هذا الفصل كتبته العزيزه ((وردة قايين))
=======================
6- اسأل مجربا ...
عندما ابتعد جيرد عنها ,بقيت كاسندرا مغمضة العينين , وكادت تموت من الخجل .
- كاسي ؟
كان وسيما , ينضح بالرجولة.
- ماذا ؟
وحاولت ان تخفض رأسها مبقية عينيها مغمضتين , لكن أصابعه استمرت في رفع ذقنها :" افتحي عينيك "
هزت رأسها رافضة , فسألها :" لم لا ؟"
بدا صوته منطقيا .
- لأنني أذا أبقيت عيني مغمضتين , فلن يراني أحد .
فضحك جيرد وقال : " لا أريد أن أحطم اعتقادك هذا , لكن بأمكاني أن اراك وألمسك , وأنت مغمضة العينين "
ألقت بجبهتها على كتفه بعد أن أدركت أن ما من سبيل لخروج من ورطة الخجل هذه .
وتأوهت قائلة :" يا ليتني أموت الآن !.
سمعت ضحكته فتملكها الغيظ . أتراها مجرد شخص يسليه ؟
- أما أنا فأرجو الا تموتي . هي بنا .. فهذا يوم رائع ولدينا طفلتان مشاغبتان , علينا أن نغريهما لكي تصعدا الى السيارة . لقد أمضيت ربع ساعة أحاول ان اتدبر أمر أجلاسهما في مقعديهما , ولكن ما أن أحاول ادخال واحدة منهما , حتى تصبح الأخرى طليقة في الشارع .
وأخذ ينادي ": أشلي , بريتاني , ماذا تفعلان ؟
- لاشئ !
- أه , لا !
هتفت كاسندرا بهذا وهي تستدير بسرعة وتهرع اليهما . كانت تعرف أن " لاشئ " من الطفل تعني انه يفعل شيئا لاينبغي له أن يقوم به . ركضت الى غرفة الجلوس فلم تجدهما , وانتقلت الى المطبخ ثم وقفت عند الباب , وكان جيرد قد اندفع خلفها وأخذ ينظر من فوق كتفها ." وردة قايين "
كانت الطفلتان جالستين على أرض المطبخ . والخبز متناثر من كل ناحية . وكانت بريتاني تحاول ان تمسح قطعة خبز بمقدار ضخم من الزبدة . فلطخت المكان بالزبدة ز
- هذا سيء!
أزاح جيرد كاسندرا جانبا , ودخل المطبخ عابسا بالطفلتين , وانحنى يأخذ الزبدة من أصابع بريتاني .
- الم أقل لكما ألا تلمسا شيئا ؟
فأومأت الطفلتان برزانة . وقد بدا عليهما الخوف .
- لقد وسختما مطبخ كاسي الجميل , وأتلفتما الطعام . اعتذر حالا من كاسي .
انحنى وجه أشلي الصغير بحزن , وقالت : " أسفة , يا كاسي ! "
بينما اندفع أبهام بريتاني الى فمها واغرورقت عيناها بالدموع : " آسفة يا كاسي ! "
- بابا محق ! هذا عمل سيء . أظن أن خمس دقائق تمضيانها بصمت هو العقاب المناسب !
وعادت لترى جيرد يرمي فتات الخبز في القمامه .
نظر اليها مستفهما , فقالت له :" عليهما أن تجلسا على الكرسيين مدة خمس دقائق من دون كلام ".
وتناولت ساعة التوقيت . وضبطتهما ثم ضعتها على المائدة بين الطفلتين . وقالت : " تذكرا . لا أريد أن أسمع أي كلمة قبل أن يرن جرس الساعة ! وعندما يقول لكما بابا مرة أخرى بألا تلمسا شيئا , عليكما أن تطيعاه !
أومأت الطفلتان برزانه . وأستمرت بريتاني في مص ابهامها .
تبع جيرد كاسندرا الى خارج المطبخ : " أظنهما آسفين . أليست الدقائق الخمس بالوقت الطويل ؟"
سألها وهو ينظر الى الطفلتين التعيستين . فهزت رأسها : " قد يبدو هذا وقتا لانهاية له بالنسبة الى طفلتين في الثانية من عمرهما . ولكن عليهما أن تتعلما أن تطيعاك . مافعلناه ليس أمرا هاما , ولكن أذا أمرتهما بألا تلعبا في الشارع فلم تطيعاك , يمكن أن تتضررا تماما أو حتى تقتلا . عليهما أن تتبعا أرشاداتك "
- أنحنى احتراما لمعرفتك وخبرتك .
- أنت مسرور فقط لأن لديك من يساعدك على تربيتهما .
- هذا صحيح ! أنهما صغيرتان حجما وسنا .
- لكنهما بحاجة الى ارشاد وحسن تربية , لاتدللهما يا جيرد !
- لن أفكر في القيام بهذا . هل أنت جاهزة لنخرج ؟
- نعم .
- أليس من الأفضل الا تربطي شعرك ؟ فنحن في أجازة آخر الأسبوع والمفروض أن ننطلق ونمرح .
فلمست ضفيرتها قائلة :" ألا تعجبك ؟"
اشتبكت أصابعه بأصابعها وهما يحاولان حل الضفيرة وأجاب " أحب شعرك منسدلا على كتفيك , وكذلك تعجبينني من دون نظارات !"
وسكت , ثم رفع نظاراتها عن أنفها ...
أرادت أن تتشبث بنظاراتها , لكنه أبعدها عن يدها .
فقالت باحتجاج :" أنا بحاجة اليها "
فرفعها ونظر من خلالها مقطبا جبينه " درجتها غير قوية "
فأمسكت بها وقالت :" لكنها تجعل المسافات البعيدة أكثر وضوحا !"
- ولكن ليس للمسافات القريبة ؟
سألها هذا وهو يقترب منها , فتراجعت الى الخلف وهي تهز رأسها . فتعمد التقدم نحوها خطوة أخرى , وكاد يضحك عندما تراجعت مرة أخرى , وظل يتقدم وهي تبتعد حتى اصطدمت بالجدار .
- ماذا ستفعل الأن ؟
رفعت يدها وكأنها توقفه عند حده , وأذا بالجرس في المطبخ يرن .
وصاحت آشلي :" بابا".
فتمتم يقول وهو يربت على ذقن كاسندرا :" أنقذك الجرس ".
أخذت كاسندرا نفسا مرتجفا , وهي تنظر اليه يدخل الى المطبخ .
أخذ قلبها يخفق وكأنها كانت في سباق , ماذا لو أن الجرس لم يرن ؟
عندما غادروا الشقه , حمل جيرد كيس ملابسها بينما أمسكت هي بيدي
الطفلتين , فكانتا تقفزان بجانبيها , وتتحدثان عن زيارتهما لجدهما .ورده : قايين
سألها جيرد :" أتراهما تدركان معنى كلمة جد ؟"
- أنا واثقة من أنهما لاتدركان . وربما تظنان هذا أسمه !
- هذه سيارتي !
ووقف أمام سيارة حديثة الطراز . كان لونها الداكن يتلاءم مع داخلها الرمادي الباهت . وفي المقعد الخلفي , رأت مقعدي أطفال ...
فتح الباب ومد يديه لبريتاني , بينما دخلت أشلي بنفسها الى السيارة . وبعد خمس دقائق , انطلقوا.
- أخبرني شيئا عن جدك .
- ماذا أخبرك ! أنه في الثالثة والثمانين , عجوز صلب , وقد عاش وحده , منذ ماتت جدتي عندما كان أبي في المدرسة الثانوية ... بيته قديم !
فقالت بنعومة : أراهن على أنه سيجن بالتوأمين "
- ربما سيدهش .
- كما دهشت أنت . ألم تجد بعد السبب الذي جعل زوجتك تخفي عنك أمرهما ؟
- لا , فهي لم تترك رسالة تعترف فيها بكل شئ , أذا كان هذا ما تعنينه . لكن رأي محاميها هو أنها خافت من أن ألح أنا عليها بالبقاء في البيت لتقوم بدور الأم بدلا من العمل . كانت مارلين مهووسه بدنيا الأعمال . كانت تريد أن تكون ذات شأن كبير في هذا الحقل .
- وماذا تريد أنت يا جيرد ؟
- أريد أن تكون لي شركة ناجحة وأستمتع بتحديات أي عمل جديد . ولكن " شركة هنتر " ناجحة فعلا , ولا أريد ان تكبر الى حد أفقد السيطرة عليها .
- ماذا تريد أيضا من الحياة ؟
منتديات ليلاس
فنظر اليها , ثم عاد ينظر الى الطريق .
- من المضحك أن تلقي سؤالا كهذا . لكان جوابي مختلفا لو طرحته علي منذ شهر , ولكن بعد موت مارلين المفاجئ هذا , ومعرفتي بأنني أب , لم اعد أعرف ما الذي أريده . لقد تغيرت حياتي بشكل بالغ , فأنا أفكر في شراء منزل واسع للطفلتين وأن أوفر لهما حسابا للجامعة . ماذا تريدين أنت ؟
- فرصة لأثبات ذاتي , أنا أعشق العمل في : شركة هنتر " وأعمل بشكل جيد , ومشروعي عظيم , وأتوقع أن احقق نجاحا كبيرا . وبعد ذلك أريد أن أطلب زيادة في المسؤولية والراتب .
فضحك وقال : " المال هو دوما الهدف الرئيسي!"
- اليس هذا هدف العمل ؟
- ماذا عن حياتك الخاصة ؟ الا تقيمين أي علاقة جدية مع أحد ؟
وأجابت : لا , ليس لي أي علاقات !"
- ليس هناك أذن من يلهيك أثناء صعودك الى القمه ؟
- الى حد ما .
طلبت بريتاني حكاية . وتملك كاسندرا الأرتياح لأنهاء حديثهما هذا غير المريح .
وصلوا الى سونورا بعد الظهر . بعد أن توقفوا مرتين للأستراحه ولأعطاء الطفلتين مجالا للركض واللعب . شعرت كاسندرا بالراحة والأسترخاء عند وصولهم. لم يحدث لها قط أن جاءت الى هذا الجزء من الولاية وافتتنت برؤية جبال " سييرا نيفادا " المغطاة بأشجار الصنوبر والتنوب السامقة نحو السماء الزرقاء . وكان الجو يعبق بروائح شجر الصنوبر والأرز .
تحول جيرد الى طريق مرصوف بالحصى ليقف أمام منزل بدا حسن الترميم ولاينقصه سوى تجديد طلائه .
فتح الباب رجل عجوز أطل برأسه ليرى من القادم , ورق وجهه حين عرف جيرد الذي حياه بقوله :" مرحبا يا جدي !"
ثم عاد ليفتح باب السيارة ويفك حزام بريتاني بينما كانت كاسندرا تفك حزام أشلي من الناحية الأخرى . وتساءل عما سيظنه العجوز بالنسبة الى أبنتيه , وشعر فجأة برغبة في أن يحبهما جده بقدر ما يحبهما هو .
أخذ بريتاني بين ذراعيه , ثم التقط الكيس الأبيض من على المقعد وتوجه الى البيت .
- كان علي أن أتصل بك قبل ذلك .
تبعته كاسندرا وهي تنظر بلهفة الى العجوز وهو ينظر الى جيرد , والى الطفلتين ثم اليها . ويقول :" هذا بيتك يافتى , ويمكنك أن تأتي في أي وقت , أرى معك ضيوفا , أهلا بك يا سيدتي !"
- أنها كاسندرا باولز . وهي موظفة عندي . هذا جدي يا كاسي , سيلاس هنتر . وهاتان الأنستان الصغيرتان هما أشلي وبريتاني هنتر , أبنتاي .
صعق الرجل العجوز , ثم حدق في الطفلتين وقال بفظاظة : " كان الأجدر بك أن تعلمني بأمرهما منذ ولدا !".
- أنا نفسي لم أكن أعلم عنهما شيئا قبل أسبوع , فلندخل وسأشرح لك كل شئ . لقد أحضرنا معنا بعض الهمبرغر للغداء . وأرجو ألا تكون قد أكلت .
- لم آكل بعد تفضلي يا آنسة باولز !
- كاسندرا من فضلك .
قالت هذا وهي تضع أشلي على الأرض , فقال جيرد :" أو كاسي كما نسميها جميعا "
دخلت الطفلتان المنزل المعتم قليلا , فقال لهما الجد محذرا :" أيتها الصغيرتان , لاتعبثان بشئ !
نظرتا اليه بعينين متسعتين ولم تتحركا .
- همم ..زأظن أن لدي المكعبات التي كان أبوكما يلعب بها عندما كان صغيرا , أين وضعتهما يا ترى ؟
عندما انتهى الغداء بدا أن الطفلتين قد تألفتا مع سيلاس هنتر وكما تنبأت كاسندرا , افتتن الجد بالتوأمين .
قال جيرد :" فكرت في أن آخذ كاسي الى كولمبيا . لم يسبق لها أن أتت الى بلدان الذهب من قبل , الطفلتان بحاجة الى قيلولة . هل يمكننا أن نتركهما معك عندما نخرج؟
- لا أعرف شيئا عن البنات الصغيرات . أما الصبيان فيمكنني التعامل معهم .
فابتسمت كاسندرا :" انهما لاتحتاجان الكثير من الأنتباه , عندما تنامان . وحتى الآن كنت ممتازا معهما . أظن أنهما تستمعان برفقة جدهما !"
- لم أحلم قط بأنني سأرى هذا اليوم . خصوصا بعد زواجك الأحمق ذاك , يا جيرد . ولكن يبدو أنها لم تكن مجرد علاقة أفلاطونية . فقد أثمرت .
بدا الضيق على جيرد . لكنه هز كتفيه , وبدا أنه معتاد على طريقة كلام جده الفظة . عندما نامت الطفلتان خرج هو وكاسندرا .
استمتعت كاسندرا بالتنزه في كولمبيا . سحرتهما المدينة القديمة فأخذت تقف عند كل أعلان . وتلقي أسئلة لاتحصى . وبدا أن جيرد كان يملك جوابا لكل سؤال .
فسألته :" كيف تعلم كل هذا ؟ أم أنك تخترع الأجابات ".
فضحك وشبك أصابعه بأصابعها , وقال :" لاتنسي أنني نشأت هنا ! لايمكن لك أن تعيشي في بلدان الذهب دون أن تستوعبي تاريخها , الهجوم للبحث عن الذهب في كاليفورنيا كان أحد أهم أسباب الهجرة في التاريخ . جاء الرجال من كل انحاء العالم بأمل العثور على الذهب . كنت أذهب الى نهر " ستاينزلاوس " وكنت أبحث فيه عن الذهب .
- الم تجد أثرا للذهب على الأطلاق .
- وجدت عدة رقائق ما زلت أحتفظ بها حتى الآن في بيت جدي , لكنها ليست بالثمينة .
- هل يمكننا الذهاب للبحث عن الذهب ؟
- بكل تأكيد ! هناك مكان في المدينة تدفعين فيه عدة دولارات ويضمنون لك أن تجدي بعض الذهب .
- أفضل أن اذهب الى النهر .
