كاتب الموضوع :
redroses309
المنتدى :
روايات احلام المكتوبة
الفصل الثاني
السجان الجديد
عندما استعادت كولين وعيها كانت في نفس الغرفة التي فقدت الوعي فيها .و لكن الذراعان القويتان لم تعودا تحيطان بها.
و تساءلت إذا كانت قد تخيلت ما حدث ، و وجدت جوليانو انريكو واقفا بقربها . ربما لم يكن هو ، بل شخصا آخرا هو الذي وضعها على أريكة ، و ليس على الأرض.
منتديات ليلاس
و تملكها التعب ، و رغبت في إغماض عينيها ثانية . ثم تذكرت الأشياء الفظيعة التي قالها لها هذا الرجل الأطول من المكسيكين العاديين ،
و جاهدت كي تجلس ، محاولة الاحتفاظ بأكثر مايمكن من كرامتها .
و سمعته يقول:
-هل تشعرين بشكل أفضل سنيوريتا؟
و تذكرت بأنه اتهمها بأنها أتت إلى المكسيك لترى ما تستطيع أن تلتقطه هنا من ثروة !
-أنا بخير تماما.
و أدركت ، من دون أي شك ، بأنه لم يصدق بأنها غابت عن الوعي . و حمدت الله على كبريائها الذي استطاع دفعها إلى الوقوف،
دون أن يبدو عليها ما يشير إلى مدى ارتجاف ساقيها .
و كان الرجل الذي بدأت تكرهه أكثر من أي شيء آخر في الدنيا . واقفا ايضا .
و لكن تجاهلت يده الممدودة بقصد مساعدتها:
-أعتذر لإغمائي هكذا ... فهذا أمر لايحدث لي عادة .. لقد مضى وقت طويل لم أنم فيه.
-اسمحي لي إذا ياسنيوريتا ، أن أعوضك عن هذا .
و نظرت إليه، و أخذ عقلها يفكر بوضوح أكثر ، الوضع الذي هي فيه لا تحسد عليه . فليس لديها أية فكرة عن مكان وجود شقيقها،
و لا أحد آخر قد يعرف . و ليس لديها مال كثير ، و لن يوصلها هذا إلى أي مكان.
-هل تقترح علي أن أنام هنا ؟
-هذا صعب . فعائلتي قد عانت ما يكفي على يد عائلتك . و لا يمكن التفكير بأن تستيقظ إيزابيلا صبيحة اليوم الذي كان يفترض أن يكون يوم زفافها لتجد شقيقة من خانها تنام تحت سقف واحد معها.
-رايان لا يفعل ...
و قاطعها بثبات :
-سآخذك إلى فندق ..و سنخرج الآن .
إذا فهو لايريدها في المنزل و لا دقيقة بعد. بإمكانها أن تتفهم هذا.
فلا بد أن إيزابيلا بحاجة لعناية طبية لتهدئتها . و مع ذلك فلم تستطع تصديق أن رايان قد فعل هذا.
-هل أنت جاهزة للذهاب ؟
و دون أن ترد التقطت حقيبة الكتف التي أدخلتها معها ، و تحركت نحو الباب حيث كان جوليانو إنريكو ينتظرها، و رافقها عبر التراس و التقط حقائبها ثم إتجه معها إلى سيارة واقفة خارج المنزل ،
فجلست فيها آملة أن يختار فندقا صغيرا رخيصا.
و غاص قلبها عندما لاحظت أنه أوقف السيارة أمام فندق كبير فخم و حديث، فهذا سيكلفها الكثير ، و هي تعرف هذا .
و قالت له ، راجية أن يظن بأنها تفضل الفنادق الصغيرة و لاشيء أكثر .
-أفضل فندقا أصغر من هذا .
-ما تفضلينه ليس مهما الآن ، فالوقت متأخر و لا أنوي قضاء الليل في البحث عن مكان يلائم ذوقك.
و نزل من السيارة و فتح لها الباب ، ثم حمل حقيبة في كل يد ، و وقف على الرصيف ، و من الواضح أنه كان يتوقع أن لا تناقشه ،
و لكنها لم تتحرك خطوة . و أحست بكراهية له أكثر ، ليس فقط لأنه قال لها بأنها أتت إلى هنا بحثا عن الثروة ، بل أيضا لأنها ستضطر أن تخبره عن و ضعها المالي . و واجهته قائلة:
-ما معي من مال لا يتناسب مع هذا النوع من الفنادق .
-أتعنين أنك هنا دون مال ؟
و لم تعجبها رنة الرضى في صوته التي تثبت ريبته فيها . و دون أن تنظر إليه ، دفعها كبرياؤها ثانية وسارت متجهة إلى مدخل الفندق .
إقامتها هنا سوف تدمرها ماليا ، و هي تعرف هذا ، و لكنها لن تفكر بهذا قبل أن تحصل على بعض النوم.
و وقفت جانبا ، بينما كان يتحدث مع موظف الاستقبال ، ثم شاهدت صبيا يحمل حقائبها و يأخذ المفتاح ، و نظرت بثبات إلى جوليانو إنريكو غاتورادي دون أن تفوتها ملاحظة التوقد في عينيه،
ثم استدارت لتلحق بالصبي نحو المصعد .
***
كانت الشمس تشع عبر النافذة عندما استيقظت . و نظرت إلى ساعتها .. لقد كانت تظن أنها ستنام لشدة تعبها عدة أيام ، و مع ذلك فالساعة تشير إلى الثامنة إلا عشر دقائق.
و تذكرت الإرهاق الذي هاجمها بعد خروج الصبي من غرفتها ، و لم يدهشها أبدا أن النوم غلبها فور أن وضعت رأسها على الوسادة .
و داهمتها نوبة سعال مفاجئة ، حتى دمعت عيناها ، إنها هنا و الشمس مشرقة الآن ، فلماذا لايتوقف سعالها ؟
على كل الأحوال ليس لديها وقت الآن للاستغراق في هذه الأفكار ، فهناك أفكار أخرى تتجمع في رأسها .
كانت خارجة من الحمام ، ترتدي ثوبا قطنيا قديما ، عندما شاهدت مذكرة الفندق تقول إن الغرف يجب أن تخلى قبل الساعة الثانية .
و هذا يعني أن أمامها وقت حتى الثانية لتقرر ماذا ستفعل .
في البداية ، سوف تذهب لتقابل مالك شقة شقيقها الذي قابلته ليلة أمس ، فلابد أن شقيقها ، إذا كان هرب مع إمرأة أخرى ،
حتى و لو لم تصدق هذا ، قد ترك دليلا على مكان وجوده ؟
و وجدت حرارة الشمس مقبولة في البداية ، و لكن بعد عشر دقائق على من السير ، أدركت أن من المستحيل السير بشكل متواصل ،
و أحست بالراحة بعدما جلست خمس دقائق على مقعد في إحدى الساحات العديدة للمدينة.
و بعد نصف ساعة من السير ، قضتها بالسؤال بواسطة الإشارات و كتاب تعليم الأسبانية ، و الرسالة التي تحتوي على عنوان رايان ، تمكنت من الوصول أخيرا إلى حيث تقصد.
و كان عليها أن تعترف بالهزيمة بعد أن رنت جرس الباب ، ثم ضربت على الباب بقوة دون أن تتلقى أي رد .
و خرجت من المبنى ، دون أن تعلم أين ستذهب ، عليها أن تعود فيما بعد ، و لكن المشكلة الجديدة كانت تغزو كل تفكيرها ... إذا وجدت عنوان شقيقها فمن السهل أن تصل إليه .. أين ستقضي هذه الليلة؟
كانت تشعر بالحرارة ، و الإنزعاج ، و لكن خوف ، و وجدت نفسها في شارع ماديرو .. و اغتنمت الفرصة لتهرب من الشمس ، فدخلت إلى أحد محلات بيع الكتب .
و لم تكن تنوي شراء شيء ، و لكن المكان هنا أبرد و امضت عدة دقائق في تفحص بطاقات البريد و تفكيرها مشغول فيما ستفعله الآن ؟
و خرجت من المحل ، و اتجهت إلى حديقة عامة فيها نافورة ماء تتدفق ، يقصدها العديد من الناس الهاربين من حرارة الشمس للاسترخاء على المقاعد الخشبية الموضوعة هناك.
و لكنها لم تستطع الأستقرار ، فوقفت ثانية ، و أخذت تتمشى على مهل .
كواريتارو ، كما علمت ، بلدة ذات أهمية تاريخية . فهنا أُعدم الإمبراطور ماكسيميليان ، و هنا عاشت جوزفين اورتيزدو دومينغيز بطلة الاستقلال ، و إلى هنا أُعيدت بقاياها بعد موتها .
و تمنت و هي تمر قرب التمثال المقام لها في الساحة لو أنها تملك جزءا يسيرا من شجاعتها .
و بلغت الساعة الثانية عشر ، و هي ماتزال تسير على مهل و على غير هدى .
و وصلت إلى كنيسة "سانتاروزا" و دخلتها لتخرج بعد قليل و هي تشعر بالهدوء أكثر ، مع أنها ظلت قلقة ، و سارت نحو الحديقة المقابلة لتجلس هناك ، و تذكرت أن عليها العودة إلى الفندق قبل قبل الثانية ،
و لكنها لم تكن متلهفة لأن تحمل حقيبتين و تسير في الشوارع ، و خطرت في بالها فكرة البحث عن عمل يقيم بأودها حتى تستطيع أن تجمع ما يكفي لثمن بطاقة العودة .
و لكنها لاتدري أي نوع من التراخيص هي بحاجة إليه للعمل في المكسيك ، وما هو نوع هذا العمل ؟
فكل ماكانت تجيده هو إدارة المنزل ، و أي إمرأة بإمكانها أن تفعل هذا .
و لم تكن أذنيها مستعدتان ، و هي مستغرقة بالتفكير ، أن تسمعا الصوت الذي ظنت بأنها لن تسمعه ثانية .
-أين كنت طوال هذا الوقت ؟
و أجفلت لرؤية جوليانو انريكو يقف أمامها ، فتراجعت بخوف.
و بقيت جامدة ، و العبوس على وجهها . و قالت له ببرود :
-معرفتك التامة باللغة الإنكليزية تدهشني . أنا أعرف أين كنت ، لقد ذهبت لأقابل صاحب منزل شقيقي .
-و لماذا ؟
و كانت على وشك أن تطلب منه أن يهتم بشؤونه عندما تقدم ليشاركها الجلوس على المقعد الخشبي المدهون باللون الأبيض .
فقالت قلقة:
-لقد ذهبت لأسأل عن عنوانه الجديد .
-كان بإمكاني توفير المشقة عليك .
و ادارت رأسها بقوة :
-أتعلم أين هو ؟ صاحب الملك لم يكن موجودا ، و فكرت أن أعود لاحقا عندما يعود من عمله .
-لا .. لا أعرف مكانه ، و كم كنت أود لو أعرف . و لا يعرف صاحب الملك أين هو كذلك .
و وقفت ، و لكنها لم تخطو سوى خطوتين ، عندما أمسك بذراعها ليوقفها :
-و أين تظنين نفسك ذاهبة الآن ؟
و حاولت أن تتخلص من القبضة الحديدية التي أمسكت بذراعها ، و لكنها لم تنجح ، و أوشكت على البكاء ،
و لكنها منعت نفسها بجهد حتى لا تمنحه فرصة الرضى ثانية لمشاهدتها و هي تبكي .
-أنا ذاهبة إلى الفندق لآخذ حقائبي و أسدد حسابي .
و وجدت نفسها مجبرة على العودة إلى مقعدها ، هذا إذا كانت تريد أن تتجنب صراعا معه أمام أنظار الناس .
-فاتورة الفندق مدفوعة .
-و هل دفعتها أنت ؟قل لي من فضلك كم دفعت ...
-لا تكوني سخيفة!
و لاحظت أنه قد غضب لأنها تحاول أمام الناس أن تدفع له مالا.
-أنا لست سخيفة.. و لكن إذا كنت تظن أن كرامتك كرجل جرحت بسبب ...
و أسكتتها النظرة على وجهه .. فقد بدا مستعدا لضربها !
و لاحظت ضغطه على فكيه ، ثم أدركت أنها كانت مخطئة بما ظنته حول كرامته . فقد أخبرها , دون اكتراث برأي أحد به ، كم كلفت الإقامة لليلة واحدة في الفندق ، و حاولت أن لا تقفز من مكانها عجبا لضخامة المبلغ، بينما مد يده إليها كي تدفع له ،
و راقبها بعينين حادتين و هي تفرغ ما في حقيبة يدها ، و عندما رأى ما تملك قال :
-أقبل أن تدفعي شيكات سياحية إذا كان هذا كل ما تملكينه من مال نقدي.
مال نقدي !.. هذه القطع النقدية هي كل ثروتها . فتمتمت:
-لا أملك شيكات سياحية .
-و هل هذه النقود في يدك كل ما تملكين؟
-إنها تكفي لتغطية فاتورة الفندق .
و شعرت بالغضب لأنه لم يحاول أن يأخذ المال الذي كانت تقدمه له، و فهمت أن السبب الوحيد لمطالبته لها بالمال هو أن يعرف ما بحوزتها من نقود .
و تمنت لو إنها لم تقل له إنها لا تملك شيكات سياحية ، و بدت غبية و هي جالسة هكذا تمد له يدها بالمال ، و هو يتجاهله . ثم سألها:
-إلى متى كنت تنوين البقاء هنا ؟
-لقد كنت أتوقع أن أقابل شقيقي.
-و هل كنت تتوقعين أن يدفع لك مصاريف إقامتك ؟
-أنا.. لقد.. دعاني لحظور . و قال ...
أوه ... لما هي مهتمة هكذا ! و عاودها كبرياؤها ، فقالت :
-أستطيع العودة إلى بلدي بسهولة .
-و هل حجزت لطائرة العودة ؟
كان سؤاله حادا.. بشكل دفع كولين ، التي لم تكن معتادة على الكذب ، أن ترد قبل أن تفكر :
-لا...
-و لكن معك تذكرة العودة ؟
احمرار وجهها الفجائي أجاب عنها ، و علمت أنه عرف الرد .
-أستطيع أن أجد وظيفة .. عمل.. أنا..
-و هل كنت تتوقعين أن يدفع لك شقيقك ثمن تذكرة العودة ؟
-من ماله الخاص و ليس من مال إيز... خطيبته السابقة.
-يبدو لي ،سنيوريتا شادو، أنك في مأزق.
-أنت ذكي حتى تستطيع استنتاج هذا !
-لا أعتقد أن من الحكمة أن تتكلمي معي بهذه اللهجة سنيوريتا .
-و ما السبب ؟
-السبب ، يا كولين شادو ، هو أنني أستطيع أن أضمن لك أن لا يوظفك أحد هنا، و في نفس الوقت هناك فرصة بأن أفكر أنا بتوظيفك.
و أجفلت ، و نظرت إليه لترى إذا كان جادا ، و أحست بكراهيتها لنفسها ، فهذا الرجل هو آخر شخص قد تفكر بالعمل له ، و مع ذلك فهي فعلا في مأزق و تحتاج إلى المال ,
فعليها إذن أن تتنازل عن كبريائها لتفهم منه المزيد :
-و ما نوع هذا العمل ؟
-مانوع العمل الذي كنت تمارسينه في إنكلترا؟
تدبير المنزل ، عمل إعتادته بشكل طبيعي ، إذ لم يكن لديها خيار آخر .
فمامن مدبرة منزل استخدمها والدها في السنوات الأولى بعد وفاة والدتها استطاعت أن تتعايش مع طريقة حياته لمدة طويلة .
و هكذا اضطرت لممارسة هذا العمل بشكل طبيعي .
-لم أكن أعمل ..
-و هل كنت تفضلين العيش بكسل ؟ و مانوع العمل الذي تفكرين به لكسب المال لأجل تذكرة عودتك إلى إنكلترا ؟
-مدبرة منزل .. في الفندق.. أي شيء. فالمركز ليس مهما.
و ساد صمت ، بدا خلاله مستغرقا في التفكير . ثم و كأنه اتخذ قراره ، قال و هو يلقي الأوامر عليها ، بطريقة متعالية:
-ارجعي مالك إلى جيبك , ستحتاجين إليه و إلى الكثير غيره، سنتناول الغداء أولا.. ثم سأصحبك معي إلى "دورانغو".
-دورانغو ؟
-حيث أعيش .. لقد قلت لك هذا من قبل . لقد قلت إنك راغبة في العمل كمدبرة منزل ، و لدي العمل المناسب .
-العمل المنزلي ؟
شعرت بالاشمئزاز منه ، و لكنها كانت مستعدة للتمسك بأي شي مع أن قليلا من الحذر منعها من الذهاب معه دون أن تعرف المزيد.
-و هل كنت تأملين بعمل أقل حقارة من هذا ربما ؟
و هكذا لم يتخلى عن سخريته لوقت طويل ، و إذا كان كبرياؤها قد أزعجه ، فها هو يستعيد كبرياءه و هو ينظر إليها من طرف أنفه و يقول :
-ربما فكرت بأن عملك في الفندق ، قد يتيح لك مقابلة شخص ثري كما فكر شقيقك أن يفعل ؟ هل تخشين أن لا تكسبي في النهاية أكثر من أجرة سفرك عائدة إلى بلادك ؟
و ردت بحدة و برود:
-أنا لا أخشى العمل الشاق . و كل ما أطلبه أن أعرف المزيد من المعلومات عن العمل الذي سأقوم به . فأنا لا أعرف عنك الكثير سنيور .و أظن أنك توافق معي أن من الطبيعي أن أرغب في...
-أتظنين أنني سآخذك إلى منزلي.. لتنفيذ هدف آخر معك ؟ اسمحي لي أن أقول لك بالنسبة لذوقي في النساء ، أحبهن مع لحم أكثر على أجسادهن.
و كانت مضطرة لتجاهل إهانته حول جسدها النحيل ، حتى و لو كانت تظن أن جسدها ليس سيئا لهذه الدرجة ، و قالت له:
-لم يتبادر إلى ذهني للحظة أن أفكارك ستتجه هذا الإتجاه ، و إذا كنت قد قلت شيئا , فلأنني أريد أن أفهم لماذا تريدني مدبرة لمنزلك ، بينما نحن لا نحب بعضنا كما هو واضح . و لكن ما يهمني أكثر هو.. هل ستوافق زوجتك على أن..
-ليس لدي زوجة .
تصريحه الفظ جعلها تنظر إلى عينيه الزرقاوين غير العاديتين. و من نظرته ، بدا سعيدا لأنه أعزب .
-و هل سأعيش معك في المنزل ؟
و تمنت من كل قلبها أن لا يقول نعم ، و أن لاتكون مضطرة للسكن معه لوحدهما. فهو يكرهها لما فعله رايان لعائلته ، و يكرهها لاقتناعه أنها أتت إلى المكسيك لترى ما إذا استطاعت الحصول على شيء ،
و تعلم بأنهما سيتشاجران كلما فكر بالموضوع ، و لأنها امتلكت حريتها حديثا ، فليست مستعدة أن تنتقل من ظلم والدها و استبداده ، إلى تحت حكم هذا المستبد الجديد ، و قال لها :
-ستعيشين معي تحت سقف واحد ، و لكن سيكون معك من يرافقك، إن كان هذا ما يقلقك ، فمدبرة منزلي تعيش هناك مع زوجها.. و طالما لن أنسى أن الأرنب السمين أفضل من النحيل..
يمكنك أن تنامي و انت مرتاحة ، سنيوريتا . و ستكون تينا ، و زوجها امادو منزعجين كثيرا إذا حدث شيء شرير في المنزل.
المزيد من الإهانات! و المزيد من التأكيدات بأنها آخر إمرأة في الدنيا قد يفكر بها . إنها تعرف القليل عن الرجال،
و لكنها ليست غبية كي لا تميز نظرة الإعجاب عندما تراها . و لكن ما يزعجها أن جوليانو يحاول تدمير ثقتها بنفسها. و لن تقول له إن كبرياؤها نابع من خجلها الطبيعي ،
و أنها لأكثر من مرة أرادت أن تكون ودودة مع الناس ، و أن عفويتها تنبع من تحفظها . و أنها فقط هنا في المكسيك و في الباص الذي أتى بها إلى هنا،
بدأت تخرج من عزلتها ، و بقي صامتا ليترك لها مجالا للتفكير ، ثم قالت :
-و هل أفهم من هذا أن علي أن أقوم بالأعمال الصعبة في منزلك؟
-ستعملين هناك و تنامين هناك.. أجل.
و ابتسم ، فأشاحت بنظرها بعيدا، فهناك معنى عميق في هذه الابتسامة الساخرة . إن ما من أحد يمكنه أن يزعجه و ينجو بفعلته ،
و إنه ستكون له الكلمة الأخيرة في الدين الذي على أخيها لعائلته، فهو يظنها سيدة كسولة لا تعرف طرف الفرشاة من قبضتها ،
و سيكون مسرورا جدا لرؤيتها جاثية على ركبتيها تنظف الأرض..
و قال لها:
-العمل الذي عندي لك ياكولين شادو ، هو تنظيف كامل للمنزل الذي سيسكنه المراقب الجديد الذي أتوقع قدومه بعد وقت قصير .
و ابتسمت له كولين ، فالعمل المنزلي و هي صديقان منذ زمن بعيد .
-و لكنني لا أتوقع أن يأخذ هذا مني وقتا طويلا ، و أنا لن أستطيع الحصول على أجرة سفري منك لقاء عمل أقل من أسبوع .
و جاء دوره في الابتسام، و تلاشت ابتسامتها أمامه :
-إذا حدث و أنتهى هذا العمل و كنت راضيا عنه ، قبل أن تكسبي مايكفيك ، فما من شك بأنني سأوفر لك عملا مماثلا .
و تكونت لدى كولين فكرة بأنها سوف تتجول في كل بناء مقام على أرض مزرعته ، قبل أن تقلع طائرتها في النهاية إلى إنكلترا و هي التي كانت تظن بأن والدها مستبد...!
***************
يتبع...
|