المنتدى :
القصص القصيرة من وحي قلم الأعضاء , قصص من وحي قلم الأعضاء
ليلة في ضيافة السيد شلتر
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قبل البدء بالموضوع أود أن أشكر كل القائمين على هذا المنتدى الرائع من إدارة ومشرفين و أعضاء وصدقا أقول أنه قلما تجد منتدا بروعة ليلاس من حيث التنوع والتجدد والتنظيم في الحقيقة وبلا أي مبالغات أو مجاملات هذا المنتدى اسطوري بكل ماتحمل الكلمة من معنى منتدى ليلاس الثقافي
هذا الموضوع هو أول مشاركة لي في القسم والمنتدى بشكل عام لذا أرجو من الجميع أن لا يبخلوا علي بآرائهم ونقدهم البناء في محاولاتي للكتابة { أنا لست مبدعا لكن... من ولد كذلك؟؟؟}
وهذه هي القصة :
ليلة في ضيافة السيد شِلتُر
نظرتُ لساعتي بينما كنت أرمق الطريق الذي كنا نسير فيه منذ ساعات وسمعت تنهدا من الضخم الأصلع الجالس في المقعد الخلفي من السيارة غيلبرت ستون أعز أصدقائي و قالت الفتاة الحسناء ذات الشعر الأسود الطويل والعيون السوداء الجالسة بقربي وهي زوجتي ماريا -بما أنها زوجتي فلا شك أنني سأقول أنها الأجمل والألطف و إلى ما هنالك فدعنا من ذلك- بينما كانت تُقَلِبُ خريطة في يدها : لكن... كنت متأكدة.
أما بالنسبة لي أنا ، فشاب طويل أسود الشعر و لي لحية خفيفة كما أنني مميز جدا لأني الأسمر الوحيد في الموجودين و أدعى ستيفيان هزلباخ و خطتنا للإجازة هي رحلة في منطقة غابات يونانيه لقد سافرنا جوا إلى أثنا ومن هناك استأجرنا سيارتين كنت أنا وزوجتي و غيلبرت في سيارة و رفاقنا في السيارة الأخرى و لأن زوجتي ماريا يونانيه كانت هي دليلنا السياحي و هكذا تسببت في ضياعنا بعد عدة ساعات من الدوران و الالتفاف داخل الغابة و مراعاة لمشاعر زوجتي قلت و أنا انظر للخريطة : يا إلهي ، هذه الخريطة معقدة لحد مخيف .
فقال غيلبرت وهو ينظر للخارج : كما أن هذه الأدغال متشابهة جدا أظن أن هناك خريطة موحدة لكل الأدغال في العالم.
وانتظرنا طويلا وصول السيارة الأخرى فقالت ماريا بخوف وهي تعقد يديها : هل هم بخير؟ لا بد أنني أوقعت الجميع في مشكلة و أفسدت الرحلة قبل أن تبدأ.
أمسكت يديها وابتسمت و أنا أقول كما يجب أن يفعل أي زوج : لا تقلقي إنهم بخير سنذهب للبحث عنهم كما أن هذا ليس خطأك فأنت معي في ألمانيا منذ سنوات ولا بد أن تختلط عليك الأمور قليلا .
ابتسمت ماريا ونزلنا من السيارة التي نفذ منها الوقود تماما فرأينا صديقي جابريل برون- شاب متوسط الطول أشقر الشعر- قادما مسرعا ولما وصل عندنا ظل يلهث محاولا أن يلتقط أنفاسه ثم قال : لقد تعطلت سيارتنا و لن تتحرك لذا لحقت بكم ركضا كي أستوقفكم.
ثم نظر و كأنه انتبه توا أننا لسنا في السيارة فهز كتفيه متسائلا فقال غيلبرت - بصوته القادر على إيقاظ الموتى و الذي شبهه صديق مسلم أعرفه بنفخة الصور-: لقد نفذ الوقود.
ساد صمت مدقع لثوان أغنتنا عن البدء بمحادثة طويلة ستنتهي بكلمة " نحن في ورطه " .
توجهنا لحيث سيارة جابرييل ولما رأتنا السيدة كلوديت برون زوجة جابريل- صهباء قصيرة بعض الشيء- أسرعت باتجاهنا وصارت تطمئن ماريا أن الأمور على ما يرام فتلفت حولي و سألت كلوديت : أين المدعوة سونيا هاردس؟
قالت كلوديت بلا مبالاة: ذهبت لتحضر المساعدة .
كنا على وشك الانفجار بوجه كلوديت لكن أنقذها عودة سونيا- فتاة شقراء ذات عيون زرقاء تتسم ملامحها بشيء من الجمال الطفولي وهي أكثرنا تحمسا لهذه الرحلة -ومعها رجل عجوز يرتدي زي الخدم وكانت تلوح بيدها ولما وصلت عندنا قالت بلهجتها المرحة : لقد وجدت قصرا قريبا من هنا وقد عرض علينا هذا الرجل الكريم أن نبيت الليلة عندهم .
قالت ماريا : غريب!! لم أسمع عن قصر مأهول في هذه الغابة.
غيلبرت : المهم الآن أننا وجدنا من يؤينا .
انحنى العجوز وقال بلهجة مؤدبة إلى أبعد الحدود : الشرف لي يا سادة و سيسعد سيدي بوجودكم في قصره المتواضع.
"قصر متواضع" هذا أغرب وصف مركب سمعته لكن لم يكن لدينا حل غير التطفل على صاحب القصر المتواضع و المبيت عنده لأن الشمس بدأت تميل للمغيب ولن تكون حيوانات الغابة مضيافة في الليل كما كانت في النهار و هكذا تبعنا الرجل العجوز الذي عرفنا من سونيا أن اسمه ادواردو وقد رأى السيارة من مكان بعيد فجاء ليتفقد من فيها و هكذا قابلته سونيا صدفة في الطريق.
وصلنا للقصر المتواضع الذي لم يكن متواضعا على الإطلاق كان القصر هائلا و يتكون من طابقين لكن ارتفاعه مقارب لمنزل من ثلاثة طوابق على الأقل و كان داخل القصر يدل على ذوق رفيع وفخامة لأبعد الحدود و قد زينت أروقة القصر تلك الدروع التي تزين بها القلاع في القرون الوسطى وكانت على الجدران الكثير من الأسلحة التقليدية من سيف وغيره والقصر كله مكتس باللون الأحمر من سجاد وزجاج نوافذ حتى طاولة غرفة الطعام كانت حمراء داكنة وقد جلسنا على مقاعد أُعدت لنا قادنا لها ادواردو ثم اختفى خارجا من أحد الأبواب وصرنا نتهامس لأن للمكان هيبة غريبة على النفس عندها فُتح الباب و دخل ادواردو وانحنى قليلا فأدركنا أن صاحب القصر قادم فوقفنا ننتظر دخوله فدخل شاب أبيض البشرة لحد لافت للنظر وكان شعره أحمرا داكنا كلون الدم ويرتدي قميصا أحمر و بنطالا أسودا ويضع ربطة عنق سوداء! كان كل شيء داكنا مريبا و الأكثر غرابة هي تلك الهيبة التي فرضها بدخوله ولا أبالغ إن قلت أن عيناي تسمرتا عليه ترمقانه يسير في تؤده حتى وصل للكرسي الذي على رأس المائدة فابتسم و أشار لنا بالجلوس فجلسنا دون أن نبعد أعيننا عن ذلك الشاب وكنت أفكر في نفسي لو كان الكونت دراكولا شابا فلن يكون غير هذا الشاب فقال الشاب بصوت عميق : مرحبا يا سادة أنا أدعى لوسيفر شلتر وبسبب اسمي المخيف يناديني الناس شلتر.
بالطبع اسمه مخيف فاسم لوسيفر كما يعلم الجميع هو اسم الشيطان باللغة اللاتينية لكن الشاب بابتسامته ووجه الذي لا أنكر أنه وسيم جدا لولا ذلك البياض لحد الشحوب في بشرته لا يشبه الشيطان في شيء وعند ذلك وصل ادواردو بأطباق الطعام الذي تناولناه في هدوء تام و لم يسألنا مضيفنا عن أسمائنا حتى وبعد أن فرغنا من العشاء قال شلتر مخاطبا خادمه : ادواردو خذ ضيوفي لغرفهم لا بد أنهم متعبون ويريدون أن يرتاحوا.
لم نجرأ على نقاش الأمر حتى لو لم نكن نريد و هكذا صعدنا لغرفنا وكان الأمر المريب هو أن الغرف كانت معدة بما يتناسب مع أوضاعنا الاجتماعية غرفة معدة لي وماريا وغرفة للزوجين برون وغرفتان منفصلتان لغيلبرت و سونيا ولما وقفنا على أبواب الغرف قال ادواردو: لا تغادروا غرفكم الليلة مهما حصل يا ساده.
لم نتمكن من سؤاله عن السبب لأنه كان قد ابتعد بالفعل وبدأ بنزول الدرج فتمنا كل منا ليلة سعيدة للآخر ودخلنا لغرفنا فقلت لماريا : مضيفنا هذا غريب جدا.
ماريا ببراءة : معك حق من يقبل استضافة ستة غرباء لا يعرف عنهم شيئا؟!.
نظرت لها وابتسمت فكانت هي تفكر بأمر مختلف تماما عما كنت أنا أفكر فيه فخلدنا للنوم .
استيقظت مفزوعا على أثر سماع صرخة مدوية هزت الجدران ونظرت لساعتي و أنا أسرع للخارج فكانت الساعة الواحدة صباحا وكنت أعرف صاحب ذلك الصوت المفزع .
خرجت مسرعا ولما وصلت لغرفته رأيت الباب مفتوحا فدخلت ورأيت منظرا اقشعر له بدني رأيت غيلبرت ساقطا على الأرض و مطعون بعدة سيوف في مواضع مختلفة من جسمه و قبل أن أستوعب ما يجري تجمد الدم في عروقي من الخوف فقد رأيت السيوف تخرج من جسد غيلبرت و تطير في الهواء ثم اندفعت نحوي بجنون فارتميت على الأرض واصطدمت السيوف بالجدار عندها سمعت صوت ارتطام شيئا ما و سمعت صرخة مكتومة بالكاد ميزت فيها صوت ماريا فأسرعت إليها و إذا بالسرير يطبق عليها و يدفعها للجدار وكان وضعها خانقا بالكاد تستطيع التنفس صرت ارتجف وتعالى صوت أنفاسي ثم أمسكت كرسيا ورحت أضرب به السرير!! فتهاوى السرير وسقط علي وبرغم محاولاتي رفعه إلا أنه بدا ثقيلا جدا و ما أدى إلى انهيار قوتي هو صوت النفس الذي أسمعه بجانبي فلما تلفت لم يكن هناك أحد لكني أسمع صوت تنفسه بل إنني أشعر بأنفاسه على وجهي و صرت أركل السرير بشكل هستيري عندها شعرت بيد على كتفي تسحبني للخلف و سُحبت من تحت السرير وكان صاحب اليد هو جابريل وفور خروجي من تحت السرير توجهت مسرعا لماريا ولممتها بين ذراعي وهي تبكي وترتعش من شدة الخوف واستدرت لجابريل وقلت له وأنا أمسح على رأس ماريا : شكرا جزيلا لك لقد أنقذت حياتي.
قال جابريل و أنا اسمع صوت أنفاسه من شدة توتره ولجانبه زوجته غير مستوعبة لما يحدث: ما الذي يجري هنا؟
قلت : أعتقد أننا يجب أن نسأل شلتر.
خرجنا نحن الأربعة متوجهين للطابق الأرضي وقبل أن ننزل الدرج توقفت ماريا فجأة وقالت : نسينا سونيا وغيلبرت.
قلت : لن يأتي غيلبرت معنا – ومسحت دمعة نزلت من عيني أفهمت الآخرين ما اعنيه- أما سونيا ...
عندها ارتطم بي جابريل فسقطنا على الأرض فقلت و أنا أحاول النهوض: هل جننت؟
نظر للخلف وقال : كلوديت لمَ دفعتني؟!!
لكن كلوديت لم تجب في الواقع كلوديت لم تكن معنا! نهض جابريل وصار ينادي بأعلى صوته لكن لم نسمع ردا عندها اقترح جابريل الخطأ الأزلي في مثل هذه المواقف : لنفترق ونبحث عنها.
ماريا: لا أعتقد أنه يجب أن نتفرق .
جابريل: إذهبي أنتي و ستيفيان للبحث عن شلتر و أنا سأبحث عن كلوديت في هذه الغرف.
افترقنا بعد هذا لأن إضاعة الوقت في النقاش ليست من مصلحة كلوديت أو سونيا فتوجهنا أنا وماريا للطابق السفلي لكن الكلام أسهل بكثير من الفعل في هذا المكان أنا متأكد أن القصر كان يتكون من طابقين فقط لكننا نزلنا درج لخمسة أو ستة طوابق!!فتوقفت ماريا وهي تلهث : لا أستطيع المتابعة أكثر.
وقبل أن أتكلم سمعت صوت ادواردو: لماذا غادرتم غرفكم؟
استدرت و أنا على وشك أن أصرخ بشيء لكن أخرستني الابتسامة التي كانت على وجه شلتر وهو واقف بجانب ادواردو لكني تمالكت أعصابي وقلت بغضب يخفيه – ولا أنكر- الخوف: ما الذي يجري هنا؟
قال شلتر وهو يسير مبتعدا مع خادمه : كل ما كان مطلوبا منكم هو أن تبقوا في غرفكم لكن ذلك الضخم غادر أولا ثم أنت والآخرون –ونظر لي- الأمر كان سهلا جدا اختبار رسبتم فيه.
قلت بحنق شديد: ما هذا الهراء لمَ علينا أن نعاني بسبب عقلك المريض.
لكن شلتر وخادمه اختفيا أمام عيني وسمعت صوت شيء يقترب فنظرت لماريا ووجدتها تحدق بي ولما اقترب ذلك الصوت نهضت ماريا وأمسكت بقميصي من الخلف وقد أخفت وجهها خلف عنقي عندها رأيت إحدى الدروع تتحرك نحونا وبيده فأس فدفعت ماريا للخلف بقوة وأسرعت بإمساك أحد السيوف المعلقة على الجدار وضربت ذلك الشيء فأوقعت رأسه أو خوذته!! فتهاوى وسقط على الأرض عندها نظرت لماريا فوجدت أن الخوف تمكن منها وصارت ترتجف على الأرض وتتكلم كأنها تهلوس : هذا غير صحيح ، هذا لا يحدث.
أمسكتها من ذراعيها وساعدتها على النهوض فغطت وجهها بكفيها فقلت وأنا امسح على رأسها :لا تخافي أنا سأحميك ، على ذلك الشيء أن يدوس على جثتي قبل أن يفكر في مساس شعرة من راسك.
نظرت لي وابتسمت لكن الوقت غير ملائم للعواطف الآن فأمسكتها من يدها و نزلنا الدرج من جديد لكن هذه المرة وجدنا أنفسنا في الطابق الأرضي! توجهنا مسرعين نحو الباب الخارجي فسألتني ماريا: ماذا عن الآخرين؟
استدرت لها وقلت بلهجة آمرة لم اعتدها معها: ستخرجين حالا من ذلك الباب-ورفعت يدي لأمنعها من الاعتراض- و أنا سأجد الآخرين.
قبل أن تأتي بكلمه كنت قد دفعتها للخارج وأغلقت الباب خلفي فسمعت صوتا كنت أعرفه بل صرت أهابه: أصدقا لن تخرج؟
استدرت فوجدت شلتر فقلت بحنق : لن أغادر من دون الآخرين.
فتبسم ودخل غرفة لا أعرف كيف ظهرت من العدم فتبعته مسرعا ولما فتحت الباب تسمرت في هلع و أنا أنظر لصديقي غيلبرت يشرب القهوة وقبل أن أتكلم قال غيلبرت: لا تستغرب صديقي يبدو أن للبيت قدرة غريبة على إبقاء من يقتل بداخله حبيسا لكن... تقريبا حيا.
عندها وضع أحدهم يده على كتفي من الخلف فتلفت لأجد جابريل وكان هناك سيف يخترق صدره فقال لي متوسلا: أرجوك ستيفيان أنقذ كلوديت لا أريد لها أن تلقى مصيري نفسه ، ستيفيان إن روح كلوديت أمانة في عنقك.
واختفى كل شيء فجأة حتى أنني كنت واقفا أنظر للجدار ولا توجد غرفة لكن أيا يكن الأمر بعد أن إطمأنيت على ماريا سأركز أكثر في البحث وأسرعت نحو الدرج لأصعده فدرت أربع أو خمس مرات حول ممرات كانت تتغير في كل مرة و حاربت بعض الدروع المتحركة وبينما كنت أقاتل أحدها سمعت صوت صراخ هستيري عرفت أنها كلوديت فلا يمكن أن أخطئ ذلك الصوت وعندما أسرعت باتجاه الغرفة التي يأتي منها الصوت فوجئت بمجموعة كبيرة جدا من السيوف تطير في الهواء وكانت كلها موجهة نحوي قررت التراجع للخلف لأحتمي بزاوية الممر لكن لما نظرت خلفي رأيت الممر ممتدا بشكل مستقيم وعلى مد النظر ولم تكن هناك أبواب و لا سيوف معلقة لأستخدمها في الدفاع عن نفسي حتى أن السيف الذي كان في يدي قد اختفى لكن كان هناك باب واحد وهو الذي أسمع منه صوت كلوديت اقتربت بهدوء والسيوف تتابعني كأنها كاميرات مراقبه ودخلت الغرفة فوجدت كلوديت في حال يرثى لها متربعة على السرير وهي ترتجف وتصرخ على الأقل كانت لا تزال حية -ربما أبقاها شلتر ليضمن عدم هروبنا- اقتربت منها وحاولت تهدئتها لكن دون جدوى فصفعتها علَها تهدأ لكنها نظرت لي لثانية ثم أغمي عليها!! صرخت بأعلى صوتي : لم أصفعك لتفقدي وعيك بل لتستعيديه.
كان لابد لي من حملها بين ذراعي وعند خروجي بها من الغرفة كانت السيوف لا تزال في مكانها غير أن الممر امتلأ بكائنات قبيحة الشكل أقرب للزومبي الذين نراهم على التلفاز ودون تردد أسرعت السيوف باتجاهنا إذا لقد انتظرت السيوف حتى أخرجت كلوديت من الغرفة لتشعرني بتأنيب الضمير قبل قتلي! أشباح هذه الأيام تجيد استخدام أساليب الحرب النفسية!! وفي اللحظة التي أغمضت فيها عيني باعتبار أن السيوف ستمزق جسدينا سمعت صوتا مرحا محببا للنفس وفتحت عيني لأجد سونيا ترتفع عن الأرض عدة أمتار وتتكلم بلغة لا اعرفها وأشارت بيدها فتوقفت السيوف ثم وجهت إصبعها باتجاه تلك المخلوقات -التي كان عددها ستة!- فتوجهت السيوف لتمزقها وتحولها لقطع متناثرة قبل أن تقع السيوف على الأرض وعندها نزلت سونيا إلى الأرض ونظرت لي وقالت ردا على نظراتي :...حسنا لي هواياتي... والسحر ليس أمرا بذلك السوء.
أسرعنا باتجاه الباب وأنا أسألها : أين كنت طوال هذا الوقت؟؟
قالت بلهجتها الطفولية المرحة وببراءة تامة : كنت في غرفتي!! سمعت أصوات الصراخ فخفت تماما وقررت البقاء حتى يأتي أحدكم ويخرجني لكن صراخ كلوديت الأخير كان مخيفا لحد بعيد فخرجت لأرى ما هنالك.
عندها وصلنا الباب الخارجي فرأينا شلتر واقفا أمام الباب فابتسم لدى رؤيتنا وقال : ما هذا الوفاء؟
عندها صارت سونيا تتمتم وصوتها يرتفع تدريجيا حتى وصلت لمرحلة الصراخ بتلك التعاويذ لكن شيئا لم يحدث بل إن شلتر كان يضحك كلما ازداد انفعال سونيا عندها تذكرت كلمة أخرى يقولها صديقي المسلم دائما جملة ظل يرددها حتى حفظت لفظها بلغته العربية فصرخت
بها – دون أن أعرف معنى تلك الجملة- : " أعوذ بالله من الشيطان الرجيم".
فلم أنته من الكلمة حتى رأيت شلتر يحترق وشعرت بكامل القصر يهتز ودخل النور من النوافذ بلونه الطبيعي دون تلك الصبغة الحمراء المخيفة وانفتح الباب أمامنا فهرعنا للخارج راكضين ومشينا بضعة أمتار قبل أن أجد ماريا فأسرعت باتجاهي ووضعت كلوديت على الأرض وعانقت زوجتي بقوة ثم تركتها تعانق سونيا وحملت كلوديت مجددا وسرنا قليلا قبل أن نجد بعض السياح متجهين نحو القصر وقبل أن نمنعهم أشارت لي سونيا باتجاه القصر فنظرنا له!! لم يكن هناك قصر بل بقايا لقصر أكل عليه الزمن وشرب عندها واصلنا نزولنا دون أن نأتي بكلمة .
دخلت كلوديت مستشفى نفسيا لمدة ثلاث سنوات و رزقنا أنا وماريا بطفل وتركت سونيا هواية تعلم السحر والتقينا يوم خروج كلوديت من المستشفى وبعد تحيات ومعانقات ودموع لذكرى مريرة سألنا عن قصة القصر فقالت سونيا : علمت من المرشدين السياحيين أنه ذات ليلة تعرضت عائلة مكونة من ستة أفراد لحادث ما ضاعوا على إثره في الغابة فاستضافهم شلتر و أمرهم بالبقاء في غرفهم لكنهم غادروا غرفهم على صوت صراخ مرير ورأوا شلتر قد قتل زوجته من اجل طقوس من نوع ما ، لا يعرف الناس ما حدث تحديدا بعد ذلك لكن المؤكد هو أن العائلة لم تغادر القصر أبدا.
ماريا : متى حدث ذلك؟
سونيا: قبل مائتين وثلاثين سنة!!.
قلت أنا : ولهذا كنا نحن ستة وتائهين فأيقظنا شبح شلتر.
سونيا وقد تذكرت أمرا هاما : صحيح ستيفيان ما معنى تلك الجملة التي أنقذتنا بها.
ابتسمت ولم أقل شيئا فصديقي المسلم قال لي كيف أشرح لك معنى الجملة وهي واضحة كالشمس؟ عندها داعبت كلوديت شعر ابني ذي السنتين وقالت : لم تخبراني ما اسم هذا الملاك الصغير؟
هل أخبرها فعلا؟ أخشى أن تصاب بانهيار عصبي آخر ! لماذا؟ أليس هذا واضحا؟ لقد أسميت ابني" شلتر"
اتحفوني برايكم
|