المنتدى :
القصص القصيرة من وحي قلم الأعضاء , قصص من وحي قلم الأعضاء
الحلم الضائع
جلست أمامي بمنظارها الأسود الداكن الكبير، في ذلك القطار المتهادي الذي يسير وكأنه ذاهب إلى لا مكان، رأيتها تحدق في وكأنها لا تريد أن تحول وجهها عني، ولا حتى لأن تلقي ولو نظرة واحدة على تلك المرأة المسنة بجوارها والتي جاءت معها، ظلت تحدق في ، ولا أدري ما السبب لهذا، ولا حتى سبب تلك الإبتسامة الخفيفة التي منحتني إياها وظلت محتفظة بها، حتى أنني ظننت أنها تجمدت فوق شفتيها، تماماً كقطرات الماء التي تساقطت منذ قليل في صورة مطر خفيف حاول يائساً أن يذيب ذلك الجليد المتراكم فوق إطار الشباك الخارجي، حقيقة سعدت، وعجبت أيضاً، أوسيمٌ أنا إلى هذه الدرجة؟، فأنا لم أحاول معرفة نفسي من قبل، ثم.... ما الذي أعجبها في؟، أهي عيني السوداء؟، أم ذقني التي أهملتها منذ أيام؟، أم السر في تلك الحلة السوداء التي منتدى ليلاس الثقافيأرتديها؟، حقاً، إن النساء كلهن متباينات، فهذه تعشق الذقن الحليقة، وتلك تهوى العيون العسلية، والأخرى لا تحب الشوارب، وهذه تحب الشعر المجعد، إنهن تماماً كبصمات الأصابع، لا تجد اثنتان متشابهتان أبداً، حتى بين التوائم، ولكنهن دائماً.... يتركن بصمة، خفق قلبي لتلك الإبتسامة، وتنفست الصعداء، وقلت لنفسي..أخيراً وجدت من يهواني، ومن أول نظرة يعشقني، هنيئاً لك يا قلبي، أخيراً جاء اليوم الذي انتظرته أعواماً طويلة، أخيراً ستشعر بالدفء والحنان بعد معاناة برد الوحدة القارس لليالٍ طوال، تململت في جلستي، وبدأت أبادلها نفس الإبتسامة والنظرات، إنها حبيبتي التي انتظرتها عمري كله، جاءت أخيراً كملاك من السماء لتحيل بلمسةٍ واحدةٍ منها عواصف حياتي الممطرة إلى جنة من جنات الربيع، وارتجفت شفتاي، حاولت أن أكلمها ولكني فشلت، والعجيب أنها ظلت تنظر إلي مبتسمة تلك الإبتسامة الخفيفة وكأنها تشفق على إضطرابي،وظللت أسأل نفسي.. لم لا تتكلم؟، أتفضل السكوت الآن؟، أم أنك تريد أن تضيع تلك الفرصة التي لا يلقيها القدر في طريق المرء إلا مرة واحدة في العمر؟، لملمت شتات نفسي، وتشجعت، واتخذت القرار، وفي قرارة نفسي عقدت العزم على أن أكلمها مهما كلفني الأمر، وعندما فتحت فمي لأبدأ الكلام، وجدتها تمد يدها إلى المرأة المسنة بجوارها وتقول لها..( أمي، لا أستطيع الإنتظار حتى يصل القطار إلى البلدة المجاورة، لقد أكد لي أبي أن ذلك الطبيب والذي ذاع صيته هناك سوف يستطيع أن يعيد إلي نور عيني مرة أخرى)، ثم سكتت، واكتفت الأم بأن ربتت على كتفها بحنان، وسكت أنا الآخر،
فلم أعد أجد حاجة للكلام، فقد طار الحلم في الهواء،منتدى ليلاس الثقافي
بقلم ابراهيم فواز
مسجلة
|