لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > محكمة ليلاس > المخابرات والجاسوسية
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

المخابرات والجاسوسية المخابرات والجاسوسية


الابطال

فى السادس من أكتوبر 1973م اشتعلت أعظم حرب فى التاريخ المصرى الحديث.. حرب خاضها جنود بواسل وخاضتها دولة، تحارب من أجل الحق والحرية والكرامة... وبقدر ماعرفنا وقرأنا عن

إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 10-10-08, 04:40 PM   المشاركة رقم: 1
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو راقي


البيانات
التسجيل: Mar 2008
العضوية: 66537
المشاركات: 740
الجنس ذكر
معدل التقييم: amedo_dolaviga عضو على طريق التحسين
نقاط التقييم: 53

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
amedo_dolaviga غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

المنتدى : المخابرات والجاسوسية
افتراضي الابطال

 

فى السادس من أكتوبر 1973م
اشتعلت أعظم حرب فى التاريخ المصرى الحديث..

حرب خاضها جنود بواسل وخاضتها دولة،
تحارب من أجل الحق والحرية والكرامة...

وبقدر ماعرفنا وقرأنا عن الحرب،
غابت عنا ولم تزل قصص أخرى،
انزاح أبطالها ورضوا بالصمت،
على الرغم من كل مافعلوه وأعطوه...
وهنا نكشف الستار عنهم لأوّل مرة...

عن أولئك الذين لا نتردّد لحظة فى أن ننحني أمام
عظمة ما قاموا به من أجلنا...


عن الأبطال..

أبطال مصر...

احداث حقيقية

بقلم د.نبيل فاروق ....



1 - الشدائد... والرجال..



"عند الشدائد، يظهر الرجال.."..

تلك الحكمة القديمة، كانت أوَّل ما قفز إلى ذهني، وأنا أقرأ، منذ ما يقرب من ثلاثة عقود ونصف من الزمان، أحد الكتب العديدة، التي ظهرت بعد انتصار أكتوبر 1973م، وكان يحوي بين غلافيه ملخصاً موجزاً، لعدد من العمليات المخابراتية، التي مهَّدت أو ساهمت في تحقيق الانتصار..

أيامها بدأ شغفي بعالم الجاسوسية والمخابرات، ورحت ألتهم في نهم محتويات الكتاب، وأنتقل من عملية إلى أخرى، والحماس يسري في كياني، ويخفق مع قلبي، وينتقل منه ليغزو كل خلية في جسدي..

ثم توقَّفت طويلاً أمام عملية بعينها..

عملية، وجدت نفسي أقرأها بعناية أكثر، واهتمام أشد، وأعيد قراءتها مرة.. ومرة.. ومرات..

وفي كل مرة أعيد قراءتها، كان شغفي يتضاعف، وانبهاري يتزايد، وحماسي يبلغ الذروة، ويكاد يخترق قمتها، لينطلق منها إلى عالم بلا حدود..

هذا لأن تلك العملية بالذات، كانت تختلف كثيراً، عن كل ما يحويه الكتاب من عمليات، بذل خلالها رجال المخابرات المصرية، الحربية والعامة كل جهدهم، وطاقاتهم، بل وأرواحهم أيضاً، في سبيل تحقيق النصر، وبلوغ الهدف، الذي تصوَّر الكل أنه من رابع المستحيلات..

كانت تختلف؛ لأن الذين قاموا بها ليسوا من المحترفين أو المدربين، وإنما هم أفراد من الشعب..

أفراد مثلي ومثلك، عاشوا أحلك شعور في الوجود.. شعور الاحتلال والقهر والسقوط في قبضة عدو غادر..

عاشوها دون أن ينهاروا، أو يتحكموا، أو يستسلموا، بل ثبتوا، وتماسكوا، وقرَّروا أن يقاوموا ويقاتلوا، حتى آخر ذرة في أجسادهم، وآخر قطرة دم في عروقهم، وآخر نفس يتردَّد في صدورهم..

انبهرت بالعملية، وحفظت أسماء أبطالها عن ظهر قلب، قبل أن تمر سنوات وسنوات، وتختفي القصة في أعماقي، تحت أطنان من عمليات الجاسوسية، وكتب فن وتقنية المخابرات، التي احتشد بها رأسي، وتغلغلت في أعماقي ووجداني، و...

ومنذ عدة أعوام، وفي برنامج تليفزيوني شهير، يقدِّمه الزميل (إبراهيم عيسى)، كنا نتحدَّث عن عالم المخابرات، وحرب أكتوبر، عندما صعدت تفاصيل تلك العملية من أعماقي، وتصاعدت إلى رأسي، حاملة معها كل الانبهار والحماس القديم، فانطلق لساني يصف الموقف، والمشاعر، والبطولة، وحاملاً معلوماتي المحدودة عن العملية نفسها، في حدود ما كنت أعرفه عنها أيامها فحسب..

وكانت هذه هي البداية الفعلية..

ففي اليوم التالي مباشرة، تلقيت اتصالاً من الأستاذ (فضل عبد الله)، الذي أبلغني أنه أحد أفراد العملية، الذين تابعوا ما قلته عنهم، على شاشة التليفزيون، وقرَّروا أن يمنحوني قصتهم، لتجد طريقها إلى النشر، على نحو مناسب، بعد ثلاثين عاماً من انتصار أكتوبر 1973م..

وزارني الأستاذ (فضل) في مكتبي، بصحبة ابنه (أحمد)، ليعطيني ملخصاً للعملية كلها، كتبه أفراد المجموعة بأنفسهم، كدليل يقودني إلى التفاصيل الفعلية، دون التفاصيل الخاصة بعلاقة المجموعة بالمخابرات الحربية فيما بعد، عندما انتقلت العملية إلى الإطار الرسمي، في مرحلتها الأخيرة..

يومها تحدّثنا كثيراً، ووضعنا بعض النقاط على الحروف، ثم اتفقنا في النهاية على أن أسافر إليهم في مدينة (العريش)، في شمال (سيناء*)، لألتقي بأفراد المجموعة؛ لأسمع منهم شخصياً القصة كلها..

وسافرت بالفعل إلى (العريش)، ورحت أعيد قراءة أوراقهم طوال الطريق، من (القاهرة) إلى هنا، ليطرح عقلي ألف تساؤل وتساؤل..



وفي (العريش)، كان اللقاء..

اللقاء مع (عبد الحميد الخليلي)، و(سعد عبد الحميد محمود)، و(فضل محمد عبد الله).. آخر من تبقّى من مجموعة (العريش)، بعد رحلة كفاح، ومقاومة، وانتصار طويلة..

وداخل حجرة بسيطة أنيقة، ومع أكواب الشاي الساخنة، دار جهاز التسجيل، وبدأت المجموعة تروي..

تروي قصة أروع مقاومة شعبية، ضد الاحتلال الصهيوني، في قلب (سيناء) المحتلّة..


* * *

"كانت البداية عقب احتلال (العريش) مباشرة، في يونيو 1967م.."

هكذا بدأ الحاج (عبد الحميد الخليلي) حديثه، وهو يصف كيف كانت المفاجأة عنيفة قاسية، بعد أن راحت القيادة السياسية، لأسابيع عديدة، تصول وتجول، وتهدِّد العدو الصهيوني، وتتوعَّد بإلقاء (إسرائيل) في البحر، وتطالب بسحب قوات الطوارئ الدولية، وتعلن أنها قادرة على دخول (تل أبيب)، خلال أيام قليلة من القتال..

ومع الخطب الحماسية، والكلمات الفخمة الرنَّانة، تفجَّر حماس الجماهير، واشتغلوا، وباتوا ينتظرون بدء الحرب؛ لتحطيم العدو، الذي يحتل (فلسطين) ويشرِّد أبناءها، ويهدد استقرار المنطقة كلها، منذ سنوات طوال..

ثم جاء صباح الخامس من يونيو 1967م، ووقعت الضربة العسكرية، ولكن في عكس الاتجاه، الذي انتظره وتمناه الكل..

وفي أيام قليلة، اجتاح الجيش الإسرائيلي (سيناء)، قبل حتى أن يجد جيشنا الفرصة للقتال، والتصدِّي للعدو، في ظلّ تخبط القيادة، وضعف خبرتها ودراستها..

وكانت أسود لحظات العمر، كما يصفها (عبد الحميد الخليلي)، مؤسِّس المجموعة، وقائدها، وعقلها المفكِّر، عندما شاهد الجنود الإسرائيليين، وهم يقتحمون (العريش) ويقتلون كل من يعترض طريقهم، دون أدنى رحمة أو شفقة، حتى الأسرى من الجنود والضباط المصريين، الذين ألقوا أسلحتهم، بعد مقاومة عنيفة..

حتى هؤلاء، قتلهم جنود العدو بلا رحمة، وبلا أدنى احترام للمعاهدات والمواثيق الدولية..

وجرت الدماء الطاهرة أنهاراً، في شوارع (العريش)، في نفس الوقت الذي راح فيه جنود العدو يتجولون في كل مكان، في زهو ظافر منتصر، وهم يحملون أسلحتهم، التي يتصاعد الموت من فوهاتها، وقد أيقنوا من أنهم قد وضعوا أقدامهم الدنسة على أرض مصرية، ولن يغادروها بعد هذا قط..

وتفجَّر الغضب كالحمم، في عروق (عبد الحميد)، ووجد نفسه يقسم في أعماقه، على ألا يمنح جنود العدو الفرصة، للسير بهدوء واطمئنان في شوارع مدينته، ما دام في جسده عرق ينبض..

في تلك الأيام العصيبة، كان بعض الجنود والضباط المصريين قد حوصروا في مدينة (العريش)، بعد أن أصيبوا إصابات جسيمة، منعتهم من الانسحاب مع أقرانهم، ولما كان العدو يقيم مجزرة بشعة للأسرى، فقد قام بعض المواطنين بنزع الثياب العسكرية للضباط والجنود المصابين، ومنحوهم بدلاً منها ثياباً مدنية، ونقلوهم إلى المستشفى لتلقِّي العلاج، في واحدة من أروع صور التعاون والتضامن، بين الجيش والشعب، في أحلك الظروف والمواقف..

ومن وجهة نظر (عبد الحميد)، لم يكن هذا الإجراء كافياً، على المدى الطويل، إذ سرعان ما يستقر العدو في المدينة، ويبدأ في مراجعة أوراق المصابين، وفحص هوياتهم، وعندئذ ينكشف أمر الجنود والضباط المصابين، والله (سبحانه وتعالى) وحده يعلم، ما الذي يمكن أن يفعله بهم الإسرائيليون عندئذ..

وهنا كانت البداية..

ومن موقعه، كموظف ببلدية (العريش)، استطاع (عبد الحميد) الاستيلاء على بعض أوراق البطاقات الشخصية الرسمية، وختمها بخاتم النسر، ثم راح يصنع بطاقات زائفة لضباط وجنود الجيش المصابين، توحي بأنهم من الموظفين المدنيين، الذين كان أغلبهم - حينذاك - من خارج المدينة..

ويقول (سعد محمود) إنه، في تلك الفترة، ذهب لزيارة صديق وزميل عمره (عبد الحميد)، في منزله الكائن في ذلك الشارع، الذي يحمل اسم شقيقه الشهيد (محمد عبد الله الخليلي)، ودار الحديث بينهما عما حدث، وعن مفاجأة الاحتلال، ثم طلب منه (عبد الحميد) بعدها أن يصحبه إلى مستشفى (العريش) الأميري؛ لزيارة بعض المرضى..

وزار (سعد) المستشفى مع (عبد الحميد)..


زارها مرة.. ومرة.. ومرات عديدة، ليلاحظ أن الهدف الحقيقي، من تلك الزيارات، كان تقديم العون للضباط والجنود المصابين، وتزويدهم بالمال، والأزياء المدنية، والبطاقات الشخصية، التي أتاحت لهم مغادرة (العريش)، لاستكمال علاجهم في (القاهرة)، عن طريق الصليب الأحمر، باعتبارهم من المدنيين..

وصارح (سعد) صديق عمره بما لاحظه، فأبلغه (عبد الحميد) صراحة أنه يرغب في تعاونه معه، للتصدِّي للاحتلال، بكل الوسائل والسبل المتاحة..

في تلك الليلة، سهر (عبد الحميد) و(سعد) معاً حتى الصباح، في منزل الأوَّل، ودار بينهما حديث طويل، ومناقشات مستفيضة؛ لدراسة ما يمكنهما عمله، ولوضع الأسس الأوَّلية لخطة الكفاح، التي ستستمر بعد هذا لسنوات وسنوات..

في البداية، لم يكن أمامهما سوى كتابة وتوزيع المنشورات، التي تدعو المواطنين إلى الصمود، وتحثَّهم على التصدِّي للعدو، ومقاومته في كل ما يسعى إليه، حتى لا يستقر به المقام في (العريش)، ولا يهنأ له العيش في (سيناء) أبداً..

ولأنه لم يكن لديهما من التمويل والإمكانيات، راح الصديقان يكتبان المنشورات بخط اليد، وينسخانها بأوراق الكربون العادية، بأعداد محدودة للغاية، حاولا التغلُّب على محدوديتها بنظام توزيع دقيق ومدروس، بحيث تؤدّي الغرض منها تماماً، لذا فقد راحا يضعانها في الأماكن المزدحمة، والتي يقصدها الناس عادة، كالمساجد والأسواق والمقاهي، كما يتم دسّها في منازل أولئك، الذين اشتهروا بالثرثرة، وبعدم القدرة على كتمان أي أسرار..

كان هذا يتطلَّب متابعة منتظمة لمشكلات المواطنين، في ظلّ الاحتلال، والطرق على كل ما يمكن أن يثير اهتمامهم، ويستثير حماستهم في الوقت ذاته..

وكانت النتائج مدهشة..

المنشورات جذبت اهتمام الكل بشدة، واعتبرها الجميع شعاع أمل، وسط ظلمة الاحتلال، فشغفوا بتداولها وترديدها، بل ونسخها وإعادة توزيعها أيضاً، مما أصاب العدو بهستيريا الغضب، فانطلق في حملات مسعورة للتفتيش والاعتقالات، بحثاً عن أصحاب المنشورات، الذين اختاروا لأنفسهم اسم (لجنة أبناء "سيناء" الأحرار)..

اختيار الاسم نفسه كان دقيقاً للغاية، فقد ابتكره قائد التنظيم، وعقله المفكِّر، (عبد الحميد الخليلي)، باعتبار أنه من الضروري أن يكون العمل أكبر من الاسم، وليس العكس..

ولأن الأمر كان أكبر وأصعب من أن يتولاَّه رجلان فحسب، فقد قرَّر (عبد الحميد) و(سعد) ضم عناصر أخرى للمجموعة، بشرط التأكُّد من أنها عناصر وطنية، نشيطة، قادرة على العمل في صمت، من أجل الوطن..

وبينما يبحث الاثنان فيما حولهما، فوجئ (عبد الحميد) بزميل عمله (عادل محمد الفار)، ينفرد به في مكتبه، ثم يعطيه بعض الأوراق، التي تحوي أبياتاً من الشعر الوطني، الذي يهاجم العدو، ويطالبه بنسخها على الآلة الكاتبة، التي يعمل بها، لتوزيعها في (العريش)، أسوة بأولئك الشباب الأحرار، الذين يثيرون جنون العدو بمنشوراتهم..

وعلى الرغم من أن (عبد الحميد) لم يتدرَّب قط على أساليب عمل المخابرات، ومن أن خبرته لا تتعدى كونه مجنداً سابقاً، إلا أن فطرته وذكاءه جعلاه يتعامل مع (عادل الفار) بمنتهى الحذر، ويسأله عن السر في اختياره للقيام بعملية نسخ أبيات الشعر بالذات، فأجابه (عادل) بأنه يشعر في أعماقه أنه وطني مثله، وأنه لن يتردَّد أبداً في العمل من أجل وطنه، إذا ما اقتضت الحاجة..

ورويداً رويداً، راح (عبد الحميد) يدرس شخصية (عادل)، وحذَّره من نشر وتوزيع تلك الأبيات، التي يمكن أن تثير غضب العدو، وتدفعه إلى الانتقام، ولكن (عادل) أصرّ على الموقف، وأكَّد أن الموت في سبيل الوطن شرف وواجب..

وهنا، صارحه (عبد الحميد) بالأمر، ولكنه لم يبلغه أن يرأس المجموعة، وحدَّد له لقاءً في منزله، في الليلة نفسها..

وفي المساء، عرف (عادل الفار) الحقيقة، وطار قلبه من الحماس، وأقسم على الإخلاص والعمل، من أجل الوطن، وقرَّر مع (عبد الحميد) و(سعد) السعي لجذب عناصر وطنية أخرى للمجموعة..

والواقع أنه كان هناك آخرون، يعملون في نشاط المقاومة نفسه؛ سبل بسيطة ومتواضعة، وكان (عادل) على معرفة بهم، لذا فقد قرَّر أن يضمهم إلى المجموعة، ليصبح العمل جماعياً نشطاً..

وخطوة خطوة، وبذلك التروّي الحكيم، الذي اشتهر به (عبد الحميد) بدأت عملية دراسة للمرشحين، ثم تم اللقاء بهم واحداً بعد الآخر، لينضم إلى المجموعة (رشاد خليل حجاب)، و(فضل عبد الله حسين المغازي)، و(محمد حجاج مصطفى)..

وفي الليلة التي اجتمعت فيها المجموعة كاملة، لأوَّل مرة، أقسم الجميع على المصحف، بالحفاظ على أسرار التنظيم، وأسماء أعضائه، وعدم الإعلان عن طبيعته وأعماله، أو عن أية تنظيمات أخرى تتعاون معه، حتى بعد أن يتم التحرير، باعتباره عملاً خالصاً، لله والوطن..

وهكذا، اكتمل التنظيم، وتحدَّدت أهدافه، وتوسَّعت عملياته أيضاً..

وكبداية لهذا التوسُّع، أدرك الكل أن الاستمرار في كتابة المنشورات، ونسخها بالكربون، لا يكفي لتحقيق الأهداف المطلوبة، لذا فقد قرَّرت المجموعة الحصول على ماكينة طباعة (استنسل)، وهي الوسيلة الوحيدة، التي كانت متاحة حينذاك..

ومع بعض الجهد، علموا بوجود ماكينة (استنسل)، في إحدى المصالح الحكومية المتحفَّظ عليها، فأعدوا خطة للاستيلاء عليها ليلاً..

وفي المساء، استدرج بعض أفراد المجموعة غفير الحراسة بعيداً، في حين استخدم الباقون مفتاحاً مصطنعاً، ودخلوا به إلى المكان، وحملوا ماكينة الطباعة في جوال قديم، لا يمكن أن يثير الشبهات، وأعادوا إغلاق المبنى، ثم أسرعوا إلى المكان الذي أعدوه لطباعة المنشورات، في منزل (سعد عبد الحميد)، في الشارع الرئيسي لمدينة (العريش)..

وبدقة مدهشة، تم وضع نظام دقيق للاجتماعات، التي تتم في منزل (عبد الحميد)، بحيث يصل أفراد المجموعة وينصرفون، دون أن يشعر بهم أحد، في نفس الوقت الذي تم فيه تجهيز مكان الطباعة، وتزويده بمخزن سري، يمكن أن تختفي فيه الماكينة، ومستلزمات الطباعة، بحيث يصعب أن يعثر عليها العدو..

وبعقلية (عبد الحميد) المنظَّمة، تم تقسيم المدينة إلى ستة أقسام، بحيث يتولَّى كل منهم قسماً بعينه، يقوم بتوزيع نصيبه فيه من المنشورات، التي تضاعفت أعدادها عشرات المرات، مع وجود ماكينة طباعة (الاستنسل)..

وبعد كل مرة، كان أفراد المجموعة، يتفرّقون، ولا يلتقون ببعضهم البعض، حتى تنتهي هستيريا العدو، وتخف إجراءات أمنه العنيفة، ثم يجتمعون بعدها لمناقشة وتقييم ما حدث..

وكان العدو نفسه يمنحهم تقييماً واضحاً لما فعلوه؛ إذ كلما كانت لمنشوراتهم تأثيرات أقوى، كانت سلطات الاحتلال تتصرَّف بعنف أكثر، وشراسة أكبر، فتقوم بتمشيط المدينة، والسعي لاستعادة المنشورات من أيدي المواطنين بأي ثمن..

وفي واحدة من حملات الاعتقال، ثم إلقاء القبض على أحد أفراد المجموعة.. على (رشاد حجاب)..

واجتمع أفراد المجموعة على نحو عاجل، وناقشوا عملية اعتقال (رشاد)، دون أن تراودهم ذرة واحدة من الشك، في أنه لن يشي بهم، مهما فعل الإسرائيليون معه أو به، وقرَّروا تكثيف حملاتهم ومنشوراتهم، طوال فترة اعتقاله، حتى تبتعد عنه الشبهات..

كانت فترة تضاعف خلالها الجهد، والنشاط.. والخطر أيضاً، ولكنها أثمرت نجاحاً منقطع النظير، عندما تم الإفراج عن (رشاد)، دون أن توجَّه إليه أي اتهامات..

وبعد الإفراج عن (رشاد) بفترة معقولة، دعا (عبد الحميد الخليلي) المجموعة إلى الاجتماع، لمناقشة ما ينبغي فعله، في المرحلة التالية..

كان الجميع متحمسين للانتقال إلى مرحلة جديدة، ولكنهم رأوا أن أوَّل ما ينبغي فعله، هو السعي للاتصال بالقيادة السياسية في (القاهرة)؛ لإبلاغها بمجهوداتهم، وتلقِّي أوامرها، فيما ينبغي فعله، في المرحلة التالية من المقاومة..

ومن خلال وسائل شتى، ومساعدات وطنية صادقة، تم إرسال بعض الرسائل، التي وصلت إلى المسئولين، وإلى لجنة (سيناء) في الاتحاد الاشتراكي، والتي قام أمينها - آنذاك - الأستاذ (عواد خليل أو سلمة) بالرد عليها، وإرسال توجيهات بما ينبغي نقله إلى المواطنين، عبر منشورات مجموعة (العريش)..

ثم حدث أفضل اتصال، بالنسبة للمجموعة كلها..

اتصال مع إذاعة صوت العرب مباشرة، من خلال ابن (سيناء)، الأستاذ (حلمي البلك)، الذي أولى الأمر اهتماماً كبيراً، وبذل من أجله مجهوداً جباراً، خاصة وأنه كان يقدِّم في تلك الفترة برنامجاً إذاعياً شهيراً، يحمل اسم (الشعب في سيناء)، وكان يذيع منشورات وخطابات المجموعة في برنامجه، الذي كانت تستمع إليه (سيناء) كلها، باعتبارها بيانات صادرة عن (لجنة أبناء سيناء الأحرار)..

ولا أحد يتصوَّر كم كان لهذا من أثر طيب وقوي، في نفوس المجموعة كلها، حتى أنهم ما زالوا يحملون كل التقدير والاحترام إلى الأستاذ (حلمي البلك)، حتى هذه اللحظة..

أمر آخر، ولفتة كريمة أخرى، خفقت لها قلوبهم جميعاً، في تلك الفترة حالكة السواد..

ففي تلك الفترة، كان الزعيم الراحل (جمال عبد الناصر) يوجِّه دائماً في خطبه السياسية تحية لأبناء الأرض العربية المحتلّة، في (القدس) والضفة الغربية و(غزة)، دون أن يذكر أبناء (العريش)..

وفي رسالة منهم إلى (القاهرة)، أرسلت المجموعة عتاباً إلى الرئيس، وطالبته بإرسال تحياته إلى أبناء (العريش) أيضاً..

وفي أوَّل خطبه للرئيس (جمال)، أرسل التحية بالفعل إلى أبناء (العريش)؛ ليؤكِّد للأبطال أنه لم ينسهم، ولم تنسهم (مصر) أبداً..

تلك الخطوة أثلجت قلوب الرجال، وجعلتهم يتخذون قراراً، طال شوقهم وانتظارهم إليه..

قرار الانتقال بالعملية إلى مرحلة جديدة..

مرحلة الكفاح المباشر..

والمسلَّح.


* * *

انتظروا باقي الحلقات كل اسبوع ......طوال شهر اكتوبر ...شهر الانتصار

 
 

 

عرض البوم صور amedo_dolaviga   رد مع اقتباس

قديم 10-10-08, 06:15 PM   المشاركة رقم: 2
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Sep 2007
العضوية: 40379
المشاركات: 403
الجنس ذكر
معدل التقييم: مين هناك عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 36

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
مين هناك غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : amedo_dolaviga المنتدى : المخابرات والجاسوسية
افتراضي

 

موضوع جميل و ان كنت ناوى اعمله لكنك سبقتنى ليه بالتوفيق باذن الله و تكمل باقي الحلقات

 
 

 

عرض البوم صور مين هناك   رد مع اقتباس
قديم 11-10-08, 08:14 AM   المشاركة رقم: 3
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو راقي


البيانات
التسجيل: Mar 2008
العضوية: 66537
المشاركات: 740
الجنس ذكر
معدل التقييم: amedo_dolaviga عضو على طريق التحسين
نقاط التقييم: 53

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
amedo_dolaviga غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : amedo_dolaviga المنتدى : المخابرات والجاسوسية
افتراضي

 

شكرا على الرد الرائع يا مين هناك

ومفيش فرق .........لو عاوز تكمله اتفضل

نورتني وشكرا لمرورك

 
 

 

عرض البوم صور amedo_dolaviga   رد مع اقتباس
قديم 12-10-08, 09:51 PM   المشاركة رقم: 4
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Jul 2008
العضوية: 84365
المشاركات: 1,071
الجنس أنثى
معدل التقييم: محبة القراءة دائما عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 25

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
محبة القراءة دائما غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : amedo_dolaviga المنتدى : المخابرات والجاسوسية
افتراضي

 

يييييييييييييييييييييييياه على السعادة و الفخر اللى انا حاسة بيه حرب اكتوبر كانت معجزة بكل المقاييس و بفضل ربنا سبحانه و تعالى نجانا من الذل و رجع لينا كرامتنا و عزتنا بجد يا اميدو انا مش عارفة اشكرك ازاى على مجهودك الرائع فى تعريفنا بالابطال اللى ممكن نكون غافلين عنهم بس بصماتهم هتفضل موجودة على طول الف الف شكر يا اخى على المعلومات دى انت بتبعث فى الانسان الامل بعد الاحباط اللى بيصيبه من حالنا دلوقتى مششششششششششششششششششششكور جدا و الله ما عارفة اشكرك ازاى و بانتظار باقى الحلقات على ننننننننننار

 
 

 

عرض البوم صور محبة القراءة دائما   رد مع اقتباس
قديم 13-10-08, 06:27 PM   المشاركة رقم: 5
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو راقي


البيانات
التسجيل: Mar 2008
العضوية: 66537
المشاركات: 740
الجنس ذكر
معدل التقييم: amedo_dolaviga عضو على طريق التحسين
نقاط التقييم: 53

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
amedo_dolaviga غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : amedo_dolaviga المنتدى : المخابرات والجاسوسية
افتراضي

 

اقتباس :-   المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محبة القراءة دائما مشاهدة المشاركة
   يييييييييييييييييييييييياه على السعادة و الفخر اللى انا حاسة بيه حرب اكتوبر كانت معجزة بكل المقاييس و بفضل ربنا سبحانه و تعالى نجانا من الذل و رجع لينا كرامتنا و عزتنا بجد يا اميدو انا مش عارفة اشكرك ازاى على مجهودك الرائع فى تعريفنا بالابطال اللى ممكن نكون غافلين عنهم بس بصماتهم هتفضل موجودة على طول الف الف شكر يا اخى على المعلومات دى انت بتبعث فى الانسان الامل بعد الاحباط اللى بيصيبه من حالنا دلوقتى مششششششششششششششششششششكور جدا و الله ما عارفة اشكرك ازاى و بانتظار باقى الحلقات على ننننننننننار


غاده ....بجد نورتي الموضوع يا قمر ...ومش عارف ارد ازاي على ردك الجميل اوي ده

وان شاء الله مش هتاخر عليكم في باقي الحلقات وهي بتنزل كل يوم خميس

شكرا على ردك الجميييييييل اوي بجد واللي اسعدني جدا

ودمتي بخير

 
 

 

عرض البوم صور amedo_dolaviga   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
أجهزة المخابرات العالمية, محكمة أمن الدولة, أسرار المخابرات المصرية, المخابرات الألمانية, المخابرات المصرية, المخابرات المغربية, المخابرات الباكستانية, المخابرات العامة الروسية, المخابرات العامة الفرنسية, المخابرات الإسرائيلية, الموساد, البوليس السري النازي, الجستابو, السيكوريتاتيا, جاسوس, جهاز المخابرات الأمريكي, جهاز المخابرات البريطانية, جهاز المخابرات السوفيتية, جواسيس, حقيقة المخابرات المصرية
facebook




جديد مواضيع قسم المخابرات والجاسوسية
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 01:25 PM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية