لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > روايات احلام > روايات احلام > روايات احلام المكتوبة
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

روايات احلام المكتوبة روايات احلام المكتوبة


إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 11-10-08, 06:06 PM   المشاركة رقم: 6
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Oct 2008
العضوية: 98772
المشاركات: 17
الجنس أنثى
معدل التقييم: nheen عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 10

االدولة
البلدSudan
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
nheen غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : nightmare المنتدى : روايات احلام المكتوبة
افتراضي

 

thaaaaaaaaaaaaaaaaaanks

 
 

 

عرض البوم صور nheen   رد مع اقتباس
قديم 12-10-08, 06:20 AM   المشاركة رقم: 7
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Aug 2007
العضوية: 38316
المشاركات: 79
الجنس أنثى
معدل التقييم: nightmare عضو على طريق التحسين
نقاط التقييم: 77

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
nightmare غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : nightmare المنتدى : روايات احلام المكتوبة
افتراضي

 

حزن في الذاكرة
روايات احلام
كيت والكر
من هو هذا الرجل الذي راح يهاجم أيف في مساء أحد الأيام ؟
كانت عيناه تقدحان شررا كانه يريد ان يطبق الخناق عليها ....
-انا لم التقِ بكَ من قبل .... انا لا اعرفك !!!
--لا تكذبي .... اللعنة عليكِ !
أنتِ تعرفينني جيداً ....
أنتِ زوجتي ...
أوَ يعقل ان تنسى امرأة انها كانت متزوجه لثلاث سنوات من صاحب أجمل عينين قاتمتين ؟
ام تراها احدى الاعيب كايل الغامضة ؟
كان على ايف ان تفك رباط الذكريات وتسترجع ماضٍ دفنته منذ زمن ..
غير انها لم تكن تريد خوض غمار هذه التجربة ...
لكن كايل كان دائماً موجوداً ليثبت لها , وبإصرار غريب ...ان حديث الذكريات ابداً لا ينتهي ....
1-تعرفه او لاتعرفه
-كيف تجرؤين؟ كيف تجرؤين بحق الجحيم؟
بدت لأيف تلك الكلمات الغاضبه وكأنها وحش يندفع بقوة من الظلام ليوجه اليها صفعه عنيفه. كانت لا تزال مسمرة عند عتبة الباب، وبقيت لثانيتين لا تعي شيئاً، والمفتاح في يدها المرتفعه. كل ما كانت تعيه، هو الغضب الاسود في الصوت الذي سمعته...وما لبثت ان استجمعت افكارها مرة اخرى، وادارت تقطيبة مشوشة لصاحب الصوت، وهي تدفع الى الوراء خصلات ناعمة من شعر اشقر ذهبي، بعثرته الريح فوق وجهها.
منتديات ليلاس
-ارجو المعذره؟
ادركت في اللحظة التي تكلمت فيها، انها وحيدة وان الشارع الجانبي الهادئ خالٍ تماماً...وعلمت ان الصوت الذي سمعته كان صوتاً رجولياً من دون ادنى شك.
اما الجواب الذي تلقته فصمت اخرسته الدهشه كصمتها، فاستنتجت ايف في لحظة ان شيئاً ما في ردة فعلها قد ادهشه، ودت بكل شدة لو تستفيد من هذه الفرصة الضئيلة لتفتح الباب وتندفع داخل المنزل، لكنها سيطرت على اعصابها وهي تقنع نفسها ان ما من ضرورة لرد فعل متسرع ... على اي حال، ما كان عليها الا ان تضغط على زر الجرس، او تصرخ، ومن ثم يخرج جيم في اقل من ثانية، لا سيما انه يجالس الاولاد في تلك الليلة.
ثم عمدت الى رفع صوتها بترفع وبرودة:
-اعتقد انك ارتكبت خطأً ما.
ورفعت رأسها باستكبار وهي تدير عينين زرقاوين واسعتين الى الصوت الغامض...كان الرجل الذي وجه اليها الاتهام، لا يزال مختبئاً في الظل، بحيث ان كل ما استطاعت ان تراه هو شكله الضخم.
-انت تخاطب الشخص الخاطئ، هذا كل شئ...و...
-اوه لا ...حبيبتي...
اياً كانت المفاجأة التي احدثتها في نفسه، فقد استفاق من وهلها الآن فأضحى صوته جازماً واثقاً مرة اخرى، وقد تخللته لكنة ما... لكنة اميركية ...كما لاحظت ايف من دون تفكير عميق...لكنها لاحضت ايضاً ان صوته احدث فيها إعجاباً واضحاً.
-لست المخطئ... بل انت... ولست ادري كيف تجرأت على الاعتقاد بأنك قد تفلتين من العقاب...
اما ذعر ورعب ايف، صمت فجأة، وتمتم بشتيمه عنيفة، عكست الغضب الذي لم يعد يستطيع ان يكبح جماحه. وبسرعة تلاشت ثقة ايف بنفسها، وخطت خطوة سريعة الى الخلف، نحو الباب، وراحت تدفع المفتاح في القفل بأصابع ترتجف بعصبية. بات واضحاً انه يحسبها شخصاً آخر...لكن، تبين كذلك انه لم يكن على استعداد للإصغاء الى المنطق.
-لا..ايف...اللعنة عليك... انتظري!
ايف...اسمها وحده جمدها مرة اخرى، وبدا لها ان في رأسها ضباب من الصدمة. انه يعرف اسمها... لابد انها التقت به قبلاً...ولو لوقت قصير...ربما في حفلة عيد الميلاد التي اقامها جيم ودايان.
-اوه ... لا ...لن تهربي مني مرة اخرى.
اعادت الرنة الخشنه في صوت الرجل سلسلة اسئلتها الحائرة الى الحاضر. كان قد تقدم خطوة الى الامام، ومد يده وكأنه يريد الإمساك بها.
فما كان منها الا ان ابتعدت عنه بدافع غريزي. فوصلت الى النور الذي كان يشع من زجاج الباب... وحين تسلطت عليها الاضواء، اضيئ وجهها كله، فسمعت الرجل يسحب نفساً سريعاً متحشرجاً، واحست بنظرته تنتقل عليها، من الشعر الحريري الاشقر المتموج، مروراً بالوجه الشاحب المستدير كما القلب، الى عينين زرقاوين قاتمتين كبيرتين بشكل غريب، وانف شامخ الى فوق، وانتهاءً بفم ناعم ممتلئ، قبل ان يتابع تجواله فوق جسمها.
لو تمكن من رؤيتها منذ سنتين، لأبصر شكلاً مختلفاً، واجفلت ايف لتفكيرها هذا ولمرارة الذكرى اللاذعه... لكن القلق والخوف شلاّ تفكيرها، واعاداها بقوة الى وضعها الحالي. وفجأة قطعت كلماته حبل افكارها مرة اخرى.
قال بلهجة جديدة مختلفه تماماً:
-لا تتلاعبي معي ايف! ...لقد فات الاوان لهذا.
هذه المرة اجتاح ايف نوع آخر من الخوف، واحست كأن الآلاف من اجنحة الطيور المجفله تتضارب مذعورة داخل قفصها الصدري، فراحت تتنفس بسرعة، وبشهقات غير سوية...هل تعرفه؟ وما كادت تفكر بهذا السؤال، حتى ساورها شعور رهيب...اتريد حقاً ان تعرف الجواب؟ لقد توصلت، ان لم نقل الى الامان، فعلى الاقل، الى نوع من الرضوخ لواقعها، خلال الوقت الذي عاشت فيه مع جيم ودايان...فهل ترغب في خسارة كل ما كافحت بقوة للحصول عليه؟
-من...من انت؟
-اوه ... ايف ... الا تعرفين؟
بدا في الصوت اللطيف لمسة سخرية وتأنيب. اثارت نبرته في ذهنها احساساً يفوق الحزن، وكأن شخصاً ما اخذ يمرر حديداً احمراً ساخناً فوق اعصابها وسيطر على داخلها الذعر الاعمى.
-لا ... لا اعرف! ويمكنك ان تتوقف عن الاختباء في الظل وكأنك جبان يثير الشفقه!
وعرفت، حين ارجع رأسه الى الوراء ان اتهامه بالجبن لم يعجبه... لكنها اكملت:
-اذا كان لديك ما تقوله لي، فلتملك الصدق والذوق، لتواجهني به!
-حسن جداً ...
بدت الثواني الثلاث التي لزمته ليتقدم نحو النور وكأنها دهر. حينها احست بقلبها يخفق عالياً، فراحت تتنفس بصعوبة، قبل ان يتوقف امامها اخيراً، ويصبح مرئياً بوضوح.
سأل باللهجة المستخفه ذاتها، وابتسامة ساخرة تكور شفتيه:
-اهذا افضل؟
لكنها لم تعرفه ... ولم تعرف ايف هل تحس بارتياح او خيبة امل سوداء مريرة. انها لا تعرفه! او على الارجح لم تعرفه يوماً ... اذ كيف لها ان تنسى مثل هذا المزيج القاتل من الجاذبية والشعر الاسود، والعينين البنيتين العميقتين يعلوهما حاجبان كثيفان مستقيمان؟ بل كيف تنسى الانف المستقيم، والفم الجميل الشكل، والفك والذقن العنيدين؟ ترى متى رأت كل ذلك؟
وتبين لها انها اخذت انطباعاً عن شكل جسمه الضخم. فجسم هذا الرجل نحيل قوي العضلات. وهو يرتدي بذلة رماديه انيقة، ويمتلك قوة مثيرة للأضطراب. كان طويلاً، يفوقها طولاً بستة إنشات، وما ان وقع نظرها عليه حتى احست ايف وكأن ماء مثلجاً ينزلق نزولاً فوقها، بحيث اخذت ترتجف، وفمها ينم عن ارتباك مؤلم.
سألها الغريب:
-اهكذا افضل؟
كانت السخرية في صوته، تتناقض تناقضاً دقيقاً مع عينيه البنيتين المركزتين على وجهها، لا بل على كل قسماتها، حتى احست وكأنه يريد استعادة ذكرياته بكل تفصيل والاحتفاظ بها الى الابد.
شعرت ايف فجأة وكأن معطفها الواقي من المطر، لم يكن يحميها من نظراته الثاقبه. بدت لها الفكرة مدمرة الى درجة جفاف فمها اكثر فاكثر، فاضظرت متوترة الى ان تبلل شفتيها. وازداد توترها اضعافاً حين رأت نظرته القاتمه تهبط نزولاً لتلاحظ حركتها الفاضحه.
-ماذا ...؟
وخرج صوتها من السيطرة، فراحت تتلعثم قبل ان تكمل:
-ماذا كنت تريد؟ ان تقول لي يا سيد ...؟
وتعمدت اضفاء رنة متسائلة على سؤالها، وكأنها تلمح اليه، بما لا يترك مجالاً للشك، انها لا تعرف اسمه ...فأبصرت تقطيبه سوداء بين حاجبيه. وانتظرت رده، على احر من الجمر. لكنها لم تستسلم، الا بعد ان امتد الصمت الى درجة لا تحتمل، فتابعت من دون ثبات:
-..يبدو انك تعاني من مشكلة ما ...لابد وانك تفكر بشخص آخر ...انا...
قاطعها بخشونه:
-اوه لا...انا لا افكر هكذا...اعرف بالظبط ما ابحث عنه ...انت من جئت لرؤيته.
-اذن، ربما من الافضل ان تشرح لي ... لأنني حقاً لا اعرف ماذا اقترفت لأزعجك.
مرة اخرى ازالت التقطيبه الهدوء بين حاجبيه، وبدا في عينه البنيتن نظرة غضب وارتياب صريح فارتجفت ايف في داخلها. حاولت ان تواجه عدوانيته في ابتسامة خبت بسرعه امام تعابيره التي لا تلين.
-هلا قلت لي ما اسمك اولاً ... انا ايف مونتاغوي ..
وكأنها اضرمت النار في كومة من الاغصان الصغيره...فتجاهل اليد الممدوده اليه، والتمعت عيناه بنار محرقه. ثم رفع رأسه بعنف قائلاً:
-بحق الله! متى تتوقفين عن هذه التمثيليه اللعينه؟تعرفين تماماً من انا ولماذا جئت ... كان يجب ان تتوقعي مجيئي ...وانني في النهاية سأقرأ ما كتبته، ثم اجول البلاد لأجدك ...لكن الآن...
غمرها احساس بالتحرر، فترنحت الى الخلف لتستند الى الجدار بارتياح.
-لقد جئت بسبب كتابي!
قال بعدوانيه هددت راحة بالها:
-اهناك سبب اخر؟
-هل ارسلك جنسن؟
بدا ذلك التوتر الفضيع يتسلل اليها مجدداً ...ان كان يعلم بأمر مؤلفها، فمن الطبيعي انه يعرف اسمها، لكن عدوانيته المستمره ظلت تقلقها بعمق، اي نوع من الناشرين يمكن ان يزور مؤلفة لأول مرة في منزلها في السابعه والنصف ليلاً؟
كررت بقوة اكبر:
-هل ارسلك جنسن؟
ساد صمت وجيز، بدا الرجل بعده وكأنه تلقى صفعة قوية على وجهه. ثم اعلن بعجرفه:
-لا ...لم يرسلني جنسن...انا جنسن، كما تعرفين جيداً!
-كايل جنسن!
انزلق اسم المدير العام لامبراطورية النشر جنسن من فم ايف، فيما هي تتذكر المداخله التي قرأتها في دليل الكاتب خلال اوقات الغداء في المكتبه ... كان صغير السن بالنسبة لهذا المركز...وقدرت انه يقارب الخامسه والثلاثين، وكانت تتوقع ان يكون رئيس مؤسسة جنسن اكبر سناً.
-في خدمتك...
ثم انحنى امامها بسخرية اكبر.
-هل ترغبين ببطاقة العمل كدليل على هويتي؟
ردت بسرعة:
-كان يجدر بك ان تقدمها قبلاً، لو انني عرفت من انت ...
-لو عرفت ...يا للعنة...ايف..اي نوع من الالعاب تلعبين؟
وهذه المرة استسلمت ايف الى موجة الذعر التي اجتاحتها. ثم اشاحت وجهها بسرعة وهي تدس مفتاحها في القفل ...كانت على وشك ان تديره حين تقدم الى الامام وامسك معصمها بقبضة قوية، حتى تسمرت مكانها.
-لن تذهبي الى اي مكان حتى انتهي.
ابتلعت ايف صيحة الرعب التي ارتفعت الى شفتيها وهي تقاوم القبضة المؤلمة على ذراعها ...لكن من الافضل الا تثير عدوانيته اكثر من هذا...تمكنت من القول مرتجفه:
-من الافضل ان تقول لي ما تريد...ثم هل تسمح بأن تترك ذراعي؟ انا لست وحدي، فصديقي في الداخل...وما علي سوى ان اناديه ...
احست بارتياح شديد عندما انزل يده عنها بسرعة، وكأنها نار احرقته. وبجهد قاومت اندفاعاً غمرها لتدعك ذراعها، حيث خلفت اصابعه في بشرتها الرقيقه آثار قوية.
من هو هذا الرجل الذي يدعي انه قادم من جنسن وانه يملك جنسن، كما انه يتلفظ باسمها بحدة مخيفه؟
احست ايف بساقيها يرتجفان، وغمرها احساس بالضعف والصدمة...بدا الاحساس نفسه كما في الماضي...شعور غريب بالخوف، وبدوار في رأسها كأن اعصاراً يغزوها ليطرد منها كل تعقل. لقد قاومت بقوة...وتحملت الكثير من الضغط والالم، كي تعود الى طبيعة بالكاد تتحملها، هي حياتها الآن...وفي خمس دقائق قصيرة تمكن هذا الرجل من ايصالها الى ذات المستوى من الذعر والصدمة.
-اريد فقط ان نتكلم.
بدا وكأنه ادرك انه بالغ في الضغط عليها. لا سيما حين كشف وجهها الشاحب وعيناها البراقتان خوفاً مضطرباً.
ردت ايف بصوت متألم وهي تعاني في اخراج الكلمات:
-نتحدث؟ عن ماذا؟ عن كتابي؟
رد بشكل غامض:
-اذا كان هذا كل ما انت مستعده لبحثه ...اجل.
لم توح خشونة لهجته بأنه حاضر ليتكلم عن العمل.
-حسن جداً...
وفي خضم ترددها وضياعها، سمعت وقع اقدام في الشارع...و وصل اليها صوت محبب تعرفه جيداً فبعث فيها الراحة.
-مرحباً! ايف ...ماذا تفعلين هنا عند باب دارك؟
-دايان!
بصيحة اغتباط، استدارت ايف الى صديقتها، وصاحبة منزلها، والارتياح ظاهر بوضوح على وجهها. ومع تلاقي عيونهما، لمحت ايف تغيراً في تعابير المرأة التي تكبرها سناً، فقد قطبت جبينها قلقاً...
-ايف؟ من هذا
تنقلت عينا دايان الرماديتان النافذتا البصيرة من وجه كايل جنسن القاتم الى وجه ايف الشاحب، ولاحظت التوتر الذي يسيطر على عضلاتها، وعينيها المتسعتين، بلون القاتم:
-هل يزعجك هذا الرجل؟
-اجل...لا...
لم تعرف ايف كيف ترد على صديقتها، ولم تتمكن من التعبير عن مشاعرها في كلمات. لم يكن الرجل نفسه ما يثير قلقها...لكن تأثيره البارز والذعر الذي تملكها سببا لها شبه انهيار.
حاولت الكلام مجدداً:
-انه...
لكن دايان شاهدت ما يكفي...فتحولت الى امرأة عدوانية. ثم نظرت الى كايل في عينيه مباشرة. وسألته ببرودة كالثلج:
-ما الذي يجري هنا بالضبط؟
لكن هذا لم يزعجه البتة...فقد اعتاد كايل جنسن على التعامل مع الغرباء العدوانين...فهل يعقل ان يكون المرء على رأس امبراطورية نشر عالمية وخجولاً في الوقت نفسه؟
قال يسأل بنعومة:

