .
أجابت : آه ! نعم .
توجهت إلى الطابق العلوي في غرفتها شكرت جينا وتمنت لها ليلة سعيدة وذهبت لتتفقد بنجي .
كان الطفل مستغرقاً بالنوم في سريره الفخم طبعت قبلة صامتة على جبهته وامتلأ قلبها بالحب له ثم استدارت لتنزع عقد الماس عن عنقها .
سيطر عليها إحساس بالحزن لمعرفتها أن الأمسية قد انتهت بل هو أكثر من الحزن .. إنه شعور بالقلق لا تستطيع ان تطلق عليه اسماً فجأة سحبت الستائر الثقيلة جانباً وفتحت النافذة اتكأت على حافة النافذة وقد وضعت ذقنها على راحة يديها محدقة إلى الخارج تاركة الهواء الدافئ المشبع برائحة الزهور يمر على وجهها .
أطلقت تنهيده قصيرة الحديقة المليئة بالظلال بدت منارة بضوء خافت من غرفتها وغرفة رافايللو كما اعتقدت والتي هي بجانب غرفتها .
أطلقت تنهيده أخرى وفكرت أن ما من سبب لتكون حزينة فالليلة كانت ساحرة وهي ستحتفظ بذكرياتها إلى الأبد مثلها مثل كل لحظة أمضتها مع رافايللو دي فيسنتى فهي تريده كثيراً لكنها تعلم أنها لن تحصل منه على أكثر مما لديها الآن فهو ليس لها وهي ليست له .
_ علي أن أخبرك يا عزيزتي أن وضعك هذا خطر جداً يجب ألا تبقي كذلك
_ من أنت ؟

بدا الصوت العميق ورائها أجش يحمل بعض المرح وشيئاً آخر تفاجأت ماغي فاستقامت في وقفتها واستدارت لمواجهته .
قالت معترضة : لن .. لن أقع .
مشى رافايللو الهوينى نحوها واضعاً يديه في جيبي بنطلونه لا بد أنه دخل من الباب الخاص الذي يصل بين غرفتيهما كان ما يزال مرتدياً بذلته الرسمية وقد فك عقدة ربطة عنقه وتركها متدلية على جانبي قميصه الحريري صحح لها : ليس هذا الخطر الذي قصدته أقصد هذا .
وشدها إليه بقوة .
تمتم وقد أحنى رأسه : إنه موضوع أكثر خطراً .
رأت في عينيه بريقاً جعلها تشعر باضطراب قوي في داخلها فراحت تتنفس بصعوبة محاولة أن تنسحب لتبتعد عنه : رافايللو !
لكنه بدالا غير راغب في السماح لها بالهروب ببساطة شدها بقوة أكثر إليه محركاً يده على ظهرها وكور يده الأخرى تحت شعرها الكثيف ليمسك بمؤخرة عنقها لم يبق لديها نفس في صدرها لتتكلم أو تعترض أو تصرخ أو حتى .. لتتنفس .
قال لها بنعومة : هناك طريقة واحدة لإنهاء أمسية مثل هذه .
ثم عانقها …
حدث ذلك فجأة ودون أن تتاح لها الفرصة لتفعل أو تقول شيئاً .
في لحظة كانت تحدق من النافذة إلى ليل توسكانا الرائع وهي تفكر أن الأمسية انتهت وفي اللحظة التالية ضمها رافايللو إليه وهاهو يعانقها بشوق ولهفة .
شعرت ماغي أنها ضائعة , ضائعة تماماً .. سيطر عليها إحساس قوي بقوة الألعاب النارية أصبح عناقه أعمق وأخذ الدم يتدفق في عروقها وفي أذنيها وسرعان ما التفت يداها حول عنقه لتضماه إليها بقوة .
راح يتمتم بكلمات في أذنها لكنها لم تفهم أي كلمة مما قاله لم تستطع أن تفهم سوى أنه ما زال يعانقها .. سمعته يقول : إلى غرفتي .
جاء صوته أجش … وأخيراً وجدت ماغي صوتها فتمكنت من النطق من أعماق أعماقها : رافايللو من فضلك أنا .. أنا .
قال هامساً : هش … عزيزتي ثقي بي فأنا أريدك كثيراً .
عاد يعانقها مرة أخرى وكادت أن تستسلم له بالكامل لكن الأحلام لا تصبح حقيقة وما تعيشه الآن ليس حقيقياً .. لا يعقل أن يكون حقيقياً .
ابتعدت عنه قليلاً بينما كان رافايللو يدفعها إلى الأمام .
_ رافايللو لا ! من فضلك أصغ إلي أنت لا تفهم .
لاحظ رافايللو الإلحاح في صوتها فتركها لتبتعد عنه أكثر وبحثت عيناه السوداوان عن عينيها في ذلك النور الخافت .
_ لا تخافي لن أسبب لك أي أذى أعلم انه مر وقت طويل بالنسبة لك وأن خسارتك لوالد بنجي كانت مأساة قاسية ولا تحتمل لكن عليك الاستمرار في العيش ومعانقة الحياة من جديد .
اتسعت عيناها لسماع كلماته وبدا عليها أنها تحاول الكلام لكنه لم يدعها تتكلم .
_ أنت جميلة وجذابة وحياة بأكملها قد فتحت أمامك الآن الماضي مضى عزيزتي تذكري كايس فقط من خلال الولد الذي أعطاك إياه لكن الآن استمتعي وعانقي الحياة من جديد .
ظهر الرعب على وجهها وتمكنت أخيراً من القول بضعف كايس ؟ لا أنت لا تعرف كايس ليس والد بنجي .
جمد في مكانه فجأة وكأنها ضربته ثم سألها : إذن من ؟
تجهم وجهه فما الذي يحدث أمامه ؟
شعرت بذراعيه ترتخيان حولها ورأته يتراجع إلى الوراء .
_ أنا .. أنا لا أعرف .
أصبح وجهه قاتماً من الغضب وصاح : ماذا ؟
ابتلعت ماغي غصة وقالت : أنا لا أعلم من هو والد بنجي أرأيت … ؟
ابتعد عنها أكثر والتوتر باد في كل ذرة من جسمه .
_ أنت لا تعلمين من .. هو والده ؟
لاحظ أن هناك نظرة مترددة في عينيها لكنه تجاهلها ففي داخله تضطرم نار من الغضب المدمر .
_ هل أقمت علاقات مع عدد من الرجال لدرجة أنتك لا تعرفين من هو والد ابنك ؟
قساوة كلماته اللاذعة لسعتها بقوة ومع أنها بدت مصدومة إلا أنه تابع بقسوة والعنف ذاتهما : إذاً ذلك كايس الذي تتحدثين عنه وعن تلك الخسارة المأساوية هي مجرد قصة عاطفية لتتمكني من السيطرة علي .
تراجعت خطوة أخرى إلى الوراء وهمست : أنت لا تفهم .. ولا تعرف .
التوى فمه بازدراء وقال : آه ! أنا أعرف كل شيء .. أنا أعرف الحقيقة مهما كانت حياتك صعبة وسيئة فليس هناك عذر مطلقاً لتعيشي حياة مستهترة حتى إنك لست منزعجة من عدم معرفتك لهوية والد ابنك .
ملأ الاحتقار والازدراء وجهه وهو يتابع : هل فكرت مرة باستهتارك المطلق وعدم مسئوليتك تجاه ذلك الطفل البريء ؟ ألست أنت مثالاً حياً عن عدم تحمل المسؤولية ؟ ومع ذلك تفعلين ذلك ثانية وكأن ابنك ليس من لحمك ودمك .
صرخت بمرارة وألم : بنجي لي ! لن أتركه أبداً , أبداً .
خلا وجهه من أية تعابير وهو يقول : الولد بحاجة لأبيه .
ظهر شيء من الحزن في صوته ثم قال مكرراً : الولد يحتاج لأبيه وأنت حرمت ولدك من هذا الحق حتى إنه لن يعرف من هو والده ! أم أنك ستكذبين عليه وتقولين له إن كايس والده لتخفي عنه حقيقة أمه ؟
بدا صوته مليئاً بالازدراء والإدانة بغضب سار عبر الغرفة متوجهاً نحو الباب ليصل إلى غرفته من خلاله شعر بألم في أحشائه وكأن شيئاً ما رائعاً نادراً ومدهشاً تحول فجأة إلى فطريات عفنة بين يديه .
ما إن راقبته يغادر حتى وقفت ماغي في مكانها مضطربة من العاطفة القوية إلى الغضب الشديد في عدة لحظات ! شعرت وكأنها في ثورة من الغضب وعلمت أن عليها أن تلحق به .
وصلت إلى الباب المشترك في اللحظة التي كان سيغلقه فيها ومدت يدها لتمنعه قالت بصوت منخفض ومتوتر : رافايللو أنا لا أعرف من هو والده أمر فظيع جداً لكن .. أرجوك أعط السماح والغفران لكايس .
ازداد وجهه تجهماً وعبوساً .

 
 

 

عرض البوم صور Lovely Rose  
قديم 30-11-08, 03:05 PM   المشاركة رقم: 10
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس فعال جدا


البيانات
التسجيل: May 2006
العضوية: 5844
المشاركات: 413
الجنس أنثى
معدل التقييم: Lovely Rose عضو له عدد لاباس به من النقاطLovely Rose عضو له عدد لاباس به من النقاط
نقاط التقييم: 140

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
Lovely Rose غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : Lovely Rose المنتدى : الارشيف
افتراضي

 

كايس ؟ أنت قلت الآن إنه لم يكن والد بنجي ؟
ابتلعت ماغي غصة وقالت : صحيح كايس لم يكن والد بنجي كايس …
ترددت قليلاً لتقول أخيراً : كايس هي والدة بنجي .
حدق بها وكأنها أصيبت بالجنون أجبرت نفسها على المتابعة : كانت كايس كشقيقة لي لم يكن للواحدة منا سوى الأخرى في كل هذا العالم عندما .. عندما عاودها السرطان .. أصيبت بشيء من الجنون على ما أعتقد كانت تعلم أنها ستموت قبل أن تبدأ حتى بالحياة وقالت لي .. قالت لي ..
شعرت بطوق من الفولاذ يضيق على عنقها جعل من الصعب عليها أن تتنفس أو أن تتحدث لكنها أجبرت نفسها على المتابعة : .. إذا كانت لا تستطيع أن تعيش وإذا كانت ستختفي عن هذا الوجود .. وأرادت أن تبرهن أنها كانت موجودة وأنها وإن كانت لا تستطيع أن تعيش فستترك جزء منها بعدها هل كانت مخطئة ؟
أصبح صوتها كالهمس وهي تتابع : هل كانت مخطئة لمحاولتها الحصول على طفل بأية وسيلة كانت لتترك شيئاً
منها ورائها ؟ هل كان بإمكاني أن أقول لها لا ؟ كيف يمكنني ذلك وأنا لا أواجه المرض والموت مثلها ؟ كل ما استطعت القيام به هو أن أعدها بأن أربي ابنها وأن أكون الأم التي لم يتسنى لها أن تكونها كانت تعلم أني لن أتخلى عن بنجي مطلقاً لأنني أنا نفسي كنت يتيمة كانت تعلم أنها يمكنها الوثوق بي لذلك أعطتني إياه ... قبل وفاتها .
راحت الدموع تنسكب على خديها بغزارة ولم تستطع إيقافها بعد هذا الفيض من الذكريات التي تجمعها بصديقتها وقفت هناك وهي تضع يدها على الباب ولم يعد بإمكانها قول المزيد .
بعد ذلك أحاطتها ذراعان قويتان ضمتاها إلى صدر رافايللو القوي وكأنهما يحمياها انسكبت الدموع أكثر فأكثر وهي تسمع كلمات باللغة الإيطالية تهمس في أذنها لكن ما شعرت به هو إحساسها بالراحة بسبب صوته العميق المطمئن .
استغرقت فترة طويلة قبل أن تتوقف عن البكاء في الأشهر الأولى لوفاة كايس كان بنجي مازال صغيراً ومحروماً فكانا يبكيان لوحدهما في الليل لكن مضى على ذلك زمن طويل وطويل جداً منذ أن بكت لم يكن لديها يومها أحد ليخفف عنها .
أخيراً لم يعد هناك أي أثر للدموع أبعد رافايللو ذراعه عن كتفها وقادها إلى غرفته وقال لها : اجلسي .
سمعت رقة في صوته لم تسمعها منه من قبل ساعدها لتجلس على كرسي بجانب المدفأة الفارغة وربض على الأرض بجانبها ثم أمسك بيديها .
_ اغفري لي غضبي وكلامي السيء لقد تحدثت عن جهل كامل بالحقيقة .
لوى شفتيه بسخرية وتابع : .. كما فعلت معك في السابق .
ثم توقف وتابع بعدها بصدق : يمكنني أن أقول شيئاً واحداً فقط وهو أن بنجي طفل محظوظ جداً لحصوله على هذا الحب الشديد منك .
قالت ماغي وكأنها تصرخ من قلبها : إنه ابني ! .
ضغط رافايللو على يديها وقال مؤكداً : إنه ابنك بالطبع وحبك له يشع كأنه مشعل في الظلام لقد أخذته إلى قلبك وسيبقى هناك إلى الأبد .
رفع يديها إلى شفته وشعر بفرح داخلي لا يمكن وصفه .. شيء رائع وواضح جداً وقف و جذبها نحوه وهو مازال ممسكاً بيديها وتحت تلك الأنوار الخافتة عانقها ..
كان عناقاً ناعماً … كالحرير .
قال لها بنعومة : أريدك جداً هل تبقين معي الليلة ؟
بدت عيناها عميقتين وغامضتين .
_ رافايللو .. أنا .. هناك شيء يجب أن تعرفه ..
ابتسم وقال موبخاً : هل لديك المزيد من الأسرار ؟ أخبريني بها كلها .
شعرت بخديها يتوردان قليلاً وقالت : منذ فترة قصيرة ظننت أني فتاة مستهترة وكنت غاضباً جداً ..
هز رأسه وقال : غضبي كان بسبب اعتقادي بعدم مسئوليتك بإنجاب طفل لن يستطيع معرفة والده لكن نظراً لما قلته .. حسناً .. ! أنا لست في وضع أستطيع انتقادك فيه إن كان لديك تجارب مثلي .
_ نعم لكن المشكلة هي …
توقفت عن الكلام وهي تشعر بالإحراج أخفضت رأسها كي لا تنظر إلى عينيه وتابعت تقول : أنا .. لا تجارب لدي مطلقاً .
سقطت كلماتها في صمت طال بينهما ثم ودون أي كلمة أبعدها عنه وسقطت يديه إلى جانبه أما هي فتابعت وهي تشعر بالخجل : أعلم أنك افترضت أن لدي على الأقل ما يكفي من التجارب حتى أصبح حاملاً لكن في الحقيقة ليس لدي أي تجربة أبداً مطلقاً .
اختفى صوتها وتمنت ماغي لو أنها تختفي في صدع في أرض الغرفة .
_ هل أنت عذراء ؟
بدت في صوته نبرة غريبة لم تعرف معناها كل ما أرادته هو أن يتسع ذلك الصدع لكي تنزلق في داخله من المؤكد أنه يفكر أنها مملة غير مثيرة باردة كان عليها أن تتذكر أن ساندريلا عادت إلى ثيابها البالية عند منتصف الليل فلا تنتظر أي اهتمام من رجل غني جذاب ولديه الكثير من التجارب مثل رافايللو دي فيسنتى قالت بتعاسة : أنا آسفة .
_ أنت آسفة ؟
سمعت تلك النبرة الغريبة في صوته مرة ثانية فحدقت في الأرض وأصابعها تلتوي على قماش تنورتها .
فجأة تقدم رافايللو منها ثانية وأمسك خديها بين أصابعه الطويلة الناعمة ثم أدار وجهها إلى الأعلى لتنظر إليه قال برقة : ألا تعلمين أن هناك أمراً واحداً فقط يمكن للمرء القيام به مع زوجته العذراء ؟
حدقت به وقد حبست أنفاسها بدا رائعاً تماماً بعينيه الجميلتين الغامضتين وشعره الأسود الناعم كاحرير وفمه المنحوت بدقة ..
أخذ رافايللو نفساً قصيراً وتابع يقول : أن يغازلها حتى يحصل عليها .
انزلقت أصابعه عن شعرها الناعم ولامست حدود خدها وشعرها المتدلي عليه ثم عانقها .. رفعت ماغي رأسها إليه وكأنها زهرة تتفتح لتشرب من رحيق الآلهة .
شعرت بكلماته تنزل على مسامعها ناعمة منعشة كرقائق الثلج الذائبة على خد حار وكأنه لم يعد في العالم سوى شخصين هي و رافايللو كان يمسك وجهها بيديه وأصابعه تلامسها بنعومة وكأنها أصابع من ريش لكن تحت تلك النعومة كان الشوق ينمو ويكبر وكانت ماغي تشعر به وتتجاوب معه من خلال عناقهما لم تعد تشعر بشيء حولها إلا ذلك الإحساس الرائع المميز …
قال بصوت منخفض أجش : أنت جميلة , جميلة جداً .
شعرت بقلبها يطير ويرتفع بسعادة لا تقاوم شعرت كأنها تذوب ولم يكن باستطاعتها تصديق ما تسمعه همست قائلة : هل أنا .. جميلة فعلاً ؟
_ وهل تشكين في ذلك ؟
وأمسك بيديها شابكاً أصابعه بأصابعها فكرت ماغي أنها في حلم فالحقيقة ليست بهذا الجمال والسحر ولا يمكن أن تكون كذلك .

9 _ أيام لا تنسى

استيقظت ماغي من نوم بدا لها دهراً ما إن توصلت إلى الوعي حتى بدت كل أفكارها مرتبكة تساءلت أين هي ؟ وأين بنجي ؟ لماذا لم يوقظها كما يفعل دائماً ؟ جلست برعب في السرير وهي ترمش بعينيها وأصبحت أكثر ارتباكاً وهي تحدق حولها غرفة النوم الغريبة عنها بعدئذ تدفقت الذكريات كلها على رأسها وشعرت في الوقت نفسه بالتعب والإرهاق .
صرخت مذعورة : بنجي !
وكأنه كان ببساطة منتظراً نداءها .. في تلك اللحظة دخل رافايللو إلى غرفة نومه عن طريق الباب المشترك وهو يحمل بنجي بين ذراعيه ابتسم الاثنان لمجرد رؤيتها وعلى الفور مد بنجي ذراعيه إليها لاحظت ماغي على الفور أن رافايللو لا يرتدي سوى بنطلونه الجينز وقد سار نحوها ليعطيها بنجي .
_ قدمت ماريا له الفطور وبدلت له ثيابه ونظفته .
جالت عيناه عليها وتابع : بدوت متعبة يا عزيزتي فتركتك نائمة .
أحنت ماغي رأسها وهي تشعر بالحرارة تلون خديها وشغلت نفسها بعناق بنجي لكن ما إن اطمأن الطفل لوجود أمه حتى ابتعد عنها وراح يختبئ تحت غطاء السرير تمنت ماغي لو أنها تستطيع القيام بذلك أيضاً فالنظر إلى رافايللو مباشرة ليس أمراً تستطيع القيام به بجسارة سألها بنعومة وقد فهم ردة فعلها : أتشعرين بالخجل عزيزتي ؟
بسرعة بدأت أفكار رافايللو تحاول استرجاع الماضي حاول أن يتذكر أية لحظات مشابهة مع أي امرأة عرفها من قبل امرأة تتورد خجلاً وتخفي عينيها عنه عندما يحييها عند الصباح فلم يتذكر أي واحدة .
ماغي بعيدة بمليون ميل عن أي امرأة مرت سابقاً في حياته ليس فقط لأنها كانت عذراء أو بسبب خجلها تساءل ما الذي يجعلها مختلفة عنهن ؟ إنه أمر لا يستطيع اكتشافه لكنه سيكتشف ذلك الأمر .
اقترب ليجلس قربها على السرير فلاحظ وهو يشعر بالتسلية كيف ابتعدت بصورة لا شعورية لتندس تحت غطاء السرير انحنى إلى الأمام ثم قال بمرح وعيناه تشعان بالسعادة : صباح سعيد !
بدت كأنها لا تعلم ما الذي يريده فعمل رافايللو على الفور على توضيح ما يريده عانقها عناقاً رقيقاً ثم انسحب ما إن ابتعد عنها حتى رأى وجهها يحمر خجلاً وهي ما تزال غير قادرة على التحديق في عينيه ابتسم ما إن رأى نظرة عينيها تتجه نحوه للحظة .
_ لا داعي للخجل عزيزتي .
إنه أمر غير عادي لقد تحولت من تلك المخلوقة الفقيرة الهزيلة غير المحبوبة حيث لا يمكن لرجل أن ينظر إليها ولو لمرة واحدة إلى إنسانة تدير الرؤوس كيفما تنقلت إحساس غريب تحرك في داخله ولم يعلم ما هو ذلك الإحساس طافت عيناه عليها مرة ثانية كانت ماغي تنظر إليه بخجل وبعدم ثقة ومع ذلك كانت الشوق يلمع يشع من عينيها رغم إحراجها اقترب منها ثانية فلقد بدت جميلة جداً وهي مستلقية على وسائده مع أنها رفعت غطاء السرير حتى ذقنها .
وفي تلك اللحظة اندفع رأس من تحت الغطاء وضرب بمرفقه وسرعان ما امتدت يد صغيرة وأمسكت بيده فسقطت يده على السرير حاملة جسمه المنحني اندفع بنجي في ضحك طفولي أشبه بصياح الديك مسروراً بما فعله وهو يظهر من مخبئه .
جلس رافايللو وقد ظهرت السخرية على وجهه لا مجال للبقاء بمفرده مع ماغي هذا الصباح هذا ما استنتجه ! بدأ يفكر بسرعة إن كان يستطيع أن يعيد بنجي إلى ماريا لتعتني به وبذلك يتمكن من الحصول على ماغي لنفسه .
لكن تبين أنه لا يستطيع ذلك فبنجي يريد أن يلعب إنه يضج بالنشاط والحيوية عند الصباح زحف الطفل نحو رافايللو ورمى بنفسه على حضنه ضاحكاً وهو يقوم بحركات ليشجعه قالت ماغي : يريدك أن ترقصه على ركبتيك .
أخيراً وجدت صوتها التكلم عن بنجي هو على الأقل أمر معقول فهو موضوع آمن وطبيعي ولا يشبه البتة ما كان يرمي إليه رافايللو فذلك أمر لا تستطيع التعامل معه بنجاح .
سألها رافايللو : أهكذا ؟
واستدار ليجلس بطريقة مستقيمة واضعاً قدميه على الأرض ثانية .
شرحت له ماغي بمرح : نعم عليك أن تضمه إليك وتلاعبه وتريه طريقة ركوب الخيل .

