المعلومات |
الكاتب: |
|
اللقب: |
عضو راقي |
|
البيانات |
التسجيل: |
Feb 2008 |
العضوية: |
62940 |
المشاركات: |
1,517 |
الجنس |
أنثى |
معدل التقييم: |
|
نقاط التقييم: |
247 |
مدونتي |
|
الإتصالات |
الحالة: |
|
وسائل الإتصال: |
|
|
كاتب الموضوع :
**أميرة الحب**
المنتدى :
روايات عبير المكتوبة
النمر الأسمر
الفصل الأول
كان مطار غاليو الدولي مزدحماً, فاقدالهوية . وكانت روكسان تجلس في مقهى المطار تحتسي كوبا من الشراب وتفكر أنها يمكنإن تكون في أي مكان اخر من العالم لولا اللكنة البرتغالية السائدة وسواد بشرةالرجال الذين تجمعوا حولها مما يذكرها بانها في البرازيل ومأخوذين على ما يبدوبخصلات شعرها الذهبي وعينيها الزرقاوين .
ونظرت مرة اخرى الى ساعة يدها وهيتتأفف وتتساءل الى متى سيدوم انتظارها, فالرسالة التي تسلمتها عند وصولها لم تكنواضحة كل الوضوح, كل ما جاء فيها ان بيتر سيتأخر في الوصول الى المطار لطارئ مفاجيءوعليها ان تنتظره هناك .
اشعلت سيجارة وهي ترمق الشاب الذي كان يسترق النظراليها في النصف ساعة الاخيرة, كانت تشعر بنفاذ الصبر على الرغم من معرفتها انالمدينة التي تقصدها لم تكن على مسافة قريبة ثم ان بيتر على علم بموعد وصولها منذاسبوع لذلك كان بامكانه ان يطلب منها قضاء ليلة في احد فنادق الريو بدل ان يتركهاتنتظر في المطار لاجل غير مسمى .
جولت في ارجاء المطار تبحث عن نماذج حقيقيةللخشب المحفور الذي اشتهرت البرازيل بصناعته, وامام شعورها بالملل ادركت بالمقابلان اسابيع الانتظار التى عانتها اخيرا لم تكن من دون فائدة, حتى انها لم تصدق بانهاستلتقي بيتر مرة اخرى .
حين اخبرها انه سيذهب للعمل بالبرازيل شعرت بالاستياءغير انها فيما بعد شكرت له الفرصة التى اتحها لها بالسفر الى تلك البلاد والتعرفالى جزء رائع ومثير من العالم على الرغم من انها منذ ستة اشهر حين غادرتها كانت لاتزال تغالب حزنها على فقدان والدها الذي كانت تحبه اعمق الحب وكانت قد فقدت والدتهامنذ عدة سنين حين كانت لا تزال طفلة فاصبح والدها معيلها الوحيد, وقد قضى نحبه وهوفي طريقه لمعاينة مريض وكان يعلم في تلك الليلة التي ذهب فيها لتلبية طلب ذلكالمريض ان سيارته قد تصطدم بسيارة اخرى لكثرة الضباب الذي كان يلف مدينة لندن , حينقضى نحبهبقيت روكسان لفترة تحت وطأة الذهول غير مصدقة ان والدها مات وتركهاوحيدة في هذا العالم , كان لها اقارب بعيدون في شمال انجلترا ا ان روكسان لم تشأمشاطرتهم حزنها لانهم لا يستطيعون ان يقدموا لهل سوى الشفقة والعطف .
منتديات ليلاس
وفي تلكالحالة من الحزن الشديد التقت بيتر براون لاول مرة , كان نجل صديق والدها وكانعائدا لتوه من الخليج العربي حيث كان يعمل في شركة لاخراج النفط .
شابا وسيماجذابا في الثلاثين من عمره, فلا غرابة ان تشعر روكسان نحوه بميل شديد, وادرك بيترانها كانت منطوية على نفسها من شدة الحزن, فأخذ يخفف عنها ويقنعها بان الحياةمستمرة في سيرها , ومع مرور الايام, وبفضل بيتر بدأت تبتسم للحياة, وكان اصعب شيءواجهها هو ايجاد عمل تترزق منه, وكان بيتر هو الذي وجد لها عملا مع صديق له كانطبيبا للاسنان .
عندما بيع البيت الذي كانت تسكنه مع والدها وجد بيتر لها شقةتسكن فيها, وما ان مضى بضعة اشهر حتى بيتر وظيفة في البرازيل, وحاول ان يقنعهابالزواج به لاصطحابها الى البرازيل معه, غير انها ترددت وطلبت وقتا للتفكيروالاستعداد لاتخاذ هذه الخطوة الحاسمة في حياتها, ثم وافقت على ان تعقد خطوبتها قبلسفره الى البرازيل, ثم تلحق به بعد ان يرتب اموره, فيتزوجان هناك, وشق على والديبيتر ان لا يحضرا حفلة الزفاف الا انهما تفهما موقف روكسان . وبعد سفر بيتر اخذيراسلها باستمرار فيعرب لها عن شوقه وتطلعه الى اليوم الذي سيجمعهما معا ويحدثها عنحياته في البرازيل حيث كانت الشركة التي يعمل فيها بيتر شركة كبرى .
نظرت روكسانالى ساعتها مرة اخرى فادركت بانه قد مضى على انتظارها لبيتر اربع ساعات مما جعلهاتشعر بالقلق الشديد, وكانت على وشك ان تطلب كوبا ثالثا من الشراب عندما لاحظت انرجلا كان يتفحصها باهتمام من حول طاولة لا تبعد عنها كثيرا , فرمقته بنظرة باردة, ولكنه لم يبالي, بل اخذ يحدق اليها بمزيد من الاهتمام, فلم يكن منها الا ان نهضت عنكرسيها وحملتحقيبتها الصغيرة واتجهت نحو الباب على انه كان عليها ان تمر بقربالطاولة التي يجلس عليها الرجل, فلم تتمالك من القلء نظرة عليه فاذا هو شاب لمتشاهد بمثل جاذبيته ووسامته شابا من قبل, كان شعره اسود فاتحا وبشرته سمراء اسودالعينين وكان فارع القامة, ذا وجه تدل ملامحه على الدقة والقساوة معا, فاستولىعليها الاضطراب وهي تدفع الباب للخروج الى البهو .
تنهدت وهي تجول بنظرها فيماحولها على امل ان تشاهد بيتر, اما كان يدرك بان لا بد لها ان تشعر بالغربة في مطارغيب كهذا؟ ما الذي جعله يتأخر في المجيء الى لقائها كل هذا التأخير ؟اجتازتالبهو وجلست في احد المقاعد المريحة ثم اخرجت سيجارة واشعلتها واخذت تنفث دخانهابفروغ الصبر, وفجأة سمعت صوت رجل يقول لها :
"هل انت الانسه غراهام, روكسانغراهام؟" فالتفتت الى مصدر الصوت ولشدة دهشتها حين وجدت نقسها وجها لوجه مع الرجلالذي كان يرمقها في المقهى. ولكنها تمالكت نفسها واجابته قائلة :
"كيف تعرفاسمي؟"
فقال لها وهو يضع يديه في جيبي سرواله :
" في هذا المطار الكثير منالنساء الانكليزيات الوحيدات, وانت احداهن ".
فنهضت روكسان واقفة, وعلى الرغم منطول قامتها الا انها وجدت نفسها مضطرة لأن ترفع راسها حتى تراه, وعن قرب تبين لهاان عينيه السوداوين هما في الحقيقة بلون المخمل البني الغامق قالت له :
"ارجو انيكون كلامك اكثر وضوحا..." فهز كتفيه وهو يقول :
"الحق معك يا انسه غراهام اسميخوسيه فانتوس, وانا زميل خطيبك في العمل... " شعرت روكسان بالارتياح قليلا وقالت له :
"وماذا جرى لبيتر؟... هل هو آت؟".
