كاتب الموضوع :
Lovely Rose
المنتدى :
روايات احلام المكتوبة
8/ ضحية الفراولة
جلست ميمي عند الشاطئ ، بعد أن أضرمت النار 00كانت بحاجة للدفء ولتبقى لوحدها00فقد انقلبت حياتها رأس على عقب ، وساد فيها الاضطراب والفوضى 00وهاهي عالقة في جزيرة يسكنها أصحاب ثروة طائلة 0أنى لها أن تعرف أنهم سيكونون بهذه الطيبة والتواضع ؟ لم تحس بهذه الراحة مع الناس منذ وفاة والديها0
ومما يثير الاستغراب أن أي من آل ميريت لم ينشد المغامرة خلف البحار رغم الأموال الطائلة التي يملكونها والتي تسمح لهم بالسفر لأي مكان تشتهيه نفوسهم 0
فجأة أحست بحكة في رجلها ، فدفنت قدميها في الرمل00وعلا العبوس وجهها 0فكرت في مارك 00كم هو مختلف عنها ، لا يعقل أبداً أن تغرم به!
أنها بحاجة ماسة لمجالسة النجوم ، فقد خاضت اليوم تجربة عنيفة وأدركت أن تعلقها بهذه العائلة لن يجر عليها إلا المزيد من المشاكل0
فركت ميمي وجهها بعد أن شعرت بوخز خفيف ، ثم تنهدت وهي تحاول أن تطرد طيف الذكرى 0تباً لها أنها تشعر بالراحة والرضا في هذا المكان00عليها أن تعود لأسفارها00
تمتمت :- ياللمصيبة التي ألمت بك ياميمي ! أكان من الضروري أن تصطدمي بـ0000
تركت الكلمات تموت على لسانها ، وأغمضت عينيها بقوة ، لتمنع أفكارها من الهرب نحو مارك0
ثم أطلقت تنهيدة تنطوي على مزيج من الكآبة والتعب ،
تباً له لقد طلب منها ذلك الوغد000
ارتفع صوت محذر في داخلها : كفى يا ميمي ! توقفي عن التفكير في هذا الرجل !فكري فيما تريدين عدا هذا الرجل !
- ماذا تظنين نفسك فاعلة ؟
أجفلها سؤال مارك الفظ فاستدارت نحوه وأجابت :- يا إلهي يا دكتور! أعليك أن تظهر دائما كالشبح ؟ ستسبب لي نوبة قلبية0!
كانت تحاول أن تتبين مكانه في هذا الليل المعتم 00عندما عاودتها الحكة مجدداً ، لكن عندما كشفت النار عن قامة مارك الفارعة , نسيت أمر حكاكها ونسيت أمر مغادرة الجزيرة ، ولم يبق في ذهنها إلا منظره وهو يخرج من العتمة0
كان وهج النيران قد أضفى عليه جاذبية لا توصف ، فأضاءت وجهه وصدره 00كان حافي القدمين00فخيل لها أن طارئا انتشله من سريره على وجه السرعة 0فما كان منها إلا أن استقامت في جلستها ، وهي تنفض الرمل عن يديها :- هل طرأت حالة مستعجلة يادكتور ؟ أمن مريض يحتاج إلينا ؟
- كلا0
حين أمسى على بعد خطوات منها توقف وحدق بالنار المشتعلة قبل أن يعبس قائلاً:- ماذا تفعلين ؟
بادلته العبوس ومررت يدها على كتفها حيث شعرت بوخزه خفيفة 00ردت :- إني أهتم بشؤوني الخاصة يادكتور كثير من الناس يقومون بذلك 0يجدر بك أن تحاول ذلك في بعض الأحيان0
- يسعدني ذلك ، لكن رجال المراقبة لا ينفكون يتصلون بي بشأن مغامرتك الأخيرة 0
قاومت رغبة في التقدم نحو الكاميرا والصراخ أمام العدسة 0
- إني لا ألفت نظر سفينة القراصنة ! أمن الخطأ أن احظي بقصد من الراحة ؟ألا تستطيعون رجالك المجانين أتركني وشاني ولو لمرة واحدة ؟
أطلق زفيراً يعتريه التعب وتقدم نحوها قائلاً :- هل تنوين أن تقضين الليل في العراء ؟
مدت يدها بشرود إلى كاحلها ، وأخذت تفركه وهي تتمتم :- لست أدري 000وماذا لو فعلت ؟
أجاب بهدوء :- اسمعي يا ميمي 00إني آسف بشأن ماحدث هذا العصر0
ساد سكون عميق لم يقطعه إلا صوت الموج في البعيد 00قال أخيراً :- لا أدري ماذا انتابني ؟!
فكرت قليلاً وتمتمت :- إنه ماض انقضى , ما كا ن يجدر أن أتصرف بعصبية 0
ظلت تحدق فيه وهي عاجزة عن الإشاحة بوجهها 00يا لتلك الهفوة التي ارتكبتها !
أضافت :- إن كنت لا تمانع , أفضل أن ابقي لوحدي 0
لما لم يجبها ، التفتت نحوه حتى التقت عيناهما 0شيئأ فشيء ، بدأت ملامحه تتغير ، فاتسعت عيناه واكتسى وجهه بالهم والتجهم ، ولما فتح فمه أخيراً ، أبصرها وهي تفرك ذقنها بشدة 0
قرب وجهها من النار ، وهتف :- لا تتحركي 0
- في ماذا تحدق ؟هل طال أنفي ؟
وفجاه تذكرت هذه النظرة فبعد العمل معه أصبحت تعرف نظرة الطبيب المعاين0
أنعم النظر في ذراعيها وساقيها ُثم أجابها :- إن البثور تكسو وجهك 00هل تشعرين بحكاك
التفتت لذراعيها وقدميها فصرخت :- آه ، لا !
رفعت رأسها لمواجهة عينيه القلقتين وأضافت :- لا شك أن النحلية احتوت على الفراولة !
راحت تلوم نفسها لأنها أغفلت هذه المسألة مررت يدها في شعرها وأجابت :- إنه ضرب من ضروب الذكاء اقترفته فيما الدواء يكاد ينفذ مني 0
- لا تخافي 0 من حسن الحظ أنني طبيب وأملك أدوية أيضاً0
سار نحو الكوخ ، فيما أخذت تحك عنقها ، وهي تسير في أعقابه باضطراب0
ما إن دخلا الكوخ ، حتى ادخلها أمامه للحمام وهو يقول :-اصمتي أرجوك 0 ولآن ، خذي حمام معتدلا ، ونظفي عنك الرمل ، قبل أن أعاينك 0
كانت كل ثانية تمر تزيد من حدة الحكة 00فما كان منها إلا أن طردته بمزيج من العنف والشر للخارج :- حسناً دكتور ، لكن على أن أحذرك 0 أني أمسي غريبة الأطوار حين أشعر بتوعك ولن أتخلص من هذا الخبل إلا بمعجزة !!
ابتسم بسخرية :- يالسوء حظي 0هذا هو سبب غرابتك إذاً0
وقبل أن يتوارى خلف الباب لمحت التواء مريباً في شفتيه 0بعد عشر دقائق سرحت شعرها المبلل 00كانت تشعر كأنها ضحية هجوم نحل ساحق 0
لا شك أن ملمس الثياب على جسدها سيعذبها عذاباً مريراَ ، لكن مع وجود الطبيب الجذاب في الجوار ، أتملك خياراً ؟
لما خرجت من الحمام 00توقفت فجأة عندما رأته مستنداً على الجدار وفي يده حقنة 0 تقدم منها وراح يعاينها 0
- يبدو أن الحالة تشتد سوءاً0
كشرت :- لا أهذه حقنة أخرى ؟
- من الأفضل أن أحقنك في المطبخ حيث الإضاءة جيدة 0
ولما استدار تبعته متمتمة :- يالسعادتي !!
أكان من الضروري أن يراها بتلك البثور الممقرفة ؟
قبضت على منشفتها بإحكام وجلست 00حتي الجلوس بات في نظرها مشقة !
- لن يستغرق الأمر إلا ثوان0
أسندت مرفقها للطاولة ، ثم أرخت رأسها فوق يدها قائلة :- بما أنني على وشك الموت 00لا أظن أن وخزة إبرة ستحدث فرقاً0
لفتت انتباهها ضحكته الخافتة لكنه سرعان ما تجهم00ليصب اهتمامه على عمله 0 أغمضت عينيها وانتظرت بترقب0
- انتهينا 000ينبغي أن تشعري بتحسن ابتداء من الآن 0
حركت يدها :- أتمانع إن جلست هنا مستسلمة للموت ؟
- أخشى أنني أمانع ، فنحن لم ننته بعد 0
- إلى أين نحن ذاهبان ؟
- إلى غرفة المعاينة0
أرغمها على الوقوف ، وسألته :- لماذا ؟
ابتسم ابتسامة تفتقر للظرف :- أملك مرهما ً موضعيا قد يشفي:0
- أحقاً؟
- لقد شهد الطب تطور ملحوظ ياميمي , إن تجرأت على الخروج من البرية ، لعرفت ذلك بنفسك 0
أعادت تثبيت المنشفة حول عنقها 00وتبعته 0
- سأعطيك أنبوبين ، لتأخذيهما معك عند رحيلك ، بالإضافة إلى بعض الحبوب التي تعطي نتيجة فعالة ، أنما ليس بالسرعة نفسها0
أحست بمشاعر متخبطة في داخلها 00بدا كأي طبيب محترف إنما مع فارق بسيط00كان في غاية الروعة فعلاً ( إنه طبيب الروعة ) هذه الكلمة تصف احساسها0
التفت نحوها بعد أن كان يبحث في خزانة الأدوية وقال :- أقلت شيئاً؟
شتمت نفسها في سرها :- لا 00كنت أتألم وحسب0
ماذا لو سمعها فعلاً ؟أنها لا تحتاج في الوقت الحالي إلا إلى
طبيب صارم متحفظ 0
أضاف :- هذا دواء فعال0
نظرت إليه بارتياب وقالت م- سأدهن المرهم في غرفتي 00فلا تتعب000
قاطعها :- اهدئي ياميمي0 لن أهاجمك0سبق واعتذرت عما حصل اليوم00فماذا تريدين مني بعد ؟ أن أكتب اعتذاري بريشة مغمسة في دمي ؟
حاول أن يتكلم من جديد ، لكنه ضم شفتيه وكأن ذهنه استقر على الصمت أخيراً
لاطفته قائلة :- ماذا ؟
رمقها بنظرة أوقفت خفقات قلبها ، ثم هز رأسه وأجاب :- ضعي المرهم وحسب 0لقد تأخر الوقت وغدا يوم عمل 0
قبل أن ترد كان قد غادر الغرفة 0
حين استعادت رشدها لم تملك إلا أن تحدق في الباب المغلق ، وفجأة , وجدت دمعة طريقها لخدها وانسابت حتى حطت على الطاولة 0
من حسن حظ ميمي أن العيادة لم تزدحم بالمرضى يوم الاثنين ولما حلت الساعة الخامسة اغتسل مارك ن واستعد ليعد العشاء00فيما راحت ميمي تضع المرهم على جسدها 0
ألقت نظرة على صورتها المنعكسة في المرآة 00عشرات من البثور كانت تغطي وجهها حتى شوهته 0لكن على القل نجا شعرها من هذه البثور ن أما جفناها فمنتفخان ، حتى يخيل للمرء أنها تلقت لكمة على عينيها 0ولم يقتصر الأمر على ذلك بل انبعثت منها رائحة المرهم00فاحست كأنها وقعت في وعاء كبير من الليموناضة الفاسدة0
لقد بعث منظرها المرعب ورائحتها السامة الخوف في أكثر من مريض اليوم , لكن ما إن قيل لهم أنها ما تعانيه وحساسية حتى تنفسوا الصعداء00
منتديات ليلاس
أرادت أن تعد العشاء لكنها تفضل إن تسير على الجمر المتقد على التواجد بقرب مارك !!
قررت ارتداء قناع لامبالاة 00فخرجت من الحمام نحو المطبخ 0 وعندما دنت من الغرفة توقفت فجأة وقد أبصرت زائرة جالسة إلى مائدة المطبخ0تفحصتها ميمي من رأسها لأخمص قدميها ن فلم تغفل عن شعرها الرائع ن وقد عقصته بعناية ، ولم تنس أن تتأمل حذاءها اللماع العالي الكعبين0
لاحظت ميمي أنها وضعت ساقيها الطويلتين الرشيقتين رجلاً فوق رجل بطريقة مغرية 0 أما رأسها فملتفت نحو مارك الذي اتكأ بتكاسل إلى الخزانة ن وبدا مستغرق في حديث رسم ابتسامة عريضة على وجهه0
وبدل أن تحييها ميمي أكتفت بتساؤل :- ألديك ضيوف ؟
ولكن كم ودت أن تصرخ في وجهها :- ارحلي !!
ما أن التفتت المرأة نحوها ن حتى تلاشى تعبيرها المرح واتسعت عيناها وكأنها أبصرت وحشاً0
ولما أدركت أن ردة فعلها تعتبر اهانة ، سارعت للقول بابتسامة :- سامحيني ، لقد اجفلتني 0
أشار مارك لميمي وقال :- إينيد ، هذه مساعدتي المؤقتة ن ميمي باتيست 0ميمي أقدم لم انيد بلاك 0لقد عملنا سويا ً في بوسطن0
ابتسمت ميمي بتكلف قائلة ك- حقا ؟
أما إينيد فمدت يدها لميمي وكأنها تنتظر منها أن تقبلها ، ثم قالت بتهذيب :- تشرفت بلقائك ياميمي 00علمت ان لديك حساسية من الفراولة 0سلمت عليها ميمي مكرهة 0ثم ردت بمزاح ك- حساسية على الفراولة ؟ ظننت أن هره تصيد الجرذان قد عضتني بين عينيي 0
سألها مارك ك- كيف حال الحكة ؟
- إنها محتملة 0
الحق يقال لقد قلص عذابها إلى الثلث !
سألته :- إنه دواء ناجح ، كيف اكتشفت وجوده ظ
لوى فمه بابتسامه :- غني أجمع المعلومات من هنا وهناك ن كمدرسة الطب مثلاً0
كم أحست بالغباء البالغ 00لعل ظهور إينيد المفاجئ قد أثر فيها لسبب و آخر0
توجه مار لإينيد وابتسم لها بحميمية طعنت ميمي بسكين الغيرة 0
- لقد عرجت إينيد علي وهي في طريقها لحضور زفاف اختها0
رمقتها ميمي وهتفت :- أحقا
أمرت نفسها بصمت ك- قولي أن هذا رائع 000عليك أن تهنئي ضيفة مارك !
لكن سرً غامضاً أطبق فكها 00ترى لم تتصرف كامرأة غيورة ؟
اقتربت أيند من مارك ورفعت وجهها إلية ومنحته ابتسامة رقيقة 0
- رغم أن بيتك لم يكن في طريقي ن إنما كان علي أن أعرج عليك ، وأتفقد حالك في حياة الريف 00لقد حطم مارك الكثير من القلوب عندما ترك المدينة 0
تمتمت ميمي ك- حقاً0
في الواقع كانت تقاوم رغبة في أن تسألها إن كان مارك قد جرح قلبها أيضا، فإن فعل فيبدو أنها لم تستسلم للحسرة!!
أحست ميمي أن هذه المرأة قد تسلحت جيداً لاصطياد مارك 00فثوبها المثير وزينتها وحليها أشارات من الوضوح ما أدهش ميمي أن مارك لم ينتبه لها 00لكن الرجال لايلاحظون عادة نوايا النساء00
لما ضاقت عيني الصهباء أدركت ميمي أن إنيند عرفت أن ميمي كشفت سرها فابتسمت ميمي سألتها :- إذاً ، كم ستمكثين ؟
- هذا المساء فقط!
رمقت مارك وهي تطرف بأهدابها وأكملت :- أرجو ألا تكون مشغولاً0
فغمزها وسارع يجيب :- أنا حر كالعصفور0
شعرت ميمي بالاشمئزاز 00فقد مر أسبوعان على وجودها لم يكن فيها مارك حراً ولا ليلة واحدة 00أما الآن فقد أصبح بسحر ساحرحراً000يله من ساذج مغفل أبله00!!
ذكرت نفسها : لا 00هذا جنون مارك ليس أبله00وهو لم يقع في المصيدة إلا لأنه يريد ذلك 0ألم يوضح لها أنه ماعاد إلى جزيرة ميريت إلا للاستقرار والزواج 00وانين تنفع لذلك!!
عادت إينيد تكمل :- إليك فكرتي 00ما رأيك بتناول العشاء في بورتلاند ؟ وغن حالفني الحظ ، بإمكانك أن توصلني للمطار 0لن تقلع الطائرة إلا عند منتصف الليل0
تناهى إليها صوت مارك :- من الفضل أن أبدل ملابسي 0
سمعتها ترد :- لا تكن سخيفاًن فأنت رائع!
ثم مررت يدها على ثوبها وأردفت :- كما أنني ألبس هذا الرداء القديم0
حملقت فيها ميمي فإن لم يخب ظنها ، فإن رداءها القديم هذا لايعود إلى أبعد من الأمس0
ابتسم مارك ابتسامة عريضة لإينيد ن فأعتصر اللم قلب ميمي00اختلس مارك النظر إليها فكادت ان تتراجع للوراء0
- سأحمل معي هاتفي الخلوي ن فإن طرأت حالة مستعجلة ن أعلميني0
رمقها منتقداً وتابع :- يبدو أن التورم حول عينيك زاد سوءاً 0لن يضرك عن أويت للفراش باكراً0
- حاضر يا والدي!!
نظر إليها لثوان ، قبل أن يقول إينيد :هل أنت جاهزة ؟
- طبعاً0
راقبتهما ميمي وهما يغادران المطبخ ن فارتمت على احد الكراسي ، فجأة قفزت ميمي لحضنها بقوة أرسلت موجات من الألم فيها فعبست ميمي0
وتمتمت ك- عن أي رجل عاقل يفضل الخروج بصحبة امرأة جميلة شغوفة به ن على أن يلازم البيت مع امرأة كثيرة التذمر لها شكل الوحش ورائحته!!لم تبرح مكانها لفترة طويلة ن محاولة بلا جدوى أن تطرد صورهما وهما يتغازلان00لكنها سرعان ما باتت ضحية موجات من الغيرة قضت على تعقلها 0
تمتمت :- ها اعتبر سيئة إن تمنيت أن تكسر ذراعها هذه المرأة في هذه الليلة ؟
عطست الكلبة ، فما كان من ميمي إلا أن تنهدت بحزن وتمتمت :- ظننت ذلك أيضاً0
|