راقبته ماغي وهو يكرر اللعبة عدة مرات لبنجي فكاد قلبها ينفطر في صدرها تأثراً مرة بعد مرة بدا رافايللو وسيماً جداً بجسمه الرشيق الأسمر الذي يخلو من أي أثر للسمنة وذراعيه القويتين اللتين تمسكان بنجي بقوة وبعناية ووجهه ذي الوسامة الواضحة وفمه الضاحك بدت عيناه السوداوان الجميلتان متجعدتان قليلاً عند الزوايا وكان شعره الحريري الأسود يتطاير فوق جبهته راح قلبها يتلوى ويتلوى وهي تراقبهما .
الحمد لله أن بنجي موجود هنا ! رفعته عن حضن رافايللو وقد حرصت بشدة ألا تلمس هذا الرجل شعرت بنفسها سعيدة جداً لكن .. ليست سعيدة لدرجة أن تنسى أنها لا تزال تشعر بالخجل المطلق.
فلو لمسته سيعلم على الفور أنها تشتاق إليه كثيراً .
مرغت أنفها بحب في بنجي وقالت : هكذا أيها العفريت الصغير حان الوقت لتنهض .
شعر رافايللو بالحرج الذي تشعر به فأشفق عليها ونهض على الفور .
_ سآخذ بنجي إلى الطابق الأرضي وسنكون على الشرفة تعالي وانضمي إلينا لتناول الفطور هناك .
حمل بنجي من بين يديها ولم يشعر بأي حرج لملامستها وذلك على العكس مما كانت ماغي ستشعر به لو لمسته شعرت ببشرتها ترتجف حيث مست أصابعه ذراعيها بينما كانت تنقل بنجي إليه وعندما غادر الغرفة فقط تجرأت وخرجت من السرير لتذهب إلى الحمام .
وقفت هناك ترى انعكاس صورتها على المرآة وقفت تحدق ملياً وترى كم هي جميلة حقاً ! لقد حدث لها ذلك فعلاً أقرت بذلك بتعجب و اندهاش لقد حدث ذلك فعلاً !
ذلك الإحساس العميق من السعادة سيطر عليها ثانية وفي أعماقها كان هناك تعجب وألم قويان جعلاها تشعر كأن قلبها يتصدع أضاءت وجهها ابتسامة بطيئة فمهما حدث مهما حدث معها حتى آخر حياتها ستكون لها هذه اللحظة هذه اللحظة الرائعة غير المعقولة عندما أخذها أجمل رجل في العالم إلى عالمه وجعلها زوجته .
استحمت وارتدت ثيابها بسرعة وهي مليئة بقوة هائلة من الشوق لتبقى بصحبته لم تكن تعلم ما الذي سيجلبه النهار وما الذي سيحمله المستقبل كل ما تعلمه أنها الآن تريد فقط أن تكون مع رافايللو أن تشعر بحضوره وأن تشرب من وجوده وكأنه شراب من العسل .
كان رافايللو بانتظارها على الشرفة ما إن اقتربت منه حتى لمعت عيناه بنظرة تقييمية أدركت ماغي على الفور أن فستانها الصيفي الأزرق الناعم الذي اختارته من المجموعة الكبيرة التي تملأ خزانتها ينساب على جسمها الرشيق مظهراً جمالها ونحافة خصرها جلست على مقعدها وشغلت نفسها بسكب فنجان القهوة نظر إليها بنجي نظرة مختصرة وهو يلعب على دراجته وسار مبتعداً عبر الشرفة .
انحنى رافايللو نحوها كانت عضلاته المفتولة تلمع كأنها الفولاذ المصقول في ضوء الصباح المشرق .
_ حسناً عزيزتي ! ماذا ترغبين أن تفعلي هذا اليوم ؟
التعابير الواضحة التي ظهرت في عينيه جعلتها تدرك بوضوح ماذا يريد كجواب منها شعرت باللون الأحمر يصبغ خديها من جديد .
أجابت بارتباك : آه .. ! أي شيء تريده .
لكنها تابعت بسرعة : لكن أليس من المفترض أن تذهب للمكتب أو أن تقوم بشيء ما ؟
هز رافايللو رأسه وأجابها : أؤكد لك أن لا شيء أكثر إثارة للملل من الذهاب إلى هناك .
وكان ذلك صحيحاً فمجرد التفكير في الجلوس في مكتبه محاولاً تطوير شركة دي فيسنتى إلى إمبراطورية عالمية بدا أكثر الأفكار المملة في العالم لا ! عالمه اليوم مركز هنا مع هذه المرأة الجذبة وغير العادية .
عاد بنجي إليهم كأنه يتسابق وما إن لمحه رافايللو حتى تجمد في مكانه .
لقد أخذت ماغي على عاتقها تربية ابن امرأة أخرى وكأنه ابنها امرأة على حافة الموت أعطت ثقتها لماغي وأمنتها على ابنها الوحيد .
شعر بشيء ما يعتصر داخله وفكر كم يحتاج المرء إلى صفات سامية ليقوم بمثل هذا العمل ؟ إنه خيار كلفها الكثير من الناحية المادية فمن أجل صديقتها المتوفاة تقبلت تربية طفل حديث الولادة ولا معيل لها إلا ما تؤمنه من الدولة فلا عائلة لها وهي بالكاد تملك المال حتى إنها لا تملك منزلاً خاصاً بها لتتمكن من تربيته لكنها فعلت هذا .. جعلت نفسها امرأة كادحة تعيش في فقر مدقع لأنها لم ترضى أن تدير ظهرها إلى طفل وحيد لا سند له سواها .
اجتاحته عاطفة قوية .. الحمد لله أنه وجدها !
لقد أخذها بعيداً عن ذلك الفقر المدقع وأحضرها إلى هنا وحررها كأنها كانت عصفورة محبوسة في قفص وهاهي تطير بأجنحة متنوعة الألوان في دفء الصيف الرائع امتلأ قلبه بالعطف والتقدير لها وشعر بشيء ما أكثر من ذلك لم يدرك كنهه .
شعر بيد صغيرة على ركبته جذبت انتباهه يريد بنجي أن يصعد إلى الطاولة انحنى وحمله ليضعه على حضنه متعجباً من عاطفة الطفل الصادقة واستكانته بثقة على صدره قبل أن تلتف انتباهه لفائف الخبز على الطاولة .
عمل رافايللو على إطعامه وهو يضحك بينما راحت ماغي ترتشف قهوتها .
وبعد قليل أعلن رافايللو بصوت حاسم : سنمضي يوماً آخر على الشاطئ هذا ما نحتاج إليه كلنا .

**********************
_ أتريدين المزيد من القهوة ؟
هزت ماغي رأسها رافضة مع أن جزء منها أراد أن يقول نعم لأن ذلك يعني أنها ستتمكن من الجلوس لمزيد من الوقت إلى الطاولة في الطابق العلوي كان بنجي نائماً بعد أن بدا منهكاً بعد أن بدا منهكاً من شدة التعب من اللعب بفرح على شاطئ البحر .
كانا لا يزالان على الشرفة حتى في ذلك الوقت المتأخر لأن الطقس أصبح أكثر دفئاً وكانت ماغي تشعر بالفرح من روعة سماء ليل إيطاليا سمع صوت صرير المعدن على البلاط تبعه نهوض رافايللو ووقوفه على قدميه استدار من وراء الطاولة ليأتي نحوها ثم مد يده إليها وقال بنعومة : حان وقت النوم .
شعرت بأنفاسها تعلق في حلقها فهي تعلم تماماً ما الذي يريده وهي تعلم من كل قلبها أن هذا ما تريده أيضاً أرادت أن تشعر بذراعيه حولها مرة ثانية وتشعر به بقربها .
تابع وهو ينظر إليها بعينيه السوداوين كالمخمل : لقد انتظرت طوال النهار بقيت ساعات لا نهاية لها منتظراً هذه اللحظة عزيزتي عندما أمسك بيدك وأشدك إلي هكذا …
برقة لا تخلو من القوة والإصرار شدها لتقف على قدميها وهو يتابع : .. وأضع ذراعي حولك هكذا …
ضمتها ذراعاه إلى صدره وتابع : وأرفع وجهك إلي وأضمك إلى صدري …
وأحنى رأسه وعانقها .
شعرت كأنها في الجنة وهي في منتهى السعادة رأت النجوم تتحرك بشكل دائري عبر السماء السوداء بينما راح رافايللو يعانقها كأنها زهرة تتفتح من أجله فقط .
قال مرة ثانية : تعالي ! حان الوقت لنبدأ ليلتنا .
فكرت هل ما يحدث حقيقي ؟ أفكارها في ضباب وجسمها في نار هادئة .
لم يعد هناك مكان للكلام فلا قيمة للكلام مطلقاً وهي لا تريد شيء أكثر من هذا العالم .
عليها أن تحتفظ بهذه اللحظات أن تحتفظ بها إلى الأبد بهذه السعادة العارمة وبهذا القدر من الفرح الذي تشعر به .
أحبك !
تشكلت الكلمة على شفتيها واستقرت في قلبها وشعرت بقوتها وروعتها لكنها كلمة صامتة .. تنفست وهي تتلفظ بها على بشرته تقولها لنفسها فقط ..
أحبك !
وعد صامت .. وهدية ستبقى طي الكتمان .
_ رافايللو ! لا قد يشاهدنا أحدهم .
قالت ماغي ذلك عندما حملها وصعد بها الدرج .
_ من ؟ لا أحد هنا فالخدم كلهم نيام .
ثم ابتسم ابتسامة ماكرة أظهرت أسنانه البيضاء قال : لا أحد عزيزتي .. لا أحد سينقذك مني .
دار بها دورة كاملة قبل أن يدخلا معاً إلى غرفته .
ببطء وهدوء وضعها على السرير وقال بصوت كالصدى : لا أحد سينقذك مني .
نظرت ماغي مباشرة في عينيه وقالت هامسة : لا أريد أن ينقذني أحد .
و ببطء شديد عانقها وحملها معه إلى عالم سحري أشبه بالجنة .
في الصباح التالي استيقظت لتكتشف أن رافايللو استيقظ قبلها وأخذ بنجي إلى ماريا لكن اليوم بدلاً من أن يعيده معه عاد لوحده ليخبرها أن ماريا أخذت بنجي ليلعب مع أولاد أختها الصغار وانه سيكون سعيداً ولن يفتقدها للحظة .
فكرت ماغي أن هذا الأمر يناسبها تماماً فالآن لا وقت لديها على الإطلاق لأي كان إلا لرافايللو .
أما رافايللو فأبقى ماغي له بالكامل وقد أمضى معظم الصباح وإياها في حب لا ينتهي إلى أن قرر أخيراً أنه حان وقت النهوض لاستقبال يوم جديد .
وبعد نزهة رائعة إلى أبعد نقطة مأهولة استطاع رافايللو إيجادها أدركت وهي تشعر بالسعادة تماماً ما الذي يفكر به فهو يريد أن يعيشا مثل أدام وحواء في الجنة وهي تحبه وتعلم أن لا مجال للحب بشكل مختلف وأنها ضعيفة جداً أمام قوته ومع أن روعة حبه لامست أعماق أعماقها إلا أنها كانت تعلم أن هذه الحياة ليست لها .
ربما يتسنى لها أن تحيا بسعادة اليوم وغداً لكن مهما كان الوقت الذي ستمضيه برفقة أجمل رجل في العالم فإنه لن يستمر إلى الأبد ومع أنها لا تعلم لماذا قرر تغير تصرفاته نحوها ربما ذلك بسبب الفضول أو الرغبة أو أنها نزوة أراد تحقيقها لكنها تعلم أن الأمر لن يدوم وأن كل ما يحدث معها هو حلم خارج الزمن .
إنها مجر دعوة قصيرة زائلة للسعادة التي ستحترق مثل شعلة نار قبل أن تطفئ نفسها .
لكنها مع ذلك غير مبالية فالنهاية آتية لا محالة وهي سوف تستيقظ ذات يوم على عناقه الأخير ..
شعرت به يقترب منها تظلله شجرة الكستناء فاستدارت نحوه وحدقت به يائسة من شدة حبها له تمنت لو أنه لا يرى ذلك الحب وتمنت ألا يكون واضحاً في عينيها بكسل نزع رافايللو ورقة عشب طويلة ومررها على جانب خدها الإحساس بالوخز الناعم على وجهها جعلها تبتسم .
سألها بنعومة وهو يبادلها ابتسامتها : لم تبتسمين ؟
قالت له ببساطة : لأنني سعيدة .
أصبحت ابتسامته أكثر عمقاً وقال وهو يعانقها بنعومة : وأنا أيضاً عزيزتي سعيد جداً .
وللحظة طويلة نظرا إلى بعضهما البعض إلى أعماق عيونهما ففي النهاية لقد تشاركا في أجمل اللحظات الحميمة معاً والرحلة التي قاما بها معاً إلى أفاق العاطفة والشوق بدت رائعة تماماً أدركت ماغي في تلك اللحظة أن ما بينهما الآن هو أعمق من كل ما حدث سابقاً وبينما كانت تنظر إلى عينيه و رافايللو يبادلها النظرات شعرت برباط حي ينمو بينهما رباط ينتمي إلى روحيهما وليس إلى جسديهما فقط .
وكأن عاطفة جديدة غير معروفة لديها بدأت تزهر وتتفتح في أعماقها عاطفة لم تجرؤ أن تصفها ولم تجرؤ أن تعطيها اسماً عندها رأت قناعاً يخفي عينيه ورأته ينسحب بعيداً عنها .
كان ذلك مجرد أمل سرعان ما رحل بعيداً …

في اليوم التالي أخذا بنجي معهما في نزهة في الهواء الطلق وما إن عادوا إلى الفيلا مع مغيب الشمس أعطى بنجي إلى ماريا التي أسرعت بترك عملها عند وصلوهم وضعت يدها على يد ماغي وقالت ببساطة : اذهبي .
وسارت برفقتها نحو الدرج .
لم تستطع ماغي النظر إلى وجه ماريا وبالكاد تمكنت من التربيت على رأس بنجي طالبة منه ان يكون ولداً طيباً .
أكدت لها ماريا : إنه دائماً رائع سينيورا .
صعدت ماغي لدرج بسرعة شعرت أن سعادة ماريا ليست فقط بسبب تصرفات بنجي ولكن بسببهما أيضاً فمنذ أن حولها رافايللو من بجعة قبيحة إلى امرأة حقيقية أصبحت مدبرة المنزل تشع بالرضى عليهما معاً راحت تهتم برافايللو فتقدم له الكثير الطعام ومع ذلك لم يؤثر ذلك على رشاقته هذا ما فكرت به ماغي وهي تنظر باهتمام واضح إلى جسمه القوي وهو ينزع قميصه عن كتفيه أما بالنسبة لها فكانت ماريا تشرق من الفرح كلما نظرت إليها لم تقل شيئاً لكن عينيها قالتا الكثير .
ماغي تعرف السبب ماريا تعتقد أن هناك شيئاً ما حقيقياً يحددث بينهما وأن ذلك الزواج الغريب والمؤقت أصبح حقيقياً .
لكن الأمر ليس صحيحاً وهي تعلم هذا تعلم ذلك في أعماق قلبها وأفكارها وروحها وفكرت ماغي أنه بالطبع ليس مفتوناً بها لكنه متمسك بالسعادة التي غمرته من تحويلها إلى فتاة فائقة الجمال أو على الأقل إلى عصفورة ذات جناحين وتعليمها الطيران .
ضمها إليه واضعاً ذراعيه حولها فأراحت رأسها على صدره راحت أصابعه تتحرك ببطء على شعرها لم يقولا شيئاً لكن في ذلك الصمت وجدت ماغي سلاماً لم تعرفه قط من قبل .
في تلك الأمسية أخذها رافايللو لتناول العشاء خارجاً بعد ان نام بنجي .
تناولا العشاء في مطعم أنيق ورائع يشرف على الوادي جلست ماغي هناك وهي تشعر أنها أميرة بفستانها الحريري الأزرق اللون والعقد الماسي الذي يزين عنقها لكن رافايللو هو من جعلها تشعر بأنها اميرة وليس الثوب الأنيق المميز التصميم ولا العقد الذي لا يقدر بثمن بل رافايللو الرجل الذي تحب لكنها تعرف أن الأميرات يعشن فقط في القصص الخيالية لا في الحياة الواقعية .
ومع أنها لم تعد تلك الفتاة البشعة التي كانت إلا أنها لا تزال سندريلا وعقارب الساعة تتجه نحو منتصف الليل

 
 

 

عرض البوم صور Lovely Rose  
 

مواقع النشر (المفضلة)
facebook




جديد مواضيع قسم الارشيف
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


LinkBacks (?)
LinkBack to this Thread: https://www.liilas.com/vb3/t99545.html
أرسلت بواسطة For Type التاريخ
Untitled document This thread Refback 23-04-10 08:44 PM


الساعة الآن 05:30 PM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية