كاتب الموضوع :
علاء سيف الدين
المنتدى :
الارشيف
هذا الكتاب بالفعل من اروع ما قرأت.
يعد المترجم سليم حسن من اكبر الكتاب الذين كتبوا فى المصريــــــــات
صاحب موسوعة مصر القديمة 18 جزء وكذلك كتاب ابو الهول و كتب اخرى.
كان يتمنى سليــــم حســن انه يكتب هذا الكتاب بنفسه إلا انه خاف ان
يتهـم بالمحاباه لمصر فى مقولة ان بزوغ فجر الضمير كان فى مصر وليس
كما كان يعتقد الجميع وقتها ان العبرانييـن هم اصحـاب الفضـل فـى هذا,
وإذا به يجد العالم الامريكي الكبير جيمس هنري برستيد وقد ألف هذا الكتاب
وهو غيـــــــــر مصــــرى ولم يضع برستد الكتاب الا بعد دراسة وبحث مستـمر
وتوثيق لكل كلمة بالادلة ويوضح ايضا ان دور العبرانييــــــــــن فقـــط كان حلقة
الوصل بين وادى النيل و أوروبــا.
عن الكتاب
فجر الضمير
د. محمد أبو الخير
هناك بعض الكتب يعاودني الحنين إلي قراءتها، فالكتاب مثل الصديق الذي تأنس به ومعه، نعم لقد
قال الشاعر 'وخير جليس في الزمان كتاب'، وفي المقابل، وفي الوقت نفسه هناك تيار شعوري من
الكتاب لكي يجلس إليك، ويأنس بك أيضا، لأنه يوجد رسالة في الكتاب ويريد أن يبلغها لك، حكاية
عجيبة ! إلي هذا الحد ! وإلي هذه الدرجة يكون التواصل بين الإنسان والأشياء، نعم، إلي هذه
الدرجة لقد قال المستشرق الإنجليزي مارتن لينجز، 'في اللحظة التي تبحث فيها عن كتاب، علي
الطرف الآخر، يكون الكتاب باحثا عنك، لأنه يوجد رسالة لك في الكتاب، وهو يريد أن يخبرك بها'.
إن كتاب 'فجر الضمير The Dawn of Conscience' الذي وضعه جيمس هنري بريستد عام 1934
ترجمة د.سليم حسن، يدلل علي أن مصر هي أصل حضارة العالم ومهدها الأول: بل في مصر شعر
الإنسان لأول مرة بنداء الضمير، فنشأ الضمير الإنساني بمصر وترعرع، وبه تكونت الأخلاق، وقد
أخذ 'بريستد' يعالج تطور هذا الموضوع منذ أقدم العهود الإنسانية، إلي أن انطفأ قبس الحضارة في
مصر حوالي عام 525 قبل الميلاد. هذا الكتاب أرسل إليٌ مجموعة من الرسائل وأود أيها القاريء
العزيز أن أنقلها لك.
الرسالة الأولي: مصر حسب الوثائق التاريخية عن العالم القديم هي مهد حضارة العالم، وعن هذه
الحضارة أخذ العبرانيون، ونقل الأوربيون عن العبرانيين حضارتهم، وبذلك يكون 'بريستد' قد هدم
بكتابه النظريات الراسخة في أذهان الكثيرين القائلة بأن الحضارة الأوربية أخذت عن العبرانيين فقط،
وهذا الرأي مازال يعتنقه بعض من لم يقرأ كتاب 'بريستد'، أو من قرأه ويحاول ويعمل علي تجاهله
عامدا متعمدا، ولكن هذا الكتاب أظهر للعالم أجمع بأن المصدر الأصلي لكل حضارات الإنسانية،
هي مصرنا العزيزة. وأن السيادة المطلقة في تكوين ثقافة العالم وفي وضع أسس الأخلاق وانبثاق
فجر الضمير الذي شع علي جميع العالم، هي مصر.
الرسالة الثانية: مما يدل علي قوة أهمية رأي 'بريستد' هو أنه في باديء حياته قد درس تاريخ
الشرق القديم عامة، وبعد فترة درس تاريخ مصر وحضارتها، وقد انتهي به البحث بعد دراسة حضارات
الأمم الشرقية القديمة كلها: إلي أن مصر أصل مدنيات العالم، ومنبت نشوء الضمير، والبيئة الأولي
التي نمت فيها الأخلاق.
الرسالة الثالثة: إن 'بريستد' بكتابه 'فجر الضمير' قضي علي الخرافات التي كانت شائعة بين السواد
الأعظم من علماء التاريخ القديم والحديث قضاء مبرما، ففريق منهم ظن أن الصين والهند ثم بلاد
اليونان كانت مهد الحضارة العالمية وعنها أخذ العالم الحديث، والواقع أن مصر كما ذكر 'بريستد' هي
التي أخذ عنها العالم حضارته عن طريق فلسطين حيث كانت نقطة الاتصال بين الحضارة الأوربية
والحضارة المصرية.
الرسالة الرابعة: إن كتاب 'بريستد' قسم التاريخ الإنساني لعصرين بارزين: الأول عصر كفاح الإنسان
مع المادة والقوي الطبيعية والتغلب عليها، والعصر الثاني هو عصر الكفاح بينه وبين نفسه الباطنة،
وذلك حينما اخذ ضميره يبزغ وأخلاقه تتكون، والعصر الأول يقدره 'بريستد' بنحو مليون سنة، أما
عصر بزوغ الضمير فقد بدأ بدوره حينما عرف الإنسان يدون أفكاره بالكتابة، ويقدر عمره بنحو 5000
سنة تقريبا، كما يستشعر 'بريستد' أن الإنسان عليه أن يتخلي عن المشاحنات والمنازعات
والحروب التي تدمر كل شيء، وعلي الإنسان أن يتحلي بالأخلاق الفاضلة والمثل العليا ويقلع عن
المادية في التعاملات والسلوكيات لكي يصل الإنسان إلي فجر الضمير الذي يصنع الحضارة الحديثة
كما صنعها قديما في مصر.
الرسالة الخامسة: تضم هذه الرسالة باقة من المنارات الفكرية للبرديات التي تكشف أعماق
الضمير الإنساني الجميل للمصري الذي أنجز حضارته وهذه المنارات علي سبيل المثال لا الحصر:
'إن الحق جميل وقيمته خالدة، ولم يتزحزح من مكانه منذ خلق لأن العقاب يحل بمن يعبث
بقوانينه، وقد تذهب المصائب بالثروة ولكن الحق لا يذهب بل يمكث ويبقي'.
'الحياة فيها الكثير مما يجعلنا نحبها، ويجب أن نحظي فيها بقسط وافر من الاستمتاع البريء'.
'الإنسان عندما يقوم بأي مهمة يجب أن يتعلق بأهداب الصدق ولا يتخطاه'.
'حصٌل الأخلاق ...واعمل علي نشر العدالة وبذلك تحيا ذريتك'.
'إن الرجل الحكيم تنعم روحه باستمرار بقاء فضله علي الأرض، والرجل العاقل يعرف بعمله، وقلبه
ميزان لسانه، وشفتاه تصيبان القول عندما يتكلم، وعيناه تبصران عندما ينظر، وأذناه تسمعان
ما يفيد... ويبرأ من الكذب'.
'كن ممن يحسنون صناعة الكلام لتكون قوي البأس لأن قوة الإنسان هي اللسان، والكلام
أعظم بأسا من كل الحروب'.
'إن الحق يأتي إليه مختمرا حسبما كان عليه الأجداد، فعليك إذن أن تقتدي بآبائك وأسلافك...
تأمل، لأن كلماتهم مدونة في المخطوطات فافتحها لتقرأها واقتد بمعرفتهم، وبتلك الكيفية
يصير صاحب الصناعة علي علم بها'.
الرسالة السادسة: إن 'بريستد' قال في مقدمة كتابه : 'إنه يجب علي نشء الجيل الحاضر أن يقرأوا
هذا الكتاب الذي يبحث في تاريخ نشأة الأخلاق بعد بزوغ الضمير في العالم المصري'. لذلك من
الضروري أن يقرأ شباب مصر هذا الكتاب حتي يدرك ويستوعب ما احتواه لأنه تاريخ نشأة الأخلاق
في بلادهم التي أخذ عنها العالم.
الرسالة السابعة: تقول 'إن البلاد العريقة في المجد كالشجرة المباركة الطيبة، تؤتي أكلها كل حين،
وتنبت بين آونة وأخري أفذاذا تجري في دمائهم قوة العزة القومية والمجد التليد، فيشعرون بعظمة
بلادهم، وما كان لها من تاريخ مجيد، فتنطلق ألسنتهم معبرة عن ذلك بالإلهام المحض'. مهما
كانت المواقف تجاه الحضارات العريقة، التاريخ يخبر أن المواقف تمر، والحضارات تبقي، نعم تبقي
بالخبرة الإنسانية المضيئة التي تشرق وتسري في منظومة علمية من الجد والعمل ورؤية
مستقبلية لتطوير الواقع إلي الأفضل ومصر أهل لذلك لأن مصر فجر الضمير الإنساني.
تسلم ايديك ابوعلاء
ألف شكـــــــــــــــر
جزاك الله خيرا و غفر ذنبك وسدد خطاك وبارك لك في
أهلك ومالك وصحتك وجعل لنا ولكم الجنة هي المثوى .
|