"مع الاسف لن ياتي وساشرح لك السبب بعدقليل, هل هذه الحقيبة هي كل ما لديك من امتعة ؟" فترددت روكسان وهي تنظر الىحقيبتها ثم قالت :
" وكيف اعرف حسن نيتك؟ هل لديك ما يعرف عنك؟" فابتسم الرجلنصف لبتسامة واجاب قائلا :
"اراك لا تثقين بي" فسارعت الى القول:" ما ادراني؟ قدتكون اي شخص كان, سمع باسمي يتردد على السنة المسؤولين في المطار..." هز الرجلكتفيه العريضين قائلا:
"الحق معك يا انسه غراهام, الحكمة تقضي باتخاذ الحيطةولكنني اؤكد لك اني صادق في ما اقول, هناك خوسيه فانتوس واحد في العالم وهو انا" فقالت:
"اما لديك وثيقة تثبت هويتك؟ كرخصة قيادة مثلا؟"
فاخرج خوسيه من جيبهجواز سفره ورخصة دولية لقيادة السيارة فالقت عليهما نظرة سريعة لثقتها بان المتمردعلى القانون لا يملك مثل تلك الجرأة والثقة بالنفس, فقالت له :
"شكرا معي هذهالحقيبة فقط, لان بقية حقائبي شحنتها مع حقائب المسافرين على الطائرة". اعاد خوسيهاوراقه الى جيبه وحمل الحقيبة واشار الى روكسان بان تتبعه عبر البهو الى خارجالمطار, وفي الخارج كان الطقس حارا فلاحظ خوسيه انزعاجها فقال لها :
"الطقس الاناقل حرارة منه في منتصف النهار... وستعتادين عليه في وقت قريب "
حاولت روكسانالابتسام وتمنت لو ان بيتر اوفد رجلا اخر للقائها يكون اقل من خوسيه جاذبية وثقةبالنفس. وكانت بانتظراهما سيارة سوداء فخمة, فالقى خوسيه الحقيبة على المقعد الخلفيوفتح الباب لروكسان ثم صعد وجلس الى جانبها وهو يبتسم لها فبدت اسناه بيضاء اكثرمما هي ازاء بشرته وملامحه الفاتحة وقال لها :
" الم تزوري البرازيل منقبل؟"
"كلا"
"ولكنك بدأت تشعرين نبض الحياة في بلادنا" قال هذا وانطلقبالسيارة الى الطريق العام .
اعجبت روكسان رامارات وجهه المعبرة وعاد اليهاالشعور ذاته الذي استولى عليها قبل ان تحط الطائرة, كان هنالك شيء بدائي في تلكالبلاد على الرغم من ناطحات السحاب والعمارات السكنية الفخمة, وتنبهت روكسان الى انخوسيه يخاطبها قائلا:
" كنت تسكنين في لندن على ما اعتقد"
"نعم في الضواحي , هل لم لن تخبرني لماذا لم يات بيتر للقائي, واين نحن ذاهبان الان؟" فابتسمقائلا:
"كنت اعتقد انك نسيت الغاية من زيارتك لهذه البلاد, المنزل حيث ستسكنينهو في تلك الجبال, ولكن الطرق اليها غير امنة ولا سالكة تماما , ولكن ذلك لا يجعلالمنطقة مكانا موحشا لا مدينة فيه, فهي تضم متحف وجامعة...غير ان الوصول اليها امراخر"
"وماذا بعد؟ لا اعتقد ان هذا كل شيء"
"وقع انهيار على حافة الطريق منذمدة... " فصاحت بلهفة
"وهل وقع ضحايا؟"
"كل, ولكن خطيبك انعزل وسدت في وجههالطريق, فاتصل بي"
" وانت هل كنت في ريو؟"
"كلا كنت في نفس المنطقة حيثخطيبك"
"بربك يا سيد فانتوس" كيف امكنك ان تصل الى هنا اذا كان بيتر لم يتمكن منالوصول؟" فاجاب وهو ينعطف بالسيارة بسرعة جعلت روكسان تميل نحوه, حتى كادت تصطدمبمقعده.
"لدي وسيلة اخرى للتنقل... اعني الطائرة المروحية"
ولم تشأ ان تثقلعليه بالاسئلة فاكتفت بالقول :
"وهل نحن ذاهبان الى حيث بيتر الان؟" فاجابهامذكرا:
" الطريق مسدودة "
" ولكن اين طائرتك المروحية؟"
فبدت على وحههملامح السخرية مما بعث الاحمرار في وجهها وخيل اليها انه من الرجال الذين اعتادوامعاشرة النساء, فلم تعرف كيف تعامله وذلك عائد الى شيء لم تستطع تحديده جعله يختلفعن اي شخص عرفته في حياتها. والذي اثارها هو انه كان على وعي تام بجاذبيته, وربمابالتأثير الذي يبعثه فيها. تصلبت في جلستها وقالت له في حزم :
" ماذا تنوي انتفعل بي؟" فقهقه ضاحكا وقال:
"افعل بك؟ هذا كلام لا يجوز ان يصدر منك. ماذاتتصورين اني سأفعل لك؟" حدقت اليه روكسان بذهول ثم قالت له باختصار:
"انت تعلمولا شك ما اعنيه" احنى راسه موافقا وقال:
"نعم, انا اعلم انك متشوقة جدا للقاءخطيبك وهذا من حقك لانه ترك لندن منذ اشهر وفي هذه الاثناء كان من الممكن حدوث ايشيء, وعلى كل حال فالظلام سرعان ما سيخيم ولا اريد ان اجازف بحياتي ان انا حاولتالهبوط بالطائرة المروحية بين تلك الجبال, ويؤسفني ان اخبرك بان عليك ان تقضيالليلة في ريو, حيث حجزت لك في احد الفنادق الفخمة... وغدا يمكنك ان ترتمي في احضانحبيبك!" فرمقته روكسان بنظرة صارمة وهي تقول :
"شكرا لا احتاج منك الى تعليماتوارشادات "
"انا متأكد من ذلك" قال هذا الكلام بسخرية ثم اضاف مقطبالجبين:
"انت لا تثقين بي يا انسة غراهام ... لماذا؟"
"انا لم اقلذلك"
"لا ولكنه واضح في تصرفاتك... ربما تظنين اني اختطفك, فحين تصلين الىالفندق يصبح بامكانك ان تتحدثي الى خطيبك بالتليفون" وعندما سمعت روكسان بكلمةتلفون شعرت بالارتياح فيما ظل خوسيه يرميها بنظراته الساخرة ثم قال :
"انت فتاةجميلة يا انسة غراهام, ولكني اسف ان اخبرك اني عرفت نساء جميلات كثيرات ولم الجأالى اختطافهن لاجعلهن يستسلمن ويرضخن لي". زاد هذا الكلام من احراج روكسان في هذهاللحظة ظهر لها ضواحي المدينة حيث هالها ان تفاجأ بالفقر المدقع الذي دلت عليه بعضالبيوت الشبيهة بالاكواخ ال********************************ة. ادرك خوسيه ما كانتتفكر فيه فقال لها :
"حيث هناك غنى فاحش هناك فقر مدقع ايضا, انت مثل كل الناسيا انسة غراهام تريدين ان تري فقط ما توقعت ان تريه" نظرت اليه قائلة:
"وكيف ترىانت هذا الفقر المدقع يا سيد فانتوس ام انك لا تراه ابدا؟ فقال عابسا:
"نعم اراهيا انسة غراهام " كان في صوته شيء من المرارة لم تلحظه من قبل واضاف :
"ربماتتصورين اني لم اعرف الا هذه الحياة , حياة الترف والرفاهية" ادارت وجهها وقالت " لم افكر في ذلك يا سيد فانتوس "
"اذن كان عليك ان تفكري قبل ان تتكلمي" . كانتمدينة ريو رائعة الجمال تتميز بفرادة البناء المعماري الذي اشتهرت به . كانت تعجبالسياراتو المارة وعلى جانبي الشوارع العامرة بالاشجار كانت المتاحف وناطحاتالسحاب, وكان الفندق الذي توقف امامه خوسيه قائما في احد الشوارع الجانبية الهادئةوكان شامخا فخما بخلاف معظم الفنادق التي تواجه الشاطئ وكان من الداخل حديث الاثاثووسائل اللافاهية. ترك خوسيه سيارته في الموقف ودخل وروكسان الى الفندق ثم ساريتقدمها نحو مكان الاستقبال. ادركت من الحفاوة البالغة التي استقبل بها خوسيه انهيتمتع بتقدير واحترام بالغين وبعد ان تحدث الى المسؤولين هناك عاد وقال لها :
" غرفتك جاهزة احسب انك تعبة وبحاجة الى الراحة والاستحمام قبل تناول طعام العشاءالذي يقدم للزبائن في اي وقت بعد السابعة والنصف, وقبل وصولنا اتصل براون ليستخبرعنك وسيتصل مرة اخرى فيما بعد... هذا كل شيء عندي اعلمك به" وشعرت روكسان بانهاتأبى انتفارقه بعد ان ادى مهمته على اكمل وجه, ولعل ذلك عائد الى شعورها بالوحدة .
وسار خوسيه في اتجاه الباب فبدا لها كالنمر بقامته النحيلة المفتولة العضلات, تحت نبرة شفافة ناعمة الملمس وخيل لروكسان انه قد يكون مؤذيا كشبيهه في عالمالحيوان. التفت اليها قبل ان يفتح البال وقال :
" هل يروقك كل هذا؟"
"بكلتأكيد"
"سآتي اليك في العاشرة صباحا من الغد والان ليلتك سعيدة يا انسةغراهام"
"شكرا يا سيد فانتوس" تناول احد تاخدم حقيبتها التي تركها خوسيه الىجانبها واشار اليها بانكليزية ركيكة بان تتبعه. كانت غرفتها واسعة وفخمة ذات عدةنوافذ تطل على المدينة . وبعد ان استحمت ثم استلقت على فراشها تنعم بهواء المروحةوتحدق الى جهاز الهاتف فلعلها حين تسمع صوت بيتر يفارقها الشعور بالقلق الذي اخذيستولى عليها . استسلمت روكسان للنوم ثم استيقظت على رنين الهاتف حيث كانت الغرفةغارقة في الظلام الا ان انوار الشارع كانت تتسرب من خلال النوافذ . تناولت السماعةوهي تشعر بقشعريرة خفيفة تتسرب اليها نظرت الى ساعة يدها فاذا هي تشير الى الثامنةوالنصف . سمعت صوت بيتر يهتف من الطرف الأخر من الخط قائلا :
الفصل الثاني
"روكسان! اهذا انت شكرا لله اعتذر علىعدم لقائك في المطار هل خبرك خوسيه عن السبب؟"
؟نعم يا بيتر, كم يسرني ان اسمعصوتك بعد هذا الفراق الطويل ... انا بخير... والفندق مريح ورائع"
"يسعدني ذلك هلتناولت طعام العشاء؟"
"كلا .. استلقيت على فراشي فغلبني النعاس ولكني اتضور جوعاالان.. واتطلع شوقا الى لقائك . هل ازالوا الركام عن الطريق؟"
"ازالوه؟ هذا يأخذوقتا طويلا في هذه البلاد هل أنت خائفة من ركوب الطائرة المروحية؟ على العموم لاتخافي فانتوس قائد ماهر"
"كلا لست خائفة ولكن اخبرني يا بيتر من هو فانتوس هذا؟هل له علاقة بالشركة التي تعمل بها؟"
"نعم, والده مؤسس الشركة"
"هو رئيسكاذن؟"
"لا فانتوس لا يهتم كثيرا بشؤون الشركة فهو منشغل بانفاق المال الذي تجنيهالشركة"
ظهر العبوس على وجه روكسان وهي تقول :
"يبدو لي من لهجتك انك لاتحبه"
"لا شيء يجمعني به, اما اني لا احبه فهذا شعور متبادل"
فاضطربت روكسانخصوصا لانها لم تسمع بيتر يتكلم عن احد بمثل هذه المرارة فقالت له:
"ولكن لماذااخترته للقائي؟"
"لان الطائرات المروحية غير متوافرة في هذه البلاد وحين اتصلتبفرع الشركة في ريو كي اخبرهم بانهيار الطريق كلفوا فانتوس للقيامبالمهمة"
"وماذا تعمل الان واين انت؟"
" في شقتي وستعجبك يا عزيزتي فهي شقةواسعة وفي عمارة جديدة, لم اشتر اثاث كله بعد لاني تركت ذلك لك وفي هذه الاثناءستقيمين عند اصدقاء لي كما كتبت لك وقد عينت موعد لزواجنا بعد خمسة اسابيع من اليوموهذا يعطيك متسعا من الوقت لتكيفي نفسك مع الحياة في هذه البلاد ولشراء ما تريدينسراءه للبيت فعندنا هنا حوانيت جيدة, السيدة واغنز وعدت باعارتك الة الخياطة لتجهيزالستائر وما الى ذلك " قالت روكسان:
" لا استطيع ان اصدق انني هنا في البرازيل" ففضحك بيتر وقال :
"هذا شيء طبيعي ولا بد لك من بعض الوقت لاستيعاب التغيير الذيطرأ عليك, على كل حال غدا نلتقي... كم انا في شوق الى رؤيتك ومعانقتك... فانا احبكيا حلوتي" فتمتمت قائلة:
"وانا ايا يغا بيتر"
"ساودعك الان اذهبي وتناوليطعام العشاء ونامي باكرا فلا شك انك متعبة"
"لن انام في الحال بعد ان نمت ثلاثساعات, لذا ساذهب واتناول طعام العشاء, هل ستكون بانتظاري حين تحط الطائرة يابيتر؟"
"بكل تأكيد يا حلوتي والان وداعا"
"وداعا والى اللقاء"
وبعد انوضعت السماعة جلست تحدق بجهاز الهاتف بضع دقائق استغربت كم بدا لها كلام بيترمختلفا عما كان عليه في انكلترا او لعله لم يكن مختلفا في الواقع وانما سماعها لهكان مختلفا, وكانت تفكر انه ما كان عليها ان تفارق بيتر هذه الاشهر الستة, اتكونالمدة احدثت فيها شيئا من التغيير ؟ماذا لو ان رايها فيه اختلف الان عن الرايالذي كونته عنه في ظروف الاسى في انكلترا؟ ولكنها صرفت من ذهنها هذا التفكيى الذياعتبرته سخيفا, لان من احب احدا احبه مهما كانت الظروف .
منتديات ليلاس
نهضت عن السرير وفتحتحقيبتها واخرجت فستانا جديدا اعدته لاول ليلة تقضيها في البرازيل القته على السريروبعد ان تزينت قليلا ارتدته وغادرت الغرفة الى المطعم في الطبقة السفلى كان المطعمفي ذلك الوقت من اليل غير مزدحم كثيرا , فقادها الخادم الى احدى الموائد ولعلهحسبها صديقة حميمة لخوسيه فانتوس , فرحب بها وعاملها بحفاوة بالغة, ثم قال لها بعدان انتهت من طعامها :
"هل اعجبك الطعام يا انسة؟"
"شكرا لك كان الطعام لذيذاجدا"
"يسرني ذلك اتريدين شيئا اخر؟" اجابت بلطف :
"كلا شكرا" وهنا سمعت صوتايقول للخادم :
"هل اعتنيت بخدمتها جيدا كما يجب؟" فالتفتت الى مصدر الصوت فراتخوسيه واقفا ورائ الخادم بقامته النحيلة وبشرته السمراء وهو يرتدي ملابس السهرة. نظر اليه الخادم بابتسامة كلها اعجاب وتقدير وقال:
" اه, يا سيد فانتوس... ماهذه المفاجأة السارة؟؟؟ ارجو ان تتاكد من انني قمت بواجبي نحو الانسة على قدر مااستطيع " تقدم خوسيه الى المائدة وجلس على الكرسي وهو يقول :
" ارى يا الانسةغراهام انك تتجنبي المغامرة... اليس هذا صحيحا؟" فاجابت بحياء
" هذا يتوقف علىنوع المغامرة ".
" على كل حال انت رائعة هذه الليلة يا انسة غراهام, ولا يجوز انتهدري هذا الجمال في مطعم كهذا" شعرت روكسان بالحرج الشديد على الرغم من انها كانتمتاكدة من انه لم يحضر الى الفندق الا ليرى ان كانت تعامل معاملة حسنة فقالت له :
"وماذذا تقترح يا سيد فانتوس؟" ابتسم واجاب قائلا:
"ماذا اقترح؟ اقترح اننذهب الى ناديا ليليا يدعى بيرانا حيث يمكننا ان نرقص ونستمع الى الموسيقى"
"لااظنك جادا في اقتراحك قضاء بقية السهرة معا.اتمنى لك ليلة سعيدة يا سيد فانتوس, والى اللقاء غدا كما تواعدنا... " نهضت على قدميها فنهض خوسيه ايضا وسد طريقها وهويقول:
"لا تعتقدين اني جاد في اقتراحي؟ لماذا؟ هل لانه لا يجوز لي الترفيه عنخطيبة زميل لي في مثل هذه الظروف ؟"
"انت لست في الواقع زميلا لخطيبي..." فقاللها بتهكم لاذع:
"اراك تحدثت مع خطيبك فحذرك مني!"
حاولت روكسان ان تخطو الىالامام وهي تقول :
"كلا ولماذا يحذرني منك؟ ارجو منك ان تدعنيوشاني..."
"مهلا... هل تمانعين في مرافقتي لك ؟"
"لا امانع"
"ولكنك رفضت" فاجابته بحزم :
قد يطيب لك ان تسخر مني يا سيد خوسيه" ولكن اعلم انني لم اعداتحملك فاعذرني ودعني اسير في حال سبيلي " مال خوسيه عن طريقها قائلا:
"اخطاتالتقدير؟؟؟ ظننت انك تشعرين بالوحدة" فنظرت اليه بنفاذ صبر قائلة :
"ولذلك اخذتكالشفقة علي!"
"ليس تماما... انما انا مستعد ان اريك جانبا من النشاط الثقافي فيعاصمة بلادي" خطت روكسان خطوة مترددة الى الامام ثم التفتت اليه قائلة :
"هذالطف منك... وانا كنت اود ان اشاهد قليلا من معالم هذه المدينة و... "
"ومع ذلكتترددين هل انا اخيفك الى هذا الحد ؟ وهل قضاء الوقت معي يثير فيك الاشمئزاز؟" ابتسمت وقالت :
"انت تعلم جيدا انك تسيء فهمي عن قصد" دار خوسيه حول المائدةونظر اليها بامعان ولمس بيده ذراعها قائلا:
"كما قلت يا انسة انت فتاة رائعةالجمال ويسرني جدا ان اصطحبك ال بيرانا" شعرت روكسان بعضلات ذراعها تتصلب تحت لمسةاصابعه وبقشعريرة تسري في مفاصلها هل كان يعي تماما تاثيره فيها؟ لم يكن يبدو عليهذلك ولكن المظاهر قد لا تدل على شيء .ومع كل ما كان عليه من تهذيب الا انه بالنسبةاليها كان مغلفا بالغموض. حاولت ان تبعد عنها هذه الافكار فمن غير المعقول ان تدعهيثير فيها الاضطراب فهل هذا لانها لم تجد نفسها في صحبة رجل منذ ان فارقها بيتر ؟ولماذا لم ترفض رفضا قاطعا وتذهب الى غرفتها ؟ هذا ما كان يجب عليها ان تفعله وماينتظره منها بيتر ثم لماذا تشعر بالحيوية والنشاط بدل ان تشعر بالتعبوالعياء؟الأنها نامت عدة ساعات في مساء النهار؟ قالت له :
"ارى انه يجب علي لنارفض دعوتك... " فانتصب خوسيه في وقفته قائلا :
"هل لانك خائفة مني يا انسةغراهام؟" وكانت بالفعل خائفة الا انها رفضت ان تقر له بذلك فقالت:
"هذا كلامهراء يا سيد خوسيه..."
"اذن تعالي معي وبرهني لي انك لست خائفة"
سآتي يا سيدخوسيه... سآتيما دمت مصرا كل هذا الاصرار " شد باصابعه على ذراعها وقادها عبر غرفةالطعام التي تخلو من الزبائن وقال لها :
"انا معجب بشجاعتك يا انستي ..."نزعت ذراعها من قبضته وهي تقول :
"الانسان لا يحتاج الى شجاعة يا سيد خوسيه بل الىثبات وعزم ..." فاكتفى خوسيه بالابتسام ولم يتفوه بكلمة.
كانت ريو مدينة ساحرةفي الليل تشع منها ملايين المصابيح الكهربائية والانغام الموسيقية المنبعثة منالملاهي كانت تعلو على ضجيج السيارات . كان النادي يتالف من بضع الغرف احواض ماءتعج بانواع السمك وكان هناك نوع من السمك يحمل اسم بيرانا في حوض كبير في وسطالنادي, شعرت روكسان بالقشعريرة عندما شاهدته حين قال لها خوسيه:
"في وسع هذاالنوع من السمك ان يلتهم الانسان في لحظة فلا يبقى له اثر... " فقالتروكسان:
"هو لبليس السمك اذن..." احاطها خوسيهبذراعه وقال لها :
"دعينا نشربكاسا اولا ..."
"اكتفي بعصير البرتقال ارجوك, ولا شيء اخر" على ان خوسيه لميستجب لرايها فطلب لها شرابا اخر ولما راته سالته في حيرة :
"ما هذا؟"
"هذامزيج خاص بي" ولما ذاقته روكسان وجدته لذيذا وله نكهة الليمون الحامض مع شيء اخر, وفي غرفة الرقص كانت الجوقة الراقصة تتابع رقصاتها في وسط الغرفة وكان يتخللالمشاهد انواع مختفة من الالعاب السحرية الاخاذة, جلست روكسان تتمتع بهذا كله . وشعرت بان خوسيه يرمقها بنظراته الغريبة من حين الى اخر, وقالت له :
"هل هذاضروري؟"
"ماذا تعنين؟"
"اعني ان تحدق الي هكذا"
"ولم لا؟ اين تريدين انانظر؟الى الرقص,ام الناس ام الى السقف والجدران؟ فكل هذا اعرفه جيدا انت الشيءالوحيد الجديد هنا, لذا احب ان احدق اليك..."حارت بماذا تجيبه لذا قالت له :
"دعنا نذهب الى حلبة الرقص..." صدحت الانغام الراقصة وهو يمسك بيدها ويقودهاوسط الموائد الى الحلبة فقالت له:
"لا اريد... اعني..."
"لا تريدين ماذا؟"هزتكتفها وهي ترزح تحت وطأة نظراته اليها قائلة:
"لم ارقص من قبل على هذه الموسيقىالصاخبة... فانا امراة عادية" ضحك ضحكة خافتة وقال :
" من قال لك هذا يا انسةغراهام؟" وبدا بالرقص ببطء فوجدت روكسان انه من السهل مماشاة خطواته. تساءلت ماذالو شاهدها بيتر تراقص هذا الرجل؟ ثم صرفت هذه الفكرة من راسها حين تذكرت بان السهرةستنقضي بعد قليل فتعود الى غرفتها بانتظار اليوم التالي الذي سيجمعها مع بيتر . وهكذا يختفي خوسيه من حياتها ويغمره النسيان... نظرت اليه وهي تراقصه فرات خصلة منشعرها تلامس خده ونظر اليها هو بدوره نظرات حادة نفذت الو اعماقها فيما اقترب منهااكثر, فاخذت ترتعش من شدة خفقان قلبها وعزمت على ان لا تدعه يتجاوز هذا الحد فيتصرفه معها .
انتهت الرقصة وفيما هما يغادران حلبة الرقص اوقفهما هتاف امراةكانت تغادر هي الاخرى حلبة الرقص مع رفيقها, كانت امراة هيفاء القوام فاحمة الشعررائعة الجمال لم تر روكسان امراة في مثل حسنها وسحرها من قبل . تقدمت المراة الىخوسيه وقبلته بحرارة وهي تقول :
"خوسيه! لم اعلم انك في ريو... لماذا لم تخبرني؟ لقدت عدت من اوروبا منذ اسبوعين وانا الان وحيدة تعيسة لانك لم تات الي..." نظرخوسيه الى روكسان من فوق راس المراة فلاحظ ارتباكها وقال للمرأة بلهجة جافة وهويبعدها عنه
التعديل الأخير تم بواسطة **أميرة الحب** ; 22-10-08 الساعة 11:46 PM
|