لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > محكمة ليلاس > المخابرات والجاسوسية
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

المخابرات والجاسوسية المخابرات والجاسوسية


إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 17-10-08, 01:51 PM   المشاركة رقم: 6
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو راقي


البيانات
التسجيل: Mar 2008
العضوية: 66537
المشاركات: 740
الجنس ذكر
معدل التقييم: amedo_dolaviga عضو على طريق التحسين
نقاط التقييم: 53

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
amedo_dolaviga غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : amedo_dolaviga المنتدى : المخابرات والجاسوسية
افتراضي

 

2 - حي على الجهاد..

* الانتقال، من مرحلة طباعة وتوزيع المنشورات، المناهضة للاحتلال الصهيوني، إلى مرحلة الكفاح المسلَّح، ليس بالأمر الهين أو البسيط أبداً؛ فالأمر ليس مجرَّد رغبة عارمة، تدفعك للانتقال من نقطة إلى أخرى، ولا هو مجرَّد تحوّل في مسار الأحداث..

إنه - في الواقع - منعطف بالغ الحساسية والخطورة، والانتقال بالأحداث كلها، من مواجهة محدودة، قد تثير في نفس العدو قيراطاً من الغضب، إلى مواجهة عنيفة، ستفجِّر في أعماقه آلاف الأفدنة من الثورة، وستجعله يضاعف وحشيته وشراسته ألف ألف مرة، ليبحث عن أولئك المسلحين بأى ثمن..

والكل يعلم ما الذي يمكن أن يعنيه مصطلح (أي ثمن)، في ظروف وأيام سوداء عسيرة كهذه!!..
لذا، فالقرار الذي اتخذته مجموعة (العريش)، بالانتقال إلى مرحلة الكفاح المسلَّح، كان قراراً مصيرياً وخطيراً..
إلى أقصى حد..

فمن الناحية العملية، وباستثناء خبرة (عبد الحميد) المحدودة، كمجَّند سابق، ومتطوِّع في الدفاع المدني، كانت المجموعة كلها تجهل كل شيء عن الأسلحة أو المتفجرات، واستخداماتها الآمنة والفعَّالة..
ثم إنها كانت تفتقر إلى الأسلحة والذخائر اللازمة، للانتقال إلى هذه الخطوة الحاسمة الحازمة..
ولكن القاعدة تقول: "اسع يا عبد، وليكن الله (سبحانه وتعالى) في عونك"..

ففي نفس الوقت، الذي تقرَّر فيه الانتقال إلى تلك المرحلة المسلَّحة، عثر أحد أفراد المجموعة على عدد من قذائف الهاون، مدفونة في أرضية مبنى مهجور، على ساحل البحر..

واجتمعت المجموعة كلها، وقرَّرت الحصول على تلك القذائف، واستخدام المتفجرات داخلها، لصنع القنابل التي يحتاجون إليها، في مرحلة الكفاح المسلَّح..

وفي الصباح التالي، اتجهت المجموعة كلها إلى الشاطئ، وبدت أشبه بفريق من الشباب العابث، يعدو ويمرح على الرمال، في حين كان الواقع أن معظم الأفراد يجذبون انتباه العدو بعبثهم المصطنع، في الوقت الذي يفحص فيه (عبد الحميد) القذائف، وينقلها إلى الحقائب، بمعاونة صديق عمره وزميله (سعد)..

ويضحك الحاج (سعد)، عندما يصل بروايته إلى هذه النقطة، قبل أن يعلِّق قائلاً: إنهم كانوا مجانين بحق، عندما حملوا قذائف الهاون في حقائبهم العادية، التي عبروا بها نقاط التفتيش الإسرائيلية، ليصلوا سالمين إلى منزل والدته، التي أخفوا لديها قذائفهم (دون علمها بالطبع)..

ومع اطمئنانهم على وجود القذائف، بدأ أفراد المجموعة يخططون لأوَّل عملية مسلحة، تعلن عن وجودهم، وعن انتقالهم إلى تلك العملية الجديدة..
وبخبرة (عبد الحميد)، ومعاونة خاله وصهره الحاج (عطا الله محمد الرطيل)، أخرجت المجموعة المادة المتفجِّرة من قذائف الهاون، وحصلت على الصواعق الناسفة، وبعض أنواع الفتيل المختلفة، استعداداً لنسف الهدف الأوَّل..

ففي تلك الفترة، كان العدو قد افتتح مكتباً في مدينة (العريش)؛ لجلب العمال للعمل في قلب (إسرائيل)، بأجور مغرية للغاية، في وقت لم تكن هناك فيه عمالة كافية، في (إسرائيل) نفسها..
وقرَّرت المجموعة نسف مكتب العمل الإسرائيلي، كرمز لرفض التعاون مع العدو، وتحذير لكل من تسول له نفسه العمل لديه..
ودوى أوَّل انفجار، في قلب (العريش)، بعد سقوطها في قبضة العدو الصهيوني..

وتم نسف مكتب العمل الإسرائيلي ليلاً، حتى لا يصاب في العملية مدني واحد من أبناء (العريش)، ولو بالمصادفة البحتة..
وفهم العدو الرسالة، واشتعل غضبه أكثر وأكثر، وانطلق جنوده كالوحوش الكاسرة، يقتحمون المنازل، ويعتقلون المواطنين، ويهددون ويتوعدون الكل بالويل والثبور، و...
ووسط كل هذا، قامت مجموعة العريش بالعملية الثانية..

كان مكتب بريد (العريش) يقوم بصرف رواتب العمال، الذين يعملون في قلب (العريش)، لذا فقد قام بعض أفراد المجموعة، ومنهم (فضل عبد الله)، و(سعد عبد الحميد)، بإلقاء عبوة شديدة الانفجار ليلاً، داخل مكتب البريد، لتنفجر انفجاراً عنيفاً، أيقظ (العريش) كلها، وأعلن مرة أخرى أن (مجموعة العريش) ما زالت قوية صامدة، تبر بذلك القسم، الذي أقسمته يوماً، على ألا يهنأ للعدو بال في (سيناء) أبداً..
وجن جنون سلطات الاحتلال في (العريش)، وراحت مرة أخرى تهدِّد وتتوعَّد، وتعتقل، وتستجوب بمنتهى العنف والشراسة والوحشية، في نفس الوقت الذي بدأت فيه تتبع سياسة جديدة، تعتمد على نقل الأعمال الإسرائيلية إلى (العريش)، بدلاً من نقل العمالة إلى (إسرائيل).

كان هذا، بالنسبة لها، حلاً مثالياً، لامتناع أبناء (العريش) عن السفر إلى (إسرائيل)، وتوفيراً لنفقات رجال الأعمال الإسرائيليين، في الوقت ذاته..
وبدأت المصانع الإسرائيلية تنتقل إلى (العريش)، ومن بينها مصنع أثاث إسرائيلي شهير، يُدعى (كاتلا)..

وانتظرت مجموعة (العريش)، حتى استقر المقام للمصنع، واستعد لإخراج أوَّل إنتاجه، ثم هاجمته فجأة بمتفجراتها، في نفس الوقت الذي هاجمت فيه مبنى الإدارة المدنية للعدو، والذي يقع في المنطقة نفسها..
وقبل أن يبدأ العدو تحقيقاته، بشأن نسف المصنع، وانفجار مبنى الإدارة المدنية، فاجأته مجموعة (العريش) بعملية أخرى، أكثر جرأة وخطورة..
لقد نسف بعض عناصرها قاعدة برج اتصالات رئيسي، يحمل الكابلات التي تربط العدو بقياداته، في قلب (إسرائيل)..
وأصلح العدو البرج، ووضع عليه حراسة مشدَّدة، ولكن أبطال مجموعة (العريش)، الذين ذاقوا حلاوة النضال والنصر، قرَّروا تحدّي العدو، وإفقاده الشعور بالأمان تماماً، فنفذوا عملية ثانية ناجحة، ونسفوا قاعدة البرج نفسه مرة أخرى.

ويبتسم (فضل عبد الله)، عندما يتذكَّر تلك المرحلة، ويقول: إن نجاح عمليات المجموعة، ضاعف من حماسها ونشاطها، وجعل كل فرد من أفرادها يفكِّر طوال الوقت في هدف جديد، يمكن تدميره، لإثارة غضب العدو وحنقه، وبث الرعب في عروقه، وإقناعه بأن أيام الأمن والهدوء والاستقرار قد ولّت إلى الأبد، ولن تعود مرة أخرى.. أبداً..
وفي كل مرة، كانت المجموعة تجتمع، فيطرح كل فرد من أفرادها الهدف الذي اختاره، وتدور بينهم محاورات ومناقشات، حتى تتفق الآراء كلها على هدف واحد..
ثم يتم التنفيذ..

وفي كل عملية، كان أفراد مختلفون يقومون بالمهمة، في حين يتولَّى الآخرون مهام الحماية، والتغطية، وتنظيف الأرض بعد العودة..
ويضحك الحاج (سعد)، وهو يقول: "إنه كان القاسم المشترك، في معظم العمليات"، ويضيف (فضل) أنه كان يشعر دوماً بالاطمئنان، عندما يصحبه في العملية عم (سعد)، الذي يكبره بعشر سنوات تقريباً..
وعلى الرغم من الحملات المسعورة، التي قام بها العدو؛ للبحث عن المسئولين عن هذه التفجيرات، ومحاولاته المستميتة لكشف أمرهم، نفذت مجموعة (العريش) عملية أخرى، ونسفت برج كهرباء مجاور لمحطة التوليد الكهربي شرق (العريش)، كان يقوم بتغذية معسكرات العدو، وثلاجات حفظ الأطعمة، الخاصة بالجيش الإسرائيلي..

وفي هذه العملية، استخدم أفراد المجموعة، ولأوَّل مرة، مؤقتاً زمنياً بسيطاً، ابتكرته قريحة (عبد الحميد)، من أدوات بسيطة للغاية..
وبدأ الإحباط واليأس يتسلَّلان إلى أعماق سلطات الاحتلال، التي عجزت تماماً عن كشف أفراد المجموعة، أو إيقاف عملهم، على الرغم من وصول فريق تحقيق خاص من (تل أبيب)، بذل جهداً خرافياً، واستخدم أساليباً غاية في العنف والوحشية، لاستجواب كل من وقع في يده، دون طائل.. ومع عنف العدو، وشراسته المتزايدة المتصاعدة، قرَّرت المجموعة نقل عملياتها خارج نطاق (العريش)، لتشتيت انتباهه، وإبعاد أنظاره عن المدينة لبعض الوقت..

في تلك الفترة، كان العدو يجهِّز الأرض؛ لإقامة قاعدة جوية، في منطقة (الجورة)، بالقرب من قرية الشيخ (زويد)، التي تبعد خمسة وثلاثين كيلو متراً عن (العريش)..
وبقِلة منظمة، وأسلوب دقيق مدروس، يستحق الاحترام والإعجاب، راقبت المجموعة المنطقة لعدة أيام، قبل أن يقوم بعض أفرادها بزرع لغم مضاد للسيارات، في مدق ترابي، يستخدمه العدو لبلوغ المنطقة يومياً..
وانفجر اللغم، لينسف واحدة من سيارات (الجيب) العسكرية للعدو، ويقضي على من فيها تماماً..

وفي الوقت نفسه، وقبل أن يلتقط العدو أنفاسه، قامت المجموعة بنسف خط مياه رئيسي، يمد مطار (العريش)، ومنطقة (بغداد)، و(الجفجافة) ووسط (سيناء) بالحياة..
وفي هذه المرة، تم استخدام عبوتين ناسفتين، من مادة شديدة الانفجار، بحيث يتم انفجارهما في آن واحد..
ونجحت العمليتان، على الرغم من حراسات العدو واحتياطاته، وأصدرت القيادة العسكرية الإسرائيلية بياناً بهما، كما أصدرت بياناتها عن كل العمليات السابقة أيضاً..
وانتشى أفراد المجموعة بتلك البيانات، التي اعترف فيها العدو بخسائره وببطولتهم، على الرغم من وصفه لهم بالإرهابيين..

ويهزّ الحاج (عبد الحميد) رأسه، وهو يقول: "إن ما يقال عن تفوّق جهاز المخابرات الإسرائيلي مجرّد وهم، فقد تم استجواب أفراد المجموعة عدة مرات، من قبل محترفين إسرائيليين، دون أن يوجه لنا اتهام واحد، مما يعني أنهم لم يكونوا بالكفاءة اللازمة لكشف أمرنا."..

ومع الانتصارات المتوالية، قرَّر قائد المجموعة (عبد الحميد الخليلي)، ضرورة إجراء اتصال مباشر، مع المخابرات الحربية المصرية..
وكان هذا يعني ضرورة السفر إلى (القاهرة)، في أقرب وقت ممكن..
وبوساطة خطابات سرية، واتصالات غير مباشرة، تلقّى (عبد الحميد) دعوة من بعض أقاربه، لزيارتهم في (القاهرة)..
ولأن ملفه لم يكن يحمل أية اتهامات لدى الإسرائيليين، حصل (عبد الحميد)، قائد مجموعة (العريش) وعقلها المفكِّر، على تصريح بالسفر إلى (القاهرة)، عن طريق منظمة الصليب الأحمر..
وفور وصوله إلى (القاهرة)، اتجه (عبد الحميد) مباشرة إلى اللواء (محمد عبد المنعم القرماني)، محافظ (سيناء)، ليشكره على كل ما قدّمه ويقدِّمه لأبناء المدينة المحتلة، والذي لم تنسه مجموعة (العريش) أبداً، ولم تتوقَّف عن تقديم الشكر والاحترام والتقدير من أجله، حتى هذه اللحظة..
وبعدها، وبأقدام ثابتة، وصورة واضحة جلية، اتجه (عبد الحميد) إلى المخابرات الحربية المصرية..
وكان اللقاء هناك حاراً بالفعل..

فالمخابرات كانت تتابع عمليات (مجموعة العريش)، بكل الاهتمام والتقدير، وتسعى بكل طاقاتها، وبكل إمكانياتها، لتحديد أفرادها، وإيجاد وسيلة للتعاون معهم، ومدهم بكل ما يحتاجون إليه، من خبرة وعتاد ومعدات..
وكانت صعوبة كشفهم هي أكبر دليل، لدى المخابرات الحربية، على براعة أفراد المجموعة، والتزامهم، وقدرتهم على مراوغة العدو الصهيوني، في قلب الأرض المحتلّة..
أما (عبد الحميد)، فيقول: "إنه قد انبهر تماماً، عندما وجد في المخابرات الحربية المصرية ملفات كاملة عن كل أفراد المجموعة، مع إشارة إلى احتمال كونهم ضمن (لجنة أبناء سيناء الأحرار)..
لحظتها شعر (عبد الحميد)، على حد قوله بالفخر والزهو والاعتزاز، لأن مخابرات وطنه كانت أبرع من مخابرات العدو، على الرغم من وجودها على بعد آلاف الكيلومترات من (العريش)..
ولحظتها أدرك أيضاً أن التعاون سيكون حتماً مثمراً..
وإلى أقصى حد..

وفي المخابرات الحربية، تحدَّث الرجال مع (عبد الحميد) طويلاً وكثيراً؛ ليضعوا النقاط على الحروف، ويرسموا معاً خطوات المرحلة القادمة، وقواعد العمل في فترة الانتظار، وعندما تحين ساعة الصفر، التي ينتظرها كل مصري بفارغ الصبر..
كانت المعلومات عديدة وغزيرة ومرهقة، ولكن عقل (عبد الحميد) المدرَّب بالفطرة، والمنمَّق بدقة مدهشة، استوعب الأمر كله، وعاد إلى (العريش)، وهو يحمل الأنباء الطيبة لأفراد المجموعة..
إنهم يعملون الآن تحت علم الوطن، وتحت إشرافه ورعايته أيضاً..
وكانت مفاجأة قوية وسعيدة للجميع..
مفاجأة جعلتهم يقررون القيام بعملية جديدة، أكثر قوة وتأثيراً، لإعلان أنهم كفء لما اختارهم له الوطن..
ومع ما وصلهم من إمدادات، وما أتيح لهم من إمكانيات جديدة، وقع اختيار أفراد المجموعة على معسكر هام لجيش الاحتلال، يقع خارج المدينة، في منطقة تعرف باسم (الأبطال)..


كان ذلك المعسكر الهام هو نقطة التقاء خطوط السكك الحديدية، القادمة من (غزة)، و(إسرائيل)، ومركز تشوين هام وخطير جداً لجيش الاحتلال، وتحيط به منطقة خالية كبيرة، لا تسمح بالاقتراب منه، أو الهجوم عليه، بأية وسيلة من الوسائل..

ولكن الأبطال وجدوا وسيلة، لتدمير معسكر منطقة الأبطال..
فبعد مراقبة شديدة وطويلة، تم رصد وتحديد سيارة الخدمات الخاصة بالمعسكر، والتي تتردَّد على سوق المدينة بصفة شبه يومية، وتم تحديد مسارها، وأماكن توقّفها لفترات طويلة..
وبعد فترة ليست بالقصيرة، تم وضع خطة العمل، وقام (عبد الحميد) بإعداد عبوة شديدة الانفجار، وتزويدها بمؤقِّت زمني، معد بحيث ينفجر مع دقات منتصف الليل؛ لضمان تواجد السيارة داخل المعسكر، ثم أضاف إلى العبوة لاصقاً مغناطيسياً، لتثبيتها أسفل جسم السيارة..
وفي اليوم المحدَّد للتنفيذ، توقَّفت السيارة في شارع 23 يوليو كعادتها، فقام بعض أفراد المجموعة بالإحاطة بها؛ لحجبها عن الأنظار تماماً، في حين قام أحدهم بتثبيت العبوة الناسفة أسفلها، بوساطة اللاصق المغناطيسي، وعندما تأكَّد من أن لديه المزيد من الوقت، أخرج من جيبه حبلاً متيناً، وأحكم به تثبيتها في موضعها..
وانتهت السيارة من مهمتها، وعادت إلى المعسكر، الذي اطمأن العدو إلى تأمينه وحمايته، نظراً للعراء والفراغ المحيطين به..
وعند منتصف الليل تماماً، انفجرت العبوة شديدة الانفجار، ونسفت السيارة، بل سحقتها سحقاً، قبل أن تمتدّ إلى ما حولها، وتكبِّد العدو خسائر فادحة، وقضت في دقائق معدودة على ثقته في نفسه، وفي إجراءاته الأمنية كلها..

السؤال الذي ظلّ يشغلني، وأنا أسمع هذه القصة، من أفواه أبطالها، هو كيف تحوَّل هؤلاء المدنيون، إلى فدائيين مدربين على هذا النحو، بحيث يتعاملون مع الأسلحة والذخائر والقنابل، كما لو كانوا من المحترفين؟!
وببساطة مدهشة، يجيب الحاج (عبد الحميد): "لقد قمت بتدريبهم، على استخدام المتفجرات وإلقائها..".
وعندما سألته، أين كان يفعل هذا، وكيف، ابتسم (فضل)، وهو يجيب: "ربما لن تصدق، ولكننا كنا نتدرَّب على إلقاء القنابل، على شاطئ البحر، وتحت مسمع وبصر العدو الصهيوني نفسه"..
تُرى هل أدهشك هذا الجواب، وأثار انبهارك أيضاً، كما حدث معي؟!..
الواقع أن الأمر بسيط للغاية، وجرئ للغاية أيضاً، فالحاج (عبد الحميد) اصطحب أفراد المجموعة إلى شاطئ البحر، وراح يدرِّبهم على إلقاء الأحجار، بنفس الأسلوب الذي سيتبعونه لإلقاء القنابل، والعدو الصهيوني يراقبهم في لا مبالاة، باعتبارهم بعض الشبان، الذين يتقاذفون الأحجار للهو والعبث على الشاطئ..

فكرة عبقرية، وبسيطة، ومبهرة تماماً بحق!!..

لقد ألقى الرجال الأحجار على الشاطئ، وحوَّلوها في عقولهم وأصابعهم إلى قنابل، ألقوها فيما بعد على رءوس العدو وأهدافه..
ألقوها، ليتحوَّلوا من مدنيين إلى محترفين في مجالهم، بكل معنى الكلمة..
وكمحترفين، كانت عقولهم تبحث في كل يوم عن أهداف جديدة، تثير غضب وجنون العدو أكثر وأكثر، على الرغم من ثورته العارمة، عقب كل عملية، وحملاته المسعورة ضد المواطنين الأبرياء، واعتقالاته التي تتوقَّف أبداً..
ولكن ذات مرة، اختار الهدف نفسه بنفسه..
فعندما قرَّرت سلطات الاحتلال استبدال البطاقات المصرية في (العريش)، ببطاقات هوية إسرائيلية خاصة، حدَّدت فترة قصيرة للغاية لإجراء هذا الاستبدال، وهدَّدت في الوقت ذاته، كل من لا يحمل بطاقة الهوية الإسرائيلية بالاعتقال، مما أدى إلى تزاحم المواطنين عند منافذ استخراج تلك البطاقات الجديدة..
ومن بين هؤلاء المواطنين، كان الشيخ (جاد)..

والشيخ (جاد) هذا رجل دين محترم، أبى عليه إيمانه، كما أبت عليه وطنيته، أن يستسلم للاحتلال الصهيوني، فظلّ يهاجمه في خطبه دوماً، على منبر صلاة الجمعة، ويدعو للكفاح والجهاد ضده، حتى أثار حفيظة سلطات الاحتلال وحنقها، وأصبحت تنتظر فرصة لإيذائه، تحت أي مسمى كان..
وأثناء الازدحام والطوابير، أمام منافذ بطاقات الهوية، تجاوز الشيخ (جاد) الصفوف، دون أن يعترض على هذا مواطن واحد، لما يكنونه له من احترام وتبجيل وتقدير، و...
ولكن فجأة انقض جندى إسرائيلى يُدعى (حسون)، على الشيخ (جاد)، وراح يوسعه ضرباً، بكل ما يملأ نفسه من حقد ومقت وغطرسة.
وهنا، تفجَّر غضب عارم في قلوب ونفوس أفراد المجموعة، واجتمعت أنظارهم، دون أن يتبادلوا كلمة واحدة، ليتفقوا في صمت على الهدف التالي..
الهدف البشري.


* * *

 
 

 

عرض البوم صور amedo_dolaviga   رد مع اقتباس
قديم 25-10-08, 03:43 PM   المشاركة رقم: 7
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو راقي


البيانات
التسجيل: Mar 2008
العضوية: 66537
المشاركات: 740
الجنس ذكر
معدل التقييم: amedo_dolaviga عضو على طريق التحسين
نقاط التقييم: 53

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
amedo_dolaviga غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : amedo_dolaviga المنتدى : المخابرات والجاسوسية
افتراضي

 

3 - الانفجار..



* أكبر حماقة، يمكن أن يرتكبها محتل -أي محتل- هي أن يتعَّرض بالسوء للرموز الدينية في الأرض المحتلّة..

هذا وحده كفيل بإشعال الغضب في النفوس والقلوب.. والعقول أيضاً، بحيث تلتهب المشاعر، وتتفجَّر البراكين في العروق، وتمتلئ القلوب بأنهار من الحماس، الذي قد يدفع المرء للقيام بأي شيء..

أي شيء على الإطلاق..
هذا ما يمكن أن يحدث لأي شخص عادي..
فما بالك بأفراد مجموعة (العريش)، الذين رفضت دماؤهم الحُرّة الساخنة منذ البداية فكرة الاحتلال البغيض، وأقسمت عقولهم وقلوبهم وأفواههم على مقاومته حتى آخر رمق..

فمنذ تلك اللحظة، التي رفع فيها الجندي الصهيوني (حسون) يده القذرة على الشيخ (جاد)، قرَّرت مجموعة العريش أن يكون (حسون) هذا هو هدف العملية القادمة، والدرس الذي يتم تلقينه للعدو الصهيوني؛ حتى لا يجرؤ على المساس برجال الدين مرة أخرى..

وبمراقبة (حسون) وجد الرجال أن تحركاته روتينية للغاية، فهو يصل إلى المدينة في موعد ثابت تقريباً، ويضع سيارته في مكان بعينه، ثم يغادر في ساعة محددة أيضاً..

وفي اليوم المتفق عليه تحرَّك (فضل) في هدوء، ناحية سيارة (حسون) في نفس اللحظة التي استقر فيها هذا الأخير، ثم، وبسرعة ومهارة، ألقى قنبلة عليها، وأسرع يبتعد، ويمتزج بالمارة..

وفي الليلة نفسها، وعلى الرغم من تحركات العدو وثورته، تم توزيع منشور معدٍّ مسبقاً، يؤكِّد أن ما حدث للإسرائيلي (حسون) كان بسبب اعتدائه على رجل الدين الشيخ (جاد)..

واستوعب العدو الدرس هذه المرة، وأصدر أوامره إلى كل جنوده بعدم المساس بأي رجل دين أبداً مهما كانت الأسباب..
وكان هذا انتصاراً لمجموعة (العريش)..
انتصاراً ساحقاً بحق..

ولكن العدو بدأ يضاعف من نشاطه أيضاً، ومن أطقم حراسته، ووصل طاقم أمني جديد من (تل أبيب)؛ ليحاول النجاح فيما فشل فيه الطاقم السابق، الذي لم يكشف أمر مجموعة (العريش)، أو حتى يقترب من هذا..

وعلى الرغم من علم أفراد المجموعة، بوصول ذلك الطاقم الأمني الجديد، ومن أن هذا سيعني موجة جديدة من الاعتقالات والاستجوابات، إلا أنهم قرَّوا القيام بعملية جديدة أكثر قوة وتأثيراً..
وكان الهدف هذه المرة كوبري للسكك الحديدية، في شمال شرق مدينة (العريش)، يربط شرق الوادي بغربه، ويستخدمه العدو في أعماله وتنقلاته العسكرية..

ولأن الهدف هام وخطير ومؤثِّر، راح الرجال يتدارسون الأمر طويلاً، ويراقبون الكوبري، ويترددون على المنطقة؛ لتحديد أفضل نقطة لوضع العبوة الناسفة، شديدة الانفجار، بحيث تحدث أكبر قدر ممكن من الأضرار..

وبعد دراسات طويلة، واجتماعات أطول، تم اختيار بداية الكوبري الشرقية، كنقطة انفجار..

وتحت جنح الظلام، زرع بعض أفراد المجموعة العبوة الناسفة، في الموضع المتفق عليه، مع موقت زمني، بحيث لا يحدث الانفجار إلا بعد عودة الجميع إلى منازلهم بالفعل..

وفي الوقت المحدَّد، انفجرت العبوة الناسفة، ونسفت البداية الشرقية للكوبري، لتتوقَّف الإمدادات التي تمر به تماماً..


وجنّ جنون العدو أكثر وأكثر، وأدرك طاقم الأمن الإسرائيلي الجديد أنه أمام فريق منظم من الفدائيين، يجد دوماً وسيلة لبلوغ الهدف، مهما أحيط بوسائل التأمين والحراسة..

ومع غضب طاقم الأمن الجديد وثورته، كثف العدو حملاته التفتيشية، وداهم المنازل بلا رحمة، واعتقل عشرات المواطنين، وراح يستجوبهم بمنتهى العنف والشراسة، في نفس الوقت الذي حاصر فيه المدينة تماماً، ومنع الدخول إليها، أو الخروج منها، حتى ينتهي التفتيش، وتنتهي الاستجوابات الوحشية.

وكان بعض أفراد المجموعة ممن شملتهم الاعتقالات، ولكن التقارير كلها أكدَّت أنه قد تم انتزاعهم من فراشهم، لذا فقد تم الإفراج عنهم، بعد فترة محدودة من الوقت، وعادوا ليجتمعوا برفاقهم، ويخططوا معاً لهدف جديد، وخطير..

وأما العدو نفسه، فقد بلغ غضبه وسخطه أوجه وذروته؛ إذ أصبحت إمداداته تنتهي عند محطة قبل الكوبري، لم تكن مجهَّزة كمحطة (العريش) بمدرجات إنزال للدبابات والمعدات الثقيلة، ولا بوسائل لشحنها في الاتجاه المضاد، مما أعاق تحركاته لفترة طويلة، استغرقها لإصلاح الكوبري، وإعادة تشغيله، قبل أن يحيطه بحراسة مكثفة، ويغمره بأضواء كاشفة قوية، ويمنع الاقتراب منه تماماً..

وتوتر الموقف، كما لم يتوتر من قبل، وتحوَّل طاقم الأمن الإسرائيلي الجديد إلى مجموعة من الوحوش، الذين اشتعلوا بغضب الفشل، ونيران العجز عن كشف المسئولين عما يحدث، والإيقاع بهم في قبضتهم..

وكان من الضروري، والحال هكذا، أن يهدأ أفراد المجموعة قليلاً، حتى تنزاح الغمة، وتقلّ ثورة غضب العدو..

وكلمة يهدأوا هذه نسبية تماماً؛ فصحيح أنهم قد توقَّفوا بعض الوقت، عن القيام بعمليات مباشرة، إلا أنهم قد استغلّوا ذلك الوقت كله، في التخطيط لعملية جديدة، كفيلة بأن يبلغ غضب وجنون العدو مداه، وأن تبلغ خسارته ذروتها..

واستقر الرأي بالإجماع في هذه المرة على كافتيريا بعينها، كانت نقطة التقاء للقوات الإسرائيلية، القادمة من (إسرائيل)، في طريقها إلى الجبهة، والعائدة من الجبهة إلى (إسرائيل)..



تلك الكافتيريا كانت تقع على الطريق الشمالي المؤدي إلى جبهة القتال، بالقرب من محطة السكك الحديدية في (العريش)..
ولأن الهدف خطير، تطلَّب الأمر دراسة وافية ودقيقة؛ لمعرفة ساعات الذروة، والأيام المناسبة التي يتجمَّع فيها أكبر عدد من ضباط وجنود القوات الإسرائيلية، في الكافتيريا..

ولقد استمرت تلك المراقبة أياماً وأياماً، وتناوب أفراد المجموعة على موقع مواجه للكافتيريا، لرصد ما يحدث، وتحديد أفضل مكان لوضع العبوة الناسفة..

ولقد اجتمعت الآراء على أن أنسب موضع هو سلة من سلال القمامة، التي توجد داخل صالة المطعم الزجاجية، والتي أثبتت المراقبة أنه يتم إفراغها يومياً، في تمام الثانية عشرة ظهراً بالضبط..

أما عن أفضل الأيام، فكان يوم الخميس، وبالتحديد في الفترة بين الواحدة والثانية ظهراً، عندما يتدفَّق الجنود الإسرائيليون على المكان، قادمين من الجبهة، ومتجهين لقضاء إجازاتهم الميدانية.. وتم إعداد العبوة الناسفة، وتزويدها بموقِّت زمني، لتنفجر في تمام الواحدة والنصف ظهراً، وتوجّه بها (عادل الفار)، و(فضل عبد الله) إلى الكافتيريا، فاتخذ (فضل) مكاناً يجاور سلة القمامة المختارة، وانتظر حتى تم إفراغها، ثم جاء (عادل)، الذي اعتاد التردُّد على المكان، بحكم قراءته لعدادات الكهرباء هناك، وتظاهر برؤيته (فضل) مصادفة، فذهب لتحيته، وألقى ورقة قديمة من يده، داخل صندوق القمامة، وبعد حوار قصير، بريء المظهر، سمعه الكل في وضوح، غادر الاثنان المكان، وعادا إلى منزليهما..
وفي تمام الواحدة والنصف، انفجرت القنبلة المختفية داخل تلك الورقة القديمة، والتي تم حشوها بقطع من الزجاج ومسامير الصلب، لتنسف السلة، وتدمر القاعة الزجاجية، وتقتل وتصيب العديدين من أفراد جيش العدو، من جنود وضباط..

وعلى الرغم من أن شهود العيان قد أكَّدوا مصرع خمسة من الجنود الإسرائيليين، ومجندة واحدة، بالإضافة إلى إصابة العشرات غيرهم، إلا أن البيان الرسمي للعدو لم يعترف إلا بإصابة ثلاثة من جنوده فحسب..

الطريف يومها أن أحد الشهود من الإسرائيليين، قد أكَّد أن سيارة حمراء، من طراز (مرسيدس)، توقَّفت بالقرب من المكان، وألقى قائدها قنبلة على المكان، قبل أن تنطلق به السيارة بأقصى سرعتها مبتعدة..

وبناءً على هذه الشهادة الزائفة، كثف الإسرائيليون بحثهم عن تلك المرسيدس الحمراء المزعومة، ومنحوا أوصافها لكل نقاط التفتيش في الطريق، وانشغلوا بها عن البحث عن أفراد المجموعة، الذين عادوا إلى منازلهم آمنين، وقد انتشت عروقهم بنشوة نصر، لا تفوقها أية نشوة أخرى في الوجود..

ولأوَّل مرة، منذ بدأت عملياتهم العسكرية، جمعهم شوق عجيب للقاء والاجتماع، والاحتفال بنجاح عملية القاعة الزجاجية هذه..
فمع مقتل كل هذا العدد من الإسرائيليين، أدرك الكل أنهم قد تفوَّقوا بالفعل على العدو، وصاروا أقوى منه، وأكثر قدرة على تكبيده الخسائر، وتحطيمه بضربات متتالية، يجهل مصدرها ومنبعها ومنفذيها..

ولقد امتزج كل هذا بقناعة جديدة، بأن العدو الإسرائيلي ليس سوى أسطورة كاذبة، وأنه لو كان جيشهم قد وجد فرصة عادلة للمواجهة والقتال في يونيو 1967م لما كانت الهزيمة، ولما كان هذا الاحتلال الذي يجثم على نفوسهم لسنوات طوال..
وليلتها حلموا جميعاً بالتحرُّر والحرية، وبانتهاء سنوات الاحتلال، وارتفاع العلم المصري على أرص (سيناء) كلها، وليس على (العريش) وحدها..

كان الحماس قد تطوَّر، وتفجَّر في القلوب والنفوس، بألف ألف ضعف لما كان عليه، عندما بدأ كل هذا..

ومع الحماس الزائد، وشعور النصر اللذيذ، الذي يملأ الخلايا، ويجري في العروق مجرى الدم حتى يتحوَّل إلى نوع من الإدمان الإيجابي الذي يبث في أعماقك روح التفوّق أكثر وأكثر، قرَّر الرجال أن يكون الهدف التالي أكثر تأثيراً..

في ذلك الوقت، كانت إحدى المنظمات الفلسطينية قد أعلنت مسئوليتها عن الحادث؛ لِمَا سبَّبه من أضرار جسيمة، ولما حظي به من شهرة وانتشار، مما خفَّف الضغط الأمني داخل (العريش)، وسمح لأفراد المجموعة بالاجتماع مرة أخرى، في منزل قائدهم (عبد الحميد الخليلي)؛ لدراسة الهدف التالي وتحديده..

وكما يحدث في كل اجتماع تم طرح الأهداف المقترحة للضربة القادمة، والتي لا بد وأن يكون الهدف منها هو الرد على تصعيدات العدو، وممارساته الإرهابية القمعية، التي يوجِّهها دوماً نحو المواطنين الأبرياء، ويسعى بها للسيطرة على مشاعرهم، وبث روح الخوف والهلع في أعماقهم، حتى لا يجرءوا على مواجهته، أو السعي لتحدّيه أبداً..

ولأن الممارسات القمعية قد بلغت ذروتها بعد عملية (القاعة الزجاجية)، وما نجم عنها، فكرَّت المجموعة في حتمية مواجهة كل هذا بضربة قاصمة، في موقع يستحيل أن يتخيله العدو، أو يخطر على باله لحظة واحدة..

ومع ربط هذا بالفريق الأمني الإسرائيلي الجديد، وممارساته الوحشية، بدا من الواضح أن المصدر الرئيسي لكل هذه العمليات القمعية، هو جهاز المخابرات العسكرية الإسرائيلية، الذي يحتل موقعاً متميِّزاً في (العريش)، يعرف الآن باسم (نُزُل الشباب)..
وهنا أصبح الهدف واضحاً..

مبنى المخابرات الإسرائيلية نفسه..
وانحبست الأنفاس بضع لحظات عندما تم تحديد الهدف على الرغم من أن أذهانهم جميعاً كانت قد انتخبته، واختارته بدقة قبل حتى أن تفصح عنه ألسنتهم..

فالهدف كان خطيراً بالفعل، ويستحيل توقَّعه..
على كل المستويات..

ولكن الرجال اعتادوا ألا يتوقفوا طويلاً أمام كلمة (المستحيل) هذه، لذا فقد انتقلوا على الفور من مرحلة التحديد إلى مرحلة الإعداد والتنفيذ..

وكما يحدث في كل مرة، بدأت عملية دراسة الموقع، وكشف السبل الآمنة للوصول إليه، والمسارات المناسبة لبلوغ نقطة زرع القنبلة فيه..

ولأن الهدف عسير وخطير، تم إعداد عبوة ناسفة موقوتة تتناسب مع طبيعته، والخسائر المنتظر إصابته بها، كما تقرَّر أن يقوم ثلاثة من أفراد المجموعة بتنفيذ العملية، بحيث يقوم أحدهم بالتسلُّل إلى الهدف من الناحية البحرية، في حين يتولَّى الآخران عملية التأمين والمراقبة، وإعداد وسيلة الخروج والابتعاد..

أما بالنسبة للوقت المناسب للقيام بالعملية، فكان منتصف الليل تقريباً، لكي يتم التسلُّل تحت حجب الظلام..

ولأن العملية تحتاج إلى النشاط وسرعة الحركة، وقع الاختيار لتنفيذها على (فضل عبد الله)، و(محمد حجاج)، و(عادل الفار)، باعتبارهم أصغر الأفراد سناً..

وفي هذه المرة، ولحساسية العملية، تم تدريب الأفراد الثلاثة على القيام بها، ويقول (فضل عبد الله): "درسنا كل شيء، وخططنا لكل خطوة، وعملنا حسابات كل احتمال، بحيث لا تشرق شمس اليوم التالي، إلا وقد نسفنا المبنى، مع الغطرسة الإسرائيلية، وأحلام طاقم الأمن الإسرائيلي الجديد كلها.."..
وعلى الرغم من أن كل شيء قد تم اتباعه كالمعتاد، إلا أن (عبد الحميد) أصرّ على أن يعيد الأفراد الثلاثة دراسة الهدف ليلاً ونهاراً، قبل إتمام العملية فعلياً..
وقام الثلاثة بهذا بالفعل..
درسوا الهدف، وراقبوه، وحفظوه عن ظهر قلب، ثم أعلموا قائدهم أنهم مستعدون للتنفيذ..
وحدَّد (عبد الحميد) اليوم المناسب للتنفيذ، وسلَّم العبوة الناسفة للشبان الثلاثة، في مساء اليوم نفسه..
ويروي (فضل محمد) ذكريات ذلك اليوم، قائلاً: "اتفقنا نحن الثلاثة، (عادل) و(حجاج) وأنا، على أن نجتمع في منزل (عادل)، قبل أن نتجه لتنفيذ العملية، وكان الحماس يملأ نفوسنا بشدة، وكل خلية فينا تتلهَّف للقيام بالمهمة.. والتقينا في منزل (عادل الفار) بالفعل، وراجعنا الخطة للمرة الأخيرة، ثم بدأ (عادل) في عملية تمويه العبوة الناسفة، تمهيداً للخروج بها للتنفيذ، و...
وفجأة، دوى الانفجار..
دوى بمنتهى العنف..
في وجهي مباشرة.


* * *

 
 

 

عرض البوم صور amedo_dolaviga   رد مع اقتباس
قديم 27-10-08, 01:22 AM   المشاركة رقم: 8
المعلومات
الكاتب:
jen
اللقب:
عضو راقي
ضحى ليلاس
الوصيفة الاولى لملكة جمال ليلاس


البيانات
التسجيل: Oct 2007
العضوية: 46967
المشاركات: 4,719
الجنس أنثى
معدل التقييم: jen عضو جوهرة التقييمjen عضو جوهرة التقييمjen عضو جوهرة التقييمjen عضو جوهرة التقييمjen عضو جوهرة التقييمjen عضو جوهرة التقييمjen عضو جوهرة التقييمjen عضو جوهرة التقييمjen عضو جوهرة التقييمjen عضو جوهرة التقييمjen عضو جوهرة التقييم
نقاط التقييم: 1999

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
jen غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : amedo_dolaviga المنتدى : المخابرات والجاسوسية
افتراضي

 

اسجل حضورى بحلقاتك المميزة مصدر فخر كل مصرى
سأقرأها فى القريب العاجل
لكن احب ان اشكرك على مجهودك
سلام يا اميدو

 
 

 

عرض البوم صور jen   رد مع اقتباس
قديم 30-10-08, 08:40 PM   المشاركة رقم: 9
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو راقي


البيانات
التسجيل: Mar 2008
العضوية: 66537
المشاركات: 740
الجنس ذكر
معدل التقييم: amedo_dolaviga عضو على طريق التحسين
نقاط التقييم: 53

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
amedo_dolaviga غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : amedo_dolaviga المنتدى : المخابرات والجاسوسية
افتراضي

 

اقتباس :-   المشاركة الأصلية كتبت بواسطة jenhoud مشاهدة المشاركة
  
اسجل حضورى بحلقاتك المميزة مصدر فخر كل مصرى
سأقرأها فى القريب العاجل
لكن احب ان اشكرك على مجهودك
سلام يا اميدو

بجد مش عارف ارد ازاي على ردك الجميل ده

شكرا على ردك المشجع جدا

وان شاء الله تعجبك لما تقريها عشان تتاكدي ان شعبنا شعب صامد

وبيقاوم مقاومة شديدة دون تدريب سابق

وان شاء الله نظل مقبرة للغزاة

بانتظار قراءتك ورايك في الموضوع

 
 

 

عرض البوم صور amedo_dolaviga   رد مع اقتباس
قديم 01-11-08, 08:59 PM   المشاركة رقم: 10
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Jul 2008
العضوية: 84365
المشاركات: 1,071
الجنس أنثى
معدل التقييم: محبة القراءة دائما عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 25

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
محبة القراءة دائما غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : amedo_dolaviga المنتدى : المخابرات والجاسوسية
افتراضي

 

روعة جداااااااااا يا اميدو متابعة بحماس على فترات ان شاء الله كل ما اقدر ادخل المنتدى بجد شكرا اوى اوى اوى على الحلقات اللى بجد فى منتهى الروعة

 
 

 

عرض البوم صور محبة القراءة دائما   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
أجهزة المخابرات العالمية, محكمة أمن الدولة, أسرار المخابرات المصرية, المخابرات الألمانية, المخابرات المصرية, المخابرات المغربية, المخابرات الباكستانية, المخابرات العامة الروسية, المخابرات العامة الفرنسية, المخابرات الإسرائيلية, الموساد, البوليس السري النازي, الجستابو, السيكوريتاتيا, جاسوس, جهاز المخابرات الأمريكي, جهاز المخابرات البريطانية, جهاز المخابرات السوفيتية, جواسيس, حقيقة المخابرات المصرية
facebook




جديد مواضيع قسم المخابرات والجاسوسية
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 02:28 PM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية