لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > روايات احلام > روايات احلام > روايات احلام المكتوبة
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

روايات احلام المكتوبة روايات احلام المكتوبة


265 - لن تندمي - باربرة ماكماهون ( كامله )

~*~*~ لن تندمي ~*~*~ - باربرة ماكماهون - العنوان الاصلي للروايه: Daddy and Daughters الملخص: - هل تتزوجينني؟ ابتعدت كاساندرا عنه وعادت من

إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack (1) أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 26-10-08, 11:05 PM   1 links from elsewhere to this Post. Click to view. المشاركة رقم: 1
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: May 2007
العضوية: 29212
المشاركات: 47
الجنس أنثى
معدل التقييم: ماري-أنطوانيت عضو له عدد لاباس به من النقاطماري-أنطوانيت عضو له عدد لاباس به من النقاط
نقاط التقييم: 102

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
ماري-أنطوانيت غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

المنتدى : روايات احلام المكتوبة
افتراضي 265 - لن تندمي - باربرة ماكماهون ( كامله )

 

~*~*~ لن تندمي ~*~*~
- باربرة ماكماهون -
العنوان الاصلي للروايه: Daddy and Daughters




الملخص:

- هل تتزوجينني؟
ابتعدت كاساندرا عنه وعادت من الطريق الذي دخلا منه للتو.
- انتظري دقيقة يا كايسي
وأمسك جيرد بذراعها يوقفها وهو يقول:
" ناقشيني في الأمر على الأقل "
ثار غضبها:
" وماذا أناقش؟ لا أريد أن أكون جليسة أطفال...فكل ما تريده أنت هو أم لطفلتيك.
لكن المرأة لا تتزوج إلا إذا كان من يريدها يحبها وهي كذلك تحبه "
- لا تعطيني ردك هذه الليلة. كايسي فكري بالأمر....
لكن الفكرة الوحيدة التي كانت في باله هي هذه الفتاة الواقفة أمامه تتحداه...
ونسي عبء الابوه الذي وضع على كاهله فجأة...
نسي متطلبات العمل وان كاسندرا موظفه لديه...
وقرر انه سيتملقها ويحتال عليها ويرشوها ويغريها إذا اقتضى الأمر.
لأنه يريدها أما لابنتيه.

منتديات ليلاس
================================

هذه الروايه قمت بكتابتها مع تعاون مجموعه من العضوات

في منتدى مكسات...

من مشروع (اكبر تجمع لروايات عبير واحلام المكتوبه نصا)

وان شاء الله سأكتب بدايه كل فصل اسم كاتبته...

اتمنى لكن قراءه ممتعه ^_^

 
 

 


التعديل الأخير تم بواسطة Rehana ; 10-10-09 الساعة 04:40 PM
عرض البوم صور ماري-أنطوانيت   رد مع اقتباس

قديم 26-10-08, 11:09 PM   المشاركة رقم: 2
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: May 2007
العضوية: 29212
المشاركات: 47
الجنس أنثى
معدل التقييم: ماري-أنطوانيت عضو له عدد لاباس به من النقاطماري-أنطوانيت عضو له عدد لاباس به من النقاط
نقاط التقييم: 102

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
ماري-أنطوانيت غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : ماري-أنطوانيت المنتدى : روايات احلام المكتوبة
افتراضي

 

1- توأمان ؟!

توقف المصعد فجأة وانفتح الباب ليخرج منه (جير هنتر) وبعد أن اخذ نفسا عميقا, دخل القاعة الفسيحة المليئة بالمكاتب, وهو ينظر إلى الأمام نحو باب مكتبه الخاص في الزاوية البعيدة, متجاهلا بذلك الرؤوس التي التفتت نحوه. قال له(جيب)مواسيا:
" أقدم لك خالص عزائي. لقد كانت السيدة هنتر شخصا محبوبا "
ووقفت جولي مايرز حين مر جيرد امامها, وقد بدا الحزن على وجهها, فقالت بصوت ناعم:
" آسفه لوفاة المرحومة زوجتك يا جيرد! "
اومأ برأسه عابسا وتابع سيره نحو المكتب. كان بحاجة للانفراد بنفسه في مكتبه, بعدما تملكه الدوار نتيجة الاحداث التي عصفت به. لم يستطع ان يصدق ان (مارلين) ماتت. لم يكن يعلم ان الناس مازالوا يموتون بالانفلونزا حتى هذه الايام. أما كان بالامكان التخلص من هذا المرض القديم بكل تلك الادوية التي صنعت للتصدي له؟
قالت هيلين وولنر سكرتيرة جيرد الخاصه تسأله:
" جيرد هل انت بخير؟ "
ونهض من خلف مكتبها واتجهت نحوه وقد بان العطف في عينيها. فأومأ جيرد قائلا:
" كلنت رحلة تعيسة, لكنني عدت الى بيتي على الاقل. كيف تجري الاحوال هنا؟ "
" الجميع يشعر بالحزن. ولكن نظرا الى التوسع الذي جرى في السنوات الثلاة الماضية في الشركة, لم يتعرف الموظفون الجدد الى مارلين. مع ذلك تحدث الكثير منهم اليها عبر الهاتف. وكان الجميع يعلم أنها الشريك الاخر. "
فتح جيرد باب مكتبه ودخل غاضبا بعد أن لاحظ أنها أغفلت كون الفقيدة كانت زوجته ايضا. كانت الرسائل مكدسة بترتيب على الجهة اليمنى في مكتبه, وبعض الملفات عند الجهة اليسرى, أما في الوسط فكانت الرسائل الهاتفية وبينها مغلف مستطيل.
استدار حول المكتب ووضع حقيبة اوراقه على خزانة كتب منخفضة خاف كرسيه. كان خليج سان فرانسيسكو متألقا تحت اشعة شمس العصر, لكنه لم ينتبه اليه, فكل ما كان يشغل انتباهه هي تلك الأعمال التي كانت تنتظره, ولكم كان يشعر بالتعب.
سألته هيلين وهي تقف عن العتبة:
" هل وصلت للتو؟ "
" لقد حطت الطائرة منذ حوالي الساعه, فجئت مباشرة الى هنا "
" هل انت بخير؟ اعرف انكما عشتما انت ومارلين خلال هذه السنوات الثلاثه الماضيه بعيديين الواحد عن الاخر. مع ذلك كانت زوجتك.
" لكنك تعلمين يا هيلين ان ذلك كان قانونيا. هل مازالت الاقاويل ستريه؟ "
" نعم لقد اخبر الموظفون القدامى اولئك الجدد بأنكما أنت ومارلين تزوجتما فقط لتسهيل تكوين شركة (هنتر) وأظن ان بعض الموظفين الجدد لا يعرفون أنها زوجتك, فهم لم يروها قط! فقد كانت تعيش في نيويورك كما تعلم. "
لومأ جيرد برأسه وهو يأخذ المغلف وسألها:
" ما هذا؟ "
فقد كانت الرسائل الاخرى مفتوحة وموضوعه في احد ملفاته. فأجابت:
" وضعت هذه الرسائل الهاتفية على حدة. لقد تلقيت الكثير من الرسائل اليوميه لمدة اسبوعين. وقد تلقينا امس هذه الرسالة البريدية المسجلة. حاولت ان اشرح لهم سبب عدم قدرتنا الاتصال بك في (بانكوك) ولكن يظهر انهم لم يسمعوا بخبر الاعصار "
هز جيرد كتفيه, ثم خلع سترته ووضعها على كرسيه وسألها:
" هل ذهب أحد من هنا لحضور الجنازة؟ "
" لا. ولكن غالبية موظفي مكتب نيويورك ذهبوا. وارسل الينا (بوب ماسون) تقريرا وضعته مع بقية رسائلك, لا تلم نفسك لعدم تمكنك من حضور الجنازة يا جيرد. لكنت حضرتها لو أنك تمكنت ذلك. لا شك أن مارلين ستتفهم ذلك! "
" لماذا يتصل اولئك المحامون؟ "
بدا وكأن جيرد لم يشأ ذكر الاسباب التي منعته من الذهاب الى نيويورك لحضور الجنازة. في الواقع لقد حاول جهده لكن الحظ عاكسه. وعندما استطاع ذلك كان كل شيء قد انتهى. لقد هدأت ثورة غضبه الان وحل مكانها هدوء فلسفي. اذا كان هناك من يفهم مشاكل العمل ويستمتع بها, فهي مارلين.
" لم يقولوا شيئا. لقد اصروا على الاتصال بك شخصيا فحسب. اعطيتهم رقم هاتفك في بانكوك, لكي يدركوا بأنفسهم سبب عدم قدرتنا على الاتصال بك. فكما تعلم لا يثق المحامون تماما بالاخرين, ولا ادري لماذا يظنون اننا نمنعهم من الاتصال بك! "
" شكرا يا هيلين "
" اخبرني اذا احتجت شيء "
" حسنا "
اغلقت الباب بشكل غير كامل بينما التقط جيرد المغلف. كان متعبا للغاية بعد الرحلات العديدة التي قام بها في المناطق الاستوائيه. ولو كان ممن يؤمنون بالخرافات لاعتقد بأن النحس يلاحق العمل الذي كان يحاول انجازه. فقد بدأت الرجلة بشكل شيء, اذ أصاب الطائرة حلل ميكانيكي, فأرغمت على الهبوط في جزيرة (ويك) بعد ذلك حصل ارتجاج عنيف في الطائرة في سماء بانكوك, اعقبه فوضى بالغة في المعاملات الجمركيه. كما ان الجو الحار زاده ارهاقا بعد خروجه من المطار. واذا به يجد ان حريقا شب في الفندق الذي حجز فيه مسبقا, فكان عليه ان يعثر على مكان يبيت فيه, قبل حلول الاعصار الذي تنبأت به الارصاد الجويه. ولم يكد يبلغ مكتبه حتى بدأ الامطار والسيول والرياح.
كانت العواصف في أمريكا عادة, تخلف دمارا كبيرا, لكنها كانت تهدأ بسرعة. الا انها وكانها لن تسكن ابدا في بانكوك.
منتديات ليلاس
كان قد تلقى خبر موت مارلين قبل ساعات قليلة من هبوب العواصف. لكن الطائرات كانت متوقفه والاتصالات مقطوعه. وكانت المياه تغمر الشوارع ما جعل حوادث السير تزداد. وهكذا مضت أيام قبل ان تسكن تلك العاصفه, ويتمكن الاتصال بمكتبه ليخبرهم بأنه سيعود على أول طائره.
تناول جيرد المغلف اموضوع على مكتبه, وراح يفكر في الشعور الذي راوده والذي لم يستطع تحديده حيال وفاة مارلين. وهز رأسه وقد نفذ صبره. لقد مضت اكثر من ست سنوات على زواجهما وعلى الرغم من انه كان في البداية زواج مصلحة, الا أن مارلين كانت صديقة جيده. لم ستطع أن يصدق أن مارلين فارقة الحياه فقد كانت في التاسعة والعشرين من العمر فقط, وهو سن الحياة, وكانت قد أوشكت الحصول على ما كانت تتمنى انجازه.
لم يكن قد رآها منذ اكثر من عام ...كان ذلك في واشنطن حيث اجتمعا مع رجال الكونغرس لمناقشة تنظيم التجارة عبر المحيط الهادئ. لكنهما كانا يتحدثان هاتفيا في الكثير من الاحيان, كما كانا يتبادلان الرسائل بواسطة البريد والفاكس.
لقد تزوجا منذ ست سنوات. وانفصلا برضى الطرفين منذ ثلاث سنوات. لكن ذلك لم يؤثر على علاقة العمل بينهما... وكانت مارلين ممتازه في هذا المجال. وكان التوسع الى الاسواق الاوروبيه فكرتها هي, فقد اصرت على الانتقال الى نيويورك لكي تؤسس ذلك المكتب. كانت نشيطة جدا وتزخر بالحيويه. ومنذ ان تركت سان فرانسيسكو لم تنظر الى الخلف اطلاقا. ولم تعد حتى ولو لزيارة خاطفه, كما انه لم يتفقدها. لكنه سيشعر بغيابها الان ولو تعلق ذلك بالعمل فحسب.
تنهد جيرد وفتح المغلف ثم اخذ يقرا محتواه على مهل. أعاد القراءة وقد اصابه الذهول. لم يستطع تصديق ما قرأه وصرخ بأعلى صوته:
" هيلين! "
ثم راح يقرأ الكلمات للمرة الثالة. اتراها مزحة؟ كيف يمكن أن...."هيلين! "
قالت له كاسندرا:
" آسفه يا جيرد, هيلين ليست موجودة حاليا! هل بإمكاني ان اساعدك؟ "
وقف جيرد والقى اليها بالرساله قائلا:
" أقرأي هذه وأخبريني ما جاء فيها! "
فدخلت وهي تحمل ملف أوراق, بعدما كانت تنتظر ان يمنحها الفرصة ليناقشا معا مشروع اتحاد الشركات العالميه. وعندما سمعته ينادي هيلين بحثت عنها لتبلغها. وعندما نادى مرة اخرى ولم تجدها شعرت بأن على أحدهم أن يجيب.
دخلت المكتب وتقدمت مترددة لتتناول منه الرساله, بينما راح يتاملها وهي تنظر اليها. كانت قد التحقت بشركة هنتر منذ سنتين, بعد تخرجها مباشرة من جامعة بيركلي وحصولها على اجازة في ادارة الاعمال. لكنها قلما كانت تتعاطى مع الرئيس, فهي مجرد محللة لاتجاهات التسويق.
نظرت اليه بحيرة وهي لا تدري لما يريدها ان تقرا الرساله. وبعد ان قرأتها, قالت:
" يبدو أن محاميكم في نيويورك يتساءلون متى ستذهب لإحضار ابنتيك التوأمين "
هل كان يفترض بها أن تستنتج شيا أخر من هذه الرساله؟ فقد جلس جيرد وقال وهو يحدق فيها:
" تبا لذلك! توأمان "
جلست كاسندرا على حافة الكرسي, وراحت تتأمله برزانه ثم ابتلعت ريقها بشكل ظاهر وقالت:
" ..... يبدو وكأنك لم تكن تعلم بوجودهما "
" لم يكن لدي ادنى فكرة "
كيف تلد مارلين له ابنتين من دون أن تخبره؟ ولم تقل كاسندرا شيئا.
تصفح جيرد الرسائل الهاتفية. كانت كلها من مكتب وكلاء مارلين في نيويورك. تناول ببطء احداها ثم طلب رقم المكتب. فقالت له كاسندرا بنعومه:
" الساعة الان في نيويورك تشير الى ما بعد الخامسه, والمكاتب مقفلة "
اومأ جيرد وهو يعيد السماعة الى مكانها. آخر ما كان يتوقعه اليوم هو الاكتشاف انه أب. ولكن..هل هذا صحيح؟ ولماذا لم تخبره مارلين بأنه أب لابنتين قبل ذلك؟ "
وسألته هيلين التي وقفت عند العتبة:
" هل ناديتتني يا سيدي؟ "
فقال وهو يشير الى كومة الرسائل الهاتفية:
" هل انت واثقة من ان أولئك المحامين لم يخبروك ما يريدونه مني؟ "
وعندما اومأت قال:
" اقرأي هذه "
واشار الى الرسالة على المكتب. وحين قرأتها نظرت اليه وقد اعترتها الدهشة:
" آه, تهاني يا جيرد, أنت أب اذن! "
" اتظنين ذلك؟ "
فبدت عليها الحيره:
" هذا ما تقوله الرساله! "
" انت تعلمين ان مارلين سافرت الى نيويورك لتفتح مكتبا هناك, منذ ثلاث سنوات تقريبا. وبما انها لم تكن حاملا عند ذهابها, هذا يعني ان هاتين التوأمتين ليستا ابنتي! "
نظرت هيلين الى كاسندرا بحذر, ثم قالت له:
" ربما عليك ان تنتظر الى أن تتحدث الى المحامين "
" لقد حاولت ولم احصل على جواب! الوقت متأخر في نيويورك لذا سأتصل في الصباح الباكر"
" او حاول ان تتصل بأحد منهم في بيته "
فنظر جيرد اليها وقال:
" فكرة حسنه "
ثم قال لهيلين:
" انظري اذا كان هناك رقم هاتف لمنزل أي من المحامين في المكتب "
حين خرجت هيلين, وقفت كاسندرا وناولته مترددة الملف الذي كانت تحمله قائله:
" ربما لا تريد ان تزعج نفسك بهذا حاليا. ولكنها المسودة التي وضعناها بالنسبة لمشروع اتحاد الشركات العالميه, وأنا واثقة من انها مسودة مشروع متماسكة...وقد أخذنا حذرنا من أي خطا ممكن "
أخذ جيرد الملف, واستند الى الخلف يتاملها...كانت نحيلة الجسم, سوداء الشعر, فبدت اشبه بمديرة أو موظفة كبيره في طريق الصعود. كانت دوما تسرح شعرها على شكل ضفيرة فرنسية, فتبدو بغاية الاناقة. اما عيناها فقد كانت تغطيهما نظارات ذات اطار اسود ما جعلها تبدو في نظر جيرد كالبومة. كانت عيناها الواسعتان السوداوان المظللتان بأهداب طويله, اجمل ما فيها. راح جيرد يتامل بزتها الأنيقة الكحلية اللون, والبلوزة البيضاء تحتها. انها سيدة اعمال بكل معنى الكلمة....يبدو من مظهرها انها ترفض كل ما يمت للأنوثه بصلة. تماما مثل مارلين. أتراها تماثلها طموحا, ورغبة في العمل؟ "
راح جيرد يتصفح اوراق الملف الذي ناولته اياه, لكن ذهنه لم يستوعب الارقام. توأمان....وشعر بالذهول, هل هذا ممكن؟ هل كانت مارلين حاملا حين غادرت سان فرانسيسكو؟ اذا كان هذا صحيحا, فلماذا اخفت عنه ذلك؟ لم يستطع التصديق. لكن ذلك بدا واضحا في رسالة المحامين.
قالت كاسندرا فجاة:
" اسفنا جميعا لوفاة السيدة هنتر "
