كاتب الموضوع :
safsaf313
المنتدى :
روايات عبير المكتوبة
ملاك وشيطــــــان
شخصيات الروايه:
- مارا بوش: صاحبه وكاله للخدمات المنزليه
- جوليان سكوت: رجل اعمال ثرى
- باتريك وبيتى سكوت: ابن وابنه جوليان سكوت
- كين اندرسون: صهر جوليان
الفصــــل الاول
رأسها يؤلمها كانت هذه اول فكره تطرأ على ذهن مارا وهى تتقلب بغير راحه وهى بين النوم واليقظه -لانها عند هذه النقطه كانت تعتقد انها نائمه - كانت فى البدايه تعتقد ان الالم يشمل رأسها كله ولكن بدأ تدريجيا يتمركز فى بقعه محدده فى فكها الايمن احساس بنبض ملح من الالم كان يدفعها الى ان تدفن رأسها وهى تئن
الوساده اخترقت الكلمه الضباب الذى يلف ذهنها فرفعت يدها تتحسس نعومه الريش تحت القطن الناصع البياض فلو كانت نائمه فمن الطبيعى ان تكون رأسها على وساده ولكن لسبب ما بدا ذلك غير صحيح ففى استرجاعها المشوش لافكارها وهى خارجه من اعماق اللاوعى بدأت تتذكر بأنها كانت ترقد مكومه فى غير راحه على شئ اشد صلابه من السرير ذى رائحه كرائحه الجلد - وعبست لهذه الذكرى الغير متوقعه - وانها كانت تهتز وتتأرجح وكأنها متحركه
- دعك من هذا الهراء!
هتفت بنفسها بصوت عال حتى تكون الكلمات اكثر اقناعا وكانت الذكرى تبعد ما تكون عن التصديق وطفقت تقول لنفسها : ان ذلك كان حلما. على انها كان ينتابها القلق فى اعماق نفسها حول ان هناك شئ ما يجب عليها ان تتذكره شيئا مرتبطا بهذه الذكرى المشوشه يرسل رعده فى اوصالها على الرغم من انها كلما ارادت ان تتبينه يفر منها منزلقا الى ذهنها الى العدم
وقدرت انه اوان استيقاظها وان تترك ورائها تلك الاحلام فالوقت لابد وانه حان لكى تنهض وتستعد الى الذهاب الى العمل فالشمس قد بدأت تسطع بالفعل على وجهها وتطلب فتحها لعينيها جهدا غير متوقع فالمعتاد ان تفتح عينيها فورا قبيل انطلاق جرس المنبه ولكن هذا الصباح بدا رأسها ثقيلا وعندما كانت تجبر عينيها على التفتح تطايرت كل علامات النوم من عقلها حين وجدت نفسها تحدق فى رعب جارف وقد هزتها صدمه عنيفه فى حجره لم تقع عليها عيناها فى حياتها
- كلا!
طار من وجهها كل اثار النوم وهى تنتفض جالسه انتفاضه دار لها رأسها فقد وقع بصرها على مرآه طويله لتسريحه مقابله لها وراحت برهه تحق لنفسها وكأنها تؤكد لنفسها بأنها مازالت هى ولم تتحول بشكل ما الى شخص اخر شخص غريب عنها غرابه هذه الحجره
وهدأ من روعها بأنها وجدت نفسها فى كامل ثيابها ووجدت ان بلوزتها الناصعه البياض وتنورتها الملونه بألازرق البحرى كانتا متغضنتين شيئا ما وانعكس وجهها يحدق اليها فأطمأنت الى صورته المألوفه لها فى شكله البيضاوى وعينيها العسليتين الواسعتين تحت حاجبين كثين وفم طويل مكتنز بشفتيه الرقيقتين القرنفليتين كل ذلك يموجه تموجات حمراء داكنه غزيره كان وجهها جذابا اكثر منه جميلا فلم تكن هى من توصف بالجمال وانما كان اقصى ما مدحت به هو انها ذات شخصيه لافته للنظر
كلنت بشرتها عاده غنيه بألالوان لكن وجنتيها بسبب الصدمه لوجودها فى مكان لا تعرف عنه شيئا كانتا فى لون ابيض شاحب وتبرز بوضوح فى جانب فمها الايمن كدمه كالحه السواد ومدت يدها تتحسس بحذر هذه الكدمه بلمسه رقيقه لكن اجفلت من شده الالم على الرغم من رقتها ثم برزت من دوامه افكارها صوره وجه رجولى عدائى ذو عينين زرقاوين باردتين كالثلج وصوت صارم يردد:
- اذن فأنت لم تتركى لى خيارا
هزت رأسها فى يأس تحاول ان تصفى ذهنها لتتمكن من التفكير اين هى؟ وكيف اتت الى هنا؟ وجالت عيناها مره اخرى فى الحجره واسعه داكنه من شده الذعر كانت غرفه جذابه توحى بالراحه بألوانها الممتزجه ما بين الازرق والرصاصى وصف دواليب الحائط بها والسجاده ذات لون الدخان لكن غريبه عنها تماما فهى متأكده بأنها ستتذكرها تماما لو رأتها مره واحده فى حياتها اذن ماذا تفعل هنا ؟ وكيف ومن الذى اتى بها الى هنا؟ ايكون هو هذا الرجل...؟
حاولت مارا ان تركز تفكيرها على الرجل الاسمر ذى العينين الزرقاوين لكن سرعان ما ان تتلاشى صورته وصعب عليها ان تستحضرها فى ذهنها انّ رأسها من فرط هذا المجهود فى التفكير واخذ الصمت الذى يلفها يذداد كآبه وتقلصت امعائها من شده الخوف ثم وقعت عيناها على النافذه فهبت على الفور للعمل ربما فى الخارج ومن خلال النافذه فهبت على الفور للعمل ربما فى الخارج ومن خلال الزجاج يعطيها فكره اين هى ؟ فاطاحت بساقيها هابطه الى الارض وهى تمد يديها الى مسند السرير ثم شهقت ورأسها يدور حتى كادت ان تقع ومره اخرى اتجهت عينيها الى صورتها المنعكسه وللكدمه التى على وجهها لابد وانها اصابت نفسها بطريقه ما ولكنها لا تتذكر اى سقوط لها او اى شئ آخر يمكن ان يسبب لها هذه الاصابه ايكون هذا ما حدث؟ ان يكون قد اغمى عليها مثلا فاصطدمت بشئ ؟ وهل التقطها شخص ما واتى بها الى هنا؟
منتديات ليلاس
ولكن اين هو؟ واعطاها التصميم على رؤيه ما وراء النافذه قوه على ضعفها فمدت يديها واتجهت فى خطوات بطيئه ومتعثره عبر الغرفه واخمد احساسها بالفرح ببلوغ النافذه خيبه املها وهى لا ترى خلفها سوى حديقه خلفها غريبه على عينيها غرابه الغرفه التى وجدت نفسها فيها كانت مساحات النجيل المعتنى بها جيدا تمتد الى سور من اشجار الزانوفيما وراء ذلك لا يوجد اى اثر لحياه لا منازل او متاجر تعطيها اى فكره اين هى لا شئ سوى حقول متراميه الاطراف وطريق متعرج لا شئ مألوف لعينيها واسوأمن ذلك ما من بشر تطلب منه المعونه او الايضاج
القت بنفسها على اقرب كرسى متنهده فى يأس تجاهد ان ترتب افكارها ووقعت عيناها على حقيبه يدها الموضوعه على التسريحه فمدت يدها اليها وهى تصيح بفرح فعلى الاقل وجدت شيئا فى هذا الوسط الغريب المفزع عليها وتبين لها بعد بحث سريع فيها ان ما من شئ فقد منها وهو ما ادخل الراحه الى نفسها فعلى الاقل لم تهاجم فى الطريق بسبب السرقه ولكنها يجب ان تعرف ماذا حدث الخطوه التاليه هى ان تغامر وتفتح الباب فربما رأت فى الطابق السفلى...
كان الطنين فى رأسها قد خفت حدته قليلا فقطعت رحلتها الى الباب وهى اكثر ثباتا ومع ذلك تنفست الصعداء راحه وهى تستند على الباب لتلتقط انفاسها فلحظات ويحل اللغز فلا بد ان هناك تفسيرا منطقيا لما حدث ولكن مخاوفها عادت اليها فوره مع عناد الباب فقد حاولت مع مقبض الباب لكن قاوم محاولتها بعناد وتمتمت :
- افتح لعنه الله عليك
ثم ارتفعت قبضتها على الباب وهى تهتز محمومه:
- افتح ارجوك افتح
ذذهبت محاولتها ادراج الرياح فتخاذلت ساقاها وخرت على الارض شاهقه وهى تدرك ان الباب موصد جيدا:
- العون !اوه. العون!
كان صوتها واهيا يرتعش من شده الخوف آه لو تستطيع ان تتذكر وصل الى سمعها صوت ضعيف من الطابق الاسفل كان شديد الخفوت مجرد صوت باب يفتح ولكنه دفعها للفور الى الحركه فهبت على قدميها غير ملقيه بآلام كدمتها :
- اخرجونى ! اخرجونى هل تسمعنى لا يمكنك ان تحبسنى هنا اخرجنى!
وامسكت انفاسها تتسمع بأنتباه هل سمعها احد؟ وما ان رفعت يدها لتضرب الباب بعنف مره اخرى حتى سمعت صوت احد صوتا جمد اوصالها تاركا اياها واقفه مبهوته
خطوات بطيئه غير متعجله تصعد السلم خطوات ثقيله ليست لطفل او امرأه وتراقصت عضلات امعائها ترقبا لقد كانت مصممه على ان يرد عليها احد ولكنها اضحت متوجسه من معرفه ذلك الذى على الجانب الاخر من الباب
وسمعت صوت صرير المفتاح بالباب وهى لا تقوى على الحركه وخذت تراقب الباب وهو يفتح ببطء كما لو كانت منومه مغناطيسيا وسمعت صزتا رجوليا ساخرا شتت اعصابها المنهاره اصلا
- ما من داعى لان تحطمى الباب
لقد سمعت هذا الصوت من قبل ولكن عقلها فى ارتباكه وضطرابه لم يسعفها لتذكر وجهه
وبدأت تقول بغيظ:
- انا...
ولكن صوتا اتى صاعدا من الاسفل على غير توقع هز كيانها بعنف لما اثاره من ذكريات يا الله! كيف نسيت باتريك وبيتى
فتح الباب على آخره وقابلت عيناها العسليتان زوجا من العيون الزرقاء البارده فى تلذذهما واخذت انطباعا متضاربا عن هيكل ممشوق قوى ومنكبين متينى البنيان بدوا لها من خلال عقلها الفائق الحساسيه وكأنهما يسدان عليها المدخل حيث كان الرجل واقفا وحين عادت عيناها لتلاقى هاتين العينين شديدتى الزرقه كسى وجهها شحوب كشحوب الموتى من فرط صدمتها
خرجت شهقه مرتعشه من فمها فما ان رأت وجهه حتى تذكرت
............................
دخل جوليان سكوت مقر الوكاله فى يوم بالغ السوء احدى آلات الكاتبه معطله ثلاثه من اكفأ موظفى الوكاله سقطوا صرعى نوبه من الانفلونزا بدت وكأنها وباء انتشر فى البلده الصغيره بوسطن وعمال الديكور جاءوا مبكرين اسبوعا عن موعدهم المقرر مصرين اما ان يبدأوا العمل فورا او يرجعوا بلا عوده
وفى ركن منزو من المكتب0كانت مارا محشوره بين اوانى الطلاء والاثاث المغطى ضد الغبار منهمكه فى حديث مع احدى السيدات اللاتى تعملن ليها احدى العاملات المريضات الثلاثه حين رأت رجل اشقر فارع الطول يشق طريقه بين العمال النهمكين فى العمل بعنايه فائقه حفاظا على الحله البنيه الواضحه الفخامه
- نعم مستر باركر ستصلك اخرى خلال ساعه. ووضعت السماعه بأرتياح ثم التفتت للقادم بأبتسامه
سألها وهو يخرج من جيبه بطاقه يراجعها:
- الخدمات المنزليه انى ابحث عن الانسه بوس
- هذا حق انا مارا بوش
تناولت يدها الممدوده يد قبضت على يدها قبضه سريعه نافره احست لها بالكراهيه الفوريه
لقد علمتها تجاربها ان ان هه المصافحه الغير مخلصه تصدر عن اشخاص لا تحبهم على الاطلاق ولكن لن يكون عليها ان تعمل مع هذا الرجل فما ان تنتهى زيارته حتى تنقطع علاقتهما للابد
- تفضل بالجلوس ومدت يدها ترفع غطاء احد المقاعد جلس عليه بتعال يسوى من بنطلونه ويعدل من سترته بعنايه فائقه
- اى خدمه يا سيد؟
- سكوت .. جوليان سكوت لقد وصلت لتوى الى ايتون وقد اشتريت منزل ستران اعتقد بأنك تعرفينه؟
وهزت رأسها كل الناس يعرفون المنزل وانه بيع منذ فتره وجيزه لشخص يملك من المال اكثر مما يملك من العقل هذا ما علقت به امها وبدت اميل لموافقتها فعلى الرغم مما يبدو عليه المنزل من فخامه كان ابعد مما يكون من الذوق بالنسبه لها لاغراقه فى مظاهر الحداثه وان كان ان تصفه بالقبح والخلو من الروح ولكنها لما كانت لتذكر ذلك للزائر بكل تأكيد
- هل تبحث عن مديره منزل يا مستر سكوت؟
- مديره منزل نعم
انحنى الرأس الجميل موافقا وامتلأ انف مارا بعبير قوى من عطر ما بعد الحلاقه حتى قاومت فى ان تجعد انفها فى استياء وكان عقلها مشغولا فى مراجعه السجلات للنساء اللاتى تعمل لديها تحاول ان تجد واحده مناسبه لهذه المهمه المتميزه فواضح ان جوليان سكوت يمتلك الكثير من النقود فعطره وملابسه ولمعان ساعته الذهبيه وكل سلوكه ينبئ عن ثراء ورغبه فى كل ما هو مزوق فالبهرجه هى الكلمه التى تختارها لوصفه وكلمات امها ترن فى اذنها
تقلص مجال البحث تدريجيا مع طرح الاسئله حتى انحصرت نانسى هاين التى لن تعتبر سكوت مبهرجا اطلاقا وعادت مارا الى الموضوع قيد البحث واذا ب جوليان ينتقل الى موضوع اخر:
- وهناك بعد اذ مشكله الطفلين
اطفال؟ ان جوليان لم يوحى لمارا بأيه ابوه فمن الواضح انه شخص دائم التنقل فقد نظر فى ساعته مرات ثلاث خلال الزياره القصيره موحيا ان وقته اثمن من ان يضيعه فى تلك الزياره كما ان مظهره كان مغاليا فى النزعه الى الكمال وليس له تلك النظرات القلقه التى توجد على سام زوج اختها واب لطفلين يحبهما بكل دقيقه من حياته
- هناك باتريك سته اعوام وبيتى اربعه اعوام ونصف العام وسيذهب كلاهما الى مدرسه....وذكر مدرسه راقيه حوالى 16 كيلو مترا من بوسطن لذا انا محتاج الى من يذهب بهما الى المدرسه فى الصباح ويعود بهما فى نهايه اليوم وبعد ذذلك يتأتى الى مديره المنزل ان تهتم الى امرهما
لن ترغب نانسى فى القيام بذلك فهى لا تحب الاطفال على الاطلاق وشعرت مارا بالتعاطف مع الصغيرين حين يتركان مع من لا يهتم بأمرهما وسألته بحذر:
- وهل تعمل مسز سكوت ايضا؟
ولاول مره يهتز قناع التحفظ قليلا:
- ان زوجتى متوفاه
فسارعت مارا بالاعتذار :
- اوه اننى اسفه لم اكن اعلم
- هذا مؤكد فمن اين لك ان تعلمى؟ ...لقد كان ذلك فى امريكا حيث عاش الاطفال فى العام الماضى
وبدت العباره غريبه عليها لم يقل حيث كنا نعيش وبدا محتملا لها انه كان منفصلا عن زوجته
- اريد تأكيدا صارما بأن من يتحمل مسؤليه الطفلين لن يتكلم عن امهما اطلاقا او يلقى لهما اسئله تثير الاضطراب ... اريدهما ان ينسيا
اوليس من الافضل ان تترك لهما فرصه للحديث حتى يتقبلا الامر الواقع؟ وكان السؤال على طرف لسانها ولكن ابتلعته على الفور
- ليس هذا فى الواقع ما نعمل فيه...
حين اسست وكالتها اكتشفت على الفور ان النساء اللائى كن يعملن معها يفضلن العمل ساعات وجود ابنائهن فى المدرسه والذهاب والاياب بأولاد سكوت سيتعارض تماما مع الاوقات التى يردن فيها ان يكن فى المنزل سوء فى الصباح او بعد الظهر وسألته:
- اتصور انه ليس لديك اقرباء يمكنهم مد يد العون ؟
وهز جوليان رأسه:
- ان لهم خالا ولكنه لا يعيش فى المنطقه بل لا ادرى فى الواقع اين يعيش الان وحتى لو كنت فلا اريده ان يقترب من اطفالى
وبشئ من الدهشه لمست مارا نبره غضب تسللت من صوته الهادئ المتحفظ
- ان صهرى من الذين لا ارغب بأن يهتموا بأولادى فأنا وهو لم نتفق على الاطلاق
وكانت نبره صوته توحى بوضوح توحى بوضوح انه يقصد معنى اقوى بكثير مما تحمل عبارته
- قد كان ضدى فى البدايه وقد قلب حياه زوجتى رأسا على عقب بعدائه لزواجنا حتى استطاع اخيرا ان يسمم افكارها ضدى
لقد كانت على حق فزواج جوليان سكوت قد انفصمت عراه قبل موتها ،لكن هل كان من حق ذلك الصهر بأن يتدخل لافساد هذا الزواج؟ وشعرت مارا بغضب مفاجئ ضد هذا الرجل المجهول الذى حطم بتدخله وصلفه حياه طفلين صغيرين
- كما انه ليس بالذى يلقى للاطفال بالا مثقال ذره
انساق جوليان تماما وراء موضوع صهره واخذت عيناه تشعان بالغضب:
- انه طراز تقليدى من العزاب مستهتر تماما واخر ما سمعته عنه انه كان هجره لوظيفته ومغادرته للبلاد كما انه زير نساء
واثقل الازدراء نبره صوته:
- انه منغمس فى حياه اللذه لا يلقى بالا لاى انسان كما انه يعامل النساء كما يعامل وظيفته يلتقط منها ما يحلو له ثم يلقى بها وراء ظهره فور ان تلوح له من هى اكثر جذبا لانتباهه بدون ان يشغل باله اطلاقا وسيكون للاطفال صديقه لخالهم كل اسبوع لو قاما معه ويعلم الله ماذا سيقول لهما عنى ولو حدث وطلبت مساعدته لن يكون ذلك الا اذا سدت امامى السبل
واحست مارا انها متفهمه لمشاعره فبدا الخال هذا شخصيه سيئه لا يطمأن اليها
وبدأت تقترح عليه:
- الا تعتقد انه ربما تكون سياره اجره........
ثم اطبقت فمها على الفور متذكره ما قاله لها عن عمر الطفلين وما يمك ان يشعرا به اذا تركا كل يوم فى يد غريب مختلف ولمده خمسه ايام متتاليه فاض قلبها بالعطف وهى تتمثل مشاعرهما وقرب عهدهما بفقدان والدتهما وربما يدريان شيئا عن انفصال والديهما قبل ذلك
وكان لم يكن يصلح فى سجلاتها من يصلح لهذا العمل وتوقفت مارا عندما طرأت عليها فكره بأن منزل سترايد ليس بعيدا عن مكان اقامتها ويمكنها بسهوله ان توصل الاطفال وتكون على مكتبها بعد الساعه التاسعه ببرهه وجيزه كما ان ميعاد رجوعهما فى الظهيره يتفق مع ميعاد راحتها فى برنامجها اليومى
- يمكننا تدبير شيئا ما لتنفيذ ذلك
وكم كانت دهشتها عندما وجدت نفسها تسارع الى تقرير ذلك قبل ان تصل فى الامر الى قرار نهائى
- لن يطول الامر اكثر من عده اشهر ففى نيتى الزواج مره اخرى
اذن فهذا يتم فى فتره قصيره وهنا يمكنها القيام بهذه المهمه وردت عليه بحماس:
- اذن فبالتأكيد يمكننا المساعد
وطردت من ذهنها فكره ان والدها سيشد شعره من الطريقه التى تتحكم بها مشاعرها فى العمل مما يتعارض مع رأيه فى اداره الاعمال فهو الذى ساعدها فى تأسيس وكالتها فقدم لها رأس المال لتأسيس المكتب وتجهيزه كما انه يبدى اهتمام شديد بعملها وكما هو رجل اعمال مخضرم فلم يكن من السهل ان يتقبل بطريقه تعاملها مع الاعمال المتعبه او الغير مجديه اقتصاديا وكم جادلها فى ذلك عندما كانت تخفض فى عمولتها بل ومره تنازلت عنها لبعض المتقاعدين الذين طلبوا المساعد فى تدبير مسكن لهم ولكبر سنهم كانوا عاجزين عنه وقد قال لها يومها معترضا:
- انك لن تحققى مكسبا بهذه الطريقه...
فردت عليه:
- اننى احقق المكاسب التى اريدها ثم اننى اسميت الوكاله بالخدمات المنزليه لان بغيتى خدمه الناس فى المقام الاول
- حسنا تدبر خطواتك جيدا ايتها الشابه ففى ذات يوم ستوقعك اندفاعاتك الخيّره فيما لا تحمد عقباه
ولكن ذلك لا ينطبق على المهمه التى ستقوم بصددها فكرت فى ذلك وهى تستدير بثقه مبتسمه لمستر سكوت
- سوف اتعهد ابنائك يا مستر سكوت اعطنى كافه التفاصيل والمواعيد و....
وفى النهايه كانا توصلا الى ترتيب جيد بصوره مدهشه
ولو كان لديها ادنى تردد فى معاونه جوليان سكوت فان ذلك تلاشى فور رؤيتها لباتريك وبيتى فى صباح اليوم التالى وهما واقفان على عتبات المنزل يبدو القلق على وجهيهما الصغيرين الابيضين كان باتريك طفلا جميلا بصوره لافته للنظر نحيلا اطول مما هم فى نفس عمره اخذ عن ابيه شعره الاشقر وعينيه الزرقاوين المشرقتين اما بيتى فأشبه بجنيه ساحره صغيره لها نفس العينين الزرقاوين الصافيتين يزين رأسها شعر فاحم السواد فافترضت انها ورثته عن امها وفاض قلبها عطفا عليهما ولا عجب فى ذلك اذ فقدا امهما فى سن صغيره وانتقلا من امريكا الى بلد غريب عنها كليا
وكان الطفلان فى مبدأ الامر خجولين عزوفين عن الكلام بصوره مؤلمه ولكن مارا تمكنت من جذبهما بالتدريج حتى انهما فى نهايه الاسبوع الثالث كانت بيتى على الاقل قد انطلق لسانها فى اثناء الرحله تقص بصوتها الرفيع ولكنتها الامريكيه ما مر بها من احداث المدرسه بينما ظل باتريك متحفظا نوعا ما وارجحت مارا ذلك لكونه اكبر سنا
وبدءا من الاسبوع الثالث اخذت الامور تسير بينهم سيرا حسنا اصبحت تنتظر بشوق وقت العبء اللذيذ واكن صباح الاربعاء يوم خريفى انجليزى بديع وكانت بيتى منهمكه فى وصف رأس من الورق صنعته بالامس ولكن مارا لم تكن لتلاحظ صمت باتريك لولا ان لمحته فى زجاج السياره فوجدته قد فك حزام مقعده وجلس على ركبتيه متطلعا خاج الزجاج الخلفى للسياره
وقالت له محذره:
- باتريك...
ثم اضافت بقدر كبير من الحزم حين تجاهلها
- باتريك اجلس كما يجب
وتصورت للحظه انه لن يطيعهاحتى تسائلت ما هو الذى يجذب انتباهه ولكن ما ان فتحت فمها لتقرعه حتى استدار على مضض واحاط نفسه بحزام المقعد وهو ينظر الى اخته
وكأنه بدأ يقول بأنفعال :
- انه....
ولكن بقيه عبارته ضاعت مع زمجره محرك سياره اسكورت سوداء مرقت الى جوراهم وكانت تتبعهم منذ عده كيلم مترات واختفت فى سرعه وجدتها مارا مجنونه فى ذلك الطريق الضيق الملتوى
قالت مارا وهى تحملق فى مؤخره الرأس السوداء من بين اسنانها:
- خنزير!
وشعرت بأرتياح لاختفائه بعد ان كان يسبب لها قلقا بقرب سيارته من سيارتها فتسائلت متعجبه لم لم يتجاوزها حين كان الطريق اكثر امنا عن ذلك؟ ونظرت خلفها الى الطفلين وقالت برقه - حزام المقعد يا باتريك
وما ان سمعت طرقعه اغلاق الحزام حتى عادت بأنتباهها الى بيتى
- اوه اللعنه!
وفرت منها هذه الصيحه حين كانت تأخذ منحنى خطرا فوجدت الاسكورت السوداء واقفه بزاويه مائله تعوق اجتيازها من اى الجانبين
قالت للطفلين وهى تضغط على الفرامل بقوه:
- اسفه ! لكن كنت متأكده من ان طريقه قيادته ستؤدى الى مالا تحمد عقباه بعض الناس لا احساس لديهم ابقيا حيث انتما حتى انظر ماذا يجرى
هل اخذ المنحنى الاخير بسرعه اخرجت السياره من تحت سيطرته ؟ اكان محرك السياره ضاق به ذرعا؟ كانت تتسائل هكذا وهى تفك حزام مقعدها وتدفع الباب بجوارها وسواء كان هذا او ذاك فلم يكن يبدو عليه الاهتمام بل ولم يكلف نفسه رفع غطاء المحرك مكتفيا بالتسكع حول السياره وجسده السامق فى استرخاء كما لو كان يستمعت بدفء الشمس
- هل هناك مشكله؟
لم يكن بأستطاعه مارا ان تفسر لماذا توقفت عن السير فجأه متردده ان تذداد منه اقترابا فلم يكن هناك ما يوحى بالعداء من قبل الرجل او يثير الخوف فى نفسها لكن شيئا ما ولد رجفه تحذير فى اوصالها والرجل يلتفت لينظر اليها حتى ان شعيرات مؤخر رأسها وقفت فى رد فعل غريزى كهره واجهت حيوانا غريبا مفترسا
حاولت ان تزيل التوجس فىصوتها حين اعادت السؤال:
- هل هناك مشكله فى سيارتك؟
وحاولت ان تكون هادئه ومتملكه لاعصابها لكن صوتها اختلج غصبا عنها كاشفا عن توترها ، ورد عليها بأبتسامه مبهمه من جانب فمه:
- - لست ادرى
كانت ابتسامته كما اعترفت لنفسها سرا يمكن ان تسحر الطيور على الشجر وطغى لحظه على توتر اعصابها جاذبيه اقرت بها لوجهه الاسمر الوسيم قوى العظام وفك يدل على التصميم وشعر فاحم السواد ذى نعومه غير عاديه
- هل تعرفين شيئا عن المحركات؟
جاء سؤاله هادئا بريئا لكن مارا حين حدقت الى عينيه المحملقتين اللتين توحيان بالصراحه وتحاكى زرقتهما السماء كما لو كان يعكسان لونها وشعرت برعده كما لو ان الشمس اختفت فجأه وراء السحب
وعلى الرغم مما بدا عليه من جاذبيه كانت ابتسامته غير حقيقيه وكان اكثر ما يقلقها هو برود وتباعد فى عينى الرجل مما جعل انتباهها يتجه الى متانه بنيانه بصدره ومنكبيه العريضين وانها والطفلين وحيدين فى ذلك الطريق المنعزل وحين استطال الرجل الى طوله الكامل توترت عضلاتها وهى ترقبه بوجل
- ربما امكنك ان تلقى نظره عليه
- اننى لست ميكانيكيه!
وجاء ردها لاذعا ان ادعاء جهله لا يتفق مع بنيان جسمه فقد كان يبدو قويا مما يوحى قدرته على التعامل مع اى مشكله تصادفه فلماذا اذن يدعى الجهل المطبق بسيارته؟
او ربما تكون هى التى تحمل الامر اكبر من طاقته بافتراض ان اى رجل لابد ان يفهم فى ميكانيكه السيارات كما من المفترض ان تفهم اى مرأه فى الحياكه التى لا تدرى عنها شيئا كما ان اليدين المستندتين الى غطاء المحرك لم يكن يبدو عليهما العمل اليدوء فهما نظيفتان معتنى بهما جيدا ولا توج آثار خشونه بهما
- اننى لا اعرف سوى المبادئ فيمكننى ان القى نظره لو اردت
زكانت نبره صوتها اصبحت اكثر طبيعيه وان لم تخل تماما من النفور فهى فى ملابس عملها لم تكن ترحب بتعريض تنورتها البحريه وبلوزتها ناصعه البياض للتلطيخ
- سأكون شاكرا لك
واتجه كما لو كان سيفتح غطاء السياره ولكنها حين اقتربت وجدت عيناه تومضان وهو ينظر الى وجهها ثم تجاوزها متجها الى سيارتها فالتفتت برد فعل غريزى فضبطت باتريك يحاول النزول من السياره
صرخت فيه بسرعه وعصبيه:
-ابق فى السياره
وتصادف ان الطفل يقول شيئا ما لكن صوته ضاع مع حده صوتها وهى تصيح به
-باتريك ارجع مكانك
واتجهت بتلقائيه لتعيده قسرا اليها وطرأ على ذهنها فورا مدى ثراء والدهما ليتجه الى مسار آخر سبب وجود هذا الرجل فى هذا المكان وقطع الطريق عليها فعاد اليها اضطرابها وقلقها
- باتريك لقد قلت لك ......آه
وانتهت كلماتها بصرخه حين قبضت اصابع قويه على رسغها لتوقفها بعنف وتكاد تطرحها ارضا فتغلب غضبها على حذرها وهى تستدير له والشرر يتطاير من عينيها
- ما هذا الذى تفعله؟ ارسلنى فورا
جف حلقها من الخوف والتوجس حين هز رأسه ببطء ووجهه فى جمود الصخر وكان عليها ان تبذل جهدا لتنطق بالكلمات التاليه من خلال شفتين جافتين متصلبتين
- قلت لك دعنى يجب ان اخذ هذين الطفلين الى المدرسه
- مارا......
كانت صيحه باتريك من خلفها ووجدت وجه الرجل تغير الى قسوه وبروده تقلصت لها امعائها بقسوه فجاهدت ان تتمالك رباطه جأشها وتجاهلت تدخل باتريك لتشحذ من عزيمتها كى تواجه العينين الباردتين بصوره تبث الرعب فى نفسها وقد شع منهما ما يماثل ادراء قاسيا حولهما الى عينين من صلب فى بروده الثلج
تلعثمت وعقلها يرفض تصديق ما يحدث او ما تخشى ان يحدث:
- كما اننا متأخرون اصلا فأذا ما ازحت سيارتك عن الطريق سوف اتصل بجراج بعد ان اوصل الطفلين وسيبعثون اليك......
تلاشى صوتها حين لم يغير ما قالته من نظراته القاسيه شيئا ورأت ان له اكثر العيون بروده التى رأتها فى حياتها وجاهدت كى تتماسك ، كيف وجدت جاذبيه فى شخص هكذا؟ وماذا سيفعل بهم؟ وجذبت نفسها بعنف تحاول تخليص نفسها من قبضته...
- لا تراعى
ولم يفعل الصوت الهادئ شيئا لتهدئه روعها بل على العكس كان لبرودته تأثير عكسى عليها حيث اخذ قلبها يدق بعنف حيث صعب عليها التنفس بصوره طبيعيه وادى نبضها المتسارع برأسها الى الدوار
واخترق الصوت الجليدى عقلها المشوش من شده الدوار:
- لست اريد بك اذى اننى لا ابغيك الاولاد فقط
- مستحيل
وانطلقت الكلمات من فمها بنفس اليرعه التى تدفعت بها الصور المرعبه فى ذهنها وقد بدا كل شئ واضح ثراء جوليان سكوت المنزل الفخم طفلان يسلكان الطريق المنعزل يوميا منذ اسابيع ليس معهما احد يحميهما
وتحول صفاء الصباح المبكر الى رعب وتوتر فلم يكن ما حدث حادثه عارضه ليس تعلا بالسياره ولكنها خطه مدبره والرجل الذى امامها ليس قائد سياره سئ الحظ بلا مختطف شخص لابد ان راقبهم كل خطوه وحدد مسارهم ولابد انه اختار هذه البقعه بالذات بعيده عن العمران لكونها فى منتصف الطريق بين قريتين صغيرتين ومحاطه بالاشجار لا يطل عليها منزل طوال عده كيلومترات والطريق اته من النادر ان تمر عليه السيارات كما لاحظت مارا ذلك فى رحالاتها اليوميه
- اننى اريد الطفلين
ارتعدت فرائصها لنبره التهديد فى صوته و شعرت ان قلبها تعتصره قبضه حديديه حين فكرت ماذا عساها ان تكون مغبه المقاومه ، لكن لايمكن ان تسلم باتريك وبيتى هكذا بدون صرع فالطفلان قد لقيا بالفعل ما يكفيهما فى باكوره طفولتهما ولا يمكن ان تتخلى عنهما وتتركهما وحيدين مرعوبين بين يدين هذا الرجل
- دعينى فقط ان اطلب منهما ان يظاتيا الى هنا...
- كلا!!
دوت الكلمه الوحيده فى الهواء الساكن وعلى الرغم مما كان ينتابها رعب داخلى فقد اجبرت نفسها على مقابله هاتين العينين اللتين تشعان كراهيه ووجه كالح العبوس بنظره تمنت ان تنقل له نفس القدر من الكراهيه
- ان هذين الطفلين تحت رعايتى واذا فكرت لحظه...
وقاطعها بحده:
- اننى اريد الطفلين ولا شأن لى بك فاذا سلمتهما لى امكنك المضى فى سبيلك بدون قلق
- دون قلق؟!
وعادت مارا تقاوم لتخليص نفسها من قبضته الحديديه التى بدأت تؤلمها ولم يؤد كفاحها غير المجدى الا الى زياده قسوتها حتى اخذ الالم يرتسم على وجهها
وكررت وراءه:
- دون قلق؟ ثم ارتفع صوتها بمزيج من الخوف والغضب:
- اتظن لحظه اننى لن ينتابنى القلق حين اتركها مع وحش مثلك ؟ اتظننى اعيش لحظه لو فعلت ذلك..
وتصورت لحظه انها اعادت الرشد الى عقله حين ضاقت العينان الباردتان وهى ترميها بنظرات من التقييم والاهتمام ولكن لو خطر له التراجع فلم يكن ذلك الا للحظه عابره وقبل ان تتاح لها ان تستفيد من هذه المزيه كان قد بدأ الكلام مره اخرى:
- سأعطيك فرصه اخيره سيدتى اخبرى باتريك وبيتى ان يخرجا من السياره ويأتيا الى هنا وسوف ادعك والا فلن اكون مسؤلا عن العواقب
وتطلب الامر كل ذره شجاعه لتتجاهل ذلك التهديد الذى بدا فى الصوت الوحشى فابتلعت ريقها بصعوبه وشدت قوامها محملقه الى الوجه الجرانيتى :
- لقد قلت لا ومصره عليها
- اذن فأنت لم تتركى لى خيارا
ودب الذعر فى اوصالها لحركته تجاهها وتشتت عقلها من الهلع وهى تتلوى كالمحمومه بين يديه وانزلقت قدمها فى حذائها ذى الكعب العالى وادركت فى لحظه يأس انها ستهوى الى الارض وقد انفجر الم مبرح فى فكها ثم راحت الدنيا فى سواد كالح........
*********
|