- سنقوم بذلك يوما ما , ربما ما زال بأمكاننا أن نجد رقائق من الذهب . ماذا ستفعلين أذا وجدت الذهب ؟
- انشئ شركة لي . آه , ذلك لايعني انني لا أعشق العمل في شركة هنتر . لكنني أحب أن أدير شركتي الخاصة يوما ما .
فسألها وكأنه مهتم حقا :" ماذا كنت ستغيرين في الشركة لو أمكنك ذلك ؟"
- لا أعرف ! ربما كنت اقترحت تغييرات كبرى . أعلم انه علي أن
أتعلم الكثير , لكن لدي أفكارا , وأريد أن أرى تأثيرها على بعض المشاريع . ستمر سنوات قبل أن أتمكن من أن أدير مؤسسة . ولكن أذا عثرت على منجم ذهب , يمكنني عندئذ أن استأجر ذوي الكفاءة كما تفعل أنت .
- وستصبحين منافسة لي أذن ؟
وقفت كاسندرا وفكرت في الأمر لحظة ثم قالت :" أظن هذا , ولكن حتى ذلك الوقت , ستكون شركة هنتر قد أصبحت شركة ضخمة للغاية بينما ستكون شركتي صغيرة وفي بدايتها , تتعامل مع الناس البسطاء الذين لايمكنهم الطموح الى التعامل معك ".
- العواطف الرقيقة لاتمنحك الدولارات !
- لكن المال ليس مهما الى هذا الحد . المهم هو أن يعرف المرء كيف يجيد عمله . أليس كذلك ؟
- انا أعمل لأسباب عديدة , والمال هو أحدهما . لكن الرضى الذي أحصل عليه أهم عندي من المال !
فقالت تغيظه :" ولكن هل ما زلت تريد منجم الذهب ذاك ؟"
- نعم , مازلت أريده !
لم تتناول كاسندرا عشاءها في الخارج ذلك المساء , لأنهما عندما وصلا الى بيت جده , وجداه يطهي قدرا ضخما من اللحم مع البصل وعندما علم بخطتهما للعشاء في الخارج . بدت عليه خيبة الأمل الى حد جعل كاسندرا تخبر جيرد على الفور أن عليهما أن يتناولا العشاء معه ومع الطفلتين .
- لكن خطتي كانت أن آخذك الى الفندق , لديهم طعام رائع وفرقة موسيقية صغيرة تعزف ألحانا جميلة .
- - خذها في وقت آخر . يافتى , أريد أن أسمع المزيد عنك , وعما تنوي فعله مع هاتين التوأمين . تبدوان كملاكين وهما نائمتان . ولكن عندما تستيقظان . تكونان مشاغبتين , كما كنت أنت في سنهما !
ومر العصر بسرعة لم تكد تصدقها , وقد اكتشفت المزيد عن رئيسها ... وهو أنه رجل ساحر .
وبعد أن أنتهى جيرد من الكلام عن ابنتيه . ضحك الجد لتصرفات التوأمين , ورمق كاسندرا مرتين , وقال أخيرا :" يبدو لي أنه عليك أن تفكر في الزواج مرة أخرى "
تظاهرت كاسندرا بأنها لم تلاحظ ما قاله الجد . فآخر ما تريده هو أن تتملك جيرد فكرة أنها ستكون الزوجة المناسبة . فقد ذكر لها ذلك أكثر من مرة . بعد أن ساعدته .
كان العشاء مرحا , فقد حاولت الطفلتان أن تستلما دفة الحديث . وقد افتتنتا بالرجل العجوز وشغفتا بالثرثرة معه . وكان هو يومئ ويبتسم ويتظاهر بأنه يفهم كل كلمة . وعندما غسلت الأطباق , دون مساعدة الطفلتين هذه المرة . جلسوا جميعا في غرفة الجلوس . اندست بريتاني في حضن جيرد أما أشلي فقد ترددت بين جد أبيها الذي تعرفت اليه حديثا وبين كاسي . وأخيرا سارت الى كاسي ورفعت ذراعيها قائلة " احمليني !"
وأبتدأ سيلاس يروي الحكايات عن جيرد الصبي الصغير .
استمتعت كاسندرا بكل قصه , واهتمت بكل لمحة عن ماضي جيرد . كانت حياته مختلفة تماما عن حياتها , فقد وجد الحب والحماية مع جده وكان محظوظا جدا . أما هي , فكل ما حصلت عليه هو صندوق من التذكارات من مختلف دور الرعاية التي تنقلت بينها ودميتها الوحيدة العزيزة . لاأحد يجلس معها . فيسترجعان معا ذكريات الماضي .
عندما نامت بريتاني بين ذراعي أبيها . نهض ليضعها في فراشها , قائلا :" سأعود لأجل الأخرى "
ابتدأت كاسندرا بالنهوض . لكن سيلاس هز رأسه . وعندما غادر جيرد الغرفة , التفت هو اليها :" دعيه يفعل ذلك بنفسه ! فأنا أريد فرصة أتحدث فيها معك . وربما هذه هي الفرصة الوحيدة التي سأحصل عليها .
لم أر جيرد قط مهتما بأمرأة كما يهتم بك الآن , فهو لايدعك تغيبين عن نظره !"
أحمر وجه كاسي وقالت :" لا أظن الأمر كذلك , فقد جئت معه لأساعده على العناية بأبنتيه فحسب ".
- الطفلتان هما ما أفكر فيه . أنه بحاجه الى زوجه , أمرأة تساعده على تربية الصغيرتين , ويبدو أنك على دراية بهذا الأمر . هل لديك أولاد ؟
- في الواقع كنت أرعى الأطفال في حداثتي , وبعد العودة من المدرسة وفي العطل الأسبوعية وفي الليالي .
- هممم .. هذا واضح , أنت حنون جدا على هاتين الطفلتين , ومما لاحظته اليوم , انت أحن عليهما من أمهما , يالحماقة من يقدم على الزواج لأنشاء عمل ! جيرد بحاجة الى امرأة تريه كيف ينشئ أسرة . لم يكن لدينا أسرة طبيعية لأنه لم يكن لدينا امرأة !
فابتسمت بأدب :" الا تظن أن على جيرد أن يتزوج لأجل الحب ؟ لا لأقتناء زوجة فحسب ؟"
- لايعلم أحد ان كان الحب سيأتي أم لا . أحيانا الرفيق الجيد هو أفضل ما يمكن للمرء أن يتوقعه . عرفت ذلك من " ايما " ذلك أن والد جيرد كان يحب زوجته , لكنهما كانا دوما يتعاركان , أنا لا أؤمن بزواج الحب , المهم هو أن ينجح الزواج !
شعرت كاسندرا بأن آشلي نامت , فزادت من احتضانها وراحت تتنشق رائحتها الذكية . ربما يملك جيرد عذرا لفشل زواجه الأول , لكنه سيسبب الأذى لنفسه ولزوجته لو تزوج مرة أخرى من دون حب , أتراه يعرف حتى
ماهو الحب ؟ وكيف يعبر عنه ؟ أنه يعرف ذلك طبعا , فهو محب لأبنتيه وشغوف بهما , رغم أنه لم يعلم بوجودهما الا منذ أسبوعين .
تمنت لحظة لو أنه يعاملها بالعطف نفسه , ويهتم بها كما يهتم بابنتيه , لكنها كانت تدرك حماقة هذه الأفكار الكئيبة ,
- نامت واحدة , وجاء دور الأخرى الآن !
قال جيرد هذا وهو يتجه نحو كاسندرا ليأخذ أشلي من حضنها . حدق في عينيها فكادت تذوب في نظراته , لكنها تمالكت نفسها وحولت نظراتها بعيدا لتنصبا مباشرة على عيني سيلاس هنتر الحكيمتين .نظر بسرعة الى حفيده ثم أخذ يحدق في الفضاء . لكن كاسندرا عرفت ماالذي كان يفكر به الرجل العجوز . كان يريد أن يتقربا بعضهما بعضا . كل ما يريده هو امرأة تساعد حفيده !
تردد جيرد عند العتبة . كانت الفتاتان مستغرقتين في نوم عميق , وكان الوقت مبكرا , ما يسمح لهما , هو وكاسندرا , بالذهاب الى الفندق وتناول بعض الحلوى , وربما يرقصان لفترة . لم يمضيا لحظة بمفردهما منذ التقى بالطفلتين . وكان متشوقا الى الخروج معها .
كان يسمع همهمة صوتها وصوت جده ولكنه لم يستطع أن يستطع أن يميز الكلمات . وعرف من تعليقات جده انه يرى كاسندرا زوجة ممتازة لحفيده . كان جيرد يفكر أحيانا بالشئ نفسه , أتراها تقبل الزواج به ؟ أذا هي تزوجته وأصبحت ربة منزل , سيحل هذا مشكلات كثيرة , وهز رأسه . هو يعلم أنها لن توافق أبدا على هذا الأمر ! فمهنتها بالغة الأهمية بالنسبة اليها , تماما مثل مارلين .
عندما دخل غرفة الجلوس , سألته كاسندرا :" هل نامتا ؟"
- اظنهما ستنامان حتى الصباح .
ونظر الى جده فقال :" مازال الوقت باكرا , هلا انتبهت لهما , بينما أذهب مع كاسندرا الى المدينة ؟"
- بكل تأكيد ! يمكنني ذلك أذا كانتا نائمتين .
- ما رأيك يا كاسي ؟ هل تريدين الذهاب لنتناول الحلوى ؟
- لا أدري يا جيرد . كنت أفكر في الجلوس مع جدك ومشاركته المزيد من ذكرياته . أفكر في ابتزازك للسكوت عما سأعلمه عنك .
قالت هذا مازحة , فقال لها جيرد :" سأجعلك تقسمين على الصمت قبل أن نرحل "
أجاب بذلك وهو يجلس على كرسي أمامها , متابعا كلامه : " مازال الجو دافئا , هل تريدين الذهاب في نزهة ؟"
فقالت وهي تقفز واقفة :" هذا ما أحبه , سنعود حالا يا سيلاس . فننفض الغبار عن كل تلك القصص القديمة "
وقفت كاسندرا فجأة خارج الباب , فسألها :" ماذا حدث ؟"
- الشوارع تتدفق من المباني . هنا كل شئ أسود .
- امنحي عينيك فرصة تعتادان فيها على الظلام , النجوم توفر ضوءا وعندما يصبح القمر فوق الأشجار , سنتمكن من الرؤية جيدا , أنا أعرف كل الطرقات هنا . هيا بنا !
- وأمسك بيدها يشبك أصابعها بأصابعه , ثم سار في وسط طريق البيت المرصوف .
- المكان هنا هادئ .
قالت هذا أثناء سيرهما , وعندما وصلا الى الطريق الريفي , انعطف جيرد يسارا .
سألته :" لابد أن نشأتك هنا كانت مرحة للغاية . هل كان لديك حصن على الشجرة ؟"
- طبعا . كما كنا نسبح في أحد الجداول التي تروي الزرع .
- لاعجب في انك تريد بيتا ذا فناء لطفلتيك .
- وأما أيضا .
ووقف جيرد وجذب كاسي اليه , وأراح يديه على كتفيها وهو ينحني عليها ليرى وجهها في الضوء الخافت :" هل لك أن تمنحيهما ذلك , يا كاسي ؟ هل تتزوجيني ؟"
* * *
نهاية الفصل السادس