-ومن انت؟
وارتفع حاجبه الاسود وكأنه يؤكد لدايان انها هي من يلعب دور المتطفله لا هو.
-اسمي دايان بينيت...وهذا منزلي...وايف تسكن عندي و...
نظرت الى ايف نظرة شجعتها وولدت فيها القوة:
-وهي صديقة مميزة جداً...فإذا كان لديك ما تقوله لها، يجب ان تقوله امامي.
تسمر كايل في مكانه، وقد تبخرت تماماً تلك النزعه الهجوميه التي ظلت تلازمه، جسدياً ولفضياً. لكن ايف لاحظت كيف اخذت عيناه البنيتان تتنقلان من وجه دايان الى وجهها، ثم تعودان اليها مرة اخرى. بدا انه يفكر بروية، وهو يقيم الموقف بسرعة وخبث، ويقرر كيف يتعامل مع الوضع الجديد.
-انا كايل جنسن.
بغتت لسماعها صوته يتحول فجأة الى النعومة والادب..فصعب على ايف ان تكبح شهقة دهشه لاسيما حين مد اليها يده القوية، وقد زينت بحاتم ذهبي منقوش في الاصبع الثالث. بدا لها رجلاً مختلفاً ذلك الذي يقف امامها الآن..رجلاً بشخصية دمثة، سهل المعشر، جذاباً ويسهل التواصل معه. وكان من الواضح ان دايان انجذبت للسحر الذي يحيكه..فقد استجابت لنظرة عينيه البنيتين، وتركت اصابعها تستغرق في قبضة ثابتة وواثقه.
-انا املك مؤسسة جنسن للنشر.
ترك يد دايان، ثم مد يده الى جيب داخلي اخذ منه بطاقة بيضاء مستطيلة، هي بطاقة التعريف به! فشهقت ايف وهي تقاوم احساس غضب هائلاً. فقد واجه دايان بدليل عن هويته بينما تحاشى هذا الامر معها. والتقطت اذنا كايل الحادتان الصوت الخفيف، فألقى عليها نظرة مقيمة. قالت متلعثمة، وبشرتها تقشعر توتراً:
-لو انك اريتني هذا منذ البدايه...
سأل ببرود وسخرية:
-أكنت تعاملينني بشكل مختلف؟ آشك في هذا كثيراً آنسة مونتاغوي.
ترك ايف حائرة كيف تفسر الطريقه الغريبه التي ركز فيها على اسمها، وادار اهتمامه الى دايان.
-لاشك في انك تعرفين ان الآنسه مونتاغوي..
ومرة اخرى كان هناك ذلك التعبير الساخر في لفظه لأسمها..
-..قد كتبت قصه...
صمت، منتظراً موافقة دايان، من غير ان تتوقف عيناه عن التنقل من وجه امرأة الى الاخرى، ومجدداً راح يراقب كل ردة فعل ولو صغيرة قد تظهر له مشاعرهما ...ولم تكن ايف في ادنى شك انه، مسيطر تماماً على الموقف، يتلاعب بهما معاً بسهولة تثير الاضطراب ...فسرت قشعريره في جسمها، لا دخل لها ببرودة هذه الامسية من شهر آذار (مارس)، وحذرتها غريزتها من القوة المخيفه في كايل جنسن، أكان هذا في العمل ام في الحياة اليومية...قوة من الصعب مواجهتها دون عواقب.
قالت دايان:
-قصه...اجل. لقد نصحتها ان تعرضها على الناشرين لترى اذا كانت مناسبة.
-وهل قرأتها؟
احست ايف شيئاً ما، في الطريقه التي انبسطت فيها لهجته، ورقة فمه الخطيرة، وكأنه يقول لها، انه، لسبب ما، لم يكن مسروراً بقصتها..لكن، بعد لحظة بدا وكأن الغضب، هذا اذا كان غاضباً، قد غادره، فيما عادت اليه اللهجة الناعمة:
-اذن ستفهمين لماذا اريد التحدث اليها.
تساءلت ايف ان كانت مصابه بجنون الارتياب، ام انه حقاً يملك عدة معان خفيه وراء لهجته المسترخيه، لم يبد ان دايان شعرت بكل هذا ..لكن بشرتها هي كانت تقشعر بتوتر في كل مرة يتكلم كايل فيها.
-لأنها قصة جيدة جداً!
لم تكن دايان تدرك التيارات الخفيه التي تتخبط فيها ايف، لكنها لم تتردد في الاعلان عن موالاتها لصديقتها بصراحتها المعهوده.
-انها بالتأكيد جيدة.
بالرغم من التوتر المؤلم الذي يتحكم بها، لم تستطع ايف ان تكتم ابتسامة ابتهاج حينما تمتم كايل بالموافقه...فقصتها كانت طوق نجاتها...واحست عندما علمت ان شخصاً رفيع المكانه في عالم النشر، مثل كايل جنسن يعتقد بالموهبة في كتاباتها، كأنما جنية تحقق لها اعز امنياتها.
قالت بسرعة:
-انا مسرورة لأن الكتاب اعجبك.
وتفحصها كايل بنظرة جانبية سريعه اخرى، انما بلمسه جديده. لمسة ماذا؟ عدم تصديق؟ سخريه؟
رد كايل:
-لقد اعجبت بها كثيراً...لكن...
ولدى سماعها لهجته تلك، استعدت ايف للأسوأ. لكن الاسوأ لم يأت...بدلا من ذلك، تابع كايل بلهجه مختلفه جداً:
-اسمعي...هل نستطيع مناقشة الامر في مكان اكثر راحة واقل انزواء؟
-بالطبع.
يدت دايان مصدومه ازاء وقوفه على عتبة الباب طويلاً، وهي بالعادة امرأة مضيافه مرحبه.
-لقد نسيت حسن الاخلاق...يجب ان تدخل سيد جنسن.
لقد ضم دايان الى صفه..وخبرت ايف موجة مرارة موجعه، وادركت كم سهل عليه تغيير رأي صديقتها.
انشغلت دايان بفتح الباب، وادخلتهما الى المنزل، فعلقت المعاطف في الردهة، ثم قادتهما الى غرفة الجلوس. في هذا الوقت، كانت ايف تقاوم الاحساس بالذعر حين دخل كايل جنسن الى البيت الوحيد الذي تعرفه. وبالطبع، كانت دايان معها، اضافه الى جيم الذي بدا متفاجئاً بالزائر غير المتوقع، ووقف بأدب يستقبله. فشعرت بالأمان لأن هذين الصديقين المقربين يحميانها..اضافة الى هذا، لم يكن من سبب منطقي يدعوها للخوف. فعلى اي حال، لقد جاء ليتحدث عن كتابها..اليس كذلك؟
فسألت دايان ما ان تخلصت من معطفها:
-هل ترغب في القهوة سيد جنسن؟
رد كايل بابتسامة ساحرة:
-سيكون هذا ترحيباً عضيماً..وقد يساعدني على البقاء مستيقضاً، لقد وصلت الى لندن من اميركا هذا الصباح، لذا اخشى ان اكون عرضة لمتاعب السفر الطويل.
وفكرت ايف: لا يبدو متعباً بالتأكيد. واخذت تقارن بذلته الرماديه الانيقه وقميصه الابيض، والربطه النبيذية اللون، فمظهره الانيق الخالي من اي عيب: مع خف جيم المهترئ وبنطلونه الواسع، وكنزته الخظراء العتيقه المريحه، ولان وجهها قليلاً وهي تفكر كم ان زوج صديقتها مهمل في مظهره... و لكنه يهتم ايضاً بأشياء اخرى ..زوجته مثلاً، ابنتيه التوأم البالغتين من العمر عشر سنوات، بالاضافه اليها. كانوا سيعترضون على فكرة استقبال غريب...تفرض نفسها على حياتهم المريحة، حتى ولو كان جيم معتاداً على زوجته واستقبالها لأي شريد، لأتفه الاسباب. لكن جيم رحب بها بدفء وكرم ماثل دفء زوجته وكرمها. ولهذا ستبقى ايف دائماً ممتنه شاكرة الى ما لا نهايه.
صاح جيم غير مصدق:
-هذا الصباح؟ من الولايات المتحده؟
حين اومأ كايل بالايجاب، هز جيم رأسه بذهول..فنادراً ما انتقل جيم بينيت بعيداً عن ركنه في لندن، ولا رغبة له في ان يرى المزيد من العالم...واكمل:
-لابد انك منهك اذن.
رد كايل:
-انا معتاد على هذا، كما انني اضطر للقيام بمثل هذه الرحله دائماً..لذا، اعتقد انني اتكيف مع اختلاف الوقت بين بلد وآخر بسهوله اكثر الآن.
قالت ايف:
-بسهولة تكفي لك لأن تذهب مباشرة الى مكاتب جنسن في لندن، وتبدأ العمل فوراً؟
وتمنت لو ان كلماتها لم تجذب العينين القاتمتين اليها مرة اخرى.. فوجدت فيهما التعبير البارد نفسه انما اكثر وضوحاً لا سيما انها تراه في النور لأول مرة.

لا يمكن ان تكون قد رأته من قبل..واقنعت نفسها بهذا..واعترفت مرة اخرى بتأثير جسمه المذهل، ولمعان شعره الاسود المصقول، وعينيه البنيتين الداكنتين، تحيط بهما رموش كثيفة سوداء رائعه...هل يمكن لمثل هذه الرموش التي يحسد عليها ان تكون طبيعيه؟ لم تستطع سوى ان تبقى على حيرتها، ثم تقترب منه من دون تفكير لتتفحصه عن كثب..عندئذ سرت فيها موجة صاعقه وهي ترة ردة فعله الآليه، والتصلب الغريزي لجسمه الطويل، وكأنه قادر على صد نظراتها فعلياً...على الفور حظت الى الوراء، بعيداً عن العدوانيه التي تشع منه. ثم لجأت بسرعة الى الأدب الاجتماعي:
-جيم..انا آسفه..كان يجب ان نعرفكما..هذا..السيد المهذب.
اكسبها هذا التردد المتعمد في الوصف، نظرة غضب من كايل:
-...هو كايل جنسن، انه ناشر...
فقاطعتها دايان عبر باب المطبخ:
-ولقد جاء ليتحدث الى ايف عن كتابها، اليس هذا امراً رائعاً؟
اهو امر رائع حقاً؟ لم تستطع ايف منع نفسها من السؤال. فمنذ بضعة ايام، وحتى اللحظة التي التقت فيها بكايل، كانت تؤمن ان كتابها سينتشر ليحدث اثارة كبرى..لكن هذا قبل ان يقترب كايل منها..وهذا اللقاء غيير كل المقاييس.

علق جيم:

-هذا عظيم!

واضاء وهج دافئ قلب ايف حين احست بحماسة جيم..كان هو ودايان يحبانها جداً، ويحميانها وكأنهما والداها بالفعل..او، بالاحرى، كأنهما اخوها واختها الاكبر سناً. كانت دايان في الستة والثلاثين من عمرها ولا تكبر ايف بأكثر من تسع او عشر سنوات.
فجأة، ادركت ان كايل يراقبها مرة اخرى، وراحت عيناه السوداوان تنفذان الى رأسها، وكأنه يستطيع فعلاً ان يقرأ افكارها..على الفور اصبحت فريسه لأحساس متوتر غير متوقع وكأنه غير راض عن الطريقه التي ترتدي فيها ثيابها. والفت نفسها تتمنى ارتداء ثياب مختلفه عن التنورة الكحليه والبلوزه المخططه بالازرق والابيض، فقد كانتا مناسبتين جدا لعملها كبائعه في المكتبه المحليه...لكنها احست فجأة انهما باهتتان وغير جميلتين..ثم راهنت ان صديقات كايل جنسن لسن مضطرات الى اصطياد الصفقات الرخيصه في المبيعات العامة لشراء الملابس. واجتاحتها موجة من الاستياء لهذا الاحساس..
وبعد لحظة استطاعت المحافظة على اعصابها. لقد ذهلت كيف اضطربت مل هذا الاضطراب بسبب نظرة واحدة من هاتين العينين السوداوين بلون القهوة...توقفي عن هذ! ما هم ما يظن كايل جنسن بمظهرها؟
تابع جيم، وهو غافل عن حالة ايف المتباعده:
-لطالما عرفت ان كتاب ايف يستأهل النشر. في الواقع، انا واثق من انك ستحصل على كتاب رائع.
-ربما.
منتديات ليلاس
نظرت ايف الي كايل وهو يتكلم، واحست بصدمة شبيهة، وهي ترى التناقض بين هذه الملاحضه الهادئه وتلك النظرة المليئة بالغضب التي كان يوجهها نحوها..لابد انه يشعر بشيء ما ضد من يقرأ مؤلفها...وهذا امر غير منطقي على الاطلاق. وما لبث ان تابع، وقد ظهر الانزعاج في صوته هذه المرة:

-اذن، كلكم قرأتم المؤلف.


احست ايف فجأة انها غير قادرة على السيطرة على كلماتها، ووجهت غضبها الى كايل بشراسه لم تعهدها، شراسه اذهلت صديقيها.

-وما الخطأ في هذا؟

وتقدمت دايان الى باب المطبخ وعلى وجهها نظرة مصدومة..اما جيم فقال:

-ايف..حبيبتي...

لكن ايف كانت قد تجازوت مرحلة الاصغاء او التعقل. وكأن شيء ما في كايل جنسن يقطع تيار توارد الخواطر في ذهنها...مجرد سماعه يتكلم، كفيل بأن يرسل شرارات ذعر فيها..

تابعت وصوتها يرتفع:

-اعني..من الطبيعي ان ارغب في ان اعرض كتابي على افضل صديقين لي اولاً..وكما تعلم..فمن الصعب جداً اخفاء ما اقوم به، بما اننا محشورون جميعا في مكان صغير..لكن، ما همك لو قرأ الكتاب لو انك قررت يوماً ان تنشره..؟

كانت كلماتها تنطلق دون اي كابح.

-اهذا ما يقلقك؟ هل انت قلق حول تخفيض ارباحك لآنهما لن يشتريا الكتاب..؟

-هذا امر مستبعد..اذا كنا سنتحدث عن مئات الآلاف، فلن يزعجني ذلك ابداً، فلن يلحظ احد.

سخريه مريرة..ضحك خفي، تلميح عن شيء آخر...شيء مختلف تماماً لم تستطع ايف تفسيره، بدا في صوته..

قالت دايان تحاول تلطيف الجو العدائي:

-بالطبع سنشتري نسختين من كتابك لو نشر.

بدا كأن عبارتها لم تبلغ مسامع كايل وايف. ففي تلك اللحظة، وقف كايل يواجهها، وعيناه لا تفارقانها، يكاد التوتر بينهما يظهر للعيان. تسمرت ايف بنظرته السوداء، وهي تحس وكأن السخريه في كلماته تحرق رأسها، بنيران حمراء مشتعله...منذ قابلته وفي داخلها بركان يقترب من درجة الانفجار.

تغير وجه كايل تماماً. اختفى ذلك التعبير الودي الذي اظهره لدايان وجيم. زال في لحظة ليحل مكانه قناع خشن من الغضب البارد. شد بشرته فوق عضامه، فظهر الغضب حول انفه وفمه فيما استقامت شفتاه بشكل خطير جداً. اما عيناه البنيتان الجميلتان فراحتا تشتعلان بنار ذهبيه. إلا انه، رغم ذلك، بدا مسيطراً تماماً على صوته حين قال:

-اعقتد ان الوقت قد حان للتوقف عن التلاعب، الا تعتقدين هذا ايضاً؟

خرجت الكلمات قاطعه:

-تلاعب؟

كانت شهقه يائسة، وظنت ايف انها على الارجح نسيت كيف تتنفس، فقد شهقت بألم وقد غادرتها الراحه تماماً.

-اي تلاعب؟ انا لا اعرف عمّ تتكلم؟

-اوه بلى...تعرفين.

بكلمه واحده صرف النظر عن احتجاجها وكأن لا قيمة له.

-تعرفين لماذا انا هنا ايف..لا لمجرد الحديث عن كتاب لعين، ولو انه سبب مجيئي الاصلي الى هنا..وكما خططت تماماً..اليس كذلك حبيبتي؟

صفعتها الكلمة الاخيرة وبدا لها هذا اللفظ التحببي اهانة سامة..

-انا لا افهم!

-اوه..بحق الله! حبيبتي لا بد انك ادركت انني سأعرف كاتب القصه ما إن اقرأ الفصول الاولى منها. حتى ولو حاولت جاهده ان تخفي اسمك، كنت تعرفين انني سأجيء بحثاً عنك..في الواقع، هكذا خططت لكل شيء. وبهذا ارسلت القصه الى جنسن اصلاً.

-لا..لم افعل..انا لا ...

-لا تكذبي..اللعنة عليك!

وقف جيم على قدميه، يتنفض سخطاً:

-اسمع الآن...

بالرغم من كربها وارتباكها، لم تستطع ايف الا ان تلاحظ كم يبدو جيم صغير الجسم، ومزري المنظر، امام كايل جنسن الطويل القامة الانيق الملبس..

لم ينظر كايل الى الرجل الاكبرسناً:

-هذا بيني وبين ايف.

واستدار الى ايف، فيما الوحشيه على وجهه تخيفها:

-اليس كذلك؟

-قلت لك...لا اعرف عمّ تتكلم..ولا اعرف لماذا انت هنا.

ازداد تدافع الحمم في رأسها، مع مرور الثواني..وكان البركان يقترب من الانفجار.

وكرر كايل:

-لا تكذبي علي!

هذه المرة لم يرفع صوته، بدت الكلمات وكأنها فحيح كوبرا مهتاجة على وشك ان تلسع.

-لقد اردتني ان آتي وإلا لما ارسلت مثل هذه الرساله الواضحه.

-اية رسالة؟

كانت صيحتها صيحة يأس وتشوش كامل، فكل كلمة ينطق بها كانت تبدو لها عجيبة اكثر من الاخرى.

-انا لم ارسل لك اية رساله قط.

-بالطبع ارسلت! فات وقت الانكار..كل شيء موجود على الآلة الطابعة..كل كلمة..لقاؤنا..موعد المرة الاولى..

-لا!

سيطر طنين في رأسها وكأنه الف نحله اجتاحته.

-لم التق بك من قبل..انا لا اعرفك..

صاح كايل بوحشيه:

-لا تكذبي..اللعنة عليك! انت تعرفينني جيداً!انت...

قاطعه جيم بقوة، وهو يمسك ذراعه ويهزها: هذا يكفي! ما الذي يجري بالضبط؟ اتحاول الادعاء بمعرفة ايف؟

-انا لا احاول ولا ادعي شيء..انا ابين امراً واقعاً..اعرف ايف..وهي تعرفني..يجب ان تعرفني على اي حال. لقد عشنا معاً كرجل وزوجته لثلاث سنوات تقريباً.

نتيجة لهذا التصريح المدمر الاخير، ساد نوع من الصمت المذهول. كانت تعابير وجوه الموجودين تتغير بسرعة صاعقة، وبقوة عجيبة. بدا ان جيم لم يفهم، ثم ارتبك تماماً، ونقل نظره بعينين فاغرتين من كايل الى ايف، واعاد الكرة، وهو يهز رأسه ببطء، غير مصدق. في الوقت عينه اخفت دايان فمها بيديها، ثم خطت بضع خطوات مستعجلة الى الغرفة، لتكبت صيحه حاولت الافلات منها.

لقد تحقق اخيراً اسوأ كوابيسها. لم تجد صوتاً او اشارة تعبر عن شعورها، بل وقفت مسمرة مذهولة، تحدق بالرجل الاسمر الغريب الذي يقف وسط الغرفة..الرجل الذي يدعي انه زوجها...الى ان تشقق البركان داخل رأسها لتكشف فوهته عن نيران مندفعه...وتفجر في هدير مرعب دمر كل وعيها، فانهارت ووقعت في اغماءة كاملة

 
 

 

عرض البوم صور nightmare   رد مع اقتباس
قديم 12-10-08, 06:33 AM   المشاركة رقم: 8
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Aug 2007
العضوية: 38316
المشاركات: 79
الجنس أنثى
معدل التقييم: nightmare عضو على طريق التحسين
نقاط التقييم: 77

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
nightmare غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : nightmare المنتدى : روايات احلام المكتوبة
افتراضي

 

2ذاكرة غافية .......
" ايف ؟؟ ايف .... حبيبتي ..."
بدا الصوت الناعم المتملق وكأنه قادم إليها من نفق طويل مظلم .
كان صوتاً متوتراً يثير الاضطراب , فغمرها احساس بالرهبة لم تستطع فهمه .
فتأوهت ثم أدارت رأسها الى الوسادة .
" ايف , حبي , استيقظي ."
أجبرت ايف نفسها على فتح عينين مثقلتي الجفون , واذا بوجه دايان القلق يطالعها , فرفّت عينيها بصعوبة .
وتمكنت من القول بارتباك , وبصوت يشبه الحشرجة :
" ماذا .؟" .
" هس ... لا تحاولي الكلام الآن , اشربي هذا ."
ارتشفت ايف الشراب في الكأس الزجاجي الممدود اليها , وهي تتذمر كطفل مريض :
" اوغ ! ."
واجبرت نفسها على الابتلاع و هي تكشّر كرهاً لمذاقه المر , فضحكت دايان ضحكة مرتجفة .
" انا اسفة لا نملك اي شراب آخر "
ردت ايف :
" انا لا احب شرب الكرز , الا تذكرين ؟."
وبدأت الذكرى تندفع عائدة اليها بقوة الطوفان , وفجأة زالت الابتسامة عن وجهها لتتركه شاحبا بائساً :
" او على الاقل لا اعتقد انني احبه ."
كان عليها ان تبني كل شئ في حياتها الآن , اسمها اصدقاؤها , عملها , منزلها , كلها مجرد اشياء بنتها حول نفسها في السنتين الماصيتين , عوامل جمعتها معاً لتخلق الشخصية التي تعرفها الآن باسم ايف مونتاغوي ,
الانسان الذي بنته من لا شئ منذ اليوم الاول الذي دخلت فيه الى عنبر الحوادث حيث تعمل دايان كممرضة مشرفة .
وطلبت المساعدة لانها لم تعرف من هي او من اين اتت .
انها " الامنيزيا " او فقدان الذاكرة نتيجة لمحنة خطيرة , هكذا كان تشخيص الاطباء في النهاية .....
لكن اية محنة ؟
لم يكن من اثر على جسدها ,
لا اثر يدل على وقعة او ضربة او اي حادث مماثل تسبب بارتجاج الدماغ ومحى لها ذكرتها .
لم يكن معها حقيبة يد , لذا لم يكن معها ايه بطاقة , او رخصة قيادة لتّعرف عنها ,
ولا شئ في جيوبها سوى بضع محارم ورقية و جنيهان من قطع معدنية صغيرة .

كانت انتى بيضاء البشرة , شقراء الشعر ,
زرقاء العينين , طولها خمس اقدام و ستة انشات , ولم تتجاوز الثلاثين عاماً .

عدا قياسات جسمها وحذائها , كان هذا كل ما تعرفه عن نفسها .

لكن , ظهر الان رجل يدعى كايل جنسن يدّعي أنها زوجته , ولابد انه يعرف الحقيقة عنها , بل في الواقع يعرف عن حياتها وشخصيتها اكثر مما تعرفه هي .

سرت قشعريرة باردة قوية في جسمها , ونظرت بعصبية في الغرفة الفارغة من دون ان ترى اثراً لجيم او لكايل جنسن .
" اين كايل ؟"
اجبرت نفسها على النطق بالاسم ولو انه بدا لها غريبا و بعيداً عنها ... وكان يجب ان تدعوه على هذا النحو , ان كان زوجها كما يدعّي .
لكن الا يجب ان تشعر بشئ آخر ؟
الا يجب ان يثير اسم الرجل الذي تزوجته ردة فعل معينة فيها ؟

لابد من انها احبته لتصبح زوجته .

ترى , اتشعر بنوع من التوق الى التعرف به ؟
لم يحدث هذا ؟
وادركت حقيقتها المؤلمة ..

انها لا تعرف اسمها الحقيقي ...
اما اسم ايف مونتاغوي فهو مجرد اختراع من مخيلتها ...
ردت دايان :
" انه في غرفة الطعام يشرب القهوة مع جيم . من الافضل لكِ الا تستيقظي الآن ."
ضغطت ايف على يد دايان :
" شكراً لكِ ."
" وسينتهز جيم فرصة وجودهما معاً ليعلمه بما جرى .
ولمعلوماتك , لقد رفض الذهاب واضطررت الى اخراجه من الغرفة بقوة " .

ابتسمت إيف قليلاً وهي تتخيل المشهد .
ففي الدقائق القليلة التي امتضتها معه تمكن كايل جنسن من ان يذهلها .
فهو رجل مسيطر , يأخذ القرارات بسرعة ويتصرف وفقاً لها بقوة ,
رجل ليس معتاداً ابداً على الخضوع لقرارات شخص آخر .

قالت بصوت مرتعش وقد استبد بها الخوف والارتباك كقبضة حديدية باردة تجثو فوقها :
" أعتقد انه من الضروري ان نتحادث "

وافقت دايان برقة :
" ستتحدثين اليه في وقت لاحق .
لكن انتظري لتكوني اكثر قوة . كما انه بحاجه الى بعض الوقت ليستجمع قواه ..
لقد أصيب بصدمة مثلك تماما .
على أي حال , لم يكن يعلم انك لم تتذكريه , انت زوجته و .."

" انت تصدقينه إذن ؟"

ولم تستطع إيف ان تنظر الى عيني صديقتها وهي تطرح السؤال .

" ألم تصدقيه انت ؟ "

" بلى ... لا ... أوه ... أنا لا أعرف ! ولا أرى سبباً لادعائه انه زوجي اذا لم يكن هذا صحيحاً ... أعنى , ليس هناك مايجنيه , فلا مال لدي ولا .."

صمتت فجأة , ثم رفعت عينيها المذهولتين الى وجه صديقتها ..
" أم ان لدي مالاً ؟
أوه ... يا الله ! لا أعرف ! ماذا لو كان يدعي انني زوجته لأنه يريد مالي ؟ "

قاطعتها دايان :
" إيف ! لاتتركي خيالك يسرح بك بعيداً .. ليس لديك سبباً للتفكير بالأسوأ ,
فما من دليل . يبقى أمر واحد , لو كان كايل هو كايل جنسن من دار جنسن للنشر بالفعل ,
فمن غير المعقول ان يكون راغباً في مال شخص آخر .. فهو يملك الكثير من ماله الخاص ".

"هذا صحيح "

وتمسكت إيف بطوق النجاة الذي قدمه لها هذا الواقع .. وهمست بصوت متثاقل :
" دي .. انا لا أعرف ما أفعل ".
أمسكت صديقتها بيديها , بقبضة دافئة ثابتة اشعرتها بالارتياح والقوة .
وقالت بتعقل مثالي :
"هناك طريقة واحدة لمواجهة هذا الواقع .. وهي ان تواجهي الأمور ببطء وثبات ..
كما فعلت تماما منذ سنتين حين كنت تواجهين كل يوم بيومه وتحسنين التكيف . ل
قد نجحت يومها , وستنجحين الآن .. تذكري فقط انك لست وحدك , فنحن ندعمك . وكايل ايضاً".

لكن هل كايل صديق ام عدو ؟
لم تلاحظ دايان الغضب الذي تملكه , او تسمع العنف المكبوت في صوته في واجهها اول مرة عند الباب الأمامي .. ولم تستطع ايف ان تخبر المرأة الأكبر سناً بهذا ..
ولو فعلت ذلك فستذهب صديقتها على الارجح رأساً الى زوجها و تطلب منه ان يطرد كايل جنسن فوراً من المنزل ...
هذا اذا كان بمقدور احد ان يطرده جسدياً .

لكن , لو رحل كايل , فسيأخذ معه املها الوحيد في معرفة نفسها .
وهذا ما لا يمكنها التخلي عنه بسهولة .

لا يمكن لشخص ان يفهم كيف تشعر الان الا ان عاش مثلما عاشت هي بثقب اسود في مكان ما في الذاكرة ...
وها هي تجد نفسها الان على عتبة اعادة اكتشاف تلك السنوات المفقودة ...

لقد عاشت لما يقارب الاربعة وعشرين شهراً دون ان تعرف ما هو اسمها الحقيقي ,
اين ولدت , وكم عمرها , و هل لها ابوان او اشقاء , او شقيقات او اصدقاء .... او زوج ... وخفق قلبها بألم .
عبرت على وجهها ابتسامة ساخرة وهي تلتفت الى دايان ....
وبشئ من المرح القاتم في صوتها قال ببطئ :
" اقر بانه من الممكن ان اكون متزوجة ."

رفعت يديها الى وجهها لتغطي عينيها , وكأنها تريد ان تبعد ذكرى الايام التي تخشاها .
" اوه ... يا الهي .... دي .

لقد امضيت و قتا طويلاً والقلق يعتصرني لمجرد التفكير بأنه في مكان ما ...
والله فقط يعرف اين ..
عائلة تهتم بأمري , و يتملكها اليأس لانني مفقودة ...
وقد مرت علىّ اوقات اشد سوءاً حين كنت اخشى الا تكون لي عائلة على الاطلاق .. وانه ما من احد يهتم لامري او يبحث عني ..
ومع مرور الوقت لم اجد دليلا ملموساً يساعدني على اكتشاف هويتي ...
ووضعت يديها على حجرها ... تلتويان معا بكرب موجع واكملت :
" على الاقل اعرف الآن ان ......... "

كم من الصعب التلفظ باسمه .. ومع ذلك و بكل تاكيد لابد انها تفوهت باسمه مئات المرات يومياً في يوم ما .
" .. ان كايل هو امريكي , مما يفسر لماذا لم نسمع بأحد يبحث عني ."
وكشف صوتها المتقطع مدى الألم الذي كان ينتابها .
" إذا كان يعيش في امريكا وانا انكليزية , على الأقل هذا مااعتقده ,
إذ ليس لدي لكنة على الأقل .. كيف إذن وجدت نفسي اتجول في لندن و..؟"

قاطعتها دايات بلطف :
" هذه اسئلة يجب ان تطرحيها عليه حبي .. لكنه بات واضحاً انه امضى ردحاً طويلاً من الوقت في لندن .. فمؤسسة جانسن للنشر تملك مكاتب هنا على أي حال , وهذا يفسر سبب التقائه بك ..
وهو أمر مذهل .. أليس كذلك ؟".

تابعت وقد بدت عيناها مستغرقتين في التفكير :
" لابد ان في الأمر اكثر من صدفة بحيث انك ومن بين .. مئات الناشرين المنشورة اسمائهم في الدليل , اخترت " جنسن " لترسلي قصتك اليهم .
بالتـاكيد , هذا يظهر أن ذاكرتك لم تفقد الى الأبد ,
بل انها لاتزال موجودة .. مدفونة مؤقتاً , تنتظر منك ان تنبشيها مرة أخرى ..
ربما الآن , مع مساعدة كابل , ستعود الي الظهور , جيدة وكأنها جديدة ".

وتمنت إيف في سرها لو يحصل هذا على الفور , وبأسرع وقت ممكن ..


ومن الافضل ان يحصل ذلك قبل ان تضطر الى مواجهة كايل مرة اخرى .

كيف ستتمكن من مقابلة رجل يقول انه زوجها .... وانهما عاشا معاً ما يقارب ثلاث سنوات ...
لكنه الان رجل غريب , لا يعني لها اكثر مما يعنيه اي رجل مر بها في الشارع , لن تستطيع ان تتخيل هذا !!
ترددت هذه الصرخة البائسة في رأسها واوشك قلبها ان يتوقف ذعراً لمجرد التفكير بمواجهة كايل ,

ثم عاد يخفق بسرعة مؤلمة .

لن تستطيع مواجهته .... ولا تريد ذلك , لكنها مضطرة .

بجهد و بتصميم , استجمعت كل قواها الداخلية وجلست مستقيمة ,تفرد كتفيها وتأخذ نفساً عميقاً غير سوي .
قالت :
" اعتقد انني سأرى كايل الآن ."

فوجئت بصوتها اقوى بكثير واكثر حزماً من ذي قبل ...
قطبت دايان بقلق :
" هل انتِ واثفة ؟."

" اجل , انا واثقة , يجب ان اراه في وقت ما دي ...
من الافضل مواجهته على الفور ...والا فقد يزداد سوءاً .

من تحاول ان تقنع ... دايان . ام نفسها ؟

تسائلت عن هذا وهي تسمع لهجتها المغالية في الاشفاق , فتفضح الجهد الشاق الذي بذلته حتى تتكلم ....

وتوسلت الى صديقتها في اعماقها وكأنها ترجوها الا تحاول صرفها عن قرارها ..
فإذا تراجعت الآن , قد لا تمتلك الجرأة لتقدم على ذلك مرة خرى ..

" حسناً ."
كالعادة , كانت دايان تراعي حاجات صديقتها , ولو ان كلمتها الاخيرة والعبوس الذي لم يفارق جبينها . دلاّ على بعض الشكوك الباقية :
" هل تريدينني ان ابقى معكِ في الغرفة ... او ربما تحتاجين جيم ؟"

اغمضت ايف عينيها وهي تقاوم الاندفاع الجبان لتقول نعم , ارجوك , ارجوكِ ابقي معي ... ساعديني .
لكنها اسكتت هذه الافكار فوراً ..
منتديات ليلاس
بلهجة تردد صدى قناعة داخلية , قالت بصوت يكاد يرتجف :
" لا ... شكراً ... لكن ..... دي ......"
" سنكون في الغرفة المجاورة حبيبت ... وما عليكِ سوى ان تنادينا باسمينا وسندخل راكضين ."
ونهضت وهي تبتسم لإيف ....

" سيكون كل شئ على ما يرام يا ايف يا حبيبتي .. انا واثقة من هذا ".
وطبعت قبلة دافئة على خد صديقتها الشاحب .
" سارسله إليكِ ."

كانت ايف وحدها في الغرفة .. استلقت جامدة للحظات تستعيد كلام صديقتها
" ايف حبي " واللهجة التي قيلت فيها .. ايف حبي ... ايف ....
الى كم من الوقت سيبقى هذا اسمها ؟

قد يقول لها كايل ان لديها اسم آخر ....
ستيفاني او بيلندا ...

واستبعدت هذه الفكرة ... لقد اعتادت على ايف الآن , واي اسم آخر سيبدو غريباً ...

لكن كايل استخدم هذا الاسم : ايف , وكأنه مقتنع به .

هل من الممكن ان تكون هذه احدى المصادفات الغريبة , تماماً كما اختارت هي اسم جنسن كمؤسسة النشر التي سترسل لها مؤلفها ؟

لقد لاحظ المرشد في صف " الكتابة الابداعية " الذي تحضره ممنذ ايلول الماضي , انها توازن خياراتها بعناية .
واخذت بعين الاعتبار انواع الكتب التي نشرتها تلك المؤسسة وقارنتها بعملها ..

لكنها الان تواجه الوقائع بصراحة فجة ,
كما تتطلبها الظروف منها ,
لقد ابعدت من ذهنها الناشرين الذين ينشرون الكتب الواقعية او قصص الاطفال فقط ..

وقامت بالقرار النهائي بقلبها لا بعقلها من دون تفسير منجذبة الى اسم جنسن تلقائياً ..

اذن , اكان لهذا الاسم صدى غامض غير محدد , ايقظ ذاكرة ليست ضائعة , بل نائمة فقط , كما اشارت دايان ؟
على اي حال , لابد ان اسمها كان جنسن في يوم من الايام , وهذا يفسر لهجة كايل التهكمية حيث خاطبها باسم مونتغوي ...

ارتجف قلبها من الخوف , سيدخل كايل هذه الغرفة في اية دقيقة .
وسمعت همهمة الاصوات من غرفة الطعام ..

اجتاحتها موجة ردة فعل انثوية ,, لابد ان مظهرها مرعب ! ...

ها هي , على وشك ان تواجه زوجها بعد فراق ...دام كم من الوقت ؟
سنتين ؟ أكثر ؟

لاشك في انها في حالة مزرية تماماً .

انزلت قدميها الى الارض ... ثم أخذت حقيبة يدها وفتشت فيها عن مرآة ما لبثت ان تنهدت حين اطبقت يدها عليها ,
لكن تلك التنهيدة استحالت شهقة حين رأت صورتها .

كان شعرها مشعثاً تتبعثر خصلاته على وجهها , ولا اثر للون على خديها , وقد رسمت الدموع التي ذرفتها خطوط كحل حول عينيها , فحولت الصدمة لونهما الى لون داكن .

يا له من منظر رهيب !
بسرعة اخرجت مشطها وعلبة تبرج صغيرة وبدأت بالتصليحات الضرورية ...

وفيما هي منكبة على ما تفعل , انفتح الباب بهدوء ثم اغلق مرة اخرى .
فقفزت كالقطة المذعورة لتتطاير مساحيق التجميل في كل اتجاه , لاسيما حين تفوه صوت ناعم باسمها ..
فاستدارت بسرعة .....

كان كايل يقف في الطرف الآخر من الغرفة مستنداً الى الجدار وقد اراح ذراعيه على صدره ,
فبدا شديد السمرة مثيراً لاضطراب ..

" مر ... مرحباً .... "

كم مضى عليه واقفاً هكذا , يراقبها بصمت ؟
لابد انه شاهد ما كانت تفعل ... تهتم بمظهرها .

واذا كان الامر هكذا , هل رأى فيه تفاهة انثوية صرفة , ام ظن انها امرأة تجمل امام زوجها ؟

ولم تتمكن ايف من السيطرة على رجفة هزت جسدها .

" مرحباً .."

رد كايل تحيتها الفاترة واحست انها فعلا تحاول ان تتجمل للرجل الذي يدعي انه زوجها .
وصدمتها تلك الفكرة الى درجة عجزت فيها عن الكلام ...

ساد صمت بينهما وطال حتى احست ايف انها ستصرخ اذا لم ينكسر حبل الصمت بسرعة ..
فسألها :
" كيف تشعرين الان ؟."

لم يكن صوته ودياً ,, بل مكبوتاً وبارداً كالجليد لا اثر للعاطفة فيه .
ردت بارتباك :
"اوه .... افضل بكثير ."

وتسائلت هل تمتع كايل باحتساء قهوته مع جيم ... انه زوجها ومع ذلك لا تعرف اي مشروب يحب !!
كانت تلك الفكرة مدمرة بحيث سارعت الى الكلام :
" صدقني ....انا لا اصاب عادة بالاغماء ."
قال بنعومة :
" فقط حين يظهر زوجكِ الذي اضعتهِ منذ زمن بعيد على عتبة الباب من دون سابق انذار ."
ردت بلمسة خشنة :
" وحين لا اتذكر من هو ."
ابعد نفسه عن الجدار :
" آه ..... اجل .... لقد اخبرني جيم عن هذا ."
بدا وكانه لم يصدق كلمة من الرجل الآخر .
ادركت ايف هذا والذعر يتملكها ... ايعتقد انها تدعي ... وانها اخترعت القصة كلها ؟
" ماذا قال ؟"
كان سؤالها مجرد همس اجش وقد خانها صوتها تماما لاسيما حين تحرك كايل نحوها .
" اوه.... مجرد وقائع اساسية ."
امام ذهول ايف الكامل ركع كايل امام قدميها ..
وبعد ثوان ارتبكت مذعورة ومع عودتها الى التركيز ادركت انه كان يستعيد احمر الشفاة وقلم الكحل عن الارض .
" هاكِ ..."
رماهما بعفوية في حجرها فيما هي لا تستطيع ابعاد عينيها عن يديه .
فتسمرت عيناها المتسعتان على اصابعه الطويلة .. وكفيه العريضتين ومعصميه القويين اللذين كشف عنهما قميصه الابيض الناصع ..
كايل زوجها ... وتردد صدى الكلمات في رأسها .. الى ان اصبحت مثل زوبعه رعدية عنيفة ..
انه زوجها ... ولأجل هذا يجب ان تعرف هاتين اليدين كما تعرف يديها ...
وبدا ان افكارها بلغت حداً بعيداً ... اذ كان كايل يتكلم من دون ان تعي حرفاً .
سالت متلعثمة :
" عف ........ عفواً ؟؟.."
رد كايل بلطف :
" قلت هل هذا كل شئ ؟".
لكن عينيه كانتا حادتين كالسكين , فشعرت ايف انه يخترقها ليصل الى افكارها ..
وبدا لها ان الوقت يمر ببطئ ,,فاجبرت نفسها على النظر الى ادوات التبرج في حجرها .
" اجل ..... اجل ...... "
كانت ستقول هذا على اي حال ..
ولو لم يكن صحيحاً .
ارادت ان تتفوه بشئ لتدفعه الى الوقوف على قدميه ...
فركوعه على هذا النحو كفيل بأن يقضي على ما تبقى من رباطة جأشها .
حاولت مجددا بحزم اكبر :
" اجل .... هذا كل شئ ."
من دون كلمة اخرى وقف كايل بحركة رشيقة واحدة واختفى في المطبخ للحظة ليعود ومعه كوب ماء مده اليها .. وبصمت تام .
بعينين متسعتين هزت ايف رأسها شاكرة فيما الماء يطفئ التوتر في حلقها .
قال كايل بهدوء :
" لعلكِ ترغبين في سرد روايتكِ من وجهة نظركِ ".
وانفتحت عينا ايف بسرعة فشاهدته ينتقل ليجلس على مقعد قبالتها و يستند الى ظهره المغطى بالقماش .
بدا مرتاحاً فيما وضع احدى ساقيه فوق الاخرى بطريقة عفوية .
احست بسخط متردد لسؤاله , فرددت :
" روايتي ؟."
للحظة بدا ان صبره يكاد ينفد , لكنه كبت ذلك بسرعة و راح يسألها عن نفسها ..
" قولي لي فقط ماذا حدث "
لم يكن في لهجته تهديداً ما , ولو من بعيد , ولا اثر للعدوانية على وجهه
بدا جسمه الطويل مسترخياً تماماً ,
لكن ايف احست انها تقف في قفص الاتهام , تواجه قاضياً معادياً ينوي اعلان الحكم عليها .
قال كايل يحثها فيما سخريته اللاذعة تخترق افكارها :
" البداية في العدة افضل الطرق للانطلاق في السرد "
بدأت ايف باضطراب :
" حسن جداً ... لست املك الكثير لاقوله حقاً ...
لا اعرف ولا اذكر شيئاً الا انني وجدت نفسي جالسة في مقهى قرب مخزن بيع في شارغ اوكسفوررد .
وحين حققت الشرطة فيما بعد قالت احدى الساقيات انني بقيت هناك لاكثر من ساعة ...
لكنني لا استطيع ان اتذكر حتى هذا ..
كان امامي فنجان قهوة بارد وشطيرة جبن وحبة طماطم نصف مأكولة "
التوى فم ايف بألم لهذه الذكرى .
كم كانت هذه التفاصيل الصغيرة مهمة لها ...
مهمة لانها على الاقل اجزاء مبعثرة تستطيع اضافتها الى محموعة الوقائع المثيرة للاشفاق وهي كل ما تعرفه عن نفسها ...
واتجهت نظرتها الى كايل ....
كان يجلس بصمت قبالتها ووجهه خال من اي تعبير .
وقد ضم يديه واسند مرفقيه على ذراعي المقعد وهو يصغي باهتمام و يركز بقوة على كل كلمة تقولها ...
" كان ...ذلك مثل .... مثل الاستيقاظ من نوم عميق منذ مدة طويلة ..... "
وكان هذا صعبا عليها .. اصعب مما كان في البداية ..
فلما اخبرت طبيب الحالات الطارئة متلعثمة مترددة القصة ذاتها تعاطف الطبيب معها وراح يساعدها ويسالها اسئلة يمكن ان تفيدها و يشجعها ...
لكنها الآن لا تعرف مشاعر كايل .. وصمته المتحجر لا يبدي شيئاً ...
صمت , لا يمكن بكل تأكيد وصفه بالمشجع ..
" لكن المرء متى استيقظ ومن اثقل نوم ممكن يعرف بعد ثانيتين اين هو و من هو و اي يوم من الاسبوع هو فيه .... "
رجّع صوت ايف صدى اليأس والذعر الذين احست بهما ذلك اليوم ....
واكملت :
" ..... بالنسبة لي ... بدا الامر بمثابة ورقة بيضاء ....لا شئ .... "
مرة اخرى خاطرت بنظرة الى الجسد القاتم قبالتها تحاول ان تقيس ردة فعله ....لكن عينيه المركزتين عميقاً في وجهها ظلتا متحجرتين لا يمكن النفاذ خلالهما .....
" انا ... ذعرت ... وركضت عبر المخزن لأخرج الى الشارع ... أتطلع ...افتش .... عن اي شئ ... مهما كان صغيراً ...يمكن ان يعطيني فكرة عما يحدث ...لم اعرف في اي مدينة انا ...
اخيراً سألت رجل الشرطة عن كل هذا ."
ضحكة ايف كانت مهزوزة ... ارتسم الماضي من جديد على وجهها ...
بدت عينيها قاتمتين وكأنهما كدمتان فوق خديها بلا لون ..
واكملت :
" لابد انه ظنني غريبة ... اين انا ؟
اي يوم هذا ؟ وكان اول من اقترح علىّ ان اذهب الى مستشفى ."
وهنا صدرت حركة مفاجأة عنيفة من كايل ... فصمتت فجأة ...
ولأول مرة منذ بدأت سرد روايتها , ظهر عليه نوع من ردة الفعل , فأنزل يديه عن ذراعي المقعد وجلس مستوياً ..
سأل بحدة :
" متى حصل هذا بالضبط ؟".
وما همه ذلك ؟
" في العاشر من شهر آيار . منذ اقل من سنتين بقليل ..
كان التاريخ محفوراً في رأسها بحروف من نار , فهو على اي حال التاريخ الذي بدأ فيه وجودها .
اختلست نظرة اخرى الى وجه كايل , فالتقطتت تعبيراً آخر في عينيه ....
كانت نظرة تركيز و كأنه يفكر بشئ قديم ... ,يحاول استعادة ذكراه ....
سألت مترددة :
"هل للتاريخ ميزة خاصة ؟."
لكن الوجه المتحجر والنظرة الكتومة في عينيه عادت ...
وقال آمراً :
" هيا .... تابعي ."
للحظة فكرت ايف بالتمرد .. لكنها عدلت عن تفكيرها .. فكايل لن يتسامح , اضافة الى هذا , انها تريد ان تنتهي من قصة العاشر من آيار ,
لم تكن تدرك كم سيكلفها الكشف عنها من مشقة .... خاصة في هذه الظروف المشحونة عاطفياً .
" انا .... هربت راكضة من رجل الشرطة ... كنت مقتنعة ان كل هذا كان حلماً سيئاً ... مجرد انحراف عقلي مؤقت ...وانني في النهاية ساعود الى حالتي الطبيعية ,,,
فسرت ,, وسرت ,,لاميال ,, من دن ان اهتم بوجهتي ..
كنت اسير وادعو الله ان اتعرف الى اي شئ وان اجد المفتاح لافكاري وذكرياتي
تصاعدت الدموع الى عيني ايف و هي تجبر نفسها على استعادة الذكريات الرهيبة
وزاد من تفاقم توترها طريقة كايل في الجلوس ...؟
جلس هناك من دون حراك وكأنه محوت من حجر .....
" مرت خمس ساعات او اكثر ربما ... وكانت الساعه قد تجاوزت السابعة وبدأت الدنيا تظلم ... حين عرفت انني لن استطيع الاستمرار وحيدة ...
ولحسن الحظ , بعد بضع دقائق , وصلت الى مدخل مستشفى ...
ولم اكن اعرف اي مكان آخر الجأ اليه ... فدخلت الى قسم الطوارئ ...."
وهناك بدأ حظها يتحسن نحو الافضل .
ففي تلك المستشفى التقت دايان ... ممرضة مشرفة دافئة القلب , محبة كالأم ,, رعتها وارشدتها ودعمتها خلال الاستجواب والفحص الطبي والوقت الذي امضته في المستشفى وزيارات الشرطة و العاملين الاجتماعيين وحتماً علماء النفس ,
وكلهم منكب على اكتشاف هويتها او على الاخص لماذا نسيت اسمها ,,,
حتى انهم جربوا التنويم المغناطيسي في محاولة لاعادتها الى الزمن الماضي .
لكن كل ه ذا كذلك لم ينجح ايضاً
اخيراً وصلوا الى حائط مسدود ,, فعرضت عليها ديان الاقامة مع زوجها وابنتيها التوأم في منزلها , وان تكون عائلة دايان بديلة لعائلتها ..
وانهت كلامها :
" هكذا جئت لأعيش هنا .. وبعد فترة حصلت على عمل في المكتبة المحلية ... كبائعة مبتدئة ,
صحيح ان المرتب ليس جيداً جداً لكنه على الاقل يعني انني قادرة على المساهمة في ميزانية البيت ...
على اي حال ... لم اكن املك فكرة عن مؤهلاتي الحقيقية ."
مرة اخرى ادارت نظرة تساؤل نحو كايل , لكنه سؤال كغيره مرّ من دون رد ...
" و...... هذا كل شئ تقريباً ...."
خرجت منها الكلمات متلعثمة الآن , واحست برأسها يتثاقل , وهبطت كتفاها ارهاقاً ... فجلست منهكة في مقعدها و هي تنتظر رده ....
صمت مطبق ..... لو انه فقط يقول شيئاً ...اي شئ ...!!
" هذا كل ما باستطاعتي قوله ! ."
اخيراً تحرك كايل يدفع يده عبر شعره الاسود الناعم وقد ركّز نظره العابسة على السجادة , وكما من قبل ,, احست ايف انها تستطيع ان تسمع افكاره وهو يزن كل ما قالته له ..
وحين اقشعر بدنها بألم وتوتر التفتت العينان القاتمتان الى وجهها ..
قال فجأة :
" سؤال واحد فقط .... "
" نعم ؟"
" لماذا " مونتاغوي " ؟.
في البداية لم تفهم ايف سؤاله
سأل كايل بخشونة :
" اسم العائلة .... الذي تستخدمينه الآن ."
لأول مرة , ازالت ضحكة خفيفة التوتر من صوتها :
" اوه .... هذا امر سهل ...
فالعنبر الذي كنت فيه في المستشفى حيث بقيت للاسبوعين الاولين يسمى "عنبر مونتاغوي ."
ولانها خرجت من هناك لتبدأ حياتها الجديدة وكأنها طفلة و لدت من جديد لتغادر عنبر الامومة , اتخذت اللقب اسماً لها ...
تمتم كايل ببطئ :
" فهمت .... و " ايف " ؟"
احست بنبرة غريبة في صوته فثارت اعصابها لاسيما انه عاد الى مستوى المدّعي عليه والجلاّد مجدداً .
انفجرت ساخطة :
" لماذا تطرح كل هذه الاسئلة ؟".
واشتعلت نار الغضب والتحدي في عينيها .
"الا تعتقدين انه يحق لي ذلك ؟".
اشتعل جنون ايف اكثر فأكثر ,
فتعبير كايل البارد المتسائل والطريقة التي ارتفع فيها حاجبه الاسود ذكرها انه لا يصدق كلمة قالتها ..
" لا ... لا اظن ان لك اي حق ابداً .... ليس دون دليل ...
تقول انك زوجي ... لكن كيف اعرف بحق الجحيم انك تقول الحقيقة ؟
قد تحاول توجيهي لاغراضك الخاصة , عليك ان تثبت لي انك حقاً من تدّعي !
لانني سأقول لك شيئاً سيد كايل جنسن العظيم المقام ....
لن ارد على اي سؤال آخر حتى تبرهن ادعائك !! .."
منتديات ليلاس

 
 

 

عرض البوم صور nightmare   رد مع اقتباس
قديم 12-10-08, 06:39 AM   المشاركة رقم: 9
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Aug 2007
العضوية: 38316
المشاركات: 79
الجنس أنثى
معدل التقييم: nightmare عضو على طريق التحسين
نقاط التقييم: 77

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
nightmare غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : nightmare المنتدى : روايات احلام المكتوبة
افتراضي

 

3- أتذكرين؟

- ما هو البرهان الذي يدل على انك فعلا الشخص الذي تدعيه؟
ما ان انفجرت ايف هكذا حتى خيم صمت شعرت اثناءه وكأن كلماتها الغاضبه انعكست ألسنة من النار في عينيه.
للحظة طويله متوتره تلاقت نظراتهما. بان التمرد والتحدي في نظرتها ولو ان داخلها كان يتلوى في عقد شديده...ولم يزل ذلك الهدوء الاسود في نظرته لكنه اختلط هذه المرة بشئ اخر شئ رأته على وجهه من قبل حين تكلم اليها اول مرة عند الباب الامامي ولم تفهمه حينها كما لا تفهمه الان.منتديات ليلاس
اخيرا تحرك كايل قاضيا على حديث العينين فجأه.فحول نظره الى يديه للحظه,ذهلت وهي تتبع نظراته وترى الاصابع القوية التي كانت مسترخية في حجره تنقبض في شده... لكن ذلك كان كل ما سمح لها كايل ان تراه قبل ان يمد يده الى جيبه ويخرج محفظته!.
قال يتشدق بسخريه:" في الواقع انا لا احمل الوثائق القانونية المطلوبة معي... على اي حال لا يطلب مني كل يوم ان اثبت شيئا كهذا...لكن بالنسبة لعلاقتنا, ربما هذه تساعد...".
وكما كانت ايف تتوقع اخرج صورة من المحفظه ومدها اليها. قامت بجهد وتحركت قليلا من مقعدها كي تصل اليها... وحين توقفت لم يتحرك بدوره بل جلس صامتا مرة اخرى, ينتظر.
الفت ايف نفسها فجأه وقد شلها الذعر عن الحركة... وحدقت في الصورة الممدودة اليها بسخرية وكل ما استطاعت ان تفكر فيه هو صورة فأر امام قطعة جبن شهية في فخ سام قاتل.
لو اخذت الصورة فلن يكون من تراجع ولو كانت صورتها كما لابد من ان تكون فلن يكون من مجال لانكار علاقتها بكايل...علاقة لا تعرف شئ عنها قد تكون هذه الصورة مناسبة سعيدة تتيح لها ان تشعر بروعة التحرر. وهاهي الان على وشك ان تكتشف هذه الحقيقة لكن كل ما تحس به هو احساس قوي بالرعب .
قال كايل: " ايف...."
ادارت النعومة في صوته عينيها المتورمتين المذهولتين الى عينيه مرة اخرى
واحست انها تغرق في لونهما الآبنوسي الى الاعماق.
- هذه هي...خذي الصوره...
وبالرغم من هدوء صوته ولهجته اللطيفة عرفت ايف لا شعوريا ان تجاهل طلبه سوف يتسبب بردة فعل رهيبه.
وكأنها في غيبوبه ملؤها النشوه مدت يدها وبحركة خفيفه ارخى قبضته عن الصوره ليتركها تقع في راحة يدها.
-انظري اليها الان.
غشيت عينا ايف بعد القائهما اول نظرة على الصوره فلم تستطع ان تركز عليها لاسيما ان الرجفة اخذت تسري فيها...وبمقاومه جاهده فرضت على نفسها درجة كبيرة من السيطره وحاولت النظر مجددا.
كانت الصورة لاثنين..رجل وامرأه..وجه الرجل هو الذي برز اولا لكنها الفت نفسها عاجزه عن استجماع الشجاعة لتنظر الى المرأه أو اليها..انه كايل مع ذلك لم يكن الرجل ذاته الذي يجلس قبالتها الان كان اصغر سنا بالطبع لكن فارق الزمن بدا وكأنه اكبر من هذه السنوات القصيره.
وصدمت ايف لفكرة مروعه خطرت على بالها فدار رأسها وهي ترفع نظرها وتفكر بكايل كما هو الان ثم تقارن الصورة بالحقيقه.
أوه...يا الله! هل كانت خسارة زوجته سببا لكل هذا التغير؟ هل رسم اختفاؤها كل هذه الخطوط حول عينيه وفمه وشد عضلات فكه حتى بات رجلا مغايرا لصورته اذ يبدو لها الان انه نادرا ما يضحك!... هل غيرته سنتان من...ماذا؟ الوحده؟ اليأس؟ من رجل سعيد مرتاح كما في الصوره الى مخلوق مبالغ في تصلبه كالذي امامها؟ لا تستطيع ان تتحمل التفكير بمثل هذه الوقائع اكثرمن هذا....
استجمعت اخر مصادر قوتها واجبرت نفسها على النظر مرة اخرى الى الصوره توجهت هذه المرة الى وجه المرأه وما لبثت ان شهقت عاليا مع التقاء عينيها بعيني الفتاة في الصورة...لم يعد لديها ادنى شك الان ان كايل كان يقول لها الحقيقة.
كما الحال مع كايل بدا فرق حاد لكن مميز بين هذه الصورة والوجه الذي تراه كل صباح في المرآه...لم يكن الفارق يكمن في المزاج فقط فايف التي في الصوره تفور بهجة بالحياة لكن سكينا يلوى في اعماق ايف الاخرى. وهي تعرف انها وفي السنتين الماضيتين على الاقل لم تختبر مثل هذا الفرح..
وفي الصورة ظهرت ايف اصغر سنا وبدا شعرها اكثر وضوحا...الخصل الشقراء مسرحة بطريقة جميله على شكل تاج لماع فوق وجهها المستدير كالقلب...وقد انسدل شعرها على كتفيها وبدت الثياب هي الاخرى مختلفة جدا. كانت ثيابا ممهوره بتطريز مميز وقماش غالي الثمن يعكس الثراء الفاحش الذي كانت تتمتع به دون شك..لكن الفارق الابرز كان في عينيها...كانتا صافيتين براقتين لونهما البنفسجي الازرق القاتم يخلو تماما من النظرة الضائعة لتي تظللهما الان حتى في افضل ايامها.
كان الاثنان في الصورة يقفان متلاصقين ذراع الرجل بل ذراع كايل كما قالت لنفسها بردة فعل مرتجفه تحيط بفتاته...تلفظت بتلك الكلمة وكأنها واقع ترفضه فهي ماتزال عاجزة عن التفكير بالمرأة في الصورة فهذا التقارب بين جسميهما والتصاقها به اضافة الى يدها المرفوعة الى خده, كل هذا يشهد على حميميه لا تظهر الا عند المعرفة العميقه للانسان الاخر في ظل حب ينعم عليهما بالامان.
قال كايل بذلك الصوت الناعم المنخفض الخطير:"ايف؟"
وعرفت ايف انه بالرغم من صبره وصمته الهادئ لن يقوى على الانتظار لى الابد...كان ينتظر ردا عجزت هي عن تسليمه.
وسرعان ما حرقت دموع مريرة عينيها وغشت بصرها ومن دون وعي منها شدت اصابعها على الصورة التي تمسكها وهي تقاوم لترد الدموع...هذه الصورة لها...من زمن ما في ماضيها تجربة عاشتها وتمتعت بها كثيرا كما بدى بوضوحعلى وجه الفتاة..مع ذلك لم تعن لها شيئا مهما حاولت بقوه وفتشت في الزوايا المظلمة لافكارها املا في ان تجد ذكرى مدفونه. منيت بخيبة مريره...كانت تنظر الى الصوره كما تنظر الى صورة غريبين.
لكنها لا تستطيع ان تتذكر..العزلة السوداء الثقب المفتوح الفارغ في داخلها كل ذلك يؤلمها الى درجة اطلقت الدموع الحارقة وتركت عذابها يتفجر ببساطه.
قال كايل مجددا بصوت مترنم مختلف هذه المره: "ايف!"
ثم تحرك من مكانه ونهض عن مقعده ليجلس الى جانبها على الاريكة وانتزع الصورة من اصابعها برفق ثم ضمها بين ذراعين قويين الى جسمه وبطريقة لا شعورية كما الولد الصغير يسعى الى الارتياح ادارت ايف وجهها الى صدره واخذت تبكي.
ضمها كايل ببساطة من دون ان ينبس ببنت شفه ودون ان يقدم على حركه احس انها تلقت كل ما تستطيع تحمله في اللحظة الحاضره.. وان ذلك الصمت هو كل ما تحتاج اليه..لكن ذراعيه شكلتا قوقعة دافئة تحميها فضمها بأمان الى ان خف اول اندفاع لحزنها وخف النحيب الى تنهيدات صغيره..عنها تكلم.
سألها بهدوء: " أأنت افضل حالا الان؟"
تمكنت ايف من هز رأسها وتمتمت وهي تختبئ في قميصه: "شكرا لك".
حدث التغيير وهي تتكلم فشعرت بامتنان عميق لانها اخفت وجهها عن العينين البنيتين العميقتين فلم تستطع رؤية الدفء يتدفق الى خديها.
كان من المستحيل ان لا يقشعر جسمها وهي بين ذراعيه وقد احست بقوة ساعديه اللذين يتمسكان بها وبصدره اللذي ترتاح اليه وبخفقات قلبه التي تشبه ضربات الامواج في اذنيها..استطاعت ان تشم رائحة جسمه..اشبه بمزيج جذاب من دفء والعطر ورائحة مسك لطيفه كان عبيرا قويا جدا...تنفست بعمق فبعث فيها تأثير مسكر اندفع مباشرة الى عروقها ومن هناك تدفق بسرعة الى ما تبقى من جسمها فدار رأسها وتسارعت نبضات قلبها...
دنت منه اكثر وعلى الفور احست بتبدل في تنفسه وبتسارع يماثل سرعة خفقات قلبها.
- ايف!!
هذه المرة كان اسمها شهقة مرتجفه امتزج فيها الاحتجاج والصدمة والانكار اضافة الى نوع من السعادة الخفية.
- بالله عليك....ايف!
في برهة من الزمن اختفى كايل جنسن رجل المدينة, رجل الاعمال المتمدن والبارد والرابط الجأش الذي رأته حتى الان...وكأنه احترق بنار داخلية هائله..هادره..مدمره..كالنار في الهشيم.... ومرة اخرى عاد الرجل القاسي المثير للاضطراب الذي واجهها عند الباب.
لكن الاحساس الذي تملكه هذه المرة لم يكن الغضب بل الحب المشبوب فانسلت اصابعه القوية الى ذقنها ورفع وجهها اليه وهنا عرفت ايف انه يعكس شعورها بالتحديد...احساس حار لاذع كان يحول دمها الى مياه حارقه تسري في عروقها.
لم تعد ايف قادرة على التنفس..كان جسمها كله يرتجف بعنف..وانقلبت الحرارة في عروقها الى اتون مستعر وشعرت انها يائسة لا تستطيع التحكم بنفسها....
همس كايل:" هل رأيت؟ انت تتذكرين! انت تعرفينني...جسمك يعرفني!"
أنت تتذكرين حقا! لو انه غرز سكينا في قلبها لما استطاع ان يعيدها الى الواقع اكبر او بألم اكثر...بصرخة ملؤها الذهول واليأس انتزعت ايف نفسها بعيدا عن كايل وراحت تدفعه بعيدا عنها.
- لا استطيع
كانت هذه هي آهة عاب...رددت صدى الاحباط الذي اجتاح جسمها...
- لا استطيع....لا استطيع.
كررت الجملة يائسة ثم غطت وجهها بيديها كي لا ترى الغضب الذي اشتعل في عينيه.
- انا لا اعرفك!...لا استطيع!...انا لا اعرفك!
من بين اصابعها المرتجفة سمعت انفاس كايل المتحشرجة تبطئ بالتدريج ثم تزداد ثباتا واخيرا تناهت اليها التنهيدة العميقة الخشنة التي سيطر فيها اخيرا على نفسه.. لكن صوته كان لا يزال خشنا وحافلا بمشاعر لم يك يخفيها حين تكلم اخيرا.
- حسنا ايف...لن المسك مرة اخرى حتى تكوني مستعدة....اعدك.
لم تكن لتصدق ان افكارها يمكن ان تبلغ حدا اكبر من الضياع لكنها لم تستطع ان تتحمل الطريقة التي تصرفت بها للتو فقد شعرت بأنها على حافة الجنون اذ كيف تتصرف على هذا النحو مع رجل غريب عنها تماما .
لكن كان غريبا, ولم يكن. لقد كان... ولا يزال...زوجها... ومن الواضح انهما ارتبطا بعلاقة حب وكانت الصورة خير دليل على ذلك ووفق قوانين الطبيعة والمجتمع من المفترض بالزوجة ان تبادل زوجها حبه. لكن كايل غريب عنها.. وهو مثله مثل اي رجل يدخل الى المكتبة حيث تعمل..
بعث هذا الذعر فيها فأجفلت ومع ذلك فقد تجدد فيها الشوق اليه حين وعد ان يتركها ويمنحها الوقت فبدون دفئه الى جانبها شعرت بالبرودة والحرمان في داخلها وارادته ان يعود مع ذللك ذعرت من مجرد الفكرة احست ايف وكأنها فوق ارجوحة تدور دونما سيطره ولا تعرف كيف تتعامل مع التغيرات التي قلبت عالمها رأسا على عقب.
همست:" انا خائفة !"
كانت كلمات حافلة بتأثر تسلل الى اصابعها.. وسمعت تنفس كايل الحاد وهو يسأل بخشونة:" وكيف تظنين اني اشعر؟"
وما لبثت ان احست به وهو ينهض عن الاريكة وبعد دقائق رأته قد ابتعد عنها ووقف في الطرف الابعد من الغرفة فيما يداه في جيبه وكتفيه محنيتين بينما راح يحدق من النافذة الى الحديقة المعتمة.
بعد ان نفضت عنها غبار الكرب تمتمت بصوت ناعم منخفض:
- ادرك ان هذا ليس سهلا عليك...لكنه ليس كما توقعته تماما
راقها ان تتكلم معه فيما هو مشيح بوجهه عنها لانها متحاشية نظرته المتفحصة الثاقبة.
- افهم ما تقولين
تنهد كايل مرة اخرى وهو يمرر يده في شعره بحركة خشنة مضطربه قبل ان ينتزع ربطة العنق ويرميها على ظهر كرسي قريب وما لبث ان رمى سترته ايضا دونما اكتراث لقماشها الغالي الثمن وكأنه يسعى للتحرر من اي قيد مفروض عليه
تمتم كايل:" يا الهي.....احتاج الى شراب!"
- اخشى اننا لا نملك سوى شراب المرضى عصير الكرز البري... الا اذا اردتني ان احضر لبقهوة.
- القهوة تكفي...لا... سأعدها بنفسي لا اريد ان يغمى عليك... مجددا.
- لكنني بخير الان.
تجاهل كايل كلمتها متجها الى المطبخ وهو يقول:
- بمقدوري ان اعد فنجان قهوة...فكما تعرفين جيدا...انا...
اعاد استجماع نفسه فجأه من دون ان يكمل ما اوشك قوله وعبر الباب المفتوح. رأته يهز رأسه بغضب مطلقا الشتائم بين الفينة والاخرى .
سألها بعد لحظات: " ااعد لكي فنجانا؟"
بدا انه يصب اهتمامه على غلاية الماء فتعبير وجهه خال من اي مشاعر لكن لهجته الحزينة فضحت ما كان يحس به.
ردت ايف اليا:" اجل ارجوك.. مع الحليب من دون سكر"
ثم عضت شفتيها بعد ان نظر اليها بسرعة والغضب في عينيه ينبئها بخطئها فهو يدرك تماما كيف تحب القهوة الا اذا كان انهيارها العصبي وذاكرتها المفقودة قد غيرا ذوقها تمام.
فقالت:" انا اسفه".
هز كايل كتفيه العريضتين دونما اهتمام وظهر وجهه خاليا من التعبير.
بدا غير مكترث على الاطلاق لذهولها. قال بفظاظة:" نحن متساويان".
وقفت ايف ببطأعلى قدميها فيما هو ينتظر الماء ليغلي ثم انتقلت بصمت وتثاقل لتقف عندالباب ما بين المطبخ وغرفة الجلوس لم تتذكر هذا الرجل ومع ذلك وكأن قوة هائلة تجذبها اليه لم تكن قادرة على الاشاحة بوجهها عنه لكنه كان يدير لها ظهره فأحست بالارتياح.
ولكنها احست بالقلق ايضا لانها لم تقدر ان تحول دون نظراتها المليئة بالاعجاب وتاقت اصابعها لتمر فوق جسمه ونعومة شعره الاسود اللماع.
وهنا تصاعد التورد الى وجهها. راحت تبحث عن كلمة تقولها كي تبعد عن نفسها هذا الخيال الجامح.
فسألت بتهور: " هل تحب العصير؟"
رأت معالم الدهشة عليه قبل ان يستدير ليواجهها:
- ماذا.....؟
كانت لهجته تثير الاضطراب... لكنه استجمع نفسه فصعب على ايف ان تقرأ معالم وجهه.
انصبت جهود كايل لثوان على انهاء مهمة تحضير القهوة فراح يحركها بقوة مبالغ فيها قبل ان يرفع الكوبين ويحملهما اللى غرفة الجلوس .
قال آمرا:" تعالي واجلسي".
ثم وضع كوب ايف على طاولة صغيرة بالقرب منها قبل ان يجلس على مقعد بذراعين بعيدا بعدا امنا عن الاريكة التي تجلس عليها ايف.
انتظر حتى جلست ثم تكلم ببطء:
- اعتقد انه يحق لك طرح بضع اسئلة ايضا..نعم انا احب العصير..والاناناس بوجه خاص.
عاد يتفرس بها عن قرب فدب القلق في نفس ايف..علام ينظر؟ لم لا تخبره بكل بساطة انها لا تتذكر عنه شيئا؟ الا يزال يعتقد ان فقدانها للذاكرة غير حقيقي؟منتديات ليلاس
قالت بحد: " هل تظن انني اكذب عليك؟"
رد كايل بنعومة وكأنه لم يكن مقتنعا:" ولماذا اعتقد هذا؟"
ثم مد يده الى الكوب وتراجع في مقعده وهو يرشف القهوة...
- افهم انك تودين معرفة الكثير1
بالطبع انها تريد...بل تحتاج ان تعرف الكثير...كل شئ لكن المشكلة انها لا تعرف من اين تبدأ....كم تتوق الى شراب منعش الان.
- ما هو اسمي الحقيقي؟
التوى فم كايل في ابتسامة جانبية بدا وكأنه كان يتوقع هذا السؤال بالضبط:
- اتعرفين اسم جنيفياف؟ لا, لم تحبي هذا الاسم يوما...كان الكثيرون ينادونك جين.
صمت فجأه ثم تجهم وجهه بسرعة . اما ايف فتسمرت في مكانها وهي تدرك ان كلماته التالية مهمة جدا.
وسأل: " لماذا اسميت نفسك ايف؟"
ردت بصوت متشنج:" اوه...هذا..."
ادعت الامبالاه وهي تستعيد مرة اخرى احداث السنتين الماضيتين.
- بدا لي الاسم مناسبا لان ايف او حواء كما يسمونها المرأة الاولى من دون ابوين ولا اسلاف وقد طردت من جنه عدن"
جف حلقها بألم وهي ترى كيف كان ينظر اليها وادركت متأخره ان اسمها الحالي يمكن ان يصور باختصار اسمها الحقيقي ولمح كايل وجهها الباهت يخلو من اي لون... فهز رأسه ببطء
قال بصراحة:" ايف كان الاسم الذي اعطيته لك..."
وضعت ايف كوب القهوة على الطاولة بعنف...جنفياف...ايف...تذكرت قوله "" كنت سأعرف على الفور انك كاتبة القصه ولو حاولت جاهدة
اخفاء اسمك" اذن هل التقت الاسم عشوائيا كما اعتقدت؟...ام انه مخبئا في لاوعيها كما كانت دايان تلمح دائما.
اذن ...هل ضاعت ذاكرتها الى الابد؟ كانت تعتقد انها دفنت تماما, لا بل اختفت خلف جدار من الصخر, لكن يبدو الان ان هذا الجدار لم يكن صلبا كما اعتقدت.
حثها كايل:" ماذا عن السؤال التالي؟"
اجتاحت ايف موجة استياء ملتهبة لاسيما انه لم يعطيها فرصة لتستوعب ما قاله لها فقد تلاشى الرجل الذي ضمها وحل مكانه تلك الشخصية الباردة والجامده.
قالت محتجة:" لست مستعدة بعد!"
لكنها ناقضت نفسها فورا:" كم ابلغ من العمر؟"
ضحك كايل بسخريه...فحين يبتسم يتغير وجهه كله واحست ايف بالجليد الذي غلف قلبها يذوب استجابة لدفئه المفاجئ.
ثم تمتم بخفة:" يا لعادة النساء! هل اقول واحدوعشرين ام......؟"
قاطعته بحدة: " الحقيقة ارجوك!".
قال بسرعة:" واحد وعشرون اضافة الى خمس سنوات".
اذن كان تخمينها صحيحا...شعرت بالسعادة لانها استخدمت اسمها وعمرها الحقيقين خلال السنتين الماضيتين.
- ومتى ابلغ السابعة والعشرين؟
- بعد ستة اسابيع في العاشر من ايار بالضبط
احست ايف مرة اخرى بنظراته تحرقها ...لا شك ان هذا التاريخ مميز لكايل كما هو الحال بالنسبة لها ايضا....فالعاشر من ايار هو اليوم الذي وجدت فيه نفسها في المقهى من دون ان تعلم كيف وصلت الى هناك...هو اليوم الذي بدأ فيه كابوسها اذن حدث ذلا في عيد ميلادها الخامس واعشرين ..ترى ماذا حدث يومها؟ بكل تأكيد لا يمكن ان تنتج((المحنة)) التي تلم عنها الاطباء من نسيان زوجها لعيد ميلادها مثلا...اهذا ممكن؟
قالت:" اذن كنت في الثانية والعشرين يوم التقيت بك... وانت كم عمرك؟"
- سأبلغ الخامسة والثلاثين في التاسع من تشرين الاول القادم.
كانت كلماته اشبه بسكين يطعن قلبها كم تحسده على القدرة البسيطة في تذكر عمره وتاريخ مولده.
فتابع:" السؤال التالي؟"
عاد الى دور محامي الادعاء مرة اخرى ام انه محامي الدفاع ؟ المشكلة انها لم تكن تعرف الى اي جانب هو. ففي اللحظات التي كان يضمها فيها بدا لها لطيفا متفهما لكن في بقية الاوقات كان صوته حادا يتضمن نبرة هجومية شديده الامر الذي دفعها للتساؤل عن سبب عدائيته هذه...لقد نسيت انها تركته على ما يبدو دون سابق انذار...وانها لم تتصل به لما يقارب السنتين ام انها تركته قبل ذلك؟ اكان تحطم زواجهما ((المحنة)) التي سببت مشاكلها اساسا؟
كرر كايل:" السؤال التالي"
وتحول ذهن ايف الى صفحة بيضاء تماما فهو لم يكن محامي الادعاء فحسب بل كان يقوم بدور المحكمة والحكم في وقت واحد...
- الا تريدين معرفة شئ اخر؟
- طبعا اريد معرفة المزيد! فأنا لا اعرف شئ ابدا!
وبغتة اخذ دماغها يعج بما لا يحصى من الاسئلة...وحاولت ايف يائسة ان تركز افكارها على واحده منها: " ووالداي؟"
- كلاهما ميت
يا الهي كم هو عديم الاحساس... لكن ما من طريقة سهلة لقول هذا.
اضاف كايل:" لم التق بهما قط لقد مات والدك قبل ان التقي بك بأكثر من سنة تقريبا ووالدتك بعد اربعة اشهر تقريبا. وفي رأي انهما لم يكونا فائقي اللطف اتجاهك فقد قلت لي انهما متزمتان جدا.
- ماذا عن الاخوة والاخوات؟
كان سؤالا كئيبا يائسا. هل كان كايل الشخص الوحيد الذي عرفته؟ كيف يمكن لها ان تعرف الحقيقة عن زواجها اذا كان هو المجيب الوحيد؟
- انت ابنة وحيده. انا لست وحيدا فأخي الصغير استيوارت يصغرني بخمس سنوات. انه فنان العائلة وهو مهتم بالتصميم لكنه يترك تفاصيل العمل لي وايزال والدي حيين لقد حققا لتوهما طموحا طال انتظاره فتقاعدا في فلوريدا ولقد طال اقناعي لوالدي ليترك زمام قيادة شركته الصناعية وهاهو الان يتمتع بكل دقيقه من وقته.
نظرة سريعة الى وجه ايف أنبأته بما يجول في خاطرها:
- لقد التقيت بهما مرة واحدة يوم زفافنا. حين كنا معا لم استطع اقناع الرجل العجوز اني قادر على التعاطي مع شئون لندن من العمل.
- شئون لندن...كنت...؟
- كنت مسئوولا عن القسم الانجليزي من المؤسسه حين كنا معا.
- اذن...كيف...كيف التقينا؟
ضحكته استحالت خشنة فجأه:
- اوه...هيا يا ايف.. اعرف انك لست بحاجة الى السؤال كل هذا موجود في كتابك الا تذكرين؟
- كتابي.....؟
كانت ايف قد نست فعلا السبب الحقيقي لظهور كايل في المنزل لكن كلماته الغاضبة عادت لتلاحقها" كل شئ موجود في النسخة اللعينة...لقاؤنا..."
- اذا كان صحيحا؟ السلم المتحرك...؟
- تعطل السلم المتحرك وتوقف فجأه فوقعت الى الخلف بين ذراعي تماما...بالضبط كما وصفت في كتابك. والان هل فهمت لماذا جئت الى هنا؟
لقد فهمت جيدا ولا عجب انه اعتقد ان قصتها رسالة موجهة اليه...ولا عجب انه سعي اليها.
- اوه....يالهي!
مرة اخرى غطت ايف وجهها بيديها. لم تستطع استيعاب الامر. لقد ظنت انها تكتب عملا ادبيا خياليا لكن بعض الحقائق تسربت فعلا من شق ذلك الجدار الذي يسد الطريق على ذاكرتها شق يزداد اتساعا مما تصورت يوما.
- اهناك المزيد؟
لم تكن راغبة بالسؤال لكنها عرفت انها لا تستطيع تركه دون رد. فالوقوع من على السلم المتحرك مثل البداية في كتابها...وهو يمثل البداية في الحياة الواقعية ايضا. واضربت حين احست ان الخيال قد استحال حقيقة وانها استخدمته كبداية لعلاقة غرام مشبوب...
رد كايل بسخرية:" عن قصتنا في الكتاب؟ فيها ما يكفي من الوقائع مثلا السلم المتحرك, الرحلة في المركب, البرج, وامسية رأس السنة"
وازداد عمق صوته بتركيز اكثر
اطلقت ايف تنهيدة دون كلمات لم تكن بحاجة الى روايته للاحداث فهي تعرف كل اتفاصيل اتي كان يشير اليها تلك المشاهد التي اختلى فيها بطلا قصتها للمرة الاولى...والجو العاطفي لاحتفال السنة الجديدة التقليدي لاسيما ان غياب البطل قد فاق الشهر فاجتمع شملهما في تلك اليلة الجميلة.
وكأن كايل قرأ افكارها....فقال:
- لقد عدت الى امريكا لقضاء عيد الميلاد بعد لقائنا مباشرة.
- اوه....كايل
كانت ايف مذهولة لادراكها انها تستخدم اسمه للمرة الاولى...فلم تجرؤ على متابعة السؤال:
- هل هناك...؟ هل هناك اكثر من هذا؟
كتمت انفاسها لحظة ثم زفرتها بتنهيدة ارتياح شديد حين هز رأسه وقال ببرود:" ما تبقى خيال صرف"
وكأنه يقول,الا يكفي هذا؟
- احمد الله!
لا عجب اذن ان يغضب بشكل رهيب... ويستعد ليمزقها اربا خاصة انه اعتقد انها استخدمت قصة لقائهما كمادة لقصتها.
- انا اسفة جدا.
هزكتفيه بلامبالاه وكأنه لم يقتنع. فتألمت ايف وهي تخشى ان يعتقد انها خائنة بلا مشاعر وقال:" على الاقل لم تتمادي اكثر"
- لم اقصد كتابة شئ من هذا عمدا...اقسم لك...لم افعل!
لكنها كتبته وكما قال كايل كان هذا يكفي...يكفي لجذب اهتمامه...ولاقناعه ان المرأة التي كتبت تلك القصة هي زوجته المفقودة.
توسلت اليه:" يجب ان تصدقني... لم اكن اعرف انني اكتب عن واقع حدث حقا لقد اعتقدت فعلا ان كله وليد مخيلتي"
عليه ان يصدقها انها لا تعرف شيئا عن هذا الرجل الذي يدعي انه زوجها...ولا تذكر زواجهما وكيف ولماذا انتهى ولكنها بالتالي لا تستطيع ان تسأل عن الزواج الا اذا تقبل هذا الواقع الخطير فأذا لم يفعل ما جدوى المضي اكثر في هذا فهو ضدها من البداية .
- كايل....ارجوك...
مرة اخرى ادار قناعه الفارغ من كل عاطفة نحوها وقال اخيرا:
"هذا يكفي".
ثم دفع بكم قميصه الى الوراء لينظر الى ساعته وقبل ان تحتج ايف عبس ووقف :" اعتقد اننا ابقينا صديقيك خارج غرفة جلوسهما لفترة طويلة ومن الافضل ان اطلب منهما الدخول قبل ان يظنا انني خنقتك باحدى الوسائد.
وكان في طريقه الى الباب حين توقف واستدار وهو ينظر الى عيني ايف مباشرة:" المشكلة...ماذا بعد؟"
للحظات طويلة لم تستطع ايف سوى ان تحدق به بارتباك بدا انه لا يفهم معانيه واضاف بنفاذ صبر:
- انت وانا الى اين سنصل من هنا؟
كيف يمكن لها ان تجيب على هذا؟ تمتمت ايف وهي في حالة هستيرية لو انها اضافت المزيد من الحقائق الى قصتها وسردت اكثر عن قصتهما الحقيقية عى الاقل كانت ستعرف اكثر وافضل كيف تتصرف لكن يبدو ان لاوعيها قد خانها في اكثر الاوقات اهمية. وكان يمكن ان تكتشف بنفسها انها وقعت في حب كايل في مرحة ما بما انها التقت به وتزوجته . المهم هو ما حدث بعد ذلك وقبل ان تقرر ان كانت تريد رؤية كايل جنسن مرة اخرى تحتاج الى ان تعرف اكثر بكثير عن علاقتهما في الماضي. لكن المشكلة على ما يبدو ان الشخص الوحيد الذي يستطيع ان يخبرها بكل هذا هو كايل نفسه.
- انا....
وبينما هي مترددة سمعت صوتا مخنوقا من الغرفة الاخرى وتذكرت دايان ودعمها لها والنصيحة التي اسدتها اليها قبل قليل ثم اكملت:
- كل يوم بيومه....
عقد حاجبيه: " ماذا...؟ ماذا قلت؟"
- يجب ان نعيش يوما بيوم.
في البداية ظنت ان كايل سيرفض اقتراحها لكن تعبير وجهه انبأها انه راض عن عرضها. وماذا يتوقع؟ ان تقفز الى فراشه ما ان يقول لها انها زوجته؟ واندفعت الى الكلام مجددا في محاولة للتلهي عن الفكرة المثيرة للاضطراب.
- يجب ان نبدأ من البداية وان تعرف الى بعضنا مرة اخرى كما فعلنا تماما في المرة الاولى.
رد معاتبا:" كننا لم نأخذ الامور ببطء يومها "
تورد خداها لكلامه هذا وتذكرت الفصل الاول من قصتها ثم ارتجفت خوفا وترقبا للاسابيع والاشهر القادمة والتفكير بكل ما ستكتشفه لكنها عرفت ان دايان على حق عليها ان تتروى في رحلة العودة خطوة بخطوة.
هز كايل رأسه موافقا :" حسنا..."
وبقي تعبيره كئيبا من دون ان تبدو عيه سعادة كبيره بدا واضحا انه اراد اكثر من هذا لكنه اضطر بالقبول بالقليل الذي تعرضه الان .
- سنقوم بهذا على طريقتك لكنني اقول ك شئ واحدا ايف مونتغاوي ....
اثارها التشديد على اسمها بهذا الشكل وادركت بذهول انها لم تسأله بعد عن اسم عائلتها الحقيقي .
- كوني متأكدة من شئ واحد لن يكون الامر ابدا مثلما كان في المرة الاولى...مطلقا.
لن يكون ابدا ومن دون ادنى ريب كما كان في المرة الاولى. وعادت الكلمات تطاردها بعد ساعات حين آوت اخيرا الى فراشها لكنها لم تنم بدلا من ذلك استلقت مستيقظة في الظلام تستعيد مرات ومرات الاحداث التي لا تصدق هذا المساء خاصة المعلومات التي عرفتها عن نفسها وتحاول ان تربطها كلها معا لتكون النتيجة مفهومة.
لكن الصورة رفضت ان تتكون وكأنها تحاول جمع قطع احجية والمشكلة انها لن تتمكن من اكمال الصورة حتى تسأل كايل اسؤال الاهم... السؤال الذي تعرف انها كانت تتجنبه طوال المساء السؤال الذي بدأ يلح باستمرار داخل رأسها.
كانت تريد ان تسأل :" اخبرني....ماهو الحدث الذي هدد حياتنا الزوجية. ودفعني الى ان افقد ذاكرتي؟"

 
 

 

عرض البوم صور nightmare   رد مع اقتباس
قديم 12-10-08, 06:45 AM   المشاركة رقم: 10
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Aug 2007
العضوية: 38316
المشاركات: 79
الجنس أنثى
معدل التقييم: nightmare عضو على طريق التحسين
نقاط التقييم: 77

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
nightmare غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : nightmare المنتدى : روايات احلام المكتوبة
افتراضي

 

4) أنا أعرفك
(( ستحتاجين إلى ثياب وسيارة ، ومن الأفضل أن تتركي عملك ))
(( أرجو عفوك ))
((قلت 00)
(( أعرف تماماً ما قلته ! ))
ولم تجفل بأنها تناقض نفسها 00لقد سمعت جيداً ما قاله كايل 00لكنها لم تستطع أن تصدق أذنيها 00حين قال أنها وكايل سيأخذان الأمور بروية ، تسألت كيف سيقضيان تلك الأيام معاً 00كيف سيتصرفان تجاه بعضهما 00لكنها لم تتوقع هذا !!
قالت بحرارة ، وهي عرضة لمزاج متقلب من القلق وانزعاج ، ففي حين أنها مهتمة بشعوره ، كان لا يهتم إلا بالأشياء العملية : (( وهل أنت مادي واقعي وبارد دائماً ؟ ))
هز كايل كتفيه دونما اكتراث ، وقال : (( على أحد منا أن يكون هكذا 00من الواضح أنك لم تفكري بهذه الأمور ))ردت بتمرد (( ظننت أن أمامنا مواضيع أخرى لمناقشتها ))
رد بحدة زادت من سخطها : (( الأهم ثم الأهم )
لم تكن هي المرة الأولى التي ترى فيها كايل منذ ظهوره الدراماتيكي في منزل دايان وجيم ، أي منذ يومين 0 فقد دعته دايان إلى العشاء أملاً في المساعدة ، وثبت أن ذلك المساء كان من الأوقات الأصعب والأكثر إحراجاً في حياة إيف 0 على الأقل ، الحياة التي تستطيع تذكرها 0
دار بينهم حديث مهذب حذر ، ناقشوا خلاله البيئة ، الحالة الاقتصادية ، وكانت تصرفات كايل ممتازة تماماً ، وأخلاقه لا عيب فيها ، لكن إيف عرفت من النظرة في عينيه السوداوين ن أنه يحترق بنفاذ صبر ، وأنه كان يريد أن ينتقل إلى أمور أكثر أهمية 0
لكنه أخذ وقته كما يريد ، وسار في اللعبة من دون احتجاج 00وكأنه صديق جديد يزور حبيبته لأول مرة 00
لكن نهاية الأسبوع حلت ، ولم تعد إيف قادرة على التذرع بساعات عملها كي لا تنفرد به 00وكانت دايان وجيم قد اصطحبا التوأم لنزهة بعد الظهر ، فتركا لهما الفرصة للخلوة والحديث 0
قالت إيف متوترة ( من خلال تعليقك على السيارة ، أستنتج أنني أعرف القيادة ؟ ))
هز رأسه الأسود الشعر بحدة (( لقد علمتك 00ونجحت في الامتحان من المرة الأولى أيضا ً ))
(( لكنني لم أقد سيارة منذ ما يقارب السنتين ))
أضافت إيف الواقع هذا إلى مخزون المعلومات الصغير ، الذي راح يتنامى يوماً بعد يوم ، وبدأت تبني صورة لجنفياف باكهام ، المرأة التي كانتها يوماً ن لكن هذا مجرد عنوان عريض ن من دون تفاصيل ولا ظلال لتكتمل صورته 0
(( لا يمكن ان تنسي شيئاً من هذا 000سأخذك لتقودي مرتين 00وسرعان ما تتذكرين ))
لو أنها فقط تستعيد مهارة أن تكون زوجته بمثل هذه السهولة 000بدا لها أن كايل يؤمن بهذا كل الإيمان 000لم يكن يهتم أنه الآن غريب تماماً عنها 00فهل كان دائماً المسيطر ، أم أنها هذا مجرد تجاوب مع الوضع الحالي ؟
قال كايل وكأنه يراجع الأشياء في ذهنه (( والآن 00بالنسبة للملابس 00))
قاطعته بكبرياء (( أمتلك ملابسي !! ))
طافت العينان السوداوان عليها وهما تتأملان الكنزة القطنية الزهرية اللون والجينز ن فشعرت كأنها نموذج مثبت على طاولة مختبر 0
كرر ساخراً (( تملكين ملابس 000))
صاحت وقد غضبت للطريقة التي ينظر فيها إليها (0 حسن جداً ، لعلها ليست مناسبة للصورة التي تريد أن تبرزها !))
لكن الفرق في نوعية ثيابهما ، لا يمكن أن يكون أكثر بروزاً 0
لا يحق لي رجل أن يبدو جيداً هكذا 00ولا جذاباً بشكل قاتل 00وتأملت كيف تتعلق سترته بكتفيه المستقيمين المربعين ، ثم يتدلى قماش السترة بنعومة على عضلات صدره المتناسقة 0
أعدت إيف نفسها إلى الحاضر ، وقالت (( لكنني لا أستطيع أن أبتاع ما غلا ثمنه 00لسنا جميعاً أصحاب ملايين !1))
غمرها الألم لأنها اضطرت إلى إخفاء أفكارها المثيرة ، بلهجه عدوانية فاقت تصورها 000وسرعان ما اجتاحها الندم وهي ترى التواء فم كايل ، وأدركت أنها زوجة لمليونير , رغم أنها لا تشعر بهذا ، صحيح انه أكد أنهم أمضيا ثلاث سنوات معاً ، لكن لا وجود في ذاكرتها للحظة من ذلك الوقت 00كما أنها تشعر بتقارب أكبر تجاه دايان وجيم ، وحياتهما البسيطة في الضواحي من هذا الزوج الثري 0
((لم أكن أنتقدك ))
تناهى إليها صوت كايل ، بمزيج من اللطف والتوبيخ ، ليلسعها كطرف صوت ، فتضاعف ألم إيف وما لبث أن ( وأنا أدرك أن الأمور لك تكن سهلة عليك 00 من الصعب أن تجدي نفسك وحيدة فيأكمل الدنيا من دون أن تذكري من أنت أو كيف وصلت إلى هنا ، هذا من دون ذكر الصعوبات المادية والعملية التي تكبتها لتبدئي من جديد بلا مال 00أو عمل 000لا شك أن تجاوزها بدا مستحيلا ً))
هزت إيف رأسها صامتة وقد صعقت لتفهمه العميق 0فمع أن دايان وجيم ساعداها 0ولن تتمكن من رد جميلهما ن فقد ظلت تناضل بيأس لتقف على قدميها 0
وتمكنت من القول أخيراً (( فرصة العمل كانت مستحيلة تقريباً 00فعلى أي حال ن لم أكن أعرف أني أملك مؤهلات ))
(( لكنك في الواقع ن تملكين العديد من الشهادات 00هذا دون ذكر سرعة مذهلة في الطباعة والاختزال ))
ابتسمت إيف ساخرة (( كم أتمنى لو عرفت ذلك منذ سنتين ، فكل ما استطعت أن أجده هو وظيفة في مكتبة ))
(( وهذا سبب إضافي إذن ، لاستفادتك من الملابس 00))
قاطعته((لا أريدك أن تشتري لي ملابساً ))
(( لا داعي لهذا 00على أي حال ن فهناك خزائن مليئة من الملابس ))
((لا !!))
أدركت أخيراً ماذا يقصد بالضبط ، لكنها ردت غريزياً ن بكلمة واحدة فيها من الخشونة ما يبعث على الاضطراب ن فما كان من كايل إلا أن قطب جبينه 0
(( لن أتركك تعطيني هذه !!))
ازداد عمق العبوس حتى أصبح خطيراً (( لكنها كانت ملابسك تلك التي اشتريتها لك 00الملابس التي تركتها ))
ظن آه يسهل عليها الأمور 00لكنها بالنسبة لإيف تزداد سوءاً
(( لعلها كذلك 00ومع ذلك لا أستطيع أخذها !! فهذا يعني إنني سأقبل غيرها من الأشياء أيضا ))
(( أي أشياء؟ ))
هزت إيف رأسها يأساً 00كيف تفهم كايل أن هذه الثياب قد لبستها يوماً 00وأنه أشتراها لزوجته 00وأهداها إياها حين كانا يعيشان معاً 00وأنهما تشاركا في ماض أوصلها إلى انهيار عصبي 00
بدا كايل وكأنه قادر على قراءة أفكارها في وجهها 0
(( ستضطرين إلى القبول بها يوماً ما ))
إذا كان صوته بارداً من قبل فقد أصبح الآن مثلجاً 0
تنهدت إيف (( أعرف 00لكنني لست مستعدة بعد 00مازال الوقت مبكراً جداً 00كنت يومها امرأة أخرى 00امرأة لا أعرفها الآن ))
حتى لو طلبت من كايل أن يخبرها عن الماضي 00فهل يمكن أن تثق أنه الحقيقة الخالصة ؟ أيقول لها ما حدث لزواجهما ، حتى ولو كان يؤثر عليه سلبياً ؟
(( هلا قبلت بعض الملابس الأنيقة لترتديها ؟ ))
أجفلت إيف من الخشونة في كلماته 00وأدركت كم يزدري مظهرها الحالي 0
(( نعم ، تلك الملابس كانت لإيف التي تعرفها 00المرأة التي تظن أنها أنا 00وقد لا أكونها بعد ))
وما من طريقة لتعرف إن كانت تريد أن تستعيد صورة المرأة التي عرفها ، حتى في تلك الأيام وأكملت (( عليك أن تفهم أنني لا استطيع قبول تلك الثياب 0 وهي ملك لإنسان آخر 00إنسان قد يكون ميتاً 00))
(( 000الجحيم يا إيف ! ))
وارتجف كايل بعنف ن ورغم ردوده العنيفة راحت تقاوم لتتابع قائلة (( لا أستطيع أن أستحيل تلك المرأة لمجرد إرضائك ))
(( ليست المسألة أن ترضني فقط ! ))
كانت لهجته شديدة وقاطعة ، تكشف عن غضبه العرم (( تكاد الملابس تهترئ في الخزانة في منزلي 00وأنا أعرف تماماً كم يهمك مظهرك ))
(( إذن 00أنت تعرف أكثر مما أعرف ))
وعرفت إيف أنها تخاطر بمعاداة كايل ، لكنها كادت تزداد عدائية مع كل كلمة تتفوه بها ، ومع ذلك لم تستطع منع نفسها ، فقد كان السخط يغلي في داخلها لمجرد فكرة أن يعرف عن حياتها أكثر مما تعرف هي 00وأن عليها أن تلاحقه بأسئلة عن أكثر الوقائع الأساسية التي تتعلق بها 0
(( إضافة إلى هذا ، لا شك في أنني تحولت إلى امرأة مختلفة تماماً خلال سنتين ))
(( هذا ممكن
إنما ليس في ما يتعلق بهذا الموضوع ، هكذا كانت لهجته تقول 00وكان على إيف أن تعترف في أعماق نفسها أنه على حق 00فهي فعلاً تجاهد لتبدو الأفضل ن ولو بمدخول محدود جداً 00فانصبغت وجنتاها بدم سال من كبريائها الجريحة في حين أكمل هو (( لكن 00بما أني أعرفك 00))
(( توقف عن هذا !))
وضربت قدمه في الأرض فعلاً هذه المرة 0
(( لا تقل لي مجدداً إنك تعرفني أفضل مما أعرف نفسي ! فأنا أعلم هذا ! وصدقني 00هذا ليس أمراً يسعدني !))
قال كايل بحدة لاذعة (( كان هذا مجرد جملة تردد ، لكنني أفهم رأيك ، وسأحاول أن أتجنب هذا التعبير مستقبلاً 00إذا لا ملابس 00))
لم تصدق إيف أنه تراجع بسهولة ، إذ كانت تتوقع أن تتسع المناقشة معه في هذا الموضوع 0
(( أنت موافق ؟ !))
(( إذا كان الأمر يهمك لهذه الدرجة ))
لبضع ثوان اندفعت إيف برد عفوي ، وبعد أن أحست بالانتصار كإنسانة وأنثى ، شعرت بالندم على ملابس كان يمكن لكايل أن يوفرها لها 00ثم استرخت في مقعدها 00لذا لم تكن مستعدة أبداً لما قاله لاحقاً 0
(( لكن يجب أن تتخلي عن الوظيفة ))
(( ماذا ؟ مستحيل ! أنا أحتاج إليها ))
(( تباً لك يا امرأة 00ألا تنفذين أبداً من دون جدال ؟ ))
(( لا أعرف 00هل أفعل هذا دائماً ؟ أخبرني 00)
وسبقته إيف بكلمة (0 أعرفك )) رمتها بوجهه بحدة لتجبره على ابتسامة مترددة :
(( يجب أن تواظب على الابتسام 00أتعرف هذا ؟ فالابتسامة تناسبك ))
تمتم بمرح ساخر (( هذا إطراء 00لا أقل ولا أكثر ، ولقد أرضيت غروري 00و 00لا 000أنت لا تتقبلين كل شيء 00لقد قلت لك 00لقد رفضت الوعد بإطاعة 00))
فجأة اكتأب وجهه 00لكن إيف أحست بالتوتر يتسلل مجدداً إلى الجو مع الإثارة المبهمة لزواج لا تستطيع تذكره ، وسرعان ما تدمرت الألفة التي تطورت بينهما 00
تابع كايل (( أنت لست بحاجة إلى عمل 00أستطيع إعالتك ))
كانت في هذه العبارة مرارة لم تعهدها في حياتها ، فلا يمكن أن تعيش عالة على كايل ، عاطفياَ أو مالياً ، ليس قبل أن تعرف حالتها بالضبط 0ومالبثت أن هزت رأسها بصمت وخصلات شعرها الأشقر تتطاير 0
تابع كايل (( أملك أكثر مما يكفي ))
(( أنا واثقة من هذا ، لكنك لا تستطيع أن تقتحم حياتي وتتوقع مني أن أسلمك زمام أمري ))
(( أقتحم ؟! إيف 000أنت التي تركتني !))
هذا هو الوقت المناسب لتسأله لماذا تركته 00لكن نظرة سريعة إلى عينيه الملتهبتين ، وعلامات الغضب على وجهه ، دمرت كل شجاعتها في لحظة ، فلجأت إلى خطة مضللة ، تركز فيها على جانب ثانوي بدلاً من المعركة المباشرة
(( ماذا كنت أعمل قبل أن التقي بك ؟ حسب ما قلته لي ، أفهم أنني كنت سكرتيرة
في البداية استحالت عيناه شظيتين من نار في وجهه 00وأفلت السيطرة على عضلات فكه ، فتصلبت في مقعدها ، وهي تحضر نفسها لما هو أسوأ من الانفجار 000لكن ، انتظارها ذهب سدى ، إذ رد على سؤالها بهدوء 0
(( هذا صحيح 00لقد عملت لشركة جنسن ، بعد لقائنا مباشرة 00ولو لم يكن من أجلي مباشرة ))
(( حقاً
ضاعت إيف لبرهة 00فقد غرقت في غموض هذا الماضي الذي لا تعرفه 00حاولت أن تتخيل نفسها في مكتب 00تعمل قريباً من كايل 0أدرار رأسه وقد فرغ صبره ، فعادت أفكارها إلى الحياة 0 فيما أكمل : (( لكن ذلك كان أمراً مختلفاً000 ))
(( ماذا تقصد ؟ ))
(( كنا متزوجين 000))
(( وهل نحن متزوجين الآن ؟))
أجفلت إيف للهيب الغضب المتوحش الذي اشعل العينين السوداوين ، وانكمشت في مقعدها فيما وقف بحركة عنيفة سريعة :
(( لا زلت لا تصدقيني ؟ حسناً جداً 00هاك ، الق نظرة على هذا 00))
ورمى مغلفاً في حجرها وكأنه سلاح ما ، فأحست إيف لو أن أفعى تسللت إلى حجرها لما انزعجت أكثر 0لم يكن لديها أدنى شك عما تحتويه الأوراق في المغلف 00لكنها لم تحتج إلى التركيز كثيراً على الكلمات التي أخذت تتراقص أمام عينيها 00كايل باتريك جنسن 00جنفياف ماري بوكانون 00تاريخ ما في شهر تموز 000تم الزواج في 00
سيطرت على صوت كايل لهجة ساخرة قبيحة :
(( تبدين مصدومة تماماً 00حبيبتي إيف 00ما بالك ؟ هل كنت تأملين أن أكون مخطئاً 00وأن أمامي امرأة أخرى ؟ أوه 000لا 000حبيبة قلبي 00أنا لا يمكن أن أفعل هذا ))
(( أنا لم أقصد هذا ! ))
أم أنها قصدته ؟ ألا زالت في أعماقها تأمل بأن يكون كايل مخطئاً ، وأنها ليست الزوجة التي يدعيها ؟ لم تستطع إيف أن ترد على هذا السؤال 00لكن على أي حال ، لقد أصبح كل هذا خارجاً عن الموضوع الآن 00كانت شهادة الزواج التي تمسكها في يدها برهاناً قاطعاً يثبت أنها في يوم من أيام تموز منذ خمس سنوات أقسمت على أن تكون زوجة كايل (( إلى أن يفرقهما الموت ))0
مال كايل فوقها 00كتفاه القويتان تحجبان عنها النور المتسلل من النافذة 0
(( ماذا عنيت إذن ؟ أمن طريقة أخرى إذاً ؟ ))
(( عنيت 00عنيت 00))
حل الخوف على حنجرة إيف ، فأنعقد لسانها داخلها 00بحيث لاقت صعوبة في تشكيل الكلمات 0
صاحت يائسة (( لا تقف فوقي هكذا ! لا أستطيع التفكير فيما أنت تهددني 00))
(( أهددك!! ))
انحبس نفس كايل بشكل غريب 00وكأن شخصاً ضربه بكل قوة على صدره 00وللحظة حافة بالتوتر ، اشتدت قبضتاه على ذراعي المقعد 00فسيطر الذعر على ذهن إيف وهي تفكر في أنه لا يحتاج سوى إلى حركة واحدة وتطبق هذه الأصابع القوية على خناقها 00لكنه أطلق لعنة منخفضة ن ثم ابتعد عنها ليقف مديراً ظهره إليها ، فمد يداه في جيبي بنطلونه ، وكأنه غير واثق إن كان يستخدمها 00وما لبث أن راح يحثها بصوت أجش (( وماذا عنيت ؟ ))
لم تعرف إيف أيهما أسوأ 00المستبد الخطير المهدد الذي وقف فوقها كالبرج منذ لحظة 00أم هذا الشخص البارد غير المتجاوب ، صاحب المظهر القاسي ، وارأس المرفوع بتصلب 0
حاولت مترددة :
(( ألا يمكن على الأقل أن تنظر إلي ؟ ))
لكنه أبقى وجهه مستديراً بعناد ، فيما تغير مزاجها فجأة 0
أشتعل الغضب في أعماقها ، وأحست بأن التوتر والضيق تلاشيا في موجة مشاعر ، حسن جداً 00هو الذي سعى إلى ذلك 0
(( في الزواج مشاعر أكثر من مجرد ورقة تقول إننا زوج وزوجة 000))
وتمتم كايل بشيء غير مفهوم 0
(( 000ماذا قلت ؟ ))
استدار ليواجهها ببطء 00بدت الحركة مثيرة بشكل غريب , وكأنها لقط كبير متوحش بفيق من نومه 00
قال متشدقاً :
(( قلت 000هذا صحيح 000))
خفق قلبها بتوتر وهي تسمع الشر الحريري في صوته ، ثم توترت نبضاته حتى صعب عليها التنفس جيداً ، وأكمل :
(( أنا موافق معك ن تماماً ))
كان يحاول متعمداً أن يثيرها ، وأدركت إيف هذا 00ولسوء الحظ ن كان ينجح في هذا جيداً 0 ومهما حاولت ، لم تستطع أن تستحضر أي ذرة من غضبها الملتهب 0
تابع كايل (( إذن 00أخبريني 00ما هو في رأيك ما يكون الزواج ؟ أريد أن أعرف حقاً ))
ابتلعت إيف ريقها وهي تحاول التخفيف من انزعاجها 00فجأة لم تعد تستطيع تحمل التناقض بينهما أكثر من هذا 00فنهضت باضطراب من مقعدها ، وهي تشعر أنها ضعيفة جداَ 0
بدأت تقول (( في الزواج الحب 000والصدق 00))
وتلعثمت حين هز كايل رأسه بموافقة ساخرة 0
(( والإخلاص والدعم 00))
بدا لها أن حنجرتها انسدت مجدداً مع ارتفاع متعمد لحاجبه الأسود 00ذكرتها ابتسامته بأنه ما عرض عليها سوى الحب والإخلاص ن لكنها رفضته بغضب 0
صححت كلامها بسرعة : (( الدعم العاطفي 00و00))
قاطعها بلطف مخادع : (( ماذا إيف ؟ ))
وفيما هو يتكلم ، خطا خطوة واحدة ، صامتة ، نحوها : (( بالتأكيد لن تتوقفي عند هذا ؟ ))
لكن صوت لإيف خذلها تماماً هذه المرة ، فهزت رأسها بيأس ، ونظرتها مسحورة بذلك العنيد الذي يجول عبر الغرفة 0
(( حسناً جداً 00لإيف ؟))
خطوة واحدة للأمام 00مجرد واحدة 0
(( و 00ماذا 00؟ ))
أقدم على حركة صامتة ، مختلسة ، كقط صياد ، ورمقها بنظرة سوداء سمرتها مكانها 00وكأنها مخدرة تماماً 00وكأنها في غشوة 0
(( هل أقول لك ما فاتك يا حبيبة قلبي ؟ ))
تابع الصوت الناعم النبرات ، نسج سحره المنوم 0 لقد أصبح قريباً جداً الآن 000قريب بشكل خطير 0
وازداد عمق صوته وكثافته وهو يقول :
(( الحرارة المشبوبة 000هذا ما نسيته يا حبيبتي 00أم أنك حاولت أن تنفي وجودها ؟ ))
***
بقي ذهن إيف خالياً من الأفكار ، واحتارت من أين تستحضر الكلمات لترد عليه 0 فكل ما كانت تعيه ، هو رجولته البارزة ، تلك القوة البدائية تحت نعومة قماش الكشمير 00وتمنت لو تشيح بنظرها بعيداً عن العينين العميقتين 00لكنها ألفت نفسها غيرقادرة على أية حركة 00فيما عدا إيماءة صدرت عنها من دون وعي 0فتسلل لسانها على الخارج ، يبلل شفتيها الجافتين بعصبية 00وإذا بها تنظر إلى كايل فتكشف أنها فضحت مشاعرها الداخلية إذ تغيرت نظرة عينية إلى سواد كامل 0
(( هل نسيت يا إيف ؟ أم أنك ببساطة خائفة من البوح بإرادتك ؟ أتردين أن أثبت أنني زوجك ؟ ))
أحست إيف بأنفاسها تنحبس ، وبدا أن قلبها قد توقف عن الخفقان 00وما لبثت أن اجتاحها توتر عصبي شديد ، فابتلعت ريقها بعمق ن ولم تعرف كيف استجمعت قوتها لترد0
(( لقد وعدت 00))
(( أوه 00صحيح 00لقد وعدت 00))
كان صوته همساً مثيراً ، بالكاد يسمع ، مع ذلك أحست إيف بكل كلمة تضغط على أعصابها المتوترة 0
(( لقد وعدت ألا ألمسك 00))
انضمت شفتا كايل بابتسامة واهية 00لكن إيف أحست وكأن ألفاً من الأصابع المثلجة تزحف فوق بشرتها ، لا سيما حين لاحظت إن دفء تلك الابتسامة لم تصل إلى عينيه 0
((لقد وعدت يا إيف 00لكنني لن التزم بوعدي إلى حين تكونين مستعدة 00))
ازدادت الابتسامة اتساعاً ، وهي ترسل فيها رجفة باردة 0
حاولت إيف أن تحتج (( أنا لست 000))
وخذلها صوتها فيما ارتفع حاجبه بصمت ساخر متسائل عن مدى صدقها 00ثم قال بنعومة (( أوه 00بل أنت مستعدة 00كل ما فيك ينبئ بهذا 00)
وبرعب أحست ببشرتها تقشعر ن وبأعصابها تتوتر ، فيما أطرافها تتألم بشكل مدمر 0
تابع كايل بالصوت المخدر ذاته (( أنت مستعدة 00سواء أعترفت بهذا أم لا ))
وبدافع غريزي فتحت إيف فمها لتحتج 00لكن كلماتها خرجت مشلولة 00مجرد تنهيدة خفيفة ، لعلها نداء خوف 00أو حاجة 00هي نفسها كانت عاجزة عن تحديدها 0إزاء هذا المشهد ، اتسعت ابتسامة كايل 0 وأحست إيف وكأنما وابل من الماء البارد ينهمر عليها 0
همس (( أوه 00إيف 00))
وكم توقعت ، تحرك ليقضي على المسافة المتبقية الصغيرة بينهما 0
لكنه بدا ملتزما ً بوعده ، في ذلك الحين ن كان ذهنها يدور في دوامة من المشاعر ، فطغت الحرارة على شرايينها 0
تمتم كايل (0 أوه إيف 00لا تدعي أبداً أنك لست مستعدة بعد الآن 00أبداً 00))
رددت إيف حالمة (( أبداً 00))
وانهت كلمتها بشهقة سعيدة ن بعد أن انتزع منها اعترافاً ، أقرته من دون أي مقاومة
(( إيف 00))
لا تتكلم 00توسلت إليه إيف بصمت يائس ، لا تتكلم ! أرجوك كايل 00
لن تعرف أبداً كيف فاتهما صوت السيارة وهي تقف في الشارع 00وما هي إلا بضع ثوان حتى انفتح الباب الأمامي ، وتصاعدت وقع أقدام في الردهة ، ثم ارتفع صوت أدريان ينادي :
(( لقد عدنا إلى المنزل !))
بردة فعل غريزية ، تراجعت إيف بعيداً عنه وقد علا اللون الدافئ خديها 00فيما نظراتها لا تقويان على التوجه إلى كايل 0 لكنها أيقنت أنه يراقبها 0
وفيما هي تشعر بقوة نظراته عليها 0 سألها بنعومة :
(0 ما المشكلة إيف ؟ لم أنت قلقة هكذا ؟ ))
وبدافع من التوتر داخلها ن رمته بكلمات حانقة :
(( لقد عاد دايان وجيم !!000))
رفع كتفيه دونما اكتراث :
(( وإن يكن !! أنا زوجك ، على أي حال 00وهذا ما تعرفه صديقتك ))
هذا صحيخ 00ولكن على إيف أن تعترف بذلك 0 بقيت دايان في الردهة ، وهي تخلع سترتي التوأم وتعلق معطفها ومعطف زوجها 0
سألت كايل : (( كيف أبدو ؟ ))
وتسألت في سرها كيف يتصرف بمثل هذا الهدوء وتلك السيطرة على النفس بينما هي محبطة ومدمرة 0
تسللت السخرية إلى صوته فيما رجع صدى سؤالها :
(( كيف تبدين ؟ ))
(( تبدين 00))
ساد بينهما صمت متعمد ، فازداد قلقها ، وأحست بأعصابها تكاد تنفجر 0
وما لبث أن ارتسمت ابتسامة على وجهه وهو يشدد على كلماته :
(( تبدين خائبة الأمل ، يائسة 00محبطة 00لكن ، لا تقلقي يا حبيبة قلبي 00يمكن لهذا أن ينجح في المرة القادمة ))
وما إن ترك كايل إيف تترنح تحت تأثير الفكرة ، حتى انفتح الباب ، ليكشف دايان والتوأم ، فاستدار وراح يرحب بهم بابتسامة عريضة 0
ترى 00هل كانت المشاعر التي أحستها ذكرى ماضية أم أحاسيس جديدة تماماً ؟ راح هذا السؤال يحوم في رأس إيف طوال المساء فباتت عاجزة عن الاسترخاء ، لا سيما وأن كايل يثير فيها اضطراباً دائماً 00وإزاء ذلك ضاعت كل آمالها في الانعزال في غرفتها والتفكير 0
كان كايل هو من اقترح أن يجالس التوأم مع إيف حتى يقضي الوالدان أمسية نادرة في مطعم محلي 00إلا أن إيف شكت في أن أسباب أخرى أكثر أنانية كانت وراء كرمه المفاجئ 0
منتديات ليلاس
وثبت أن شكوكها صحيحة ، فما إن خرج صديقاها ، حتى استدار إليها وتعبير غامض يرتسم على قسماته0
(( يجب أن نتكلم ))
سألت بقلق :
((نتكلم عن ماذا ؟؟ ليس لدي الوقت الآن 00يجب أن أجالس التوأم في السرير 000))
(( سأساعدك 00))
فتلاشى آخر أمل لديها في تجنب المواجهة التي يفكر بها بوضوح 0
لكن عبثاً ، فالقدر كان مصمماً على الوقوف إلى جانب كايل 0 فما إن سمعت كورتني ، إحدى التوأمين ، ما قاله ، حتى أضاء وجهها فرحاً 0فعرفت أن قلبها لن يطاوعها على حرمانها من هذه السعادة 0
قالت كارولين بعد أن اغتسلت وارتدت ثوبها القطني الجميل :
(( إروٍ لنا قصة إيف ))
ضمت كورتني توسلاتها إلى توسلات أختها :
(( أوه 00أرجوك ! ))
(( حسناً جداً 0 قصة صغيرة فقط ))
ما إن حان موعد النوم حتى أطفأت إيف النور وهي ترفض طلب التوأم بالمتابعة
ولما تركا الغرفة ، سألها كايل :
(( هل كان هذا من نسج مخيلتك 00؟ أم أنك صممته مسبقاً ؟))
(( رحت أخترعه وأنا أقص الرواية 00لا بد أنني أملك مخيلة خصبة ، مليئة بالأفكار 00ولهذا السبب بدأت الكتابة 00لقد سمعت دايان القصص التي كنت أقصها للتوأم ، وأقترحت أن أدونها ))
لف الضباب وجه إيف 00فباتت عيناها كليلتين ومظللتين وهي تذكر كيف أمضت ساعات طويلة وهي تبتكر عالماً خيالياً لأن عالمها الحقيقي فارغاً 0
(( كنت أؤلف تأريخياً شخصياً ، عائلات ، وعلاقات لشخصياتي ن فأحسست بسيطرة لم تكن موجودة في حياتي 00ولم أعرف ، بالطبع ، كم كان للإبداع الخيالي خطوط حقيقية 0 ثم ، حين انضممت إلى مجموعة كتُاب في الخريف الماضي 00قرأ الأستاذ جزء مما كتبته 00واقترح أن أعرض مؤلفاتي على دار النشر ، لذا طبعته على الآلة الكاتبة وأرسلته ))
(( وحط على مكتبي كأنه قنبلة هابطة من السماء ، أوه 00لم يستقر على مكتبي بالضبط ، إنما على مكتب إحدى المحررات ن ولمحت الكتاب مصادفة حين ذهبت لأناقش معها موضوعاً معين ، وإذا باسمك يطالعني 00حاولت اقناع نفسي أن في العالم مئات يحملن اسم إيف ، لكن ما إن قرأت أول عشرين صفحة حتى عرفتك
(( لم أكن أنوي نشر لقاءنا 00و الأحداث الأخرى 000لكنني لم أكن أعرف 000
قاطعها بسرعة :
(( أعرف 00إيف 00أعرف 0 واعتقد أنني أدركت أن في الأمر سوء تفاهم منذ البداية 00فعلى أي حال ، أنا أعرفك 00لا يمكن أن تكشفي عن أسرار شخصية ، حتى و إن للانتقام مني 00أنت 00إيف ؟ ))
ورأى كيف أشاحت بوجهها إلى الأسفل وكبف أبعدت عينيها عنه فكرر (( إيف ؟
كان السؤال الرقيق يفوق تحملها 0فغطت وجهها بيديها بحركة دفاعية وهي تحاول إخفاء الدموع التي أحرقت عينيها 00لقد قال (( إنه يعرف )) فأصابت هذه الكلمات قلبها مباشرة بطعنة مريرة 0
(( إيف ؟ ))
أنبأتها حدة صوته أن حركتها الدفاعية لم تكن دون جدوى 0 كان يعي مشاعرها جيداً !
(( لابأس عليك يا حبيبة قلبي 00أفهمك 00لا تبكي00أنا هنا إيف 00حبيبتي 00أنا إلى جانبك 00
وانفجرت إيف ، وقد فقدت السيطرة على نفسها :
(( هذه هي المشكلة بالضبط ! كنت قد توصلت إلى نوع من الأمان والرضا 00)كانت كلا الكلمتين صحيحتين 0
(( كنت أتدبر أمر نفسي 00! لكنك جئت 00))
قال كايل بخشونة :
(( أمان ؟ رضا ؟؟ تتدبرين أمر نفسك ؟ أي نوع من الحياة هذه ؟ أكنت تفضلين لو تركتك وشأنك 00 لو تركتك تجهلين وجودي 00وتجهلين الحياة التي كانت لنا معاً ؟ ))
وعرفت إيف أنها كانت ترفض مثل هذا الاقتراح تماماً منذ خمسة أيام فقط 00لكنها الآن ، وبعد أن اختبرت الأزمة الفكرية والعاطفية منذ ظهور كايل في حياتها ، لم تعد متأكدة ن ولم تعد تعرف ماذا تريد 0
((ربما ))
((لا يمكن أن تعني هذا ! ))كيف تحول صوته إلى هذه الخشونة ؟ أهو الغضب ، أم الكبرياء ، أم الأسوأ ؟ إحساس بالألم ، اعتصر قلبها شفقة وخوفاً 0
صرخت بيأس :
(( لا أعرف !))
مرة أخرى لم تستطع استخدام سوى هاتين الكلمتين وحسب فكررت :
(( لا أعرف !))
(( لكنني أعرف 00أعرف إيف 00ما كان بيننا لا يستحق أن نخسره ، نحن خلقنا لبعضنا 00وبالرغم من كل شيء ن أنت تعرفين هذا أيضاً 00لا يعقل أنك نسيت ذلك )9
كلماته هزت الحقيقة التي آمنت بها ، فتعلقت به كمصدر وحيد للثقة في عالم مجنون 0
(( كايل ))
كان اسمه كل ما استطاعت التلفظ به 00لم تكن تعرف بتاتاً هل تحتج أم تشجعه 00وفي ثانية ن اضمحلت الأفكار المنطقية جميعها 00وأصبحت تحت رحمة أحاسيسها 0
تمتم كايل بصوت متثاقل :
(( هكذا كنا يا إيف 00ولهذا السبب يجب أن نكون معاً 00))
وفجأة بدا أن ساقيها قد شلتا أو عجزتا عن دعمها ن وعرفت أنها ستسقط في دوامة لا حول لها ولا طول على الأرض وكأنها دمية قطعت خيوطها 0
عاد كايل يتمتم ك
00 هكذا كان الماضي 00هكذا كان 00وهكذا سيكون مجدداً 00صدقيني ))
لكن أيمكنها أن تصدقه ؟ ما إن تسلل السؤال إلى رأسها ، حتى لم يعد من سبيل لتبعده 0 لكن يجب أن يتوفر المزيد من الحقائق ، ما الذي مات إذن ؟ حادثة ما اعترضتهما في الماضي 00حادثة قوية جداً ، سلبتها ذاكرتها 0 لهذا مهما بلغت المرات التي يكرر فيها أنه زوجها ، ومهما كان نوع الدليل الذي يقدمه لها ، سيبقى غريباً تماماً عنها 0
وبسرعة مدمرة ، جال ذلك الإحساس الواقعي الفظيع في ذهن إيف وكأنه الأسيد ، يحرق الحب المشبوب المثير ، ويترك مكانه يأساً بارداً متحجراً 0
أحس كايل بذعرها : (( إيف ؟ ))
(( لا! ))
وسمعت كايل يردد كلمة الرفض بصوت أجش مصدوم (( لا ؟ ايف 00أنت 00)
(( قلت لا ! ))
فركت عينيها بقوة لتجلي نظرها ، من دون أن تهتم كيف أفسدت تبرجها الرائع 0
عانت جهداً ملحوظاً لتستعيد رباطة جأشها ، وتسيطر على عواطفها ، فخرجت الكلمات حارة باردة :
(( لا أستطيع المضي في هذا ! ))
(( لا تستطيعين المضي في هذا ؟ هل أقرفك إلى هذا الحد ؟ ))
(( أجل 00لا! ))
لم تستطيع النظر إليه ، لم تتحمل رؤية الغضب الأسود الذي تملك وجهه ، واشتعل في عينيه 0
بدأت (( لا أريد 00
لكن الصدق والإحساس المعذب الذي اجتاح جسمها ، بعد هدوء العاصفة المشبوبة ، التي شنها كايل ، كل ذلك قطع كلماتها :
(( لا أستطيع 00كايل 00أرجو أن تفهم ))
(( أوه تماماً000))
صفعتها المرارة في صوته كالسوط :
(( لقد تخليت عني دون أي كلمة تفسير منذ سنتين 00ثم عدت إلى الظهور في حياتي ، وتابعت اللعب بمشاعري 00تواجهيني بهبة ساخنة ، ثم هبة باردة كما يحلو لك 00حسن جداً 00سأقول لك شيء ، حبيبة قلبي 000))
وانقلب اسم التحبب إلى نعت سيء متوحش :
(( من الأفضل أن تقرري ماذا تريدين ، وبأسرع وقت ن وإلا سينفذ صبري 00لن أستطيع الاستمرار هكذا كثيراً ن إما أنك تريدينني ، وإلا 00ولا يمكن أن تنفذي الأمور بطريقتين 00لذا الأفضل أن تقومي بتفكير جدي 00لأنني أحتاج إلى أجوبة 00وأحذرك ، لن أنتظر إلى الأبد 0

 
 

 

عرض البوم صور nightmare   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
أحلام, دار الفراشة, حزن في الذاكرة, kate walker, روايات, روايات مكتوبة, روايات احلام المكتوبة, روايات رومانسية, shattered mirror, كيت والكر
facebook




جديد مواضيع قسم روايات احلام المكتوبة
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 11:34 PM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية