كاتب الموضوع :
safsaf313
المنتدى :
روايات عبير المكتوبة
الفصـــل الرابع
تقافزت اصوات تكسر الاذرع والارجل وتحطم الضلوع او ما هو اسوأ من ذلك فى ذهن مارا وهى تستمع الى تمزق بلوزتها بعد ان اشتبكت بأحد الفروع وجسدها يتصلب ترقبا لالام الارتطام الذى لا مفر منه بالارض ولم يحدث ذلك حتى وجدت نفسها تتلقف بشئ دافئ وقوى ثم توضع برفق على الارض
ولثوان معدوده كان الشعور بالفرح من القوه حتى طرد كل ما عداه من افكارها ثم سمعت صوتا من مكان ما فى اعلاها كانت نبرته القويه قد صارت مألوفه لها تماما
- ايتها البلهاء المجنونه ماذا حل بك لتقومى بمثل هذه المحاوله؟
ربما الارتطام بالارض افضل لديها على الرغم مما كان سيجلبه لها من ايذاء فكرت مارا فى ذلك بتعاسه وعلى الاقل انها كانت ستكون لها فرصه للفرار رغم ذلك
ان ما حدث هو انها هبطت مباشره بين ذراعى كين واجتاحت نفسها مشاعر من اليأس وخيبه الامل
- الا تعلمين ان الشجره هذه لن تتحمل وزنك؟ ايه خطه هروب غبيه كنتى تنوينها؟
تمكنت من اجابته بصوت مرتعش:
- كان من المفروض ان افكر فى ذلك
كان عقلها قد بدأ يصفو مع انحسار تأثير صدمه السقوط على الرغم من الام كل جسمها ولم تتجرأ بمقابله عينى كين حيث سددت نظرها الى قدمى كين المنغرزتين فى النجيل الناعم على بعد بضع خطوات منها
- ولم يكن ذلك هروبا لقد كنت احاول الرحيل
وذعرت حين سمعت ضحكته صوتا غير متوقعا فى دفئه لا يتفق مع طباع المختطف القاسى القلب الذى تعرفه فرفعت عينيها نحوه بسرعه فرأت لمعان عينيه فى ضوء القمر وقال لها فى نبره ثلثها التلذذ وثلثها غيظ :
-الا تكفين عن الجدل؟ انظرى هل تستطيعين الوقوف؟ لا يمكننا ان نقضى الليل هنا
- لست ادرى احاول
كانت تتمنى لو تتجاهل اليد الممدوده اليها ولكن حين ارادت النهوض احست بساقيها وكأنهما من قماش لا يقوى على حملها وعلى الرغم من ذلك فقد اخذت تحاول بعناد الى ان سمعته يتمتم ووجدت نفسها بعدها ترفع عن بين ذراعيه عن الارض
وصاحت به كالمحمومه:
- انزلنى استطيع ان اتدبر امرى
فرد بتهكم:
- هذا واضح ...اخفضى صوتك فسوف توقظين الطفلين
ولكن مجرد ذكر الطفلين كان كافيا لان تمسك لسانها لقد خذلتهما واضاعت فرصه غاليه للهروب ولا تريد ان يرياها فى وضعها ذاك قذره وشعثاء ومحبوسه بين ذراعى كين
وسألته بصوت خافت:
- هل ايقظتك؟
- لم اكن نائما كنت مشغولا ببعض الامور منها امكان ان تقومى بشئ من ذلك القبيل
اذن فهو يتوقع تصرفها وستكون يقظته بعد ذلك اشد ومن المستبعد ان تتاح لها فرصه ثانيه ولعنت نفسها ان افسدت الامور واختلطت مشاعرها بين خيبه املها وحرجها من وجودها بين ذراعى كين فراحت تقاوم لتخلص نفسها من احضانه وقرعها بلطف:
- اهدئى والا اسقطتك على الارض
ولفحت لنفاسه الدافئه خدها وتحولت مشاعرها فجأه من الغضب والحنق الى توتر جسدى خالص
وبسبب الظلام لم تكن ترى من كين سوى شبح من الظلال فى حلكه الليل وعلى الرغم من تعطل حاسه البصر لديها كانت بقيه حواسها فى اوج نشاطها مما جعلها فائقه الحساسيه لدفء جسده وقوه ذراعيه حولها ومتانه عضلات صدره المستنده عليه والاريج المنبعث منه ودقات قلبه تحت صدغها ارتعش بداخلها شئ ما ولفرط ذعرها ادركته احساس خالص باللذه ..من ان تضم بهذه الصوره والى ذلك الرجل
ما الذى يجرى هنا؟ ان السقطه لا بد انها اثرت عليها بأكثر مما تتصور لا بد انها شوشت عقلها وان ذلك من تأثير لحظه الرعب حين بدأت الافرع تتقصف لا يمكن ان تكون متمتعه بأحضان كين فمن وجه النظر المنطقيه هذا هو آخر ما تتمناه
ولكن المنطق ابعد ما يكون عن تلك الاحاسيس ولم تستطع اقوى حججه من كون كين رجلا غليظ القلب لم يتورع عن استغلال الطفلين كبيدقى شطرنج فى عداءه مع والدهما - ان تخمد ومضه من ومضات الاثاره التى تسربت الى عروقها وتدفقت الدماء الى وجنييها حتى انها حمدت لغلاله الظلام التى كانت تلفهما ان حجبت عنه رده فعلها ذاك بينما هو يدفع الباب بكتفيه ويحملها الى داخل المنزل
وارقدها على اريكه بغرفه المعيشه وتراجع لينيرها فرفعت يدها للتو امام وجهها ليس لتحمى عينيها من النور المبهر فقط ولكن لتحجب عنه لون وجنتيها
وسألها كين:
- كيف تشعرين الان؟
تمكنت من الاجابه وقد كتمت يدها صوتها:
- اننى بخير
ولكن فى الحقيقه كانت ابعد ما تكون عن ذلك فقد ادت الصدمه من تولد الاحساس لديها مختلطه بالام جسدها ادت بها الى ان يدب بها الخور والرجفه واخذت ردود الافعال تجاه خيبه املها فى محاولتها للهرب تعتمل فى نفسها فإذا بها تشعر بلسعه دموع تجمعت تحت جفنيها لم تذرف بعد
- ما رأيك فى شئ تشربينه ؟ شايا او قهوه ؟ ام تفضلين مشروبا اقوى؟
- لا بأس بالشاى
كان الحديث مجهدا ولكن عليها ان تقول شيئا حتى لا تلفت نظره كما ان مشروبا دافئا قد يهدئ من روعها ولن تغامر بقطره من مشروب كحولى وهى فى اوج مشاعرها تلك فجسدها كله يشعر وكأنه اصابه ماس كهربى مع وخز كوخز الابر يشمل كل خليه عصبيه فيها وربما تقوى وتتماسك مع التأقلم مع تغير مسلكه فى فتره غيابه لصنع الشاى لانها كانت تتوقع انفجار غضبه اذ هو يعاملها بأهتمام بمحنتها وعرض مساعدتها بل لقد حملها الى الداخل واغمضت عينيها بيدها تحاول ان تطرد عن ذهنها تلك الذكرى المميزه
- سأوصل اناء الشاى بالتيار ثم ابدأ على الفور بتفحص جروحك
جروحى! وانزلت يدها بسرعه وشهقت للمنظر الذى وجدت نفسها عليه كانت بلوزتها ممزقه وملوثه بالطين والتنوره قد استحالت الى خرقه مهلهله وساقها اليسرى تعانى اثر احتكاك عنيف بالارض فراحت قروحها تدمى وحين رفعت يديها الى عينيها وجدت عليه اثارالاصتدام و الاحتكاك بالاض
حاولت فى خج واضطراب ان تعتدل فى جلستها قائله:
- اننى...
ولكنه دفعها بغلظه ليعيدها كما كانت وقال بحزم:
- سوف اهتم بها وكفى عن الجدل الآن
فردت عليه معترضه بلا تفكير:
- ولكن لا بد ان ابدل تنورتى
انها لم تكن لتتحمل ان تلمسها يده لاسيما وان هذه المشاعر لا تزال حيه بداخلها جاعله اياها فى الحاله المرعبه من الاستسلام والحساسيه تجاهه خاصه وقد صفا ذهنها وتذكر بما نعته به جوليان من كونه زير نساء يبدل امرأه كل اسبوع
كان قد بدأ يتجه الى المطبخ فاستدار الى عبارتها بعنف وتلاقت اعينهما فى لحظه صمت طويله جعلت رجفه الانتباه تدب فى اوصالها فتقف لها شعيرات مؤخر عنقها انتباها الى حقيقه لا تحتاج الى كلمات تنبئ عنها
رباه! انه يحس نفس الاحاسيس ان احاسيسها المتوقده لحظه ان كانت محموله بين ذراعيه قد انتقلت اليه بصوره ما فتغيرت نظره كلامنهما نحو الاخر تغيرا لا سبيل من محوه وبالتالى عوده الامور بينهما الى مجراها الاول صارت ضربا من المحال لقد كان ذلك واضحا من اللحظه التى وقعت عيناها عليه حين دخلا المنزل فعلى الرغم من معرفتها له ولسمعته وعلى الرغم من تردادها بأنها تحتقره وتمقته لاستغلاله الطفلين الا انها لم تر فيه الا رجلا جذابا يدفع قلبها للوجيب بعنف مما جعلها متأكده من انه يصل الى مسامعه فينبئه عن رد فعلها الذى يفضحه تورد وجنتيها واضطراب انفاسها
وقال اخيرا:
- سيكون لك ذلك
وجائت كلماته بطيئه وغليظه الصوت
وهبطت عيناه لتمسح جسدها الممدد على الاريكه وعلى الرغم من ارتياح مارا المبدئى لانقطاع ذلك الاتصال الثقيل على نفسها فقد شعرت بجفاف مؤلم فى حلقها وعيناه المتفحصتان تنزلقان متمهلتين على تفاصيل جسدها قبل ان تعودا الى وجهها وعيناه اشد قتامه عن ذى قبل يشع منهما شئ من اللهب
- اننى اشك فى الواقع ان لديك اى شئ يعتبر مقبولا للارتداء
- ولكن ليس لدى غيرها
كان الامر كله كما لو كان فيلما تم اخراجه بالتصوير البطئ لقد استمتعت الى كلماته وردت عليها ولكن عقلها كان لا يستطيع التفكير والتركيز كما يجب ولا يستطيع التفكير ابعد عن اللحظه التى فيها ... وبدت وكأن عالمها قد انكمش حتى صار مركزا على تلك العينين الشديده الزرقه وذلك الفم القوى... فم لم تره قاسيا على الاطلاق شفته السفلى اكثر اكتنازا عما كانت تراها من قبل واكثر رقه وامتاعا للحس من النوع الذى تتمنى ان تلمسه وان تحس برقته على اطراف اصابعها وعلى شفتيها..
منتديات ليلاس
انتبهت الى حركه فجائيه منها وذعرت ان وجدت نفسها قد رفعت يدها عن غير وعى وقد اوشكت ان تفعل ما خطر على بالها فأسرعت لتحول تلك الحركه اللااراديه الى مسح تنورتها الممزقه ثم تمنت على الفور لو انها لم تفعل تلك الحركه حين وجدت عينيه تتبعان حركتها المضطربه
قالت متلعثمه وقد قيد لسانها حتى عاد استخراج الكلمات منه امرا شاقا:
- هل..هل لديك رداء منزلى او شئ يمكننى ارتدائه؟
هز كتفيه بخفه كما لو كان يسترجع تفكيره من مكان بعيد وقال:
- اعتقد ان بأمكانى ذلك
ثم اتجه على الفور كرجل يريد ان يرغب فى الفرار من موقف قد خرج من سيطرته
فكرت والدواريتملكها ان هذا بالضبط هو حالها كيف حدث لها ذلك؟ كيف نسيت اى نوع من الرجال هو؟ كيف ازاح رد فعلها الجسدى كل ما تعرفه عنه عن عقلها؟
لعنت ذلك الصنف من الرجال اولئك الذين لا يحملون للمرأه تقديرا ويتخذون منها ملهاه يلهون بها قليلا ثم يلقون بها ين يملونها وقد تعامل كين مع الطفلين بنفس الطريقه حين استغلهما بطريقه انانيه دون مراعاه لمشاعرهما فهل تنسى ذلك بسهوله؟ من اجل عينين زرقاوين وفم مغر وجسد رشيق متين البنيان؟
لا ! عليها ان تتحكم فى نفسها ولا تفكر الا فى الهروب وان تثبت على هذه الفكره بالذات وتطرد عن ذهنها ماعدا ذلك من افكار والا وجدت نفسها فى خضم عميق
- لقد جهزت لك الحمام
افزعها ظهوره المفاجئ فى الممشى فانتفضت بلا وعى وتقلصت عضلاتها المتألمه وقبضت بأسنانها على شفتها السفلى تمنع انه كادت ان تفلت منها
- ان هذا فى رأيى افضل وسيله لتنظيف تلك السحجات وحتى لا تكون بمثل هذا التصلب فى الصباح
كانت العينان الزرقاوان خاليتان من اى تعبير لكنها كانت تدرك تماما انه يتحكم فى نفسه بصعوبه مقدرا انه لو تعامل مع جروحها بنفسه فسيحدث مالا يحمد عقباه اتراه ايضا يتحاشى الاقتراب منها؟
- لقد تركت لك رداء منزلى فى الحمام اتريدين شيئا آخر؟ هل اعاونك على الصعود؟
- لا وشكرا
جاء ردها فظا ورفعت رأسها تحاول ان يكون نزولها من فوق الاريكه باقصى قدر من اليسر فلو عاونها على الصعود سوف يلمسها وهذا لم تكن مستعده لتحمله وكل حواسها متيقظه لمنظره وصوته وجسدها لا يزال يشعر بذراعيه وهما تحملانها الى دال المنزل
وتحركت متصلبه تجاه السلم متحاشيه تماما ان تلمسه وهى تمر بجواره وتدعو ان يأخذ ذلك على مراعات لجروحها وكان صعودها للسلم امرا شاقا وزاد من مشقته وقوفه فى الصاله يراقب كل حركه منها حتى اضطرت الى التوقف والالتفات اليه قائله بحده:
- ليس من داع لان تقلق فلن اقفز من النافذه مره اخرى
وعاد الصوت الدافئ المزعج يتردد ضاحكا:
- اتمنى ذلك من كل قلبى فتكفينى عمليه انقاذ دراميه هذه الليله ولكنك تستطيعى على ايه حال بعد ان اخذت الاحتياطات اللازمه وانا بغرفه النوم
وحين وصلت اخيرا الى الحمام واغلقت الباب عليها اخذت تسترجع اى الرجال هو كين ؟ ولماذا هى معه فى هذا المكان من البدايه ربما يكون مسه نفس الذى مسها ففزعت له ولكن ذلك لم يكن له اثر على عقله الدقيق التفكير الذى خطط بكل غلظه قلب لكل خطوه بها حتى النهايه بما يحبط اى محاوله لها للهروب وعليها الا تنسى ذلك فى اى مره تاليه تتهددها مشاعرها بالافلات منها
واستدارت الى المرآه فاطلقت صيحه فزع حين وقع بصرها على صورتها فيها لقد كانت تعلم انها فى حاله يرثى لها ولكن لم تدرك الى اى مدى كان احد كميها ممزق مكان خياطته وكل الازرار منفصله عن امكنتها كاشفه عن ثنايا صدرها
اشتعل وجهها احمرارا حين تذكرت كيف كان كين يتطلع اليها فخلعت عنها بلوزتها بحركه عنيفه والقت بها فى تقزز وسرعان ما تبعتها بقه قطع ملابسها وكأنها بذلك تزيح عن عقلها ذكرى العينين الزرقاوين اللتين كانتا تلتهمان جسدها
وبعد اللسعه الاولى للماء على جسدها الملئ بالجروح بدأ دفء الحمام يهدئ من آلم جسدها فاخذت تسترخى وعقلها يفرغ ما فيه الى ان اصبح خواء تماما وحين تولى عنها توتر قرب كين منها بدأ الاجهاد يتملك كل عضله من جسدها ووجدت لذلك تفيسرا بسبب فعلها الاحمق الذى بدر منها سابقا فما حل بها من هول الصدمه قد حال بين عقلها والتفكير المنطقى وحينما عادت الى صورتها فى المرآه منذ دقائق مضت وشعرها الاحمر ينسدل ناعما فى فوضى على كتفيها ووجنتاها قد دب فيهما بريق غير متوقع وفى عينيها العسليتين وميض اقرب الى الاستثاره رفضت لعقلها السماح لها فى التفكير فى ذلك مصممه على ان الاجهاد هو السبب فى مسلكها ذاك غير محتمله ان يكون فكره غير الاجهاد
- هل ستظلين طوال الليل؟
اخرجها صوته الواضح عن حاله الاسترخاء التى راحت فيها فاقشعر بدنها وهى تعود الى دنيا الواقع مره اخرى متوتره الاعصاب وقالت بصوت خرج من حلقها اجش ومضطربا :
- نازله فى دقيقه
كان كين تحرك فى صمت لم تسمع بسببه وقع قدميه على السلم وعلى الرغم من الباب الفاص بينهما فقد شعرت بضعف مخيف حياله وواعيه بتركيز على جسدها العارى وهى تتجه نحو المنشفه لتجففه ، ما الذى سيفعله اذا لم تخرج سريعا كما يريد؟ وسرت رعده فى اوصالها وهى تتصور مقدرته على اقتحام الباب وجرها خارج الحمام فأسرعت فى تجفيف بدنها واضاعت حركتها المتعجله بقايا السلام الذى كانت قد تمكنت من الوصول اليه
واستلزم خروجها ورجوعها الى غرفه المعيشه ومواجهته كل ذره شجاعه فيها وروب الحمام الذى تركته يلف جسدها تماما ولكن لانه كان ملكا لكين كان مقاسه اكبر منها بكثير مما تسبب فى تجعدات لا تفتأ تكشف عما تحته من جسد عارِِ تماما فهى قد شطفت بالماء كل ملابسها الداخليه وتركتها لتجف على حامله المناشف فهى تريدها جافه فى الصباح ماذا سترتدى فوقها وملابسها فى حاله لا تفكر معها ادنى تفكير فى وضعها على جسدها
كان كين قد اشعل نار المدفأه اثناء غيابها فكانت تضطرم مرحبه بها منضده لوازم الشاى تكمل المنظر الموحى بالدفء والراحه ادركت مارا ذلك وهى تتمثل الفرق بين الحقيقه والزيف
- هيا اجلسى
كانت لهجته قاطعه وشعرت مارا بأرتياح اكثر وهو يركز بصره فى النار بدلا منها عقله مشغول بلا شك فى اشياء اخرى ولكن هذا الارتياح سرعان ما تحول الى وخزت من اليأس ان تراه وقد اثار فيها ما اثار من المشاعر ...مشغولا عنها كليا واخذت تلم الروب حول جسمها لتزيد من احكامه واتخذت مجلسا على مقعد ابعد ما يكون عنه واعصابها ابعد ما تكون عن الاسترخاء
رحبت بكوب الشاى الذى ناولها اياه واخذت ترشف من المشروب الساخن فى امتنان مقرره الا تبدأ هى فى الحديث فليس لديها ما تقوله لا شئ على اقل تقدير بسيده ولتسقط اللعنات على رأسها اذا بدأت بحديث مهذبا معه
استمر تصميمها طوال شرب الكوب الاول ولكن وهى ترفع الاناء لتصب كوبا ثانيا كان صمت جليسها الطويل المغرق فى التفكير قد اصبح مزعجا بصوره تفوق احتمالها فوضعت الاناء بعنف على المنضده وبادرته بالسؤال:
-كم من الوقت ستمسكنا بهذا المكان؟
وتصورت خلال فتره انه لم يسمعها مركزا تفكيره فى نقطه على النار والعبوس بادِ على وجهه ثم استدار لها ببطء واهتزت كتفيه فى لا مبالاه:
- بقدر ما يتطلب الامر
- بقدر ما يتطلب اى امر؟ ما الذى تنشده بالضبط؟ اهى مسأله فديه ام ماذا؟ هل اتصلت بمستر سكوت لتعلمه بما حدث
واعتراها الاضطراب للطريقه التى ضيق عينيه وكأنها قالت شيئا اثار الحيره فى نفسه ولكن رغبتها فى معرفه اين هم تغلبت على هذا الاضطراب
- حسنا هل اتصلت به؟
- ليس بعد
وكان رده خاليا من المشاعر كمثل عينيه الباردتين
- ولم لا؟ الم يكفك ان اختطفت ولديه تاركا اياه فى عذاب عدم معرفه ما حل بهما؟ ان بمقدورى ان اتصور مدى الايلام الذى يتملكه لـ....
وتوقفت الكلمات فى حلقها عندما ومض شئ خطير فى عينيه ويسألها بلهجه هجوميه:
- احقا؟ احقا بمقدورك تصور هذا الشعور؟ انك لا تعرفييين نصفه يا سيدتى سوف اتصل بسكوت عندما يكون مناسبا لى وليس قبل ذلك والى ان يحل ذلك فليكتو هو بمشاعره
التوت شفتاه وهو يؤكد كلماته بسخريه مريره :
- ولن اقصر عليه هذا الوقت ثانيه واحده
كادت مشاعر الرعب الممتزجه بالرعب تخنقها وهى ترى ذلك الغضب الاعمى يرتسم على وجهه هذا هو الوجه الحقيقى لكين ويلسون الرجل الذى كان جوليان عازما على الا يدعه يقترب من ولديه وهى تعلم الان لماذا كان هذا العزم منه
لقد كان من الصعب عليها طوال اليوم السابق ان تتصوره على الصوره التى وصفها بها جوليان وهى تراقب معاملته الرقيقه الحازمه للاطفال ولكن الان كشف عن طبيعته الحقه وقد جائت متطابقه تماما مع تلك الصوره الكريهه التى تصوره بها جوليان
- اى حيوان انت ؟ كيف تكون بهذه اللامبالاه ازاء معاناة انسان آخر؟ لست اتصور انسانا بهذه القسوه...
- معاناه؟
وسببت ضحكته القاسيه صدمه اخرستها وكرر متهكما:
- معاناه ؟ كما قلت يا سيدتى انت لا تدركين نصف الحقيقه
- اذن فخبرنى اننى على يقين انك لا تملك مبررا لتصرفك اذا كان لديك شيئا ما فأخبرنى عن السبب...
وتوقفت على الفور حين هوى بقدحه على المنضدده وانكمشت فى مقعدها وهو يهب على قدميه ليقف امامها شامخا مكفهر الوجه مثيرا الرعب فى اوصالها
- اسمعى يا سيدتى لست مطالبا بتفسير اى شئ لك فانت بالنسبه لـ جوليان ...وامسك لسانه ثم دفع بيده خلال شعره الكث ثم استطرد هادئا:
- انظرى هذا امر بينى وبين جوليان فكونى خارجه
انتفضت واقفه لتقطع عليه ميزه الشموخ الذى جعلها تشعر بالتضاؤل امامه وصاحت فى وجهه:
- كيف اظل خارجه وقد اقحمتنى فى هذا الامر من لحظه ان اتيت بى الى هنا؟
- لقد فعلت ذلك
وشعرت بالارتياح وقد راح العنف عن صوته تاركا اياه كئيبا خاليا من الانفعال :
- ولكن لا يعلم سوى الله لماذا فقد كان ذلك تعقيدا لا ادرى ان كنت قادرا على مواجهته كان من الافضل لو تركتك حيث كنت
وصعدت عيناه الى وجهها داكنه ومكتئبه تتفحصه بكل ملامحه فى تركيز غريب كما لو كان يريد ان يحفر كل تفاصيله فى ذاكرته الى الابد
واستطرد كمن كان يحدث نفسه:
- كان من الافضل بكثير
ما الذى يدور فى ذهنه ؟ ما الذى كان سيدبره وتسبب وجودها فى اعاقته؟لقد قال:
- انت بالنسبه لجوليان ...
بالنسبه له ماذا؟ صديقته هل يظن انها بالنسبه لجوليان اكثر من مستخدمه لديه؟ وان كان ذلك فهل يظن ان اقحامها فى مخططه الانتقامى سيزيد من ايلام صهره؟
- وما الذى دفعك الى احضارى هنا؟
وعلى الرغم منها انبأ اضطراب صوتها عما يتقاذف عقلها من افكار متضاربه
- وماذا ستفعل بى؟
رماها بنظره متفحصه بارده اثارت فى عقلها منظر حيوان مفترس حاصر فريسته فتقلصت امعاؤها لماذا سألته هذا السؤال اتريد حقا ان تعرف الاجابه؟ انها لم تشعر فى حياتها بمثل هذه الوحشه والتخاذل وهى واقعه فى شرك مخلوق اثبت انه مجرد من الاحاسيس وهو الذى لا يرى فى المرأه الا شيئا خلق لمتعته
- هذا امر يعتمد عليك قبل كل شئ فإذا ما تهذبت فى تصرفاتك فلن يصيبك اذا لكن اذا ما حاولت شيئا من الاعيبك الذكيه كما حدث الليله..
ولم يكمل عبارته ولم تكن بحاجه الى سماع نهايتها وما تحمله من تهديد فلن تتصور بطشه اذا ما عرضت مخططه للخطر مره اخرى وشعرت بجفاف فى فمها من فرط الرهبه حتى انها راحت تبتلع ريقه لترطبه
- انك تتوقع ان اجلس مكتوفه اليدين امام ما تفعله؟
وعاد يسدد لها نظره من نظراته الفولاذيه التى يقشعر لها بدنها وتثير العجب فى نفسها كيف حدث ورأته ذات مره جذابا؟
وقال بصوت ناعم تكذبه ملامح وجهه القاسيه والوعيد الذى يشع من عينيه :
- اتوقع ان تلجأى للتعقل لقد خططت لهذا من وقت طويل ولن اتسامح فى اى فشل تسببه امرأه لا تتحمل ان تبتعد عن حياتها المرفهه عده ايام قليله
وجعلت نبره الاذدراء المرير فى صوته ؛ مارا تعيد التفكير فيما عساها ان تكون دوافع هذا الرجل لو كان راقبها جيدا لعلم الكثير عن الوكاله التى تديرها وان اباها هو من قدم رأس المال لها وان ما تبذله فيها من كد وكفاح يجعل حياتها ابعد ما تكون عن الرفاهيه
ايكون هذا ما يضمره تجاه جوليان؟ اهى غيره حمقاء ضد كل ما يملك مالا وهو ما يملك منه جوليان الشئ الكثير ؟ ان هذا المنزل الصغير الذى لا يضاهى منزل جوليان المنيف كان مريحا بما فيه الكفايه ولكن... هل هو ملك لكين؟
- ولذا من الافضل ان تضعى فى رأسك الجميل هذا انه ما من انسان او شئ يحول بينى وبين انجاز هذا الامر وامامنا طريقان للتعامل طريق سهل وهو ان تدركى انه لا حيله لك فى الفرار وعليك ان تتأقلمى مع هذا الوضع واذا ما ابتعدت عن اثاره المشاكل امامى فأعدك بألا يصيبك شئ
وهمست بصوت خافت:
- والطريق الثانى؟
وعلى الرغم من انه لم يكن يزيد الا همسه فقد ادركه كين وتقلصت شفتاه فى تلك الابتسامه الكريهه
- لست مضطرا للخوض فى التفاصيل استمرى فى ذلك الغباء وسترين بنفسك ولكنى آمل بكل اخلاص الا تضطرينى لذلك
وتغير مزاجه بصوره مفاجئه صدمت لها فتحول صوته الى رقه اثارت حيرتها فحملقت اليه كالمأخوذه واصابع يده تمس خدها وهو يقول:
- لا داعى لان تكون الامور هكذا
واخذت مارا نفسا عميقا وجسدها يميل تجاهه استجابه لصوته الساحر
ولكن سرعان ما دوى صوت جوليان فى ذهنها وصفعت الحقيقه وجهها كالماء المثلج فانقشعت لحظه النشوه عنها وتراجعت برأسها الى الوراء فى حركه عنيفه بعيد عن يده المداعبه لخدها وتراجعت هى عده خطوات لكى تكون بمنأى عنه
- لا تلمسنى ! احتفظ بيدك لنفسك قد تكون لك اليد العليا الان وسوف اطيعك حيث لا خيار امامى ولكن ذلك لا يعطيك الحق فى ان تلمسنى ولو كررت ذلك فتأكد انك ستندم
وشعرت بلحظه زهو ان رأت هجمتها قد اربكته لحظيا على الاقل فأنزل يده الى جانبه وراح يراقبها مركزا هاتين العينين لامعتى الزرقه على وجهها كما لو كان يحاول ان يقرأ ان كانت جاده فى قولها، لقد كان جوليان محقا اذن فيما قاله ؟ فهو يتصور ان اى امرأه واقعه لا محاله تحت تأثير سحره
حسنا اذن هى ستقنعه انها تعنى كل كلمه مما قالتها ولو بذلك لذلك كل قوتها وعقدت العزم على ذلك على الرغم مما اثارته لمسه اصابعه من ذكريات المتعه التى احست بها بين ذراعيه وهى تهدد ان تعصف بتمالكها لنفسها فقد كانت تلك اللمسه على خفتها مثيره لما يتماثل آلاف الفراشات التى تهفهف بأجنحتها داخل نفسها
- اذا كنت تقصدين ذلك حقا...
- بكل اللعنه اقصد اتتصور انى اطيق لمسه يدك؟ اننى حتى لا اطيق اقترابك منى ... خشيه ان تلوثنى
رقعت يدها على غير وعى لتدعك مكان لمسته على على خدها كما لو كانت تزيل الاثر الذى تركته عليه ولكن لم تكن تنكر ان هذه الحركه كانت تعبيرا عن تقززها من نفسها انها لم تدفع بيده على الفور انها تعرف من يكون هذا الرجل وقد حكى لها جوليان عما صنعه مع غيرها من النساء ومع ذلك فقد تخاذلت امامه لحظات ودفعها هذا الشعور الى ان تزيد من قوه دعكها لخدها وكأنها تعادل بالالم البدنى ما تشعر به من اضطراب بداخلها
خطا كين تجاهها خطوه تجاهها كانت كافيه لان تتراجع محملقه اليه فى تحدٍ
- ابتعد عنى اياك ان تقترب منى
وشعرت بشئ من الامن ونصف الغرفه يفصل بينهما
- فى المستقبل سيكون هذا اقل بعد اود ان اراه بينى وبينك
وعادت ابتسامته الكريهه تطفو على وجهه ووميض السخريه من عينيه يلهب مشاعرها :
- اليس هذا قول عن النساء المتمنعات ؟ اما ان اكون بعيدا عنك فأعتقد انه امر صعب التحقيق يا جميلتى بسبب اصرارى ان نتشارك غرفه النوم
************
|