وهذا الجزء الجديد أحبائي جميعا المتابعين
الفصل الثالث : براعم الأزهار
استيقظت مشرقة هذا الصباح ارتديت ملابسي اخترت ألوان مشرقة زاهية حيث كانت تعبر عن حالتي النفسية و مشيت الشارع بثقة ثم ذهبت الى المكتبة, عندما دخلت .. لا أدري ظلت عيناي تتحرك يمينا و يسارا لا أعلم عن من كنت أبحث ثم أخترت احدى
روايات شيكسبير و جلست للأستمتاع بمشاهدة صورها أولا ثم سمعت رجلا يقول الى جانبي:
-كيف حالك ؟
فنظرت اليه فوجدته هو فاضطربت ضربات قلبي و قلت :
-أوه!!!! هذا أنت مرحبا
-هل يمكن أن أجلس ؟
-طبعا!!
فجلس بالكرسي الذي يجاورني ولاحظت أن أنفه أحمر وأن صوته مختلف فقلت له:
-هل أنت بخير؟ تبدو لي مريضا.
فضحك ثم قال:
-هل هذا واضح جدا؟ لقد مرضت بالحمى سأحاول أن أجلس بعيدا حتى لا أعديك
-لا!! لاداعي هل ذهبت الى طبيب ؟ هل تأخذ الدواء بإنتظام؟
-أوه!!! لا تقلقي سوف أتحسن , بالمناسبة أحب هذة الرواية قرأتها مرتين
-حقا عما تحكي ؟
-أوه !!!! سوف أحكيها لك لكني سوف أضربك إذا نمت أثناء حديثي فهمت؟
فضحكت وقلت:
-هل هي مملة لهذة الدرجة؟
-لا بل أنا الذي أحكي بطريقة مملة جدا
-هذا غير صحيح...
فألتفت الي و نظر لحظة فشعرت بإحراج و قلت:
-ماذا ؟!!
فابتسم لي ابتسامة رقيقة جدا وقال :
-حسنا اسمعيني جيدا انها تحكي عن ملك يدعى............
تابع حديثه وكنت أستمع اليه وفي نفس الوقت لا أستمع اليه لم أكن أسمع أي كلمة مما قال حتى أنني لم ألاحظ عما تتكلم الرواية كنت أحدق به وبطريقة كلامه و بإبتسامته حركة يده وهو يشرح وشعرت أنه يملك سخصية جذابة جدا و لكني شعرت بالإحراج كنت أفكر قبل أي كلمة أقولها حتى لا يسئ فهمي أو يأخذ فكرة سيئة عن شخصيتي و تابعنا حديثنا بعد القصة و فجأة ضحك بشدة واندهشت لذلك فالتفت الي وقال :
-هل تعلمين ؟ نحن نتحدث منذ ساعة ونصف ولم نعرف حتى أسماء بعضنا .
وظل ناظرا الي فقلت:
-أنت محق.....
ثم فكرت قليلا و هو بقي ناظرا الي فنظرت في الساعة ونهضت قائلة:
-لقد تأخرت ... إستمتعت بالحديث معك , يجب أن أذهب وداعا ...
فنظر الي بإبتسامته الرقيقة المعتادة و قال:
-إنتبهي لنفسك......
مشيت... مشيت ....مشيت أفكر وأفكر هل أسير في هذا الطريق أم لا ؟ لماذا إعتدت عليه بهذة السرعة ؟هل أرتكب خطأ ما ؟ ولماذا أفكر فيه؟و لماذا ينظر الي هكذا ؟ لماذا إبتسامته الرقيقة ؟لماذا؟...لماذا؟ , فقررت ألا أذهب الى المكتبة لبضعة أيام
كنت سارحة أفكر في حديثه لي بينما قاطع تفكيري مناداة لأخي لي فقلت :
-هل قلت شيئا؟!
-جمانة ماذا بك ؟ ظننت أن الموضوع سيهمك كثيرا ..
-موضوع؟!!! أي موضوع ؟!!!!
-أوه !! بيدو أنك كنت في عالم آخر... أقول أن لوحاتك التي رسمتها مؤخرا جميلة جدا وهناك أحد أصدقائي سيقيم معرضا للوحات وأريدك أن تبيعيها هناك أليست فكرة جيدة؟
فكرت في كلام أخي و قلت في بالي أنا أكره أن أبيع لوحاتي وخصوصا لوحتي الأخيرة منظر الغروب الرائع الذي أرسمه عشرات المرات ولكني أعلنت موافقتي . وجاء يوم المعرض وكان الناس كثيرين وكنت أشعر بالنشوى كلما رأيت أحد يقترب من لوحتي و كان هذا بمثابة انتصار لي ثم ذهبت الي مكان لوحتي المفضلة لوحة الغروب الرائع فوجدت شابا يبدو ظهره مألوف لي و كان يحدق باللوحة فقلت:
-هل أعجبتك؟!!
فإلتفت الي و اتسعت عيناي و دق قلبي فإذ1 بي أجد الشاب الذي أقابله في المكتبة وهو أندهش كثيرا وابتسم ابتسامة سعادة طاغية وقال :
-ياه أنت آخر من تخيلت أن أراه هنا , كيف أنت؟
-بخير يبدو لي أنك تحسنت
فاتسعت ابتسامته و قال:
-أوه هل مازلت تذكرين ؟ لقد شفيت شكرا لك على قلقك علي
فتوترت ثم قلت :
-لا بأس , لم تقل لي رأيك في لوحتي ....
فنظر الي مندهش وقال :
-لوحتك ؟! هل رسمت تلك اللوحة ؟
فهززت رأسي بعبارة نعم فأعاد النظر اليها وقال:
-إنها مذهلة !! لم أعلم أن لك هذة الموهبة . هل يمكن أن أشريها ؟
فقلت له ضاحكة :
-نعم ولكن لن أرحمك إنها بمليون و لن أقلل عن ذلك.
فضحك وقال لي :
-أنا أتكلم بجدية أريد شراءها
-إنها بمئتين و خمسون درهم
فأخرج محفظته و أعطاني المال فأعدت له خمسون فنظر الي فقلت :
-هذا الخصم من أجلك ......
فابتسم وقال لي :
- بالمنايبة أنا اسمي شريف عبد العزيز ..... هل يمكن أن أعرف اسم الفنانة التي رسمت هذة اللوحة
فابتسمت ابتسامة احراج وقلت :
-اسمي جمانة عادل ...
فنظر الي تلك النظرة الهادئة المليئة بالمشاعر وقال:
-جمانة !! أنه حقا اسم يليق بك .
فنظرت الي الأرض نظرة احراج و تابع كلامه :
-متى ستأتين الى المكتبة ؟
-لا أعلم ........ ربما يوم الخميس
-حسنا نلتقي يوم الخميس
ثم بدأت في إجراءات شراء اللوحة و رأته جيهان وأخبرتها أنه هو فقالت :
-إنه فعلا وسيم و لكن هل تعرفين أي شئ عنه غير اسمه؟!
فقلت لها مندهشة :
-لا لم أسأله عن أي شئ
جلست في غرفتي وأنا أتخيله ينظر الى لوحتي ويفكر بي كما أفكر به أعجبني اسم شريف و شعرت أنه لائق عليه وخلدت الى النوم
جاء يوم الخميس المنتظر ارتديت أفضل ما عندي , دخلت الى المكتبة , ذهبت الى مكان المطالعة فوجدته جالسا و يضع كتابا على الكرسي الذي بجانبه فذهبت اليه القيت عليه تحية سريعة وهمت بالإستمرار بالمشي و لكنه نهض و ناداني فاقتربت منه وقلت له :
-هل هناك شئ؟
-لقد حجزت لك مكانا وأخترت كتابا لك , سوف يعجبك كثيرا .
فشعرت بالاحراج ولم أدري ماذا يجب أن أفعل ثم جلست بعد الحاح منه و شعرت بالإحراج الشديد و فتح الكتاب أمامي وظل يتكلم ويتكلم و لكن أنا لم أسمع شيئا ظللت أحدق بالناس حولي ورأيت المرأه التي تجلس أمامنا تحدق بي فازداد احراجي أكثر ثم قاطعت كلامه و قلت:
-أعذرني تذكرت موعدا هاما و يجب أن أذهب
فحدق بي متسائلا وقال :
-هل ستأتين غدا ؟
فقلت مسرعة:
- أوه!!! نعم
-سوف أنتظرك إذن ....
لم أشعر بمثل تلك الحيرة من قبل فلطالما كانت تقول والدتي عني أني ساذجة و أجهل كيفية التعامل مع المواقف و شعرت أني ارتكبت خطأ ما فكرت وفكرت و قررت ألا أذهب الى المكتبة غدا.
جلست طوال اليوم التالي أرسم و لكن كان أدائي سيئل للغاية و شعرت أني عاجزة عن الرسم ثم فكرت لسلعات وشعرت أنني ربما أكون قد أخطأت في حقه فهو يعاملني جيدا و يبدو لطيفا معي بالإضافة الى أنه جذاب و قلت ألا أتعامل بحذر معه كما أفعل مع بقية الشبان و أطلق العنان لمشاعري قليلا .
ذهبت الى المكتبة فرأيته ورآني فنظر الي نظرة بائسة ثم ذهب فشعرت أنه غضب مني فجلست على طاوله أخرى غير التي جلس عليها وكان ينظر الي ثم يسرع الكتاب عندما ألاحظه كان مترددا وفي نفس الوقت غاضبا فنهضت لأحضر كتابا ثم وجدت مكانا فارغا الى جانبه فجلست ونظرت الى يده فوجدته يمسك بميدالية جميلة على شكل حصان ذهبي جميل للغاية ففكرت أنها طريقة جيدة لإفتتاح الكلام فقلت :
-ماهذة الميدالية الجميلة ؟!!
فأمسكها بيده الاخرى و فك منها مفاتيحه وقال :
-إنها لك ولا تناقشيني في هذا الأمر ...
فحدقت به وقلت له متعثرة :
-ماذا تقول ؟ لم أقصد هذا أبدا......فقط أردت أن ..
فقاطعني قائلا :
-لا تتكلمي أنا مصر ستأخذيها يعني ستأخذيها.
فابتسمت له و أخذتها و شكرته ثم بدأنا حديثنا بشكل طبيعي و كأن شيئا لم يكن . لا أدري لماذا شعرت بالحزن عندما غضب مني مع أني كنت أريد أن أقلل من نطاق علاقتنا نوعا ما لا أدري أشعر بالتردد و الحيرة حياله ولكن تتضارب آراء عقلي وقلبي معا ولا أدري في أي طريق أسير أو ماذا علي أن أفعل .
سألني حول عملي وهوايتي و أسرتي و بدأت صداقتنا الحميمة و كذلك سألته عن عمله فأخبرني أنه يعمل في ادارة شركة والده الراحل وليس لديه أخوان رجال و إنما له أخت صغيرة و لاحظت من كلامه أنه يحب أسرته كثيرا و يمثل الأب الحنون بالنسبة لهم و أن هوايته الأساسية هي القراءة فشعرت بانجذاب له أكثر فأنا أحب الرجل الحنون جدا و حقيقة أتمنى أن أتزوج من رجل حنون ذو أخلاق عالية و تدين مثله حتى أنه لا يخرج عن حدوده في حديثه معي ولا يستغل كوني أتكلم معه بل يكلمني بإحترام وأدب مع اهتتمام ملحوظ فشعرت شيئا فشيئا أنه يأسر تفكيري وعقلي و أغلب الأوقات وكل مرة أدخل فيها المكتبة أشعر أن قلبي يكاد يحطم ضلوعي و هو ينبض بكل ما لديه من قوة و أشعر باضراب في معدتي كامل رأيته يقترب نحوي حتى أني أصبحت أتحدث مع جيهان عنه كثيرا حتى لاحظت اهتمامي به ثم وجدتها تطبخ أصناف من الأطعمة و طبعا ساعدتها وتوجهت اليها بالسؤال :
-لماذا كل هذا ؟ هل لدينا ضيوف اليوم ؟
-ألم أقل لك ؟ لقد نسيت !! صديق ماجد قادم ليأكل عندنا فهو قد سافر مع ماجد للعمل هنا و هو يزورنا بين الحين والآخر .
لم أكترث لكلامها و انخرطت في التفكير في شريف لأني لم أره منذ يومين بسبب انشغالي برسم احدى لوحاتي ثم جهزنا المائدة و أرتديت ملابسي و جملت نفسي ثم سمعت صوت أخي وصوت رجل آخر فخرجت لأحييه فوجدت شاب جيد الملامح ولكنه يبدو مألوف بالنسبة لي وعندما نظر الي تهللت أساريره و حياني بشده و عاملني بمنتهى الذوق فقال لي ماجد :
-هاه !! هل تذكرت رمزي صديقي الذي كان يزورني في مصر ؟!
فنظرت الى ماجد مندهشة ونظرت اليه ولكني لم أتذكره فقلت محاولة اخفاء مشاعري :
-أوه !! طبعا أذكره و من ينسى رمزي .
ففرح رمزي أكثر وقال :
-وأنا أذكرك جيدا جدا لطالما كنت لطيفة معي حتى أني كنت أحب العصير الذي تحضرينه لي .
فاندهشت أكثر وقلت في نفسي معقول كل هذا ولا أذكره لقد زارنا الكثير من أصدقاء ماجد و لا أذكر من يكون من بينهم .
لاحظت خلال العشاء كيف كان يتكلم بطريقة لطيفة و كان يوجه الكلام لي كثيرا و يحاول أن يظر ذوقه الرفيع و لطفه وأهتمامه بي ولكني لم أفهم و قلت ربما لأني أخت صديقه العزيز . بعد أن غادر وجدت جيهان وماجد يتحدثان عنه و يخرجون في محاسنه الظاهرة و الغير ظاهرة و فجأة سألتني جيهان :
-ما رأيك به ؟
-ماذا تقصدين ؟!
فابتسمت و بعد أن ذهب ماجد قالت :
-رمزي شاب جيد جدا ألا ترين أنه يجب أن تعيريه بعض الاهتمام فهو من عائلة جيدة جدا و ماجد نفسه يرشحه لك وهو يعمل في أحد البنوك عملا مرموقا ومرتبه ممتاز و ربما يكون من نصيبك .
-فإنتابتني نوبة من الضحك بالهستيري و قلت لها : ما الذي تتكلمين عنه لم أشعر نحوه بأي شئ
ثم استلقيت على سريري وقلت ماذا يجب أن أفعل اللآن وأنا أشعر أن براعم حبي بدأت تكبر و تنمو ..................
الفصل الرابع : قلبي ......
جلست على طاولة المطالعة أنظر الى الكتاب الذي في يدي و تفكيري خارج هذة المكتبة
أفكر في شريف لماذا لم يأتي الى الآن فقرأت وقرأت و شعرت بملل شديد و فكرت في نفسي ماذا يمكن أن يكون قد حصل له ثم فكرت مرة أخرى وتبسمت و قلت في بالي أهذا كان يشعر في الأيام التي لم أكن آتي فيها مسكين وفجأة وضع أحدهم صندوق أمامي مغلف كالهدية فنظرت اليه فوجدته شريف فدهشت لذلك وهو يبتسم لي وقال لي :
- وحشتيني ........
ثم سكت وشعر أن الكلمة خرجت عن غير ارادته ثم شعر بخوف أكثر و أنا أحدق به دون أية ردة فعل فابتسم مجددا و قال :
-ألن تفتحيها ؟!!.....
فعدت الى وعيي وقلت له:
-ما هذة ؟أهي لي ؟
-طبعا لك
فنظرت اليه بجدية :
-وما المناسبة ؟
فأبتسم وقال :
-بمناسبة عودتي من السفر
-أكنت مسافرا ؟ لماذا لم تخبرني ؟!
-سافرت يومين فقط ولا داعي لإخبارك ثم أردت أن أخبرك في يوم سفري و انتظرتك في المكتبة وام تأتي ....
-أوه صحيح !!! لم آتي الى المكتبة منذ .......
فقاطعني قائلا :
-ماهذا ؟ لاتتهربي و أفتحي الهدية ...
ففتحت العلبة ووجدت بداخلها تمثال لأميرة ترتدي ثوب رائع المال و تمسك بيدها ساعة كبيرة كانت الهدية ساعة فظللت أحدق بها من جمالها وقلت :
-ياااه !!! كم هي جميلة
-حاولي أن تجعلي منبهها يعمل .....
و عندما عمل أصدر صوتا عذبا و رقيقا وليس مثل بقية المنبهات بإصدار صوت مزعج لإيقاظك فشعرت بالسعادة و لكني شعرت بالإحراج و قلت :
-لكن لماذا فعلت هذا لم يكن هناك داعي ثم إنها غالية الثمن لا أستطيع أخذها لأن ........
-إياك أن تفكري في إعادتها إنها لك وهذا شئ طبيعي أنا سافرت الى مدينة أخرى و اشتريت هدايا لكل الذين أعرفهم فلماذا أنت بالذات لا أشتري لك هديه مع أنك أهم من كل الذين أعرفهم.
فإلتفت اليه فقال:
-لأنك تشاركيني هوايتي........ أليس كذلك ؟
فشعرت بالإحراج و التردد ولم أعرف ماذا يجب علي أن أفعل ثم سألته عن سبب سفره فقال :
-العمل كما تعلمين ثم أن أسرة والدي تعيش في تلك المدينة فقررت أن أزورهم أيضا .....
فنظرت اليه مستغربة وقلت :
-و لماذا تعيش أسرة والدك هنا أبضا ؟!
-لأنهم أصلا من الإمارات فوالدي من الإمارات ووالدتي مصرية الجنسية .
فأصبت بصدمة شديدة ولم يخطر ببالي أنه ليس مصري من لغته وكلامه على الرغم أنه أخبرني أن شركة والده هنا و لكن لم يترك لي قلبي فرصة التفكير فبدأ بمحادثة عقلي قائلا وماذا يعني أنه عربي أيضا وكذلك والدته مصرية ثم أن أخلاقه أفضل من أي مصري عرفته ثم ...ثم ولم أشعر أن الأمر شكل لي أية مشكلة و بينما أنا خارجة من المكتبة و في يدي هديته رأيت رمزي أمامي ........ قال لي مبتسما :
-ياه !! جمانة !! يالهذة الصدفة السعيدة ماذا تفعلين هنا ؟
فقلت مترددة:
-أنا آتي للقراءة هنا و أنت ؟
-أنا؟ ...أنا جئت للقراءة أيضا أنا أحب القراءة كثيرا ,.. و كيف حال ماجد و جيهان ؟
- آآه بخير يسلمون عليك ....
فنظر الى العلبة و قال :
-ما هذة ؟!.... هدية لماجد ؟
فأجبت في خوف :
-هذة؟! .....إنها هدية لجيهان لا تهتم , عن إذنك الآن لأني تأخرت ...
وذهبت مسرعة .....
عدت الى البيت وأنا أعلم ألا أحد فيه فتحت هديتي و ظللت أراقبها, كم هي جميلة وعذبة مثل معزوفة رقيقة تداعب مشاعرك و ضبطها ووضعتها على مكتبي حتى أراها دائما و إذا سألني أحد سأقول أني اشتريتها و نظرت الى النتيجة فإذا به اليوم التاسع عشر.......
لا أستطيع أن أحدد ماذا يريد مني رمزي بالضبط فهو يزورنا كثيرا و يتعمد الحديث معي و أنا ما أفعله طوال الوقت هو جعل الوقت يمر حتى تأتي لحظة لقائي بشريف و تمر حينها الساعات كالثواني ثم أعود لأحاول من جديد تحريك الوقت ثم جاء صباح استيقظت فيه فوجدت الساعة غير مضبوطة تأخرت ساعتين فأعدت ضبطها ولكن لا أدري لماذا رجف قلبي لحظتها وشعرت ببعض التشاؤم و لكن تناسيت ذلك و ارتديت أفضل ثيابي و ذهبت الى المكتبة .
نظرت الى المكان الذي يجلس فيه غالبا ولكني لم أجده فاندهشت و بحت عنه حتى رأيته بعيدا يقف مع فتاة أخرى يتحدثان معا ويضحكان معا يبدوان مستمتعان وهي تبدو جميلة و جذابة فشعرت أن قلبي تقلص في مكانه و شعرت بإختناق في حلقي واتجهت مسرعة نحوهما وأنا لا أدري ماذا أفعل أصلا فاستدار نوي ولم يبدو عليه الخوف وقال :
-آه!! ها قد أتت جمانة التي حدثتك عنها هذة .....
و إذا بي أري يدها تلمس كتفه وشعرت أني لا أرغب في رؤية هذا و أنني أفقد كرامتي فاكتفيت بالرحيل سريعا وسط كلامه وأؤكد أني لم أسمع شيئا .
لا أعلم ماذا حدث لي في هذة اللحظة لكنني شعرت بنظراته تخترق ظهري وإذا به يركض خلفي و يناديني و يحاول أن يقدم أعذارا فالتفت اليه وقلت مسرعة :
- من هي
-إنها ابنة خالتي
-إذا لا عذر لك
فاستر بالكلام و أنا لا أريد أن استمع و أستمر في الذهاب بعيدا فأمسك بيدي وأوقفني وقال :
- أرجوكي أسمعيني .....
فالتفت له ونظرت الى يده تمسك يدي و اكتشفت انها المرة الأولى التي نتلامس فيها فنظرت له وقلت :
-دعني و شأني .....
فابتسم وقال :
-هل تغيرين...... منها؟!....
فاتسعت عيناي وادركت ما فعلته و شعرت بحرج رهيب فتركته وذهبت مسرعة الى البيت و دخلت الى غرفتي و جلست على السرير وظللت أفكر وأفكر و أخيرا نطقتها أنا أحبه فعلا أنا أحبه ...أحبه من كل قلبي كيف حصل هذا أنا أحبه وأمسكت يدي لاستعادة لاستعادة شعوري وهو يمسك بها كم كانت يده دافئة وحنونة أنا فعلا أحبه ولكني أشعر أني خدعت أو شئ من هذا لا أعرف ماذا يجب أن أفعل.
دخلت علي جيهان و أخبرتني أن هناك حفل عرس لابنة مديرة عملها ويمكنني الذهاب معها فابتسمت وقلت :
-ليس لدي ملابس سهرة .....
فنظرت الي متعجبة وقالت :
-و أين ذهبت أنا ؟
لبست احد فساتين جيهان و الغريب انها ناسبتني في المقاس , ذهبنا الى الحفل و رأيت شخص قادم نحوي أوه!! لا أنه رمزي رحب بي بشدة ولازمنا طوال الوقت ثم ذهبت جيهان وماجد لتحية العروس و بقي رمزي معي و بدأ بالحديث عن لوحاتي و موهبتي فاكتفيت بشكره فاستمر قائلا :
-سمعت انك تذهبين الى مكتبة القاسم كثيرا انا أيضا أحب القراءة ما رأيك أن نذهب مرة الى هناك
فنظرت اليه مستغربة فلا أظن أنه يحب الكتب أبدا فقلت:
-آآه ربما يوما ما
فقام بالحديث عن نفسه و عمله و أسرته كيف هو سعيد ومرتبه عالي و أنه سيعود الى مصر قريبا وظل يسألني أسئلة عن نفسي و كأننا شابان نتعارف و لكني شعرت أن المشهد مختلف و كأنني مجرمة وهو محقق يسألني و أختار مايجب علي قوله و أفكر قبل كل كلمة لا أدري لماذا لا أطيقه مع أنه لطيف جدا ولكن لا أشعر بأي شئ نحوه إطلاقا , وجاءت لحظة رمي العروس للزهور لا أعلم كلما رأيت هذا المنظر في التلفاز تخيلت نفسي بين الفتيات اللاتي يلطقطن الزهور ولكن كنت دائما أظن أني لن أنجح أبدا في الإمساك بها وكنت دائما أحسد كثيرا الفتاة التي تمسك بها و أتمنى لو أكون مكانها ففكرت لماذا لا بحدث لي هذا أيضا وربما أمسك هذه المرة بالورد وأحقق حلمي البعيد أو رغباتي الخيالية المدفونة فتركت رمزي واندفعت بين الفتيات حتى طار الورد وشعرت أنه قريب من يدي جدا و رفعت يداي بكل قوتي وشعرت للحظة أن الورود بين يداي ولكن سقط بين ذراعي الفتاة التي تجاورني فشعرت باحباط وإحراج و أحسست أن احساسي كان يقول لي أنني لن أمسك بالورد مهما حاولت فهو ليس من نصيبي وكأنه كان يقول شيئا حيال شريف أنه لا يمكنني أبدا أن أكون معه و يجب أن أوقف ذلك ولكني لن أتوقف عن استغلال الفرصة والوقوف لالتقاط الورد حيث كان يسكن الأمل في قلبي ويجعلني أستمر في أحلامي وآمالي .
رحعت الى البيت ونظرت الى ساعة الأميرة لأجدها مضبوطة وحركت مؤشرها لأسمع صوتها العذب و شعرت بحنين شديد له ولكل تلك اللحظات الجميلة التي مررت بها . ذهبت الى المكتبة ولكنني وقفت أمام بابها ولم أستع الدخول لأني أعلم أنه بالداخل فاتجهت الى الحديقة التي تواجه المكتبة وظللت أتمشى بين أشجارها أفكر وأفكر حتى رأيت عصفورا جميلا يقف علي كرسي فجلست بهدوء الى جانبه لأراقبه راقبته لبضع دقائق ثم طار فبقيت جالسة وظللت أفكر حتى وقف شخص أمامي فرفعت عيناي لأراه فوجدته شريف فأبعدت عيناي عنه وكأنني غاضبة منه فظل واقفا مكانه وكأنه يفكر فيما يجب عليه فعله ثم ياللعجب فلقد بدأ يغني يسير ذهابا وإيابا أمامي ويغني طالبا السماح مني بأغنية لأحد المغنيين المشاهير والتي تصحبها معاني جميلة و لم يتوقف عن الغناء ولحسن الحظ لم يكن هناك أشخاص قريبين وظللت أستع اليه ولا أنظر اليه و أنا أضحك في داخلي من منظره و من صوته فلقد كان سيئا فعلا ولكنه كان صادقا ومقنعا وأستمر حتى تعبت من التحكم في نفسي وضحكت بقوة فتوقف و نظر الي وقال :
-هل تسمحين لي أن أجلس الى جانبك ؟!
فحركت رأسي وسط الضحك بنعم وبعد أن جلس قال :
-أنا آسف حقا....آسف جدا قد تكون ابنة عمي و لكن والدتي أرضعتها وهي أختي تقريبا فلا تظني بي سوءا مجددا .
فنظرت اليه و شعرت بالحرج ولكني لم أكن أعلم الحقيقة ولكن لم أعرف ماذا أقول فاكتفيت بالنظر اليه فنهض ووقف أمامي ومد يده الي وقال:
-هل تسمحين أن تأتي معي الى المكتبة و نعود كما كنا ؟!
فحركت يدي ببطء وتردد ثم وضعتها في يده وشعرت براحة غريبة وعدنا معا....
استلقيت على سريري أضحك حتى أن عضلات وجهي ووجنتي آلمتني من كثرة الضحك ظللت طوال الليل أتذكر ما قاله لي وما فعله في ذلك الصباح لينال رضاي حتى نمت دون أن أشعر فلم أكن أسعد من أي لحظة في حياتي من تلك اللظة.........
أتمنى يكونوا عجبوكم وأتمنى أجد تعليقاتكم احلوة