حدق اليها لبرهة. ماذا عساه يجيب؟ ربما ينتظر الموظفون رؤية زوج حزين, لا. لقد قالت هيلين انهم يفهمون نوع الزواج الذي ربطه بمارلين. لقد حزن على صديقة حميمة, شريكة يعتمد عليها في العمل. ومع ذلك, بدا الان وكانه لم يعرف مارلين قط, ما هي قصة التوأمين؟
قال للفتاة:
" شكرا "
كل ما يريد ان يفعله الان هو الذهاب الى بيته ليغط في نوم عميق. لكن عليه بدلا من ذلك أن ينتظر ليرى ان كان بإمكان هيلين ان تجد رقم هاتف منزل احد محامي المكتب القضائي في نيويورك. تناهى الى سمعه فجاة صوت هيلين من المكتب الاخر:
" السيد راندال المحامي ينتظر على الخط رقم واحد "
" جيرد هنتر يتكلم "
قال جيرد هذا واشار لكسندرا لتجلس.
" لقد حاولنا الاتصال بك طوال الاسبوع يا سيد هنتر "
" اعتقد ان سكرتيرتي اخبرتكم أين كنت. لقد انشلت الحركة في مطار بانكوك لعدة ايام, ولم تعد الامور الى طبيعتها حتى البارحة "
" متى عدت الى الولايات المتحدة؟ "
" منذ ساعتين, جئت الى المكتب فوجدت رسالتكم. أي نوع من المزاح هو هذا؟ "
" ما من مزاح يا سيد هنتر! (اشلي) و (بريتاني) هما ابنتاك التوأمان , وهما بغاية الجمال! "
" لم اسمع بهما قد! "
والقى نظره الى كاسندرا فلاحظ التوتر عليها, وكيف كانت تحاول ان تخفي وجودها. بدا شيء من التردد في كلام المحامي قبل ان يقول:
" انا اعي ذلك. يبدو أن السيدة هنتر كانت تخاف من أن تصر على أن يستلم شخص اخر مكتب نيويورك بدلا منها اذا انت اكتشفت الحقيقة. من الواضح انها كانت تحب ميدان العمل, وأنها لم تكن ترغب في التخلي عنه لتكون اما طوال الوقت, رغم انها كانت اما ممتازه.
كان هذا منطق المحامين في سد الفجوات....كانت مارلين على صواب, فلو علم جيرد بحملها لكان فعل أي شيء ليبقيها في سان فرانسيسكو. ولكان طلب منها تخفيف اعمالها في المكتب, ذلك ان مكان الام هو مع أولادها.
" كم يبلغ عمرهما؟ "
القى هذا السؤال على المحامي وشعر بغصة. هل من الممكن حقا أن تكونا ابنتاه؟ هل اخفت مارلين عنه الحقيقة لكي تتابع تقدمها في دنيا الاعمال؟ نظرا لقوة الارادة الحديدية التي كانت مارلين تتحلى بها, لم يجد جيرد سببا اخر يدفعها للقيام بذلك.
" سنتان أو اكثر بقليل. لدي ملفهما في المكتب. سأتأكد من عمرهما في الصباح اذا شئت. لقد اوضحت السيدة هنتر تماما أنهما ابنتاك, وأنها لم تخبرك بولادتهما. كنا نعتقد بانك ستحضر جنازتها هنا. وتستمع الى قراءة الوصية. في الواقع نحن لم نقراها بعد, لأن الطفلتين لا يمكنهما ان تفهما ما جاء فيها, اذا ما قرانها لهما. وقد تركت الأم لهما كل شيء, على أن تكون أنت الوصي على ذلك. وسنراجع كل ذلك, حين تحضر الى هنا.
" واين هما التوأمان الان؟ "
ألقى جيرد هذا السؤال وقد بدأ يعي انه أصبح والدا. أنه أب لابنتين لم يعرفهما قط, وهما الان تتطلبان منه كل شيء. يا الهي, انه لا يعرف شيئا عن واجبات الاب. وسمر نظراته على كاسندرا, كأنه الشيء الوحيد المتماسك الذي بقي له من عالم خرج فجاة عن سيطرته. فقد خففت تصرفاتها الهادئة عنه, وجعلته نظراتها الخجولة يتساءل عما تفكر فيه.
وسمع المحامي يقول:
" لم نشأ ان نرسلهما الى دار رعاية الأطفال, فوافقت احدى موظفتي الاستقبال في مكتبنا على ان ترعاهما مع أولادها. ولكن فترة الرعاية طالت أكثر مما كنا ننتظر "
" سأرى اذا كان بإمكاني أن اكون عندك صباح الغد! "
ووضع سماعة الهاتف, فقالت له هيلين:
" سأتصل بالخطوط الجوية حالا! "
" هل سمعت الحديث؟ "
" نعم, وعلمت أنك ستذهب الى هناك. هل التوأمان منك؟ "
" يبدو من سنهما أنهما ابنتاي, لقد أخبرت مارلين المحامي بذاك. وقد تركت كل شيء لهما على أن اكون أنا الوصي. تبا لذلك! يا لها من فوضى! لا اصدق انها لم تخبرني "
" حسنا انا اصدق. هل كنت ستوافقها على فتح مكتب فرعي لو علمت بالامر؟ "
نظر اليها وهز رأسه:
" ما الذي أعلمه أنا عن التوائم؟ عن الاطفال الصغار؟ "
وفرك عينيه وهو يشعر انه يغلي في الداخل. فقالت كاسندرا التي تعرف الكثير عن الأطفال:
" قبل أي شيء أنت بحاجة الى من يرافقك, فالأطفال الصغار متعبون جدا! وبما أنك لا تملك أي خبرة فيما يتعلق بالاطفال, فسيكون من الصعب عليك أن تتدبر امرك بتوأمين على الطائره. فأي تغيير قد يكدر الطفلتيين, وقد تفتقدان امهما, فتبكيان وتسببان لك المتاعب. "
حدق اليها جيرد وهيلين معا, فقالت وهي تنقل نظراتها بينهما:
" أظنك ستحضرهما معك؟ "
" اذا كانتا ابنتي حقا, لن يكون أمامي خيار أخر! "
أومأت كاسندرا...توأمان...وابتسمت برقة... فقد تذكرت التوأمين الطفلين اللذين كانت ترعاهما عندما كانت في السادسة عشره, فقد كانا مشاغبين كثيرا ولم تعرف أكان ذلك لانهما توأمان, أم لأنهما كانا مؤذيين بطبيعتهما. لكنها متاكدة من أنهما أتعباها كثيرا .
وسألها جيرد:
" هل لديك ما تقولينه يا كاسندرا؟ "
فهزت كتفيها وقالت:
" سبق لي أن عايشت الاطفال. واؤكد لك انه اذا لم يسبق لك أن عايشت أطفالا في هذا السن, فقد لا تعرف ما ينتظرك! "
لم يستطع جيرد ان يصدق ما سمعه. كيف يمكن لهذ الفتاة التي هي نموذج للمرأة العاملة, أن تعرف كل هذا عن الأطفال؟ فهي غير متزوجه كما يظن. وحاول ان يتذكر المقابلة التي اجراها معها حين تقدمت لطلب العمل منذ سنتين. لقد صب اهتمامه انذاك على علومها أكثر منه على حالتها الاجتماعيه. لكنه كان واثقا من انها عازبه.
" متى كنت مع اطفال؟ في حياة اخرى؟ "
أومات إجابا. كانت تلك حياة طلما تمنت أن تخلفها وراءها بعد أن تتخرج من الجامعه. كانت السنتان الماضيتان رائعتين. لم يكن هناك اطفال ترعاهم وتحبهم, لتضطر بعد ذلك الى تركهم. لقد وجدت طريقها في الحياة وهي سعيدة اليوم بمركزها في شركة (هنتر).
قالت هيلين:
" انها على حق يا جيرد. ستكون بحاجة الى من يساعدك, حتى ولو كان لديك طفلة واحده! سأرى إن كان بإمكاني العثور على من يرافقك. ستحتاج إلى استخدام مربية أو مدبرة منزل. ولكنك لن تنجح في العثور عليها سريعا "
" ابذلي جهدك وحاولي أن تجدي لي تذكرة على أول طائرة تتجه الليلة إلى نيويورك "
نهضت كاسندرا من على كرسيها وسألته:
" هل تريد ان نتكلم عن هذا المشروع أثناء انتظارك؟ يمكنني أن ابدأ بتطبيق بعض الافكار أثناء غيابك في نيويورك, اذا اعجبتك "
فقال لها بعد أن وجد شبها كبيرا بينها وبين مارلين, في تفضيلها للعمل:
" أريني ما لديك! "
وبعد ان استمع اليها لمدة 45 دقيقه, وجد ان العمل الذي قامت به متكامل تماما كما قالت له. والغريب انها نسبت نجاح ذلك الى كل فرد من الفريق الذي ترأسه. لكنه يعلم ان الجميع يعمل تحت اشرافها, فقد كانت ممتازة في عملها, كما توقعها ان تكون حين منحها الوظيفة منذ سنتين, بعد انتقال مارلين الى نيويورك بسنة تقريبا.
وبعد ا عرضت عليه مسودة المشروع, سألته بصوت يرتجف, وفي عينيها الترقب:
" هل نباشر فيه اذن؟ "
" نعم, يمكننا ان نباشر فيه إنه عمل جيد "
كان جيرد لا يوفر المديح حين يستحق الامر.
ابتسمت, فشعر برعشة سرت في جسده كله. فقد اشرق وجهها لهذا المديح العفوي, وتألقت عيناها. ولأول مرة أخذ يتسائل كيف تبدو اذا نزعت نظارتها واسدلت شعرها حول وجهها بنعومة؟ كيف ستبدو اذا ارتدت شيئا يبرز أنوثتها؟ وقبل ان ينتهي من تصوراته, أطلت هيلين من الباب.
" حجزت لك مقعدين للساعة الحادية عشرة والنصف الليله. لكنني لم اجد بعد من يساعدك. وجدت من يمكنها الحضور بعد أسبوع, إنما لا شيء لهذا اليوم. كما أن المكاتب مغلقة الان, لذا لا اتوقع أي أجوبة قبل الغد.
" مذا سنفعل اذا؟ "
تمتم جيرد بذلك واغمض عينيه يفكر بما عليه أن يؤديه من اعمال قبل الرحيل؟ تذكر ان موظفيه هم غاية في الكفاءة وإنه يمكن ان يوكل اليهم القيام بأي شيء الى حين عودته من نيويورك. لكن مشكلته مع التوأمين غطت على نظام العمل العادي.
قالت هيلين:
" ربما بإمكان كاسندرا أن تذهب معك, فقد قالت انها خبيرة في شؤون الاطفال "
اجفلت كاسندرا عند سماعها لذلك فقالت:
" ماذا؟ مستحيل. لقد سبق واقسمت انني لن أقوم برعاية الاطفال ابدا. لا اريد أن امضي ولو ساعة واحده في رعاية أطفال الاخرين! "
حدق كل من جيرد وهيلين إليها بنظرات غاضبة, فتنفسن بعمق وأدركت أنها تجاوزت حدودها. لكنها أصرت على موقفها. فقد أنتهت من رعاية الاطفال, وهي الان امرأة عامله. ألم يمدح جيرد عملها, ومنحها الإذن للمباشرة بمشروعها ؟ لديها أعمل افضل من رعاية أولاد الرئيس.
قالت هيلين تهداها:
" انت لن ترعيهما بالضبط, ستساعدين جيرد في رعايتهما على الطائرة فحسب. انه يحتاج الى خبرتك "
هزت كاسندرا رأسها, وقد ساورها الاضطراب. لماذا يريدها الجميع أن ترعى الأطفال؟ وماذا عن احتياجاتها الشخصية؟ ومتى سيهتم شخص ما بما تحتاجه هي وتريده؟ انها أكثر من مجرد حاضنة أطفال, وهي تحمل شهادة تثبت ذلك.
قال جيرد وقد ضاقت عيناه:
" يبدو لي هذا أفضل اقتراح سمعته حتى الآن. ستكون مجرد رحلة قصيرة الى نيويورك, وسنناقش أثناء الرحلة هذا المشروع. وبإمكانك أن تزوديني بأفكار عن رعاية الأطفال أثناء رحلة العودة. اعتبري هذا جزءاَ من عملك "
" لكنه ليس جزءا من عملي "
واجهته كاسندرا بهذا القول وقد بدا عليها التوتر. لم تجرؤ على تجاوز الحد مع رئيسها, ولكن عليها أن تدافع عن وجهة نظرها. لم تشأ أن تعتبر حاضنة أطفال لمجرد أنها امرأة.
افتتن جيرد لحظة ببريق التحدي الذي بدا في عينيها, وقال لها:
" هناك فقرة في عقد عملك تقول أن هناك واجبات أخرى قد يتطلبها العمل. وأنا بحاجة الى عون, ولا يوجد أحد غيرك للقيام بذلك. وحاليا اعتبري هذا الطلب من بين المهمات الاخرى "
فقالت كاسندرا لهيلين بلهجة متوسله:
" انت سكرتيرته الا يمكنك مرافقته؟ "
" للأسف, فأنا ارعى أمي العاجزه, ولا يمكنني تركها لوحدها طوال الليل! فضلا عن ذلك لست ضليعة بشؤون الاطفال! "
تحولت كاسندرا الى جيرد وقالت له بنبرة احتجاج:
" وظيفيتي هنا هي تسويق الانجاج وليس مربيه "
فأبتسم جيرد ساخرا, وقد أوشك الغضب أن يبلغ مبلغه منه, وقال:
" أنا اؤمن بالاستفادة من كل خبرات الموظفين. اعتبري نفسك مرغمة على القيام بهذه المهمه "
" أنا أحتج! "
قالت هذا بقوة, لكنها كانت تعلم في اعماقها ان لا أهمية لاحتجاجها, لأن جيرد لم يكن يصغي اليها "
" لقد حسم الأمر اذن, نتقابل في المطار, أعطيها التفاصيل يا هيلين فأنا ذاهب الى البيت "
ثم التفت الى كاسندرا وقال:
" لا تتأخري! "
نظرت اليه وهو يخرج, وقد صعقها الظلم الذي شعرت به. ثم رأت العطف في عيني هيلين التي قالت لها:
" انه بحاجة الى عونك, وقد قلت انه لديك خبرة في شؤون الاطفال, ولا يملك جيرد حلا أخر. انها ليلة واحدة فقط يا كاسندرا! "
" لقد كنت دوما المكلفة برعاية الاطفال. بقيت سنوات لا اسمع سوى (اتركيهم مع كاسندرا) كان عملي هنا فرصتي للتخلص من هذا كله, وهذا ما كنت أتمناه حقا "
تنفست بعمق وحاولت أن تنظر الى الجانب المشرق من الأمر, ثم سارت الى مكتبها. حاولت أن تستعيد في ذاكرتها حاجات الأطفال. في الحقيقة لم يمض وقت طويل منذ كانت تعمل كحاضنة, ويمكنها حتما أن تتدبر الأمر أثناء الرحلة في الطائره, ويمكنها كذلك أن تثير اهتمام جيرد في هذه الرحله. وهكذا وضعت كاسندرا بعض الملفات في حقيبة يدها, ثم اتجهت الى بيتها لتجهز نفسها للسفر.

* * * * *

اتكأ جيرد على الاريكة وأخذ ينظر الى ساعة الحائط. عليه أن يتجه الى المطار بعد عشر دقائق. لقد استرخى لأربع ساعات لكن ذلك لم يخفف من اضطرابه, لأنه خاف ان لا ينهض في الوقت المناسب, ففضل أن ينام في الطائرة. راح يفكر في الوضع مرة اخرى, محاولا أن يفهم منه شيئا.
واستغرب أن أفكاره كانت تعود دوما الى (كاسندرا باولز). طوال السنتين التي عملت فيهما عنده, لم يكن ينتبه الى وجودها. كانت تقوم بعملها بشكل جيد, وقد سبق وحصلت على ترقية, وعينت حديثا مديرة لمشروع اتحاد الشركات العالمية, بعد أن استكملت الشروط المطلوبه. لكن تصرفها المفاجئ عصر هذا اليوم جعله يجفل. كان جيرد يحب أن تكون الأشياء واضحة ومنطقية. ولهذا كان رفضها مدهشا وغير عادي , فقد جعلها اقتراحه توشك على الانفجار, وتساءل لماذا؟ ربما يكتشف سر ذلك أثناء الرحله.

ستصل الطائره الى نيويورك عند الثامنه تماما. وسيتوجهان على الفور الى مكتب المحامين.
كان جيرد قد استحم وحلق ذقنه وغير ملابسه, وحمل حقيبته التي احتوت على ملابس عادية ليوم واحد, صحيح انه لا يعرف الكثير عن الاطفال, ولكنه كان يعرف انهم يوسخون ملابس من معهم.
وتساءل عما عليه أن يأخذ معه لألهاء طفلتين مازالتا في طور الحبو. وتحول تفكيره الى الطفلتين. كيف تمكنت مارلين من ابقاء امرهما سرا؟ قال محاميها من انها كانت خائفة من أن يطلب منها العودة الى سان فرانسيسكو. هل هذا امر سيء الى هذا الحد؟ لقد عملا معا في (ماكجورج) و (فيرغارسن) وناقشا أمر انشاء عمل, وذلك قبل أشهر من اتخاذ تلك الخطوة. وقد استثمرا في الشركه مواردهما كلها, ووفرا بزواجهما النفقات كافة. وقد كانت مارلين تحب العمل كثيرا. لكن هل العمل لديها كان اهم من انجاب الاطفال؟
نهض جيرد بعد أن ضايقته تلك الأفكار, وحمل حقيبته الصغيرة متجها الى المطار.

* * * * *

جلست كاسندرا وحده في غرفة الانتظار في المطار تقرأ في مجله وعند قدميها كيس ملابسها الصغير. لم تكن راضية عن قيامها بتلك المهمة, لكن عملها يحتم عليها القيام بذلك. وقد ارتدت بزه رسميه رمادية اللون وبلوزة بيضاء تحتها, اذ كانت تعلم أنهما سيتوجهان الى مكتب المحامي حالما يصلان. وفجأة شعرت بإحساس غامض جعلها ترفع بصرها, واذا بها ترى رئيسها يشق طريقه بين الجموع متجها نحوها.
تنهدت في نعومة وعدلت في جلستها. كان جيرد بغاية الوسامه, ولاحظت النظرات التي رمقته بها النساء المتواجدات في المطار. بدت بعض هذه النظرات سافره, وبعضها الاخر أكثر خجلا. لكن جميع النساء كن يتابعنه وهو يتقدم بخطواته الواسعه نحوها. كان شعره الداكن كثا ومسرحا بعنايه. وشعرت بالانجذاب نحوه, وللمرة الاولى. فقطبت جبينها. هل السبب في ذلك هو معرفتها بأنه اصبح عازبا؟ لقد اعجبها حين أجرى معها المقابله من اجل الوظيفة, لكن سرعان ما تجاهلت احاسيسها تلك, وركزت اهتمامها على التقدم بعملها قدر الامكان. ولكن ما هو هذا التغيير المفاجئ الذي طرأ, فأيقظ عندها تلك المشاعر مجددا؟ عندما اقترب منها ابتسمت له بأدب, وقالت:
" أنا عهنا حسب الأوامر, يا سيدي "
جلس بجانبها ونظر الى كيسها وحقيبة الاوراق, فأبتسم ساخرا:
" تذكري فقط من هو الرئيس! "
فواجهت نظراته الساخره بشيء نت الغضب, وقالت:
" وهل يبدو لك انني قد أنسى ذلك؟ "
فاكتفى بالابتسام, بينما زمت هي شفتيها وعادت تتصفح مجلتها.
" هل تنامين مرتديه بزه؟ "
" ماذا؟ "
ونظرت حولها ثم حدقت فيه غير مصدقه.
" انا اتساءل فقط. فقد كانت مارلين ترتدي بزة طوال الوقت, ما عدا في الفراش. ظننتك سترتدين اثناء الرحله شيئا مريحا أكثر من هذا.
" هذا هو المظهر الملائم لمقابلات العمل. فنحن سنقابل المحامين قبل أن نرى ابنتيك, أليس كذلك؟ "
" قد تكون الطفلتان مرتديتين أيضا ملابس تظهرهما نماذج مصغره لنساء الاعمال "
تمتم بذلك وهو يفكر في مارلين...مارلين التي لم ينجح في معرفتها جيدا.
قالت له كاسندرا وهي تنظر الى ملابسه:
" أشك في ذلك! أرجو أن تكون قد احضرت ثيابا اخرى لأن الاطفال يلطخون ملابس الكبار خصوصا في السفر "
فنظر اليها متكاسلا, وقال وهو يفرك عينيه:
" لدي ملابس اخرى في الحقيبه, أظننا سنبقى في نيويورك ليلة على الأقل. فإذا لم احظ بفترة للنوم سيغمى علي "
" يمكنك أن تنام في الطائره "
تملكها العطف عليه, فقد بدا عليه الارهاق, وكان من الصعب عليه أن يضطر للقيام بهذه الرحلة الى نيويورك مباشرة بعد وصوله من آسيا.
" سأضطر الى ذلك. بعد عودتي من بانكوك وذهابي الان الى نيويورك لن اتمكن من التفريق بين الذهاب والاياب. اتعلمين كم منطقة من العالم عبرت في الساعات الاربع والعشرين الاخيره؟ "
هزت رأسها وجالت بنظراتها على كتفيه, ومنهما الى ساقيه الطويلتين. وعرفت أنها لن تستطيع التحدث معه عن العمل أثناء الرحله.
وتساءلت للحظه عما ستكون عليه الرحله معه, لو لم يكن متعبا. ارته محدثا جذابا؟ لقد سافر كثيرا وعمل كثيرا. أليس في أوائل الثلاثينات من عمره فقط؟ كم تحب أن تعرف كيف انشأ الشركه مع زوجته وأين كان ذلك. لكنها علمت أنها لن تعرف ذلك هذه الليله, لاسيما انه كان يبدو مرهقا كثيرا.
رآها تمعن النظر فيه, فراح يتصور ما الذي تفكر فيه. أتراها تريد التحدث اليه عن مشاريع المستقبل العملية وتحاول ان تجد الطريقة الفضلى للتطرق للموضوع؟ انها لا تهتم به شخصيا.

وهو لا يهتم بأي امرأه. كل ما يشغل اهتمامه هو تفسير تلك الرغبة في أن يرى شعرها مسدولا, وعينيها من دون نظارات. فهو لا يتذكر انه رآها مرة من دونها , ولا مانع لديه في أن يراها ترتدي ثوابا, او سروالا قصيرا.
رباه! لابد أن التعب والارهاق دفعاه الى الهلوسه. أغمض عينينه محاولا أن يركز افكاره على على لقائه المنتظر بابنتيه. ليس الوقت مناسبا لتخيلات تتعلق بموظفة عنده...موظفة لا تنفك تذكره بزوجته الراحله. لقد شبع من النساء العاملات, واللاتي يولين اهتماما للتنافس في دنيا الأعمال أكثر منه لإنشاء بيت أو أسره. عندما سيفكر مرة أخرى في بناء علاقة مع احداهن, سيختارها رقيقة تنضح بالانوثه, وتفضل الازهار في الحديقه والبيت المريح على اوراق العمل, وكشوفات الحسابات المصرفيه, هذا ما سيبحث عنه...هذه اذا اراد أن يتزوج مرة أخرى.
نادى صوت يدعو الركاب الى الطائرة, وكان جيرد وكاسندرا يسافران على الدرجة الاولى. قدم جيرد المقعد بجانب النافذة لكاسندرا, قائلا:
" أريد أن أنام طوال الرحلة, ولا أحتاج الى النظر من النافذه "
" شكرا, رغم أنه علي أن أخلد للنوم لبرهة والا سيصيبني الدوار في الغد "
جلست كاسندرا بعد أن وضعت كيسها وحقيبة أوراقها في المكان المخصص لهما, ثم تشبثت بمجلتها وكأنها حبل النجاة. أدركت أنها أصبحت بجلوسها بقربه, تشعر بحرارة جسمه وتشم رائحه العطر الذي يضعه. أرادت أن تبتعد عنه, ولكن ما من سبيل للخلاص. أخذت تتصفح مجلتها وقد انعقد لسانها وتملكها الارتباك. كان جيرد قد جلس بجانبها وأخذ يربط حوله حزام مقعده. كانت دوما تحضر معه الاجتماعات وتراه جالسا على كرسيه...فهذا لم يكن شيئا غريبا عنها, فما الذي حدث لها الان؟
لم يكن في تلك الاجتماعات يجلس بجانبها...ولم تكن تدرك قوة جسده, وعرض كتفيه, ونعومة ذقنه. وجمدت أصابعها تصدها عن ملامسة ذقنه, وتلمس نعومتها.
ابتلعت كاسندرا ريقها بصعوبة وهي تحول نظراتها الى النافذة. لم يكن هناك ما تراه في هذا الظلام سوى الضوء المحيط بالطائرة وعجلاتها. ومع ذلك بقيت تنظر من خلال النافذه, اذ شعرت بأن ذلك أكثر امانا.
قال لها:
" حالما تقلع الطائره سأدفع مسند الكرسي الى الخلف وأنام. لا أريد طعاما أو شرابا اذا سألك احدهم "
التفتت اليه وهي تأخذ نفسا عميقا. كان وجهه على بعد سنتيمترات من وجهها, بحيث أمكنها أن ترى الارهاق في عينيه اللتين كانتا تعكسان صورتها, وراحت أنفاسه تلفح خدها. ابتلعت ريقها وقد شعرت بالتوتر لرؤيته قريبا منها الى هذا الحد.
" هل سبق أن سافرت الى نيويورك؟ "
هزت رأسها نافيه, وقد أخذ قلبها يخفق بعنف. وسمرتها الأحاسيس, فلم تستطع تحويل نظراتها عنه.
" آسف لأنه لن يتسنى لنا الوقت لزيارة المدينه بكاملها "
" أرجو أن أتمكن من الذهاب في اجازة يوما ما. أحب أن أرى المعالم الأثرية, وقد أذهب للتفرج على (برودواي) "
" لا بأس بزيارة المدينه, لكنني أفضل دوما سان فرانسيسكو "
وتوقف قليلا عن الكلام, ثم سألها مجددا:
" هل انت من (باي ايريا) ؟ "
فهزت رأسها وقد شعرت بأنها امرأة غبيه وتنحنحت قائله:
" لقد نشات بالقرب من (لوس انجلوس) لكنني أفضل الان (سان فرانسيسكو) "
" أين كنت تعيشين؟ "
" في مكان صغير في (تلغراف هيل) "
" هل يقصد ذلك المكان سائحون كثر؟ "
" نعم, ولاسيما في الصيفز فبرج (كوا تاور) مكان مرغوب. كنت أحب الصعود اليه والنظر الى المدينه. فالمنظر رائع تمام من هناك "
" كم عشت هناك؟ "
أخذ يطرح هذه الأسئله, وقد تعجب لما لم يكن يعرف تلك المعلومات عن موظفة تعمل عنده منذ سنتين.
" تركت موطني قبل أن أستلم العمل عندك بأسبوعين "
اجابته وهي تتساءل لماذا لا يتكئ الى الخلف في كرسيه؟ ولماذا يبقى بهذا القرب منها, ما يجعلها تشعر وكأنهما وحدهما بالطائره. تلهفت الى الابتعاد عنه. كانت عيناه قاتمتين مسمرتين عليها. واعجبها الضوء اللامع في اعماقهما. وتساءلت عما تراه يفكر فيه عندما ينظر في عينيها.
ابتدأت مضيفة الطائرة دورة التفقد, اخذت كاسندرا نفسا عميقا ونظرت الى المرأه. كانت تعلم أن جيرد استمر ينظر اليها, لكنها ركزت نظراتها على المرأه وكأنها لم ترى مثلها من قبل. واذا شعرت بالارهاق يتملكه, ادركت انه لم يبقى لديه سوى عدة دقائق ليستسلم للنوم. عندئذ ستصبح الرحلة سهله.
* * * * *
استيقظ جيرد عندما بدات الطائرة تهبط. وعندما شعر بالضغط في اذنيه, اخذ يتثائب للتخلص منه. شعر بشيء ثقيل دافئ ملقى على كتفه, وعندما التفت, ادرك ان كاسندرا اختارته وسادة لها أثناء الليل. وكانت بطانيات الطائره تغطي الاثنين, بينما كان الكرسيان مائلان للخلف...هل فعل هو ذلك؟ أم هي؟
تحرك قليلا وقد خدرت ذراعه. منذ متى تلقي برأسها على كتفه؟ كان الجو عابقا برائحة وردخفيفه. هل هو عطرها؟ دنا منها أكثر وراح يشمها.
ما احلى ذلك...انه ورد حتما. اغمض عينيه محاولا ان يتخيلها تشتري ذلك العطر, وتضعه كل صباح. وبشكل ما,ة أثار ذلك فيه صورة امراة مختلفه, ناعمه انثويه...وليست سيدة اعمال طموحه متزمته. عليه ان يكبح نفسه, فهي ليست هنا لتكون مسرحا لتخيلاته الشخصيه, بل لتكون حاضنه لطفلتيه أثناء رحلة العوده \, وهذا كل شيء. عندما يصلان الى سان فرانسيسكو, ستعود هي الى عملها في الشركه, بينما تبحث هيلين عن مربية للتوأمين. عليه أن يفكر بأمور كثيرة أخرى, غير كاسندرا باولز. وعلى الفور, جعله التفكير في التوأمين يستيقظ تماما, وهز كاسندرا وانتظر ريثما تستيقظ.
" آه, أنا أسفه "
اندفعت الى الخلف, ثم استقامت في جلستها على الفور. كان خدها متوردا دافئا. نظرت الى جيرد, فرأى أن النظارات لم تكن تغطي وجهها, وبدت عيناها قاتمتين غامضتين, فشعر جيرد بالانجذاب نحوها. بدت اصغر سنا, وخجولا, وبغاية الانوثه. كانت ضفيرتها قد انحلت أثناء النوم, فأحاطت بوجهها خصلات من الشعر القاتم اللامع. عندئذ هرب منه كل تفكير في النوم, وازداد اهتمامه فجأه بهذه المرأة.
قالت وهي تبتعد عنه, وتسوي ملابسها تحت البطانيه, وتعيد نظارتها على وجهها:
" لم أقصد أن أنام عليك "
شعر جيرد بحافز يدفعه الى دفن وجهه في شعرها المنسدل ليشم عطرها الوردي, لكنه أشاح بوجهه مغمضا عينيه. لقد مضى عليه وقت طويل من دون رفقة امرأه. رغم أن زواجه كان زواج مصلحه, وقد تركته مارلين منذ ثلاث سنوات, الا انه كان حريصا على عهوده الزوجيه, فكان يمضي لياليه وحده. لكن الان, وقد توفيت زوجته, اصبح حرا للتفكير بالنساء الاخريات. ربما ليس منجذبا الى كاسندرا شخصيا, بل أي امرأة اخرى كانت لتؤثر عليه بهذا الشكل.
لكنه عندما فتح عينيه, لم يهتم بتحليل السبب في عدم شعوره بأي انجذاب نحو مضيفة الطائره الشقراء الجميله. بدلا من ذلك, حاول أن يتجاهل انجذابه الى المراة الجالسه بجانبه, وركز أفكاره على ما ينتظره في مكتب المحامي.
عندما حطت الطائره, حمل جيرد أكياس كاسندرا, فقالت باحتجاج وهي تلحق به:
" يمكنني أن أحمل امتعتي بنفسي! "
" سيكون لديك حمل ثقيل فيما بعد. أما الان فمن الغباء الا تنتهزي كرم اخلاقي "
فتمتمت:
" كرم اخلاق...بل قل انه استبداد "
" لماذا تقولين ذلك؟ "
وشعر بالتسلية لسماع تذمرها هذا. هل هي دوما غريبة الأطوار عند الصباح؟ إنها المرة الأولى التي يراها فيها على طبيعتها. انه يفضلها أكثر هكذا, عندما لا تبدو موظفة منضبطة.
" لأنك أمرتني بالمجئ الى هنا, وأنا لم أكن أريد ذلك! "
" الا تحبين الأولاد؟ "
" لا احب أن أعتني بهم "
" متى فعلت ذلك أخر مره "

كان مطار كندي يزخر بالحركه, وكان رجل بين الجموع ممسكا بطاقة مكتوب عليها اسم (جيرد). وكان هذا سائق سيارة الليموزين. فناوله جيرد الحقائب, ثم تبعه وهو يضع يده على ظهر كاسندرا. لم تكن مثل مارلين على الاطلاق. مشت شامخة الرأس خلف السائق.
عاد جيرد يقول بنبرة فولاذيه:
" سألتك عن الاولاد "
" طوال حياتي تقريبا, كان علي أن اعتني بالاولاد, ولهذا اقسمت أنني عندما احظى باستقلاليتي, لن أفعل ذلك مرة أخرى. لست سعيدة حقا بهذه المهمة. لو أنك لم تأمرني, لما كنت هنا الان "
قالت هذا متذمرة. ورغم غيضها من رئيسها لمستبد, الا أن حركة المطار الدولي لفتت انتباهها.
" ولكن فكري في النقاط الجيدة التي ستحصلين عليها, لمساعدة رئيسك في هذا الأمر "
" أفضل أن اكتسب تلك النقاط بفضل كفاءاتي المهنية على أن أكتسبها لكوني حاضنة أطفال! "
" ربما ستحصلين بالترقيه لقيامك بمثل هذه المهمة "
قال هذا بهدوء وقد لاحظ غيظها. ثم تابع يسألها:
" حدثيني عن ملاحظاتك حيال الأطفال "
" لا أحب ذلك, وأنا أسفه لأني فتحت فمي أمس "
" عن معرفتك برعاية الاطفال؟ "
" كانت زلة لسان "
واذ بلغ به الفضول حده, أخذ يتساءل عما اذا كان بامكانه أن يعرف القصة كامله منها, قبل أن يقابلا محامي مارلين.

* * *


- نهاية الفصل الأول -

 
 

 

عرض البوم صور ماري-أنطوانيت   رد مع اقتباس
قديم 26-10-08, 11:11 PM   المشاركة رقم: 3
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: May 2007
العضوية: 29212
المشاركات: 47
الجنس أنثى
معدل التقييم: ماري-أنطوانيت عضو له عدد لاباس به من النقاطماري-أنطوانيت عضو له عدد لاباس به من النقاط
نقاط التقييم: 102

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
ماري-أنطوانيت غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : ماري-أنطوانيت المنتدى : روايات احلام المكتوبة
افتراضي

 

2- وردتان بين الأشواك...

قال جيرد لكاسندرا عندما استقرا في المقعد الخلفي من الليموزين:
" علي أن أبدي إعجابي بلباقتك! "
فتعجبت كاسندرا و سألته:
" لم تقول ذلك؟ "
ابتعدت عنه في السيارة قدر الإمكان, فراح يبتسم للمسافة التي جعلتها بينهما. اتراها لا تشعر بالارتياح بقربه؟ وفكر لحظة في ان يختبر نظريته هذه, لكنه سرعان ما غير رأيه.
" أي امرأة أخرى كانت ستزعجني بالأسئلة عن زواجي, وزوجتي, ولم لدي ابنتان عمرهما سنتان, ولا أعرف عنهما شيئا "
لوت كاسندرا رأسها, ثم ابتسمت بخبث وقالت:
" لا شك أنني أرغب بمعرفة كل ذلك, لكني أحترم رغبتك بالتحفظ. كما أنني عرفت عنك أمور كثيرة في المكتب. تقول الشائعات إنكما تزوجتما لتضما أموالكما معا وتؤسسا الشركة. ثم انتقلت هي الى نيويورك منذ سنوات, لتفتتح فرعا للشركة وتحاول أن تغزو أسواق أوروبا. وقد انجبت لك طفلتين لم تخبرك بشأنهما. اذا كنت تود إخباري بأكثر من ذلك لن أقاطعك "
أجفل جيرد وكاد يضحك لهذه الجرأة الغير متوقعة منها. كان يعلم أن ما أخبرته به لم يكن سرا, ما عدا بالنسبة الى التوأمين. وازداد فضوله وهو يراها تعرف الكثير عنه...هل هناك سبب خاص دفعها لذلك؟
" لم يكن زواجنا عاديا, كان زواج مصلحه. لقد تطلب تأسيس الشركة منا جهدا بالغا, ووقتا طويلا ومالا كثيرا. وكان الاشتراك في بيت واحد سيقلل من النفقات, ويزيد من ساعات العمل"
لم يكن يحاول تبرير العلاقة التي ربطته بمارلين, بل كان يشرح لها الأمر, لكنه لا يدري ما الذي دفعه للقيام بذلك.
" يبدو وكأنكما قمتما بتلك الخطوة لتنسيق العمل بينكما "
" نعم, كان هذا مبدأنا "
قال ذلك وتوقف فجأة عن الكلام, اذ لم يعد يذكر كيف بدأ ذلك كله. فهما بالكاد تقابلا, هو ومارلين خلال السنوات الثلاثة الاخيرة في واشنطن, لغداء عمل. وتابع يقول:
" أكثر ما كانت تطمح له مارلين هو أن تنجح هذه الشركة, فقد وجدت جو العمل أكثر تحديا واثاره, من علاقتها بي "
فقالت كاسندرا وهي تراقبه عن كثب:
" انه فعلا عام تحد وإثاره! "
" أعلم هذا. أفهم الان رغبتها المفاجئة في الانتقال الى نيويورك لافتتاح فرع هناك. لم تعد قط الى سان فرانسيسكو خوفا من ان تلتصق بالطفلتين بدلا من العمل, كما أظن "
" لا تحب كل النساء الجلوس في تابيت وتربية الأطفال "
" أظن ذلك! "
بدا واثقا مما قاله, بعد الحديث الذي دار بينهما امس في المكتب. قالت كاسندرا:
" ما أريده الان هو فرصة أبني بها حياة خاصة بي, وربما في نهاية المطاف سأتزوج وانجب أولادا. فالأولاد رائعون حين يرغب المرء في انجابهم. لكنني لا أريد أن أجبر على القيام بأي شيء "
" كما فعلت بك بالنسبة الى هذه المهمة؟ "
فأومأت ايجابا, وهي تنظر من النافذة الى ناطحة سحاب مانهاتن. كانت الغيوم البيضاء تزين صفحة السماء الزرقاء, وكانت حركة السير مزدحمة على الطريق الرئيسيه. تساءل جيرد عما اذا اشاحت نظرها عنه لتنظر الى المدينة حقا. أم أنها تحاول أن تبعد نفسها عنه لتستعيد رباطة جأشها.
" لا تكوني قاسية يا كاسندرا, فأنا لم أطلب منك الكثير! كل ما طلبته منك هو أن ترافقيني ليوم واحد, ريثما أحضر الطفلتين الى المنزل. هيلين تبحث عن مربية لهما , وأنت تملكين خبرة تنقصني. لو كنت مكاني لما كنت انتهزت فرصة وجود شخص ضليع بهذه الامور بقربك؟
فقالت دونما أكتراث:
" ربما "
" ما الذي أكسبك هذه الخبره؟ هل كان لديك الكثير من الاخوه؟ "
كان يعلم أنه تطرق الى أمور لم تشأ أن يتطرق اليها, لكنه شعر بالفضول لمعرفة ذلك. كانت كاسندرا باولز بجديتها ورزانتها, تترك لدى الاخرين انطباعا بأنها مجرد موظفة جيده, لكن لابد ان لها حياة خاصة وهو لا يطلب من موظفيه أن يمضوا أوقات الفراغ في العمل.
اجابت:
" في الواقع ليس لي أي أخوة! "
" لدينا حوالي نصف ساعه لنصل الى المكتب القضاي, لم لا تخبريني من أين أكتسبت تلك الخبره بشؤون الأطفال؟ "
ومضت دقيقة فكر فيها عن سبب اصراره على معرفة المزيد منها. أهو الفضول فحسب, أم أنه يريد ان يصرف ذهنه عن التفكير في تينك الطفلتين اللتين تنتظرانه؟ سبق له أن تفاوض بشأن صفقات بملايين الدولارات, لم يشعر الان اذاً بالتوتر للتفكير في مواجهة طفلتين صغيرتين؟
طال الصمت, فالتفتت كاسندرا ببطء لتنظر اليه. لم تكن تحب الحديث عن الماضي. ولطالما تمنت أن يكون لها أسرة كما في الحكايات الخرافيه...لكن كان ذلك حلما بعيدا عن واقعها. ورأت أن لا ضرر في ان تشرح له سبب عدم رغبتها في القيام بهذه الرحلة.
" ماتت أمي عندما كنت في السابعة. ولم يكن لدي أقارب أخرون, فأنتهى بي الامر في دار للرعاية. كان المنزل الذي وضعت فيه عندما كنت في العاشرة يعج بالاولاد, ولعبت دور حاضنة للأطفال لمدة ثماني سنوات. وعندما اصبحت في الثامنة عشرة, تخليت عن ذلك وأقسمت الا أقوم بهذا العمل مجددا "
" الى هذا الحين! "
" لا, فعندما ذهبت الى الكلية, احتجت الى النقود. وكان العمل الوحيد الذي أحسن القيام به هو رعاية الاطفال, فكنت أقوم بدور الحاضنة لأولاد أساتذتي في الجامعهة, وهكذا مضت أربع سنوات أخرى كحاضنة لأطفال الاخرين!
" والان اطفالي "
فقطبت جبينها وقالت:
" هذا صحيح, لم يكن هذا ما توقعت القيام به حين وظفتموني في الشركه. فأنا احمل شهادة في التسويق, وليس في رعاية الأطفال. أريد أن أستفيد من شهادتي, لا أن اكون حاضنة أطفال "
" كما أنني لم أفكر أنني قد أحتاج الى حاضنة في الشركة, اذ لم أكن اعلم أن مارلين ولدت توامين "
ولاذ جيرد بالصمت, متسائلا مرة اخرى كيف استطاعت مارلين أن تخفي عنه أمرا كهذا. فمع انه ما كان ليتمكن من اعادتها الى سان فرانسيسكو, الا انه كان من حقه ان يعلم بخبر ابنتيه .

* * * * *
كان المكتب القضائي التابع لـ (ستلر) و (راندال) و (بيبودي) في الطابق الثالث والثلاثين, من ناطحة سحاب. استقل جيرد وكاسندرا مصعدا سريعا, وسار جيرد نحو باب المكتب ففتحه, ووقف جانبا لتمر كاسندرا, وعندما دخل, تسمر على الفور بعد ان رأى طفلتين تلعبان بجانب أريكة مخملية قرمزية اللون. توقفت الفتاتان عن اللعب والتفتتا اليه والى كاسندرا تحدقان فيهما بعيون زرقاء لامعة.
كانتا صغيرتين للغاية. أخذ جيرد يحدق بهما دون ان يتفوه بكلمة, وراح يتساءل عما يفكران فيه.
" مرحبا "
حيت كاسندرا الكفلتين ودنت منهما. شعرت بالشفقة عليهما بعد أن تذكرت مدى خوفها حين ماتت أمها وذهبت هي لتعيش مع غرباء. لم يكن أي شيء مألوفا لديها, ولا معزيا. وكم افتقدت أمها حينذاك!
ركعت على ركبتيها باسمة أمام الطفلتين, ثم لمست يد كل منهما وقالت:
" مرحبا, انا كاسي, ما اسمكما؟ "
انتبه جيرد الى الرقة والدفء في صوتها. ابتسمت الطفلتان ونظرتا الى كاسندرا ثم أخذتا تقولان أشياء غير مفهومه. هل ستفهم كاسندرا أي شيء مما تقولانه؟ كان قد نسي أنهما صغيرتان ولا تتكلمان جيدا .
" السيد هنتر؟ "
حيته موظفة الاستقبال من وراء مكتبها وهي تبتسم بمودة
" نعم أنا هو "
" لديك طفلتان رائعتان, لقد رعيتهما طوال الاسبوعيين الماضيين. أنا اسفة لوفاة زوجتك! "
اومأ جيرد وقد شعر بالغرابة. لم يكن يعرف شيئا عن الأطفال, ولا عن ابنتيه. من حسن الحظ أن كاسندرا تعرف كل شيء, وقد الفتها الطفلتان كما يألف البط الماء. ها هن يتحدثن ويضحكن. وشعر جيرد للحظة بالغيره تنتابه, واخذ ينظر اليهن, فيما كانت موظفة الاستقبال تتصل بالمحامي لتخبره بوصول جيرد.
" سيكون السيد راندال معك بعض لحظه "
قالت موظفة الاستقبال ذلك من دون أن تلحظ تردده.
ما ان دنا جيرد من الطفلتين حتى زالت كل الشكوك التي ساورته. كانتا تشبهانه تماما حين كان طفلا, ولكن بترجمة انثوية. لم يرى فيهما أي شيء من مارلين ما عدا عينيها الزرقاويين, اتراهما ورثتا طوحها أو طباعها؟
قال لهما: " مرحبا! "
نظرت اليه الطفلتين بحذر, ووضعت الطفلة ذات القميص الاصفر ابهامها في فمها وهي تنظر اليه. فقالت كاسندرا وهي تزيح شعر الطفلة التي تمتص ابهامها عن وجهها:
" أنت طويل جدا, إما ان تحملهما, وإما أن تركع "
حدق جيرد الى العيون التي تراقبه, ثم جلس ببطء على حافة الاريكة, وقد استولى عليه الشعور بالضياع, ولم يعجبه ذلك. لقد قام على مر السنوات الماضية بتوسيع شركة هنتر الى البلاد القائمة على المحيط الهاديء, وهاهو ذا الان تتغلب عليه مشكلة طفلتين.
قالت كاسندرا للطفلة ذات القميص الوردي:
" ابتسمي, هذا (بابا). اخبريه بأسمك "
فقالت الطفلة وهي ترمقه بنظرات ثابته:
" اشلي "
وقالت الطفلة الاخرى وهي تخرج إبهامها من فمها:
" انا بريتاني "
فقالت كاسندرا:
" أشلي وبريتاني, هذا هو بابا. هل يمكنكما ان تقولا بابا؟ "
مضت لحظة صعق فيها جيرد للتغير الذ بدا على وجه كاسندرا. وتمنى لو تبتسم له بهذا الشكل. ولأول مرة أدرك كم هو محظوظ لأنها أجابته عندما استدعى هيلين امس في المكتب. فما كان بإمكانه أن يتعامل مع هاتين الطفلتين وحده. وقفت الطفلتان بجانب كاسندرا تهزان رأسيهما. ثم أخذت اشلي تثرثر بالكلام وراحت كاسندرا تستمع اليها وكأنها تفهم ما تقول, وهي تبتسم. ولعلها فهمت....أما هو فلا.
يفترض بالاب أن يتصرف بشكل أفضل. ماذا يمكنه أن يفعل؟ بدت له دنيا الاعمال والصفقات أسهل من التعامل مع هاتين الطفلتين.
بقيت كاسندرا مع الطفلتين في غرفة الاستقبال, عندما دخل جيرد للاجتماع مع محامي مارلين, توماس راندال. وبدا ان الطفلتان ألفتاها جيدا.
شعرت كاسندرا بالشفقة عليهما. لابد انهما عانتا الكثير بعد وفاة والدتهما. وقررت أن تبدل عدها لتجعل الأمور أسهل بالنسبة إليهما.
جلست على الاريكه واجلست كل واحدة منهما على جانب:
" سأخبركما بقصة ابنتين كبيرتين قابلتا البابا للتو......"
حاولت أن تشرح لهما ما ينتظرهما بجمل بسيطه. صورت لهما السفر بالطائره وكأنها مغامرة كبيره, والانتقال الى سان فرانسيسكو ببساطة غسل الأسنان.
عندما عرض توم راندال المحامي أن يقرا الوصية بصوت عالِِ, طلب منه جيرد أن يتصفحها بنفسه. ولم يستغرق هذا سوى عدة دقائق. فقد كانت الوصية قصيرة بسيطة. كانت مارلين توصي فيها بنصف الشركة التي تملكها معه لابنتيها, بإدارة إشراف زوجها والد الطفلتين. عندما انتهى جيرد من القراءة, نظر الى المحامي وقال وهو يتساءل كم يعرف هذا الاخير عن زواجهما:
" لقد ماتت شابه, وقد فاجأني موتها! "
فأومأ المحامي قائلا:
" لقد ذهبت لزيارة زوجتك قبل وفاتها مباشرة, كانت مريضة للغايه. أظنها أرهقت نفسها كثيرا ولم يكن لديها أي طاقه عندما دنت ساعتها "
فقال جيرد:
" ستفتقدها الطفلتان "
" لا أظن ذلك. فقد قامت برعايتهما مجموعة من حاضنات الاطفال ودبرات المنزل, في السنتين الأخيرتين. ولا اعتقد لأن الطفلتين متعلقتان بقوة بأي شخص, أو حتى بأمهما. وتقول موظفة الاستقبال عندي أنهما انسجمتا معها بسهوله.
" سأجعل حياتهما مستقرة ما ان اعود الى سان فرانسيسكو "
" هذا ما توقنعاه. لدي هنا كل المعاملات المكتوبه. يمكنك أن تطلب منا أي شيء يمكننا القيام به "

عندما انهى جيرد حديثه مع المحامي, عاد الى حيث كانت كاسندرا تقرأ للطفلتين قصه بصوت عال. لم يرينه في البدايه, فراح يتاملها وتملكه حنين غريب. هكذا تبدو الأسرة. الأم تكرس حياتها لأطفالها, والجميع في انتظار الاب.
لم يدرك من قبل أنه لا يملك أدنى فكرة عما هي الأسره. فقد رباه جده الذي كان عجوزا فظا. ونشأ في منزل اقتصر سكانه على الرجال, لكنه على الأقل وجد جده ليعيش معه عندما مات والداه, ولم يذهب الى دار رعاية مثل كاسندرا, ولن يدع ابنتيه تلقيان مثل هذا المصير.
كان هدفه في السنوات الماضية ان يحقق النجاح, فلم يفكر قط في انشاء أسرة, وها قد قدمت إليه الان أسرة جاهزه. هل ستكون خطوته التاليه البحث عن الزوجه؟
نظرت اليه كاسندرا وسألته:
" كيف تجري الأمور؟ "
" على ما يرام. لقد انتهيت هنا, يمكننا أن نذهب الان الى شقة مارلين, لنحزم أمتعة الطفلتين وألعابهما. كما انه علي أن أعرف ما علي عمله لإغلاق الشقه. بعد ذلك سوف أمر بالمكتب, لأتأكد من ان كل شيء انتهى هناك. سيكون (بول) في المكتب. أريد أن أراجع معه المشاريع الحاليه "
شعر جيرد بتوتر كاسندرا, وتذكر ما قالته بأن الجميع يوكلون إليها دائما حضانة الاطفال, ولكنه كان مجبرا على القيام بذلك. لن يأخذ بعين الاعتبار ما تحبه أو لا تحبه, فقد بدت طبيعية تماما مع هاتين التوأمين, ثم أن ذلك لن يستغرقك أكثر من يوم واحد. بعد ذلك, ستعود الى المكتب وتبتعد عن الطفلتين طوال حياتها اذا شاءت.
وقفت كاسندرا وقالت تخاطب الطفلتين:
" هيا بنا, فقد حان وقت العودة الى البيت. بريتاني تعالي معي, وأشلي, أذهبي مع بابا "
لم يكد يفهم معنى كلمة بابا....انه اذن والد هاتين الطفلتين.
حملت كاسندرا بريتاني ونظرت الى جيرد من خلال نظارتها. هل هناك لمحة من التحدي في نظراتها؟
حمل جيرد أشلي التي كانت خفيفة كالريشه, ونظر الى عينيه, فربتت على خده وابتسمت, فشعر بقلبه ينفطر. بدت له صغيرة وحيده, ليس لها احد غيره يرعاها. وتملكه الذعر. هل سينجح في ذلك؟
إنه لا يعرف شيئا عن الأبوة. ولو عرف أن زوجته حامل، لحاول التعرف إلى كل هذه الأمور، كأن يقرأن ويتعلم ما عليه أن يفعل، لا أن يجد نفسه فجأة أبا، من دون إنذار مسبق.
- دعنا نذهب يا بابا!
بدا الهزل في عيني كاسندرا وهي تقول ذلك، لكنها كبحت ابتسامتها. لا فائدة من أن تجعل جيرد يعلم أن تردده وعدم ثقته بنفسه، في هذا الوضع، قد أثر في نفسها. كان بالغ الحيوية في المكتب، لكنه يبدو الآن أشبه بمراهق مرتبك قبل أول موعد غرامي له. طرقت بعينيها وسارت أمامه. ما الذي جعلها تفكر في المواعيد الغرامية؟ إنها حاضنة أطفال لا غير. حاضنة يلقي بعبء طفلتيه عليها ثم يخرج إلى مكتب نيويورك متخليا عن كل مسؤولية لهذا النهار. على المرء أحيانا أن يقفل فمه.
تبعها حاملا حقيبة التوأمين الصغيرة، وانتظرته كاسندرا قرب المصعد، وسمحت لبريتاني أن تضغط على زري المصعد، فالأطفال يحبون دوما التجربة وتعلم الأشياء. ربما غضبت من أبيهما لإصراره على أن ترافقه، لكنها لن تفرغ غضبها على هاتين الطفلتين.

* * * * *
منتديات ليلاس
كانت شقة مارلين واسعة، أنيقة الأثاث، وتقع في وسط راقٍ. عندما دخلوا إليها، أنزل جيرد أشلي إلى الأرض، ووضعت كاسندرا بريتاني بجانبها. نظرت الطفلتان إليهما، فسألتهما كاسندرا:"أين غرفتكما؟".
أشارت أشلي إلى آخر الردهة.
حين وصلوا إلى غرفة الجلوس، وضع جيرد الحقائب على الأرض بجانب خزانة كتب مزخرفة كانت تحتل معظم الغرفة. وألقى نظرة على المكان وقد عجب لاهتمام مارلين بالمظاهر الأنيقة. كان منزلهما في نيويورك مريحا ذات أثاث متين وبعض التحف الرخيصة. ربما يناسب هذا الطراز هنا فكرتها عن الإقامة في نيويورك. لم تعجبه الشقة كثيرا، فقد كان يؤثر الراحة على الأناقة.
عندما همّت كاسندرا باللحاق به إلى الغرفة، قالت بريتاني: "لا، لا".
-ماذا؟
هزت بريتاني رأسها وهي تنظر إلى الغرفة بحذر، وتابعت تقول: "لا، لا".
ورن جرس الهاتف.
سار جيرد ليجيب، وقد تملكته الحيرة لتصرف بريتاني.
- ألو، جيرد هنتر يتكلم.
- السيد هنتر؟ معك "آني سيمونز". اتصل بي السيد راندال وطلب مني أن أكلمك. لقد كنت حاضنة الطفلتين، قبل وفاة والدتهما. فهمت أنك ستأخذهما إلى سان فرانسيسكو. لذا، فكرت أن أسألك إذا ما كنت بحاجة إلى مساعدتي، فأنا لن أبدأ عملا آخر قبل نهاية الأسبوع.
نظر جيرد إلى كاسندرا: "في الواقع لقد قررنا الرحيل غدا، ولكن إذا تمكنت من الحضور اليوم، سيكون هذا رائعا. بإمكانك أن تساعدينا في حزم أمتعتهما، وربما تقترحين علينا أين نلقي بالأشياء التي لن نأخذها معنا.
- بكل تأكيد، سأكون هناك عند الواحدة.
نظر جيرد إلى الساغة التي لم تبلغ الثانية عشر بعد، فقال:"حسنا، سنكون بانتظارك".
حين عاد كانت كاسندرا والطفلتان قد اختفتا. تبع أصواتهن فوصل إلى باب غرفتهما. كانت فسيحة يحتلها سريران صغيران، وخزانة ذات أدراج مكشوفة ودمى وحيوانات محشوة متناثرة في كل مكان أكثر مما يوجد في متجر ألعاب. بدا واضحا أن مارلين لم تكن تبخل بالهدايا على طفلتيها.
وقفت بريتاني بجانب الجدار تنظر إلى كاسندرا فيما بقيت تضع إبهامها في فمها. عجب جيرد لرؤيتها تضع دوما إصبعها في فمها، ولاحظ الفرق بين الشخصيتين. كانت أشلي ودودا فضولية ولا تخاف. بينما بدت بريتاني سلبية تتأمل الأمور بحذر، وخجولا هادئة. هل كان يقارن بينهما لأنهما توأمان، أم لأنه من الطبيعي أن ينتبه الوالد لهذا الفارق بين ابنتيه التوأمين؟ عليه أن يتعلم الكثير!
- قالت حاضنة الطفلتين إنها ستأتي عند الساعة الواحدة لتساعدنا في حزم أمتعتهما.
أومأت له كاسندرا، ثم خلعت سترتها وألقت بها على أحد السيرين. فراح جيرد ينقل نظراته بخفة على جسدها الرشيق.
لا يمكنه أن ينكر تلك الجاذبية التي شعر بها نحو كاسندرا باولز والأفضل أن تبقى الأمور عند هذا الحد. إنه افتتان عابر، وسرعان ما يعود بعده إلى عمله وينساها... أو هذا ما كان يرجوه.
- إذا عثرت على الحقائب، سأبدأ بحزم الأمتعة .
قالت كاسندرا هذا وهي تفتح درج الخزانة. فقد قررت أن تبدأ بحزم الأمتعة ، إلى أن تحضر حاضنة الطفلتين، فتقومان معا بفرز ما تفضله الطفلتين من ألعاب وكتب.
كما أنها ستتأكد منها عن عادات التوأمين، وما تحبانه وما تكرهانه، فالطفلتان المسكينتان بحاجة إلى عون كبير، وهما تنتقلان إلى نظام جديد مختلف كليا. نظرت كاسندرا إلى جيرد فأجفلت وهي ترى نظراته شاخصة عليها. ابتلعت ريقها بصعوبة، وشعرت بقشعريرة تسري في جسدها، ثم انتقلت من مكانها وأدارت له ظهرها. كان الإحساس الذي شعرت به غريب لم تختبره من قبل. أتراه الغثيان؟ لا، بل هو نتيجة الشعور المستمر بوجود جيرد معها.
راحت تفكر بكيس ملابسها الذي وضعت فيه بنطلون جينز وقميصاً، ربما عليها أن تغير ملابسها، قبل أن تقوم بأي عمل آخر.
- قد يستغرق العثور على الحقائب بعض الوقت.
قال جيرد هذا وهو يخرج إلى الردهة، ليدخل غرفة النوم الثانية. ما الذي يريده؟ آه، حقائب للطفلتين. وضغطت كاسندرا كفيها على خديها وقد شعرت بالحرارة. كانت تتصرف كمعتوهة، إنها هنا للاهتمام بطفلتيه ولا شيء آخر. عليها أن تتذكر ذلك كل دقيقة!
تبعت جيرد فوجدته في غرفة، لا بد أنها كانت غرفة زوجته، فقد كانت أغراض مارلين مبعثرة في كل مكان فيها. كان السرير غير مرتب، وكأن مارلين استيقظت في ذلك الصباح لتتوجه إلى المستشفى. شعرت كاسندرا بوخزة ألم. كانت مارلين وحيدة وهي تموت. ولو أن رحلة جيرد إلى بانكوك ألغيت، أو أن الإعصار لم يحدث هناك، لكان جيرد إلى جانبها في تلك اللحظة.
وعندما رأت الكآبة في عينيه، قالت له برقة:"آسفة لأنك لم تستطع العودة من رحلتك في الوقت المناسب".
- لم أعلم أنها كانت مريضة. كان عليها أن تخبرني!
- ربما لم تدرك خطورة مرضها إلا في ما بعد!
- كنت سألح على الأطباء بأن يبذلوا كل ما في وسعهم، لتبقى حية!
- أنا واثقة من أنهم بذلوا كل ما في وسعهم ليبقوها حية!
أرادت أن تعزيه، إلا أنها لم تعرف ما تقول. هل يريد أن يتحدث عن ذلك؟ تقدمت نحوه وضغطت على يده تؤاسيه، فقال لها: "لا أعرف شيئا عن رعاية الأطفال".
- ستتعلم ذلك!
وتناهت إلى مسامعها ضحكات عالية من غرفة التوأمين فقالت: "أظن أنه من الأفضل أن أذهب لأرى ما تفعلانه".
قالت كاسندرا هذا وضغطت على يده لآخر مرة، قبل أن تتركها ببطء. لكنه بقي ممسكا بها لحظة قبل أن يتركها، وقال: "سأبحث عن تلك الحقائب".
فتح غرفة الملابس ليجد الثياب تملأ المكان. ووجد في الخلف عند اليسار، حقائب من الجلد الثمين. وحين سحبها، احتك بالملابس، ففاح منها شذا عطر مارلين. لم يستطع أن يصدق انه لن يراها مجددا، ولن يناقش معها أمورا تتعلق بالعمل. لم يستطع أن يصدق أنه لن يسمع أحلامها الطموح التي غالبا ما كانا ينفذانها. لم يستطع أن يصدق أنهما لن يتجادلا في التوسع، ولا في النفقات التي كان دوما يطلب معرفتها
هز رأسه ونبذ تلك الذكريات من ذهنه، ثم توجه إلى غرفة الطفلتين، كانت كاسندرا تثرثر مع الطفلتين وتضع الثياب على السرير. فسألها جيرد وهو يبحث عن مكان يضع فيه الحقائب:"عماذا تحدثينهما؟".
-عن بيتهما الجديد، أظنهما ستشعران براحة أكثر إذا أخبرتهما مسبقا بالتغيير. ضع الحقائب على الأرض، فما من مكان آخر. خذي يا أشلي، ضعي هذا في الحقيبة.
وناولتها ملاءتين مطويتين. فسارت أشلي إلى الحقيبة وألقتهما فيها، فتمتم جيرد:"أحسنت يا أشلي!".
فضحكت كاسندرا وقالت :" لا بأس، فهما تريدان أن تساعداني".
قالت هذا وهي تناول بريتاني الشيء نفسه. فسألها وهو ينظر إلى كومة القمصان التي بدأت تعلو في الحقيبة: "ولم لا تفرغين الدرج في الحقيبة وينتهي الأمر، إذا كنت لا تريدين ترتيب المحتويات؟".
- عندما تنامان، أرتب كل شيء. أما الآن، فهذا العمل يشغلهما ويشعرهما بأنهما تساعدان وتساهمان في هذا الانتقال.
- تحليل نفسي أيضا؟
ورفع حاجبيه يتأملها.
- إنها، في الواقع، طريقة عملية ناجحة. يمكنك أن تساعد في هذا.
- لديك من يساعدك. أما أنا، فسأذهب لتفحص أغراض مارلين لأرى إن كنت أعثر على أوراقها الشخصية وآخذها معي. علي أن أجد شخصا ليقفل هذا المكان.
فقالت:"إبحث عن شيء تحتفظ به للطفلتين من أمهما عندما تكبران. حينها لن تتذكراها، ولكن سيسعدهما اقتناء شيء كان لوالدتهما".
ميز جيرد في صوتها نبرة كئيبة، فسألها بلطف:"وهل لديك أنت ما يذكرك بوالدتك؟". كان يعلم أنه يتطرق إلى موضوع شخصي، ومع ذلك أراد أن يعلم.
هزت رأسها وقالت:"لا، ولهذا أعرف أنهما ستحبان ذلك. كان لدينا أشياء قليلة للغاية، ولا أدري ماذا حدث لها. أخذت معي دمية واحدة، هذا كل شيء!".
- كم هذا قاس!
تذكر شكوى جده، عندما مات أبواه، من أن عليه اختزان الأثاث والصناديق في مكان ما خلف البيت. قالت له كاسندرا باسمة، وهي تميل رأسها قليلا:"حدث ذلك منذ وقت طويل!".
- سأبحث عن أشياء للفتاتين، يمكنني أن أشحن كل شيء إلى سان فرانسيسكو.
قال هذا وقد خفق قلبه لابتسامتها.
- أنت الرئيس هنا، لكنهما قد لا ترغبان في هذا الأثاث، التذكارات تكفي.
خلع جيرد سترته، وعلقها على كتفه، ثم توجه إلى غرفة الجلوس حيث ألقى بالسترة على مسند الأريكة ونظر من حوله. كانت اللوحات الفنية الثمينة تغطي الجدران والتماثيل والآنية المزخرفة تنتشر في كل مكان، أتراها كانت ذات قيمة خاصة بالنسبة إلى مارلين، أم أنها اختارتها لتكمل بها الديكور؟ تعجب لكونه لا يعرف إلا القليل عن المرأة التي تزوجها، على مدى ثلاث سنوات. اجتاز الغرفة، ثم توقف قرب مكتب أثري. كانت الأدراج تحتوي على أواق مارلين، وقوائم حسابات حديثة، وحسابات مصرفية ودفتر عناوين وأشياء أخرى.
جلس وأخذ يتصفح كل شيء. وعندما وصلت الحاضنة"آني سيمونز" عند الساعة الواحدة، كان جيرد يشعر باللهفة للهرب من هذه الشقة التي بدت له أشبه بمستشفى مجانين.
كانت الطفلتان تذرعان غرفة الجلوس ذهابا وإيابا بينه وبين كاسندرا، ترددتا في البداية في دخول غرفة الجلوس. لكنه أخبرهما أن بإمكانهما أن يأتيا إليه متى شاءتا، وهكذا أخذتا تضحكان وتصرخان وتركضان.
كانت آني سيمونز في أواسط الأربعينيات. حيتها الطفلتان بابتسامة سعيدة وعانقتاها، ثم راحتا تتكلمان بسرعة فلم يفهم جيرد شيئا. ومع ذلك، بدا له أن آني وكاسندرا كانتا تفهمان. أترى النساء يقدرن دون الرجال، على ترجمة ما يقوله الأطفال؟
قالت آني بعد أن استمتعت بما قالته الطفلتان : " من المؤكد أنني سأفتقد هاتين الطفلتين. إنهما طيبتان للغاية! أنا آسفة يا سيد هنتر لخسارتك زوجتك".
أما جيرد برأسه، بعد أن شعر مرة أخرى بالارتباك. أراد أن يمر بالمقبرة عندما يعود إلى المكتب ليرى مكان ضريحها، ويرى ما إذا كان كل شيء يليق بمارلين.
قالت كاسندرا للمرأة وهي ترمق جيرد باستغراب: "أرجو أن تكتبي لنا لائحة عن التوأمين وعما يحبانه، لأننا سنرحل غدا إلى سان فانسيسكو".
- يسرني أن أخبركما بكل ما أعرفه. لقد بقيت معهما خمسة أشهر. الأطفال ينمون بسرعة في هذه السن، تفاجأت لرؤيتها أطول قامة هذه المرة، مما كانتا عليه آخر مرة رأيتهما فيها.
قال جيرد متلهفا للخروج:"كاسندرا، علي أن أذهب إلى المكتب، هل يمكنك أن تهتمي بكل شيء هنا، ريثما أعود؟".
- بكل تأكيد!
وأغلق جيرد الباب خلفه.
سألتها آني: " هل أنت حاضنة التوأمين الجديدة؟".
- لا، فأنا أعمل في شركة هنتر في سان فرانسيسكو . جئت لأساعد جيرد، فحسب، في أخذ الطفلتين إلى بيتهما.
قالت كاسندرا هذا بسرعة، وخشيت أن يظن أحد، حتى آني، أن دورها في الحياة هو أن تكون مربية لهاتين الطفلتين. إنها مجرد مهمة ليومين فقط! وهذا كل شيء.
أخذت تنظر إلى أشلي وهي تركض إلى النافذة لترى أباها وهو يغادر البيت، وراحت تتساءل عما إذا كانت ستتمكن مستقبلا من المرور على بيت جيرد، من وقت لآخر، لتراهما. لكنها ما لبثت أن سارت إلى غرفة النوم مقطبة الجبين. لم تكن تريد أن تجعل بينها وبين الطفلتين صلة، لقد سبق أن خططت لمستقبلها.

* * * * *

عاد جيرد إلى الشقة بعد الخامسة، فوجد كاسندرا جالسة على إحدى الكراسي الأنيقة قرب المدفأة، تحمل كتابا مفتوحا، وقد ارتدت جينز وبلوزة قطنية بسيطة. وعندما أغلق الباب رفعت نظرها إليه تسأله: "هل سار كل شيء على ما يرام في المكتب؟". فأومأ برأسه، ثم دخل الغرفة ونظر حوله.
- ستستقر الأمور حالا في المكتب، "بول وينستون" سيكون مديرا عاما جيدا.
ثم سألها وهو يجلس على الأريكة: "أين التوأمان؟".
-لقد خلدتا للنوم، منذ فترة قصيرة. قالت آني إنهما تنامان قليلا، بعد ظهر كل يوم. بعد هذا اليوم المتعب، أظنهما ستنامان فترة أطول، مع أنه علينا أن نوقظهما بعد قليل، لتتمكنا من النوم في الليل.
فك جيرد ربطة عنقه، وألقى برأسه على مسند الأريكة. نظرت كاسندرا إليه وهي تفكر بمقدار التعب الذي ما زال يشعر به. لم تكن رحلتهما القصيرة بالطائرة كافية لكي ينام جيدا.
سألته بعطف"هل أنت متعب؟".
- أشعر بحاجة للنوم لأسبوع كامل!
- آسفة، لكننا سنرحل في الصباح!
- هل أخبرتك آني سيمونز بعض الأمور عن الطفلتين؟
- تعلمت منها الكثير، كان عليك أن تبقى هنا. ماذا لو نسيت أن أخبرك بشيء عنهما، أو كان لديك أسئلة نسيت أن ألقيها عليها؟ لقد أخذت رقم هاتفها، لذا يمكنك أن تتصل بها، إذا أردت أن تعرف المزيد، فقد علمت أن أشلي تصاب بنوبة غضب إذا لم تحصل على ما تريد، وبريتاني تركض وتختبئ. لا تحب بريتاني البيض، ولم تكن زوجتك تحب أن تتجول الطفلتان في الشقة، خوفا من أن تتلفا الأشياء. وذلك يوضح ترددهما في دخول غرفة الجلوس.
لاحظ جيرد نبرة السخط في صوتها فأراد أن يبتسم. ربما لا تحب أن يلقي عليها الآخرون بأولادهم، لكنها تقف في صف هؤلاء الأولاد وتناصرهم. يبدو أنها تفضل أن يركض الأطفال في كل مكان في بيتهم، وفي الواقع، كان هذا رأيه هو أيضا.
- أريدك أن تخبريني المزيد عن الطفلتين.ماذا سأفعل عندما سآخذهما إلى البيت؟
واتكأ على الأريكة مصغيا إلى صوتها:
- أرجو أن تكون هيلين قد وجدت لك مربية.
فسألها:"أتظنينني لن أنجح في أن اكون أبا عازبا؟". كان الفضول يتملكه ليسمع جوابها.
- نظرا لسلوكك معهما هذا النهار، يبدو أنك ستكون أبا ممتازا، فقد كنت صبورا تماما معهما، ستحتاجان إلى كثير من الحب والاهتمام والإرشاد.
- سيكون الأمر أسهل لو كان عندي زوجة!

* * *

- نهاية الفصل الثاني -

 
 

 

عرض البوم صور ماري-أنطوانيت   رد مع اقتباس
قديم 27-10-08, 08:15 AM   المشاركة رقم: 4
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Oct 2008
العضوية: 97570
المشاركات: 129
الجنس أنثى
معدل التقييم: فيفي و بس عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 22

االدولة
البلدJordan
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
فيفي و بس غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : ماري-أنطوانيت المنتدى : روايات احلام المكتوبة
افتراضي

 

صباح الخير شكرا يا ماري على هذة الروايةولكل الصبايا اللتي شاركنا في كتابتها

 
 

 

عرض البوم صور فيفي و بس   رد مع اقتباس
قديم 27-10-08, 11:09 AM   المشاركة رقم: 5
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Aug 2007
العضوية: 35468
المشاركات: 53
الجنس أنثى
معدل التقييم: موني الاردن عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 17

االدولة
البلدJordan
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
موني الاردن غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : ماري-أنطوانيت المنتدى : روايات احلام المكتوبة
افتراضي

 

كتير حلوة الرواية بانتظار التكملة

موني الاردن

 
 

 

عرض البوم صور موني الاردن   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
أحلام, لن تندمي, barbara mcmahon, daddy and daughters, باربرة ماكماهون, دار الفراشة, روايات, روايات مترجمة, روايات مكتوبة, روايات احلام, روايات احلام المكتوبة, روايات رومانسية
facebook




جديد مواضيع قسم روايات احلام المكتوبة
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


LinkBacks (?)
LinkBack to this Thread: https://www.liilas.com/vb3/t96902.html
أرسلت بواسطة For Type التاريخ
Untitled document This thread Refback 07-05-10 01:18 PM


الساعة الآن 04:54 PM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية