كاتب الموضوع :
**أميرة الحب**
المنتدى :
الارشيف
الفصل الرابع
قبل نهاية الأسبوع التقت سارة صديقتها ليز في كافتيريا الجامعة،ليز بدت مشغولة جدا برسالتها وسارة تخلصت من كثلة الكتب التي أتعبت ذراعيها،وجلستا على منضة فارغة في الزاوية،تبادلتا أطراف الحذيث لخمس دقائق قبل أن تلتحق بهما صوفيا مثقلة ببضع اوراق الكرتونية،وضعتها على المقعد المقابل قبل أن تنهار على الكرسي لاهثة...
- بدءا من الشهر القادم سأعمل على مشروعي في البيت...- قالت صوفيا متذمرة.
- تتدمرين بالرغم من أن مسكنك لايبعد عن هنا..- أجابتها ليزوهي تنهي فنجان قهوتها وجهت صوفيا اهتمامها على سارة فجأة وكأنها تحاول سبر غورها
- وأنت؟ألن تعتذري عن رحيلك ألامبرر ليلة الحفلة؟ هل كان الوسيم ايهاب بالمرآب في انتظارك؟
- موعد عشاق في منتصف الليل...عبرت ليز ضاحكة
- أنا وايهاب مجرد صديقين...شرحت سارة مقطبة...- تركضان وراء سراب من الأحكام الزائفة...
- سارة حبا بالله....قاطعتها صوفيا وهي ترفع عينيها للسماء - هل أنت قليلة البصيرة الى درجة تمنعك من رؤية شعور ذلك الوسيم نحوك؟؟
- أظنك تبالغين بالانكار ياسارة...قالت ليز موافقة رئي صوفيا - لمابرئيك يتشبث رجل مثل ايهاب بصداقة فتاة ثلاث سنوات دون الخروج مع امرأة أخرى اذا لم يكن يهتم بأمرها؟
- أنتما تمزحان...همست سارة برعب...- ايهاب يعتبرني شقيقته
- لايوجد على الأرض رجل ينظر لشقيقته بطريقة حالمة مماثلة...عبرت صوفيا ساخرة..
عقب الصمت
ليز فهمت الصراع بذاخل سارة التي أبقت عيناها على صوفيا وكأنها مخبولة فوضعت يدها على كتفها برفق
- عزيزتي لاتستائي منا...المهم هو أن توضحي أفكارك وأن تدركي مالديك وماتريدينه...
كلمات ليز بقيت تتردد كالصدى في عقلها حتى المساء......هل يعقل أن ايهاب حقا معجب بها..؟
تردد السؤال مرة مرتين......وهي تتأكد من الفاتورات المتوجب الدفع لها...لم يعد بامكانها التركيز البتة على حساباتها
هيأت بعض الشيكات المتعلقة بالسيارة،وأخرى لتأمين المنزل...
تنهدت بضيق...لايمكن أن يعجب رجل مفل ايهاب بفتاة تائهة مثلها..بالطبع ليز وصوفيا مخطئتان
ايهاب رجل ذو شخصية صلبة مفل الصخر..واذا أراد شىء يحصل عليه بسرعة
باختصار لو كان يكن لها أدنى شىء...لما تكثم لثلاث سنوات...
عضت على شفتها والتقطت كتاب مذكراتها...
" لاأدري بما أبدء...
لا أدري ان كانت تخميناتهما ضرب من الواقع أم من الجنون..
ايهاب صَادق مسيرتي لثلاث سنوات...وكُنتُ جزء من حياته بالمثل...
أعاد لي حياتي وابتسامتي...كان هنا دوما...حنونا رائعا ونبيلا...
رجل ... ناجح،قوي الشخصية...يَرهَبُه موضفيه كما يرهب الفأر قدره بمواجهة القط...
يُخضع الناس بحضوره،باحترامه على ماهو عليه من أصل ودين...ومبادئ.
لا أحد يمكنه تجاهله...يكفي أن يتواجد في أحد الأماكن حتى يلفت الأنظار كلها...
من المستحيل أن يعجب رجل مثله بي...أنا عكسه تماما،مازلت أجهل كيف أتعامل مع المجتمع دون التعرض للهجوم بالنسبة ... بالنسبة لما أنا عليه..."
وضعت سارة القلم على الدفتر مفكرة
ماذا لو صَدقت صديقاتها؟
أن تلفث انتباه رجل مماثل مالم تحلم به طيلة حياتها،ايهاب لايقدر بثمن..واذا ما اكتشفت ودليل بسيط على ميله لها
فلن تردعه أو تبعده...بل ستستقبله بذراعين مفتوحتين...
ماهذه الأفكار.؟تسائلت سارة - أتركي هذه الآمال جانبا ياسارة،فلست من النوع الذي يلفت انتباه فتى القلوب ايهاب...أنت مجرد فتاة ضائعة بين مجتمعين وهو يشفق عليك...يكفكف دمعك عندما تنهارين...لا أكثر ولا أقل.
وهي بالطبع ترفض مطلقا القيام بالخطوة الأولى...ليس بالطبع بسبب الكرامة أو الكبرياء،لكن...
أسوء صدمة يمكن أن تتعرض لها المرأة هو الهجران والرفض...سبق وتعرضت لهذا من قبل حبيبها السابق...والجروح ماتزال مفتوحة لم تنذمل بعد.
في تمام الثامنة مساءا وضعت بيتزا مجمدة في الفرن عندما سمعت جرس الباب يعلن وصول أحد...
ارتدت الروب ووضعت الشال حول رأسها،فتحت الباب وكان ايهاب...
وسيما جدا في بدلة السهرة،وابتسامة عريضة على شفاهه..وضع المغلف على الطاولة وقال بلطفه المعهود
- كما وعدتك...مررت لأسلمك الصور..أتمنى أن تنال اعجابك...
- هل ترغب بشرب الشاي معي؟وضعت بيتزا للتو في الفرن...
- لا يا عزيزتي،راشيل بانتضاري في السيارة..نحن مدعوان في سهرة رسمية جدا وعلي الرحيل الأن لنصل في الوقت المحدد...موسيو ويليام جان مارك يفتتح فندقه بنواحي بوردو...ويعتمد كثيرا على وجودي..
راشيل بونوا أرملة طوني بونوا الذي صادق ايهاب سنوات طوال حتى توفي قبل أربع سنوات في حادث سيارة في الطريق السيار بين بوردو وباريس،طوني كان رجلا مسؤولا ولم يكن السبب بالحاذث،يبدو أن سائق أحد الشاحنات الضخمة قد غفى لثوان،واجتازت شاحنته الطريق في المسار المعاكس محطمة الحاجز وقد سحقت سيارتين
السائق الأخر قدر له الحياة بينما زوج راشيل مات على الفور
ايهاب يتكلم مرارا عن صديقه المتوفى وأخبرها بأن راشيل قد كسبت أموالا طائلة من وراء وفاة طوني الذي أمن منذ سنوات على حياته بمبلغ ضخم بالاضافة الى التأمين
ساعدها ايهاب على استثمار أموالها وشركة البناء الخاصة بزوجها الراحل قد أصبح لها اسما معروفا بفضل استراتيجية ايهاب استطاعت تأمين حياتها وحياة الثوأمين
لكن... كل هذا لا يُخفي نضرة الحب التي تلاحق بها ايهاب... الذي يعتبر كعم حقيقي للطفلين
- راشيل بونوا...- رددت سارة وشعرت بنفسها غبية
بالطبع ايهاب لاينضر اليها كما ينضر الى النساء الجميلات بملابسهن المكشوفة المثيرة راشسل ماتزال شابة وهي جميلة ولا تتوانى على القول دوما انها مستعدة للدخول الى الاسلام اذا ماوجدت رجلا يساعدها ويساندها
بالطبع كل هذه الدراما في سبيل لف الحبال حول رقبة ايهاب الذي تعرف سلفا أنه لن يتزوج غير امرأة تطبق ديانته بكا حذاريفها
- هل أنت بخير؟ سؤال ايهاب دفع الدم الى وجنتيها" هل فهم لغة الحرب التي بداخلها.؟"
- أتمنى لك سهرة ممتعة...
رحل بالسرعة نفسها التي اتى بها
سخرت سارة من نفسها
هل كان واجبا أن تستمع لتفاهات صديقتيها بشأن ايهاب
أحيانا تحتاج حقا الضرب على رأسها لتستعيد رشدها
هي وايهاب مجرد صديقين وهي لا تنضر اليه غير ذلك...لأنه وبكل بساطة...يتمتع بطبيعة مميزة ونادرة...تجعله مختلفا عن غيره من الرجال...وهو مستحيل أن يكون ضمن ممتلكاتها يوما
العمل كان مكثفا بشكل لايوصف في الصالون حيث تعمل...صحيح أن اختصاصها لم يكن التدليك الا أنها أجبرت بعد الكم الهائل من الزبائن الذي انكب كسرب من النحل في ثاني أيام الأسبوع..
اليوم التالي كان أخف قليلا...وقفت تنصح بعض الزبائن بالمستحضرات الطبيعية الجديدة التي وصلت للمحل حذيثا عندما انعقد لسانها فجأة وتبعثرت الأفكار في رأسها...للتو ذخل شخص...شخص عرفته سابقا وأحبت ملامحه الشابة الجميلة... بينما اليوم لم يبقى سوى أطلال تلك الملامح لتحل محلها قسمات شديدة الرجولة،ونطرات اخترقتها كتيار كهربائي قضى على آخر أنفاسها الاهثة...ضاق صدرها...أرادت الهروب لكن هذه المرة لامفر من مواجهته فقد لمحها ويبدو مستمتعا برؤيتها ترمقه ببلاهة.
رأته يتجه صوب رئيستها،استجمعت قواها ونادت على زميلتها التي -وبمعجزة- كانت قد انتهت لتوها من زبونتين
- خدي مكاني...
اتجهت بسرعة البرق الى المراحيض ورجليها ترتجفان،أغلقت الباب خلفها مرعوبة " مالذي أتى به الى هنا؟..- تسائلت باختناق،لابد أنه يعرف أين تعمل وقد خطط لكل شئ لمفاجئتها فلم يبدو عليه التفاجئ أو الصدمة مثلها.
- سارة...؟ سمعت صوت رئيستها التي تطرق على الباب بنفس الوقت
خرجت سارة،لحسن الحظ كانت وحدها،هل رأت حقا يونس أم خيل اليها؟
- سارة لديك زبون في الغرفة رقم 1
- زبون؟؟تقصدين رجل؟؟
- نعم...لقد دفع بسخاء لتكوني أنت مدلكته
- سيدة ليليان لايمكنني ملامسة رجل...منذ أن التحقت للعمل هنا كنت تعلمين ان هناك بعض الأمور التي لاأستطيع القيام بها وقد...
قاطعتها رئيستها بحزم - لقد أعطيته موعدا ومنذ الأمس بسبب الاختناق الذي كان هنا،عليك الاتدعي دينك ومبادئك تحول بينك وبين العمل ياسارة...راحة الزبون مانكسب منه قوت يومنا ولا تكوني غبية...
- هناك مدلكات غيري
- لكنه يريدك أنت...عادت الرئيسة لمقاطعتها - أسرعي ولاتقفي هناك وكأن الأمر كارثة...
لكن سارة لم تتحرك وبدت الرئيسة وكأنها قد فقدت صبرها
-لا تعقدي الأمور...
- لاتعقيدات سيدتي...لن ألامس رجلا حتى وان اضطررت لترك عملي..
- أنت لست جادة..هل تعتقدين بأنك ستجدين عملا مماثلا وبأجر مغر متوفرا وبسهولة بغض النضر عن مبادئك السخيفة بنضري؟؟
- وأنت لن تجدي "ماكيوز " كفوئة مثلي... أجابتها سارة دون أن ترمش.كانت تعرف أنها مجازفة كبيرة،وأن تحديها هذا سيتركها عاطلة عن العمل ربما
فكرت رئيستها قليلا قبل أن تقول ببرود- سأحاول اقناعه بخبرات مدلكة غيرك...صلي لربك بأن يقبل.
بعد ربع ساعة التقت برئيستها التي رمقتها بنظرات باردة - سأقوم بتعويض الزبون لأنه اكتفى بحمام السونا...يبدو أنه عنيد تماما مثلك وقد تشبث باختيارك لاغيرك...
لما يفعل ذلك ؟تسائلت سارة بازدراء...هل هذه أحد الطرق لاستمالتها أن للسخرية منها؟
لكنه وضعها في موقف محرج جدا...وكادت تفقد عملها بسببه.
لم تستطع التفكير سوى بالحاذثة طوال المساء،مئات...بل الألاف من الأسئلة ترددت في ذهنها...كيف وجدها؟
حاولت الاسترخاء وسط بانيو الاستحمام بدون جدوى..
قامت بسرعة بعدما فركت شعرها بشامبو أنعشتها رائحته،وارتدت بيجاما بينما لفت شعرها وسط منشفة...
انها تمطر...فكرت وهي تستمع لقطرات المطر تطرق على زجاج النافذة مسترجية...هيأت لنفسها فنجان من الشاي وجلست على الصوفا أمام جهاز التلفزيون...لكنه سرعان ماعاد الى عقلها...
قفزت عندما دوى جرس الباب بحدة...انه ايهاب.
فتحت الباب وعلى وجهها ابتسامة سرعان ما تلاشت وتحجرت...ليس ايهاب...ايهاب لايملك هذه النظرات القاسية،وملامحه بعيدة أن تكون شيطانية...
- مرحبا ياسارة...
لم ترد...رجليها لم تعد قادرة على حملها،لكن عقلها تغلب للحظة ومافهمته من احتجاجها الباطني أنه عليها مقاومة الصدمة والبقاء قوية..
- ألن تدعيني للدخول؟
- لا أستقبل رجالا في شقتي...هذا ماسمعت نفسها تقول.
ابتسم يونس،الغمازة التي ضهرت في خده التي عشقتها في الماضي،أما الآن فهي تموت رغبة في توجيه صفعة قوية الى وجهه المتهكم
- كم أنت نزيهة ومُتخلقة...لكنك لاتعيشين حياة الرهبنة فذلك اللبناني لايكف عن التردد هنا وكـأنه منزله.
دفعها ودخل...بقيت متجمدة غير مصدقة ماسمعته لتوها,...أبقت الباب مفتوحا وتعلقت عيونها بهذا الجسم الفارع الطول المختفي خلف معطف سميك أسود من الكاشمير...لقد اختفت تسريحته القصيرة لتحل محلها تسريحة أنيقة تنم عن ذوق رفيع جدا،هذا ما أراده دوما أن يكون مميزا عن غيره...وهو يبدو مسترخيا تمانا بتفحص شقتها وكأنه سبد المكان
- هل أصدق أنك تلاحقني؟
استدار نحوها وابتسم مرة أخرى
- شقتك جميلة...طالما كنت صاحبة ذوق رفيع...لاتبقي مكانك واغلقي الباب,ماأتيت لأقوله سيستغرق فترة من الزمن
- لانية لي بسماعك وسأكون ممتنة ان رحلت...قالت من بين أسنانها وقد استيقض عذاب الماضي في صدرها كأنه سيلا من حمم النار الذائبة...أشارت الى الباب - أقسم أنني مستعدة للاتصال بالشرطة
أقطب يونس - لكنني لن أسئ لك...جئت لنتكلم
- قلت مالديك منذ أعوام وأنا أصغيت...الآن حان دورك لتستمع الي...بنيت حياتي بطريقتي منذ انفصالنا وشفيت منك،سعيدة بما وصلت اليه وقد أخذت بنصيحتك...ويجب أن أعترف بأن توجيهاتك قادتني نحو الطرق المنير لأدرك بأنني أضيع وقتي الثمين برفقة رجل لايستحق،ركضت وراء أهذافك وهجرتني،والآن تضهر مجددا وتطلب مني سماعك؟لايونس..لن أصغي...لأنني وبكل بساطة لا أهتم بماتريد قوله.
صمتت وصدرها يهتز...قلبها يخفق بجنون في صدرها،بقي ينضر اليها بتعابير غامقة...لم تعرف السبب الذي دفعها للاضافة - أنا مخطوبة الآن...اذا كان ايهاب يتردد عن هنا فلأنني منحته هذا الحق...الأمر الذي لاينطبق عليك...وأريدك أن ترحل من بيتي ومن حياتي
- أصبح لديك لسان سليط ياسارة...لقد تغيرت,كشفت الحياة عن القطة الشرسة بذاخلك...عليك أن تشكريني لأنني أسديت لك خدمة كسب ثقتك بنفسك...وهو يتكلم و يدنو منها رويدا..أمسك بذراعها وجذبها الى الداخل قبل أن يغلق الباب خلفها
- سوف تنذمين ان تكلمت الي بلهجة مماثلة في المستقبل...
في المستقبل...في المستقبل ترددت الكلمة في رأسها بينما بدء الخوف يزحف الى قلبها
- لقد بحتث عنك طويلا ياسارة،ولآن وقد وجدتك عليك سماعي...
أشار الى الكنبة - اجلسي..
- أفضل الوقوف...
لم يجاذلها
- أريد استعادتك...سمعته يقول وكادت تنفجر ضاحكة من شدةالقهروالغضب واليأس - أكدت لي مصادر بأنك ماتزالين بناحية" أكيتان" بالرغم من أن والدتك أكدت لي ومنذ سنتين بأنها لاتعرف فتاة تدعى سارة طلعت،أعرف أنها تكره العرب،وتكره المغاربة بالذات لشدة ماعانت مع ابيك،لكنني لم أعرف بأنها ستتجرء الكذب علي،اتصلت وكلي آآمال،قالت بأن النمرة غلط وأنها لاتعرف أي فتاة بهذا الاسم
أمها فعلت هذا حقا؟؟هل اتصل حقا منذ سنتين ولم تذكر والدتها ولو مرة الخبر بالرغم من رؤيتها تعاني ؟؟تكاد لاتصدق ... لولا ملامحه الجدية لأنكرت فعلة أمها,للأسف أمها قادرة على فعل كل شىء عندما يتعلق الأمر بشخص عربي
- رؤيتك في حفل صوفيا السخيف أكد لي أنك نفس الفتاة التي سبق وتحدتث عنها،وسُعدت كثيرا بأن البحث المكثف منذ سنوات قد أثمر أخيرا,لم أنتضر منك استقبالي بذراعين مفتوحة،ولم أتوقع بالمثل فرارك المجنون لدى رؤيتي وكأنني وحش كاسر...
لقد رآها اذن؟يونس خطط لرؤيتها عند صوفيا التي توهمت أنه قابل دعوتها بالايجاب اعجابا بها.
- لقد لحقت بك...رؤيتك حينئد جعلني أفيض شوقا ولم يعد بمقدوري تحمل دقيقة أخرى دون مكالمتك...
اقترب منها ونظر الى عيونها الدامعة - ارتميت بين أحضان رجل غريب
- لاحق لك بالحكم علي...
- بل لي الحق يا سارة...لست خطيبة ذلك الرجل...لايمكن أن تكوني خطيبته.
- أي حق...أي حق؟؟ هل فقدت رشدك؟ وتمعنت بالنظر الى أعماق عيونه البنية محاولة ادراك معنى كلامه وقصده التام - أنا مغرمة بايهاب،أنت تضيع وقتك...
توقفت عن الكلام هنيهة وقد ارتسم الرعب في عينيها الزمرديتين...غير ممكن...من المستحيل أن يكون ما تفكر فيه صحيحا...
ذات يوم،وفي نزوة مجنونة ،أخبرها يونس بأنه قادر على الارتباط بها فورا...رفرفت بها أجنحة السعادة وطارت الى عالم غير حقيقي حيث وجدت نفسها مرتبطة به،استيقطت من أحلامها بعدما أعلن لها عن جنون ماقاما به،وليؤكد لها بأنه جاد بقراره لم بقربها،فاقتنعت بتسرعهما،وبمراجع محامية الأسرة ارتاحت بسماعها بأن الزواج يسهل بطلانه في حالتهما... لا تذكر حتى أنها كانت متزوجة... الحقيقة أن خطوبتهما ذامت أكثر من زواج أربع وعشرين ساعة.لقد نسيت الموضوع بصدق ولم تأخده محمل الجد.
- لقد تزوجنا يوما واحدا والمحامية الباريسية ألغته مع قاضي الأسرة في اليوم التالي...حتى أنك لم تلمسني...لأنك لم تبغي أي ارتباط معي مهما كان...
- وأنت لك بالتأكيد نسخة حكم الطلاق؟ سألها
لديها بعض الوثائق التي تدل أن المحكمة بصدد الاطلاع على الأوراق التي تم توقيعها من طرف الطرفين،اثباث خطي بأن الطلاق في طريق الانجاز،أما الحكم النهائي فلادليل لها عليه
- ضننت أن الأمر انتهى منذ سنوات...
هز رأسه بالنفي...
- هناك خطأ بالموضوع...من غير الممكن...لقد دفعنا للمحامية ووقعنا الأوراق...هل؟..هل لأجل هذا الموضوع تريد أن نتكلم؟
ما ان وقعت الاوراق وانتهت العلاقة بينهما حتى رحلت الى غير عودة،وهو فعل الشيء نفسه...هل يعقل أن كلاهما اهتم بحياته ونسي الموضوع
جرس الباب أخرجها من حيرتها...اندفعت مستجيبة ووجدت نفسها بمواجهة ايهاب...ابتسامته على شفتيه،دلف الى الداخل
- آسف على التأخير...توقف عن الكلام ما ان رأى رجلا عربي الملامح يحدق اليه بفضول...
- ايهاب...أقدم لك يـ...يونس...
تصافح الرجلان بفتور واضح،ملامح كليهما يصعب سبر غورها،عم الصمت لثوان قبل أن يقرر ايهاب الكلام بينما اكتفى يونس بمراقبته،بالنسبة اليه قد اكتسب عدوا لتوه وعليه دراسته.
- هل أتيت في وقت غير مناسب ؟
- لا...لا...يونس كان راحلا...
ونضرت اليه محذرة وبحقد وكراهية قالت - كان راحلا لتوه...
دس يونس يده في جيب معطفه الذاخلي وأخرج بطاقة صغيرة ومدها اياها - هنا تجدين كافة المعلومات للاتصال بي...
أمسكتها سارة مرغمة،وراقبته يتجه صوب الباب كنمر فخور بفروه،هز رأسه كاشارة وداع نحو ايهاب قبل أن يخرج ويغلق الباب خلفه.
|