لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > روايات احلام > روايات احلام > روايات احلام المكتوبة
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

روايات احلام المكتوبة روايات احلام المكتوبة


إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack (1) أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 26-10-08, 07:20 PM   المشاركة رقم: 56
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Feb 2008
العضوية: 64394
المشاركات: 246
الجنس أنثى
معدل التقييم: redroses309 عضو على طريق الابداعredroses309 عضو على طريق الابداعredroses309 عضو على طريق الابداع
نقاط التقييم: 217

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
redroses309 غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : redroses309 المنتدى : روايات احلام المكتوبة
افتراضي

 

أهلين فيكم دلوعة فلسطين ، ناعمة ، فيفي وبس ، موني الأردن
اليوم بنزل باقي الرواية يعني شديت الهمة و خلصت الرواية
و أتمنى تستمتعوا بقراءتها
و إنشاء الله نلتقي في رواية جديدة .

 
 

 

عرض البوم صور redroses309   رد مع اقتباس
قديم 26-10-08, 07:21 PM   المشاركة رقم: 57
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Feb 2008
العضوية: 64394
المشاركات: 246
الجنس أنثى
معدل التقييم: redroses309 عضو على طريق الابداعredroses309 عضو على طريق الابداعredroses309 عضو على طريق الابداع
نقاط التقييم: 217

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
redroses309 غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : redroses309 المنتدى : روايات احلام المكتوبة
افتراضي

 



الفصل التاسع
حرة ، ولكن...


و غادرته روحه المرحة و بدا أنها لن تعود عندما انضمت إليه لتناول عشاء باكر قبل ذهابهما إلى الحفلة الراقصة ، و أوشكت أن تقول له أن ينسى أمر الحفلة . و لكنها علمت أن الحصول على التذاكر لم يكن سهلا ، فآثرت الصمت .
و مع ذلك فقد ظل لطيفا معها كما كان دائما ، و لكن كان ينقص تلك اللمسات ، وتلك اليد التي تقودها ، و هما يتجهان لدخول "قصر الفنون" . و كانت واثقة في قرارة نفسها أنه سئم من اصطحابها إلى أماكن لا بد أنه زارها العديد من المرات . و صممت على أنها في الغد ، عندما يلتقيها في المستشفى ، سوف تدعي صداعا و تعود إلى غرفتها .
روحها المعنوية كانت منخفضة لدرجة أنها ظنت أن من المستحيل أن تتمتع بالحفلة التي كانت على وشك أن تبدأ ، و لكن ما إن بدأت أول رقصة ، التي تصف بدء العالم ، الازتيكي ، و تبعتها رقصات أكثر بهجة و ألوانا ، ثم المغني و الممثلين ، ثم رقصة القبعات المكسيكية الشهيرة ، حتى غمرتها السعادة و نسيت أفكارها .
و بدت بهجتها واضحة على وجهها ، و هما يغادران مقعديهما ، و غير قادرة على شكر جوليانو بما يكفي ، و قالت له و عيناها تعكسان مدى سعادتها إنها لم تكن تعتقد أن الحفلة ستكون جميلة جدا هكذا .
و ظنت أنه سيبتسم ، و لكنه عاد إلى عبوسه .فهي كالبلهاء خرجت لتقف تحت المطر.. فلماذا فعلت هذا ؟ ألم يكن الأفضل لها أن تبقي هذه الرغبات العفوية مدفونة فيها ؟ فلو لم تخرج تحت المطر لما شعر بالرغبة في معاملتها كطفلة ، و هذا أمر أزعجها أكثر ، لأنها كانت تريد أن ينظر إليها كامرأة ، و لا تريده أن يعاملها مثل... مثل شقيقة صغيرة له .
منتديات ليلاس
عندما بلغا جناحهما ، أخبرتها نظرة إلى وجهه أن أفضل خدمة قد تؤديها له هي أن تتمنى له ليلة سعيدة و تذهب إلى فراشها ، و لكنه أوقفها بالطريقة التي دائما يدهشها بها من قبل أن تتمكن من إلقاء تحية المساء عليه .
-هل ترغبين في شيء.. تأكلينه أو شراب من أي نوع ؟
-لا شكرا لك .
كانت تشعر أنها على وشك البكاء ، و أرادت أن تكون لوحدها ، و تقدمت خطوة نحو الباب ، و مرة أخرى لم تتح لها فرصة قول "تصبح على خير" إذ قال :
-هل.. صحة أخيك تتحسن ؟
و كأنما خرج منه السؤال رغما عن إرادته . و عاد الكبرياء إلى نفسها ثانية ، كلما أسرعت في إراحته من واجب العناية بها كان أفضل . و نطقت باسم أخيها متعمدة :
-رايان ؟ إنه يتحسن بشكل غير عادي . و لن يطول به الأمر حتى يصبح قادرا على مغادرة المستشفى .
-أنا مسرور لسماع هذا... فلن يكون عندك أي اعتراض إذا ، إذا عدنا إلى ديارنا مساء الغد ؟
الديار.. أرادت أن تبكي عندما سمعت هذه الكلمة ، و لكن كبرياؤها منعها . هي ترغب في العودة إلى الديار معه ، إلى دورانغو ، و لكن بالطريقة التي قالها علمت أنه سيسر كثيرا إذا استطاع أن يتخلص منها . فقالت و هي تعض شفتها :
-أنا... أظن أن رايان يستطيع العناية بي الآن .
يا إلّهي.. يجب أن يكون جوليانو سعيد بهذا القول ، و لكن بدلا عن ذلك قطب جبينه و بدا و كأنه الرعد الأسود . و تابعت كلامها :
-لن أعود...
و كان هذا كل ما استطاعت قوله ، إذ تقدم منها بخطوة واحدة ، و أمسك يدها اليسرى ، و رفعها أمام عينيها :
-و هل نسيت هذا ؟ أنسيت أنك تضعين خاتمي ؟
-لا.. لا . و لكنك كنت.. كنت.. حسنا.. لقد ظننت ، بما أنك ضجرت من.. هذا الوضع.. فقد تكون هذه اللحظة المناسبة لفسخ...
-سأعلمك عندما يصبح الوقت ملائما لفسخ الخطوبة.. فقد اتفقنا على أن تكون الخطبة لثلاثة أشهر ، أتذكرين هذا ؟
و ادركت كولين أنها مهما حاولت التمسك بكبريائها ، فلن تستطيع المزايدة عليه في هذا المجال .
و قال و هو يصر على أسنانه :
-عندما أعود غدا إلى دورانغو ستأتين معي.. مفهوم ؟
لقد حاولت ، بالرغم من معارضة قلبها ، فقد حاولت ، و تذكرت الأيام الماضية التي ظلت فيها معه ، و هذه النزهات التي رافقته فيها ، بينما كان يستطيع بكل سهولة أن يتركها لوحدها ، فأحست بلين مشاعرها ، و أحست أيضا أنها ستبقى دائما مدينة له.. فقالت بهدوء :
-لقد فهمت .
و تخلى عن عبوسه ، و تقبل موافقتها بابتسامة . و فوجئت كولين نفسها بتصرفها العفوي .
فدون أن تدري تماما ماذا تفعل ، تقدمت منه و طبعت قبلة على خده .
و ارتفعت يداه إلى ذراعيها ، و ظنت أنه سيجذبها إلى ما بين ذراعيه ، و لكن الحركة التالية التي قام بها ، كانت أن دفعها عنه و قال بصوت أجش :
-لماذا فعلت هذا ؟
-لأنني شاكرة لك.. لكل ما فعلته لأجلي.. و للوقت الذي قضيته معي خارج مزرعتك...
-عندما أريد عرفانك بالجميل ، سأطلبه!
ثم أضاف ساخرا و هو يدخل غرفة نومه :
-و هل غاب عن بالك أنني كنت أعمل منذ وصلنا إلى هنا ؟
و هكذا ، و بوضوح ، أخبرها عن السبب الرئيسي لقدومه إلى مدينة المكسيك و أن هذا لم يكن بسببها . و قد أزعجه شكرها له. ربما يضايقه جدا أن يساعد فردا من عائلة شادو .
كانت متأكدة أن وقتا طويلا سيمضي قبل أن تستطيع النوم .
فارتدت ثياب نومها و وضعت كل شيء آخر في الحقيبة ما عدا ما سترتديه غدا .
ليس أمامها خيار سوى أن تعود معه إلى دورانغو ، و الطريقة اللطيفة التي عاملها بها قد انتهت الآن ، و تأملت أن يمضي ما تبقى من الشهرين بسلام .
في الصباح التالي ، كانت ثقتها بنفسها أكبر ، و عاد إليها تحفظها بقوته الكاملة ، و عندما أنضمت إليه في غرفة الجلوس . و كانت قد سمعت و صول الإفطار قبل دقيقتين . و لكنها فقدت شهيتها عندما حياها تحية الصباح بطريقة جافة .
و أعطاها هذا فكرة عما ستكون عليه الأمور من الآن و صاعدا ، و هي تصب فنجان قهوتها ، و قال لها :
-أمامي يوم مليء بالعمل . و قد لا أعود إلا قبل موعد سفرنا بوقت قصير .
و ماكان يريد أن يقوله في الواقع ، أنها إذا كانت تتوقع أن يصطحبها في نزهة بعد زيارة شقيقها ، فالأفضل أن تنسى الأمر .
و لكنها بدأت تحس بالصداع على كل الأحوال ، لذا فلا لزوم لأن يزعج نفسه . و دون أن ترد عليه حاولت صب فنجان آخر من القهوة له.. فأوقفها قائلا :
-لا تزعجي نفسك ، فلدي موعد بعد خمسة عشر دقيقة.. و حضري نفسك لتكون جاهزة عند السابعة .
-حسن جدا .
و فكرت أن تعرض عليه حزم حقيبته . و لكنها لم تفعل ، فاليوم لا يبدو أنهما أصدقاء.. هذا إذا كانا قد أصبحا أصدقاء أبدا..
و قبل أن يخرج ، مد يده إلى محفظته ، ثم أعطاها ببرود بعض المال . فقالت بحدة :
-لا أريد مالك!
-ستحتاجينه للتاكسي ذهابا و إيابا من المستشفى .
-لدي ما يكفيني .
و لكن الكلمة الأخيرة كانت له ، فقد ترك المال على الطاولة بقربها و خرج .
و صممت أن لا تلمس بنسا واحدا منها... فما معها يكفيها لأكثر من نصف دزينة من التاكسيات... أمامها أكثر من شهرين بعد لتتحمله . و سوف تعيد له المال في أول مناسبة .
و وصلت إلى المستشفى أبكر من المعتاد . و كان هذا لصالحها.. فلو أنها التزمت بنفس موعد زيارتها المعتادة ، لما كان شاهدت رايان أبدا ، فعندما دخلت القسم ، لم تشاهده خارج السرير فقط ، بل كان مرتديا ثيابه . و صاح مرحبا :
-كولين! لقد حاولت الأتصال بك في الفندق منذ وقت قصير ، و لكن جناحك لم يجاوب .
و كان هناك سؤال في صوته... سؤال كان يقول إنه قد سأل عنها باسمها ، و عندما لم يحصل على رد سأل عن جوليانو إنريكو ، و عرف بأنها تشاركه الجناح . و لكن ، بالنسبة لها ، الشرح سيكون طويلا و يتضمن أمور لا تريد قولها له .
فتجاهلت نظرته المتسائلة ، و حاولت معرفة ما يريد أن يفعل ، و أين يظن بأنه ذاهب . و أخبرها أنه سيسافر إلى أكابولكو.. فشهقت قائلة :
-و لكنك لا تستطيع... لست بحالة جيدة.. انظر إلى نفسك!.. أنت..
-وفري كلامك يا كولين.. لقد سمعت كل ما ستقولينه من الموظفين هنا... مع أنني ، ولسبب وجيه ، لم أخبرهم أين سأذهب .
-و هل قالوا لك أن من الغباء أن تخرج من المستشفى ؟
-لقد اتخذت قراري.. و سأستقل الباص بعد ساعة .
-الباص ؟ و لكن ستستغرق الرحلة وقتا طويلا ، و أنت لست مؤهلا ...
-لم أستطع الحصول على تذكرة طائرة ،فالأماكن كلها محجوزة ، و أريد أن أرى بولا اليوم .
و كان يترنح على قدميه تقريبا ، و لكن التصميم الذي رأته في عينيه ، أعلمها أنها تضيع وقتها في اقناعه بعدم الذهاب.. و قال لها :
-سأذهب يا كولين .
و عندما علمت أن رحلة الباص ستستغرق مابين الست و السبع ساعات ، ازداد قلقها عليه . لا يمكن أن تتركه يذهب لوحده ، و قالت له بعناد يماثل عناده :
-سأذهب معك إذا ، هذا إذا أردتني معك .
و سألت نفسها هل كان سيحاول الاتصال بها ثانية في الفندق لو لم تأت ، أم أنه كان ينوي الاختفاء دون ترك أي أثر مرة أخرى ، و يتركها دون أية فكرة عما إذا كان سيلتقيان ثانية ، و رد عليها على الفور :
-بالطبع أريدك معي . أريد أن تلتقي بولا بك . خذي هذا..
و التقط مغلفا و أعطاه لها .
-لقد كتبت لك رسالة عندما لم أستطع الاتصال بك في الفندق .و كنت سأعطيها لإحدى الممرضات لتسلمك إياها . و ذكرت فيها أين يمكن أن تجديني خلال الشهر القادم.. و على فكرة وضعت لك فيها ثمن تذكرة عودتك إلى إنكلترا في حال سئمت العمل لجوليانو إنريكو ، و أردت العودة .
عندما ذكر اسم جوليانو ، عاد التساؤل إلى لهجته ، و لكن مرة أخرى اختارت كولين أن تتجاهله.. و عليها الآن تعود إلى الفندق و تترك لجوليانو رسالة تشرح فيها أنها لا تستطيع ترك رايان يسافر لوحده في الحالة التي هو فيها . فقالت :
-علي أن أعود بسرعة إلى الفندق.
و دفعت المغلف إلى أخيها فقال لها :
-احتفظي به يا حبيبتي . لقد وعدتك بدفع أجرة سفرك إذا أتيت إلى هنا . ألم أفعل هذا ؟
-و لكن...
-دون و لكن... يا شقيقتي الصغيرة . ارجعي إلى الفندق و افعلي ما عليك أن تفعليه ، بينما أتصل بمحطة الباص لأحصل على مقعد . سألتقيك في المحطة بعد ثلاثة أرباع الساعة.. أيمكنك أن تلحقي بي ؟
-أجل...
و هي في طريقها إلى الفندق داخل التاكسي ، فكرت ماذا ستكتب لجوليانو ، و لكن ما إن دخلت غرفتها و شاهدت حقيبتها جاهزة حيى واتتها فكرة.. لماذا تزعج نفسها بالكتابة ؟ فجوليانو لا يهتم البتة بما ستفعله هي أو رايان... أليس من الأفضل لها أن تتركه الآن ؟ إذا عادت معه إلى دورانغو فيكون أمامها شهرين طويلين قاسيين لتعاني فيهما . شهرين الله وحده يعرف ما سيحدث خلالهما .
جوليانو سيكون شخصا باردا و دون مشاعر . فهل تستطيع تحمل شهرين من هذه المعاملة ؟ ألم تهرب من والدها لتجد لنفسها حياة جديدة ؟
و ركبت كولين تاكسي آخر ، و دون أن تكتب رسالتها ، و حقيبتها إلى جانبها على المقعد . بعد فوات الأوان ، ندمت لأنها لم تكتب كلمة تشرح فيها كل شيء لجوليانو . هي تعلم الآن أنها لن تعود إليه ، و لكن كان عليها أن تكتب بضع كلمات تشكره فيها . و غضبت من نفسها.. لماذا؟ لقد حاولت إظهار عرفانها بالجميل له الليلة الماضية ، و رمى لها هذا العرفان بالجميل في وجهها... و بكل وضوح لم يرغب في أن تشكره .
الرحلة الطويلة إلى أكابولكو ، كانت مريحة بالمناظر الخلابة التي لم تفكر كولين بأنها ستراها يوما . غابات بعد جبال ، غابات من الأشجار تمر بها ، تنتصب عالية يتخللها نبات الصبير ، هنا وهناك .
و حاولت كولين أن تركز تفكيرها على المناظر أمامها : طفل يركب حمارا صغيرا ، الذرة التي تنمو في كل مكان يمكن أن تزرع فيه ، و لكن عندما أخذت بقرة تسير الهويناء على الطريق ، عادت أفكارها إلى دورانغو و إلى مزرعة جوليانو . و تذكرت المرات العديدة التي ابتسم لها ، أو ضحك لها أو حتى عليها... لا فرق . و هذا ما جعلها تتساءل ماذا تفعل و هي ذاهبة إلى أكابولكو ، في وقت كل ما ترغب فيه حقا هو أن تكون معه .
ثم تذكرت منظر وجهه المتجهم هذا الصباح .
و حررها من أفكارها الممزقة ، صوت رايان ، الذي كانت تظن بأنه نائم إلى يسارها ، إذ حدق فجأة بالخاتم الماسي في اصبعها و صاح :
-هاي... ما هذا ؟
يا إلّهي ... لقد نسيته في غمرة انشغالها بالقرار حول الرسالة.. يا إله السموات.. جوليانو لم يصدقها عندما قالت له إن رايان لم يكن مهتما بأي كسب مالي قد يحصل عليه من الزواج بإيزابيلا.. و الخاتم يساوي ثروة... و سيعتقد الآن... و قال لها رايان مقاطعا أفكارها :
-أظن أنه حان الوقت لتقولي لأخيك الأكبر كل شيء . أليس كذلك ؟
-لقد نسيت أن أعيده .
-لجوليانو إنريكو ؟ منذ متى و أنت مخطوبة له ؟
-منذ شهرين تقريبا .
-عمل سريع .
-و كم استغرقك من وقت لتقع في حب بولا ؟
-لقد غلبتيني ، و لكن ماذا تفعلين هنا معي و أنت تحبينه ؟
-أنا.. نحن.. لقد تكلمنا مع بعضنا قليلا . و تشاجرنا .
-سيتوضح لك كل شيء عن قريب . و هل تستسلمين أولا و تتصلي به الليلة ؟
-لا.. أعتقد هذا .
فضحك و قال :
-و تتهميني بأنني عنيد!
و عاد إلى النوم .
الفتاة السوداء الشعر التي قابلتهما في أكابولكو لم تكن جميلة كما وصفها رايان ، أو كما تصورت كولين أن تكون . و لكن ما كان ينقصها من جمال كانت تعوضه بأن تتصرف على سجيتها . و لم يمض وقت طويل حتى أدركت لماذا هرب رايان معها دون أن يترك أثرا .
الدفء في ابتسامة بولا ، و الحنان الذي صاحت به عندما رأت وجه رايان الذي كان ما يزال يحمل آثار الكدمات ، و الطريقة التي تعانقا بها ، كل هذا أخبر كولين أنها أمام حب حقيقي... لو أن جوليانو فقط...
و أوقفت أفكارها عند هذا الحد . فجوليانو لن يحبها أبدا . و لا بد أنه في هذه اللحظة بالذات يكره حتى التفكير بها... أوه... لماذا لم تتذكر أن تترك الخاتم له ؟
و خلال يومين.. مرحت كولين كثيرا في أكابولكو . و سبحت كما باقي السواح في ثوب السباحة، و واجهت الأمواج التي كانت ترتفع ثم تضرب الشاطئ.. و لاحظت أن رايان و بولا ليسا بحاجة لشخص ثالث ليكملا سعادتهما بإجتماعهما ثانية . فبقيت بعيدة عنهما قدر استطاعتها .
و في صباح أحد الأيام ذهبت في نزهة في قارب أرضه من زجاج . و علمت تماما. بعد أن توقف القارب و أخذ بعض البحارة يغطسون من تحته ، لماذا لم تشعر بالإثارة... إذ لم يكن جوليانو معها .
شاطئ أكابولكو كان له منظر رائع من الصخور و التلال ، و كانت واثقة أنها كانت ستراه مذهلا ، في ظروف أخرى ، و لكن جوليانو كان يلتهم كل أفكارها . و كانت تتذكر كل مرة كان يكشف فيها عن رأيه فيها بأنها "صائدة ثروة" و كانت تعرف بأنه لا بد أن يكون الآن يلعن نفسه لأنه تركها تخدعه .
عليها أن تعيد الخاتم له ، بالطبع . و لكن كيف ؟ و وقفت في ظل شجرة لوز تتساءل هل تستطيع أن تؤمن على الخاتم لإرساله في البريد ؟ و لكن ماذا إذا ضاع ؟
في الليل ، عندما أصر عليها رايان و بولا أن تذهب معهما لمشاهدة القافزين من الأمكنة المرتفعة في "لاكويبرادا" قالت لهما إنها تفضل أن تنام باكرا ، فاعترض رايان :
-و لكنك نمت باكرا ليلة أمس . و كثرة النوم ليست صحية يا فتاة ! و هل قمت بتلك المخابرة بعد ؟
-إذا سآتي معكم لرؤية القافزين .
و أدركت أن شقيقها لا بد أنه أخبر بولا بأنها مخطوبة لجوليانو ، و أنهما تشاجرا .
و وقفت كولين برهبة بينما كان القافز الشاب يتسلق الصخرة العالية ، و يقف فوق منصة القفز . و بنظرها تسلق تلك الصخرة أمر خطر يماثل القفز إلى الماء في الأسفل . و كانت قد سمعت أن القافزين يعدون الأمواج قبل القفز ، و عند رقم محدد يقفزون .
و أغمضت عينيها خوفا على حياة القافز عندما رمى بنفسه . و جعلها التصفيق و الهتاف تفتح عينيها . لتنظر إلى الماء . من وجهة نظرها التصفيق هذا سابق لأوانه ، فالأفضل أن ينتظر الجميع حتى يظهر القافز فوق الماء ليحيوا شجاعته .
في طريق عودتهم إلى الفندق ، خطرت لها فكرة أن تطلب من رايان إرجاع الخاتم لجوليانو عنها . رايان كان يتحسن يوميا ، فربما الطقس الحار في أكابولكو قد أفاده ، أو ربما القوة التي اكتسبها من رؤيته لبولا ثانية ، لذا يستطيع أن يطير إلى دورانغو ، و لن تكون الرحلة شاقة كما كانت رحلة القدوم إلى هنا .
بعد أن نزلوا من التاكسي ، و ساروا نحو الفندق نادته "رايان" فالتفت إليها ، و لاحظت شحوبا خفيفا في وجهه ، من آثار ما مر به ، فتلاشى اهتمامها حول الخاتم ، و تابعت بصوت ضعيف : "لا شيء" فقال لها بعد أن دخلوا المصعد "اتصلي به"...
و وصلت كولين قبل رايان و بولا إلى بركة السباحة ، في الصباح التالي ، حيث اتفقوا على اللقاء ، و هي متشوقة لرؤية أخيها .
ترددها كان قد أشرف على نهايته . فهناك أمر واحد يمكنها أن تفعله ، ودهشت من نفسها لأنها لم تكتشفه من قبل . قد يستلزم منها الكثير من الشجاعة ، و هي تعرف هذا . و لكنها لم تدر ظهرها لحياتها القديمة لتصبح جبانة و غير قادرة على الوقوف في وجه الصعاب .
و لاحظ رايان هذا عندما شاهدها ، و علم أن ساعات ترددها قد ولت فقال لها بعد أن أجلس بولا على مقعد مريح :
-و هل ستتصلين به الآن ؟
فردت عليه كولين بهدوء :
-لقد قررت العودة لرؤيته .
و اكتشفت عندها كم هو رائع شقيقها . فقال لها بجدية :
-كما يبدو عليك ، فأنت ترغبين في ركوب أول طائرة للعودة .
ثم التفت إلى بولا ليقول لها إنه ذاهب مع كولين ليحجز لها تذكرة طائرة و سيعود قريبا .
حب رايان لبولا ، خلق في نفسه حسا بالمسؤلية ، و هذا واضح من الطريقة التي منع بها كولين أن تدفع أجرة سفرها ، مع أنها اعترضت بأنها لا تزال تملك المال الذي أعطاه لها . و قال هامسا :
-أنا متأكد أنك لن تحتاجي للمال لشراء تذكرة السفر إلى إنكلترا.. لذا اشتري لنفسك هدية زواج مني و من بولا .
كانت تعلم أنها ستعقد الأمور أكثر إذا قالت له إن الزواج لن يتم . فرفعت نفسها إليه و قبلته شاكرة .
و ذهب رايان و بولا معها إلى المطار ، و أظهرت بولا محبتها لها من خلال العناق الحار الذي تم بينهما بعد عناق شقيقها لها . ثم قال رايان :
-أنا أعرف كرهك لاستخدام الهاتف ، و لكن اتصلي بي خلال الثلاثة أسابيع القادمة لأطمئن عليك لأننا بعد ذلك سننتقل من عنواننا الحالي .

***

حتى دون أن يكون لديها أية فكرة عما قاله جوليانو لتينا وأمادو عندما عاد إلى منزله من دونها ، فقد كانت واثقة ، بعد أن حطت الطائرة بها في دورانغو أنه لا يريد منها الأقتراب من منزله .
و هكذا حجزت غرفة في فندق متوسط ، بعد أن أدركت أن الوقت متأخر و كانت على وشك الاتصال به و إنهاء الأمر . إلا أن التفكير السليم أشار إليها بأن من الأفضل الانتظار إلى الصباح ، فقد يكون جوليانو قد خرج لتناول عشاءه خارج المنزل . و مع ذلك فقد التقطت الهاتف عند التاسعة و طلبت رقم منزله ، و إذا كان في الخارج ، فهي تكون قد حاولت على كل الأحوال ، و علمت أنها ستواجه أوقاتا قاسية ، فعلى الأقل ستعود لسماع رنة صوته التي تتشوق لسماعها .
و بدا الانتظار و كأنه لن ينتهي . و أحست بالتوتر حتى أنها كادت تضع السماعة من يدها . ثم سمعت صوتا.. صوت جوليانو ، يتحدث بلغته المكسيكية ، و تعلقت بالسماعة و كأنها جزء منها ، و سمعت التململ في صوته عندما لم يرد عليه أحد ، و تعلم جيدا أن ضيقه سينقلب بعد لحظات إلى غضب ، و سيوجه هذا الغضب إليها مباشرة . فقالت :
-جو.. جوليانو .
و لم تسمع سوى الصمت المطبق ، إلى أن جاءها صوته ، و قد تعرف على صوتها ، بالإنكليزية هذه المرة و برباطة جأش ، و هدوء ، حتى أنها عرفت أنه كان يجاهد للسيطرة على نفسه كي لا ينفجر صارخا فيها ، كما تستحق تماما ، و قال متسائلا :
-كولين ؟ كولين أهذه أنت ؟
و كأنه لا يصدق ، لا يستطيع التصديق بعد أن هربت منه ومعها تلك الماسة الثمينة ، أن عندها الجرأة لكي تتصل به ثانية .

*************

 
 

 

عرض البوم صور redroses309   رد مع اقتباس
قديم 26-10-08, 07:24 PM   المشاركة رقم: 58
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Feb 2008
العضوية: 64394
المشاركات: 246
الجنس أنثى
معدل التقييم: redroses309 عضو على طريق الابداعredroses309 عضو على طريق الابداعredroses309 عضو على طريق الابداع
نقاط التقييم: 217

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
redroses309 غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : redroses309 المنتدى : روايات احلام المكتوبة
افتراضي

 



الفصل العاشر
حب يقهر الكبرياء



مسحت كولين عينيها بظهر يدها و هي ترد هامسة :
-أجل.. هذا.. هذا أنا... لقد كنت في.. أكا... أكابولكو .
-و ماذا بحق...
و غادرته طريقة كلامه الهادئة ، حتى أن كولين سارعت ، و قد تنبأت بانفجار غضبه ، لمقاطعته قائلة :
-لقد ذهبت مع رايان .
فرد عليها بوحشية :
-أعلم هذا..
لا بد أنه قد جن عندما علم برحيلها ، و رحيل خاتمه الالماسي معها ، و مع ذلك فأول رد فعل له الإسراع إلى المستشفى . و لم يعطها فرصة للتفكير أكثر ، مع أنه بدا أنه يحاول المستحيل للسيطرة على نفسه :
-أين في أكابولكو ؟.. في أي فندق أنت ؟
-أنا.. لست.. في أكابولكو الآن .
و لم يستطع ان يسيطر على غضبه أكثر ، فانفجر مزمجرا في أذنها:
-إذا أين أنت بحق الجحيم ؟
و أرادت بأي طريقة أن ترضيه و تهدئه فأعطته على الفور اسم الفندق :
-إنه هنا.. هنا في دورانغو .
-أنت في دورانغو ؟
و بدا لها و كأنه قد اضطرب لجرأتها في المجيء إلى هنا . فسارعت للتفسير له :
-لقد نسيت أنني أرتدي خاتمك عندما ذهبت .
و عرفت عندها أن غضبه أصبح أقوى من أن يسيطر عليه ، عندما أتتها الكلمات راعدة عبر الخط قبل أن يقفل السماعة :
-يبدو لي أنك نسيت أشياء أخرى كثيرة غير هذا !
و تخدرت أحاسيسها ، و حدقت بالهاتف في يدها ، قبل أن تعيد السماعة إلى مكانها . و لم تحاول خلع ملابسها لتأوي إلى الفراش ، بل بدأت تذرع الغرفة ، و أفكار عديدة تجول في رأسها ، مؤلمة جدا ، لا يمكن لها أن تتحملها و هي مستلقية .
بعد نصف ساعة ، هدأت بشكل ما ، و لكن اضطرابها و قلقها كان يمنعانها من الراحة . لن تستطيع أن تجد الجرأة ثانية للاتصال به ، ليس الليلة على كل الأحوال ، و تمنت أن يعيد الاتصال بها ، بعد أن يهدأ ، ربما ليطلب منها أن تترك الخاتم في إدارة الفندق كي يستلمه . و عندما مرت نصف ساعة أخرى ، و لم يرن جرس الهاتف ، تأكدت أنه لن يتصل .
قد يتصل غدا ، و حاولت التفكير في الوضع بشكل منطقي : بما أنها مضطرة لانتظار مكالمته ، فالأفضل لها أن تبقى هنا لتدبير ترتيبات عودتها إلى إنكلترا .
قرع فجائي عنيف على بابها جعلها تتخلى عن أفكارها لتفتح الباب . و شحب وجهها ، فجوليانو هو آخر شخص ممكن أن تتوقع رؤيته واقفا هناك ، و عيناه كأنهما قطعتان من الثلج الأزرق . و دفع الباب بكل هدوء ، و بنفس الهدوء دخل الغرفة . و قال :
-جيد.. أرى أنك لم تأوي إلى الفراش بعد.. هل أغراضك جاهزة ؟
-أغراضي ؟
-سوف تغادرين الفندق.. لا.. بل أنت غادرتيه فعلا ، لقد دفعت فاتورتك .
-و لكن.. أين نحن.. أين.
و توقفت عن الكلام بعد أن نظر إلى وجهها و قال معلقا :
-تبدين تعبة .
ثم تناول حقيبتها عن الأرض ، و فتحها ، وتوجه إلى الخزانة ، ثم إلى الحمام فجمع فرشاة أسنانها و مشطها و وضعهما في حقيبة زينتها ، و لملم الأغراض القليلة التي أخرجتها من حقيبتها ، قبل أن تدرك ماذا يفعل . فجعلها تحفظها تقول له بعناد :
-لن أذهب إلى أي مكان معك يا جوليانو... أنا . لقد عدت فقط لأعطيك هذا .
و خلعت بسرعة الخاتم الالماسي الجميل من اصبعها و مدت يدها به إليه .
و لكنها لم تشعر بالخاتم يغادر يدها لفترة طويلة.. فقد مد يده و أمسك بيدها ، و أعاد الخاتم إلى مكانه . و قال صائحا :
-لقد وافقت على الخطوبة لثلاثة أشهر سنيوريتا . و ما من أحد يحنث بكلمته معي . حتى أنت! فإما أن تسيري معي أو أحملك و أخرج بك من هنا... فقرري الآن .
و جلست كولين مشدودة الأعصاب بقربه في سيارته ، و قاد جوليانو السيارة بغضب و عنف . لم يكن لديها أي بديل عن القدوم معه .
فقد كانت تعلم أن ما من شيء يمنعه من أن ينفذ تهديده و يسير خارجا من الفندق و هو يحملها على كتفه بينما هي ترفس و تصيح أمام الجميع .
و هو يعرف هذا تماما ، اللعنة عليه ، كان يعلم أنها تخشى أن تتعرض للسخرية علنا ، و طول الطريق ، في صمت ، باتجاه المنزل ، كانت تشعر بالغضب من تسلطه عليها . إذا لقد كان حريصا على أن لايفقد كرامة وجهه أمام مجتمعه ، و لا بد أنه لم يخبر أحدا أن خطوبتهما قد أنتهت . و قد يكون ذكر شيئا عن اضطرارها للعودة إلى إنكلترا على عجل ، أو أن والدها مريض.. أو أي حجة أخرى .
كولين تعلم جيدا ما يكمن وراء رفضها العودة معه ، كانت خائفة . خائفة من أن يصر جوليانو على أن تبقى هناك لشهرين آخرين . ليس بسبب أن الأمر سيكون أسوأ عندما يحين وقت سفرها ، بل ، بما أنها تحبه ، فقد يكتشف خلال هذين الشهرين الحقيقة . و كبرياؤها لن يتحمل هذا .
و تلاشت ثورتها عند أول نظرة للبيت العزيز المألوف لها . و لم تعرف كيف استطاعت حبس دموعها عندما توقف جوليانو أمام المدخل . و لكنها استطاعت ان تحافظ على هدوئها و هي تخرج من السيارة و تدخل المنزل معه . و قال لها :
-سآخذ حقيبتك إلى غرفتك ، و إذا لم تكوني ترغبين في أي شراب منعش ، فأقترح عليك أن تذهبي إلى النوم فورا .
-لا أريد شيئا .
و جالت عيناها بمحبة في جدران الردهة البيضاء . و لم يكن أمامها مجال للرفض عندما تقدم جوليانو صاعدا السلم ثم فتح لها الباب غرفة فوقها ، و وضع حقيبتها هناك ، فانضمت إليه .
و مرت من أمامه إلى الداخل دون أية كلمة . لم تكن تريده أن يمد يده ليلمسها ، أو يؤثر عليها ، و هي تمر من أمامه . و بما أن هدفه في إعادتها إلى هنا قد تحقق ، فيجب أن تكون عدوانيته قد بدأت تتلاسى الآن :
-تصبحين على خير يا كولين.. نامي جيدا .
و ردت عليه باختصار :
-تصبح على خير .
و رفعت نظرها إليه ، فاكتشفت عيناها أفكاراغير سعيدة.. و أحست بيده ، دافئة ، رقيقة ، تقترب من وجهها.. و قال بنعومة :
-لا تأخذي الأمور بهذه القسوة يا كولين الحلوة .
و عانقها بسرعة و لطف ثم تركها و خرج .
أوه.. لماذا عانقها؟ و أخذت الدموع تنهمر من عينيها و هي تتأوه . لقد حاولت جهدها أن تكون باردة و متحفظة ، و ها هو يعانقها ليفسد كل شيء .
و خلعت ملابسها لترتدي ثياب النوم . و لم تستطع فعل شيء للدموع التي كانت تنهمر كالمطر من عينيها . كم تغيرت من تلك الفتاة التي كانت . عندما كانت تعيش مع والدها لم تبكي أبدا.. أبدا ، لأنها و بكل بساطة لم تكن حية . و الآن و قد خرجت من ذلك الفراغ ، و هي تشعر ، و تتألم مثلها مثل باقي الناس تماما . و الألم أكبر لأنها لم تكن تعرف ألم الحب من قبل .
و استمرت دموعها بالتساقط .
عندما أحست بوخز حاد يهاجم حنجرتها ، شعرت كولين أن قنوطها أصبح بدون حدود ، فمنذ مدة طويلة غادرها هذا السعال المضني . و ها هو يعود الآن ، بسبب تعبها كما هو واضح ، و هي لم تنم بشكل مريح منذ مدة ، و لهذا فلن تستطيع الدفاع ضده
و تركتها نوبة سعال قصيرة تشعر بالأرتجاف . بعض الليموناضة الساخنة ستفيدها بالتأكيد.. و لكن ذكرى ذلك اليوم الذي تسللت فيه عند منتصف الليل لتحضر بعضا منه ، عاودتها ، و لن يجعلها أي شيء تكرر تلك التجربة .
و لم تمر كولين من قبل في حياتها بمثل شعور البؤس هذا الذي أحست به و هي جالسة على حافة سريرها بثوب نومها القطني الرقيق ، تمسح الدموع عن وجهها ، التي سببها الحزن و الألم أكثر مما سببتها نوبة السعال ، و التي يبدو أنها توقفت الآن ، و شكرا للسماء . و أزاحت شعرها عن عينيها ، ونظرت إلى الالماسة اللماعة... ثم لاحظت أن باب غرفتها مفتوح .
منذ متى كان جوليانو واقفا هناك ينظر إليها ؟ لم يكن لديها أية فكرة .
ربما منذ لحظة ، و ربما أكثر ، فقد كانت منشغلة جدا في تهدئة نفسها و مشاعرها ، فلم تسمع الباب يفتح ، و لم تشعر أبدا بوجوده ، إلى أن تحرك و عندها رأته . فشهقت ، ثم سعلت ثانية .
منتديات ليلاس
كان لا يزال مرتديا ثيابه ما عدا كنزته ، و لا بد أنه كان على وشك خلع ثيابه للنوم عندما سمعها تسعل . و تقدم منها وأعطاها كوبا ساخنا لتشرب منه . و قال لها بهدوء :
-لقد تخلى عنك هذا السعال في وقت قصير خلال إقامتك في منزلي . ويبدو أن طقس أكابولكو لم يناسبك كما ناسبك طقس دورانغو .
و تمنت لو أن دموعها تتوقف بسهولة كما أوقف الشراب الساخن سعالها ، و تمنت لو أن جوليانو لم يكن لطيفا هكذا معها . فهذا لن يفيدها أبدا في المعركة التي تدور في نفسها لايقاف البكاء . أرادته أن يخرج ، و لكنه لم يكن يبدو مستعجلا للعودة إلى غرفته الآن بعد أن توقف سعالها ، و كانت خائفة جدا من أن يلاحظ ، بعد أن توقف السعال ، أن عيناها لا تزالان تدمعان . فقالت ، مديرة وجهها عنه :
-سأكون بخير الآن.. شكرا...
و وضع يده تحت ذقنها ، و مع أنها حاولت أن لا تلتفت إليه فقد كانت أصابعه مصممة على أن تجعلها تنظر إليه .
و رفعت عينيها المبللتين إليه ، و لكنها لم تستطع أن تفهم التعبير الذي على وجهه . و كانت يده ثابتة بلطف تحت ذقنها ، و أملت.. لا.. لم تأمل ، أن يبقى لطيفا هكذا معها ، و أحست بالارتباك عندما ترك ذقنها ، و تقدم ليجلس على حافة السرير بقربها ، و قال لها بخشونة لكن دون عدائية :
-دموع يا كولين ؟ هل أنت تعيسة لهذه الدرجة بالعودة إلى منزلي ، حتى أن ذلك جعلك تبكين ؟
و فكرت فورا أن تنفي هذه الفكرة . أليس من الحكمة أن تكون حذرة معه؟.. فأمامها شهرين بعد تقضيهما معه ، و أجابت ببطء :
-ليس.. ليس الأمر هكذا .
و أخرجت منديلا من جيب ثوب نومها و حاولت جاهدة أن ترتب نفسها ، وحالفها الحظ فقد توقفت دموعها . و سألها بهدوء :
-و ماذا إذا ؟
-لا يهم...
-و لكني أعتقد أن الأمر يهمني .
و أحست بقربه منها بشكل غامر . فقد كانت تجلس بقربه على السرير و ليس من مجال كي تبتعد عنه . و أمسك بيدها اليمنى ، و هذا أيضا لن يساعدها ، و أخذ يمرر اصبعه على ظهر يدها . و تابع :
-أنا أعلم أنك لا تبكين بسهولة يا كولين . و الأوقات القليلة التي شاهدتك تبكين فيها كان لها ما يبررها ، فقد انطلقت بشكل طبيعي من معاناة عاطفية...
-لا تقل هذا!
قالت كلمتها بسرعة و قد لاحظت أنه يقترب من الحقيقة ففكرت عندها أن هذه الكلمة قد كشفت الكثير ، و لكن عندما تساءل جوليانو عن سببها ، عرفت بارتياح أنه لم يربط معاناتها العاطفية به.. أو بمشاعرها نحوه .
-لا تخافي مشاعرك يا صغيرتي . و لا تمنعيها.. فأنا أفضل أن تعترفي بالتعاسة لفراق شقيقك الذي عدت للاجتماع معه مؤخرا ، على أن أعتقد بأنك تعيسة لإعادتي لك إلى منزلي .
و أعادت الكلمات في ذهنها حالمة "إعادتي لك إلى منزلي" كم بدت هذه الكلمات منه طبييعية! و كأنه يؤمن بأن منزله منزلها ، و ليس لها مكان آخر . و تماسكت ، فمهما عنى بكلامه ، فهو لم يقصد ما ظنته . هذه مجرد طريقة في الكلام ، فالإنكليزية ليست لغته الأم .
و يجب أن تذكر نفسها بهذا ، و عندما لم ترد عليه ، قال مؤكدا :
-هل أنا على حق... أليست الدموع بسبب فراقك لرايان و لهذا أنت حزينة ؟
-سأشتاق إليه .
-ولكنك سترينه ثانية .
و لاحظت الابتسامة على وجهه و هو يحاول إسعادها ، و بما أنها لا تستطيع البقاء محبطة هكذا ، ليس و هو موجود معها ، و ليس قبل أن يخرج ، فسوف لن تسمح للأفكار التعيسة أن تدخل إلى نفسها ، و حاولت جهدها أن ترفع من روحها المعنوية.. و قالت بسعادة مفتعلة :
-بالطبع سأراه .
و عندما أدارت وجهها لتقدم إليه ابتسامة ، وجدته يبتسم أيضا .و سرت لأنها قامت بهذا الجهد . و قال لها ببطء :
-لن أمانع إذا دعوتيه إلى هنا .
و أزال الذهول بسمتها عن وجهها :
-و هل ستسقبله هنا ؟
-إذا كانت هذه رغبتك .
-و لكن...
و صمتت غير قادرة سوى على النظر إليه . و عاودتها الرغبة في البكاء ، لأن جوليانو الذي يكره رايان بالتأكيد لما فعله مع عائلته ، تمنعه كرامته من أن يراها تعيسة في منزله ، لأنها ودعت شقيقها إلى الأبد ، فتغلب على الكراهية في نفسه كي تستطيع أن تجد الشهرين القادمين مليئين بالسعادة . و قالت بهدوء :
-لا أستطيع فعل هذا معك يا جوليانو .
-لا تستطيعين فعل ماذا ؟
-أن أسمح لك بالتنازل عن كرامتك لأجل كرامتي .
إذا كان قد فهم ما قالته أم لا ، فلم يظهر عليه أي دليل ، و لكن نبضات قلبها تسارعت عندما سمعته يقول :
-الحب يقهر أي كبرياء .
فهل لاحظ أن عندها بعض الكبرياء فيما يختص به ؟ لقد فقدت كبرياءها عندما بدأت تبكي لأجله ، و عندما شاهدها و هي تبكي ، و بسرعة حاولت إبعاده عن موضوع الحب ، فقالت :
-لا أعتقد أنني سأرى رايان قبل عودتي إلى إنكلترا ، بولا و رايان سوف يبقيان في أكابولكو لعدة أسابيع ثم سينتقلان من هناك و سوف يكتب لي إلى إنكلترا بالطبع .
و تذكرت أن ليس عندها منزل في إنكلترا ، فتابعت :
-مع أنني لم أحضر ترتيباتي للإقامة هناك بعد ، و سوف يضطر للكتابة إلى عنوان البريد أو بأية طريقة أخرى إلى أن أستقر في منزل .
-أليس لك مكان للإقامة مع والدك ؟
-لقد قلت لك إنه سيتزوج ثانية.. و قد عرض المنزل للبيع عندما سافرت .
-و كذلك قلت إن لا مكان لك في منزله الجديد . أتعنين أنه لا يوجد لك غرفة في منزله ؟
-لا أريد الذهاب إلى هناك .
و أدركت بأنه قد فهم أن والدها لا يريدها أن تعيش معه ، فقد عرض عليها ببرود :
-يمكنك الإقامة هنا . بإمكانك جعل هنا منزلك إذا رغبت .
من المؤكد أنها لم تسمع بشكل صحيح ، فحدقت به ثانية . و اخذت أفكارها تدور محاولة أن تفهم ما يقصده حقا :
-أتعني... أن أبقى في المكسيك.. أن أبقى في دورانغو ؟
و رد عليها بنفس البرودة:
-أعني.. أن بإمكانك البقاء هنا.. هنا في منزلي .
-لا!...
جاء ردها فوريا و عنيفا ، و هذا جعل حاجبيه ينكمشان بتقطيبة سوداء ، و لكن بالنسبة لكولين لم يكن هناك أي جواب آخر ، فلم يكن لديها بعد فكرة عن كيفية تمضيتها للشهرين القادمين هنا . و لم تجرؤ على التفكير بالبقاء مدة أطول .
و أن تراه كل يوم ، أن تتعشى معه ، أن تعمل معه... و اسكتت أفكارها بحزم ، و قالت ثانية بنبرة تأكيد على ما تقول "لا!" .
-إذا.. لم يكن الأمر كما ظننت ، لقد كان بكاءك لأنك غير سعيدة هنا .
فصرخت :
-لا.. لا.. لا!
و أرادت أن تقف لتبتعد عنه ، و لكنها و جدت نفسها محشورة بينه وبين قوائم السرير . يجب عليها أن تهدأ ، فلن تستفيد من ثورتها .
و تنفست نفسا عميقا ، و هي مدركة من نظرة التجهم على وجهه أنه لا يصدقها . فقالت بهدوء قدر ما استطاعت :
-بلدي هي إنكلترا . أنا.. أحب بلدك.. و لكن بعد شهرين سوف أعود إلى إنكلترا .
و لم يعجبه ما قالته . حتى اعترافها بمحبة بلده لم تجعل نظرته القاتمة تضيء . و فجأة بدا كأنه ضجر منها كما حدث معه في الفندق في مدينة المكسيك . فقال بخشونة :
-إذا اذهبي.. اللعنة عليك! و لن أفعل شيئا لمنعك . و حين تنتهي فترة خطوبتنا سوف أشتري لك بنفسي تذكرة سفرك .
و آلمها كلامه ، فقد غرز سكينا في قلبها ، و بدا فجأة أنه لا يهتم بها ، و يستطيع أن يتحول من رجل عرض عليها سقف بيته ، إلى رجل لا يستطيع انتظار اليوم الذي يستطيع فيه الخلاص منها .
و تغلب كبرياؤها ، فرفعت رأسها بكل شموخ و قالت :
-تستطيع الاحتفاظ بمالك يا جوليانو إنريكو غاتورادي .. فأنا أستطيع دفع ثمن تذكرتي بنفسي .
-أتستطيعين؟.. و كيف حصلت على المال ؟ من أعطاك إياه ؟
-رايان شقيقي . إذا كان لا بد أن تعرف .
ثم لاحظت على الفور توترا سيطر عليه ، تو تر امتد إليها ، و بدأ يزعجها.. شيء ما صدمه ، و عرفت هذا.. و لكن دون أن تعرف ما هو . و طال الصمت بينهما و هي تعيد تذكر ما قالته له ، و لكنها لم تستطع أن تفهم ما الذي يمكن أن يوتره هكذا و كأنه فخ منصوب على وشك الانطلاق .
ثم ، كسر الصمت ، و كانت كولين على وشك اكتشاف ما استنتجه من كلامها :
-لقد حصلت على أجرة سفرك ، ومع ذلك عدت إلى دورانغو ؟ إلى المكان الذي يبدو أنك متلهفة جدا لتبتعدي عنه ؟
لهجته كانت باردة ، و لكن كان فيها مغزى معين... إشارة جعلتها تقلق ، و ذلك لأنه كان مهتما جدا بجوابها :
-لقد قلت لك لماذا عدت .
و عليه أن يصدق ، حتى و هي تدرك الآن أنها كانت تكذب على نفسها ، و تابعت :
-لقد نسيت إرجاع الخاتم لك.. لقد أخبرتك بهذا.. و الخاتم كان السبب الوحيد في...
-هل هذا صحيح يا كولين ؟
أوه.. يا إلّهي !.. هذا أمر رهيب.. سوف تموت من الحرج إذا استمر هكذا ، إذا اكتشف أنها... و هزت كتفيها :
-يا للسماء يا جوليانو... ما هي الأسباب الأخرى إذا ؟..أعتقد حقا أن عليك أن تخرج الآن.. انظر إلى الساعة... لن نستطيع كلانا أن نستيقظ صباحا بشكل ملائم .
فرد عليها بنعومة :
-تبدين مذعورة يا طفلتي... لماذا يا كولين ؟ ما الذي يخيفك ؟
-لا شيء.. لا شيء يخيفني.. أنا أريدك أن تخرج .. كي ..أستطيع النوم .
و لعقت شفتاها الجافتين ثم ذكرته بسرعة :
-لقد قلت بنفسك إن التعب يبدو علي .
و أجفلت عندما جعلته هذه الملاحظة يلتفت ليحدق بها . ثم لم تعد تطيق نظرته المتفحصة ، خوفا من أن يكتشف ما بها . واندفعت من مكانها بينه وبين قوائم السرير ، و ذهبت لتقف إلى جانب مقعد مستدير عبر الغرفة .
فوقف جوليانو و وضع يديه في جيبي بنطلونه ، و قال :
-ربما تكونين تعبة... و لكنني أشك أنك ستستطيعين النوم في هذه الحالة التي أنت فيها .
-و كذلك لن أستطيع النوم قبل خروجك.. أليس كذلك ؟
-إذا ، يبدو أن حل المشكلتين بين يديك . كل ما عليك أن تفعلي هو القول لي لماذا ، و كان بإمكانك عن طريق دزينة من الطرق إعادة الخاتم لي ، لماذا عدت بنفسك.. و عندها سأخرج .
-لقد عقدت اتفاقا معك للبقاء شهرين هنا .
-و لكنك كنت مستعدة للتراجع عن الاتفاق عندما أتيت إلى دورانغو لآتي بك إلى هنا .
-أنا.. أنا.. حسنا.. كنت أعيد النظر . لقد كنت.. بدوت .. في مدينة المكسيك .. إنك .. في النهاية .. لم تكن ترغب في بقائي معك . و تذكرت هذا عندما وصلت إلى دورانغو.. ففكرت أنني...
-أنت كاذبة بائسة يا كولين شادو.. هل تعرفين هذا ؟
و عندها فقط انفجرت ، و لم تعد تستطيع الاحتفاظ بسرها ، فكل جهودها لمنعه من معرفة الحقيقة ذهبت أدراج الرياح و هي تصيح به :
-اللعنة عليك يا جوليانو... أنا أحبك! قل عني الآن إنني كاذبة !
الصمت في الغرفة أصبح يصم الآذان . فمهما كان يتوقع سماعه ، فلا يمكن أن يكون هذا . وتمنت لو تنشق الأرض و تبتلعها و هي تراه واقفا مسمرا في مكانه ، و وجهه قد فقد لونه .
و لم تعد تتحمل هذه النظرة المذهولة على وجهه ، فأدارت له ظهرها بسرعة ، محاولة أن تمنع الدموع من الخروج ، متمسكة بما تبقى لها من كبرياء ، و قالت له بجفاء :
-أرجوك أن تخرج سنيور.. لقد أردت الانتقام لما فعله شقيقي مع عائلتك... و أظن أن حبا غير متبادل هو تعويض كاف لك .
و سمعته يتحرك ، و كان يجب أن تقول له شيئا واحدا بعد قبل أن يخرج :
-سأعود غدا إلى إنكلترا .
الصوت التالي الذي كانت تتوقع سماعه ، هو صوت فتحه للباب و هو خارج . لذا أصابتها الصدمة عنما أمسكت يداه القويتان بذراعيها و أدارتها لتواجهه ، فتراجعت بقوة ، محاولة الافلات .
و لكنه ، كما اكتشفت ، لم يكن ينوي أن يتركها . و كان عنده بضع كلمات ليقولها لها ، و يفاجئها بها ، حتى و لو اضطر ، لأنها لم ترفع رأسها إليه ، أن يقولها لقمة رأسها الأشقر :
-و ماذا ، يا صغيرتي كولين ، تريدينني أن أفعل بخطوبتنا ؟
-ألا يمكنك.. أن تفكر.. بقصة ما ؟ أعلم أن فقدانك لماء وجهك يقلقك، و.. و لكن.. و لكنني سأنفذ أي شيء تريد...
-أفقد ماء وجهي؟ لا يا عزيزتي كولين . ما يقوله الناس عني لا يهمني .
و هذه أول مفاجأة لها . فقالت محتجة :
-و لكن... لهذا السبب تمت خطوبتنا .. أليس كذلك ؟
-لقد أصبحنا مخطوبين لإنقاذ ماء وجهك أنت بسبب أفكار تينا الشريرة عنك .
و فكرت بتعاسة أنه غير مهتم ، فقالت له باختصار :
-حسنا لقد أردت الانتقام من عائلتي ... و هذا هو السبب الوحيد لإتيانك بي إلى هنا في المقام الأول .. كي...
-كم تحبين أن تستنتجي استنتاجات خاطئة . لقد كنت بحاجة لسبب كي أحضرك معي .. بالطبع... كان علي أن أصطحبك إلى هنا يا كولين.. و لم أكن أستطيع مغادرة كواريتارو من دونك .
ذلك لأنها كانت على وشك الإفلاس .. اللعنة. و لكنها فكرت بحيرة . كان بإمكانه تركها هناك دون اكتراث... هل هي الفروسية في نفسه إذا لم يكن السبب هو في جعلها تعمل بعد اعتقاده أنها لم تتعب نفسها من قبل ، فهل هي شهامة الفروسية التي دفعته لكي لا يتركها هناك معدمة ؟ و قالت بجفاء :
-كان بإمكاني الذهاب إلى القنصلية البريطانية.. و عندما أخبرهم بأنني لا أملك المال الكافي...
-لم تكوني لا تملكين المال الكافي ، بل كنت معدمة .. و هذه كانت أكبر ضربة حظ لي .
-و لماذا ؟
فسألها بنعومة :
-ألا تعرفين لماذا ؟
و هزت رأسها بالنفي ، و لم تغادره رغبته في مداعبتها بإزعاج ، و لهجته الرقيقة تهدد بإذابتها ، و سألها متابعا :
-أليس لديك أية فكرة ؟
و عادت كولين تفكر ، و لم تستنتج شيئا . يبدو أنها لم تعد تستطيع الفهم بسبب حبها له.. و ربما بإمكانها أن تفكر بجلاء أكثر لو لم يكن معها في الغرفة .. لو لم يكن يحتضنها ، و يتحدث برقة إليها .
-لا شيء.. لا فكرة أبدا .
و فجأة أخذت تتعلق به ، و رأسها مرفوع إليه ، و عدم التصديق يملأ عينيها ، عندما قال لها بحنان :
-ألم يكن هناك في حياتك أي حب يا كولين ، حتى لا تستطيعين أن تفهمي.. أنني مهتم بك ؟
-أنت.. مهتم.. بي ؟
عيناه كانتا تقولان لها إنه يهتم . و كذلك ابتسامته الناعمة على شفتيه. و مع ذلك لم تكن مصدقة بعد ، و قال لها بهدوء :
-لماذا إذا ، فتحت حقيبتك لأرى ما تحتويه محفظتك ؟
-و هل أردتني أن أكون مفلسة ؟
-أردتك في بيتي.. و كونك مفلسة أعطاني الفرصة .. أجل يا حبي .. أردتك مفلسة .
-و لكن.. و لكنك لم تكن تحبني يومها .
-كنت أكره نفسي أكثر.. كرهت نفسي لقوة تأثيرك علي منذ أول لحظة احتويتك بها بين ذراعي.
-عندما أغمي علي .
-لقد ظننت عندها أن السبب هو التعب . و لم أكن أعلم أن السبب هو مرضك .
و تجهم وجهه و كأنه يكره نفسه لإجبارها على العمل ، و أذاب تجهمه عدم تصديقها .و أخذ قلبها يخفق بالسعادة ، و كانت واثقة بأنه سيسمع هذه الدقات . و قال لها :
-لقد التقطتك بين ذراعي ، و علمت عندها أنك كل حياتي .
فقالت له و هي ترتجف ، و ذراعاه القويتان تلفانها :
-أوه.. يا جوليانو !
-أوه يا كولين ..
و ضمها إليه أكثر ، ثم نظر إلى عمق عينيها ، عميقا حتى روحها :
-أردتك أن تكوني مفلسة .. يا ملاكي.. فقد احتجت لهذه الفرصة ، أية فرصة ، فهي كانت تعني أنني لا أستطيع تركك تذهبين .
-ألم تكن تريدني أن أترك... المكسيك ؟
-إلا إذا كنت معك .
و أراحت كولين رأسها على صدره ، و هي تشعر بالهدوء و السلام .
و لأن الأمر كان لا يصدق ، خافت أن تقرص نفسها حتى لا تستيقظ و تكتشف أنها كانت تحلم .
و خلال دقائق طويلة أبقاها جوليانو قرب قلبه ، و أخذ يربت على شعرها بنعومة ، ليظهر لها عمق مشاعره . و أخذ يخبرها كيف أنه كان يريدها معه ، حتى قبل أن يجيء إلى الفندق ليصطحبها كان قد اتصل بتينا لتحضر غرفة الضيوف . على أمل أن يفكر بحجة ما ليحضرها معه . و قالت له كولين :
-صدقا؟
-صدقا . أيتها المتشككة الصغيرة .
و شد عليها بذراعيه حتى كاد يسحق ضلوعها.
-دايوس.. يا إلّهي كم أحبك ، يا جميلتي كولين!
-أوه يا جوليانو ، أنا أحبك كثيرا.. و كنت أظن أن قلبي سيتحطم!
-تي كويرو.. تي آمو...
-تي آمو ؟
-هذا يعني أنا أحبك .
-قد قلت هذه الكلمة .. في الأسبوع الأول لوجودي هنا.. ذلك اليوم في منزل المشرف .
-ألم أقل لك إنني منذ البداية عرفت بأنك حياتي ؟
-أوه يا جوليانو .. كم أتمنى لو أنني كنت أعرف هذا يومها .
فابتسم و قال :
-لا أظن بأن الكلمة كانت ستعجبك يومها . لقد اكتشفت بأننا شخص واحد جسديا ، و لكنني لم أكن أعتقد ، مع وجود روحك الصغيرة المتحفظة ، أنك كنت تحبيني يومها ؟
-ربما لا.. فأنا لم أتعامل مع رجل من قبل ، و لا أعرف هذه الأمور و كنت أظن أن شيئا ما يحدث لي ، لروحي الصغيرة المحافظة . لقد اكتشفت أنني أحبك عندما دخلنا الفندق في مدينة مكسيكو... و كانت المرة الثانية التي أبكي فيها بسببك .
حبه كان جديدا عليها ، و جعلته تقطيبتها الصغيرة المتحيرة يتخلى عن أية رغبة قد تساوره ، وأصبح تواقا لإزالة هذه التقطيبة عن وجهها .. فقال :
-ما بك.. مياموري(يا حبي)؟ أخبريني.. فلا شيء يجب أن يزعجك أو يؤلمك بعد الآن .
-إذا كنت تحبني ، فلماذا كنت باردا معي في نهاية إقامتنا في مدينة مكسيكو ؟
-أحبك؟ بل أعبدك! يا حلوتي الصغيرة ، و لكن البرود ؟ ربما بدوت هكذا ، و لكن لم يكن هذا يعكس مشاعري الداخلية .. ففي داخلي كان هناك اتون مشتعل طوال الأسبوع.. و كان أمرا خاطئا أن أستبقيك معي في نفس الجناح ، و لكن أردتك أن تكوني هناك . و طننت أنني سأتحمل هذا . ظننت ... أنني نجحت في الابتعاد عنك . ثم يوم خرجت تحت المطر لترقصي.. أثرتي رغبتي فيك التي هي جزء من حبي لك ... هل تمانعين بهذا ؟
-أبدا.. لقد كنت تقول ..
-كنت أقول يا سيدتي الصغيرة المقطبة . أن رؤيتك ذلك اليوم ، و قد التصقت بك ملابسك ، كنت على وشك أن... و الطريقة الوحيدة لتجنب أن يحدث هذا ، هو أن أتظاهر بعكس ما أشعر . فأنا لم أرد أبدا أن أؤلمك يا حبيبتي .
و ابتسمت له كولين لتظهر له أنه لا يمكن أن يؤلمها أبدا ، فحبه لها هو كل ما يهمها.. ثم تكلم عن يوم عاد إلى الفندق و وجد أنها سافرت إلى أكابولكو :
-لم أستطع يومها التصديق ..لقد توقعت أن تكوني بانتظاري ، و لم أستطع التصديق حتى بعد أن وجدت أن ثيابك و حقيبتك مختفيتان .
-و هل سامحتني ؟
-أسامحك على أي شيء يمنحني حبك لي.
و جعلته دقة على الباب يسحب ذراعيه من حولها ، ثم يستدير نحوه ، و فتح الباب و رأيا تينا تقف هناك . و هذه المرة شاهدت الابتسلمة على وجهها ، وهي تنقل نظرها من الفراش إليهما .
و تبادلت مع جوليانو عدة كلمات بالإسبانية ، ثم تركتهما و باب غرفة النوم مفتوح و هي تقول :"بيوناس نيتشاس سنيوريتا" أي ليلة طيبة سيدتي . و قال جوليانو و هو يجلس على السريرو يجذب كولين معه :
-هناك أوقات أفكر فيها جديا بالاستغناء عن خدمات تينا .
-لا!..
-و هل تحبينها ؟..
-نعم.. أحبها .
-في هذه الحالة سأتركها تبقى معنا ، لقد قالت إنها سمعتك تسعلين و رأت ضوء غرفتك عندما أتت لتستمع إلى سعالك .
-الحبيبة!
-هذا ليس ما دعوتها به للتو . و لكن بما أنها ذهبت و هي تبتسم ، فأنا أشك في أنها غضبت .
و أمسك بيدها اليسرى و رفعها إلى شفتيه ، و قبلها بكل حنان حيث تضع الخاتم .. وقال لها بأسف :
-سأتركك الآن يا حبيبتي.. و لكن فقط إذا وعدتيني بالاستيقاظ باكرا... فلن أكون صبورا بانتظار رؤيتك .
-ألن تعمل في الغد ؟
-لدي الكثير لتحضيره ، فمع هذا الخاتم الذي يرتاح في اصبعك و الذي نسيت أن ترديه إلي... قد يكون علي أن أضع خاتما آخر بجانبه ليسليه ؟
و كان هذا أجمل طلب زواج سمعت عنه كولين . و شع الحب من عينيها و هي تقول هامسة :
-قريبا.. نعم قريبا.. أرجوك ، يا جوليانو!



**********


تمـــــــــــــ بحمد الله ـــــــــــــــت

 
 

 


التعديل الأخير تم بواسطة redroses309 ; 26-10-08 الساعة 09:17 PM
عرض البوم صور redroses309   رد مع اقتباس
قديم 26-10-08, 09:10 PM   المشاركة رقم: 59
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Oct 2008
العضوية: 97570
المشاركات: 129
الجنس أنثى
معدل التقييم: فيفي و بس عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 22

االدولة
البلدJordan
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
فيفي و بس غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : redroses309 المنتدى : روايات احلام المكتوبة
افتراضي

 

يسلموا يا احلى الورود يعطيكي الف عافية ولا تغيبي كتير اتعودنا عليكي وراح نشتقلك

 
 

 

عرض البوم صور فيفي و بس   رد مع اقتباس
قديم 26-10-08, 09:32 PM   المشاركة رقم: 60
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Oct 2006
العضوية: 14658
المشاركات: 157
الجنس أنثى
معدل التقييم: ناعمة عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 42

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
ناعمة غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : redroses309 المنتدى : روايات احلام المكتوبة
افتراضي

 

واوووووو

واخيرا .. :)


الله يسلم ايدينك ..

شكرا

 
 

 

عرض البوم صور ناعمة   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
من روايات أحلام القديمة, روايات احلام القديمة, رواية سجن العمر, سجن العمر, كاتلين نيلز
facebook




جديد مواضيع قسم روايات احلام المكتوبة
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


LinkBacks (?)
LinkBack to this Thread: https://www.liilas.com/vb3/t96331.html
أرسلت بواسطة For Type التاريخ
Untitled document This thread Refback 23-04-10 10:16 PM


الساعة الآن 06:01 AM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية